التغيير سنة الحياة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
التغييـر سنة الحيـاة


عندما كان العز بن عبد السلام سلطان العلماء في عهد الأيوبيين قاضيا على مصر إختلف مع السلطان فحبسه السلطان فما كان من أهل مصر إلا أن تجمعوا خارج السجن وأبوا أن يغادروا إلا بعد أن يغادره العز فما كان من السلطان إلا أن إستجاب مرغما لإرادة الشعب وأطلق سراحه وأعاده إلى مجلس القضاء ثم حاول بعد ذلك نفيه من مصر ولما علمت الجماهير بذلك خرجت خلفه قائلة لا عيش لنا في بلد ليس قاضيه العز بن عبد السلام فما كان من السلطان إلا أن رجاه الصفح والعودة معتذرا عما بدر منه فعاد العز ليس إستجابة لطلب السلطان ولكن نزولا على رغبة الناس.

وهنا يثور التساؤل ترى ما الذي جعل الناس تتعلق بالعز رحمه الله كل هذا التعلق؟ بالتأكيد ليس لأنه قاض عادل يحكم بين الناس بالعدل وعلى مقتضى القانون فقط لأن المفروض أن هذا شأن جميع القضاة ولكن لأنه قاض يتصدى للدفاع عن الحقوق والحريات التي تنتهك مهما كان المعتدي ولو كان السلطان نفسه وكان الناس يشعرون في وجوده بالأمن والأمان وأنه لن يستطيع أحد مهما كانت سطوته أن يتعدى على حقوقهم وحرياتهم، هكذا ينبغي أن يكون القاضي، وهو ما نشاهد بعض مظاهره في الأمم المتقدمة من حولنا وإن كان الفارق بين العدالة الأوربية والعدالة الإسلامية أن الأولى للأوربيين فقط وأما سواهم فهم غير آدميين يمكن أن تدوسهم الأقدام دون أن يتحرك لذلك ضمير أو تدمع عين أو يعلو صوت يطلب الرحمة ولو في القتل أسوة بالطيور والحيوانات، أما الثانية فيتساوى أمامها الجميع بغض النظر عن النوع أو اللون أو الدين.

التغير سيداتي سادتي من سنن الحياة ولولاه لجمدت وتحجرت الحياة من حولنا، الماء الراكد يفسد والهواء غير المتجدد لا يصلح للحياة، والطعام الواحد يسد الشهية، التغيير إستجابة للطبيعة البشرية لو شاهدك الناس بلباس واحد وقتا طويلا لأصبحت محل تندر وسخرية، والسيدات يعرفن ذلك جيدا اللباس الواحد عندهن لا يصلح لمناسبتين بل لكل مناسبة لباسها، فإذا كانت هذه هي الطبيعة البشرية وهذه هي مقتضيات الحياة وبديهياتها وأساس تقدمها وإزدهارها فما بال ذلك يختلف إذا تحدثنا عن السلطة والحكم فصاحبها لا يريد مغادرة المكان مهما كلفه ذلك وكلفنا بالطبع من خسائر مادية ومعنوية قد تؤدي بنا إلى كره الحياة نفسها والرغبة في التخلص منها هربا من هذا المسئول الذي يطالعنا \يوميا بصورته وأخباره نمسي ونصبح عليها، وسماع أنكر الأصوات تطالب بإستمرار المسيرة، مسيرة النفاق والفساد والظلم والبطالة والجوع والطوارئ والمعتقلات وتزييف إرادة الناس من أجل البقاء على كرسي لا يستند على رغبة الناس وحبهم هذا الحب الذي لو شعر به ذوي سلطان لضحوا بالسلطة من أجله.

صدقني يا سيدي السلطان الراغب في البقاء على كرسي الحكم إلى الأبد، صدقني إذا قلت إن الأبد بالنسبة لك ليس ببعيد، بل هو اقرب مما نتصور فما أسرع مرور الأيام، ولو أنك غادرتنا قبل أن نملك لبقيت في قلوبنا نذكرك ونمجدك ونثني عليك ونحفظ ودك ونصون عرضك وأهلك، أما إن بقيت حتى ينتهي أمدك شيعناك باللعنات وذكرنا لك الموبقات ونسينا الحسنات من كثرة السيئات، وتندر بأعمالك المتندرون وإغتابك أصحاب الحاجات والمحتاجون، وذمك المظلومون ولم يترحم عليك حتى المنافقون الذين كانوا يترحمون على كلبك وأنت على كرسي الحكم ولا يكادون يذكرونك وأنت تحت التراب لأنهم مشغولون بالهرولة خلف السلطان الجديد.

قل لي يا سيدي السلطان القابض على الحكم قبضة الذئب على الفريسة هل هذا هو التغيير الذي وعدتنا به خطوة للأمام وخطوتان للخلف وعد وأمل ثم خيبة أمل تمتطي حمار أعرج أنجب لنا مولودا مشوها إسمه المادة 76 من الدستور رسمت طريقا ضيقا للسلطة لا يسع إلا واحدا فقط يسير فيه متخفيا متنكرا ظنا منه أننا لا نعرفه وليته يعرفنا كما نعرفه إذن لما كان في حاجة إلى التخفي ولقال لنا إنني أريد السلطة فحب السلطة والسعي إليها ليس عيبا ولكن العيب هو التخفي والإحتيال والتزوير في سبيل الوصول إليها.

