الانتخابات المصرية والتجربة الهندية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٧:٤٣، ١٢ ديسمبر ٢٠١٠ بواسطة Rod (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الانتخابات المصرية‮ ‬والتجربة الهندية


بقلم:د/على السلمى

بدأت الأنباء تتسرب في‮ ‬الأيام القليلة الماضية لتمهد الساحة السياسية المصرية لمفاجأة تقديم الحكومة مشروع قانون الانتخابات الجديد إلي مجلس الشعب قرب انتهاء الدورة البرلمانية الحالية،‮ ‬والتي‮ ‬تنتهي‮ ‬في‮ ‬30‮ ‬يونيو المقبل،‮ ‬حتي‮ ‬يتم إقراره اعتماداً‮ ‬علي الأغلبية الميكانيكية للحزب الوطني‮ ‬في‮ ‬المجلس‮.

وتكتمل الرواية الشائعة بأن قراراً‮ ‬سوف‮ ‬يصدر بالدعوة إلي استفتاء شعبي‮ ‬لحل مجلس الشعب،‮ ‬ومن ثم تجري انتخابات تشريعية مبكرة قبل موعدها المحدد في‮ ‬2010‭.‬ والهدف من هذه المناورة السياسية علي ما‮ ‬يبدو أن‮ ‬يتحقق للحزب الوطني‮ ‬الديمقراطي‮ ‬عنصر المبادأة والمفاجأة ليتمكن من تحقيق فوز ساحق في‮ ‬الانتخابات حيث لن تستطيع أحزاب المعارضة والقوي السياسية التي‮ ‬تدخل الانتخابات عادة تحت راية المستقلين الاستعداد بشكل كافٍ‮ ‬لدخول تلك الانتخابات المبكرة،‮ ‬كما أن الحزب الوطني‮ ‬سيتمكن من حصد مقاعد المرأة التي‮ ‬سوف‮ ‬يستحدثها القانون الجديد حيث لا‮ ‬يتوفر للأحزاب المعارضة ولا للمستقلين عناصر كافية للتنافس علي تلك المقاعد‮.‬

وكعادة الحكومة في‮ ‬التعتيم علي مشروعات القوانين المهمة فإنه من‮ ‬غير المعلوم ما إذا‮ ‬كانت الانتخابات ستجري‮ ‬بنظام القوائم النسبية أو نظام الدوائر الفردية،‮ ‬وبذلك تكون القوي السياسية المختلفة في‮ ‬موقف لا‮ ‬يسمح لها بالاستعداد بالشكل الذي‮ ‬يتلاءم مع نظام الانتخابات الجديد‮.‬ وكانت الأحزاب السياسية قد طالبت قبل انتخابات‮ ‬2005‮ ‬بإجراء الانتخابات بالقائمة النسبية‮ ‬غير المشروطة حتي‮ ‬يمكن أن تكون الانتخابات بين برامج سياسية وليست علاقات فردية أو قبلية أو انتخابات‮ ‬يتحكم فيها المال والنفوذ وهو ما رأته الأحزاب أحد العيوب الرئيسية في‮ ‬الانتخابات الفردية‮.

إلا أن الحكومة لم تلتفت إلي تلك المطالب وأجريت الانتخابات بالنظام الفردي‮ ‬وبذات الجداول الانتخابية المعيبة،‮ ‬ولم‮ ‬يتح لأحزاب المعارضة ذات الفرصة التي‮ ‬أتيحت للحزب الحاكم في‮ ‬وسائل الإعلام والتي‮ ‬سيطر عليها كاملة منذ أكثر من نصف قرن‮.‬ ومن المعلوم أن النظام الانتخابي‮ ‬في‮ ‬مصر‮ ‬يعاني‮ ‬من عدم الاستقرار التشريعي،‮ ‬فقد أدخلت عدة تعديلات بقوانين علي نظام انتخاب مجلس الشعب،‮ ‬ففي‮ ‬عام‮ ‬1983‮ ‬تم إقرار نظام الانتخاب بالقائمة الحزبية والتمثيل النسبي‮. ‬ وفي عام‮ ‬1986‮ ‬صدر قانون بتعديل نظام الانتخاب علي أساس الجمع بين نظام القوائم الحزبية والنظام الفردي‮.

