الاخوان المسلمون وأزمة الخليج

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
الإخوان المسلمون وأزمة الخليج


ازمة-الخليج.jpg


عبدالمنعم سليم جبارة

المقدمة

كثيرة هى تلك الحملات الاعلامية المغرضة

التى تحاول بين الحين والآخر طمس الحقائق وتغيير الثوابت , تلبيس الحقائق بزيف الباطل ..

لا شك أن من وراء هذه الحملات –معروفون لاصحاب الحق ,لأن سماتهم واضحة تدل عليهم , وأساليبهم الملتوية غالبا –ما تتكرر

– فهم لا يهتمون بصدق الحديث أو بكشف الحقائق بقدر ما يهمهم خدمة مصالح ضيقة وأنانية تخدم –فى المحصلة النهائية

– مصالح الاستعمار الجديد والقوى الاجنبية والعميلة التى تسير فى ركابه .. واهم ملمح لهذه الحملات , وأبرز صفة للذين يقفون ورائها هو التردد والاضطراب فما يكتبونه اليوم نقيضا لما كتبوه بالامس وغالبا هو عكس ما سيكتبونه بالغد ..

ولعل السبب الرئيسى – الكامن وراء ذلك –هو حرصهم على ارضاء أصحاب السلطان – الذين يملكون الذهب والسيف معا – واحوال هؤلاء –كما نعلم متقلبة – وأهوائهم لا تستقر على حال . هذه الحملات المغرضة الظالمة – توجه من خلال أجهزة اعلام واتصال واسعة الانتشار خطيرة التأثير , ذات امكانات هائلة فى التشويه ,

وأساليب متعددة فى تزيين الزيف والبهتان – يحتكر هذه الأاجهزة الهائلة ويسيطر عليها – فى التحليل الاخير – القوى الاستعمارية وعملاؤها السائرون فى ركابها فى مختلف بلدان المسلمين ...

ومن المنطقى والحال – هكذا – أن توجه هذه الحملات والسهام المسمومة الى تشويه مواقف ومبادىء وسياسات التيارات الاسلامية الراشدة وفى مقدمتها الجماعة الام " جماعة الاخوان المسلمين ".

وما فتأت هذه الحملات توجه بسهامها المسمومة واتهاماتها الباطلة – الى تلك الجماعة الراشدة – على امتداد تاريخها الطويل – سواء فى مبادءها أو ممارساتها وسياساتها , ولعل أحد أهم الأاسباب الكامنة وراء ذلك فى نظرنا – هو أن الذين يقفون وراء هذه الحملات

– شعروا وتيقنوا بمدى شعبية هذه الجماعة وقوة نفوذها , ومدى استجابة الشعوب الاسلامية لها – خاصة فى رؤيتها وسلامة تقديرها للامور .

وللحق أن ما اتصفت به مواقف الاخوان المسلمين واجتهاداتها السياسية العملية – من صدق وأمانة , وابتعاد عن الاهواء والمصالح الأنانية انما يرجع الى أنها ارتضت الله ربا , والاسلام دينا , ومحمدا صلى الله عليه وسلم –نبيا ورسولا

– وأيقنت بأنه حق عليها أن تلتزم بقوله تعالى " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " وبقوله صلى الله عليه وسلم :

" تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما أبدا كتاب الله وسنتى " واحساس هذه الدعوة بأن أمانة هذه الامة فى عنقها ,

وهى غاية منشودة ما دامت الحياة وانها تدرك أن سر قوة المسلمين أن يركنوا الى خالقهم , والى مولاهم الحق لا الى عدوهم البغيض ,

وأن يتمسكوا بحبل الله القوى المتين لا بأحبال الصهيونية والصليبية واستعمارها الماكر الحاقد , ايمانا منا بما جزم الله هز وجل " ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون "

فمن اجتهد أن تبنى عقيدته على الدين الخالص وينقى قلبه من كل هوى الا أن يكون هواه تبعا لحكم الله , وأن يبذل أقصى جهده ليزكى نفسه ويطهر يده ولسانه كان لزاما له اضمحلال الخطأ وكثرة الصواب , وقلة المزالق وفيض الرشد والتوفيق ,

وهكذا – نعتقد – أنه كان موقف الجماعة بفضل الله ورحمته ما دامت تبنى فقهها على أصول أهل السنة والجماعة وتدعوا من أعماق القلوب بأن يرشدها الى سواء السبيل .

وفى هذا الاطار جاءت فتنة الخليج الاخيرة وكان عدوان العراق على الكويت وما صحبه من شرور وآثام وبلايا – قل ان حدث مثلها فى تاريخنا

– فسيطرت العواطف والاهواء والمصالح على كثير من مواقف للانظمة والقوى والتيارات وغاب عنهم حكم الشرع والمبادىء والحق ..

رغم كثافة الشعارات والادعاءات , واستغل الاعداء – كما هو دأبهم – الحالة التى تمر بها أمتنا ليوسعوا شقة الخلاف , ويزيدوا التمزق والفرقة – كما ينهبوا فى النهاية الثروات ويستعبدوا الشعوب – فرأينا من مظاهر ذلك " محنة الافتاء "

اذ استبدت كل سلطة حاكمة – بجمع من الفقهاء يعملون تحت سيطرتها ورهن اشاراتها – فانهالت " الفتاوى " , وكثرت " المؤتمرات " ,

واحتار عامة المسلمين بين النقيض والنقيض حتى غم الامر , وكادوا لا يعرفون للاسلام حكما أو رأيا

وأيضا اغتنم أعداء الاسلام

– والسائرون فى ركابهم من أبناء جلدتنا – فسلطوا سهامهم على أصل الدين ولبه و فضلا عن العامالين والمتمسكين به

– فى محاولات مكشوفة لخلط الاوراق , وتزييف الواقع لتشويه صورة المخلصين منهم والقائمين بالحق .

وهكذا توالت بكثافة

– خصوصا فى الفترة الاخيرة

– مقالات لاشخاص هويتهم معروفة قلبوا الحقائق , وزيفوا الوقائع , وألبسوا الحق بالباطل , وبادروا برمى العاملين فى الحقل الاسلامى , وفى مقدمتهم جماعة الإخوان المسلمين

– بالتهم والسباب والشتائم , بل وافتروا عليهم من الوقائع والاحداث والاقوال التى يعلمون هم قبل غيرهم

– أنها كاذبة ومفتراة .

ولقد رأينا ابرء للذمة وايضاحا

– اصدار هذا الكتاب –وهو ليس على هؤلاء فهم بتاريخهم معنا فى التشويه أهون من أن نكلف أقلامنا مؤنة الرد عليهم –وانما هو "وثيقة " تسجل بايجاز – موقفنا , ولذا هو يعتمد أصلا على وقائع ثابتة مؤيدة بوثائق منشورة

– لا مجال الاختلاف حولها – تقطع بحقيقة موقف جماعة الاخوان ازاء عدوان العراق على الكويت , وما تلى ذلك من أحداث .

وكان لزاما حتى تكون الامور أكثر وضوحا

– أن نوضح المبادىء الشرعية السياسية التى تنطلق منها فى تحديد الموقف من أمثال هذه الاحداث – وهى مبادىء ثابتة , وأن نرجع للتاريخ قليلا الى الوراء

– لأن اليوم وجه الامس , ولأن محاولات طمس الحقائق امتدت الى ماض ليس ببعيد , فمن الضرورى – مثلا أن نرجع ولو اشارة موجزة الى الحرب العراقية الايرانية وموقف حلفاء الامس أعداء اليوم منها – وكذا

موقف الاخوان المسلمين ازاءها , وربما كان من الضرورى أن نعيد للاذهان موقفهم من حزب البعث , وموقفه تجاه القضية الاسلامية خاصة فى سوريا , ثم يكون الانتقال بعد ذلك الى مراحل أزمة الخليج وموقف الاخوان المسلمين فى كافة مراحله لنختم برؤية عامة حول هذا الموقف , والله نرجوا من وراء هذا العمل و وأن نكون قد أدينا الامانة نحو امتنا .اللهم قد بلغنا ....اللهم فاشهد وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

الفصل الاول

الاطار الشرعى السياسى الحاكم لموقف الجماعة من الاحداث

كان لجماعة الاخوان المسلمين رؤية شاملة تقوم على معالم وركائز واضحة جلية , استندوا عليها فى بلورة موقفهم من فتنة الخليج , كما كانت هناك الضوابط التى كفلت لهذا الموقف انحيازه للحق وترفعه عن الاهواء , وابتعاده عن الانشغال بالمعارك الجزئية والجانبية عن القضايا الكبرى المتعلقة بمصالح الامة بل ووجودها ذاته .

هذه الرؤية التى تأسست عليها مواقف الجماعة من الاحداث –هى نتاج تفاعل عاملين على درجة كبيرة من الاهمية والخطورة .

الاول : الشرع .

- فلقد ارتكزت مواقف الجماعة من الاحداث كافة على فهمها لشرع الله – عز وجل – من مصدريه الاساسيين " القرآن الكريم " , " السنة المطهرة " لرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم .


1 – تصريحات للمستشار –محمد المأمون الهضيبي المتحدث الرسمى باسم جماعة الاخوان المسلمين فى مقابلة مع التلفزيون الايطالى 25-9-1990 م , ومع التلفزيون الامريكى 12-2-1992 م , والواقع أننالم نرد الاطالة فى بيان حكم الشرع – من القرآن والسنة – فى القضية فى بعديها :

- العدوان العراقى على الكويت .

- مجىء القوات الامريكية – والقوات المتحالفة معها – الى الاراضى السعودية بحسبان أن هناك دراسات أخرى متخصصة تناولتها بالتأصيل الشرعى والفقهى .

وتحفل البيانات الصادرة عن الجماعة ببيان الاسانيد الشرعية لادانة ورفض العدوان العراقى على الكويت وما صحبه من اعتداءات كما تحمل فى نفس الوقت – وبعد تطور الاحداث – رفض الجماعة لوجود القوات الاجنبية فى المنطقة لآثارها المدمرة عليها .

والجدير بالذكر أن الفكرة التى تتضمنها هذا الكتاب سبق أن أكد عليها المستشار محمد المأمون الهضيبي فى تصريحه لجريدة الحقيقة القاهرية 8 سبتمبر 1990 م .


وهذا أمر واضح فى كل مواقف الجماعة – ليس فى هذه الازمة وحدها وانما فى كل الازمات التى تمر بنا – وهو أيضا أمر منطقى ومفهوم فالجماعة تحتكم فى كل مواقفها الى كتاب الله –عز وجل –وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

والذى يطالع البيانات الصادرة عن الجماعة من أول يوم – حتى وقبل بداية الازمة – يلحظ ذلك واضحا فى التحذيرات والنصائح التى أطلقتها الجماعة , والتكييف الذى قدمته للوقائع كافة والأاحداث فى كافة جوانبها وأبعادها .

الثانى : الواقع .

وكما صدر رأى الإخوان وموقفهم ازاء أزمة الخليج من خلال اجتهاد يرتكز على أساسه الشرعى , فانهم قد وضعوا عددا من الاعتبارات الواقعية فى حسابتهم عند تحديد مواقفهم , هذه الاعتبارات ترجمة للممارسة السياسية الواعية وحصيلة الخبرات التى اكتسبتها الجماعة – على مدى سنوات عمرها – وفى مواجهة المواقف والشدائد , ووقوفها وانحيازها الدائم الى


2- راجع سلسلة البيانات الصادرة عن جماعة الإخوان المسلمين "13بيان" والتى صدرت فى مراحل الازمة المختلفة – منذ البيان الاول " حول الخلافات التى نشبت بين العراق الشقيق والشقيقتين الكويت والامارات " بتاريخ 25-7-1990 م حتى البيان الاخير .

وراجع مقالات الاستاذ مصطفى مشهور – نائب المرشد العام للاخوان المسلمين – فى جريدة الشعب المصرية خاصة المقالات التالية :

- هذه ثمار القومية " 28-7-1990=" .

- " ازمة الخليج .. الاعتدال وتحرى الحق 25-9-1990 م "

"شعوبنا لا تملك قرارها .. لماذا ؟ وحتى متى ؟ يوضح فيه احد الاسباب الجوهرية – من وجهة نظر الجماعة – والتى قادت الى تفجر حرب الخليج والعدوان العراقى على الكويت " وهى الدكتاتورية والاستبداد والانفرادبالقرار واستعباد الشعوب "

- هذه الازمة الداء والدواء بتاريخ 27-11-1990"أزمة أمتنا الاسلامية بين الحل الدائم والحل السريع بتاريخ 8-1" السنن الربانية وازمة الخليج بتاريخ 5-2-1991 م وكلها تتناول ازمات الامة مع التركيز على أزمة الخليج – وكيفية حلها حلا اسلاميا "


جانب الحق والعدل .. ومن ثم يخرج موقف جماعة الاخوان المسلمين فى النهاية مرتكزا على الشرع فاقها للواقع الموضوعى بجميع جوانبه وأبعاده , وأهم مفردات الواقع التى حددت موقف الاخوان المسلمين فى اطار فهمهم الشرعى ما يلى :

أولا : الاخوان المسلمون والنظام البعثى فى العراق .

- للإخوان المسلمين موقف واضح من النظام البعثى فى العراق – يندرج فى اطار موقفهم من كل الانظمة الرافضة لتطبيق شرع الله , والمحاربة لدينه فى بلدان المسلمين – يزيد على ذلك أن النظام العراقى قد أعلن أكثر من مرة – فى بياناته وتقاريره الحزبية – عداءه للاسلام وللحركة الاسلامية : سجل ذلك فى أكثر من موقف وموضع :

" ان من الخطأ التصور أن الظاهرة الدينية السياسية فى العراق هى فقط ظاهرة مرتبطة بالمذهب الجعفرى , بل هى ظاهرة موجودة فعلا بين أتباع المذهب السنى الذين يقفون كأقرانهم عصابة ضد الحزب والثورة وان النضال ضد هذه الظاهرة يجب أن يستهدفها حيثما وجدت "

- ولقد ترجم النظام البعثى فى العراق عداءه للاسلام وللحركة الاسلامية فى التصفيات والاعدامات العنيفة التى مارسها ضد الدعاة والمفكرين الاسلاميين – والاخوان المسلمين منهم على وجه الخصوص – كما أصدر عديدا من أجكام الاعدام عليهم خارج العراق .

ولم يقتصر عداء صدام للحركة الاسلامية والاخوان المسلمين , بل انه مارس حرب ابادة وتصفية ضد الاكراد فى شمال العراق , واستعمل فى ابادتهم كافة الاسلحة المحرمة دوليا و وقد طالب الاخوان المسلمين فى وقت

3- من تقرير المؤتمر القطرى التاسع لحزب البعث العراقى 1982 .

كانت فيه الأنظمة والقوى العربية تؤيد وتمجد صدام حسين وعلى صدر صفحات " لواء الاسلام " بمحاكمته" ك مجرم حرب على جرائمه فى حق الأكراد المسلمين .

ولم ينخدع الاخوان المسلمين – كما انخدع غيرهم – بالشعارات التى رفعها صدام حسين قبيل اقدامه على غزو الكويت فلم يباركوا خطواته كما فعل غيرهم .

ولذا كان من المنطقى لجماعة هذه رؤيتها لنظام البعث فى العراق – وقبل ذلك بحكم رؤيتها للشرع الحنيف – أن يكون موقفها المبدئى هو رفض الغزو العراقى للكويت وادانته وما سبقه صاحبه من شعارات زعم من خلالها أن اجتياحه للكويت كان لاستعادة جزء من العراق أو تحقيق خطوة على درب الوحدة .

خاصة وأنه وعلى لسان رئيسه قد أعلن فى المجلس الدائم للمحامين العرب والذى انعقد فى بغداد فى نوفمبر سنة 1988 أى قبل الغزو :" ان العراق ينتقد كل من يقول أن له خصوصية على القطر الفلانى تسمح له بالتدخل فى شئونه أو باحتلاله عسكريا يقصد سوريا ولبنانوالعراق يقول على العكس


4- لم تشارك الجماع فى أى مظهر من مظاهر الياييد والحشد التى كان يلجأ اليها صدام حسين لشراء ذمم ومواقف القوى الشعبية والقيادات السياسية الفاعلة , والذين سافروا لمثل هذه الامور لم يكونوا بتفويض من الجماعة ولم يتحدثوا باسمها .

5- زاجع مقالة المرحوم الاستاذ صلاح شادى , لواء الاسلام عدد 14 بعنوان " مأساة خليجية " الصادر فى يونيو 1988 م – ذى الحجة 1408 ه والتى تطالب فيها بمحاكمة صدام حسين باعتباره مجرم حرب .

طالبت الجماعة فى أول بيان أصدرته بضرورة انسحاب العراق من الكويت وكان ذلك بندا ثابتا واضحا فى جميع بياناتها وتصريحاتها وقد نشرت جريدة الانباء فى 30 -8- 1990 م تأكيد الجماعة ممثلة بمرشدها العام الاستاذ محمد حامد أبو النصر على ثبات رأيها بصدد ادانة الغزو العراقى للكويت

وأوردت صحف الاهرام ,الجمهورية و الاخبار , الوفد , نبأ لقاء السفير العراقى – بناء على طلبه – بالمرشد العام للجماعة على ضرورة انسحاب العراق من الكويت وعودة الحكومة الشرعية .

من ذلك أنه اذا كانت هذه الخصوصية موجودة فيفترض أن تكون علاقته القائمة على الجوار والمحبة والتفاعل معه فى العلاقة الصحيحة , وليس الحالة المعاكسة و وأن التدخل المسلح عن طريق الجيوش لا يجعلنا على الاطلاق أمة واحدة فى التصرف والعمل , والعراق يعلن أن العربى لا يجوز له اطلاقا احتلال قطر عربى آخر ومن المحرمات مثلا أن يوافق العرب على أن يضرب العربى بالسلاح "

كما أن النظام العراقى فى بغداد سنة 1990 م ومن خلال خطاباته ومذكراته الى الجامعة العربية قصة خلافه مع الكويت والامارات وأن مرجعها الى ضخ مزيد من البترول أدى الى هبوط الاسعار كما أن الكويت قد استنزفت جزءا من بترول الرملية على الجانب العراقى من الحدود وأن الكويت تطالبه بسداد قروض لديه هى فى الأصل مساعدات كان يجب أن تقدمها الكويت ودول الخايج له نظير وقفته فى الحرب ضد ايران وصده عن الكويت والخليج "الزحف المجوسى "

اذا فاهداف النظام العراقى كانت واضحة ومحددة وعلى لسان رئيسه ومن خلال خطاباته ومن هنا أدرك الاخوان المسلمون زيف ادعاءات صدام وأطماعه الحقيقية , وأهداف من دفعوه لاحتلال وغزو الكويت فادانوه ورفضوا هذا العمل من أول لحظة

وفى هذا الاطار فان الاخوان المسلمين – وهم من دعاة الوحدة –يرون أن الوحدة بين الشعوب العربية والاسلامية لا تأتى من خلال غزو الشعوب بجحافل الجيوش وترويع الآمنين وملاحقة الأبرياء وانتهاك الحرمات , انما للوحدة فى اطار الاسلام خطواتها وسبلها ومراحلها التى توحد ولا تفرق , وتجمع ولا تشتت , وقبل كل شىء لا تنبع الا من ارادة ورغبة الشعوب الحرة .

وقد رأت الجماعة أن النظام العراقى بغزوه للكويت قد فتح الباب واسعا أمام التدخل الأجنبى السافر فى المنطقة , وقدم أكبر خدمة للكيان الصهيونى الغاصب لمزيد من التمدد والتغلغل فى المنطقة ولذلك كان من أول مطالب الجماعة ضرورة الانسحاب العراقى من الكويت وتسوية الخلاف بالطرق السلمية .

ثانيا : رؤية الاخوان المسلمون للنظام الدولى وتطوراته :

للاخوان المسلمين رؤيتهم الواضحة للنظام الدولى – فى كافة أشكاله وصوره : التعددية أو الثنائية القطبية أو الاحادية الامريكية الحالية , هذه الرؤية صاغتها التجربة المريرة التاريخية والحالية للعالم العربى والاسلامى مع الاستعمار الغربى بشتى أشكاله

– وبخاصة الاستعمار الامريكى – كما بلورها ويبلورها الواقع العربى الاسلامى الذى يؤكد أن النظام الدولى ليس الا تجسيدا لأوضاع الظلم والهيمنة التى تفرضها القوى الكبرى عليه , فهى وراء كل ما يقع ويقع عليه من نهب لثرواته , وتجزئة لكيانه , والغاء لخلافته , واشعال للفتن والحروب على ساحته , واحتلال لاراضيه , وتشريد لشعوبه , ومحاولات مستمرة لاختراق جدرانه .

ومن هذه البداية أدركت الجماعة أن الاختلافات بين المعسكرين الشرقى والغربى ليست عميقة , وأن مصيرها سيكون المواجهة مع الحركة الاسلامية , يقول الشهيد سيد قطب "

....لا يخدعنا أن نرى الصراع قويا وعنيفا بين كتلتى الشرق والغرب فكلتاهما لاتملك الا فكرة مادية عن الحياة , وكلتاهما لا تتنازعان على مبدأ أو فكرة .. انما تتنازعان النفوذ فى العالم .. أما الصراع الحقيقى العميق فهو بين الاسلام وبين الكتلتين الشرقية والغربية جميعا ..

