الدفاع عن الإخوان في العسكرية: قضية غسيل الأموال "تار بايت"
بقلم:سالي مشالي
مقدمة
فجر صبحي صالح- عضو مجلس الشعب وعضو هيئة الدفاع عن المحالين إلى المحكمة العسكرية- مفاجأةً من العيار الثقيل عندما أعلن أن سبب اعتقال المهندس مدحت الحداد هو "تار بايت" بينه وبين وزارة الداخلية، بعد أن تحداها ونشر في جريدة الدستور مقالاً يصف فيه سجن مباحث أمن الدولة المقام تحت الأرض في مدينة نصر، عقب نفي وزير الداخلية وجود مثل هذا السجن وتأكيده أن الأمر لا يعدو أن يكون محض افتراءٍ ومجرد إشاعات!.
وأشار صالح إلى أن الأمر بين الحداد والداخلية لم يتوقف على هذا المقال، ولكن للمسألة خلفيات أخرى، فالحداد كان مرشحًا في انتخابات مجلس الشورى في يونيو 1995م بالإسكندرية، وتعرَّضت أصوات ناخبيه للتزوير، فرفع قضية ضد الداخلية وكسبها وحصل على تعويض 20 ألف جنيه، ثم تم ترشيحه في انتخابات مجلس الشعب في نوفمبر 1995م، والتي تم أيضًا تزويرها فلم يستسلم لليأس ورفع قضية ثانية ضد وزارة الداخلية حصل فيها على تعويض قدره 30 ألف جنيه، وقد سبق اعتقاله على مدى السنوات الماضية أكثر من ثماني مرات، تعرَّض في إحداها إلى التعذيب الشديد، وأضاف قائلاً: "يعني باختصار الحداد زبون دايم عند الداخلية، وعملوا معاه في القضية الأخيرة واجب قانوني.. وخرجوه من هدومه".
وتابع صالح مرافعته منتقدًا سلوك الداخلية مع الحداد وسوء تصرفها وسوء أدائها وسوء "طبخها" للقضية، فبالرغم من أنهم يحفظون الحداد ويحفظون أنفاسه كظهر أيديهم، وهو بالنسبة لهم ملف مفتوح دائمًا وقضية سهلة التحضير، إلا أنهم كتبوا اسمه في المحضر خطأ؛ لأن اسمه مدحت أحمد الحداد وكتبوه في المحضر مدحت محمود الحداد، ثم كتبوا عنوانه وتاريخ ميلاده خطأ، ولم تشفع له عندهم "العشرة الطويلة" أن يكتبوا بياناته بدقة، ثم نسبوا له ملكية شركة إنشاء وتعمير ليتضح أنه شطبها منذ عام [1986]م، ولكنهم جاملوه عندما فشل في الحصول على ترخيص بناء شركة سنة 98 لأسبابٍ أمنية!!.
ثم أتوا به في هذه القضية واتهموه بغسيل الأموال بالرغم من أنه قدَّم شهادةً من السجل التجاري بأن شركة الإنشاءات مشطوبة، وتم محو قيدها، وصُفيت نهائيًّا منذ عام 98، وهنا تدخَّل المهندس مدحت الحداد من خلف القضبان وطالب رئيسَ المحكمة بإحالة المقدم عاطف الحسيني إلى النيابة العسكرية والتحقيق معه؛ لأنه اتهم الحداد بحيازةِ منشورين عن المقاومة وتسفير الشباب إلى العراق ولبنان بينما لم يكن لهذين المنشورين أي وجودٍ في الأحراز حين فضَّها وكل ما كان موجودًا مقالات عن الصلاة والخشوع في الصلاة.
مهندس زراعي خريج هندسة!
ثم استكمل صالح مرافعته مشيرًا إلى تخبط التحريات؛ حيث كتبوا للمهندس أسامة شربي عنوان "حضانة"، وعند سؤال الحسيني عنه قال إنه مهندس خريج كلية هندسة في حين أنه مهندس زراعي!! وقال إن شركة إيجيكا للسياحة ملكٌ له، بينما هي شركة أموال وهو رئيس مجلس إدارتها، وحجزوا على كل الأموال السائلة التي وجدوها لديه والشركات التي كان متعاقدًا معها الآن في مصر وخارج مصر تريد مستحقاتها.