وفي‮ ‬المرتين صدرت أحكام من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية التعديلات التي‮ ‬أدخلت هذين النظامين وتم حل مجلس الشعب الذي‮ ‬تشكل في‮ ‬ظل نظام الانتخاب بالقائمة في‮ ‬عامي‮ ‬1984‮ ‬و1987‭.‬‮ ‬وتمت العودة إلي نظام الانتخاب الفردي‮ ‬في‮ ‬عام‮ ‬1990‭.‬ وحسب تقرير لبرنامج إدارة الحكم في‮ ‬الدول العربية التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي،‮ ‬تعتبر الانتخابات النيابية التي‮ ‬جرت في‮ ‬عام‮ ‬2000‮ ‬أكثر الانتخابات المصرية نزاهة في‮ ‬العقد الماضي‮.

وكان التصويت قد تم علي ثلاث جولات في‮ ‬الفترة الواقعة بين منتصف أكتوبر ومنتصف نوفمبر‮. ‬

وكانت هذه أول انتخابات نيابية في‮ ‬تاريخ مصر‮ ‬يشرف عليها القضاء،‮ ‬ولكن الإشراف القضائي‮ ‬علي الانتخابات ألغي‮ ‬بموجب التعديل الذي‮ ‬جري علي المادة‮ ‬88‮ ‬من دستور‮ ‬1971‮ ‬حسب التعديلات الدستورية التي‮ ‬أقرت في‮ ‬استفتاء عام في‮ ‬شهر مارس‮ ‬2007‮ ‬وبذلك انتهت قاعدة‮ " ‬قاض لكل صندوق‮" ‬ونقلت المادة المعدلة الإشراف علي الانتخابات في‮ ‬أكثر من‮ ‬34000‮ ‬لجنة فرعية إلي‮ "‬لجنة عليا‮" ‬،‮ ‬تضم أعضاء هيئات قضائية حاليين أو سابقين،‮ ‬وتشرف علي‮ ‬333‮ ‬لجنة انتخابية عامة فقط،‮ ‬فيما‮ ‬يشرف علي اللجان الفرعية موظفون حكوميون‮. ‬

وتتركز مطالب القوي السياسية الوطنية بشأن تطوير نظام الانتخابات في‮ ‬الأخذ بنظام القائمة الحزبية النسبية‮ ‬غير المشروطة سواء كانت القوائم حزبية خالصة أو قوائم من المستقلين أو قوائم مشتركة من أكثر من حزب أو من حزب وعدد من المستقلين‮. ‬وتطالب تلك القوي والأحزاب بتنقية الجداول الانتخابية ورفع سيطرة وزارة الداخلية عليها وربط الجداول ببطاقة الرقم القومي،‮ ‬والعودة إلي نظام الإشراف القضائي‮ ‬الكامل علي العملية الانتخابية،‮ ‬حيث‮ ‬يتولي قضاة المنصة فقط عملية الإشراف بدءاً‮ ‬من القيد في‮ ‬الجداول الانتخابية وحتي الفرز وإعلان النتائج‮ . ‬

كما تطالب القوي السياسية الوطنية بأن تتم الانتخابات بواسطة حكومة محايدة وليس حكومة الحزب الوطني،‮ ‬وان تعطي الفرصة لجميع الأحزاب في‮ ‬عرض برامجها بالإذاعة والتليفزيون والصحف القومية بشكل متساو وكف سيطرة الحزب الحاكم علي وسائل الإعلام القومية‮. ‬وبالطبع فإن إلغاء حالة الطوارئ‮ ‬يمثل مطلباً‮ ‬متكرراً‮ ‬لأحزاب المعارضة والقوي السياسية قبل إجراء أي‮ ‬انتخابات عامة‮.‬

