الإنقلاب وخيارات السقوط

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإنقلاب وخيارات السقوط


الاثنين,17 نوفمبر 2014

كفر الشيخ اون لاين | خاص

منذ لحظة اذاعة بيان الإنقلاب ويقين لا يتزعزع ملازم لقطاع كبير من معارضيه أنه ساقط لا محالة وأن الذين تولوا كبره منهم إنما استعجلوا عقابهم وجحدوا عفوا محتملا كان الشعب قد تهيأ له على مدار ثلاث سنوات من المعاناة ، ويجد ذلك اليقين مصدره من ايمانيات لا يعلمها إلا المؤمنين ، وروحانيات لا تطرق باب الأنجاس والقتلة ، وتاريخ سقوط الإنقلاب عند الكثيرين لا يحتاج إلا إلى قلم ليكتبوه بأيديهم ..

ولعل ذلك اليقين الإيماني هو أكثر ما يزعج الإنقلابيين ومن يحركونهم من الأمريكيين والصهاينة ، وكما أن أساس اليقين عندنا هو الإيمان ، فإن أساس الإنزعاج لدي اليهود هو عداوتهم القديمة مع الله ، يوم أن طلبوا من موسي عليه السلام أن يجعل لهم إلها ، ويوم أن أشربوا في قلوبهم العجل ، ويوم أن قالوا أرنا الله جهرة ، ويوم أن أجابوه اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون .

المواجهات بين اليهود والعرب كلها حسمت لمصلحة اليهود ، والمواجهات بين اليهود والمسلمين كلها حسمت لمصلحة المسلمين ، فما أحوج اليهود اليوم إلى قادة عرب من أمثال جمال عبد الناصر وحافظ الأسد وحسين بن طلال ، وما كان اقسي مواجهاتهم مع أطفال الحجارة وقذائف حماس وأمطار الصواريخ القادمة من الجنوب اللبناني .

واجهت حماس اليهود على غير سابقة في التاريخ الحديث تبعث على اليقين في النصر ، فكل المعارك مع اليهود حسمها اليهود لصالحهم ولو أن أحمد ياسين استلهم التاريخ فحسب لعلم أن الهزيمة واقعة لا ريب فيها ، ولكن ايمانيات الرجل القعيد كانت سيدة المشهد فأنبتت في تلك التربة القاحلة سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله ضاعف لهم حتى جاء يوم يقول فيه سامي أبو زهري أن اليهود اليوم على تخوم قطاع غزة يعودون إلى مساكنهم بأمر من حركة حماس لا بأمر من نتنياهو وأن ما قامت به حماس من اخضاع واذلال لليهود لم تقدر عليه الجيوش العربية مجتمعة .

هذه حقائق على الأرض اليوم لا يمكن انكارها ، أن المسلمين ينتصرون ، فهم أقدر على حمل المسئولية ، وهم أكثر انصياعا للأوامر واخلاصا في تنفيذها ، ثم أنهم أزهد في الدنيا ومغانمها فلا طمع في القيادة يغريهم ولا خوف من البطش والتنكيل يثنيهم . اليهود يعلمون ذلك ، واليهود يخافون ذلك ، واليهود يعجزون عن ايقاف ذلك .

إن المواجهة بين معسكر الثورة الذي يمثل الإسلاميون سواده الأعظم وبين معسكر الإنقلاب الذي يمثل العملاء والخونة قطاعه الأهم ورأسه المسيطر معلوم لدي الطرفين الآن وأكثر من أي وقت مضي مساره ومآله وأن الثوار قد انتصروا بالفعل رغم تأخر بيان الإنتصار ، غير أن الأسلوب العلمي الذي تدير به الدوائر الصهيونية حركة الإنقلاب وتوجهاته يستلزم بكل تأكيد أن تنجز قوي الإنقلاب كل ما يمكن انجازه قبل أن تسلم الروح ، وأن الأرض التي سوف يتسلمها الإسلاميون من بعد لابد وأن تكون أرضا محروقة ، وأن الجسد الشعبي الذي سيوكل إليه اعادة البناء لابد وأن يكون جسدا ممزقا ، إن أمريكا التي تحرك الإنقلاب ليست سيدة تقود سيارة كلما توهمت حادثا وضعت يدها على وجها تاركة عجلة القيادة ، وانما هى دولة لديها فائض اقتصادي وعسكري ضخم يسمح لها بالمناورة حتى بعد الهزيمة ويسمح لها بالمغامرة عند النصر ، ومن حسن الحظ الثوري في تلك الحقبة من التاريخ أن مغامرات أمريكية في العراق والصومال وافغانستان قد أنتجت عقدا عسكرية لا تسمح لها بالتواجد على الأرض بقوات ترفع علمها ، فلم يعد لديها من خيار سوي استعمال الوكلاء ودعمهم اعلاميا وماليا وعسكريا حتى يكون لهم كيان منطقى تفهمه الشعوب ، والحقيقة التي لا تستطيع أمريكا واسرائيل تجنبها الآن أنها خسرت الحرب الإعلامية في حرب غزة الأخيرة ، وتخسر اليوم الحرب الإعلامية في مصر وأن ثمة تكاليف باهظة سوف تتكبدها لتكسب حربها الإعلامية في العراق وسورية من خلال مسلسل داعش الذي استبدلت به أمريكا مسلسل " الجرئ والجميلة " .

