الاخوان المسلمون وحركة فتح .. تأملات في المسار والمآل (1/2)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون وحركة فتح .. تأملات في المسار والمآل (1/2)


المقدمة

اتبع الإخوان المسلمون وحركة فتح مسارين مختلفين ، برغم ان اغلب من أسس فتح كانوا من شباب الإخوان المسلمين في الخمسينات، قبل ان يغادروها الى تأسيس تنظيم جديد ، بعدما رأوا ان رفع الإخوان لراية الإسلام سيستعدى الأنظمة العربية عليها ، مما يعطل مسار التحرير للأرض الفلسطينية .

بينما كان الإخوان المسلمون يرون ان مستقبل الصراع على فلسطين مرتبط بعملية التحول الإسلامي في المنطقة العربية ، وخاصة في دول الجوار .

ومثلما اختلفت النظرتان في كيفية حل القضية الفلسطينية ، اختلفت كذلك المسارات بين الحركتين (فتح وحماس) ، كذلك اختلفت المآلات بينهما ، فبعد ان تصدرت حركة فتح العمل الوطنى والنضالى لسنوات طوال بمساعدة النظام العربى الرسمي خاصة النظام الناصرى . استطاعت جماعة الإخوان المسلمين ان تنتزع تلك الصدارة من حركة فتح من خلال تأسيسها لحركة حماس .

فما هي مسارات الحركتين، والى اين انتهى كل مسار ؟

وايهما كان الاصوب والارشد في الاقتراب مع الحلم الفلسطيني بالتحرير ؟

مبررات تأسيس فتح

كان الدافع الأبرز في تأسيس مجموعة من شباب الإخوان الفلسطينين لحركة فتح بعد انفصالهم عن جماعة الإخوان ، هو الحفاظ على قضية (تحرير فلسطين) من ان يعطلها او يشغلها الصراع الدائر في مصر – حينذاك – بين عبد الناصر وبين الإخوان المسلمين .

فترك (انشط) الشباب جماعة الإخوان المسلمين ، واختاروا ان ينشئوا عملا جديدا بلافتة (وطنية فقط) وتحت راية تحرير (كامل التراب الفلسطيني). ودخلت بذلك حركة فتح عبر بوابة النظام العربى الرسمي الى العمل النضالى والفدائى .

بينما كان الإخوان المسلمون يرون ان حركة لتحرير فلسطين في ظل تلك الأوضاع (أواخر الخمسينات) امل كاذب ووهم خادع .. فلا الأنظمة العربية تملك قرارها السياسى حتى تكون داعمة لقضية تحرير فلسطين ، ولا الشعوب العربية تملك من الحيوية والوعى لكى تدعم تلك المقاومة او تجبر الأنظمة العربية على دعمها .

ثم سار كل في طريقه:

الإخوان المسلمون .. انكفاء هادف

فالإخوان المسلمون اختاروا السباحة عكس التيار ، فعندما كانت الغلبة للتيار الناصرى والقومى الذى كان يرى في دعوة الإخوان المسلمين عدوا استراتيجيا أولى بالمواجهة والحرب ، كَمَن الإخوان المسلمون ولم يخضعوا للنظام الناصرى ولا لاملاءاته . وامتدت تلك الفترة من (19541967) ..

ثم عندما حدثت الانفراجة بعد هزيمة 1967 ، أكملوا في طريق التربية والتكوين والاعداد الذى يمهد لعمل واسع يُعوض حالة الكمون تلك ، مستفيدين من الرصيد الضخم الذى تمتعت به الإخوان منذ تأسيسهم أواسط الاربعينات .

حركة فتح .. انطلاقة وقيادة

بينما دخلت حركة فتح في حالة من التوائم مع متطلبات النظام العربى الرسمي ، فتم تكوين منظمة التحرير الفلسطينية بناء على قرار صدر عن مؤتمر القمة العربي المنعقد في القاهرة بدعوة من الرئيس جمال عبد الناصر عام 1964م

والقاضي بضرورة إنشاء كيان فلسطيني جامع لك الفلسطينين ، فبادر الزعيم الفلسطيني أحمد الشقيري إلى عقد اجتماعات تمهيدية في الأقطار التي تضم تجمعات فلسطينية لاختيار ممثليهم إلى المؤتمر الوطني الفلسطيني الأول الذي عُقد في القدس في 28/5/1964 .

