الثقافة الإسلامية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.

الثقافة الإسلامية..ماهيتها.. وخصائصها.. وغاياتها

الثقافة.jpg

تتعدد وتتباين التعريفات التي تناولت الثقافة بمفهومها العام إلى حَدٍّ كبير, فيعرّفها علماء الاجتماع بأنها عبارة عن »الأنماط الذاتية لتغيير السلوك الإنساني المكتسب», ويعرّفها علماء التربية بأنها: «مجموعة الأفكار والمُثل والمعتقدات والعادات والمهارات وطُرق التفكير, وأساليب الحياة والنظام الأُسري, وتراث الماضي بقصصه ورواياته, وطبيعة المؤسسات الاجتماعية في المجتمع الواحد»(1).


بَيْدَ أنه يوجد تعريف شامل للثقافة بأنها: «مجموعة من الخصائص والصفات المكتسبة على مر الأيام تُكسب الإنسان سلوكاً مميّزاً, يتفوّق به على ما عداه نتيجة تطوّر عضوي وعقلي واجتماعي ووجداني»(2) ويقودنا هذا التعريف إلى محاولة تحديد مفهوم الثقافة أو ماهيتها في الإسلام.


ما هية الثقافة الإسلامية

في الواقع لا يوجد تعريف واحد نهائي للثقافة الإسلامية, فالبعض يرى أنها: «طريقة الحياة التي يحياها المسلمون في جميع مجالات حياتهم وفقاً للإسلام وتصوراته»(3), وبذلك تشمل الثقافة الإسلامية العلم والعمل والفكر والسلوك القائم على الإسلام وتعاليمه وتوجيهاته.. ويرى البعض الآخر أنها: «الصورة الحية للأمة الإسلامية»(4), فهي شخصيتها وقوام وجودها, وعقيدتها التي تؤمن بها, ومبادئها التي تحرص عليها, ونظمها التي تعمل على التزامها, وتراثها الذي تخشى عليه من الضياع, وفكرها الذي تود له الذيوع والانتشار(5).


في حين يرى فريق ثالث «أنها مجموعة الصفات والخصائص النفسية والعقلية والفكرية والخلقية والسلوكية التي تتميز بها الشخصية الإسلامية, المكتسبة من معرفة مقومات الأمة الإسلامية العامة, ومقومات الدين الإسلامي, والمستفادة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة, واجتهادات العلماء والمفكرين, والمتفاعلة مع واقعنا المعاصر تأثيراً وتأثراً»(6).


والواقع أننا لا نسعى إلى استقصاء كل التعريفات التي تناولت تعريف أو توصيف الثقافة الإسلامية, بل إلى محاولة تحديد ماهيتها وصولاً إلى بيان خصائصها وغاياتها... ومن ثم فإننا لن ننتصر لتعريف على آخر في هذا المقال, ولكن نكتفي بالإشارة إلى أن التعريف الذي ذكره الفريق الثالث للثقافة الإسلامية هو عبارة عن (أسلمة) للتعريف الشامل للثقافة " في مفهومها العام " الذي سبق الإشارة إليه.


خصائص الثقافة الإسلامية

تتميز الثقافة الإسلامية عما عداها من الثقافات بعدد من الخصائص والمقومات التي لا مجال للحديث عنها دونها, وفيما يأتي أهمها:


أولاً: تعتمد الثقاقة الإسلامية على القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة, وبالتالي فإنها عامة وشاملة, تستهدف نشر الحق والتوحيد الخالص لله تعالى, والعدل ومعاني الأخوة بين كافة الأجناس البشرية والفئات المختلفة, ويؤكد ذلك تأثير الجانب العقدي على مختلف جوانب الحياة في الإسلام, سواء السياسية, أو الاقتصادية, أو الاجتماعية, أو الأخلاقية, أو غيرها.


ثانياً: تتميز الثقافة الإسلامية بالواقعية, حيث توازن بين الفرد والمجتمع, فلا تركيز على الفرد ولا إهدار لكرامته, كما أن التكافل الاجتماعي في الإسلام يقوم على أساس من الأخوة الإيمانية.


