الحلقة الخامسة والعشرون: د. علي السالوس في قطر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

د. علي السالوس في قطر

د. علي السالوس مرجعية في الاقتصاد المعاصر والشيعة موقع القرضاوي/26-11-2008

د. علي السالوس

في سنة 1980م وصل الأخ الكريم، والصديق العزيز الدكتور علي السالوس، إلى قطر متعاقدا مع الجامعة، ليعمل مدرسا في كلية الشريعة.

وكنت قد أوصيت اللجنة المسؤولة في الجامعة بالتعاقد معه، بعد أن رشحه لي اثنان أثق بهما، وأعتز بشهادتهما:

أولهما: الأخ الدكتور عبد العظيم الديب، الذي كان زميلا له في كلية دار العلوم، وقال: عرفناه مجتهدا وجيد التحصيل، حريصا على طلب العلم، رغم أنه لم يكن أزهريا في الأصل مثل عبد العظيم ونظرائه من حملة الثانوية الأزهرية، الذين حفظوا القرآن، وتكوّنوا في معاهد الأزهر الابتدائية والثانوية، ثم دخلوا دار العلوم، وهي تنتقي المتميزين منهم.

ولكن السالوس كان من حملة الثانوية العامة، الذين لم يدرسوا ما درس الأزهريون، من القرآن وعلوم النحو والصرف والبلاغة والفقه التفسير والحديث والمنطق والتوحيد وغيرها.. ولكن (دار العلوم) كانت تنتقي من هؤلاء من تراه أصلح لدراسة علومها العربية والإسلامية. وكان السالوس من هؤلاء الذين تميزوا بجدهم وحرصهم ومثابرتهم. حسبما زكاه زميله الديب.

وثانيهما: الأخ العزيز، والمربي الكبير الدكتور يوسف عبد المعطي، الذي كان مديرا لمعهد المعلمين في الكويت، الذي يعمل السالوس مدرسا فيه. فقد ذكر لي: أنه لمس فيه عقلية فقهية واعدة، وخصوصا في فقه المعاملات، فلديه استعداد طيب في هذه الناحية، كما أنه من الناحية السلوكية رجل ملتزم بدينه غير مفرط فيه، بل ربما كان أميل إلى التشدد.

فهذه شهادة من رئيس لمرؤوسه، والأولى شهادة من زميل لزميله، وكلتاهما مؤسسة على معرفة وخبرة ومعايشة، ومن أناس لا يتهمون، فهي جديرة أن تحوز القبول.

ووصل الشيخ علي إلى الدوحة واستقبلته بحفاوة وتكريم، ونظرا لأن تخصصه في الفقه، فقد طلبت منه أن يركز على (فقه المعاملات المعاصرة). وهذا ما نصت عليه مناهج كلية الشريعة. فقد كان عيب الفقه الذي درسناه في معاهد الأزهر تسع سنوات، وما درسه إخوان لنا – زيادة على ذلك – في كلية الشريعة أربع سنوات، لا علاقة له بالواقع الذي يعيشه الناس، فهو يدرس (البيوع) ولكن لا يعرف أحكام البيوع المعاصرة، ويدرس أنواع الشركات القديمة وأحكامها: من شركة المفاوضة، وشركة العنان، وشركة الوجوه.. إلخ. ولكنه لا يعرف شيئا عن الشركات المعاصرة وأنواعها وأحكامها.. لا يعرف شيئا عن الشركات المساهمة، وشركات التأمين، ولا عن البنوك وأعمال البنوك. ونحن نريد أن نربط طالب (كلية الشريعة) بما يدور في الحياة من حوله، بحيث يفهمه، ويعرف حكمه، ويفتي فيه إذا سئل.

وقد لاحظت أن الأخ الدكتور علي قد صار له نحو سبع سنوات، منذ حصل على الدكتوراة، وهو في درجة مدرس، ولا سيما أنه لم يأت إلينا من جامعة. وكنت حريصا على أن يرتقى إلى درجة أستاذ مساعد، ولكن المشكلة أنه لم يكن لديه من البحوث ما يسنده في ذلك، فقد كان في أول الطريق، ومع هذا اتفقت معه أن يقدم مقالة أو مقالتين له كتبهما في مجلة (الوعي الإسلامي) ردا على فضيلة الداعية المعروف: الشيخ حسن أيوب، كما قد شارك بكتابة فصل عن الجانب الاقتصادي في الإسلام في كتاب كان مقررا في مادة الثقافة الإسلامية بالجامعة، وقد تكونت لجنة التحكيم من الشيخ الغزالي، ومني، ومن ثالث نسيته، وحكمنا بترقية د. السالوس إلى درجة أستاذ مساعد.

وأصبح للدكتور السالوس مكان ومكانة في قطر جامعيا وشعبيا، كما أن اشتهاره في فقه المعاملات جعل المصارف الإسلامية تحرص عليه في رقابتها الشرعية، والحق أنه كان له دور ملموس في تسديدها ووضع الضوابط لسيرها، ولا سيما في التدقيق الداخلي لها. كما غدا خبيرا في مجمع الفقه الإسلامي الدولي، ويدعى إلى مؤتمرات البنوك الإسلامية، والندوات التي تتعلق بالاقتصاد الإسلامي.

كما أن للدكتور علي دورا آخر، وهو دراسته لفقه الشيعة الإمامية وأصولها، وقد كانت رسالته في الماجستير حول ذلك، وقد توسع في ذلك فيما بعد، وأمسى خبيرا يرجع إليه في ذلك، وألف في هذا المجال عدة كتب.

طالع في الحلقة القادمة:

رحلة إلى نيجيريا مع الأمير محمد الفيصل آل سعود