إقامة منظمة التحرير الفلسطينية

وفي ذلك المؤتمر والذى تم برعاية الملك حسين ومشاركة كل الدول العربية على مستوى وزراء خارجية باستثناء المملكة العربية السعودية ، تم اقرار "الميثاق الوطني الفلسطيني" والنظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وفي ختام أعماله أعلن احمد الشقيري يوم 2 يونيو 1964م ولادة منظمة التحرير الفلسطينية (ممثلة للشعب الفلسطيني وقائدة لكفاحه من أجل تحرير وطنه).

وعملت منظمة التحرير الفلسطينية على إنشاء بعض المؤسسات التابعة لها مثل جيش التحرير الفلسطيني، والإذاعة، ومركز الأبحاث، ومكاتب في معظم بلدان العالم، والاتحادات الشعبية الفلسطينية، والمجلس الوطني الفلسطيني .

قمة الرباط

ثم جاءت القمة العربية التي عقدت في الرباط عام 1974 كمنعطف تاريخي هام لمنظمة التحرير وللقضية الفلسطينية عموما ، فقد صدر قرار من القمة باعتبار "منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني". وهو ما أهلها لأخذ مقعد "مراقب" في الأمم المتحدة والتحدث باسم الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية.

وهكذا تسلمت حركة فتح قيادة الشعب الفلسطيني من خلال ترأسها لمنظمة التحرير الفلسطينية في شخص زعيمها ياسر عرفات ، فتوفر لها ما لم يتوفر لجماعة الإخوان المسلمين التي فارقتها ابان فترة القمع الناصرى لها .

فهل استطاعت حركة فتح تحقيق ما وعدت به جماهيرها ، وما فارقت من اجله جماعة الإخوان المسلمين ؟

العصف بالمعادلة القديمة .. هزيمة 1967

بهزيمة 1967 انكسر المشروع القومى الناصرى والذى كان معاديا بشكل استراتيجى لجماعة الإخوان المسلمين ، بل لاى خيار اسلامى سواء اخوان او غيره . فانفك بذلك اول قيد على حركة الإخوان المسلمين ، وبدأت تظهر كمنافس قوى لحركة فتح في الساحة الفلسطينية ..

العمل الفدائى

حدثت انفراجة في العمل الفدائى الفلسطيني بعد هزيمة 1967 حيث ضعفت بعدها قبضة النظام الناصرى التنظيمات الفلسطينية عامة الإخوان خاصة ، فشهدت الحدود الأردنية مع فلسطين المحتلة معارك الكرامة 1968 ، وشارك فيها بعض الإخوان – كرد فعل – فيما يبدو ، تحت راية فتح . الا انه مع بداية نذر المواجهة بين فتح وبين السلطات الأردنية ، انسحب الإخوان بهدوء كما دخلوا بهدوء ، فلم تكن من سياسة الإخوان المسلمين سواء في فلسطين او في الأردن الصدام مع الأنظمة العربية .

العمل بين الجماهير

تميز الإخوان المسلمون في التعامل مع الجماهير على حركة فتح في الداخل الفلسطيني عقب هزيمة 67 فبدأ العمل الاسلامى ينتعش في قطاع غزة وكذلك في الضفة الغربية بعد هزيمة 1967 ، حيث وجد الإخوان المسلمون تربة خصبة في طلاب المدارس الثانوية والإعدادية الذين أقبلوا بشكل ملحوظ على الحلقات المسجدية الإخوانية التي بدأت بالظهور في مختلف مساجد القطاع والضفة .

وتشكلت هذه الحلقات في بعض الأحيان بمبادرة إخوانية ، وفي أحيان أخرى بمبادرات ذاتية من عناصر شابة كانت تبحث في الإسلام عن إجابات للأسئلة الكبرى التي أصبح على الفلسطينيين أن يواجهوها بعد الهزيمة الفادحة .

العلاقة مع النظام العربى

كانت و لازالت ازمة التنظيمات الفلسطينية ، في وجود ارض عربية خصوصا في دول الطوق ، تدعم مقاومتها وصمود شعبها ، دون ان يخضع لشروط هذه الدولة او تلك .