وهما يدركان هذه الحقيقة .. ويعملان معا .. على سحق حركات البعث الاسلامى فى كل مكان .. وهذا ما ينبغى أن يدركه الداعون الى الله "

وسياسات الغرب وواقع علاقاته مع العرب والمسلمين ونهج ثقافته ونمط تدخلاته فى شئونهم وعلى مدى قرون الزمان تؤكد كلها أن الغرب هو العدو الحضارى للمسلمين يأبى الا أن يفرض نمط حياته وتقاليده رافضا أى نمط للتعايش مع حضارة الاسلام ,

ساعيا بكل جهده وطاقته وكافة امكاناته للحيلولة بين العالم الاسلامى وممارسته لدوره على الساحة العالمية بل على ساحته نفسه , فهو يأبى الا أن يضع نفسه فى موضع السيادة ةالاخذ والافادة , أما الآخرون فهم فى موضع التبعية والبذل والعطاء .

وهذه الرؤية بلورت وتبلور مواقف جماعة الاخوان المسلمين ازاء الوجود الاجنبى وأيضا ازاء المحاولات الاجنبية المتواصلة لاختراق الساحة وفرض مزيد من الوجود لاحكام النفوذ والسلطان , وتفريعا على هذه الاسس :

نادى الاخوان المسلمون بالجهاد سبيلا لتحرير كل شبر مغتصب من الأرض , ونادوا بالوقوف فى وجه كل محاولة جديدة لاحتلال جديد , وضرورة سد كافة الثغرات والمنافذ أمام الاجنبى للتسلل أو التدخل , وذلك من خلال تصفية أى خلاف فى الاطار العربى والاسلامى .

كما نادى الاخوان أيضا بضرورة السعى الجاد لتحقيق الوحدة التى تلم الشمل وتؤكد الكلمة , وتؤكد هوية الامة وتنهض بها لتحقيق دورها ورسالته , وهذا يتطلب بالطبع الاسراع فى تشكيل الاجهزة كافة والمؤسسات التى تحقق ذلك الهدف الكبير ..

عسكرية أو اقتصادية أو تعليمية .

وفى هذا الاطار نفهم أحد الاعتبارات الهامة والتى لها شأنها فى بلورة مواقف الاخوان المسلمين من الاحداث والتطورات ومنها موقفهم المبدئى من الاستعمار بشتى أشكاله وألوانه . ورفضهم التام لأى تدخل أ وجود أجنبى على الساحة العربية والاسلامية من الحيز النظرى الى حيز التنفيذ والتطبيق فى أكثر من جهة وأكثر من قضية .

ففى 1936 وبعد ثمانى سنوات من تشكيل الجماعة بدا الاخوان المسلمون دورهم الجهادى فى فلسطين ضد الاستيطان اليهودى والاستعمار الانجليزى وبالمال والسلاح والنفس وعلى مدى الثورات والانتفاضات التى التهبت بها أرض فلسطين وحتى 1948 م بل وبعد سنة 1948 م

وقيام الكيان اليهودى لم يدخر الاخوان المسلمون وسعا فى دعم هذه الثورات أو ارسال المتطوعين للمشاركة فيها ويبقى دورهم فى حرب 1948 واحدا من الأدوار التى تصور وتجسد حقيقة مفهومهم للجهاد وبكل ما يملكون لتحرير الارض وطرد الاستعمار واقتلاع جذور الاستيطان

وفى 1951 م وفى أعقاب الغاء معاهدة 1936 م حملت جماعة الاخوان المسلمين السلاح ووضعت الأرواح على الأكف ورجالها يتوجهون الى مدن القتال والتل

ا لكبير لمواجهة معسكرات الاحتلال البريطانى لمواجهة معسكرات الاحتلال البريطانى ..

كما أنه فى أعقاب الحرب الثانية آوى الاخوان المسلمون فى مركزهم العام ومختلف دورهم عديدا من قيادات الحركات التحررية العربية والاسلامية فى الشرق والغرب , ولم يبخلوا عليها بشتى أنماط الدعم والمساعدة وذلك لشد أزرها فى مواجهة الاستعمار واقتلاع جذوره ,

كما أن مساعدة الاخوان المسلمين ودعمهم لثورة الجزائر وعلى أكثر من صعيد صارت حقيقة يعرفها كثيرون .

خلاصة القول أن الاخوان المسلمين حاربوا الاستعمار وما زالوا على موقفهم من الاستعمار يرفضون كل تدخل أجنبى فى أى شأن من شئون العرب والمسلمين ولا يتوانون عن ادانة واستنكار أى موقف أو تصرف يؤدى الى افساح المجال أمام الأجنبى ليتدخل فى شئون وأمن ومصير العرب والمسلمين .

ثالثا : رؤية الاخوان المسلمون للأهداف الأمريكية فى المنطقة :

للاخوان المسلمين رؤية تتمتع بنوع من الثبات للأهداف الأمريكية فى العالم العربى الاسلامى تقوم على أن الولايات المتحدة الامريكية ورثت الاستعمارين البريطانى والفرنسى مع انتهاء الحرب العالمية الثانية وخروجها منها ظافرة منتصرة تملك من القدرات والامكانات ما يؤهلها لقيادة الغرب ,

وحمل لواء الاستعمار الغربى وضمان استمرار المصالح الغربية عامة والمصالح الأمريكية خاصة فى المنطقة , ومن خلال سياسة أمريكية جديدة تواكب وتلائم مرحلة وأجواء ما بعد الحرب .

فبالاضافة الى أن أمريكا أعلنت وعلى لسان رئيسها السابق – ترومان – أن إسرائيل تمثل حجر الزاوية فى السياسة الأمريكية فى المنطقة فانها فد مضت ومن خلال مسارات جديدة وأساليب جديدة فاقت اساليب الاستعمار البريطانى والفرنسى السابقين على طريق احكام السيطرة على الأعناق والأرزاق فى المنطقة , وكان من بين هذه الأساليب

وما زال زرع ودعم النظم الدكتاتورية والانقلابات العسكرية وتهميش دور الشعوب مع الحرص على التواجد العسكرى الذى يخدم السياسات ويبقى رهن تنفيذ الأدوار المطلوبة والخطط الجاهزة فى منطقة تتميز بموقعها وخطوط مواصلاتها ومواردها خاصة بترولها .

لقد أكد صانعو ومنفذو السياسة الامريكية على خطوطها العريضة وعلى مدى سنوات بشكل يكاد يحدد ملامحها وابعادها فى نفس الوقت يبرز أخطارها .

ففى تقرير " لمورفى " وكيل الخارجية الامريكى السابق لشئون الشرق الأدنى فى 1987 أمام لجنة العلاقات الخارجية فى الكونجرس الامريكى :

تقوم بين إسرائيل وأمريكا علاقات فريدة وغنية ترتكز على قيم ومصالح مشتركة تقوى روابطنا التقليدية التى نثق أنها ستستمر قوية ووثيقة :

ان القوة العسكرية والعافية الاقتصادية ستمنحان إسرائيل ثقة بنفسها لمواصلة السلام .لقد أصبحت المساعدات الأمريكية الخارجية جزء لا يتجزأ من سياستنا من أجل الدفاع عن مصالحنا القومية وتعزيزها .

وقبل بضعة أسابيع قال شولتز وزير الخارجية :

نعمل مع أصدقائنا وحلفائنا عبر العالم واننا نسعى وراء أمننا القومى ومصلحتنا الاقتصادية وهذه حقيقة على نحو خاص فى منطقة الشرق الأدنى وجنوب آسيا حيث يرتكز عدد من مصالحنا الأمنية والاقتصادية والحيوية .

ان الشرق الأوسط وجنوب آسيا منطقة تخلق فيها التوترات الاقتصادية والتغييرات الاجتماعية ضغوطا على الاستقرار , والولايات المتحدة لا تغذى أى وهم بشأن قدرتها وحدها على حل هذه النزاعات والتوترات أو حماية المصالح الامريكية حماية وساعدتنا تعتمد بعناية من اجل دعم أولئك الأصدقاء الذين يشاركوننا اهتماماتنا .

وبمساعداتنا لصدقائنا وبالتمويل الاقتصادى والعسكرى من أجل حماية أنفسهم بصورة أفضل فانما نحن نعزز أمننا الخاص ,

فى منطقة الشرق الأوسط التى تلتقى فيها عدة مصالح حيوية لأمريكا استراتيجية وسياسية واقتصادية , اننا نعمل من أجل تدعيم الاستقرار فى منطقة ذات أهمية استراتيجية كبرى بالنسبة لواشنطن .

وبعد ثلاث سنوات على تقرير " مورفى " فى الكونجرس وبعد شهر من غزو العراق للكويت والتدخل الاجنبى فى الخليج قال جيمس بيكر وزير الخارجية الامريكى أمام لجنة الشئون الخارجية فى الكونجرس الأمريكى :

" ان تحالفنا اقليميا فى المنطقة العربية صار مطلوبا وضروريا والمطلوب الآن هو اعادة النظر فى البنية الأمنية للمنطقة "

كما أكد بيكر أهمية مشاركة أمريكا فيها , وعلى أهمية وجود عسكرى أ مريكى مستمر من خلال تمركز قوات بحرية وبرية مع أهمية العمل مع الدول الصيقة من أجل قيام نظام أكثر ديمومة فى المنطقة " والهدف الابرز لسياسة أمريكا ازاء مستقبل المنطقة هو قيادة العالم نحو تسوية فى الشرق الأوسط " .

وحديثى مورفى وبيكر فى 87 , 1990 / هما امتداد لحديث لجورج بول وكيل الخاريجية الأمريكية فى بداية الستينات حين حدد أهداف السياسة الأمريكية ازاء المنطقة فى :

1 – ضمان أمن واستقرار إسرائيل .

2 – ضمان المصلحة الأمريكية والغربية فى المنطقة .

3 – تطوير المجتمعات .

4 – ضمان خطوط المواصلات .

5 – الحيلولة دون أى خطر يهدد المنطقة أو يهدد المصالح الغربية .

معنى هذا أنه ليس ثمة تغيير فى السياسة الأمريكية ازاء عالمنا العربى والاسلامى انما الجديد والتجديد فى الأساليب التى تضمن انتهاز الفرص أو تهيئة الفرص لتنفيذ ما يلائم أجواء وظروف ومستجدات التسعينات .

وهو أمر أدركه الأخوان المسلمون بحسهم ومتابعتهم ورصدهم , وأيضا من خلال خلفية تاريخية ملمة ببزوغ الدور الأمريكى وظهور وتطور وتطزير الكيان اليهودى وأيضا بتطورات الأحداث خلال الفترة التى أعقبت نهاية الحرب الثانية وحتى قيام النظام العراقى بغزو الكويت .

الخلاصة :

لقد أسهمت رؤية هذه القضايا الثلاث " النظام البعثى , النظام الدولى وتطوراته , الأهداف الأمريكية فى المنطقة " فى اطارها الشرعى المستمد من القرآن والسنة المطهرة فى بلورة مواقف جماعة ألإخوان المسلمين

– كما عبرت عنها البيانات الصادرة عن المرشد العام للجماعة , أو تصريحات المتحدث الرسمى باسمها , أو كتابات الأستاذ مصطفي مشهور و د . أحمد الملط أو غيرها من الكتابات المعبرة عن سياسات الجماعة ... الخ

– وهو الامر الذى سيتضح فى الفصول القادمة من هذا الكتاب .

الفصل الثانى

منذ البداية كان الاخوان المسلمين موقفهم الواضح الثابت – والذى قلنا أنهم يرتكزون فيه على الشرع ومن خلاله يفهمون الواقع المعاش

– ومن هنا كان موقفهم الساعى لاحتواء الازمة فى طور نشوبها , ثم مطالبة العراق بالانسحاب من الكويت بعد اقدامه على غزوها .. وكان ذلك الأمر المحور الأساسى الذى عليه موقفها فى هذه الأزمة

– كما سيتضح :

أولا : موقف الاخوان فى بداية الأزمة

1- الوقوف ضد التصعيد اللفظى للتهديد :

وفى اطار هذا الفهم ومن خلال هذه الرؤية كان بيان الاخوان الذى أصدره فضيلة الأستاذ المرشد العام فى الخامس والعشرين من يوليو 1990 م معبرا عن حسهم السياسى وخبراتهم وتجاربهم وتعاملهم مع الأحداث , بعد أن رصدوا وأحسوا أبعاد ومخاطر التوتر الذى أصاب العلاقات العراقية والخليجية عامة ,

والكويتية خاصة فى أعقاب انهاء الحرب العراقية الايرانية , وبعد أن لمسوا ارتفاع حدته من خلال البيانات والرسائل العراقية الرسمية سواء أمام مؤتمر قمة بغداد أو الى الجامعة العربية فى يوليو سنة 1990 م .

من أجل هذا أكد البيان على فزع أبناء الامة ازاء الخلاف الذى نشب بين العراق والكويت والامارات , كما أقلقهم حدة اللهجة فى البيانات العراقية الرسمية , وطالبوا بضرورة تسوية هذا الخلاف قبل أن يتسع مداه وفى الاطار العربى والاسلامى , وألايسمح بأى تدخل أجنبى فى الشئون العربية , كما أكد البيان " أن اتساع رقعة الخلاف لن يفيد الا الأعداء


– وخاصة العدو اليهودى " وفى نفس الوقت وضع البيان كافة قيادات وحكومات العرب والمسلمين أمام مسئولياتهم فناشد " الجميع الاستجابة لهذا النداء والعمل الجاد لانهاء هذا الخلاف وفى اقرب وقت ,وأن يكونوا جميعا عند توجيه الله عز وجل " " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " .

2-موقف الاخوان المسلمين من مقررات مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية بالقاهرة :

وازاء احساس الاخوان بخطورة تفاقم الوضع خاصة بعد ما لمسوه من اتجاه عند بعض أطراف الخلاف نحو تصعيد حدة التوتر بالتلويح باستخدام القوة , أصدروا بيانهم الثانى فى التاسع والعشرين من يوليو ابان انعقاد مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية فى القاهرة , وقد ركزوا فى هذا البيان على نقاط واضحة من أجل اقتلاع جذور الخلل فى العلاقات , ونزع فتيل التوتر فى الخليج كان منها :

- ان علاقات العرب والمسلمين انما يجب أن تنهض على توثيق روابط الاخوة التى فرضها الله تعالى بين عباده بقوله عز وجل " انما المؤمنون اخوة " وان هذه العلاقة لا يمكن أن تتحقق وتتوثق الا من خلال تطبيق أحكام الشيعة الاسلامية بعمومها وشمولها وفى مختلف الدول الاسلامية تطبيقا صحيحا أصيلا بحيث يكون القرآن الكريم هو الدستور المعمول به روحا ونصا , والمرجع الذى يستفنى فى كل ما يتعلق بالسياسة الداخلية والخارجية , والصيغة التى يصطبغ بها نهج الأفراد والجماعات .

وأن تحقيق حرية الشعوب وحقها الأصيل فى كل ما يتعلق بتدبير شئونها السياسية والاقتصادية والاجتماعية أمر لا غنى عنه لامكان تفاعل الشعوب مع حكوماتها حتى يمكن أن تتطور الامة تطورا سليما بخطوات موثوق بها نحو تحقيق الآمال العظام الملقاة على عاتقها "

" وان وحدة الامة الاسلامية أصبحت قدرا لابد من تحقيقه والا لحقها الفناء .

وان مما يلزم تمهيدا لتحقيق هذه الوحدة هو انهاء كل أسباب الخلاف بين دول العالم الاسلامى , والاعراض الكامل عن كل النزاعات التى تتسم بالعنف أو تهدد باستخدام القوة وذلك من خلال تشكيل هيئة تبحث ما يطرأ بين دول العالم الاسلامى من اختلاف فى وجهات النظر , وتجد حلا سليما لها يؤسس على مقتضى أمر الله تبارك وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام . وهو العدل والانصاف واعطاء كل ذى حق حقه " .

الاأنه فى غيبة نظام عربى له آلياته وامكاناته , وفى غياب وحدة اسلامية تقوم الاعوجاج والانحراف , ومع وجود جامعة عربية تلاحقت عليها الضربات وفى ظل ما يسمى بالمجالس التعاونية العربية " التى لم تحقق أى قدر من التعاون الصحيح ضد الأخطار الداخلية والخارجية "

ووسط أجواء لفها كثير من الضباب وشابها كثير من الشكوك والريب وفى ظل ظروف عالمية هيأت وتهيىء للمتحفز كل أسباب وسبل التدخل , قام النظام العراقى بغزو الكويت بعد حشد أعدادا هائلة من القوات على طول الحدود المشتركة ولأيام طوال كانت تسمح

– رغم كل ما قيل وما زال يقال – باتخاذ خطوات عملية عربية واسلامية تحول دون تدهور الأحوال والأوضاع , وتنقذ العرب والمسلمين من مصير مرعب كان الاخوان المسلمون أول من نبه اليه -الأذهان وقرع بسببه كل أجراس الخطر .

3-ادانة الغزو العراقى ومطالبة العراق بالانسحاب :

وكما كان الاخوان المسلمون أول من نبه الى خطر الاختلاف وأول من طالب بسد الثغرات وفى اطار الحلول الاسلامية والحيلولة دون توسيع الهوة – كانوا كذلك أول من أدانوا الغزو , وبخبرتهم ومعرفتهم بأساليب الاستعمار ومخططاته , طالبوا بالانسحاب الفورى من الكويت , وكان بيانهم صبيحة يوم الغزو نابعا من رؤياهم ولطبيعة توجهات النظام العراقى , صاغه فهم واضح لخريطة المنطقة والاخطار المحدقة بها .

ولقد جاء بيان الثانى من أغسطس 1990 معبرا عن مدى استشفاف الاخوان المسلمين لاحتمالات المستقبل مصورا مدى احساسهم بخطورة الواقع وضرورة التصدى العربى والاسلامى لمواجهته .. وذلك من خلال نقاطه الرئيسية التى حواها :

- فى الوقت الذى تعاظمت فيه آمال الأمة الاسلامية والعربية أن يسود الوئام والاستقرار وتتجه كل الجهود لملاقاة الأعداء الذين أنهوا أسباب الخلاف بينهم ليكونوا صفا واحدا تجاه الصحوة الاسلامية . وفى الآونة التى بدا أن الخلاف بين العراق والكويت اتخذ طريقا سلميا للجل فوجئنا بالغزو العراقى للكويت فكان عملا مروعا .. مخيبا للآمال .

- ولا يغيب عن البال أن هذا الحدث الضخم فتح أبواب شر خطير وكبير يؤثر على مجريات كفاح الشعوب الاسلامية فى كل الأرجاء ويخشى أن يستغله العدو اليهودى لتحقيق مآربه.

وأن على قادة العراق أن يعيدوا النظر فيما أقدوا عليه وهو الامر الذى أجمعت الامة على استنكاره .

وعلى الشعوب العربية والاسلامية وقادة الأمة أن يبادروا ببذل مساعيهم لدى دولة العراق ,لتسحب قواتها من الكويت وتمتنع عن التدخل ففى شئونها , وأن ذلك يمهد لاستئناف مساعى الوساطة بين البلدين لايجاد حل لما هو واقع بينهما من خلاف .

- ولقد ظل الموقف المبدئى الذى اتخذته جماعة الاخوان المسلمين من الغزو العراقى للكويت على وضوحه وجلائه ودونما تغيير , أكد على ذلك قادة الجماعة فى عديد من المناسبات , ومن خلال المنافذ الاعلامية المتاحة , فاعتبروه :

" اعتداء على قطر عربى شقيق يتعارض كل التعارض مع ما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الدول العربية الشقيقة , ويجب أن تتكاتف الجهود لايقاف هذا الاعتداء والحيلولة دون مضاعفاته وأن يحرم ويجرم مثل هذا الاعتداء ويدعو الى الوحدة بين المسلمين ويوجب التعاون والتكاتف لمواجهة أعداء الاسلام "

ثانيا : موقف الجماعة من ممارسات الاحتلال العراقى داخل الكويت

وحول ممارسات الغزو العراقى داخل الكويت أكد الإخوان " أن كل ما تنقله الاخبار من تصرفات لجنود الغزو مع أبناء الكويت الشقيق مثل النهب والايذاء وغير ذلك – هى من الأمور التى لا يقرهاالاسلام حتى مع الأعداء بل ان " الغزو العراقى للكويت وما حدث ابانه من انتهاكات هو عمل لم يكن يتوقعه صديق ولا عدو , وأنه ليس ثمة ذنب للشعب الكويتى بكل فئاته من أطفال, ونساء وشيوخ ورجال لكى يتعرضوا لما تعرضوا له من مآس يشيب لها الولدا ن " .

وأعلنت قيادات الإخوان " أن الغزو العراقى زلزل المؤمنين زلزالا لم يعهدوه فقد تم احتلال احدى الدول العربية – الكويت – من دولة تشترك معها فى اللغة والدين والجوار والالام والامال وهى – العراق – التى تغزو أرضها وتستبيح دماءها وأموالها وتهتك أعراضها بل واسمها وتضمها اليها قسرا لتصبح احدى محافظاتها "

وناشدت وطالبت قيادة الجماعة رئيس النظام العراقى أن يعيد الارض الى أصحابها وأن يحل قضاياه بالسلم لا بالغزو والسلب والاغتصاب مخالفا كل ما تعارف عليه البشر من قوانين وأطر , وأن يحسب لما هو مقدم عليه حسابا بالعقل لا بالاندفاع , وألا يقدم العراق طعما للاسماك المفترسة وأن يترك الكويت لأهلها يختارون ما يختارون بأنفسهم " .

