الحلقة الرابعة عشرة: المؤتمر العالمي للسنة والسيرة في قطر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
المؤتمر العالمي للسنة والسيرة في قطر

موقع القرضاوي/16-10-2008

المؤتمر العالمي للسنة والسيرة النبوية

كان من أهم وأبرز الأحداث التي ظهرت في تلك الآونة: استضافة دولة قطر للمؤتمر العالمي للسيرة النبوية، بفضل جهود صديقنا العالم الجليل الشيخ عبد الله بن إبراهيم الأنصاري رحمه الله، وتجاوب المسؤولين في دولة قطر، وكان هذا المؤتمر قد عقد مرتين قبل ذلك: مرة في باكستان، ومرة في تركيا.

وأرادت قطر باستضافة هذا المؤتمر: أن تكون بداية احتفالات الأمة الإسلامية بمقدم القرن الخامس عشر الهجري.

وقد جرى نقاش طويل امتد واتسع بين عدد من الإخوة حول سؤال بالغ الأهمية: متى يبدأ القرن الخامس عشر الهجري: أيبدأ بسنة 1400هـ أم بسنة 1401هـ؟

وكان كثيرون يميلون إلى أن القرن يبدأ بسنة 1400 التي يتغير فيها الرقم من 3 إلى 4 أي من 1399 إلى 1400.

وكان رأيي الذي تمسكت به، ورأيت أنه وحده الصواب، هو: أن القرن يبدأ بسنة 1401، لأن سنة 1400 محسوبة من القرن الرابع عشر، وهذا لأن كل قرن مائة سنة: يبدأ بـ 1 وينتهي بـ 100، فالقرن الأول ينتهي بـ (100) ويبدأ القرن الثاني بـ 101، وهكذا كل القرون، ينتهي القرن فيها بالمائة، ويبدأ ما بعد برقم (1) بعد المائة.

والعجيب أن هذه المناقشة تكررت بحذافيرها عند نهاية القرن العشرين، وبداية القرن الحادي والعشرين، أو الألفية الثالثة في التاريخ الميلادي، فقد ظن الكثيرون ـ ومنهم بعض أبنائي ـ أن القرن العشرين ينتهي بسنة 1999، ويبدأ القرن عندما تتغير الأرقام، ويبدأ رقم 2000، مع أننا لو قسمنا الألفين (2000) على مائة (100) لكان الناتج عشرين. فالألفان: عشرون قرنا بالتمام والكمال، وبعدها يبدأ القرن الجديد.

المهم أننا اتفقنا على أن نحتفل بالقرن بعقد المؤتمر في أوائل شهر محرم سنة 1400هـ. وكونت لجنة تحضيرية للإعداد للمؤتمر برئاسة الشيخ عبد الله الأنصاري، وعضوية الفقير إليه تعالى، والأخ أبي عمر محمد عبد الله الأنصاري، والشيخ علي جمّاز، والأستاذ محمد الشافعي صادق، وبعض العلماء والموظفين لا أذكرهم.

واقترحنا أن نستعين ببعض الشخصيات البارزة، منهم: الدكتور عبد العزيز كامل في الكويت، والشيخ أبو الحسن الندوي في الهند، والدكتور عز الدين إبراهيم في الإمارات، وغيرهم.

وفعلا دُعُوا إلى قطر، وشاركوا في الإعداد، واختيار الموضوعات، واختيار أسماء المدعوين، واعترض الشيخ الندوي على أسماء المدعوين من الهند وباكستان، وقال: إنهم كلهم تقريبا من الجماعة الإسلامية، وهناك علماء آخرون لهم وزنهم وشهرتهم يجب دعوتهم، واستجابت اللجنة لاقتراحه في الحال.

وكان من أهم المقترحات: ما رآه الدكتور عبد العزيز كامل من إضافة كلمة في غاية الأهمية إلى عنوان المؤتمر، وهي كلمة (السنة) فبدل أن كان اسمه (المؤتمر العالمي للسيرة النبوية) يجب أن يكون اسمه (المؤتمر العالمي للسنة والسيرة النبوية) فالسنة أعم وأشمل من السيرة، وهي في حاجة إلى خدمة وعناية كبرى، والسيرة جزء منها. وينبغي على هذا المؤتمر أن يكون تركيزه على النهوض بالواجب نحو السنة وعلومها، نهوضا يليق بإمكانات العصر.

واستجابت اللجنة لاقتراحه فورا، وغيرت عنوان المؤتمر.

