الحكومة تفشل في حجب شعار "الإسلام هو الحل"

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الحكومة تفشل في حجب شعار "الإسلام هو الحل"


11-10-2005

القاهرة: عبد المعز محمد

مقدمة

- لماذا انسحب النواب من الجلسة الثانية لقانون الرئاسة

- الحكومة تستجيب لشروطهم في المرشحين للرئاسة

- رفض قانون مباشرة الحقوق السياسية كما قدمته الحكومة

الأمر لم ينته عند تعديل المادة 76 من الدستور بل إنه بالفعل بدأ؛ حيث استتبع هذا التعديل مجموعةً من القوانين الهامة مثل قانون الانتخابات الرئاسية ثم تعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون مجلسي الشعب والشورى، وأخيرًا قانون الأحزاب السياسية وبينهم تعديل لائحة مجلس الشعب، وقد كان لنوابِ الإخوان في كل هذه الأمور صولاتٌ وجولاتٌ حققوا في بعضها مكاسبَ بارزةَ كما حدث مع قانون مجلس الشعب، بينما وقفت الأغلبية الصامتة عن الكلام والمؤيدة لحكومتها على طولِ الخطِ أمام تعديلٍ حقيقي لباقي القوانين، أما تفاصيل ما جرى فنلخصها بشكلٍ سريع في السطور القادمة:

قانون الانتخابات الرئاسية أول مرة

أعلن نواب الإخوان المسلمين رفضَهم لمشروع قانون الانتخابات الرئاسية الذي ناقشه مجلس الشعب ظهر الثلاثاء 200514/6/م، ووافق عليه من حيث المبدأ، وأكَّد نواب الإخوان أنَّ القانونَ يأتي امتدادًا لتعديلات المادة 76 من الدستور والتي سبق أن رفض النوَّاب صياغتها، مؤكدين أنَّ ما جاء في القانون يصبُّ في مصلحة الحزب الوطني فقط لا غير.

وفي كلمته قال النائب علي فتح الباب إنَّ القانونَ بشكله المقدَّم لا يوفِّر فرصةَ المنافسة الحقيقية بين المرشَّحين، سواءٌ من حيث الدعاية أو المساواة في وسائل الإعلام، متسائلاً كيف يُمنع عن المرشَّحين القيام بحملات دعائية في وسائلِ الإعلام المرئية والمسموعة، بينما يختلف الحال مع رئيس الجمهورية الذي يريد ترشيح نفسه؛ حيث لا يعتبر القانون أن المشروعات التي يقوم بافتتاحها في المحافظات من باب الدعاية..؟!

وفي كلمتِهِ قال المهندس صابر عبد الصادق إنَّ القانونَ المقترَح أهان منصب رئيس الجمهورية عندما لم يشترط ضرورة أدائه الخدمة العسكرية، وألا يكون مزدوجَ الجنسية، وألا يكون متزوجًا من أجنبية، رغم أنَّ القانون نصَّ على هذه الأمور الثلاثة في المرشَّح لعضوية مجلس الشعب، بل إنَّ المحكمة الدستورية حكمت بذلك، واعتبرت أنَّ المتهرِّب من أداء الخدمة العسكرية لا يستحق أن يمثل الأمة ويقوم بدور المشرِّع لها؛ لأنه أهانها عندما تهرَّب من أداءِ الخدمةِ العسكرية، فإذا كان هذا هو الوضع مع المرشَّح لعضوية البرلمان والمجالس المحلية وهي الدرجة الأدنى والأقل من منصب رئيس الجمهورية فكيف بمَن يُرشَّح لمنصب رئيس الجمهورية؛ مما يؤكد أن هناك مَن يحاول تمرير القانون بهذا الشكل لأنه يصبُّ في اتجاه مرشَّحٍ بعينه!!.

كلاكيت ثاني مرة

إلا أنَّ المحكمة الدستورية العليا فجرت قنبلة مدوية حيث قضت بعدم دستورية بعض مواد قانون الانتخابات الرئاسية الذي أقرَّه مجلس الشعب وأرسلت المحكمة الدستورية تقريرًا برأيها في القانون لرئيس الجمهورية الذي حوله بدوره لرئيس مجلس الشعب الذي قرر إعادة مناقشة القانون في جلسة الأربعاء 29/6/2005م، بعد أن أعلن فضَّ الجلسة الصباحية للمجلس، وهو القرار الذي لاقى اعتراضًا من نواب الإخوان والمعارضة الذين طالبوا بالاطلاع على تقريرِ المحكمة الدستورية وعن الموادِ التي حكمت المحكمة بعدم دستوريتها، وقال النواب إنَّ مناقشة المواد الغير دستورية يحتاج لوقت ومناقشتها بهذه السرعة يؤدي إلى سلقها وبالتالي يُعرِّضها مرةً أخرى لعدمِ الدستورية.