ووجهت قيادات الجماعة خطابا " للأهل فى الكويت أن يصبروا فالله معهم فمن بينهم من جاهد فى أفغانستان بماله وجهده , ومن مد يد العون لأطفال الحجارة فى فلسطين وللاسلام فى أدغال أفريقيا , ولنصرة المجاهدين واللاجئين الافغان حتى جاء الغزو ليقفل صدام حسين المؤسسات التى كانت تقوم على تمويلها الكويت , ويطوى على الجوع بطونا كانت تساندها الهيئات الاسلامية بالكويت "

وفى المؤتمر الشعبى لأهل الكويت والذى يعقد فى جدة بالسعودية بعد شهرين من الغزو أعلن الإخوان من خلال رسالة وجهها للمؤتمر نائب المرشد العام للجماعة الاستاذ \ مصطفى مشهور أن الإخوان المسلمين من أعرف الناس بدولة الكويت وشعبها المتدين المعطاء ويقدرون أكثر من غيرهم الدور العظيم الذى قامت به الهيئات والجمعيات الخيرية فى الكويت مناصرة لاخوانهم فى فلسطين , ولبنان , وأفغانستان , وكثير من دول أفريقيا وآسيا ولن يضيع أجر ذلك أبدا "

ولهذا كان الاخوان أكثر الناس ألما وتأثيرا ازاء عدوان العراق على الكويت فأصدروا بيانهم فى اليوم الذى وقع فيه العدوان يدينون الاعتداء ويطالبون بضرورة الانسحاب والحفاظ على كيان ووجود الكويت متمنين أن تحل الأزمة حلا عربيا اسلاميا دون وقوع حرب حتى يعود اهل الكويت لدولتهم الحرة المستقلة المسلمة التى تطبق شرع الله "

لقد أكدت الجماعة موقفها فى وضوح , وحرصت من خلال القدر الاعلامى المحدود والمتاح لها أن تربط فى كل المناسبات والمواقف موقفها بمبرراته الشرعية , مع طرح أبعاد المخاطر والخسائر المتوقعة التى سيلحقها بالأمة كلها – عبر عن ذلك قول المتحدث الرسمى باسم الجماعة فى حديث لاحدى شبكات التليفزيون " " ان موقفنا من أزمة الخليج تحدد فى البيان الصادر صباح يوم الغزو

و الذى عارضنا من خلاله الغزو العراقى وقلنا أنه عدوان لا مبرر له من الدين أو العقل أو المصلحة وحذرنا من النتائج السيئة التى ستترتب عليه كعمل عدوانى ظالم وطالبنا بانسحاب العراق من الكويت وترك الكويت لاهلها يتصرفون فى شئونهم كأى شعب حر يتصرف فى بلده كما طالبنا الدول العربية ورؤساءها أن يتصرفوا لمنع هذا العدوان ومنع التدخل الاجنبى "

لذلك فان من يتابع خطاب الاخوان المسلمين ازاء الغزو العراقى للكويت – فى انصاف وموضوعية – يستطيع أن يلمس موقفهم من الأزمة واضحا دون غموض أو لبس وفى يسر أن الاخوان المسلمين الذين نبهوا الاذهان للأخطار وأرشدواها لسبل الحلول والمواجهة قبل الغزو , وحرصوا على تذكيرها بهول الأخطار بعد الغزو وألحوا فى المسارعة فى الدمار والكارثة قبل أن تحل , وتناولوا فى نفس الوقت الأسباب الحقيقية التى أفرزت الأزمة والكارثة , وما سبقها من أزمات والكارثة , وما سبقها من أزمات وكوارث وقدموا سبل العلاج قبل أن يفلت الزمام . .

ففى عددها الصادر فى أعقاب الغزو قالت : لواء الاسلام " انه من الخطأ أن نصدق من يزعم أن ما حدث ويحدث فى الكويت من غزو ودمار وتخريب وتشريد لشعب عربى مسلم انما هو مأساة الكويت وحدها وأنه من البلاهة أن يدس العرب رؤوسهم فى الرمال ويزعموا ان ما حدث ويحدث فى الكويت سيظل هو ونتائجه فى اطار الكويت .. انه مأساة العرب جميعا "

وأن المأساة ليست نتاج سياسة النظم العربية فى الوقت الراهن فقط ولكنها وليدة سياسة هذه النظم وسابقتها بالأمس ومنذ الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم وهى سياسات انفردت بملامح خاصة وغريبة منها :

- تهميش دور الشعوب وحرمانها من حق ابداء الرأى والتوجيه والنصح واتخاذ القرار مع استخدام كل أساليب الارهاب معها حتى ركنت الى الانزواء أو أجبرت على الانزواء ولم تشعر بمسئولية ازاء ما يحدث , وأبلغ دليل أن نظاما حاكما من نظمنا لم يدع مجلسا تشريعيا فى بلاده لابداء رأى أو اتخاذ قرار ازاء اجتياح النظام الحاكم فى الكويت , فعديد من نظمنا الحاكمة لا تسمح بوجود مجالس تشريعية تراقب وتلزم الحكام بأن يمضوا على درب الشورى والرأى المدروس من قبل ممثليه .

- سياسة التفريق والتشتيت التى اتبعتها النظم الحاكمة منذ فترة الخمسينات وان كانوا قد أقاموا الدنيا ولم يقعدوها ولسنوات طوال وهم يملأونها ضجيجا بهتافات الوحدة وشعارات الاتحاد وألمع مثال على ذلك مأساة الجامعة العربية والحال والمآل الذى وصلت اليه فقد أجهزت عليها المجالس الاقليمية بعد أن مزقتها النزاعات والخلافات والأهواء وفى الوقت الذى تمضى فيه التكتلات العالمية نحو الوحدة تتحول الوحدة العربية الى أشلاء ويكابر أقوام ويجادلون فيزعمون أن المجالس الاقليمية هى السبيل لدعم الجامعة العربية فضحت مأساة الكويت الدعاوى وعرت المجالس وكشفت الغطاء وأوضحت لكل المخلصين أن النظم العربية الحاكمة لو كانت جادة ,

وعلى الدرب الصحيح ماضية لحولت الجامعة العربية الى وحدة قوية لها قواتها ومحكمتها التى تفصل بين المتخاصمين كما لها كافة أجهزتها التى تقف بكل قوتها أمام قوى مدعوم فلا يستطيع اجتياح وحيد ضعيف .

- كما أن النعرات والشعارات التى رفعتها النظم الحاكمة التى حركت الخصومات وزرعت الأحقاد , وألهبت وأثارت العنصرية والشعوبية , كانت من الأسباب التى أدت الى الضعف والخلل , وحالت دون الضرب على يد العابث .

- أيضا كان تقسيم عالم العرب الى عالم ثرى وعالم فقير من الأسباب التى أدت الى الانقسام وتوجس الخيفة وزرع الأحقاد وتبديد الثروات أو هروبها وتهريبها .

- وجاء انحياز النظم الحاكمة على الرقعة العربية والاسلامية الى الكتل والقوى الدولية وطوال الفترة التى أعقبت الاستقلال .

واقامة تحالفات معها ورفع شعارتها , وتطبيق واتباع أساليبها فى الحكم وشئون العباد والبلاد سببا من أسباب الصراع والمواجهات , وفى الوقت نفسه أدى الى افساح المجال أمام التآمر والمتآمرين , لتدفع الشعوب العربية والاسلامية الثمن باهظا على حساب أمنها وحرياتها ومواردها وتقدمها ونهوضها .

ولقد أثار موقف الاخوان المسلمين من الغزو العراقى للكويت عددا من القضايا الهامة والخطيرة على الساحة العربية والاسلامية جرى تناولها من خلال منطق يعلو على السفاسف ويدرك أبعاد المخاطر مع بروز ملامح التدخل الاجنبى .

قضايا تدور حول التمزق العربى والضعف العربى والغاء وجود الشعوب والتباطؤ العربى والاسلامى فى اتخاذ موقف قبل الغزو وازاء الغزو فور وقوعه ودور الجيوش ومال الميزانيات الضخمة التى رصدت للسلاح هنا وهناك .. وكافة منظمات الجامعة العربية التى وضعت العراقيل فى سبيل قيامها ونهوضها . ولعل كثيرا ممن تذكروا – من المنصفين والعارفين – أن أصوات الاخوان المسلمين قد بحت ولسنوات طوال وهم ينادون كافة العرب وكافة المسلمين بتنفيذ المعاهدات والاتفاقات وتوحيد الجهود والطاقات فى وحدة صحيحة تدفع الأخطار وتحمى الديار وتحول بين العابثين وتهديد أمن الأمة حتى جاء الغزو العراقى للكويت ليدرك صدق المنصفون مدى صدق هذه التوجهات .

الفصل الثالث

الإخوان والتدخل الاجنبى

على عكس ما كانت عليه التحركات الامريكية على الساحة الخليجية قبل غزو العراق للكويت – من بطء مع حرص على الظهور بمظهر عدم الاكتراث أو الاهتمام بالنزاعات الداخلية بين الفرقاء الخليجيين العرب , فقد اتسمت هذه التحركات , بعد الغزو بالنشاط والسرعة الملحوظين .

اذ قام المسئولون الامريكيون على مستوى وزراء الخارجية والدفاع والعدل والمالية ومسئولى البيت الأابيض وأيضا على مستويات عديدة فى وزارتى الخارجية والدفاع بعدد من الزيارات للدول الخليجية وأجريت خلالها عديد من المباحثات السريعة خلال فترة وجيزة , بدأ بعدها وصول القوات الأمريكية فى تدفق الى دول الخليج فى العاشر من أغسطس1990أى بعد الغزو بأيام ثمانية .

وفى اليوم التالى لوصول القوات أعلن الاخوان المسلمون فى بيان أصدروه فى الحادى عشر من أغسطس 1990 م استنكارهم للتدخل الاجنبى ورفضهم لنزول هذه القوات مع رفضهم لكافة التعليلات التى حاولت الولايات المتحدة الامريكية أن تتذرع بها لتبرير تدخلها بل وأعلنوا

أنهم يعارضون أى وجود لأى قوات أجنبية أخرى كما طالبوا بانسحابها الفورى لأن تواجدها وهو مرفوض بكل المقاييس وعلى جميع المستويات – من شأنه أن يعيد عصور الحماية والاحتلال السافرين للمنطقة بل لدول الشرق الأوسط والدول النامية¸الأمر الذى يعود بالعالم الى قرن الاستعمار الذى تآمرت فيه الدول الاوربيةعلى اقتسام شعوب أفريقيا وآسيا وجميع الدول المستضعفة .

وأعلن المتحدث الرسمى باسم الجماعة : أن السياسة الأمريكية لو كانت حريصة على أن تتحلى بسمات العدل والانصاف لكان من المنطقى أن يكون لها موقف حاسم تجاه الكيان اليهودى الغاصب الذى احتل ديار العرب والمسلمين وانتهك أعراضهم وطرد وشتت شعوبهم وما زال لا يترك سانحة الا واستغلها لتوسيع رقعة الاغتصاب على حساب مصير العرب والمسلمين دون اعتراف بأى حق انسانى لهم , بل الولايات المتحدة الامريكية وقفت من هذا الكيان اليهودى الدخيل

– ومنذ أن بدأ اليهود تنفيذهم لمشاريع الاستيطان

– فى فلسطين العربية الاسلامية موقف التأييد والانحياز وتولت بنفسها ومنذ اعلان اليهود عن كيانهم توفير كل وسائل دعمه , واتخذت كل وسائل الضغط على عديد من الجهات لتفتح أبوابها لهجرة اليهود فيها كى يتدفقوا عليه وعقدت معه كافة المعاهدات العسكرية والاقتصادية والعلمية لتأكيد وجوده وتحقيقه لسياسته التوسعية , مع الصمت التام عن أى حق عربى مهضوم , أو أو أى دم عربى مسفوك , بعد أن تحول شعب بأسره

– فقد دياره وأمواله – الى شعب مشتت لا يجد مطعمه ومشربه وملبسه ومسكنه .

وفى نفس البيان الذى أعلن الإخوان فيه استنكارهم للتدخل الاجنبى ومطالبتهم بانسحاب القوات الاجنبية أكدوا " على ضرورة الانسحاب العراقى من الكويت معتبرين غزو النظام العراقى لها سببا للكارثة , كما أكدوا أيضا على أن الحل الذى يتمثل فيه الصالح العربى ويحقق الامن للسعودية ودول الخليج ويزيل كل المخاوف والشكوك من الصدور .

يتمثل فى تشكيل قوات عربية اسلامية من دول تطمئن اليها دول المنطقة – مثل الجزائر ومصر والمغرب وباكستان – لتقف على الحدود السعودية العراقية – ولتحل محل القوات العراقية بعد انسحابها من الكويت ومن ثم ينتفى أى مبرر تتعلل به القوى الاجنبية للتدخل العسكرى فى الازمة أو الوجود فى المنطقة " . وأعلن المتحدث الرسمى باسم الجماعة : أن السياسة الأمريكية لو كانت حريصة على أن تتحلى بسمات العدل والانصاف لكان من المنطقى أن يكون لها موقف حاسم تجاه الكيان اليهودى الغاصب الذى احتل ديار العرب والمسلمين وانتهك أعراضهم وطرد وشتت شعوبهم وما زال لا يترك سانحة الا واستغلها لتوسيع رقعة الاغتصاب على حساب مصير العرب والمسلمين دون اعتراف بأى حق انسانى لهم , بل الولايات المتحدة الامريكية وقفت من هذا الكيان اليهودى الدخيل

– ومنذ أن بدأ اليهود تنفيذهم لمشاريع الاستيطان –فى فلسطين العربية الاسلامية موقف التأييد والانحياز وتولت بنفسها ومنذ اعلان اليهود عن كيانهم توفير كل وسائل دعمه ,

واتخذت كل وسائل الضغط على عديد من الجهات لتفتح أبوابها لهجرة اليهود فيها كى يتدفقوا عليه وعقدت معه كافة المعاهدات العسكرية والاقتصادية والعلمية لتأكيد وجوده وتحقيقه لسياسته , مع الصمت التام عن أى حق عربى مهضوم , لأو أى دم عربى مسفوك , بعد أن تحول شعب بأسره

– فقد دياره وأمواله

– الى شعب لاجىء مشتت لا يجد مطعمه ومشربه وملبسه ومسكنه .

وفى نفس البيان الذى أعلن الإخوان فيه استنكارهم للتدخل الأجنبى ومطالبتهم بانسحاب القوات الأجنبية أكدوا " على ضرورة الانسحاب العراقى من الكويت معتبرين غزو النظام العراق لها سببا للكارثة , كما أكدوا أيضا على أن الحل الذى يتمثل فيه الصالح العربى ويحقق الأمن للسعودية ودول الخليج ويزيل كل المخاوف والشكوك من الصدور .

يتمثل فى تشكيل قوات عربية اسلامية من دول تطمئن اليها دول المنطقة – مثل الجزائر ومصر والمغرب وباكستان – لتقف على الحدود السعودية العراقية – ولتحل محل القوات العراقية بعد انسحابها من الكويت ومن ثم ينتفى أى مبرر تتعلل به القوى الأجنبية للتدخل العسكرى فى الأزمة أو الوجود فى المنطقة "

ونبه بيان الاخوان الأذهان الى أن الأمة الاسلامية عربية أو غير عربية ستبقى تتخبط فى ظلمات الجهالة ما لم تثن الى رشدها بأن تثوب الى ربها وتلتزم التزاما وثيقا صارما بمقتضيات عقيدتها وأحكام شريعتها , وتؤكد احترام أصحاب السلطات لحقوق الشعوب , والتزامهم بالحفاظ على الكرامات والحريات , ونزولهم على حق الشعوب كشريك فى الأوامر والقرارات , فلا يجوز لأصحاب السلطة ابرام ما يمس حاضر الشعوب ومستقبلها فى غيبتها ,

ولا يجوز أن يطلبوا منها النهوض فقط بدور التصفيق لما يرضى الزعامات أو الاستنكار لما لا تقبله هوى السلاطين , كما يجب أن تحل رابطة الاخوة بين الحكام والشعوب عملا بقولع تعالى " انما المؤمنون اخوة " وبقول الرسول عليه الصلاة والسلام " اذا اقتتل المسلمان فالقاتل والمقتول فى النار " وبقوله أيضا " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " .

وهذا البيان يتسق تماما مع كل البيانات التى سبقته وأيضا التى لحقته فى استنكار الغزو العراقى للكويت والمطالبة بانسحاب المعتدين و فى استنكار التدخل الاجنبى وضرورة انسحاب القوات الأجنبية مع التأكد على الحل العربى الاسلامى فى اطار تحرك عربى يزيل الخلافات ويؤكد أجواء الثقة والأمن كما يؤكد على روابط الاخوة ومعالم العدل والانصاف .

فليس من المعقول ولا من المنطقى أن يعلن الاخوان المسلمون ومنذ قيام جماعتهم الرفض المبدئى لأى وجود على ساحة العالم العربى والاسلامى ومن خلال واقع عملى سجله لهم التاريخ جهادا على كثير من الساحات قدوا من خلاله كثيرا من الشهداء ...

ثم يغضون الطرف عن تدخل القوات الامريكية والغربية ومآربها الحقيقية غير خافية فى منطقة الخليج بحجة صد الأخطار أو الوقوف فى وجه التهديدات , أة يقبلون بمنطق أمريكى تدحضه بل تفضحه السياسة الأمريكية على الساحة العربية والاسلامية طوال ماضيها القريب ويومها الراهن وهى تصر على أن تسفر عن وجه العداء ازاء حقوق العرب فى ديارهم بل وتصر على دعم عدوهم داخل ديارهم .

هذا بالاضافة الى الشكوك والريب التى أحاطت وما زالت تحيط بالدور الأمريكى ازاء النظام العراقى للكويت وصلته القريبة أو البعيدة بالمخططات الأمريكية المعدة للمنطقة والتى أشار اليها كتاب قوة الانتشار السريع والذى يوضح كيف أن لأزمة الخليج كان مخططا لها من قبل .

كما أنه ليس من المعقول أو المنطقى أن يسلم الاخوان المسلمون لمقولة العجز العربى والتقاعس العربى والى الحد الذى لا يستطيع فيه العرب القيام ولو بأدنى دور ازاء معالجة قضاياهم ومواجهة مشاكلهم , فالاخوان المسلمون الذين يؤمنون بوحدة عربية اسلامية تصون الكرامة والعزة , وتحفظ الحقوق , وتزود عن الأرض والعرض , يرون أنه كان وما زال فى الامكان العربى والاسلامى رغم شتى أشكال الوهن والضعف والتخاذل وخاصة على المستوى الرسمى

– النهوض بدور عربى اسلامى فى تشكيل قوات تحمى حدود الكويت أو تشكيل قوات تنهض بتوفير الطمأنينة وازالة القلق لدى دول الخليج , دون حاجة الى تدخل أجنبى قل أو كثر حجمه وان بقى فى هذا المجال أكثر من تساؤل حول أسبب الضعف والوهن ,

أوحول السرعة التى تم بها وخلالها تحريك جيوش عربية واسلامية الى السعودية بعد دفع نزول القوات الامريكية والاروبية وباحجام تؤكد دلائل كثيرة أنه كان من الممكن تحريكها الى الكويت ابان فترة التهديدات العراقية وقبل أو مع حشد القوات العراقية على حدود الكويت .

5- الاستاذ مصطفى مشهور , مدى مسئولية الشعوب فى هذه الازمة –جريدة الشعب -15\1\1990 م .


ولأن الاخوان المسلمين يؤمنون بأهمية الوجود الشعبى وأهمية دور الشعوب – رغم الواقع العربى الذى نحى فيه أصحاب السلطان كل دور للشعوب ومما أدى الى أسوأ النتائج بسبب القرارات والسياسات التسلطية الفردية .

ولانهم يرون أن الشعوب ومن خلال مؤسساتها الصحيحة , والقوى الشعبية الواعية والتى تدرك دورها وواقع أمتها – يمكن أن تساهم مساهمة كبيرة فى مواجهة الأزمات , وأبعاد الأمة عن مواقع العثرات , والحيلولة بينها وبين السقوط فى قبضة الاستعمار , فانهم لا يكفون عن السعى الدؤوب المتواصل من أجل أن تنال الشعوب حقها فى اصدار القرار الصحيح ومن خلال المؤسسات الصحيحة , وأيضا التزامهم بالشورى وفى اطار النظام الذى شرعه الله للناس وأنزله على رسوله عليه الصلاة والسلام ليبلغه لهم ويرشدهم اليه .

الجماعة تحاول التوسط فى الصراع :

ولعل هذا أيضا كان من الأسباب التى دفعت الى تشكيل وفد للوساطة بين أطراف النزاع لتحقيق انسحاب عراقى من الكويت والحيلولة دون ممارسة القوات الأجنبية لأى دور لها فى المنطقة من خلاله ففى الحادى عشر من سبتمبر 1990 م أعلن عن تشكيل وفد للوساطة الاسلامية برئاسة المرشد العام للاخوان المسلمين ويشارك فى عضويته عدد من قيادتهم اضافة الى مشاركة قيادات اسلامية من الأردن والجزائر وتونس وتركيا وأقطار عربية واسلامية أخرى .

الا أنه لمنع السلطات المصرية قيادات الاخوان المسلمين فى مصر من السفر عبر مطار القاهرة الدولى أثره الكبير فى الحيلولة دون تحقيق أهداف الوساطة وأداء مهمتها , الأمر الذى دفع الجماعة الى اصدار بيان لها فى الثانى عشر من سبتمبر 1990 , يحمل الذين أصدروا القرار بمنع قيادتها لرئاسة الوفد المشارك فيه المسئولية تجاه ما ترتب على غلق أحد الأبواب ذات الفعالية والتأثير والتى قد يكتب لها النجاح فى تحقيق ما يتمناه الناس من تفادى لويلات الحرب وتداعياتها المؤثرة فى شتى القضايا العربية والاسلامية .