ثم انتقل للدفاع عن الدكتور فريد جلبط، وأشار الى أنه تم استكتابه والاستكتاب لم يعد، ثم المهندس أحمد النحاس، والذي تؤكد أوراقه المضبوطة قبل الأوراق التي قدَّمها للمحكمة على أنه موظف ولا يملك ما يغسله، ومحمود عبد الجواد الذين لم يحددوا ما هي الأموال التي يغسلها، وأخيرًا جمال شعبان والذي لم يكن من المخطط اعتقاله ولكن وجدوه مصادفةً في مقر شركة الشاطر التي ذهبوا ليفتشوها فأخذوه!.
واعتبر صالح أن اتهام غسيل الأموال جاء تطبيقًا لقانونٍ جديدٍ جاء ضمن سياقٍ دولي بالتزامن مع عدة دول عربية ومنها قطر والإمارات والسعودية والكويت؛ مما يؤكد أن الأمر وراءه غرض ما!!.
كوم ورق
وانتقد صالح اللجنة المالية، مشيرًا إلى أن غسل الأموال جريمة اقتصادية اجتماعية سياسية، وهي جزءٌ من جريمةٍ دوليةٍ لا يعمل فيها الكسب غير المشروع ولا مصلحة الخبراء ولا الأموال العامة، مستدلاً بأن القانون نصَّ على إنشاء وحدة غسيل أموال تابعة للبنك المركزي، وأكد أن عدم تحديد الجريمة وإثباتها هو سطو مسلح! مشيرًا إلى أن التقرير خُتم بجملةٍ لو عُرضت على القضاء الجنائي لحكم بالبراءة.. وهي: "وتبيَّن لنا أن كافة المستندات المالية المرفقة غير مفرزة"، وعلَّق: "يعني كوم ورق، بنتحاكم على كوم ورق كان مرمي في الكراتين، ولا متوزع ولا مفروز ولا اختصاص ولا أي حاجة"!!.
ثم انتقل صالح إلى عبارة ثانية جاءت في التقرير، وهي أنهم استندوا في الفحص إلى أوراق قاموا بتفريغها من أجهزة الكمبيوتر بمعرفة مصلحة الأدلة الجنائية، وعقَّب بقوله: "دي مصلحة تابعة لوزارة الداخلية والحسيني هو داخلية الداخلية!! وأي اتصال منه لأي ضابطٍ قد يحمل ما يحمله، مما يجعلني غير مطمئن أخلاقيًّا على أي إجراءٍ يتبع الداخلية، والمفروض أن يتم التفريغ في مصلحة الطب الشرعي التابعة لوزارة العدل، وغير هذا يعتبر عبثًا!!".
ثم ترافع المحامي سيد حسن علي، والذي أشار إلى حق كل مواطن في محاكمة عادلة، وطالب بالموافقة على دعوى عدم الدستورية، وطالب بعلنية الجلسات حتى يتمكَّن الشعب من القيام بواجبه الرقابي، ثم انتقد التحريات والمحاضر قائلاً: "كل ضابط مصري ننفق عليه نحن المواطنين 200 ألف جنيه حتى يتخرج من كليته ليحمينا ويقوم بعمله على أساسٍ علمي، لا ليأتي لنا بهذه التحريات المشوهة والتهم التي بُنيت على شفا جُرفٍ هارٍ ليهوي إلى نار جهنم".
وفي نهاية الجلسة قرر رئيس المحكمة تأجيل القضية لجلسة الأحد 27 يناير الجاري لاستكمال باقي مرافعات الدفاع.