علاقة حركة فتح والعالم العربى

تميزت العلاقة بين فتح (في اطار منظمة التحرير الفلسطينية) وبين العديد من الدول العربية بفترات من الشد والجذب بحسب انسجام المواقف السياسية لهذه الدول أو اختلافها مع توجهات الحركة ، اذ حاولت فتح إيجاد موطئ قدم لها لتمارس عملها المسلح من خلاله ضد الاحتلال الصهيوني لفلسطين ..

(1) الصدام مع النظام الاردنى

أغلب سنوات حكم الملك حسين شهدت العلاقة بين فتح والمملكة تأزما وصل في بعض الفترات إلى حد الانفجار كما حدث في الفترة 19701971 وهي الأحداث التي اشتهرت باسم أيلول الأسود . فالقوات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية كانت تعتبر السلطة الأردنية عائقا أمام مقاومتها للوجود الإسرائيلي ، في حين كانت تعتبر المملكة قوات المنظمة دولة داخل الدولة ، بل واتهمتها بالسعي لقلب نظام الحكم .

فحدث الصدام بين قوات منظمة التحرير الفلسطينية الموجودة بالأردن في سبتمبر 1970 وبين الجيش الاردنى ، نتج عنه 3440 قتيل منهم 1000 فدائى ! فضلا عن 18000 جريح .

لكن بعد توسط القادة العرب في قمتهم التي عقدت لهذا الشأن في القاهرة عام 1970 تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، تبعه خروج المقاومة الفلسطينية إلى لبنان

(2) التورط في الحرب الاهلية اللبنانية

ما إن استقرت منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان 1971 ، حتى اشتعلت الحرب الأهلية (19751976) وتورطت فيها فصائل المقاومة الفلسطينية ، وبدلا من أن يتوجه رصاص المقاومة إلى إسرائيل ، تم توجيهه إلى صدور اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين !

ثم اتخذت إسرائيل من وجود المقاومة الفلسطينية على الأرض اللبنانية ذريعة لاجتياح بيروت عام 1982 وتدمير البنية التحتية للمقاومة وفرض حصار شديد على أماكن تجمعها. وانتهت هذه الحرب بعد وساطات عربية ودولية بخروج 12 ألف مقاتل كانوا تابعين لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى سوريا وبعض الدول العربية الأخرى مقابل السماح لرئيس المنظمة ياسر عرفات ورفاقه بالخروج إلى تونس المقر الجديد للمنظمة.

(3) في تونس

استقرت منظمة التحرير الفلسطينية في تونس بعد أن نقلت إليها مقر الجامعة العربية في أعقاب توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979. ولم تسلم المنظمة من الاعتداءات الإسرائيلية فقصف الطيران الإسرائيلي مقرها عام 1985 واغتال رجال الكوماندوز الإسرائيليون اثنين من أبرز زعمائها هما صلاح خلف (أبو إياد) وخليل الوزير (أبو جهاد).

(4) غزو العراق للكويت عام 1990

تأثرت منظمة التحرير الفلسطينية سياسيا واقتصاديا بالموقف الذي اتخذه زعيمها ياسر عرفات والذي فسرته الكويت بأنه مؤيد للعراق في غزوه لها عام 1990 . مما أدى إلى نتائج وخيمة على المنظمة والفلسطينيين المقيمين في الكويت

وكانوا نحو ٤٠٠ ألف فلسطيني ، فمنعت دولة الكويت الدعم المالي الذي كانت تمنحه للمنظمة إضافة إلى طرد معظم العمال الفلسطينيين المقيمين على أرضها مما أثر ليس فقط على المنظمة ولكن على كل الفلسطينيين المقيمين داخل فلسطين والذي كانت مساعدات ذويهم العاملين في الخليج من أهم مواردهم .

فخسرت المنظمة بذلك دعما لوجيستيا وماديا خليجيا استمر لعقود ... هذه الاحداث جميعا أدت إلى أن تخسر حركة فتح جزء كبير من رصيدها لدى الشارع الفلسطينى . وازداد هذا التراجع منذ منتصف السبعينات . ولتصدق في حركة فتح ما توقعه الإخوان المسلمون عام 1960 حين قالوا بان مشروع حركة مثالى وغير واقعى ..