كم أصابني الرعب والخوف على الوطن وأنا أرى خدام سوريا يوقع بسلطانها، ومبعث خوفي علمي بأنه إذا كان في سوريا الحبيبة خدام واحد ففي مصر خدم على إستعداد لبيع السلطان بل والوطن كله لإنقاذ أنفسهم وثرواتهم عند الحاجة وهم يصيرون مثل الكلاب المسعورة عندما تمس مصالحهم وأعتقد أن هذا هو سر عدم مساس السلطان بهم خوفا من أن يعقروه خاصة وأنهم يعلمون مواطن الضعف فيه ولذلك فإنه عندما يتخلص منهم يعطيهم دفعة إلى أعلا حتى تسكن الريح ويجردهم من أسلحتهم ثم يلقي بهم في سلة المهملات قبل أن يلقوه هم في غرفة الإعدام.

ما بال الغرب لا يجد ملعبا يمارس فيه هوايته في التدخل في شئون الآخرين سوى ملعبنا العربي، فإذا حاولوا اللعب في جنوب أفريقيا أشار إليهم زعيمهم مانديلا بكل إحتقار وإستهتار بهم إلعبوا بعيدا وإذا حاولوا اللعب في الكورية الشمالية لقوا الهوان ما يعيد إليهم ذكرى فيتنام فيهربوا وإذا حاولوا في إيران قوبلوا بالتهديد والوعيد ما يفقدهم شجاعتهم ويعيد العقول إلى رؤوسهم، أما في العالم العربي فحكامنا لا يوجد لهم غطاء شعبي ولذلك فإنهم عند التهديد يختبئون في الحفر كالجرذان وحتى إذا عاشوا في القصور فمعيشة الفئران يتحكم فيها حراسهم الذين تحولوا إلى سجانين بحجة توفير الأمن والأمان لهم وهل يشعر بالأمن من حرم غيره منه وهل يعيش في أمان من ملأ الأرض ظلما وطغيانا.

أخي في فلسطين الحبيبة، بالأمس القريب كنا نشفق عليك مما تعاني من الإحتلال الإسرائيلي، واليوم نحسدك على نجاحك في تحرير إرادتك رغم إستعمار بلادك فأنت الآن المستعمر الحر ونحن الأحرار المستعمرون، بلادك مستعمرة ولكن نفسك حرة أبية لم يستطع أحد أن يزيف إرادتها، أما أنا فبلادي غير مستعمرة ولكن نفسي محطمة وقلبي حزين مما يفعله بي أخي الطامع في السلطة الذي لا يريد حتى إشراكي معه فيها رغم أن أبانا واحد وأمنا مصر واحدة وهي تبكي من أجلي وتحزن عندما تراني مبعدا مذموما مهيض الجناح لا حول لي ولا قوة يفعل بي زبانية أخي الطامع في السلطة كل هذه الأفاعيل ولكن أخي في الحقيقة معذور فِإن التاريخ لا يعرف سلطانا تخلى طواعية عن السلطة إلا سوار الذهب ونيلسون مانديلا ولا أعتقد أن الزمان سيجود بمثلهما.

إسمحوا لي أن أهمس همسا خفيفا في أذن سلطان مصر قائلا إن الشعب يقارن بين ما حدث في إنتخابات مصر وما حدث في إنتخابات فلسطين الحبيبة وهو حزين لما حدث في مصر من ثكنات عسكرية تحيط باللجان الإنتخابية لمنع الناخبين من أداء واجبهم وحقهم في إختيار نوابهم وبلطجة تحت رعاية السلطة ترهب الآمنين وسكون وراحة وسلاسة أمام لجان الإنتخابات في فلسطين وإعتراف عالمي بنزاهتها حتى من الأعداء الحاقدين ثم إعتراف وتسليم من الأخ الفاضل المحترم سلطان فلسطين بنتائج الإنتخابات التي قالت لأمريكا إذهبي مع ملايينكم إلى الجحيم فإن الحرة تجوع ولا تأكل بثدييها ولا تبيع كرامتها ولو إلى حين.

تحية وتقديرا وإحترامنا لك أخي محمود عباس سلطان فلسطين المحتلة على هذه الروح الديمقراطية التي وضعتك وبلادك في مصاف البلاد المحترمة التي ترفع القبعة تحية لإرادة شعوبها رغم ما تعيش فيه البلاد والشعب من ظروف إستثنائية كان يمكن أن تكون مببرا لا يتوافر لغيرك في تزييف إرادة شعبك ولكنك أبيت وضربت مثلا لباقي الحكام العرب لعلهم يستوعبونه.

ثم أقول بأعلى صوتي لحكومتي الرشيدة أين حمرة الخجل من المقارنة بين ما كان يحدث في إنتخابات مصر وإنتخابات فلسطين.

حقا إذا لم تستحي فإصنع ما شئت

أما أنت يا شعب مصر الحبيب يا من تتطلع إلى غد أفضل تفك فيه أغلالك وتحرر فيه إرادتك وترفع فيه الوصاية عنك وأنت من ملأت الدنيا علما ونورا فإني أبشرك بغد قريب فتحقق فيه آمالك إذا أردت.

ذلك تيمنا بقول الشاعر:

إذا الشعب بوما أراد الحياة

فلابد أن يستجيب القدر

ولابـد لليـل أن ينجلـي

ولابد للقيد أن ينكسـر