ثالثاً: تقوم الثقافة الإسلامية أساساً على التوازن والموازنة والاتزان, حيث تعترف بأن طبيعة الإنسان مادية وروحية, وواقعية ومثالية, فليس جسداً خالصاً ولا روحاً خالصاً(7).


رابعاً: الثقافة الإسلامية مرنة ومتطورة, وأساس ذلك أنها مستمدة من القرآن الكريم, الصالح لكل زمان, ولكل بني الإنسان في كل مكان.


خامساً: إن الثقافة الإسلامية ضرورية للمسلم المعاصر, لمحاربة الاحتلال الثقافي والغزو الفكري المتمثل في نشر المذاهب الهدامة والتصورات الباطلة, ولتقديم الفكر الإسلامي الأصيل, وإبراز تجربته الرائدة للعالم كله بوصفه فكراً قوياً, وللحفاظ على ذاتية المسلم وهويته فكراً وسلوكاً, وللرجوع بالمسلمين إلى تطبيق الإسلام تطبيقاً واعياً كما كان في صدر الإسلام, وأخيراً وليس آخراً للتفاعل مع عالم اليوم الذي يحترم من يصارعه ويقف في وجهه, لا من يقلده ويحذو حذوه.


غايات الثقافة الإسلامية

ليس من قبيل التبسيط الشديد أو الإيجاز المخل, القول بأن غايات الثقافة الإسلامية إنما تتمحور أساساً حول (الأصالة) و (المعاصرة). بمعنى: الجمع بين الثبات الذي يمنحها الاستقرار, وبين المرونة التي تواجه بها سير الزمن وسنة التطور, فلا تتخلف عن ركب الحياة المعاصرة.


ومع ذلك: فإنه يمكننا أن نرصد الغايات التالية للثقافة الإسلامية(8):


أولاً: بناء التصور الإسلامي الصحيح الذي تتضح منه وفيه ومعه النظرة الكلية الشاملة للحياة, وكل ما يدور فيها من أنشطة مختلفة في شتى المجالات, السياسية, والاقتصادية, والاجتماعية, والحضارية, والفكرية, وغيرها.


ثانياً: أن يكون هذا التصور من خلال تجربة الإسلام الحضارية الرائدة مع عرض واقع المسلمين, وما أصابهم في عهود الضعف والتخلف, وواقع الاحتلال الثقافي, والغزو الفكري والسياسي والاجتماعي الذي حل بهم, مع بيان العبرة من ذلك, حتى تتم الاستفادة من تلك الخبرات السابقة بشكل كامل, وعلى نحو عميق.


ثالثاً: محاولة سبر أغوار العلوم والمعارف على اختلافها, سواء العلوم التجريبية الحديثة, أو العلوم الإنسانية.


رابعاً: محاولة التوفيق بين حقائق الدين والعلم, والعمل على وحدتهما, وذلك من أجل غاية سامية ونبيلة, ألا وهي ترشيد العلم سعياً إلى خير ونفع وصالح البشرية جمعاء, في الدنيا والآخرة.


خامساً: إحياء الانتماء إلى الإسلام وأمته, تلك الأمة التي كانت خير أمة أخرجت للناس, وذلك من خلال تزكية روح العمل بمبادئه, وبيان دوره الأساسي والواضح والكامل, في علاج ذلك الواقع الأليم الذي آل إليه حال الأمة الإسلامية في العقود الأخيرة.


سادساً: التحذير من الشرك والضلال والشر, والبعد عن تعاليم [الإسلام], والإفراط في المعاصي والذنوب.


سابعاً: بناء المجتمع المثالي المنظم, من خلال إرساء الأسس والخصائص والمقومات, النظرية والعملية, والعمل على تطبيقها.


ومن ثم, فالثقافة الإسلامية يمكن أن تقوم بدور بارز في تطوير الأساليب, والوسائل لتطبيق الأحكام الشرعية والقواعد الثابتة التي لا تختلف باختلاف العصر والمجتمع.