الإمام البنا والإخوان في مسجد الزرقا بدمنهور

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإمام البنا والإخوان في مسجد الزرقا بدمنهور
أماكن لها تاريخ في ذاكرة الإخوان المسلمين


مسجد-الزرقا-بدمنهور.jpg

إخوان ويكي

في شارع الصاغة حاليا بوسط مدينة دمنهور يقع مسجد الزرقا ويقال أنه ينسب إلى العارف بالله محمد الزرقا، وتكلم عنه على باشا مبارك فى الخطط التوفيقية. والمسجد عتيق وقديم وله تاريخ، حيث قرأ فيه القران الشيخ محمد رفعت فى إحتفال مهيب بحضور الملك فؤاد.

ومنذ بدايات القرن العشرين كان يوجد في دمنهور 4 حمامات شعبية استمرت حتى منتصف ستينيات القرن الماضي وكان بعضها مخصصا للرجال فقط والآخر مُختلط ومنها حمام الحبشي وكان يقع بجوار مسجد الزرقا. ولم نعرف متى شيد المسجد لكن يبدو أن الأوقاف لا تهتم به حاليا.

الإمام حسن البنا بمسجد الزرقا

كان لسعى الإمام البنا في زيارة العديد من الأماكن نتيجة كبيرة في معرفة الناس به وبدعوة الإخوان المسلمين التي لم تترك بيت إلا وقد دخلته أو سمعت عنها أو انتسب أحدهم لها.

كان لانتشار الإخوان في طول البلاد وعرضها أثرا سلبيا على الوفديين الذين شعروا أن جماعة الإخوان تسحب البساط من تحت أقدامهم، وتعري شعبيتهم وسط الناس، مما دفعهم بالعنصرية الحزبية إلى محاولة الصدام مع الإخوان مثلما فعلوا من قبل مع حزب مصر الفتاة وأصحاب القمصان الخضراء.

ويبدو أنه كان توجه عام لحزب الوفد سواء في صفوف قادته أو أتباعه في كل مكان، فكان أن هاجموا دار الإخوان ببورسعيد وأحرقوها على من فيها وقت وجود الإمام البنا فيها عام 1946م، كما قام أحد طلبة حزب الوفد بالتربص بطالب من الإخوان في مدرسة المساعي المشكورة بالمنوفية وطعنة فمات على إثرها.

وحينما زار الإمام البنا دمنهور خطط أعضاء الوفد بإفساد خطبة الأستاذ البنا في مسجد الزرقا ومحاولة التعدي عليه.

يقول الأستاذ علي أبو شعيشع:

زار الإمام البنا دمنهور في وقت كان النزاع فيه على أشده بين الوفد والإخوان، وكان مقررًا أن يحضر الأستاذ المرشد حفلاً بالإسكندرية مساء يوم الخميس على أن يخطب الجمعة في دمنهور، واختار له الإخوان مسجد الزرقا الذي يتوسط المدينة. واستغل الوفديون الفرصة لتنفيذ مخططهم العدواني، فبعد أن دعا الإخوان الناس إلى الصلاة في هذا المسجد وقبل موعد الصلاة اكتظ المسجد بالمصلين داخله وخارجه بينما اندس شباب الوفد في الداخل استعدادًا لتنفيذ مخططهم.

وما إن صعد الأستاذ المنبر حتى سمع الإخوان أصواتًا تنادي (انزل، انزل) وتعالت الأصوات، ونزل الإمام البنا إلى الدرجة الأخيرة بالمنبر ونادى في الناس قائلاً: "من أم قومًا وهم له كارهون لم تجاوز صلاته أذنيه، ابحثوا لكم عن خطيب آخر" ولكن المصلين أصروا على أن يخطب الجمعة وقام الناس متكاتفين بحمل الوفديين من بين الصفوف والقذف بهم خارج المسجد وكانوا يخفون بين طيات ملابسهم أسياخًا حديدية.

وخطب الأستاذ خطبة قصيرة خرج بعدها ليركب سيارة الأخ منير الدلة التي كان يقودها بنفسه، وكانت قوات من البوليس قد حضرت.

وعن زيارة الإمام البنا لمدينة دمنهور يحكي لنا الأستاذ عباس السيسي تفاصيل هذه الزيارة فيقول:

غادر فضيلة المرشد وصحبه الإسكندرية إلى دمنهور، وعند المسجد كان المشهد مثيرًا حيث حاصرت قوات الأمن المسجد من كل مكان ودخل الأستاذ المرشد مع نهاية الأذان، وفوجئنا بمعركة بين الإخوان والوفديين بالأيدي وسط جلبة من الهتافات، وجرفت موجة الغضب الإخوان ولم يقدروا خطورة الموقف وما يترتب على ذلك من مخاطر على حياة فضيلة المرشد في هذا الزحام الذي يختلط فيه الحابل بالنابل ومن نعرف بمن لا نعرف.

ولكن الأستاذ المرشد لم ينتظر، فقد صعد المنبر في الحال وصاح بأعلى صوته: (يا أبناء الإسلام ... يا أتباع محمد عليه الصلاة والسلام... يا من جئتم لعبادة الله وحده...).

وظل الأستاذ ينادي بمثل هذه المعاني إلى أن جلس الناس جميعًا، وهدأت الثائرة وخيم الصمت الرهيب على الجميع، ثم بدأ يخطب الجمعة محلقًا بالمصلين في سماء الحب والأخوة في الله تعالى، وتناول كيف وحد الإسلام بين الأوس والخزرج وبين الأبيض والأسود وبين العربي والعجمي، واستشهد بآيات القرآن وأحاديث الرسول صلوات الله عليه وسلامه حتى تجاوبت القلوب ودمعت العيون...

وبعد أداء صلاة الجمعة أسرع فضيلته في إلقاء كلمة أخرى ، حتى لا يدع فرصة للشقاق والخلاف واستمر حديثه أكثر من ساعة حتى انفض الناس في هدوء، وخرجوا من المسجد وقد ظهر عليهم الألم والحزن إذ أوقع بينهم الشيطان وألقى بينهم العداوة والبغضاء...

وهكذا استطاع الأستاذ المرشد بما ألهمه الله وبما وهبه من قوة العزيمة وسرعة الحركة والمبادرة أن ينقذ الموقف ويملك زمامه ويرد إلى الجماهير رشدها ووعيها دون أن يشير في خطبته إلى أي اتهام أو تجريح أو مفاضلة، ولكن رد الناس جميعًا إلى أصل عقيدتهم التي من الله عليهم بما حيث يقول: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ﴾ "آل عمران: 13".

المصادر

  1. عباس السيسي: حسن البنا مواقف في الدعوة والداعية، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 1422هـ – 2001م، صـ 184 – 185.
  2. علي أبو شعيشع: يوميات بين الصفوف المؤمنة، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 1421هـ، 2000م، صـ 63- 64.