ورغم أن مصر والهند بدأتا المسيرة الاستقلالية في‮ ‬الوقت نفسه تقريباً،‮ ‬إلا أن التحول الديمقراطي‮ ‬استمر ونضج في‮ ‬الهند لتتكون أكبر ديمقراطية في‮ ‬العالم علي حد وصف الإذاعة البريطانية،‮ ‬بينما تعثرت المسيرة الديمقراطية في‮ ‬مصر‮. ‬

وفي‮ ‬الوقت الذي‮ ‬تشهد فيه مصر تغييرات في‮ ‬النظام الانتخابي‮ ‬حكم علي بعضها بعدم الدستورية وتم حل مجلس الشعب مرتين نتيجة حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان الانتخابات،‮ ‬فقد استقر النظام الانتخابي‮ ‬في‮ ‬الهند‮ ‬وتجري‮ ‬الانتخابات التشريعية هناك في‮ ‬ظل حكم ديمقراطي‮ ‬يلتزم الشفافية طبقا للدستور الذي‮ ‬تم تطبيقه بداية من‮ ‬26‮ ‬يناير‮ ‬1950‭ ‬ويشهد العالم هذه الأيام دورة انتخابية جديدة تستمر شهراً‮ ‬كاملاً‮ ‬وتتم علي خمس مراحل بدأت‮ ‬يوم‮ ‬16‮ ‬إبريل الحالي‮ ‬وتستمر حتي بداية شهر مايو‮ ‬2009‭‬‮ ‬وتشرف عليها لجنة الانتخابات الهندية التي‮ ‬تم تأسيسها طبقا للدستور وهي لجنة مستقلة تماما‮ ‬يوكل لها مهمة الإشراف علي الانتخابات سواء العامة أو تلك التي‮ ‬يتم إجراؤها علي مستوي الولايات‮.

‬و‮ ‬يبلغ‮ ‬عدد جمهور الناخبين اللذين لهم حق التصويت في‮ ‬الهند حوالي‮ ‬714‮ ‬مليون ناخب تضمهم جداول الانتخاب التي‮ ‬يجري‮ ‬تنقيتها وتحديثها باستمرار وهي‮ ‬متاحة لجميع الأحزاب والمرشحين في‮ ‬صورة أقراص مضغوطة‮ ‬CD‭ ‬ يمكن لأي‮ ‬مواطن الحصول علي نسخة منها‮.

وتتم عملية التصويت في‮ ‬828804‮ ‬مراكز اقتراع منتشرة علي مستوي البلاد تستخدم فيها ماكينات الاقتراع الآلية بما‮ ‬يضمن عدم حدوث أي‮ ‬تلاعب في‮ ‬الاقتراع،‮ ‬حيث لا‮ ‬يتمكن أي‮ ‬شخص من التصويت أكثر من مرة أو في‮ ‬مناطق مختلفة،‮ ‬بالإضافة إلي سهولة نقل هذه الماكينات في‮ ‬المناطق البعيدة التي‮ ‬يصعب الوصول إليها أو التي‮ ‬يصعب لسكانها الانتقال إلي مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم،‮ ‬ويبلغ‮ ‬عدد الماكينات المقرر استخدامها في‮ ‬انتخابات هذا العام‮ ‬1‭.‬37‮ ‬مليون ماكينة‮.. ‬كما قامت لجنة الانتخابات الهندية بإصدار بطاقات انتخاب مزودة بصورة للناخب بغرض التحقق من شخصية المتقدم للإدلاء بصوته الانتخابي‮. ‬ والمؤكد أن التجربة الديمقراطية في‮ ‬الهند هي‮ ‬التي‮ ‬هيأتها للانطلاق الاقتصادي‮ ‬والعلمي‮ ‬وترسيخ مكانتها السياسية في‮ ‬العالم،‮ ‬وهو ما نصبو إليه في‮ ‬مصر المحروسة‮.


للمزيد

وصلات داخلية

كتب متعلقة

ملفات وأبحاث متعلقة

مقالات متعلقة

متعلقات أخري

وصلات خارجية

مقالات متعلقة

تابع مقالات خارجية

وصلات فيديو

.

تابع وصلات فيديو

.