الانتفاضة الثالثة.. رغبة شعبية تخطط السلطة لإجهاضها

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام

غليان شعبي ومظاهرات عارمة عمت الضفة الغربية والقدس، ومطالب بتصعيد تلك الأوضاع إلى انتفاضة شاملة لوقف جرائم الاحتلال بحق الشعب والمقدسات، إلا أنه يبدو أن السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس لها رأي آخر يرمي إلى امتصاص تلك الحالة ومنع تحولها إلى انتفاضة شاملة.

فمن تابع الإرباك الذي وقعت فيه قيادات حركة فتح والسلطة في الضفة الغربية بعد هبة الضفة نصرة للأقصى؛ والمظاهرات التي عمت الضفة، وفرحتها بعمليتي نابلس والقدس؛ يخرج بنتيجة أن حركة فتح أخذت خيارها بإجهاض الانتفاضة وتصريحات قيادتها فضحت تلك الرغبة؛ فالقيادي أمين مقبول قال إن التنسيق الأمني مستمر؛ وعباس دعا أجهزته الأمنية لتوفير الأمن للمواطنين؛ وهو ما يعني التصدي للانتفاضة.

سياسة امتصاص الغضب

عباس الذي خرج أمس ليدلي بأول تصريح له بعد ستة أيام من التوتر والمواجهات مع الاحتلال ومستوطنيه في الضفة والقدس، اعتبر قبل اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أن "الحلّ يجب أن يكون سياسياً وبالطرق السلمية".

ورغم تعالي الأصوات المنددة بتنسيق السلطة الأمني مع الاحتلال، والذي جعل البعض يتعامل مع الأمن الفلسطيني كشريك للاحتلال، إلا أن عباس وسلطته رفضوا وقف هذا التنسيق واكتفي عباس بالتأكيد على أجهزة الأمن بالعمل على امتصاص غضب الشارع، وترك بعض المظاهرات لكن دون السماح بقيام أية تظاهرة مسلحة.

وتؤكد مصادر أن عباس أدرك أن منع الأمن الفلسطيني للمتظاهرين من الوصول إلى نقاط التماس بالقوة، سيُشعل الوضع أكثر، ويجعل الغضب يرتد على السلطة الفلسطينية. بالتالي أعطى أوامره للأمن بالانتشار قرب نقاط التماس، من دون منع المتظاهرين من الوصول إلى نقاط التماس، بل الاكتفاء بالحديث معهم عن خطورة مواجهة الاحتلال"، لافتة إلى أن "هناك تأكيد أيضاً على عناصر الأمن، بمنع أي مظاهر مسلّحة أو إطلاق نار من قبل الناشطين نحو المستوطنات أو الحواجز العسكرية، وفي هذا الأمر لن يتهاون الأمن إطلاقاً".

ويرى بروفسور السياسة عبد الستار قاسم أن خيارات فتح محدودة في خيار مواصلة الالتزام بالاتفاقيات التي وقعت عليها، وأن غير ذلك غير وارد بالحسبان؛ وأن مخاوف الشعب في محلها.

وما يعزز رؤية قاسم هو الاجتماعات المتوالية التي عقدها أمس رئيس السلطة محمود عباس مع قادة الأجهزة الأمنية ومن ثم مع اللجنة التنفيذية، وجرى الحديث فيها بشكل واضح عن ضرورة وقف التصعيد، والتعبير عن الخشية من خروج الأمور عن السيطرة.


سلطة تجهض الانتفاضة

وينقل مواطنون كثر عن عناصر في أجهزة السلطة قولها ان الانفكاك من الاتفاقيات غير وارد وغير معقول خشية الثمن الكبير المتوقع دفعه؛ ويعزز المواطن شريف عامر من رام الله هذا بالقول: "لو كانت السلطة جادة بعدم الوقوف في وجه الانتفاضة وعدم إجهاضها لتوقفت عن الاعتقالات والاستدعاءات ولكنها في اليومين الأخيرين زادت وتيرتها".

ومما زاد من مخاوف المواطنين هو تحقيق أجهزة السلطة مع أحد أفراد خلية نابلس ومن ثم اعتقاله من قبل القوات الخاصة بعد ذلك بساعات من داخل أحد مستشفيات نابلس؛ ما عزز شكوك مواطني الضفة بمواصلة التنسيق الأمني وعدم تطبيق ما قاله عباس في خطابه في الأمم المتحدة.

ويقول المواطن عزيز مصطفى من نابلس: "خطاب عباس في الأمم المتحدة دغدغ عواطف الجماهير؛ ولكن الخطابات شيء والتنفيذ شيء آخر لا يقدر عليه عباس".

ويبرر قيادات من السلطة وحركة فتح في رام الله خلال النقاشات وكتاباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي بأن موعد خوض الانتفاضة الآن غير صحيح؛ كون العرب مشغولين بحروبهم الداخلية وأن ثمنها سيكون العودة لإغلاق الطرق وحجب أموال الضرائب.

اعتقالات واستدعاءات

بدورها تقول الطالبة عبير عمر من جامعة النجاح، إن التيار الشعبي في حركة فتح يريد انتفاضة، والدليل فرحتهم بتبني شهداء الأقصى بعملية نابلس، مع أن شهداء الأقصى ممنوعة بقرار من عباس، والاحتلال كشف عن أفرادها وبالاسم والجهة التي قامت بها؛ ولكن التيار المتنفذ في فتح والمستفيد يريد إجهاضها خشية تعرض مصالهم للخطر.

ويوم أمس قامت أجهزة السلطة باستدعاء العشرات من مختلف مناطق الضفة الغربية وخاصة من الأسرى المحررين المحسوبين على حركة حماس؛ حيث يقول المواطن خليل عبد الله من نابلس: "السلطة ماضية في التنسيق الأمني؛ والاعتقالات والاستدعاءات بالعشرات دليل ذلك؛ والانتفاضة يريد عباس ونتنياهو إجهاضها".

وترى أوساط سياسية ومحللون، أن "الهبّة الحالية، أو حالة الغليان المستمرة منذ بداية الشهر الحالي، قد لا تتطوّر إلى انتفاضة شاملة، بسبب انعدام الشروط الموضوعية لها، وهي غياب إرادة القيادة الفلسطينية بقيادة الشارع نحو انتفاضة شاملة.

ويعتبر الكاتب والمحلل السياسي أحمد عوض، في تصريحاتٍ صحفية أن "أزمة القيادة انكشفت أكثر في هذه المرحلة، وعلى السلطة أن تحسم أمرها بتأييد الانتفاضة أو رفضها، لأن سياسة الباب الموارب تُغضب الشعب الفلسطيني، ولن يرضى عنها الاحتلال أيضاً. لذلك يجب إقفال الباب الموارب بأسرع وقت ممكن". ويضيف عوض "لا يوجد قرار بكيفية تعامل السلطة مع الهبّة، وفكرة أن تحافظ السلطة على مسافة بينها وبين الهبّة، لم تعد مجدية أيضاً. وهناك ارتباك لدى القيادة يجب أن ينتهي".