" لقد كان من تدويل الأزمة والأسلوب الذى تم به التدخل الاجنبى والظروف التى هيأها أو هيئت له ,

دليلا على خضوع المنطقة لسياسات الدول الكبرى التى تشكل بقيادة أمريكا الظام العالمى الجديد , كما اتضح أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تسمح بأى تطوررات تخل بالأوضاع العامة فى النظام الاقليمى لمنطقتنا العربية على نحو لا يخدم مصالحها الاستراتيجية , مع الحرص وبكافة السبل على تطويع أوضاع المنطقة لتخدم وتحقق هذه المصالح " وهو عين ما أدركته الحركة الاسلامية وحذرت منه , الا أنه يبدو أن فريقا من الناس ووسط زخم الاعلام الرسمى ,

ومع التعتم المقصود والمعتمد على العمل الاسلامى بهدف حصاره وحجب وتشويه صوته وصورته والحيلولة بينه وبين وصول ملامح وأبعاد رؤياه للمواقف المعتمدة على الواقع والوقائع واستشفاف المستقبل من خلال الممارسة والتجربة والرصد والمتابعة لم يستطيعوا أن يدركوا فى بداية الأزمة حجم الكوارث والمخاطر المنتظر أن يفرزها التدخل الأجنبى ولكنهم افاقوا عليها من خلال تردى الأوضاع وتطور الأحداث الجسام , وأيضا من خلال الجديد الذى كشفت السياية الأمريكية عنه

وكشف بدوره عن حجم الاهداف والغايات ومن ذلك ما أعلنه جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكى وبعد أقل من شهر من نزول القوات الأمريكية والغربية أراضى دول الخليج حول مشروع خريطة جديدة للمنطقة أكثر ديمومة مع حل للقضية الفلسطينية يكفل من بين ما يكفل للعدو اليهودى أداء دوره الواسع والتوسع فى المنطقة مع هيمنته على مصادر الثروات ومواردها وأيضاعلى مصائر الناس وعلى حساب حقوقهم , من ذلك أيضا ما أعلن عنه الرئيس الامريكى بوش أن مصلحته ليست فقط فى وضع يدها على مصادر البترول بل أيضا على أسعاره .

ولعل استنكار الإخوان للتدخل الاجنبى ومطالبته بسحب قواته وضرورة افساح المجال لحل عربى اسلامى للازمة – قد سبب على صعيد آخر – لبسا فى الفهم لدى بعض الجهات التى فسرته على أنه تغيير فى موقف الحركة يعنى انحيازا للنظام العراقى على حساب الشعب الكويتى , وربما كان لهذه الجهات أيضا عذرها خاصة وقد مضى على الناس ردح من الزمان فى ظل نظم حكم دكتاتورية لم يلمسوا أو يألفوا من رموزها غير اعتبارهم لانفسهم أنهم ليسوا فقط أصحاب السلطة ,

ومصادر الامر والنهى , والقادة والمعامين والابطال المغاوير , بل هم الشعوب والحكام فى نفس الوقت , حتى زالت الفوارق فى أذهان الكثيرين بين الشعوب وبين نظمها الحاكمة , ولم يعودوا يدركون معنى انحياز الإخوان المسلمين للشعوب وحرصهم على احياء دورها وأهمية ممارستها لهذا الدور كسبيل هام للخروج من أزمات العصر ومستنقع الكوارث .

الا أن هذا وذاك يدفعان الى التذكرة بأمرين نحسب أنهما على جانب كبير من الاهمية .

– الاول بالشبهات والريب التى أحاطت بالغزو العراقى للكويت حتى بدأ الامر وكأن للأصابع الأمريكية بصماتها على مسلسل أحداثه ,

كما لها على مسلسل افرازاته ونتائجه , وقد أشار بيان الإخوان المسلمين الصادر فى 17\1\1991 م فى أعقاب القصف والغارات التى شنتها القوات الأمريكية على العراق الى هذه الشكوك حين قال : " لقد نكبت الأمة لنزوة من شهوة حاكم , وخديعة أدخلتها عليه أجهزة كبرى تحتضن العدو وتتصدى للدفاع عنه ".

- والثانى له صلته بالأهداف والغايات الحقيقية للسيلسة الامريكية من وراء هذه الحشود الضخمة من الجنود والعتاد الذن أنزلته بساحة الخليج فى أعقاب الغزو العراقى للكويت – وكما صورتها تصريحات وأقوال المسئولين الأمريكيين على كافة المستويات – وقد سبق أن أشرنا الى طرف منه فى الصفحات الماضية .. وستؤكد الايام المقبلة مدى صدقية الامر .

الفصل الرابع

تحليل المواقف والاحداث

يثبت مبدئية وسلامة موقف الإخوان المسلمين .

لقد اتخذ الإخوان المسلمون موقفا غاية فى الوضوح ازاء غزو النظام العراقى للكويت منذ يومه الاول , فقد اعلنوا رفضهم واستنكارهم له وطالبوا النظام العراقى بالانسحاب فورا من الكويت , وتركه لأهلها يدبرون أمورهم بأنفسهم , ونبه الإخوان الأذهلن الى خطورة النتائج المترتبه عليه , فهو يعنى فتح الابواب للتدخل الاجنبى لتنفيذ مخططاته وتحقيق أهدافه وغاياته , وفرض كامل هيمنته .

ومع وصول القوات الاجنبية أعلن الإخوان موقفهم واضحا , زهو استنكارهم لتدخلها ومطالبتهم برحيلها , وفى الاطار العربى والاسلامى الذى أعلنوه تكون الحلول ويكون الامن والسلام .

وحين التبس فهم الأمور عند فريق من الناس , وحاولت بعض الجهات الاساءة الى الإخوان , وحاولت تشويهه أكد الإخوان أن رفضهم للتدخل الاجنبى لا يعنى قبولهم أو رضاهم بالغزو العراقى للكويت , فهو تصرف كريه من نظام لا يطمئنون اليه وهو نظام دكتاتورى وهم ضد كل الدكتاتوريات لأن الاسلام جاء بمبدا الشورى الذى على اساسه يتم اختيار الحاكم ليكون حاكما شرعيا له حق الطاعة ,

وهذا أمر لا يتوفر فى صدام حسين فهو مرفوض بكل المقاييس لعقيدته البعثية التى لا يمكن أن يؤمن بها الإخوان او يطمئنوا اليها .

كما أن غيره مرفوض لعدم تطبيقه شرع الله كما أراده الله ورسوله وصالح المؤمنين .

وفى السادس عشر من اغسطس سنة 1990 زار السفير العراقى بالقاهرة المرشد العام للإخوان المسلمين ليؤكد خلال الزيارة ان النظام العراقى حريص على أمن المسلمين الموجودين فى العراق وكافة أوضاعهم وأكد المرشد العام موقف الإخوان الرافض للغزو العراقى وضرورة انسحاب العراق من الكويت وأنهم ينتظرون خطوة من العراق مثل التى اتخذها مع ايران بالانسحاب من أراضيها ,

وعاد المرشد فأكد هذا الموقف أيضا فى الزيارة التى قام بها وزير الدولة الكويتى له وصدر بخصوصها بيان فى 29 اغسطس 1990 م

الذى اكد أيضا نفس الموقف المبدئى للإخوان ازاء الغزو العراقى والاجنبية لتسهيل انسحاب الاولى من الكويت والاخرى من المنطقة ودعا بيان المرشد العام لمضاعفة الجهود العربية والاسلامية لاحتواء الازمة وحلها سلميا مع استعداد الجماعة لمضاعفة الجهود الشعبية والمشاركة فيها .

ولم يأل الاخوان جهدا فى توضيح موقفهم من التدخل الاجنبى حتى يحس الناس مخاطره ومضاعفاته ونتائجه فى الحاضر والمستقبل ,فالقوات الاجنبية لم تأت فى الحقيقة لتحرير الكويت وانما جاءت لتحقيق اهداف توسعية ومطامع لها فى المنطقة وايضا لتأكيد الانفراد بالزعامة والقوة على الساحة العالمية ,

اضافة الى مساعدة زدعم الكيان اليهودى الغاصب فى تحقيق اهدافه وأطماعه ومن خلال حلول هى نتاج ما رسمته السياسة الامريكية وخططت له وكخطوة على الطريق ستكون هناك ضربة للعراق تحطم كيانه وتهدم وتخرب معالم الحياة فيه , وتعود به الى نقطة الصفر فى السلم الحضارى وهى كلها أمور لا يدفع ثمنها الا الشعب العراقى العربى المسلم ومن ثم فلا يعقل أن تقف فى صفنا نحن العرب والمسلمين بع ذلك .

وفى أعقاب القصف الامريكى للعراق وما لحق بشعب العراق ودياره من خراب كان الاخوان أول من نبه اليه الاذهان حين صدر بيانهم فى 17\1\ 1992 م يقول " نكبت الامة لنزوة من شهوة حاكم وخديعة أدخلتها عليه اجهزة دول كبرى تحتضن العدو وتتصدى للدفاع عنه .

كانت الواقعة الكبرى عندما احتلت العراق الكويت العربية الاسلامية واستباحت حرماتها ونهبت أموالها وبدت نذر الشر المبيتة للأمة فى تحقيق العدو الصهيونى لأطماعه وأن الاسلوب الهمجى فى قصف العراق يدل على أن الغرض ليس اصابة منشآت عسكرية أو ضرب القوة العسكري " .

لقد بدات ملامح الأخطار والنوازل المحدقة بالأمة كلها وبالساحة العربية والاسلامية بل والعالمية تظهر فى الآفاق ...

ولعل كثيرين من الذين ساورتهم الشكوك أو اختلطت عليهم الأمور , أو خدعهم الاعلام الرسمى العربى قد أفاقوا مع بداية النذر , وظهور الشرر , ليتأكدوا مدى صحة وسلامة الرؤية الاسلامية التى تمثلت فى موقف الإخوان المسلمين من الغزو العراقى ..

ومن التدخل الأجنبى فى الشئون والقضايا و المصالح والمصائر العربية والاسلامية , وفى هذا يقول التقرير الاستراتيجى للاهرام للعام 1990 م "

ان النضوج الهائل فى الخبرة السياسية لاخوان مصر والذى اختلط جزئيا مع ميلهم العميق للمحافظة والتطور السلمى قد اصطدم مع حداثة الخبرة السياسية للتيارات الاسلامية فى الاقطار العربية .

ان هناك ثمة تقاليد متجذرة عند الإخوان المسلمين وخاصة كراهيتهم الأنظمة القمعية الفاجرة والتى لوثت أيديها بدماء الاسلاميين وعلى رأسها النظام العراقى " ثم يقول التقرير:

"ولقد تنبأ البيان رقم "2" بصورة واضحة أن وجود القوات الامريكية وحليفاته يدفع ضمنا فى اتجاه الحل العسكرى .

ذلك أن هذه القوات لن تستمر فى موقع الدفاع بل تعد القوة لغزو العراق والهجوم عليه وتوجيه الضربات القاصمة للمؤسسات العسكرية والاقتصادية والحضارية وهو ما يرفضه البيان كما رفض أيضا اشراك القوات العربية فى تحطيم العراق وجيشه, وأكدت المواقف العامة للإخوان المسلمين بعد ذلك هذا التحليل والخبرة السياسية فى الوقت نفسه " .

ويضيف التقرير :

" ان الموقف العام المتكامل للإخوان المسلمين من الازمة قد تمت صياغته أسوبيا بأقصى قدر ممكن من الاعتدال الذى لا يخل بالوضوح , لم يستغل لغة تحريضية أو بتعبيرات متطرفة أو تهيجية بل اعتدال أسلوبى يعكس اعتدالا مضمونيا حرص فيه الاخوان على تقويم موقفهم بأقصى درجة ممكنة من الموضوعية والمبدئية والعزوف عن الانحراف الى الحرب الأهلية الاعلامية والدعية العربية , وساعد هذا كثيرا على اظهار موقف الاخوان بقدر كبير من الرصانة والثبات "

"ان موقف الاخوان المسلمين أكثر المواقف الاسلامية تجردا ونزاهة وانسجاما مع تقاليدهم التاريخية الكبرى , لقد خاطر الاخوان المسلمون بمصالحهم المادية والسياسية المباشرة لصالح التوافق مع تقاليدهم الفكرية والسياسية وقراءتهم الخاصة للازمة وتشخيص أبعادها " .

وان البيان الذى وجهه الاخوان المسلمون للمسئولين العرب المجتمعين فى القاهرة 26 نوفمبر 1990 وفى أعقاب زيارة الرئيس بوش لمصر فى 24 نوفمبر

– واعلان رئيس جمهورية مصر العربية دعوته لتأجيل استعمال القوة لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة فى الخليج

– ودعا الاخوان فيه المسئولين العرب للوقوف بحسم لتذكير المجتمع الدولى والقوى الكبرى بالشرعية الدولية فى مواجهة التصعيد الخطير للعدوان الاسرائيلى على الشعب الفلسطينى , والدعوة لمؤتمر دولى للدول الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة لوضع خطة تمكن الأمم المتحدة من حماية المدنيين الفلسطينيين فى فلسطين المحتلة ودعوة أمريكا والمجتمع الدولى لوقف حملات الاضطهاد اليهودى وتمكين الشعب الفلسطينى من اقامة مؤسساته الوطنية تحت حماية الأمم المتحدة يعكس هذا البيان ذكاء سياسيا وواقعية ملحوظة "

لقد وقع الغزو العراقى للكويت .. ووصلت القوات الأجنبية للأرض العربية واستشف الاخوان المستقبل من خلال تاريخ له تحاربه وخبراته , ومتابعة ورصد لأحداثه ووقائعه .. وصار الجميع أمام واقع لا يمكن انكاره أو تجاوزه أو غض البصر عنه , فالآمه وجروحه ونزيفه مستمر .

لقد بدأت الضربات تتلاحق على الأمة وعلى الديار منذ الثانى من أغسطس سنة 1990 م وذاق الشعب فى الكويت العربى المسلم وفى العراق العربى المسلم الكثير .

كما ذاق العرب فى أقصى الديار وأقربها من مواقع الأحداث الكثير , بل طال هذا الكثير عددا كبيرا من الدول النامية فى شتى الأرجاء .

وبمقدار ما دفع العرب والمسلمون بمقدار ما جمعت وحصدت الولايات المتحدة الأمريكية سياسيا وعسكريا واقتصاديا وعلى مستوى الزعامة العالمية والانفراد بها .. خاصة وقد واكب انهيار الماركسية والى غير رجعة مسلسل الأحداث الرئيسية على الساحة العربية .

ثانيا : سلامة تقديرات الاخوان المسلمين بالنسبة للوجود الأجنبى فى المنطقة :

لم يكن الحصاد الأمريكى غائبا أبدا عن بال الاخوان المسلمين كانوا أول من نبه الأذهان الى مخاطر الغزو العراقى للكويت وأول من أدانه وسجل التاريخ أنهم كانوا أول من نبه الأذهان الى خطورة التدخل الأجنبى وأول من طالب بعودة القوات الأجنبية ,

وتأتى بيانات الاخوان وتصريحات مسئوليهم لتضع حكام الأمة جميعا كما وضعت كل الشعوب أمام مسئولياتهم , وكما وجهوا الأذهان الى المخاطر فقد وجهوها الى ادراك فداحة الخسائر خاصة وأن أمريكا قد كشفت مع وصول طلائع قواتها الى الخليج عن وجهها الحقيقى .

كتبت " لواء الاسلام " فى عددها الصادر فى سبتمبر سنة 1990 م وتحت عنوان " أمريكا تكشف عن وجهها فى الخليج " :

بعيدا عن دخان وغبار وروائح الحملات الاعلامية المشتعلة فى ذلك الوقت على الساحة العربية والتى وصلت الى مستوى الطعن فى الذمم والنيات ومحاولة التنصل من المسئوليات والهروب من تحمل التبعات .. كان من الممكن تسجيل عدد من الشواهد والدلائل كانت تؤكد :

أن دولة كبرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكن كما سبق القول أن تتحرك على ساحة عربية واسلامية وفى حشد عسكرى هائل كحشدها فى الخليج لمجرد توفير الأمن للمروعين , ووضع حد لسحق المظلومين , وفرض نهاية لعدوان المعتدين على العزل المسالمين , والكيان اليهودى ماثل فى الأذهان على ساحة العرب بل فى قلبها يؤكد الحقائق ويقوض المزاعم .

ان أمريكا لا يمكن أن تتحرك وفى حشود ضخمة الا وقد وضعت أهدافها ومصالحها فوق كل اعتبار بل على حساب أهداف ومصالح أهل الديار .

فأمام لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس الأمريكى للمنطقة أعلن بيكر عن الحاجة الأمريكية الى تحلف اقليمى فى المنطقة العربية بعد أن صار مطلوبا وضروريا , وأن اعادة النظر فى الطبيعة الأمنية للمنطقة صارت أمرا ضروريا أيضا ,

مع أهمية وجود أمريكى مستمر فى المنطقة من خلال تمركز قوات أمريكية برية وبحرية , كما أن العمل مع دول صديقة هو من الأهمية بمكان من أجل قيام نظم أكثر ديمومة فى المنطقة .

وفى نفس الوقت قام بيكر بجولة فى المنطقة أعلن خلالها عن مشروعلته الأمنية وعاد فأكد " أنه يتعين اقامة نظام دفاعى جديد لمواجهة العراق وتوسعاته يتلاءم مع الواقع الاقليمى الذى يدعو لترتيب جديد للمنطقة بمجرد انتهاء الأزمة يدعم أمن الحكومات ويسمح للقوات الأمريكية أن تقوم بدور أكبر من الماضى "

وان أزمة الخليج أوجدت ارتباطا بين المنطقة وحلف الأطلسى ومصر والسعودية وايران . كما أن النتيجة النهائية لأوضاع الخليج ستكون لها تأثيرها على استراتيجية الولايات المتحدة ومستقبل العلاقات مع المنطقة وعدد كبير من دول العالم .

وأن البيئة الأمنية الجديدة للمنطقة قد تكون شبيهة بحلف الأطلسى بين أمريكا وغرب أوربا والأزمة الحالية فى المنطقة ليست الأخيرة فى الشرق الأوسط أو أى منطقة أخرى فى العالم .

وبالنسبة للعدو اليهودى الذى تدعمه وتؤازره الولايات المتحدة الأمريكية قال بيكر :

"ان الهدف الأبرز لسياسة أمريكا ازاء مستقبل المنطقة هو قيادة العالم نحو تسوية بالشرق الأوسط تزيل تهديد المنطقة للسلام العالمى " ثم أضاف :

"وقد قدمت أمريكا خدمة جليلة لإسرائيل اذ دمرت التهديد الأكبر لها , وأنه سيجتمع مع زعامات عربية يهودية خاصة بعد تطورات المنطقة التى حركت قطع الشطرنج أما مستشار الأمن القومى " جنرال سكوكرونت " فقد قال بعد شهر من حرب الخليج :

" الآن يبدأ العبء الأكبر فى المنطقة , انه يجب استغلال نتائج ما حدث فى الخليج من أجل تحقيق مزيد من الاستقرار والأمن فى المنطقة "

وهو استقرار وأمن على الطريقة الأمريكية ولخدمة المصالح الأمريكية فقط فقد قال السفير الأمريكى فى الأمم المتحدة فى نفس الوقت من بين الأهداف البعيدة لأمريكا فى المنطقة ضمان المزيد من الأمن فو الخليج بما فى ذلك قيام ترتيبات أمنية بين دول الخليج نفسها , مع دور أكبر لقوات محلية وأخرى اقليمية ودور لمجموعة الدول . فان الرئيس الأمريكى مصمم على حل النزاع العربى اليهودى ...

بعد أقل من شهر من غزو صدام للكويت كانت القوات الأمريكية قد وصلت الى مائة ألف جندى , وصرح وزير الدفاع الأمريكى تشينى فى أول سبتمبر 1990 م " أن حشد القوات مستمر ,وان مائة ألف رجل وامرأة يشاركون فى الحشود , وأن المهمة الرئيسية لا تتركز على مهاجمة صدام حسين فى الكويت أو العراق لكن على ردع العدوان وتطبيق الحصار ,

وأن العلاقة مع دول الخليج هى أوثق الآن عما كانت عليه فى أى وقت آخر ونحن فى سبيلنا لايجاد قوات أكبر من أجل دور أكبر , وان غزو العراق للكويت هو المهمة الأولى لتنفيذ الاستراتيجية الأمريكية فقد أعد المسرح للاستراتيجية الأمريكية الجديدة لكى يجرى تطبيقها فى الخليج , واننى أعتقد أننا نكتب فصلا جديدا فى تاريخ القرن العشرين واستراتيجية جديدة وعلاقات جديدة نتيجة ما يستهدف العالم من تطورات وعدم استقرار ,

وفى نفس الوقت صرح مسئول فى البيت الأبيض " بأن الحشود الأمريكية فى الخليج ستستمر من أجل أعداد عديد من الاختيارات أمام السياسة الأمريكية فى المنطقة .

وان كبار المسئولين الأمريكيين عن الدفاع قد أعدوا منذ وقت غزو العراق للكويت استراتيجية جديدة للقوى العسكرية الأمريكية وقد استدعى هذا الاجراء تفكك حلف وارثوالعسكرى السوفيتى , وأن السياسة الأمريكية تركز على حالاات الطوارىء وارسال قوات أمريكية لأجزاء مختلفة من العالم .