وقد عقدت اللجنةُ التشريعية بالمجلس اجتماعًا عاجلاً برئاسة د. فتحي سرور ووافقت على تعديل السبع مواد وهي المواد 5، و22، و54، و55، إضافةً للمادتين 13، و18 لشبهةِ عدم الدستورية.

وفي الجلسة التالية التي ناقش فيها المجلس التعديل أعلن نوابُ الإخوان انسحابهم ردًّا على إصرار رئيس المجلس ونواب الأغلبية والحكومة على مناقشة وإقرار هذه التعديلات في نفس اليوم الذي حكمت المحكمة الدستورية بعدم دستوريتها وقبل أن يدرسها النواب، وهو ما يُعرِّضها لعدم الدستورية وخاصةً المادة 22 التي كانت تنص على عدمِ قيام المرشحين للرئاسة بالدعاية الانتخابية المدفوعة في وسائلِ الإعلام المسموعة والمرئية، عندما ناقش المجلس القانون.

مباشرة الحقوق السياسية

رفض نواب الإخوان التعديلات التي تقدَّمت بها الحكومة لمجلس الشعب في شأنِ قانونِ مباشرة الحقوق السياسية وقدَّموا مذكرةً موقَّعةً من الدكتور محمد مرسي- رئيس الكتلة- وباقي أعضاء الكتلة الأربعة عشر، وأكدوا فيها رفضَهم لتعديلات القانون؛ لأنها تخدم الحزب الوطني الحاكم فقط، وقال النواب إنَّ التعديلات لم تُوفر الحرية والشفافية والنزاهة ولن تحقق إلا مزيدًا من التسلط الحكومي.

وقال إنَّ القانون أغفل أي ذكر لتنقية الجداول الانتخابية والانتخاب من خلال الرقم القومي، ولم يوفر أي فرص للإشراف الحقيقي للقضاة على كل العملية الانتخابية سواء داخل اللجان أو خارجها، وقال إنَّ رئاسة وزير العدل للجنة الانتخابات معناه رئاسة الحكومة لها، مطالبًا بأنَّ تتشكل اللجنة برئاسة رئيس محكمة النقض وعضوية رؤساء وأقدم النواب بمحكمة القضاء الإداري والنقض والاستئناف.

وانتقد النائب أكرم الشاعر تحديد اللجنة بـ 700 صوت فقط، وقال معنى ذلك زيادة عدد اللجان في الوقت الذي لا يُوجد زيادة في عددِ القضاة، وهو ما يعني وجود شخصيات من غير القضاة للإشرافِ على هذه اللجان، وهو ما يعيدنا إلى الوراء وإلى ما قبل الإشراف القضائي على الانتخابات؛ لأنَّ هذا الأمر سيفتح الباب للتلاعب في الصناديق، وقال إنَّ كانت الحكومة مصرة على ألا تزيد اللجنة عن 700 ناخب فلا بد أن يكون هناك قاضٍ لكل صندوق.

وأثناء المناقشة النهائية للقانون أصرَّت الحكومة على تمرير قانون مباشرة الحقوق السياسية، كما ورد منها لمجلس الشعب ورفضت التعديلات التي قدَّمها النواب وخاصةً فيما يتعلق بتشكيل واختصاصات اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات، والعقوبات المفروضة عليهم.

وهو ما قابله رفض نواب الإخوان المسلمون للقانونَ في شكله النهائي في الجلسة التي عُقدت مساء الخميس 23/6/2005م بعد أن رفضوه من حيث المبدأ في جلسة البرلمان التي عُقدت يوم الثلاثاء [[]2005]21/6/م.

قانون مجلس الشعب

إلا أنَّ الوضعَ اختلف مع تعديلات قانون مجلس الشعب الذي تمَّ مناقشته في 30/6/2005م، حيث استجابت الحكومة لمطلب نواب الإخوان؛ بتعديل البند الثاني من المادة 11 وهي المادة الخاصة بالقواعد التي يلتزم بها المرشح.