علاقة حماس والعالم العربى

برغم ان حماس تنتمى للإخوان المسلمين ، وهى الجماعة التي حظيت بأكبر قدر من الملاحقات الأمنية في مصر وسوريا وغيرهما ، الا ان حركة حماس استطاعت ان تتجنب الدخول في اى مهاترات يمكن ان تضر بقضيتها . ويمكن ان نضرب مثلا لذلك بعلاقة حماس بكل من مصر وسوريا ..

حماس ومصر

بينما ترى مصر ان الإخوان المسلمين هم عدوها الاستراتيجي الأول ، وخاصة بعد الانقلاب على الرئيس المصري محمد مرسي ، الا ان حركة حماس حافظت على لغة هادئة ومتوازنة تجاه النظام المصرى في مراحله المختلفة سواء ما قبل الثورة المصرية او في فترة الرئيس محمد مرسي او بعد الانقلاب العسكرى عليه .

وبرغم ان النظام المصرى قد وصم حركة حماس بالإرهاب بعد الانقلاب ، وذلك بحكم قضائى ! الا ان حماس حافظت على اتزانها امام النظام المصرى ، فلم تشأ ان تدخل في سجالات كلامية او معارك لفظية مع النظام المصرى .

وحدها صواريخ القسام وضرب تل ابيب ومدن الداخل الفلسطيني المحتل ، هو من أرغم النظام المصرى على تغيير التعامل مع حماس كما وضح بعد كل حرب كانت تخوضها المقاومة مع (إسرائيل) .

حماس وسوريا

كذلك لم تتورط حماس في اى سياسات عدائية مع النظام السورى الذى خاض معركة شرسة مع جماعة الإخوان المسلمين في سوريا في الثمانينات ، الى حد اصدار نظام الرئيس السابق حافظ الأسد قرارا بإعدام كل من ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا !

حافظت حركة حماس على سياسة هادئة ومتوازنة مع النظام السورى ، وابت ان تتورط كما تورطت فتح في معارك كلامية مع النظام السورى ، وكان استضافة النظام السورى لقيادات حماس فترة من الزمن دليلا على استقرار تلك العلاقة .

تغير في موازين القوى الإقليمية

طوال فترة الستينات كانت حركة فتح – من خلال منظمة التحرير الفلسطينية - تتصدر العمل الرسمي الفلسطيني وتتمدد داخل البيت الفلسطيني باعتبارها الممثل الشرعى الوحيد للشعب الفلسطيني .

بينما استطاع الإخوان المسلمون خاصة بعد هزيمة عبد الناصر 1967 ان يحتفظوا بنواة صلبة قوية ، كوّنوا بها حاضنة شعبية اخذت تتنامى تدريجيا وبهدوء ، من خلال عمل مجتمعى وتنموى وصل الى كثير من بيوت الفلسطينين ثم في المدارس والجامعات الفلسطينية لاحقا سواء في الضفة او في القطاع .

حرب 1973 .. خروج الإخوان الى العلن

ليحدث بعد تحول قلب الأمور كلها رأسا على عقب ، وتمثل ذلك في عودة الحرية الى مصر وخاصة بعد حرب 1973 ، فبدأت الحركة الإسلامية تنشط من جديد وبقوة ، وتصدر الإخوان المسلمون العمل الاسلامى بهدوء في مصر الدولة العربية الأكبر والمجاورة لقطاع غزة . وبذلك بدأت احد شروط النضال المسلح لدى الإخوان المسلمين تتحقق .

استمر تدفق الطلاب الفلسطينيين على مصر حتى نهاية السبعينات ، تحول الوضع الإخواني الفلسطيني في مصر تدريجياً إلى موقع تنظيمي بالغ الأهمية . تراخت قبضة الدولة المصرية على الإخوان المسلمين فى البلاد بشكل نسبي منذ ما بعد حرب أكتوبر 1973

وبدت أجواء مصر السياسية والفكرية أكثر ليبرالية مما كانت عليه في أية مرحلة سابقة منذ 1954 . وقد ساعدت أجواء الحرية النسبية تلك ، إلى جانب إطلاق سراح آلاف الإخوان المعتقلين ، على إعادة الحيوية لمصر الإسلامية ، وهو الأمر الذي أرخى بظلاله على التنظيم الإخواني الفلسطيني أيضاً .