ولعل جيمس بيكر وزير خارجية أمريكا قد أفصح عن جانب آخر من أهداف الولايات المتحدة الأمريكية من وراء ارسال هذه الحشود الضخمة الى الخليج والذى يرى كثير من المحللين والدارسين أنه كان فى امكان الولايات المتحدة أن توقف الغزو العراقى للكويت من خلال تصريح شديد اللهجة أو حاد النبرات طوال فترة الحشود العراقية على حدود مع الكويت والتى استمرت فى التصاعد من قبل الخامس والعشرين من يوليو وحتى وقع الغزو فى الثانى من أغسطس سنة 1990 م , كما كان فى امكان واشنطن

– لو صدقت النيات أن تحسم الأمر مع صدام حسين من خلال لقائه مع السفيرة الأمريكية فى بغداد فى الخامس والعشرين من يوليو 1990 م – لعل جيمس بيكر أفصح عن جانب آخر من أهداف واشنطن من وراء حشودها الهائلة فى الخليج فى أعقاب الغزو العراقى للكويت حين قال :

" ان من أسباب الوجود الأمريكى فى الخليج .. حماية أعمال الأمريكيين فى المنطقة وتفادى مواجهة العالم لركود اقتصادى .

ان خط حياة العالم الصناعى يمر عبر الخليج ولا نستطيع أن نسمح لديكتاتور كصدام حسين ان يجلس فوق هذا الخط الاقتصادى , ان ذلك يعنى فى شكل مبسط أعمال الأمريكيين ويؤثر عليهم لأن ركودا اقتصاديا دوليا نتيجة سيطرة العراق على الكويت سيؤدى الى خسارة المواطنين الأمريكيين لأعمالهم " ولعل فى تصريح لوزير خارجية الجزائر بع شهر من انتهاء حرب الخليج ما يساعد على القاء الأضواء الكافية على حقيقة ما آلت اليه الأوضاع فى المنطقة العربية حينئذ وذلك حين قال :

"ان غياب الاتحاد السوفيتى لا يعوض واننا نخشى من انفراد واحدة بشئون العالم , وان هناك أخطارا تهدد العالم الآن ولدينا أدلة أن النظام الاحادى هو أخطر كثيرا من النظام الثنائى , وان شعوب العرب لم تمنح أدنى اعتبار فى أزمة الخليج , والعرب وحدهم هم الخاسرون على طول الخط ,

ويكفى انه قد تم حتى الآن تدمير بلدين عربيين ولا أصدق أن أمريكا خاضت الحرب لتظهر تفوقها , ولقد نجح الذين استطاعوا أن يدخلوا فى روع الرأى العام العالمى أن العراق ليه رابع أقوى جيش فى العالم فى حين أنه جيش دولة نامية فى مواجهة أقوى دولة فى العالم " .

الا أن هناك حقائق هامة رصدها الاخوان المسلمون – كما رصدها دون شك كل المخلصين المتتبعين لمسار الأزمة منذ بدا النظام العراقى يرسل مذكراته ورسائله ويحشد حشوده ثم يقوم بغزوه للكويت وما تلا ذلك من تدفق للقوات الأجنبية ومن هذه الحقائق :

1- أن التحرك الأمريكى على ساحة المنطقة العربية قد مضى مدفوعا بقدرات وطاقات معدة وجاهزة سلفا .

2- وأن التحرك الأمريكى مضى نحو أهدافه وبكافة سبله ووسائله وفى ادراك تام لامكانات وحاجات الآخرين وفى الوقت نفسه راعى هذه الحاجات والاحتياجات وخاصة بالنسبة للطرف الغربى واليابانى,وكان من جراء ذلك الوضوح الذى لمسناه فى الاستجابة اليابانية للمطالب الامريكية بدعم الحرب والمشاركة فى تحمل النفقات وبشكل ارتفع من مليار دولار الى 9 مليار دولار ,

طما افردت واشنطن دولاا متميزا لبريطانيا ذات التحرك الاستعمارى فى المنطقة والتى ورثت عنها أمريكا فيما بعد الحرب الثانية مساحات شاسعة على رقعتنا العربية والاسلامية كما أفردت لفرنسا دورا خاصا لتراثها الاستعمارى وأيضا لدورها الاوربى واستفادة أمريكا الى أبعد الحدود من الامكانات العربية وفى اطار سياسة عرفت وتعرف كيف تفصل الأدوار وفى توقيت مدروس وتراوحت هذه الادارة بين توفير المظلة العربية للمعسكر الغربى والعمليات الأمريكية وبين التأ ييد والدعم العربى الاقتصادى لواشنطن ,

وصدرت بيانات عربية عن وزراء خارجية عرب يسجلون فيها اكبارهم وامتنانهم للدور الأمريكى البريطانى الفرنسى كما عرفت واشنطن كيف توازن بين استغلالها لتوارى الدور الروسى عالميا وتفردها بالزعامة والقيادة على الساحة العالمية وبين مراعاة ظروف حكم الكرملين ومحاولة مساندتهم لمواجهة تحديات الداخل وذلك من خلال الابقاء عللى قنوات الاتصال والتشاور .

وكان أداء الاعلام الغربى عامة والامريكى خاصة – عملا هاما ساعد فى توفير الأجواء المناسبة والملائمة للمسرح كى تتوالى احداث اللعبة

– كما وصفها بيكر فى تناسق وتنسيق أضفيا عليها سمات التلقائية لتفريغ الأذهان والصدور من شكوك وريب حول ترتيب او اعداد أو تخطيط أمريكى مسبق أو استراتيجيات أمريكية مسبقة كانت فى انتظار التنفيذ من خلال الغزو العراقى للكويت ومع ذلك يبقى ما جاء فى كتاب قوة الانتشار السريع واحدا من الشواهد التى تشير باصبع الاتهام الى دولر أمريكى فى الاعداد للعبة وتهيئة المسرح , فقد اشار الكتاب :

الى أن بترول الشرق الأوسط شريان بالنسبة لأوروبا وأمريكا معرض للاعتداء من الخارج من روسيا أو من الداخل من العراق .

ولابد من قوة انتشار سريع يجرى انشاؤها لمواجهة ذلك الخطر , وذكر فى الكتاب أن الذهاب الى المنطقة بدون مبرر سيقابل بالاعتراض من القوى الوطنية والسياسية فلابد من مبرر بأن تعتدى دولة على أخرى , وهذا هو ما حدث بالفعل فى أزمة غزو صدام حسين للكويت .

لقد حركت أمريكا الأمم المتحدة ومجلس الأمن فى الاطار الأمريكى وعلى الطريقة الأمريكية ونحو تحقيق الأهداف الأمريكية ,

وسخرت الأجهزة والمنظمات الدولية لاضفاء الشرعية على كافة السياسات والخطوات , وأيضا لتذليل العقبات وتمهيد السبل أمام ما هو آت من احكام القبضة هنا وهناك , وتأكيد الانفراد بالزعامة على مستوى العالم ..

وتصفية القضايا فى عالمنا العربى على الطريقة الأمريكية وارساء الأوضاع فى الاطار المطلوب والمرسوم .

لقد تأكد أن حرب الخليج ليست الا مفصلا سياسيا سيأتى بعده الكثير , فأمريكا لم تقف عند حد " تحرير الكويت " بل دخلت شمال وجنوب العراق , ورغم ذلك أبقت على صدام .

وجاءت شروطها ضد العراق لتضع الشعب العراقى

– وليس صداما

– ولسنوات طويلة قعيدا لا يستطيع النهوض ويعد ذلك نموذجا لرسالة أمريكية موجهة لجهات كثيرة على الساحة العربية , خاصة وأن التعمير المطلوب أو المرغوب لصد التخريب والتدمير لابد أن يكون بالشكل المرغوب وفى الوقت المطلوب وبالأسلوب المرسوم .

لقد تقوى الوجود الأمريكى السياسى والدبلوماسى والمخابراتى فى المنطقة بالوجود العسكرى الذى صار مطلوبا ومرغوبا وقوبل بالمدح والثناء وتحت مظلة الأمم المتحدة كما جاءت قيادة أمريكا للأزمة لتفتح لها الطريق الى قيادة العالم .

ان أمريكا قد خرجت من أزمة الخليج وهى المستفيد الأول والأكبر اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وأدبيا .

ولعل هذا ما عبرت عنه تاتشر قبل تركها رئاسة الوزارة حين قالت فى اقتراح قدمته لواشنطن يتضمن استمرار أمريكا فلى لعب دور المسيطر على حلف الأطلسى مع ضرورة توسيع دور حلف الأطلنطى ليشمل العالم الثالث وليواجه الأخطار والتهديدات الجديدة مع انشاء منطقة حرة تدخلها أمريكا وتستأثر عشرة بالمائة من تجارة العالم ومن الناتج القومى العالمى .

الا أن أهم وأخطر ما فى الأمر أن أزمة الخليج انتهت بالأمةالعربية والاسلامية الى وضع يسر للسياسة الأمريكية من خلال الغزو العراقى للكويت والتدخل الأجنبى الذى أتى فى أعقابه تذليل ظروف وأجواء المنطقة للحلول والتصورات الأمريكية لقضاياها ومشاكلها وثرواتها وأوضاعها .

فمما لا جدال فيه أن الأمة فى الوقت الحالى أعقاب أزمة الخليج وافرازاتها تمر بظرف عصيب أجلى مظاهره الفوضى العامة والانقسام النفسى والسياسى فى الصفوف وفقدان الثوابت فى الحركة والمنهجية فى العمل مع التداعيات والانهيارات الحادثة الآن والمتوقعة مستقبلا فى شتى جوانب سياساتها وقراراتها العملية .

لقد أسهمت الأزمة والتدخل الأجنبى الذى أفسح الغزو العراقى للكويت جميع الأبواب أمامه فى ايجاد شروخ جديدة فى الجسم العربى والاسلامى وتوسيع وتعميق شروخ قديمة ,

فاذا أضفنا الى ذلك عوامل موجودة أصلا فى الجسد العربى والاسلامى مثل فقدان الأمة والأنظمة السياسية لأى منهج , مع تعدد وتضارب الولاءات السياسية ,

وغياب المؤسسات الفاعلة , وأيضا غياب ضوابط العمل السياسى وبروز الديكتاتورية كسمة فى كثير من الأقطار , نستطيع أن نتبين طبيعة الأجواء التى تتحرك فيها السياسة الأمريكية على ساحة عالمنا اليوم .

ان هناك أربعة ظواهر أساسية متكاملة لا تغيب عن الباحث فى الحالة العربية والاسلامية بعد كارثة الخليج :

1- الشعور بالاحباط الذى ساد وانتشر وامتزج بالمرارة على الساحة العربية فالناس صار لديهم احساس بأن هناك تخطيطا لمستقبل المنطقة وبالطبع مستقبلهم تبعا لذلك دون أن يكون لهم دور فى ذلك .

2- ويبعث على هذا الشعور ويشكله على نحو خاص الحضور الأجنبى الكثيف والأمريكى تحديدا , والذى أفرزته حرب الخليج .

والذى أ دى دورا خاصا فى ظروف وأجواء هيأها له الغزو العراقى للكويت , كان من بين نتائجها اضافة الى نتائج الحرب شعور فريق من الناس بقرب الأجنبى اليهم أكثر من قرب العربى , وشعور فريق آخر بالدونية ازاء التفوق الأمريكى .

3- وفى موازاة ذلك لم يطرا على العلاقة بين نظم الحكم فى المنطقة وبين المحكومين تغيير او تعديل , يحس المحكومين من خلاله أنه قد صارت أمامهم المساحات المناسبة للمشاركة والممارسة وقد أدى استمرار الأوضاع بل وزيادة تفاقمها فى بعض الجهات الى اتساع الهوة وتلاشى الثقة , وتعاظم حالة اليأس والقنوط على مستويات أوسع .

4- ولما كان الكيان اليهودى الغاصب هو المستفيد الأكبر من حرب الخليج على مستوى المنطقة , ولأن الولايات المتحدة الأمريكية تبذل وبكل همة جهدها لتمهيد السبل أمامه لتحقيق كافة أطماعه وأحلامه فان هذا يعنى وفى ظل بقاء الأوضاع والأجواء العربية على ما هى عليه أن عالمنا العربى يقف الآن فى مواجهة كارثة تهدد حاضره ومستقبله وهى احتمال دخوله ,

والمنطقة كلها فيما يمكن أن نسميه بالحقبة اليهودية , وان كانت هناك حقيقة ليس من السهل اغفالها وهى تزايد حدة العداء والكراهية على مستوى الجماهير العربية والاسلامية للعدو اليهودى , يؤكد ذلك تجارب الراى العام العربى مع عمليات قصف بعض جهات داخل الكيان اليهودى الغاصب بالصواريخ ابان حرب الخليج , رغم أنها كانت عمليات " مسرحية "

عديمة التأثير , ورغم أن غالبية الرأى العام العربى ليست من مؤيدى صدام حسين ولا متعاطفة مع نظام حكمه .

ولقد جاء التحرك الأمريكى خلال الأزمة وبعدها من خلال ادراك أمريكى لطبيعة الأجواء والظروف التى شملت المنطقة وهيأت السبل أمام السياسة الأمريكية كى تقدم على كثير من الخطوات على ساحتها وتعلن عن الكثير من المخططات والترتيبات التى تحويها الجعبة الأمريكية ازاء حاضر ومستقبل المنطقة .

ولعل من أهم ما أعلنت عنه أمريكا ابان الأزمة وفى أعقاب حرب الخليج هو النظام الدولى الجديد , وتؤكد كل الدلائل والشواهد أنه انتاج أمريكى يمثل احدى الثمار التى جنتها واشنطن من حرب الخليج , وهو يطرح وجهة النظر السياسية والقانونية والاقتصادية .

ازاء المنطقة من منظور أمريكى يعتمد على دعامتين , القوة كأساس للعلاقات الدولية , والاقتصاد الرأسمالى كأساس للعلاقات الاقتصادية الدولية ويقوم على أساس ضمان التفوق والهيمنة الأمريكية على العالم , وربما لأجل طويل ,

وفى خطاب ألقاه الرئيس الأمريكى بوش فى احدى الكليات الأمريكية الجوية بمناسبة تخريج دفعة جديدة وصف الرئيس الأمريكى النظام العالمى الجديد بأنه يؤكد الهوية الأمريكية ويحافظ على المصالح الأمريكية مما يؤكد أن النظام العالمى الجديد يسعى الى التأكيد على عدة أمور منها :

1- تحديد أهداف السياسة الأمريكية الخارجية متمثلة فى احتواء الخصوم التقليديين للولايات المتحدة أى الصين والاتحادالسوفيتى , وقد جرى الجانب الخاص بالاتحاد السوفيتى بنجاح كبير ... والصين فى الطريقة آتية .

2- المحافظة على التحالفات الأمريكية فى أوربا ومناطق العالم الأخرى كالشرق الأقصى وأمريكا اللاتينية .

3- تهميش دور بقية دول العالم وفى مقدمتها دول عالمنا العربى والاسلامى .

4- تشكيل معالم الواقع الدولى فى المرحلة الراهنة من خلال تشجيع تحلل المعسكرات الاشتراكية مع الاحتواء الممنهج لحركة أوربا المستقلة واليابان وقد لأدت السيطرة الأمريكية على مواقع البترول فى الخليج مع التواجد العسكرى الأمريكى الضخم فى المنطقة دورهما البارز فى ذلك ,

اضافة الى استغلال الظروف والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التى ترزح تحتها الدول النامية لدفعها الى المؤسسة الاقتصادية والسياسية والعسكرية الأمريكية ولو لتحقيق مجرد شرط البقاء .

واذا كانت أمريكا قد عرفت كيف تستغل الأزمة لتحقيق اهدافها فى الزعامة العالمية والتفرد بالقوة عالميا واحكام السيطرة على المواقع والمواصلات

والثروات فى منطقة الخليج فانها أيضا عرفت كيف تستغلها وتسخرها فى تهيئة المجال امام الكيان اليهودى للتحرك على شتى الأصعدة وعلى ساحة المنطقة لتحقيق أهدافه أيضا .

وتأتى المفاوضات الثنائية والاقليمية – والاطار الذى تمضى فيه كل منهما لمشروعين أمريكيين يهوديين يجرى تشكيل الحاضر والمستقبل العربى فى اطارهما . المفاوضات الثنائية للانتهاء من الحقوق العربية فى الديار العربية والاجهاز عليها ,

والانتهاء بالفلسطينيين داخل الأرضي المحتلة وخارجهل الى الأوضاع التى رسمها اليهود منذ سنوات طوال وباركتها وتباركها أمريكا , فاللاجئون يسكنون فى الأقطار التى يقيمون فيها وبصفة نهائية مع منحهم هويتها ,

والذين فى الداخل يمنحون وضعا لا يعدو نظام المحليات والمجالس البلدية – يؤكد اطاره مشروع شامير الذى طرحه منذ عامين ودعا فيه لاجراء انتخابات فى " يهوذا ووالسامرا " على حد قوله لتحديد زعامات داخلية تتفاوض مع العدو اليهودى حول اطار الحكم المحلى ,

مع استمرار التواجد العسكرى اليهودى فى مناطق ومواقع تحقق مفهوم الأمن عند الكيان اليهودى ومن خلال تحقق استمرار مفهوم السيطرة .ٍ

ومع بروز مشروعات الاتحاد الكونفدرالى التى تطرح بين الحين والحين على الساحة العربية كمقدمات لاطار يربط بين الكيان اليهودى عبر الضفة وغزة وشرق الأردن وبين العراق والخليج .

أما المفاوضات الاقليمية التى بذلت الولايات المتحدة كافة الجهود لتمضى قدما مع المفاوضات الثنائية ثم لتنفصل عنها لو توقفت أو تعثرت تهدف لتأكيد المشاركة اليهودية الفعلية فى كافة قضايا المنطقة , ليس حول أزمة المياه التى تهدد الكيان اليهودى قبل غيره فقط ولكن على مستوى كل النواحى والقضايا .

صحيح أن المياه حظيت وما زالت تحظى بنصيب كبير من الاهتمام الأمريكلى اليهودى الى الحد الذى دفع أمريكا لتأسيس مراكز أبحاث ودراسات تخطط لمشاكل المياه منذ بداية الثمانينات وتضع مختلف التوقعات والتصورات والتى تصل فى بند الاحتمالات الأمريكية المتوقعة فى عام 2000 الى مستوى الحروب ,

الأمر الذى يؤكد على مدى استغلالها كسبيل لايجاد الترابط والتشابك فى العلاقات بين دول المنطقة والكيان اليهودى , ولعل ذلك واضحا تمام الوضوح فى مشروعات الأنابيب التركية وضوحه فى المشروعات والمقترحات اليهودية التى تهدف الى مد شرايين من النيل الى النقب وشرايين من أنهار سوريا ولبنان اضافة الى مشروعات تقام على الأردن ولكنها تصب فى الكيان الغاصب منه مركزا لشبكاتها .

بل ان المياه كمشكلة وقضية تحظى بأبعد مما هو معلن من الاهتمام الأمريكى واليهودى , اذ كان من المرتب له لأن يعقد مؤتمر على مستوى رؤساء المنطقة فى تركيا فى نوفمبر 1991 م ويحضره الكيان اليهودى والأمريكيون لبحث قضية المياه.

الا أن المشروعات الاقتصادية التى يطرحها الكيان اليهودى الذى تقدم بالفعل بدراسات جاهزة عنها الى المجموعة الأوربية لتحريكها والمساهمة غيها بجانب المال والسواعد العربية هى الأخرى تصور مدى الأهتمامات الأمريكية ومدى ضخامة الأهداف والغايات اليهودية

من وراء تنفيذها خاصة وأنها كلها تهدف لاستغلال وتسخير خيرات وموارد المنطقة من خلال المشروعات المشتركة بالشكل الذى تلعب فيه التكنولوجيا الأمريكية واليهودية والعقل اليهودى الدور البارز والمؤثمرو الموجه وتلعب فيها الموارد العربية والأموال العربية والسواعد العربية الدور التنفيذى .

لقد طرح الكيان اليهودى عديدا من المشروعات المشتركة بينه وبين مصر وسوريا وبينه وبين الأردن اضافة الى مشاريع أوسع من ذلك تتصل بالقوى المحركة والبترول وشبكات الكهرباء المشتركة بل لقد امتدت الرؤية اليهودية الى مستوى المشروعات المشتركة مع كافة العرب ...

فى الخليج وشبه الجزيرة العربية وفى اتجاه المغرب .

فى سبتمبر 1989 كلف الرئيس الأمريكى بوش مبعوثه الخاص ريتشارد ارميتاج بالتحرك فى موضوع المياه , وقام بالعديد من الجولات والمباحثات كان آخرها وربما أكثرها دلالة المؤتمر الصحفى الذى عقدته هيئة مبادرة القمة العالمية حول المياه وهى جمعية أبحاث ذات صلة وثيقة بالمخابرات الأمريكية وتم فيها الدعوة الى عقد اجتماع خاص حول المياه فى استانبول كان من المقرر عقده – كما سبق – فى نوفمبر 1991 م الا أن أهم ما كان فى المؤتمر وهو ما قاله أريتاج :

ان أزمة المياه تواجهنا جميعا . وليس هناك ما هو أهم من ضمان الشروط الأولية لبقاء الانسان , فهى أهم من النزاعات حول الحدود أو التطلعات السياسية أو الترتيبات الأمنية .

ان أزمة الخليج التى بدأت بالغزو العراقى للكويت , وفتحت الأبواب أمام التدخل الأجنبى لتحل الكارثة بالعرب والمسلمين – ويبقى النظام العراقى كغيره من الدكتاتوريات متربعا فوق كراسى السلطة فوق الأنفاس والصدور – يبدو أنها هدمت أمام السياسة الأمريكية والمهدمة لكل الحواجز , وكل القيود والحدود لتعيد الصياغة ورسم الخرائط ..

خرائط المجارى المائية والقنوات والموارد الاقتصادية والترتيبات الأمنية التى تهدف على حد قول بيكر الى ايجاد نظم أكثر ديمومة .

هذه الأزمة من خلال افرازاتها ونتائجها ونوازلها التى حلت وتحل بالعرب تطرح اليوم على الذين أنكروا على الاخوان موقفهم المبدئى من الغزو العراقى للكويت ومن التدخل الاجنبى فى الخليج أو شككوا فى هذا الموقف أوحاولوا تشويهه أمس ...