وطبقًا لنص المادة كما تقدمت بها الحكومة فإنه كان يجب على المرشح الالتزام بالمحافظة على الوحدة الوطنية وعدم استخدام الشعارات الدينية، وهو ما اعترض عليه نواب الإخوان، وأكد الدكتور محمد مرسي أنَّ هذه المادة مطاطة وعامة، واقترح أن يعدل المادة بحظر استخدام الشعارات الدينية التي تهدد الوحدة الوطنية، موضحًا أنَّ الدستورَ المصري نص على أنَّ الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع، وفي منع استخدام الشعارات الدينية مخالفة للدستور.

وبعد كلام الدكتور مرسي تكلم الدكتور عبد المعطي بيومي- الأستاذ بجامعة الأزهر- موضحًا أنَّ الإسلام يحافظ على الوحدةِ الوطنية، ثم فاجأ النواب بإعلانه أنَّ شعار "الله أكبر ولله الحمد" مثلاً يهدد الوحدة الوطنية، ويجب عدم استخدامه في الدعاية، وهنا انفجر بركان الغضب من نواب الإخوان المسلمين الذين احتجوا بشدةِ على كلام بيومي، واتهموه بالجهلِ بأمورِ الدين، وهتفوا بصوتٍ عالٍ رجَّ أرجاء قاعة المجلس "الله أكبر ولله الحمد".

وأمام غضب نواب الإخوان حاول الدكتور فتحي سرور تهدئة الأجواء، وقال: كلنا نقول "الله أكبر ولله الحمد"، فردت الحكومة بأنها تقصد المحافظة على الوحدة الوطنية، وأكدت أنَّ مثل هذه الشعارات لا تهدد الوحدة الوطنية.

فطالب نواب الإخوان بأن ينصَّ التعديل على ذلك، فاستجابت الحكومة وعدلت المادة لتكون "المحافظة على الوحدة الوطنية وعدم استخدام شعارات دينية تهدد الوحدة الوطنية أو تُسيء لها"، وهو ما يُعد مكسبًا كبيرًا للإخوان الذين تصدوا لمحاولات الحكومة والحزب الوطني بتجريم شعار "الإسلام هو الحل".

كما تحفظ الدكتور محمد مرسي- أثناء مناقشة تعديلات القانون في المادة الخاصة بمنع استخدام دور العبادة في الدعاية الانتخابية أنَّ هذه المادة تخالف الواقع، وتساءل ماذا لو صلَّى المرشح في مسجدٍ من المساجد والتف حوله المصلون، هل يُعد في هذه الحالة مخالفٌ للقانون ويتعرَّض للعقاب من قِبل الدولة.

قانون الأحزاب الجديد

أكد نواب الإخوان رفضَهم لقانون الأحزاب السياسية الجديد الذي ناقشه مجلس الشعب في جلسات الأحد 3/7/2005م، وقال نواب الإخوان إنَّ تعديلاتِ قانون الأحزاب الذي قدمته الحكومة يعد خطوةً للوراء في الإصلاح السياسي، وأشاروا إلى أنَّ الحكومة بدلاً من أن تلغي لجنة الأحزاب منحَتْها صلاحياتٍ إضافيةً وحجَّمت من عمل الأحزاب الموجودة والتي ستنشأ في المستقبل.

وقال النائب محفوظ حلمي إنَّ التعديلاتِ المقترحة لم تُتِحْ الحريةَ الكاملةَ لتشكيل الأحزاب وحافظت على استمرارِ سطوة لجنة شئون الأحزاب في تقرير مصير الأحزاب في الوجود، وأشار إلى أنَّ التعديلات تفرض سطوة الدولة على الأحزاب من خلال اشتراط التمثيل في البرلمان لقبول الدعم المالي، فضلاً عن استمرار موافقة اللجنة على تأسيس الحزب أو لا، والتوسع في مسألة رفض تأسيس الحزب.

وقال إن الشعب المصري انتظر كثيرًا إلغاء أو حتى تعديل هذه القوانين، ولكن بالشكل الذي يوسع من المشاركة السياسية ويضمن وجود مشاركة جادة ونزيهة وبعيدة عن أي تدخل من قبل الدولة، إلا أن التعديلات جاءت لتكرس فكرة السيطرة على الحياة السياسية.

الشريعة الإسلامية

أما النائب حسين محمد إبراهيم فأكد أن مشروع قانون الأحزاب السياسية الجديد فيعد ردةً للخلف، فالقانون أبقى على لجنة شئون الأحزاب ذات التشكيل الحكومي، وهي اللجنة التي يحق لها الموافقة أو رفض نشأة الحزب.