حيث عاد الكثير من الطلاب الفلسطينين الذين كانوا يدرسون في الجامعات المصرية الى قطاع غزة او الضفة ، محملين بافكار الإخوان المسلمين ، وانتشرت كتب الإخوان في أوساط الشعب الفلسطيني بشكل كبير .

وكان خروج الإخوان المسلمون من السجون المصرية بعد عشرين عام ، له ابلغ الأثر في رفع معنويات الإخوان المسلمين في فلسطين ، وبدأ الكثير من الشباب الفلسطيني ينظر للعائدين من السجون المصرية على انهم ابطال نجحوا في معركة الثبات والصمود ، ولم يقدموا تنازلا ينال من إسلامية مشروعهم وعدالته امام النظام الناصري على شدة بطشه وقمعه للاخوان في كل الدول العربية التي طالها نفوذه تقريبا .

انتفاضة الشعب الفلسطيني

بعد هزيمة المشروع الناصرى وحلفائه ، وبعد خروج الإخوان المسلمين من السجون المصرية 1973 - 1974 ، بدأت تتغير كثير من الأمور في الداخل الفلسطيني فقامت انتفاضة في غزة 1987 ، ثم بعد ثلاثة سنوات قامت انتفاضة 2000 على اثر الزيارة الاستفزازية التي قام بها أرييل شارون المتورط في مجازر عدة بحق الشعب الفلسطيني من أشهرها مجزرة صبرا وشاتيلا 1982 .

استطاع الإخوان المسلمون ان يتفاعلوا مع تلك الاحداث ، ويبرزوا كقوة كبيرة في الشارع الفلسطيني ، وزاحموا بذلك حركة فتح التي لم تعد تحتكر الشارع وحدها . لتحدث بعد احتكاكات بين فتح وحماس في محاولة من فتح لمنع رصيدها من التراجع امام شعبية الإخوان المسلمين ، الذين استطاعوا ان يطوروا انفسهم الى حركة (حماس) التي وُلدت عملاقة بحكم انها امتداد لجماعة الإخوان المسلمين .

نظرة تقويمية

لعل ابرز ما يلحظه المراقب في دراسة الأداء السياسى والنضالى لحركتى حماس وفتح ، تلك السياسة المتميزة لحماس عن فتح في إدارة علاقاتها مع الجميع :

  1. استطاعت جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين في فترة (19541967) الحفاظ على نفسها من خطر سياسة الاستئصال التي اتبعها النظام المصرى الناصرى مع جماعة الإخوان المسلمين ، دون ان تتنازل الجماعة عن شيء من ثوابتها الإسلامية والوطنية .
  2. لم تكن سياسة الانكفاء في تلك الفترة سوى استراحة محارب ، استطاعت الجماعة بعدها بناء شبكة علاقات قوية لم تستطع حركة فتح نفسها ان تبنيها برغم كل ما تملك من قوة ومال وسلطة !
  3. تصدرت جماعة الإخوان المسلمين المشهد بقوة بعد زوال نظام عبد الناصر وعلى مدى السنوات العشر التالية له ، الى ان برزت كقوة أولى بعد الانتفاضتين الأولى (1987) والثانية (2000)
  4. تفوقت حركة حماس على حركة فتح في اتباع سياسة خارجية متوازنة مع النظام العربى ، بل مع العالم الاسلامى كله . سياسة لم تفقد معها استقلال قرارها السياسى في اشد سنوات الصراع سخونة مع الاحتلال الاسرائيلى .
  5. ادرك الشعب الفلسطيني ان هناك فرقا كبيرا في الأداء العسكرى والأداء السياسى كذلك بين حركة حماس (الإخوان المسلمين) وبين حركة فتح
  6. وبالجملة خسرت فتح بما اتبعت من سياسات منذ تأسيسها ، وكسب الإخوان المسلمون بحركة حماس ، بما عوضهم عن كل سنوات الكمون التي اُجبر عليها الإخوان المسلمون طوال فترة حكم عبد الناصر .