ألم يكن الإخوان المسلمون على حق حينما أدانوا غزو صدام للكويت واعتبروه نذير شؤم يفتح أبواب الشر والكوارث على العرب والمسلمين ..

وحينما أدانوا التدخل الأمريكى والمؤيدين له وحذروا من مخاطره ونوازله وكوارثه وطالبوا بسرعة رحيله .

نحسب أن الواقع العربى الذى أفرزته أزمة الخليج وفى ظل النظام العالمى الذى أعلنته واشنطن من خلال أزمة الخليج أيضا .. فيه أبلغ الاجابات ..

بل أقسى الاجابات لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .

ثالثا : التداعيات فى المنطقة تثبت سلامة مواقفنا :

أ- الترتيبات الأمنية :

بدأ الحديث عن الترتيبات الأمنية على الصعيد الأمريكى مع وصول الطلائع الأولى لقوات التدخل الأجنبى وذلك حين صرح مسئول أمريكى فى البيت الأبيض بأن الغزو العراقى للكويت قد هيأ الفرصة لاستراتيجية أمريكية مسبقة كى يجرى تنفيذها فى المنطقة .

أيضا صرحت مصادر فرنسية بأن هناك مخططات جديدة فى المنطقة فى مرحلة ما بعد الحرب وأن هناك مراكز أبحاث فرنسية وبريطانية تشارك فى وضع صيغ للترتيبات القادمة فى المنطقة .

وفى منتصف فبراير 1991 تحدث جيمس بيكر عن خمسة تحديات تواجه أمريكا فى المنطقة بع الحرب : هى الأمن فى الخليج والحد من الأسلحة المتطورة وبناء ما تهدم ورغبة أمريكا فى الحد من الاعتماد على الطاقة المستوردة .

وقال ان المطلوب هو الاجابة على أسئلة مهمة من أجل ضمان الأمن فى الخليج ومن ذلك .

" هل يجب انشاء قوة برية دائمة من قوات محلية تعمل تحت رعاية الأمم المتحدة وكيف يمكن للمجموعة الدولية تنفيذ الردع فى الخليج من خلال المشاركة بقوات أو من خلال ترتيبات سياسية أو تقديم التزامات أمنية ..

ونبه الاخوان الأذهان الى خطورة ما تسعى اليه السياسة الأمريكية والغربية على ساحة المنطقة أمنيا وعسكريا الأمر الذى يقتضى قراءة واعية فى أوراق الأمس وصيغه لنضع الأيدى على مواطن الداء والعلة لنصل الى نتيجة تؤكد أن أى بناء لا يعكس هوية الأمة ولا يتجرد لصالحها ولا ينبثق من ذاتها وداخلها ولا تنهض على ادارته جهات تغلب الصالح العام وتضع قضايا ومصالح الشعوب فوق كل اعتبار مآله الى انهيار أو اندثار "

وأن أى ترتيبات أمنية أو سياسية يجب أن تنبع من ضمير وقلوب الجماهير ومن خلال مؤسسات ومجالس شعبية تمثل الشعوب بلا تزييف ولها الكلمة الأولى والأخيرة فى اقرار الصيغ بعد طرحها على كل الساحات والقطاعات وبعد أن تبلورها مراكز علمية تخصصية حتى تكون فى منأى عن الأهواء وترتفع الى مستوى مصالح وقضايا الشعوب .

ان منطقة الخليج والعالم العربى كله منطقة عربية اسلامية , ومن ثم فان الترتيبات يجب أن تكون عربية اسلامية نابعة من داخل المنطقة غير مطروحة أو مفروضة من الخارج بل فى اطار ومن خلال صيغ عربية اسلامية تضع فى العتبار صالح دولها والحفاظ على استقلالها وحماية مواردها بما فيها مياهها وكافة ثرواتها مع تسخيرها لصالح شعوبها .

واذا كان الاطار العربى والاسلامى يتسع ليشمل كل دولة اسلامية من دول ما يسمى بالجوار فان المنطق يقول انه ليس مما يتفق مع المبادىء والرؤية الاسلامية الصحيحة أن يشمل النظام دولا اسلامية لها علاقتها أو ارتباطها بأحلاف أجنبية أو قوى أجنبية الا بعد أن تتحرر من هذه الروابط والقيود وتتجرد لروابط الاسلام وحده .

وأن تكون فى مقدمة أهداف هذه الترتيبات الآمنية والسياسية أن تحشد كل الطاقات والامكانات لمواجهة عدو الأمة الجاثم فوق أرضها الوالغ فى دماء أبنائها المعتدى على كرامتها وأعراضها وهو الكيان اليهودى الغاصب .

وهذا يعنى أن أى ترتيبات يجب أن تضع الاعتبار الاول أن الكيان اليهودى الدخيل هو الخطر الداهم الذى يجب استئصاله وأن أى ترتيبات تسعى لضمه أو انتفاعه بمواردها يعنى طعن الأمة فى ظهرها واستدراجها لحتفها .

ويأتى الفشل فى تنفيذ اعلان دمشق بالاضافة الى ما تفتأ به الجهات المسئولة فى الولايات المتحدة تعلنه بين الحين والآخر عن ابقاء قواتها العسكرية أو مشاركتها فى أعباء أمنية بالاضافة الى السعى الأمريكى واليهودى المتواصل وعبر المفاوضات الثنائية والمتعددة الأطراف لنهوض الكيان اليهودى بدور خطير عسكريا واقتصاديا وسياسيا فى المنطقة ,

يأتى كل ذلك ليؤكد عمق الرؤية السياسية .. وتفاعلها مع مصالح الأمة فى حاضرها ومستقبلها فى حرص ونزاهة والخطط تسير وقد وقعت دول الخليج " الكويت والامارات وقطر وعمان " معاهدات تحلف ثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية , والتى لها وجودها الحقيقى فى البحرين .

ان الاخوان المسلمين يشجبون هذه المعاهدات ويحذرون الأمة الاسلامية من عواقبها الوخيمة ويحضونها على العمل لافشالها والغائها .

ب- آثار على الجسد العربى والاسلامى :

ولا شك أن أزمة الخليج قد تسببت فى خسائر جسيمة لحقت بالجسد العربى والنفس العربية كما لحقت بأرض العرب وثروات العرب .

فعلى ساحة الكويت تعرض للغزو والتخريب والتشتيت , وأيضا التدمير لحق به فى مختلف نواحى حياته . على مستوى الانسان الكويتى والثروات ومصادر العيش الكويتية ,

مما أحدث جرحا غائرا فى النفوس كانت وستظل له أعماقه وأبعاده ربما الى وقت قد يطول طالما بقى العلاج العربى الصحيح غائبا وطالما بقيت الظروف والأجواء فى العراق على وضعها الراهن .

لقد جد على الساحة الكويتية توجه كويتى الى خارج الديار العربية للبحث عن مصادر للامن والمساندة تحظى بالمساندة والاطمئنان .

ويزيد من خطورة الأمر أنه صاحب ما لحق بالكويت من دمار وتدمير وفقدان للثقة والاطمئنان , تفتت عربى فى الامكان دعمه لوقف الجريمة التى ارتكبها النظام العراقى والحيلولة دون آثارها ونتائجها واصابة الأمة بأسرها فى مقتل .

لقد تم تدمير اقتصاد بلاد عربية بأسرها , كما جرى تحميل دول البترول لنفقات الحرب بالاضافة الى 300 مليار دولار هى حجم الخسائر العراقية كما قدرتها بعض الجهات ,

تحملت دول الخليج ما يزيد على الستين مليار دولار نفقات للحرب , كما تكبدت السعودية أكثر من خمسين مليار خسائر تحملتها بالاضافة الى ما تحمله من أعباء الحرب ,

وفقدت البحرين نصف عائدتها من البترول خلال الحرب , وخسرت مصر واليمن حقوق ومدخرات عمالتها اضافة الى ما أحدثه العودة العمالية وعلى مستواها الذى حدث فى أزمة الخليج من ضوائق مالية وارباك للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية .

لقد لحق بالشعوب العربية انهزام نفسى , وتمزق داخلى فى الجسم العربى وقد وسع من هوته حملات وهجمات الاعلام المغرضة على كافة الساحات .

لقد اظهرت الأزمة هشاشة التجمعات العربية .

ج- بقاء صدام حسين رمز لاهانة المنطقة :

وعقب انتهاء حرب الخليج وانسحاب القوات العراقية من الكويت – حدث الانفجار الشعبى فى العراق " ضد صدام حسين وحكمه البعثى , وما جره على البلاد والعباد من خراب ودمار , الا أن النظام العراقى سلط قواته الخاصة على الشعب الكردى المسلم فى الشمال وعلى أبناء الشعب العراقى فى الجنوب فى الوقت الذى بدا فيه واضحا أن الغرب برئاسة أمريكا قد بدأ ينفذ مخططا لتقسيم او تجزىء العراق , خاصة وأن البيت الابيض الأمريكى قد أصدر كثيرا من التصريحات والوعود بالوقوف مع أى محاولة شعبية عراقية تهدف الى الاطاحة بالنظام البعثى الحاكم بزعامة صدام حسين ,

ولم تكن الوعود والتصريحات سوى وسيلة من وسائل التأثير والدفع على الساحة الشعبية لمجرد تهيئة الفرصة أمام مخطط التجزىء الأمريكى للعراق كى يكون جاهزا للتنفيذ أو تحت الطلب , فقد تجاهلت أمريكا والغرب كافة العهود والوعود ابان المذابح التى جرت فى الشمال والجنوب وسالت فيها أنهار من الدماء العراقية على أيدى جيوش النظام وقواته الخاصة .

وصدر بيان عن الإخوان المسلمين يؤكد موقف الاخوان المنحاز دائما الى صف الشعوب ضد الجلادين فقال : "

ان الاخوان المسلمين وقد آلمهم ما نزل بالكويت من احتلال عراقى وما أشاع من دمار وخراب واذلال لشعب الكويت الشقيق , وكذلك ما يتعرض له شعب العراق الشقيق من تدمير شامل ليستنكرون الخطة الخبيثة للاجهاز على ما تبقى من تماسك للشعب العراقى والعمل عللى تقسيمه لدويلات " .

ان الذى يحدث فى العراق ما كان له أن يحدث لو حكم العراق بالشورى الاسلامية ورئيسها حاكم مسلم يتقى الله , وما كان لديكتاتور العراق أن يهلك الحرث والنسل فى بلده قبل حرب الخليج وأثناءه الحرب وبعدها .

د- وتبقى تصفية القضية الفلسطينية من خلال ما يطلق عليه " مؤتمر السلام " :

وسوف نتناول موقفنا منه فى كتابنا القادم – تفصيليا – باذن الله تعالى . كما أن أهم التداعيات الاساسية والبالغة الخطورة الناجمة عن حرب الخليج والتى قد نبه الاخوان الأذهان اليها وفتحوا العيون على كل ما يحاك لها وحولها . تحتاج الى مؤلف آخر مستقل .

ملحق

بيانات ووثائق

قبيل الاحداث :

1- بيان الإخوان المسلمين حول الخلافات التى نشبت بين العراق الشقيق والشقيقتين الكويت والامارات 25\7\1990

2- البيان الثانى للإخوان المسلمين بمناسبة انعقاد مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية 29\7\1990 م وقت الاحداث :

1- البيان الاول الذى صدر يوم غزو العراق للكويت 2\8\1990 م

2- البيان الثانى الذى صدر عقب التدخل الأجنبى فى الخليج 11\8\1990 م

3- البيان الصحفى بعد زيارة سفير العراق فى القاهرة لمكتب الارشاد 16\8\1990

4- البيان الصحفى بعد زيارة وزير الدولة الكويتى لمكتب الارشاد 25\8\1990

5- بيان حول منع سفر وفد التحالف الاسلامى للتوسط فى حل أزمة الخليج 12\9\1990

6- بيان الاخوان حول نتائج مساعى وفد التحالف الاسلامى 10\11\1990

7- بيان الى الاخوة أبناء الكويت فى مؤتمرهم الشعبى

8- بيان الاخوان بسحب القوات المصرية من الخليج 22\1\1991

9- بيان الاخوان عن مجزرة مخبأالعامرية بالعراق 14\2\1991

10– بيان للاخوان حول المبادرة العراقية الى وقف اطلاق النار 16\3\1991

11- بيان الإخوان المسلمين بعد وقف اطلاق النار وعودة الشعب الكويتى 2\3\1991

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان من الإخوان المسلمين

لقد أفزع أبناء الاسلامية هذا الخلاف الذى ظهر بين العراق الشقيق والشقيقتين الكويت والامارات 0العربية المتحدة .

ومهما كان سبب الخلاف فالاصل أن يتم تسوية هذا الخلاف فى اطار الاسرة العربية وألا نسمح بأى تدخل خارجى وأن يحرص كل طرف على الوصول الى الحل السريع المنصف وألا يستمر الخلاف أو يتصعد فلن يستفيد من ذلك الا الأعداء المتربصون وخاصة العدو الصهيونى

فباسم الإخوان المسلمين نناشد قادة الأقطار الشقيقة وحكوماتها الاستجابة لهذا النداء والعمل الجاد لانهاء هذا الخلاف فى أقرب وقت , ونسأل الله أن يؤلف القلوب وان يبعد عنا نزغ الشيطان ومكر الأعداء وأن نكون جميعا عند توجيه الله تعالى للمؤمنين " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " محمد حامد أبو النصر

المرشد العام للإخوان المسلمين

القاهرة فى : 3 محرم 1411 25 يوليو 1990

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان من الإخوان المسلمين بمناسبة انعقاد مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وامام المرسلين سيدنا محمد وصحبه أجمعين .. وبعد . بمناسبة انعقاد مؤتمر وزراء خارجية الدول الاسلامية بالقاهرة فان الإخوان المسلمين يرحبون بالتئام الشمل ويدعون من أعماق قلوبهم أن يوفق الله المؤتمرين لكل ما فيه خير الأمة الاسلامية شعوبا ودولا ومن ثم نضع أمام أنظارهم بعض ما نراه محققا لذلك وبالله تعالى التوفيق :

ان أول ما تتوثق به العرى بين الدول الاسلامية على نهج قويم وما لا تتحقق بدونه رابطة الاخوة التى فرضها الله تعالى بين عباده عز وجل :

" انما المؤمنون اخوة " قضية تطبيق أحكام الشريعة الاسلامية بعمومها وشمولها فى مختلف الدول الاسلامية تطبيقا صحيحا أصيلا بحيث يكون القرآن الكريم هو الدستور المعمول به روحا ونصا فى جميع ما ينظم شئون الدولة , والمرجع الذى يستفتى فى كل ما يتعلق بالسياسة الداخلية والخارجية والصبغة التى يصطبغ بها نهج الافراد والجماعات

" صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون " ومما لاشك فيه أنه اذا ما عملت حكومات الدول الاسلامية على تحقيق ذلك وخطت فى سبيل تنفيذه خطوات جدية فسرعان ما يظهر أثره العظيم باذن الله وتبرز نتائجه التى تعود بالخير والبركات على كافة الدول والشعوب الاسلامية .

ان تحقيق حرية الشعوب الاسلامية وحقها الأصيل فى كل ما يتعلق بتدبير شئونها وتأكيد الحفاظ على كرامة الانسان المسلم وحقوقه المشروعة السياسية والاقتصادية والاجتماعية أمر لا غنى عنه لامكان تفاعل الشعوب مع حكوماتها حتى يمكن أن تتطور الأمة تطورا سليما بخطوات موثوق بها نحو تحقيق الآمال العظام الملقاة على عاتقها .

ان قضية فلسطين وشعبها الذى يعانى ما يعانيه من خسف وضيم وتشريد وقتل وانتهاك أعراض , لابد للدول الاسلامية من وقفة صريحة وواضحة بخصوصهافلا يعقل أن يتم هذا الذى يجرى ويقتصر الأمر على بيانات تصدر فى مناسبات وهى بيانات أصبحت غير ذات موضوع .

والمسلمون فى كل أنحاء العالم يتطلعون الى عمل جماعى يكون له تأثيره القوى والى الجهاد الشعبى الشامل اذ لم يعد فى الوقت فسحة بعد أن بدأت فعلا جريمة العصر فى التحقيق وتؤكد حكومة العدو الصهيونيةالصهيونى على تنفيذ مخططها العدوانى لجلب الملايين من اليهود الى أرض فلسطين المحتلة واستئصال البقية الباقية من اخواننا الفلسطينيين الذين ما زالوا يعيشون على بعض أرضهم .

ان قضية الجهاد الاسلامى فى افغانستان لها هى الأخرى صدارتها وأهميتها خاصة بعد أن تآلف الأعداء السابقون وتوافقت ارادتهم على انهاء ثورة المجاهدين وتقليص جهدهم بمنع السلاح والذخيرة عنهم فان لم يجد اخواننا فلى الله وفى الاسلام وفى الجهاد عونا لدى الدول الاسلامية وسندا من حكوماتها فأى مطمع لهم يكون لدى غيرها .

ان الاستعمار الهندى يبذل كل جهده لتغيير الواقع الاسلامى فى جامو وكشمير وينفذ خططا لتحويل الغالبية المسلمة الى أقلية , وشعب كشمير المسلم يقاوم حرب الابادة هذه وهم ينتظرون بحق من الأمم الاسلامية وحكوماتها ما هم فى أشد الحاجة اليه من عون وتأييد .

كما نؤكد على ضرورة تضافر الجهود لانهاء مأساة لبنان وما يتعرض له شعبها من حروب ومآس .

ولئن كنا قد ذكرنا هذه القضايا الأربع الملتهبة الثائرة فاننا لا نغفل ولا نتناسى قضايا شعوب واقليات اسلامية مهضومة الحق تعانى أبشع أنواع الاضطهاد فى كثير من النحاء كما لا نغفل عن جهود عالمية تتخذ وسائل القهر والاغراء معا لتحويل المسلمين عن دينهم وعقيدتهم فى كثير من الدول الاسلامية وكلها قضايا مطروحة لها أهميتها وقيمتها .

ان قضايا التكامل الاقتصادى والتواصل الاجتماعى والثقافى والتعاون العلمى والتقنى بين الدول والشعوب الاسلامية اصبحت فريضة لا مفر من تحقيقها فى عالمنا هذا الذى يعيش الآن عصر التكتلات الضخمة وهو عصر العلم والقوة .

ان الدول غير الاسلامية استطاعت أن تمحو الخلافات التى كانت تفرق بينها وانقلب العداء بينها الى تحالف وتآزر لم يتورع عدد من قادتها عن تحديد وجهته والحاجة التى دعت اليه وأن الصحوة الاسلامية التى ظهرت فى عدد من الأقطار خاصة التى بها موارد الطاقة والموارد الأولية باتت هى العدو الذى يخشى منه فوحدة الأمة اذن أصبحت قدرا لابد من تحقيقه والا لحقها الفناء .

ومن أول ما يلزم تمهيدا لتحقيق تلك الوحدة انهاء كل أسباب الخلاف بين الدول الاسلامية والاعراض الكامل عن كل المنازعات التى تتسم بالعنف او تهدد باستخدام القوة ونرى أن تشكل هيئة تبحث ما قد يطرأ بين الدول الاسلامية من اختلاف فى وجهات النظر وتجد لها حلا سليما يؤسس على مقتضى ما أمر الله تبارك وتعالى به وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو العدل والانصاف الذى يعطى كل ذى حق حقه .

محمد حامد أبو النصر

المرشد العام للإخوان المسلمين .

القاهرة فى 7 محرم 1411

29 يوليو 1990

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان من الإخوان المسلمين بشأن غزو العراق للكويت

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه .. وبعد .

فى الوقت الذى تعاظمت فيه آمال الأمة الاسلامية العربية فى ان يسود الوئام والاستقرار وأن تتجه كل الجهود لملاقاة الأعداء الذين أنهوا أسباب الخلاف بينهم ليكونوا صفا واحدا تجاه الصحوة الاسلامية التى عمت الرجاء .

وفى الآونة التى بدا ان الخلاف بين الكويت والعراق اتخذ طريقا سلميا للحل والتفاهم فوجئنا بالغزو العسكرى العراقى للكويت فكان هذا عملا مروعا ومثيرا للدهشة ومخيبا للآمال – ولا يغيب عن الذهن ان هذا الحدث الضخم يفتح أبواب شر خطيرة وكبيرة ويؤثر على مجريات كفاح الشعوب الاسلامية فى كل الأرجاء خاصة فى فلسطين المحتلة ويخشى أن يستغله العدو الصهيونى لتحقيق مآربه .

ونحن نهيب بقادة العراق أن يعيدوا النظر فيما اقدموا عليه وهو الأمر الذى أجمعت الأمة الاسلامية بل والعالم على استنكاره كما نهيب بكل شعوب وقادة الأمة الاسلامية بل بالعالم كله على استنكاره كما نهيب بكل شعوب وقادة الأمة الاسلامية أن يبادروا ببذل مساعيهم ونفوذهم لدى دولة العراق لتسحب قواتها من الكويت وتمتنع عن التدخل فى شئونها تمهيدا لأن تستأنف مساعى الوساطة بين البلدين الشقيقتين لايجاد حل سلمى لما هو واقع بينهما من خلاف قديم .

والله نسأل أن يجنب أمتنا الاسلامية عامة والعربية خاصة ما يتهددها من أخطار تحيط بها من كافة الجوانب وأن يهييء لها ولقادتها ما يسدد به الخطى وينجى به المهالك , وهو سبحانه وتعالى أعظم مسئول واكرم مجيب .