ثم تساءل النائب: لماذا حذفت الحكومة المادة الخاصة التي اشتُرطت لوجود الحزب أو لاستمراره ضرورة ألا يتعارض نشاطه مع أحكام الشريعة الإسلامية، واستكمل النائب: لماذا الحساسية إذن في موضوع الشريعة الآن؟!

ووجَّه النائب تساؤلاً آخر للحكومة، وهو: لماذا حذفتم هذا الشرط في قانون الأحزاب الجديد؟ وهل هو استجابةٌ لضغوط داخلية مثلاً؟ بمعنى أنه مطلب شعبي، وقال النائب: أتحدى الحكومة أن تثبت أنه كذلك، واستكمل تساؤله بأنه لم يتبقَّ أمامي إلا أن الحكومة قد استجابة للضغوط الأجنبية..!!

إلا أن الحكومة نفت ذلك، وقال المستشار محمود أبو الليل- وزير العدل- إن الحكومة لم تحذف الشريعة الإسلامية لأنها المادة الثانية من الدستور، وقال نحن ذكرنا في شرط تأسيس الحزب أو استمراره بألا يخالف الدستور، ومعنى ذلك عدم مخالفته الشريعة الإسلامية لأن ذلك مبدأً دستوريًّا، ومن ثم لا ينبغي ذكره في كل قانون.

واستكمل وزير مجلس الشعب- كمال الشاذلي- ردَّ الحكومة، موضحًا أهمية الشريعة الإسلامية واحترام الحكومة لها، وقال لا يجب أن ننسى أن معنا بمصر غير مسلمين والشريعة الإسلامية تكفل لهم الحقوق والواجبات، ونفى تعرض الحكومة لأي ضغوط خارجية في هذا الموضوع أو غيره، موضحًا أن هذا أمرٌ مرفوضٌ.

ثم ردَّ النائب حسين محمد إبراهيم على كلام وزير العدل مؤكدًا أنَّ القانون ذكر ضرورة احترام الوحدة الوطنية والسلام والمحافظة على السلام الاجتماعي، وهي أمورٌ نصَّ عليها الدستور أيضًا، فلماذا وُضعت في شروط التأسيس في القانون الجديد؟ وقال إنَّ الشريعة الإسلامية وما قاله الدكتور صوفي أبو طالب لا يتعارض مع الدستور ومع المادتين 8 و40 من الدستور، وهي أن الدولة تكفل حرية الاعتقاد وإقامة الشعائر الدينية.

ولعلَّ هذا العرض المهم والمدروس من النائب وضع وزير العدل في مأزق لم يستطع الخروج منه إلا بالموافقة على ما قدمه نائب الإخوان.

الشخصيات العامة

قبل نهاية انعقاد المجلس بيوم واحد رفض نوابُ الإخوان المسلمين الطريقةَ التي تمَّ بها ترشيح واختيار الشخصيات العامة للجان انتخابات الرئاسة ومجلسي الشعب والشورى.

وأصدر نوابُ الإخوان بيانًا اعترضوا فيه على أسلوب الترشيح وأعلنوا في البيان رفضهم للطريقة التي استخدمها رئيس المجلس في التصويت على الشخصياتِ العامة التي يختارها المجلس للاشتراك في لجنة انتخابات رئاسة الجمهورية ولجنة الانتخابات العليا.

وأشاروا إلى أن رئيس المجلس لم يكلف نفسه أن يأمر الأمانة العامة بطبع أسماء الشخصيات العامة، فضلاً عن السيرة الذاتية لهم كما تقتضي أبجديات الممارسة البرلمانية.

وأشاروا إلى أن رئيس المجلس اكتفى فقط بتلاوة أسمائهم دون أن يقبل أي مناقشة أو استفسار من النواب، وهو ما اعتبره النواب استمرارًا للإدارة الشمولية التي واظب عليها رئيس البرلمان في الفترة الأخيرة محاولاً خنق أصوات كل المعارضين لسياسات الحزب الحاكم، والتي تسببت في سلق العديد من القوانين المهمة التي عُرضت على البرلمان في الفترة الأخيرة مما جعلها مصابة بعوارٍ دستوري.

الحلقة الأخيرة: حصاد التميز وحب الوطن فقدان حشمت وعزب

المصدر