ومع عدم اغفال الإيمانيات في قضية سقوط الإنقلاب فإن نظرة الباحث المدقق لا تخطئ أبدأ أشراط تصدعه وانهياره ، فمن ناحية كان عجز الإنقلابيين عن ادارة الدولة بعد اقصاء الرئيس مرسي لا تخطئه العين وفي كل يوم يزيد عجزهم وفشلهم عن اليوم السابق بما لا يمكن تداركه وآية ذلك احساس القائمين على البلاد بالخوف من الغد فلا يكون لديهم خيار سوي تأمين ذلك الغد المجهول بالمال خارج البلاد حفاظا على انفسهم واسرهم ما زاد من التضخم وارتفاع سعر العملات الأجنبية لشحها من السوق ، وبدت واضحة هستيريا البيوعات العقارية لأراض على السواحل وعلى تخوم القاهرة ، وبدا مضحكا في شهور الإنقلاب الأولي أن تطلب السعودية قائمة بالإحتياجات المصرية لتشتريها للحكومة بعد أن علمت أن جل مدفوعاتها التي تحاول أن تخفف من خلالها الغضب الشعبي في الداخل تدخل جيوب القائمين عليها ، وأصبح المصريون يوما ليضحكوا على تصريح وزير الإقتصاد في اليوم التالي لإغلاق الإكتتاب في مشروع قناة السويس الجديدة بأن الميزانية مرهقة بسداد الفوائد التي تغلها تلك الأسهم والسندات الخاصة بالمشروع المزعوم .

وفوق الأعباء الإقتصادية المستحيلة فإن معركة الموارد البشرية للإنقلابيين أصبحت مثارا للتندر والتفكه ، ففوق ما تمثله خطب قائد الإنقلاب من مادة فكهاية يومية بدءا بالفلاتر ومرورا باشارة رابعة فإن الوزراء والمحافظين ومن دونهم ليسوا قادرين من وجهة نظر التقييم الوظيفي على ادارة المرفق العام وهو ما أصاب البلاد بحالة من الوهن تراه في كل قرية وشارع ، فلا مرافق ولا خدمات ، لا تعليم ولا مستشفيات ، لا رياضة ولا شباب ، لا أمن ولا جيش ، لا محليات ولا مشروعات ، لا أوقاف ولا إيمانيات ، كل شئ تقريبا يرجع الي الخلف وفي ظل الإنقسام السياسي الحاد والإستقطاب المتزايد فلن يكون لأي حكومة مهما كانت أن توقف ذلك التراجع حتى يسقط في الهاوية ويسقط معه جيل كامل سيطرت اسرائيل على حركاته وسكناته ، وصيحاته وهمساته .

قد يظن البعض ممن شاهد أحداث سبتمبر 2001 أن الإنقلاب سيسقط كما سقط برج التجارة مرة واحدة ، وهذا التصور مستمد من وحي كلمة السقوط ، ولكن الحقيقة أن الإنقلاب قد اتخذ من برج إيفيل نموذجا أقرب للتمثل فهو يميل ويميل حتى يصل إلى نقطة الإعوجاج الحدي فيسقط عندئذ دفعة واحدة ، وآية طول زمن سقوطه هى انتهاج السلمية في مقاومته حفاظا على الأنفس والاموال ، ودرءا لتصور خاطئ لدي الشعب أحدثته الآلة الإعلامية النجسة التي تدير أوهام وتصورات الناس في مصر والعالم العربي ، واستلهاما لتجارب سابقة في المنطقة - بتصرف - أهمها التجربة الجزائرية الصعبة والتي أنتجت عقدا عربية نفسية في التغيير والمقاومة .

أيام الإنقلاب أصبحت معدودات ، والتضحية بشخوصة من قبل أولياء الأمر في أمريكا واسرائيل وارد في معرض التودد للشعب واخماد حركته ، و المؤكد أن كل الخطط الغربية في سبيل دعم احكام العسكر قبضتهم على البلاد قد باءت بالفشل ... ومن فشل إلى فشل تتحرك أمريكا في الشرق الأوسط الذي أرداته كبيرا ليشمل اليهود فإذا به أكبر من ذلك بكثير .

المصدر