محمد حامد أبو النصر المرشد العام للإخوان المسلمينالقاهرة 11 محرم 1411-2-اغسطس 1990 م

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان من الإخوان المسلمين بخصوص تطورات الأحداث المترتبة على غزو العراق للكويت .

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الرسول الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين ... وبعد .

فان جماعة الإخوان المسلمين وهى تستشعر عمق المأساة التى يعيشها العالم العربى فى هذه الآونة وفداحة الخطب الذى نزل به , تدعو الله تبارك وتعالى من اعماق القلب أن يجعل لأمتنا العربية الاسلامية من ضيقها مخرجا ومن كربها مخرجا وهو أعظم مسئول وأكرم مجيب , ثم هى تضع أمام أنظار الأمة الاسلامية عامة والأمة العربية خاصة – توضيحا لموقفها واستجلاء لرأيها ما يأتى :

اولا : أن الجماعة تؤكد ما سبق أن أوردته فى بيانها الصادر بتاريخ 11 محرم 1410 الموافق 1990 من انها لا تقر استخدام القوة فى العلاقات بين الدول العربية وهى تعارض كل تدخل عسكرى من دولة عربية أو مسلمة ضد دولة اخرى .

ثانيا : كما تؤكد الجماعة ما سبق أن ذكرته ببيانها سالف الاشارة اليه أن الخلافات بين الدول العربية والاسلامية يجب أن تسوى بالوسائل السلمية وطبقا لحكام الشريعة الاسلامية الغراء التى تدين بها شعوب الأمة العربية الاسلامية والتى هى النبراس الذى تهتدى به والدستور الذى تخضع له عن طواعية ورضاء نفس , ثم طبقا لأحكام ميثاق جامعة الدول العربية والقانون الدولى وغير ذلك من النواثيق والقوانين التى تنظم العلاقات بين الدول فى الكيان الدولى .

ثالثا : أن جماعة الاخوان المسلمين تستنكر وتعارض بكل قوة التدخل الأمريكى .

والجماعة تعارض وجود القوات العسكرية الأمريكية أو غيرها من القوات الأجنبية فى منطقة النزاع وتطالب بانسحابها على الفور فوجودها امر مفروض على جميع المستويات وبكل المقاييس ومن شأنه أن يعيد عصور الحماية والاحتلال السافرين للمنطقة ,

بل ولغير دول المنطقة من دول الشرق الأوسط لدول العالم الثالث أجمع , مما يعود بالعالم الى قرن الاستعمار الذى تآمرت فيه الدول الأوربية على اقتسام شعوب وثروات افريقيا وآسيا وجميع الدول المستضعفة .

وكان الأولى بالولايات المتحدة الأمريكية أن تتخذ موقفا حاسما تجاه ربيبتها " إسرائيل "

التى تحتل جزء عزيزا من أرض الأمة الاسلامية العربية ابادت معظم شعبه ولم تزل توقع بالبقية المتواجدة فى أرض فلسطين أشد أنواع الخسف والهوان والذل وتستبيح دماءهم واموالهم وأعراضهم ولا تعترف لهم بأى حق من الحقوق الانسانية أو الوطنية بل لا زالت السلطات الصهيونية المحتلة لفلسطين تستزيد جلب وتهجير الملايين من يهود روسيا واوربا والحبشة وغير ذلك من جميع انحاء العالم لتوطنهم فى الأراضى الفلسطينية مما لا يجعل مجالا لشك فى أنها تعمل على ابادة البقية الباقية من الفلسطينيين

بل هى تعمد الى تحقيق توسعاتها التى لا تخفيها نحو حلمها فى دولة إسرائيل التى تمتد من الفرات الى النيل كل ذلك والولايات المتحدة الأمريكية لا تتخذ اى اجراء مهما كان بسيطا نحو السلطات الصهيونية المحتلة لفلسطين بل تؤيدها بالمال والعتاد وبالتأييد الأدبى وبنقض كل قرار يجمع عليه مجلس الأمن يكون فيه أبسط مؤاخذة أو أقل اعتراض على موقف الحكومة الصهيونية

– كما أنه من المعلوم أن الجيش الامريكى يضم أعدادا من اليهود الذين يتعصبون كل التعصب ضد الأمة الاسلامية ولا يوجد فى صدورهم الا الكيد لها والعمل بكل الوسائل على اضعافها وسلبها كل الحقوق .

كما أنه من المعروف أن الجيش الأمريكى يضم اعدادا غير قليلة من العسكريين الذين يحملون الجنسيتين الاسرائيلية والأمريكية ويعملون فى ذات الوقت فى كل من الجيشين .

والقوانين الأمريكية تمنع منعا باتا التفرقة بين اليهود وغير اليهود مما يمتنع معه على القيادات العسكرية الأمريكية أن تتخذ أى اجراء يحول دون تواجد اليهود والاسرائيليين ضمن القوات العاملة فى الراضى السعودية وفى منطقة الخليج , الأمر الذى يفزع المسلمين فى جميع أنحاء العالم لأن السعودية تضم مقدسات المسلمين , فيها قبلتهم ومدينة نبيهم وقبره .

رابعا : كان من الأولى قبل الاحتلال العسكرى الأمريكى لمنطقة النزاع

– أو بشرط جلائه منها

– أن تشكل قوة عربية من دول عربية أة اسلامية تطمئن اليها المملكة العربية السعودية ودول الخليج والعراق مثل مصر والجزائر والمغرب وباكستان لتقف سدا على الحدود يمنع احتمالات غزو العراق للسعودية او غيرها من دول الخليج ويتيح فرصة استرخاء يتيسر خلالها ايجاد حل سلمى للنزاع العراقى الكويتى ويحفظ لكل من الطرفين حقوقه

– أما مع تواجد قوات الاحتلال الأمريكى بالمنطقة وما تتوالى به الأخبار من أنه سيلحق بها قوات بريطانية وفرنسية وغير ذلك فانه يكون من المفروض رفضا كاملا ارسال أى قوات عربية بصفة عامة أو مصرية بصفة خاصة لأنه يكون من المسلم به أن وضع القوات العربية فى المنطقة سيكون وضع التابع للقوات المريكية وحليفاتها الأجنبية التى لها حق التصرف واتخاذ المبادرة دون أى اعتبار للقوات العربية عامة والمصرية خاصة بل ستكون للقوات الأمريكية والأجنبية مواقع الصدارة والأفضلية والأقل خطورة عند المواجهة بينما تكون للقوات العربية مواضع الابادة والتعرض للمهالك والأخطار

– كما أن الواضح للعيان كما تواترت به الخبار وما يؤكده سير الأحداث والحشود العسكرية أن القوات الأمريكية وحليفاتها لن تستمر فى موقع الدفاع بل هى تعد العدة لغزو العراق والهجوم عليه وتوجيه الضربات القاصمة الى المؤسسات العسكرية والاقتصادية والحضارية

– وان اشتراك القوات العربية فى تحطيم الشعب العراقى وجيشه أمر لا يمكن قبوله بحال من الأحوال – ومهما قيل فى شأن قيادة الرئيس صدام حسين للعراق ورئاسته للنظام القائم فبه , فانه من وجهة النظر العربية والاسلامية فان العراق ,

وكما قال الرئيس مبارك فى خطاب افتتاحه مؤتمر القمة العربية الأخير , يعد بلا شك رافدا من اكبر روافد الأمة العربية وقوتها العسكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية ولا يجوز ان تنزل المصيبة بشعب العراق ومؤسساته ومصادر كيانه وثرواته , فضلا عن أن يشارك أى من قوات الأمة العربية الاسلامية فى ذلك سواء بصفة أصلية أو بصفة مساندة .

خامسا : ان هذه الاحداث لا يجوز أن تمر دون أن نأخذ منها العبرة ونخرج منها بالدرس المفيد ونضع امام أنظارنا قول الله تبارك وتعالى " أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشى به فى الناس كمن مثله فى الظلمات ليس بخارج منها .."

نعم ان الأمة الاسلامية عربية كانت أم غير عربية ستبقى تتخبط فى ظلمات الجهالة ما لم تثب الى رشدها وتئوب الى ربها وتلتزم التزاما دقيقا صارما بمقتضيات عقيدتها , واحكام شريعتها وتؤكد احترام أصحاب السلطان فيها لحقوق شعوبها والحفاظ على كرامتها وحريتها وأن الشعوب شريكة فى الأمر لا يجوز أن يبرم ما يمس حاضرها ومستقبلها فى غيبة عنها ولا يكون لها من حق الا حق التصفيق لما يرضى عنه زعماؤها والاستنكار والسباب لما لا يقبله هوى أصحاب السلطة فيها , كما يجب أن تحل رابطة الأخوة بين الحكام والشعوب عملا بقوله تعالى : " انما المؤمنون اخوة " وبقوله صلى الله عليه وسلم " المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا "

مع تفهم عميق والتزام اصيل بقوله صلى الله عليه وسلم " اذا اقتتل المسلمان فالقاتل والمقتول فى النار " وبقوله ايضا صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه كما يحب لنفسه " وبذلك يتحقق قول الله تبارك وتعالى فى هذه النة "

ان هذه امتكم واحدة وأنا ربكم فاعبدون " ونحن اذا نظرنا لحال الأمة الاسلامية لوجدنا أن فيها كل أسباب قوتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية والعسكرية والتى تجعلها فى صدارة أمم العالم اخلاقا وفضائل وعلما وثقافة وقوة ومنعة , غير أن تفرقها وعدم التزامها بتطبيق أحكام عقيدتها وشريعتها على وجه صحيح سليم هو الذى أدى الى ما صرنا اليه من ضعف وهوان وتخلف حتى بتنا عالة على باقى دول العالم .

ونحن نهيب بالأمة الاسلامية أن تنفض غبار غفلتها وأن تخرج من ذهولها تنظر بعين مبصرة ترى الحق حقا وترى الباطل باطلا وتزن الأمور بميزان الشرع السليم الصحيح فتنبعث فبها روح الحق تبارك وتعالى وتنهض من كبوتها وتسترد عزتها وكرامتها " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدوننى لا يشركون بى شيئا " " ... ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون "

وقى الله أمتنا ما يحيط بها من شرور وما يكتنفها من مهالك , ولا منجى ولا ملجأ من الله الا اليه ونعوذ به من الخذلان وسوء المصير وشر المنقلب ونسأله الرضا والعفو والسداد ونحمده على كل حال وصلى الله على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه أجمعين .

محمد حامد أبو النصر

القاهرة فى : 20 محرم5 1411 -11 أغطس 1990 المرشد العام للإخوان المسلمين

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان صحفى من الاخوان المسلمين

بناء على طلب سفير الجمهورية العراقية فى القاهرة قام سيادته بزيارة لفضيلة المرشد العام للاخوان المسلمين الأستاذ – محمد حامد أبو النصر صباح الخميس الخامس والعشرين من المحرم 1411 الموافق 16 أغسطس 1990 م . وخلال الزيارة ركز سيادته على ثلاث نقاط :

1- أن المسئولين فى العراق يؤكدون على ضمان سلامة وحقوق المصريين فى العراق والكويت .

2- وأن التدخل الأجنبى يشكل الخطر الدائم على العرب ويجب السعى لمواجهته .

3- ثم استعداد العراق للحل العربى والقبول به .

وجاء تأكيد المرشد العام على :

1- ضرورة انسحاب العراق من الكويت وعودة حكومته الشرعية وذلك كما جاء فى بيان جماعة الاخوان المسلمين الصادر فى 11 محرم سنة 1411 الموافق 2 أغسطس سنة 1990 م .

2- أنه بمناسبة المبادرة التى اتخذها الرئيس العراقى مع ايران فان الاخوان المسلمين ينتظرون أن يخطو العراق نفس الخطوة فيتخذ نفس المبادرة مع الكويت بسحب قواته من أراضيها وأيضا من الحدود المتاخمة للمملكة العربية السعودية ليتم تهدئة الأجواء فلى المنطقة .

3- وأن تتخذ العراق من الاجراءات والضمانات ما يكفل حقوق ومصالح وسلامة المصريين فى العراق والكويت ووقف الحملات الاعلامية ضد رئيس جمهورية مصر وحكومتها .

25 محرم 1411 16 أغسطس 1990 م


بسم الله الرحمن الرحيم

بيان صحفى من الإخوان المسلمين

بناء على طلب معالى الدكتور عبد الرحمن العوضى وزير الدولة الكويتي التقى معاليه وبصحبته سعادة السفير الكويتى بالقاهرة وسعادة أمين عام مساعد مجلس الوزراء الكويتى بفضيلة الأستاذ محمد حامد أبو النصر المرشد العام للإخوان المسلمين بدار الدعوة فى حوالى الساعة الحادية عشرة من صباح يوم السبت الرابع من صفر عام 1411 الموافق 25 من اغسطس 1990 م .

وقد تفضل معاليه بشرح قضية الكويت وأبعاد الأزمة الراهنة وأشاد بوضوح وسلامة موقف جماعة الاخوان المسلمين حسبما تضمنته البيانات والتصريحات التى صدرت عنها .

واقترح معاليه مضاعفة الجهد الشعبى والجمهيرى لحمل العراق على سحب قواته العسكرية من الكويت . .

وقد أكد فضيلة المرشد العام على الآتى :

1- ثبات الجماعة على ما جاء فى بياناتها السابقة من ادانة الغزو العراقى للكويت الشقيق مما أتاح فرصة تدخل القولت الأجنبية فى المنطقة .

2- مطالبة الجماعة بضرورة انسحاب القوات العراقية من الكويت .

3- ضرورة انسحلب لبقوات الجنبية من المنطقة .

4- الدعوة الى تضافر الحكومات الاسلامية عامة والعربية منها خاصة لتشكيل قوة مستقلة للفصل بين القوات العراقية وغيرها من القوات لتسهيل انسحاب القوات الأجنبية من المنطقة وكذا انسحاب القوات العراقية من الكويت .

5- الدعوة الى استمرار ومضاعفة كل الجهود العربية والاسلامية لاحتواء الأزمة وحلها سلميا .

أما فيما يتعلق بضماعفة الجهود الشعبية ومشاركة الجماعة فيها فان الجماعة على استعداد لدراسة أية اقراحات بهذا الخصوص تعيد الحقوق لأصحابها .

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان حول منع سفر وفد التحالف الاسلامى للتوسط فى حل أزمة الخليج

الحمد لله رب العالمية والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ... وبعد .

فنظرا لاشتداد أزمة الخليج تداعت الجماعات الاسلامية فى العالم الاسلامى وفى مقدمتها جماعة الاخوان المسلمين والتحالف الاسلامى فى مصر لبذل جهود شعبية برجاء أن يكون لها وقعها لدى الأطراف المعنية عسى أن تؤدى هذه الجهود الشعبية الى تجنب وقوع الحرب مما يعود بالخير على أمة المسلمين .

وقد اتفقت الجماعات الاسلامية من الجزائر وتونس والسودان واليمن وماليزيا وتركيا وباكستان والأردن وأوربا وبعض الجهات الأخرى على الالتقاء فى عمان تمهيدا للتوجه الى بغداد كخطوة اولى يعقبها التوجه الى السعودية ثم غيرها من الدول المتداخلة فى الموضوع بهدف الاسهام بجهد شعبى فى معالجة الأزمة القائمة حلا سلميا يرتضيه أطراف النزاع مما يجنب المنطقة ويلات حرب مدمرة لا يعلم مدى نتائجها وعواقبها البشعة غير الله تعالى ولا يستفيد منها غير أعداء الأمة وفى مقدمتهم الكيان الصهيونى .

وفى يوم الثلاثاء 11 من سبتمبر 1990 م توجه الى مطار القاهرة الدولى المهندس ابراهيم شكرى رئيس حزب العمل وزعيم المعارضة فى مجلس الشعب والمستشار محمد المأمون الهضيبي رئيس المجموعة البرلمانية للإخوان المسلمين بقصد السفر الى عمان غير أن السلطات الأمنية هناك مزقت صفحة من جواز السفر الخاص بكل منهما وادعت أن الجوازين غير قانونيين وأنهما لا يستطيعان السفر بهما .

وفى اليوم التالى الأربعاء 12 من سبتمبر 1990 م توجه كل من الأستاذ محمد حامد أبو النصر المرشد العام للإخوان المسلمين والمهندس ابراهيم شكرى رئيس حزب العمل بعد حصوله على جواز سفر جديد والأستاذ مصطفى مشهور نائب المرشد العام للاخوان المسلمين والمستشار محمد المأمون الهضيبى الى مطار القاهرة الدولى للسفر ولكن رجال الشرطة كانوا بالمرصاد عند الباب الخارجى ومنعوهم من دخول مبنى المطار مقررين أن هناك أمرا بمنعهم جميعا من المغادرة .

ولما كان هذا المنع من السفر يتنافى مع ما ينص عليه الدستور وما استقرت عليه أحكام القضاء فضلا عن أنه يتعارض مع ما يعلنه رئيس الجمهورية السيد محمد حسنى مبارك فى كل مناسبة من ضرورة السعى بكافة السبل لتسوية أزمة الخليج بالطرق السلمية دون التجاء الى المواجهة العسكرية فانه لا يسعنا الا أن نعلن احتجاجنا الصارخ على هذا الأسلوب المنافى للحريات العامة وأحكام الدستور ويحول دون قيام القيادات الشعبية بدورها فى هذه الأزمة الخطيرة فى الوقت الذى نرى فيه العديد من الدول الأجنبية المتدخلة فى النزاع تسمح لعناصر غير رسمية بها بالاتصال بأطرافه ..

ونحمل مصدرى قرار المنع المسئولية عن التشكيك فى مصداقية ما ينادى به الرئيس حسنى مبارك من رغبة فى حل الأزمة حلا سلميا وفيما يترتب على غلق أحد الأبواب ذات الفاعلية و التأثير التى قد يكتب لها النجاح فى تحقيق ما نتمناه من تفادى ويلات الحرب وتداعياتها المؤثرة فى شتى القضايا العربية والاسلامية والمعاونة على تحقيق مخططات أعداء العروبة والاسلام .

والله الموفق والهادى الى سواء السبيل ..

محمد حامد أبو النصر ابرهيم شكرى

المرشد العام للإخوان المسلمين رئيس حزب العمل

القاهرة فى 22 صفر 1411 12 سبتمبر 1990 م

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان من الاخوان المسلمين

ان الكوارث القاتلة والمصائب المؤلمة التى تجتاح بلاد المسلمين اليوم قد أفزعت الآمنين وأرقت أجفان المفكرين .

والاخوان المسلمين الذين يسعون منذ انشاء جماعتهم للتمكين لدين الله والعمل على وحدة المسلمين وتحقيق العدل والأمن والتعاون بين الأقطار الاسلامية شعوبا وحكومات قد ساءهم وآلمهم أشد الألم اجتياح الشعب العراقى لدولة الكويت الشقيقة وما صاحب هذا الاجتياح من اعتداءات شائنه وتصرفات لا انسانية مع الشعب الكويتى .

وقد استنكر الاخوان المسلمون هذا الاجتياح فى بيان صدر فى نفس يوم الاجتياح وطالبوا فيه بضرورة انسحاب الجيش العراقى من الكويت وعودة دولة الكويت الى أهلها وظل هذا موقف الاخوان من قضية الكويت .

كما حذر الاخوان المسلمون أشد التحذير من خطر التواجد العسكرى الأجنبى على أراضينا العربية وقد بدأت دلائل هذا التخوف تظهر واضحة لا تخفى على أحد .

وقد أرجع الاخوان المسلمون السبب الذى أورد الأمة الاسلامية الى هذه المهالك وهذا الضعف والهوان الى بعد المسلمين عن تعاليم ربهم , وما يوجبه عليهم دينهم من معانى القوة والعزة والوحدة .

ومما زاد الاخوان أسفا ما لأفرزته أزمة الخليج هذه من فرقة وشحناء بين الدول العربية , وانعكاس ذلك على أفراد عديدين من شعوب تلك الدول . حيث تعرضوا الى ابعاد وتشريد ومعاملة قاسية من بعض الحكومات .

وكذلك ما تقوم به أجهزة اعلام بعض الدول من مهاترات وشتائم واساءات ضد بعضها البعض .

وازاء هذه النازلة التى حلت بنا حميعا راى الاخوان وبعض الجماعات الاسلامية على الساحة ضرورة السعى لدى أطراف النزاع لمحاولة الحيلولة دون نشوب الحرب التى لا يعلم مدى ما تجره من دمار الا الله , وقد تم تشكيل وفد اسلامى من الاخوان وهذه الجماعات ليقوم بهذه المهمة برئاسة المرشد العام للاخوان المسلمين .

ولكن للاسف الشديد منع وفد مصر من السفر وأناب المرشد العام الاستاذ محمد عبد الرحمن خليفة نائب المرشد العام والمراقب العام للإخوان المسلمين بالأردن ليقوم برئاسة الوفد نيابة عنه .

وقد مارس الوفد مهمته بعد انضمام بعض الأعضاء اليه فقابل جلالة الملك حسين ملك الأردن واستمع اليه ووعى ما عنده , ثم سافر الى المملكة العربية السعودية وقابل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد ابن عبد العزيز وزير الداخلية وببعض العلماء وكذلك التقى ببعض رجالات الكويت .

ثم ذهب الوفد الى العراق حيث التقى بالرئيس العراقى صدام حسين , وغادر بعد ذلك الى ايران حيث التقى بالقائد على على خامئنى والرئيس رافسنجانى ثم عاد الوفد الى الأردن وأصدر بيانا عن هذه الجولة .

وقد حرص الأخ الأستاذ محمد عبد الرحمن خليفة رئيس الوفد بالنيابة على أن يؤدى الدور المنوط به من غير تجاوز له فجزاه الله خير الجزاء .

