الباحثون عن السقوط

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٢:٣٦، ١١ يونيو ٢٠١١ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات) (حمى "الباحثون عن السقوط" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الباحثون عن السقوط
توفيق الواعي.jpg

بقلم: د. توفيق الواعي

"إياك أن تكون نظيفًا في عصور الوحل، أو تكون مخلصًا في زمن النفاق، إياك ثم إياك"!!.

هذا ما قاله صاحبي يعظني به وينصحني، ويبصرني بعواقبه، فما أن رآني أستغرب حديثه حتى واصل كلامه، وقال: تصوَّرْ! السلطات في كل الدنيا تقيم رقابة وتنشئ مؤسسات تخصصية لتراقب الأوضاع وترشِّد الإنتاج، وتكون عونًا لأصحاب السلطة على اتباع الطريق الأصلح، وسلوك الضروب الأنجع، وتمنع التسيب والفوضى في الإنفاق، والإسراف والتبذير في مقدرات الأمة وأموالها، فتكون بذلك عينًا للحاكم على مراقبة ولاته ورؤساء رعيته، فيطمئن على سلامةِ المسيرة وصدق التوجُّه.

ثم يأتي إنسان أو تقوم سلطة تضرب بهذه التقارير والبيانات عُرْض الحائط، وتعمد إلى التستر على التجاوزات المقصودة، والأموال المنهوبة، ويطلب من الجهة التي سهرت آناء الليل وأطراف النهار لتنجز هذا العمل الضخم حتى يرى النور، ويكون مرآة لكل مصلح وعاملاً للأمة يطلب منها الصمت والمداراة، والعمى والتغاضي والنسيان.. ليس هذا فقط، بل ويتربص بها إن أصرَّت على قول الحقيقة، وتعاقب إذا تمادت في إظهار إخلاصها، وتُجرِّم إذا لم ترتدع عن غيِّها.

وحالة "جودت الملط" المسئول عن ديوان المراقبة والمحاسبة ظاهرة للعيان؛ حيث ضُغط عليه ليصمت عن التجاوزات فلم يصمت، وبذلت كل الحيل والتهديدات في تسفيره وإبعاده، فلم يُجْدِ ذلك نفعًا، فقال أحد الصحفيين والمراقبين لتطورات الأحداث: "لم يعد أمام الحكومة فرصة للتخلص من "جودت الملط" إلا أن تلفِّق له قضية مخدرات، أو يُضرب في عتمة الليل بلكمات بلطجية تستأجرهم.. أو تشويه سمعته باختراع علاقة بينه وبين فتاة ليل يسهل تجنيدها".

لقد وضعت الحكومة "أصابعها العشرة في الشق" كما يقولون، من ذلك القاضي الصوفي الزاهد المتقشف الذي لم يغيِّر سيارته المستهلكة منذ 15 سنةً، ولم يغير شقته الضيقة منذ 50 سنة، ولا يضارب في البورصة، ولا يملك "شاليه" في الساحل الشمالي، ولا يضع "جاكوزي" في حمَّام مكتبه، ولا يحتكم على قطعة أرض في "القطاميّة" التي تُذكره فقط بقريته التي وُلد فيها عام 1935 م، ولهذا لا يوجد عنده ما يمكن أن يُغاظ به أو يُتَّهم من أجله، إنه رجل عصامي لا يريد إلا الحق، وهو من زمانٍ بعيدٍ انقرض.. كان فيه للشرف قيمة، والعمل للمصلحة العامة فريضة، والحرص على مال الشعب ضريبة، والمنصب الرسمي وسيلة.. لكن ذلك في هذا العصر النكد وفي عُرف الحكومة جريمة.

لقد قرر رئيس جهاز المحاسبة أن يخرج من الدنيا كما دخلها، "ملطًا"، يكتفي بتربية أولاده الثلاثة تربيةً يفخر بها، يعلمهم الفضيلة، ويبعدهم عن الحرام، وإنسان مثل هذا الرجل العصامي يعيش على راتبه، ويأكل العيش المدعم، ويصرخ من جنونِ الأسعار، ويستأجر شقةً ضيقةً بجنيهاتٍ قليلة لا بد أن يفزع لضياعِ المليارات المهولة، والديون الحكومية التي أصبحت كالتلال بل الجبال، وتسيَّب الإدارات المستهترة.. لا بد أن يصرخ في وجوهِ الوزراء: "حرام عليكم تبديد أموال الناس وعرقهم ودمائهم.. حرام عليكم عجز الموازنة الذي زاد على ثلث حجمها.. حرام عليكم المصاريف السرية.. حرام عليكم، إن الناس شقَّت جيوبها من الجوع، وباعت أولادها لتأكل الخبز "الحاف".

لكن المشكلة أن أغلبية المتنفذين لا يسمعون، ولا يستوعبون، ولا يعانون، وهم مستريحون، مترفون، مستثمرون، غائبون، فاشلون، حاقدون، راكبون لظهور الناس، جاثمون على صدورهم.

ثم التفت صديقي إليَّ وحدَّق في وجهي وقال: هل رأيت لمخلص شكرًا، أو لمجتهد نصيبًا، أو لشريفٍ أمرًا؟!.

ثم واصل حديثه معي وقال: هل رأيت أمةً في العالم جسدها مشقوق، وجمعها مفروق: أي شعوبها في جانب، وسلطاتها في جانب، لا يتفقان في أمر، ولا يتَّحدان في وجهة، اقرأ إن شئت قرارات البرلمان العربي، وانظر إن أردت إلى ما تقوم به الحكومات العربية، من هرولة نحو "إسرائيل" حتى غدت "وليّ أمرنا"، ومسيِّرة أحوالنا!! هذا، وقد قرر مؤتمر البرلمانيين العرب:

1- قطع أي علاقةٍ أو اتصالٍ مع العدو الصهيوني والالتزام بأحكام المقاطعة العربية.

2- دعوة السلطة الفلسطينية إلى قطع الاتصالات مع هذا العدو.

3- دعوة الدول العربية إلى كسر الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني.

4- إدانة الإعلان الرسمي الصهيوني ليهودية ما يُسمَّى بـ"إسرائيل".

5- دعوة الأمين العام للأمم المتحدة للقيام بمسئولياته لوضع حد لكارثة الاحتلال.

6- تشكيل لجنةٍ من البرلمان العربي للتحقيق في جرائم الكيان الصهيوني، وعرض نتائجها على الجامعة العربية لتقوم بدورها.

7- دعم المقاومة الفلسطينية بمواجهة الاحتلال الصهيوني .

8- دعوة مجلس الأمن لتحمل مسئولياته.

9- الاتصال مع جميع المجموعات والهيئات الإقليمية والدولية لحشد الدعم لإنهاء الاحتلال العدواني الصهيوني على الشعب الفلسطيني.

هذا، وقد اعتبر البرلمان العربي جلسته مفتوحةً لمتابعة تطورات الأوضاع الفلسطينية.

فبالله عليك، أتستطيع حكومة من حكوماتنا اتخاذ مثل هذه القرارات؟ أو يستطيع اجتماع القمة العربية مجتمعًا القيام بمثل ما قام به ممثلو الشعوب؟ أم يستطيعون أن يقوموا بمثل ما قامت به "جميلة الشنطي" قائدة مسيرة الفلسطينيات إلى معبر رفح، حتى فُتح المعبر عنوةً، وتصاغرت "إسرائيل" ومن عاونها، و"السلطة العباسية" ومن ناصرها أمام بطولات النساء.. ألا فلا نامت أعين الجبناء!.

المصدر

قالب:روابط توفيق الواعى