رسالة
وقد علَّق المهندس مدحت الحداد على مرافعة اليوم قائلاً: "إن حادثة الاختطاف التي تعرَّضتُ لها في يونيو 2004م أنا وآخرون، وتمَّ فيها نقلنا إلى أسفل مبنى مباحث أمن الدولة بمدينة نصر؛ حيث تعرضنا لأسوأ وسائل التعذيب والإهانة والتي لم يتحملها أخونا أكرم الزهيري فتوفاه الله، كانت مصدر ثورة في مجلس الشعب وقام الدكتور فتحي سرور على أثرها بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق تكونت من 25 من أعضاء مجلس الشعب على رأسهم اللواء مهندس فتحي مرقص قزمان رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي السابق، والتي جاءت لنا في السجن واستمعت إلى ما مررنا به من اختطافٍ وتعذيبٍ، واستنكروا أن يحدث هذا في سجون مصر، وحمَّلتُ اللواء قزمان وقتها رسالةً يحملها للرئيس مبارك وللوزير حبيب العادلي واللواء صلاح سلامة رئيس جهاز مباحث أمن الدولة وقتها، قلتُ فيها: "عيب يا ريس يبقى فيه في مصر سجون زي سجن أبو غريب"، ومن يومها والعداء بيني وبين الداخلية مستحكم.
أما المهندس ضياء فرحات فقد أشار إلى أن تحريات الحسيني التي قال إنها دامت 6 شهور، أكثرها كان فرحات لا يزال رهن الاعتقال؛ حيث لم يُفرج عنه إلا في 1/9/2006م واسمه ورد في محضر 17/1/2007م، وتساءل: "كيف يكون لي دور تنظيمي وأغسل أموالاً وأنا رهن الاعتقال؟".
عُهدة وأموال مستحقة
وبالنسبة للمهندس أسامة شربي فقد انتقد قيام قوات الضبط بتحريز كل الأموال السائلة التي وجدوها لديه في المنزل أو التي وجدوها في الشركة، في الوقت الذي لا يملك هو فيه هذه الشركة وإنما هو رئيس مجلس إدارتها فقط، والمبلغ الذي كان بحوزته بالمنزل هو عُهدة لديه ليكمل بها نفقات رحلة الحج التي كان يرأسها، والتي كان عائدًا منها قبل اعتقاله بيوم واحد، وأكد أن المطوف السعودي يُطالب الآن باسترداد أمواله 154 ألف ريال سعودي، ونقابة السيارات مُستحق لها 41 ألف ريال سعودي كوبونات إركاب الحجاج، وقد قدمنا طلبًا للمحكمة عسى أن تُسدد مستحقات هؤلاء من الأموال المُصادرة".
واعتبر المحاسب ياسر عبده أن القضيةَ لا تحتاج إلى دفاع ولا مرافعات؛ لأن المسألة واضحة تمامًا؛ فالاتهامات تلفيق في تلفيق، ولا يوجد أدلة ولا أملك أموالاً، وإن كانوا قد وجدوا لديّ كتابًا يتحدث عن فلسطين فهذا شرف ليّ لا أنفيه.
من جانبه أكد جمال شعبان أن المرافعة عنه لم تكتمل، وأن المحامي يحيى قاسم سيُكمل المرافعة، مشيرًا إلى أنه لم يكن مطلوبًا من الأصل في هذه القضية، بل إنه لم يكن يعمل بالقاهرة إلا من شهور قليلة، إلا أن الضابط عندما اقتحم مكتب شركة المهندس خيرت الشاطر ووجده بها سأله عن اسمه، وعن عنوان بيته، ثم اتصل برؤسائه وقال لهم: "لاقيت موظف هنا أجيبه؟، فقالوا له: "هاته" فقُبض عليَّ ثم استخرج إذن بالقبض عليَّ بعد ذلك، وعلَّق شعبان مازحًا: "إذا كان الضابط لم يكن يعرف اسمي ولا عنواني بل لم يرني من قبل ووجه لي 10 اتهامات، فماذا كان سيفعل لو كان قد رآني من قبل؟!!".
ويكمل: "ثم اتصلوا بالتليفون بمباحث أمن الدولة بالإسكندرية لتفتيش منزلي، فذهبوا في السابعة صباحًا، وكانت زوجتي قد أخذت الأولاد إلى المدرسة، فلما لم يُفتح الباب قاموا بكسره وحطموا الشقة كلها ولا يزال الأثاث محطمًا وأخذوا ما أخذوه بدون أن أراه أنا أو زوجتي".
- المصدر :الدفاع عن الإخوان في العسكرية: قضية غسيل الأموال "تار بايت" موقع إخوان أون لاين