واذا كانت قد أثيرت ملاحظات حول تصريحات فردية صدرت من بعض أعضاء الوفد فانها لا تمثل الا رأى أصحابها اذا كانت صحيحة ولم تتعرض للتحريف .

وقد لمس الوفد من الأطراف لونا من التجاوب حول تخقيق ما يهدف اليه الوفد من الوصول الى حل سلمى وتفادى نشوب الحرب وقد زكى الوفد هذا الاستعداد عندهم .

وسيواصل الوفد سعيه فى هذا المجال مستجيبا لتلبية أية دعوة من أى طرف للقيام بدور يساعد على تهيئة الجو للحل السلمى وتجنب الحرب والله الموفق لما فيه الخير .

ولعله بهذا التوضيح للموقف يطمئن الجميع أن الاخوان المسلمين والجماعات الاسلامية لا يرضون بأى ظلم أو اعتداء يقع على أى شعب مسلم كالكويت أو غيرها , ولا على أفراد من شعوبنا العربية دون جريرة أو ذنب اقترفوه , ولكن بسبب موقف حكوماتهم من هذه الأزمة .

كما يتضح الموقف أيضا بالنسبة لوجود القوات الأجنبية وأثره على سياسة المنطقة وخاصة بالنسبة للعدو الصهيونى التوسعية , وكذا التحكم فى الطاقة البترولية فى المنطقة .

وفى الختام ندعو الأطراف جميعا أن يتقوا الله فى شعوبهم وأن يفضوا هذا النزاع فيما بينهم دون تدخل أجنبى , وأن يستشعروا ما تجره الحرب من ويلات جسام , ولن يستفيد منها غير العداء وخاصة العدو الصهيونيةالصهيونى .

كما ندعوا الأمة الاسلامية شعوبا وحكومات الى العودة الى الله وشريعة الله وما دعاهم اليه من الوحدة وعدم التفرق فى قوله تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا "

واننا ندعوا الله من أعماق قلوبنا أن تحل هذه الأزمة سلميا ويعود الشعب الكويتى الى وطنه آمنا مكرما وأن يحل الوئام بين أقطارنا الاسلامية ,

وأن ترحل كل هذه القوات الأجنبية والا وجب على كل المسلمين الجهاد لاجلائهم , والله يقول الحق وهو نعم المولى ونعم النصير .

القاهرة فى 22 ربيع الآخر 1411 محمد حامد ابو النصر

10 نوفمبر 1990 م المرشد العام للإخوان المسلمين

بسم الله الرحمن الرحيم

الى الاخوة ابناء الكويت فى مؤتمرهم الشعبى

تحية من عند الله مباركة طيبة فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

وبعد فالاخوان المسلمون من أعرف الناس بدولة الكويت وشعبها المتدين المعطاء ويقدرون أكثر من غيرهم الدور العظيم الذى قامت به الهيئات والجمعيات الخيرية بالكويت مناصرة لاخوانهم فى فلسطين ولبنان وأفغانستان وفى كثير من دول افريقيا وآسيا ولن يضيع أجر ذلك عند الله .

ولهذا كان الاخوان أكثر الناس ألما وتأثرا ازاء عدوان العراق على دولة الكويت وفى نفس يوم الاعتداء أصدرنا بياننا الأول ندين هذا الاعتداء ونشجبه ونطالب فيه بضرورة انسحاب القوات العراقية من الكويت والحفاظ على كيان دولة الكويت .

وتكرر هذا الاستنكار وهذا الطلب فى بيانات أخرى , ولا زال هذا موقف الاخوان المسلمين من الأزمة , متمنين من أعماق قلوبنا أن تحل هذه الأزمة حلا عربيا اسلاميا دون وقوع حرب , وأن تعودوا الى دولتكم حرة مستقلة مطبقة لشريعة الله .

وفى بيانات أخرى حذرنا بقوة من خطر وجود القوات الأمريكية والأوربية فى المنطقة , لما نعلمه وتؤكده الشواهد التاريخية من عداء أمريكا والغرب للاسلام والمسلمين ومساندتهم للعدو الصهيونى , فظن البعض أن توضيحنا لهذا الأمر يعنى انحيازنا الى جانب العراق , وهذا فهم خاطىء لزم التنويه عنه .

ثم اننا لم نكتف باصدار بيانات الاستنكار ولكننا حرصنا على تشكيل وفد اسلامى من عدة اقطار وحركات اسلامية ليسعى لايجاد حل سلمى للأزمة وقد منع ممثلوا الوفد فى مصر من السفر ورغم ذلك قام الوفد بجولة للتعرف على وجهات نظر الأطراف وسيواصل مسيرته وسعيه وكلنا أمل أن تنجلى هذه الأزمة ,

وتعودوا الى بلدكم الحبيب فى عزة وكرامة وتستأنفوا حياتكم ونشاطكم الخيرى من جديد والله من وراء القصد وهو على كل شىء قدير .

مصطفى مشهور

نائب المرشد العام للإخوان المسلمين

سحب القوات المصرية من الخليج

نداء من الاخوان المسلمين :

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الأمين .. وبعد فقد نكبت أمتنا الاسلامية بعد أن كانت دولة واحدة متماسكة فتفرقت الى دويلات ينابذ بعضها بعضا وتولى أمورها حكام لا يقيمون شرع الله ولا يلتزمون بمبادىء العدالة والشورى والمصلحة العامة ,

واتخذ البعض منهم صورة باهتة زائفة للديمقراطية فتردت أحوالنا من سىء الى ما هو أشد سوءا وكلما طلعت علينا دعوات تنطق بالحق وتدعو الى الخير وتنادى بهدى محمد صلى الله عليه وسلم سارعت أيدى العمالة بالوقوف فى سبيلها ومحاربتها بمختلف الوسائل .

وهكذا استقر الأمر لحكام مستبدين وانتفت تماما من نظم الحكم فى بلادنا الشورى وهى أصول من أصول الحكم فى شريعتنا ,

وعلت أصوات أجهزة الاعلام تبث الضلال والفساد والخنوع بين المواطنين .

ولنزوة من شهوة حاكم وخديعة أدخلته عليه أجهزة دول كبرى تحتضن المد الصهيونى وتتصدى للدفاع عنه كانت الواقعة الكبرى فى الثانى من أغسطس 1990 م عندما احتلت قوات العراق أرض دولة شقيقة وجارة له , هى دولة الكويت العربية الاسلامية واستباح حرماتها ونهب أموالها ... اخ .

وبدت فى الأفق نذر الشر العظيم المبيتة لهذه الأمة فى تحقيق مطامع التآمر الصهيونى الصليبى الغربى الاستعمارى فى الاستيلاء على الشرق الاوسط ونهب ثرواته وتسخيرها لمصالحهم والتمكين لدولة العدو الصهيونى الكبرى , من النيل الى الفرات وتضم أرض المدينة بما فيها من مقدسات – المسجد النبوى الشريف وقبر الرسول صلى الله عليه وسلم ومدافن الصحابة الأطهار بالبقيع .

وقد أنذرنا فى بياننا الصادر فى ذات يوم العدوان الغاشم على الشقيقة الكويت من هذه المهالك , وناشدنا رئيس العراق أن يسحب قواته من الكويت ويتركها لأهلها ,

وحدانا الأمل أن يبادر ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية والاسلامية الى وأد الفتنة واطفاء النيران وان يحققوا صلحا يحفظ للكويت استقلاله وحريته وللعراق مصالحه فى اطار أخوة اسلامية تطمئن لها القلوب .

غير ان الحقد أصم الآذان وأتاح الفرصة للعدو الذى زعم أنه الجير لدول منطقة الخليج – أن يسد جميع منابع الخير ومسالك الصلح ومنافذ التسوية السلمية .

وحشد العدو اللعين حليف الصهيونية المتعطشة لسفك دمائنا أعوانه وجيوشه ثم فتح فى 17\1\1991 نيرانا متأججة تعصف بالعراق واهله ومنشأته الحيوية وتحاول أن تدمره أبشع تدمير .

ان أطماع التحالف الصليبى الصهيونى الاستعمارى ظاهرة واضحة بل هى معلنة أكدها كل رؤسائه الى شعوبهم وهى أنهم يريدون بترول المنطقة خاضعا لهم فى كمه وسعره والتمكين لربيبتهم الدولة الصهيونية وهذا ما يجعل الزعم بأن الغرض هو تحرير الكويت زعم باطل وتمويه لا يراد به الا خداعنا .

ان الاسلوب التدميرى الهمجى الذى تدك به قوات تحالف البغى والعدوان أرجاء العراق الشقيقة يدل على أن الغرض ليس اصابة منشاة عسكرية , بل القضاء على كل المرافق والمنشآت المدنية والفتك بشعب العراق المسلم الشقيق .

ان من اشد ما يحن القلب حكومتنا المنحزة لأمريك حليفة العدو الصهيونى التى تهدد مصيرنا وتنذر باستبعادنا والتى تعمل بكل قوة مع أمريكا على تهجير أكثر من مليون صهيونى الى أرض فلسطين المحتلة لتزداد قوة وجبروتا .

ان مما يثير الأسى والاستياء موقف الاعلام الرسمى المصرى المتهالك فى الدفاع عن الحلف الصهيونى الاستعمارى ومحاولة خداع شعبنا وتبرير العدوان على الشعب العراقى الشقيق .

انه ايا كانت خطيئة حاكم العراق ونظام حكمه المستبد الكريه فان ذلك لا يمكن ان يغير من حقيقة أن الملايين من ابناء الشعب العراقى هم جزء هام من أمتنا العربية المسلمة ورافد من أهم روافد قوتها , وهلاكه هلاك للامة كلها .

ان جميع الشعوب الاسلامية فى ليبيا وتونس والجزائر والمغرب والسودان وموريتانيا والأردن واليمن وايران وباكستان وبنجلادش وتركيا وأندونسيا وماليزيا والفلبين والهنه بل ان شعوبا غير اسلامية مثل شعوب استراليا ةألمانيا وأمريكا وفرنسا وانجلترا وهى المشتركة فى الحرب كلها قامت وتظاهرت تدين الحرب البشعة التى تقودها أمريكا ضد شعب العراق فكيف لا يتاح لشعب مصر أن يعبر عن رأيه وأحاسيسه بصورة صادقة وطبيعية ؟

وكيف تستحوذ السلطة على جميع أجهزة الاعلام من تليفزيون واذاعة وصحف يومية ومجلات أسبوعية تسخرها لابراز رأى واحد ووجهة نظر بعينها , ان وسائل اعلام الدول المشتركة فى الحرب تجعل مساحة للرأى الآخر المعارض ولو كان من غير أهل وطنها .

اننا نطالب رئيس جمهورية مصر أن يسحب قواتنا العسكرية المصرية من منطقة الخليج خاصة بعد انتفاء كل زعم باحتمال وقوع عدوان عراقى على هذه الدول بل واصبحت فى قاعدة القوات العسكرية التى تهاجم الشعب العراقى .

واننا نطالب رئيس الجمهورية أن تكون وسائل الاعلام منصفة بأن تتضمن مساحة متساوية للآراء المختلفة.

ولجميع وجهات النظر .اننا نطالب جميع ملوك وأمراء ورؤساء الدول الاسلامية والعربية أن يعملوا على وقف هذه الحرب فورا , فلن يخرج أحد منهم الا وهو خاسر كل الخسران ولن يستفيد منها الا العدو الصهيونى وحلفاؤه من الأمريكان والانجليز والفرنسيين وغيرهم من أعداء الأمة الاسلامية .

اننا نضم صوتنا الى أصوات الشعوب والحكومات التى تنادى بايقاف هذه الحرب فورا فالحل السلمى ممكن ومتيسر , وحل القضية الفلسطينية وانصاف الشعب الفلسطينى ضرورة لازمة حتمية .

اننا نعذر الى الله تبارك وتعالى ونحمل حكومتناوشعوبنا مسئوليتهم أمام الله وأمام التاريخ وأمام الأجيال المقبلة التى ستتحمل أوزار هذا البلاء الذى لا مثيل له فى التاريخ ةالذى نزل بأمتنا فأحاط بها من كل جانب وأدخلها فى متاهات وظلمات لا مخرج منها الا أن نعود الى ربنا ونثوب الى رشدنا ونزكى أنفسنا ونخضع لحكم الواحد القهار العدل الحكم ملتزمة شريعته الغراء التى تأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذى القربى وتنهى عن الفحشاء والمنكر والبغى .

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

وصلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين .

محمد حامد أبو النصر

المرشد العام للإخوان المسلمين

القاهرة فى : 22 يناير 1991 م

بسم الله الرحمن الرحيم

الاخوان المسلمون يستنكرون قتل النساء والاطفال والمدنيين العزل

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..وبعد فقد فجعنا كما فجع العالم بمأساة مهاجمة مخبأعام للمدنيين فى بغداد وتدميره بالصواريخ والقنابل و وقتل من كانوا فيه وهم نحو سبعمائة من الطفال والنساء والشيوخ والمرضى والعجزة غيرهم من المدنيين العزل ,

الذين لا يشاركون فى الحرب الدائرة الآن فى منطقة الخليج , فقد زعمت قوات العدوان الاستعمارى الباغية بقيادة حلفاء الصهيونية من الأمريان والانجليز والفرنسيين وغيرهم .

أن ذلك المخبأ هو منشأة عسكرية تشارك فى المجهود الحربى وقد كذب هذا الزعم وأظهر بطلانه مراسلو وكالات الأنباء حتى الأمريكان والانجليز منهم وأكدوا أن المخبأ الذى هوجم بعيد عن أى منشأة عسكرية ولم يكن سوى المدنيين العزل وأن جميع القتلى هم النساء والأطفال وغير المشاركين فى المجهود الحربى .

لقد حرم الاسلام العدوان والبغى وجعل الاعتداء على فرد واحد هو عدوان على البشرية كلها .

يقول الله تعالى " من اجل ذلك كتبنا على بنى اسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم ان كثيرا منهم بعد ذلك فى الأرض لمسرفون "

ان هذه الجريمة الشنعاء لتهز ضمير العالم كله على اختلاف أجناسه وأديانه ومعتقداته , وهى مدانة ومستنكرة ومرفوضة بكل مقاييس السلوك الانسانى والأعراف الدولية .

اننا نهيب بالقوة الانسانية فى العالم أجمع أن تستنكر بكل شدة مثل هذه الجرائم الوحشية وأن تدينها وتدين من يرتكبها فى أى مكان وفى أى جهة ,

كما أننا نضم صوتنا الى نداءات خيرة انسانية تعالت فى أنحاء شتى من العالم من أصحاب الضمائر المحبة للسلام الداعية الى حقن الدماء والتى تطالب بوقف هذه الحرب غير العادلة فورا واعطاء الفرصة للبحث عن حل سلمى يحقن الدماء ويصون الكرامات والحريات والمصالح للامم والدول والأفراد ,

وينقذ شعوب المنطقة من الدمار الذى لحق بها نتيجة لتلك الحرب الملعونة التى أكلت وتأكل الأخضر واليابس .

القاهرة فى 29 رجب 1411 محمد حامد أبو النصر

14 فبراير 1991 م المرشد العام للإخوان المسلمين

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان من الاخوان المسلمين حول المبادرة العراقية فى 15\2\1991

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد " وان جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله ..." ان المبادرة العراقية الأخيرة الداعية الى وقف اطلاق لنار قد تضمنت عناصر ايجابية هامة جديرة بكل

تقدير وترحيب وفى مقدمة ذلك العدول عن اعتبار الكويت جزء من العراق والاقرار بكيان الكويت دولة حرة ذات سيادة والتعهد بانسحاب القولت العراقية منها وتركها وشأنها .

أما القضية الفلسطينية فهى قضية العرب والمسلمين ولا تقل فى أهميتها أو فى أولويتها عن قضية الكويت ,

واذا كان المجتمع الدولى قد أكد على ضرورة انسحاب القوات العراقية من الكويت وهو ما أكدناه وسعينا فى تحقيقه فان من واجب المجتمع الدولى أيضا أن يؤكد – فى أقل القليل – على ضرورة تنفيذ قراراته بشأن قضية فلسطين .

ان حقن دماء المسلمين فريضة واجبة شرعا ولا يجوز بأى حال التوانى أو التردد فى اتخاذ أى اجراء يحقق هذا الأمر العظيم .

ولذا فنحن ندعو جميع الدول الاسلامية والعربية الى تأييد وقف اطلاق النار والبدء فى مفاوضات سلمية تؤكد للكويت حريته واستقلاله وللسعودية أمنها وطمأنينته , وللعراق عدم الاعتداء عليه ورعاية مصالحه ولجميع دول المنطقة الاستقرار كما يحقق خروج القوات الأجنبية من النطقة , ولشعب فلسطين حقه فى تقرير مصيره واشاء دولته على أرض وطنه . "

والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله ..."

محمد حامد أبو النصر المرشد العام

القاهرة فى 1 شعبان 1411 للإخوان المسلمين

16 فبراير 1991 م

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان من الاخوان المسلمين

" ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الاعلون ان كنتم مؤمنين "

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الأمين .. وبعد اننا نسجل فرحتنا بعودة الشعب الكويتى الى اهله وأرضه ودياره لنرجوا الله تعالى أن تكتمل الفرحة بأن يمارس الشعب فى الكويت وفى غيرها من الأقطار العربية والاسلامية حقه فى حياة سوية سليمة تعبر عن ارادته الحرة دون أية ضغوط ,

ذلك لأن ما حدث فى منطقة الخليج بدء من غزو العراق للكويت وانتهاء بالاجهاز على قوات العراق وتخريب منشآته على يد القوات الأجنبية يرجع فى المقام الأول الى استبداد الحكام وفساد الأنظمة وغياب الشورى الاسلامية وعدم مشاركة الشعوب فى اتخاذ القرارات المتعلقة بمصائرها .

لقد لعب المخطط الأمريكى دوره الأكبر فى هذه المأساة تابعة فى ذلك مجلس الأمن والأمم المتحدة , وكانت أهدافه واضحة منذ البداية من حيث اصراره على القضاء على قوات العراق ,

والتحكم فى منابع النفط , واعادة رسم خريطة المنطقة العربية والاسلامية من جديد بما يضمن مصالحه ويؤكد سيطرته على أكثر مناطق العالم حيوية وأهمية .

ولا تنسينا فرحتنا بعودة شعب الكويت أن القوات الأجنبية ما زالت رابضة على أرض العروبة والاسلام وما زالت راياتها ترفرف هناك , ومن ثم فنحن نطالب الحكومات العربية والاسلامية بالعمل على اجلاء هذه القوات فورا , واذاكانت ثمة قوات لتأمين المنطقة فيجب ان يضطلع بذلك فقط القوات العربية والاسلامية .

كما لا ينبغى أن تنسينا هذه الفرحة قضية شعب فلسطين والمسجد الأقصى الأسير .

والسؤال الآن يجب أن يتوجه للشرعية الدولية ممثلة فى مجلس الأمن والأمم المتحدة فى مدى امكانية استخدام المجتمع الدولى للقوة والدمار ضد العدو الصهيونى الذى احتل بالقوة الضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان وجنوب لبنان وهل تستطيع الشرعية الدولية اصدار قرار فورى بمنع هجرة اليهود السوفييت الى الأرض المحتلة ؟ وهل تستطيع كذلك أن ترغم العدو الصهيونى الغاصب على ايقاف عمليات السحل والقمع والطرد والابادة الذى يقوم به للشعب الفلسطينى الصابر على أرضه ؟

ان الحكومات العربية والاسلامية مطالبة الآن أكثر من أى وقت مضى بأن تتكاتف وتتوحد صفوفها وتلتئم جراحها لحل القضية الفلسطينية – قضية العروبة والاسلام الأولى

– ويومها فهل من مجيب ؟

واذا لم تستطع الحكومات أن تقوم بهذا الدور فسوف يكون للشعوب العربية والاسلامية انتجاهد فى سبيل تحقيق هذا الهدف , والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

محمد حامد أبو النصر-المرشد العام للإخوان المسلمينالقاهرة فى : 15 شعبان 1411 – 2 مارس 1990 م

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان حول أحداث العراق

ان الاخوان المسلمين وقد آلمهم ما نزل بالكويت من احتلال عراقى وما أشاع من دمار وخراب واذلال لشعب الكويت الشقيق ,وكذلك ما يتعرض له شعب العراق من تدمير شامل لجيشه ومرافقه الحيوية على يد القوات الأمريكية والغربية ليستنكرون الخطة الخبيثة للاجهاز على ما تبقى من تماسك للشعب العراقى والعمل على تقسيمه الى دويلات هزيلة .

وما كان ذلك ليحدث لو حكم العراق بالشورى الاسلامية ورئيسها حاكم مسلم يتقى الله , وما كان لدكتاتور العراق أن يهلك الحرث والنسل فى بلده قبل حرب الخليج وأثناء الحرب وبعدها .

ان القوات الأمريكية والأجنبية فى العراق وفى الخليج تلعب دورا خبيثا مدمرا فى منطقتنا العربية , ويؤكد الاخوان المسلمون ضرورة رحيل هذه القوات لضمان حقوق الانسان واستقلال الشعوب واستقرارها وتقدمها .

كما نناشد رجالات الأمة العربية أن يعودوا الى الاسلام شريعة ومنهاجا لتقف الأمة العربية صفا واحدا أمام كيد الأعداء والطامعين .

ان الاخوان المسلمين لعلى يقين من أن ما حدث فى الكويت والعراق وما يحدث الآن وما سوف يحدث مستقبلا من ضياع للامة العربية انما سببه العمل بشريعة الاسلام ومنهجه وأن النجاة فى العودة الى الله وحكمه .

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

محمد حامد أبو النصر

المرشد العام للإخوان المسلمين

القاهرة فى : 10 رمضان 1411 26 مارس 1991 م

إقرأ أيضاً