كوتب الأعضاء المدعوون من أنحاء العالم، وكلفوا بالكتابة في الموضوعات المقترحة عليهم، وتفرعت من اللجنة التحضيرية لجان عدة تعمل لخدمة المؤتمر، وأبلى الأخ أبو عمر محمد الأنصاري بلاء حسنا في ذلك.

ألقى الشيخ حمد بن خليفة كلمة افتتاحية المؤتمر وكان وقتها ولي العهد ولم يبخل أمير دولة قطر الشيخ خليفة بن حمد بمال يطلب منه لإنجاح المؤتمر، واتصل بي الدكتور حسن كامل مستشار الأمير، وطلب مني أن أعد كلمة مناسبة ليلقيها الأمير في هذا الحفل، وقال: إن الأمير نفسه وقع اختياره عليك خاصة، لما يعلم أنك أدرى بما يقال في مثل هذه المناسبة.

وفعلا أعددت كلمة، وسلمتها للدكتور حسن، فقرأها وسرّ بها جدا، وقال لي: كنت أظنك رجل دين ممتازا، والآن علمت أنك تفهم في السياسة أيضا! وإني قرأتها على الأمير فأعجب بها.

وعندما انعقد المؤتمر كان الذي ألقى الكلمة- نيابة عن الأمير- هو ولي عهده الشيخ حمد بن خليفة حفظه الله.

لا مهدي منتظر بعد محمد خير البشر

كما ألقى الشيخ عبد الله بن زيد المحمود قاضي القضاة، ورئيس المحاكم الشرعية في قطر: كلمة في حفل الافتتاح، كان موضوعها مثيرا، وأحدث جدلا، عنوانها: (لا مهدي منتظر بعد محمد خير البشر). وهو هنا متفق مع حكيم المؤرخين ابن خلدون الذي رد في مقدمته على مقولة ظهور المهدي، وضعف الأحاديث الواردة في الموضوع.

وظهر الشيخ ابن محمود على شاشة التليفزيون لأول مرة، وكان يتحرج من الظهور فيه قبل ذلك.

كما ألقى الشيخ الأنصاري كلمة المؤتمر، وألقى الشيخ الندوي كلمة الضيوف.

ثم انفضت جلسة الافتتاح، وانصرف الشيخ حمد بن خليفة ورفقاؤه، وبعد استراحة قصيرة، عقد المؤتمر جلسة لاختيار رئيس المؤتمر ونوابه ومقرره.

الشيخ الندوي من أبرز من دعي للمؤتمر واختار أعضاء المؤتمر فضيلة الشيخ عبد الله الأنصاري الداعي إلى المؤتمر رئيسا للمؤتمر، كما اختاروا له نائبين: أولهما: الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي، والثاني: هو الفقير إليه تعالى يوسف القرضاوي. ولا ريب أنها ثقة من الأعضاء أعتز بها، وقد أجمعوا عليها.

كما اختار المؤتمر الدكتور عز الدين إبراهيم مقررا عاما للمؤتمر, وكان اختيارا موفقا.

وقسم المؤتمر إلى لجان، حسب الموضوعات. تقدم إلى كل لجنة البحوث المعدة في موضوعها، ولتناقش وتقترح التوصيات بشأنها، لتحال إلى لجنة الصياغة التي كنت أحد أعضائها.

وقد كنت أعددت بحثا في أحد الموضوعات المطلوبة للمؤتمر، وهو موضوع (الرسول والعلم). وقد عرضته في المؤتمر، واستفدت بما أثير من مناقشات في إغناء البحث وتطويره، وقد نشر في كتاب بعد ذلك، وطبع مرات ومرات.

وقد نشرت (إدارة إحياء التراث الإسلامي) التي يشرف عليها الشيخ الأنصاري: مجموعة البحوث المقدمة للمؤتمر في سبعة مجلدات.

وصدر عن المؤتمر جملة توصيات جيدة، مما يتعلق بالسنة والسيرة، ومما يتعلق بالأمة عامة في مطلع قرنها الهجري الجديد.

أهم التوصيات:

وكان من أهم التوصيات: إنشاء موسوعة للسنة النبوية تضم صحاح الحديث وحسانها محققة ومبوبة ومفهرسة فهرسة عصرية، ومعلقا عليها بما يوضح المفاهيم، ويدرأ الشبهات.

وكذلك تأسيس مركز للسنة والسيرة يخدم علومها في ضوء معارف العصر وإمكاناته.

ومما يذكر هنا: أنه بعد عدة أشهر أصدر أمير دولة قطر: مرسوما بإنشاء مركز بحوث السنة والسيرة، الذي أوصى به المؤتمر، والذي تشرفت برئاسته.

طالع في الحلقة القادمة:

تأسيس مركز بحوث السنة والسيرة بجامعة قطر