الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الإمام البنا بأقلام الأقباط»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
 
(٤ مراجعات متوسطة بواسطة ٣ مستخدمين غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:
<center>'''الإمام البنا بأقلام الأقباط'''</center>
'''<center><font color="blue"><font size=5> الإمام البنا بأقلام الأقباط </font></font></center>'''


'''إعداد:أ. عبده مصطفى دسوقي'''
[[ملف:الإمام-حسن-البنا-01.jpg|تصغير|200بك|<center>'''الإمام [[حسن البنا]]'''</center>]]
[[حسن البنا]] اسم لم يختلف حوله الكثير من كونه استحوذ على قلوب التباع والعداد ليس بخطبه فحسب ولكن بسلكه وتصرفاته العملية نحو الجميع، فقد اجمع الجميع أنه أحد الإصلاحيين في القرن العشرين والذي استطاع أن يغير الكثير في فترة وجيزة، وينشأ حركة إسلامية وسطية شاملة تعمل في كل الميدان الحياتية دون تفريق.


واهم ما ميز [[حسن البنا]] –كما اجمع الكل- انه فهم معنى الإسلام بسعته، فطبقه بشموله وترجمه عمليا فقدمه بصورته الصحيحة للجميع فلم يشعر احد من أبناء المجتمع بالتمييز في المعاملة أو العنصرية، كما لم يعترض احد على الإسلام الشامل الذي أظهره [[حسن البنا]] بصورته التي جاء بها القرآن الكريم والسنة المطهرة.
[[ملف:مكرم-عبيد-وشهادته-للإخوان.jpg|300بك|تصغير|<center>[[مكرم عبيد]] باشا وشهادته [[للإخوان المسلمين]]</center>]]


وفي هذه السطور وبمناسبة مرور واحد وخمسون عام على استشهاده نتوقف لنتعرف على رأى الأقباط في هذا الرجل وكيف كانت علاقته بهم، وكيف طبق قاعدة "لهم ما لنا وعليهم ما علينا".
[[حسن البنا]] اسم لم يختلف حوله الكثير من كونه استحوذ على قلوب الأتباع والعباد ليس بخطبه فحسب ولكن بسلوكه وتصرفاته العملية نحو الجميع، فقد أجمع الجميع أنه أحد الإصلاحيين في القرن العشرين والذي استطاع أن يغير الكثير في فترة وجيزة، وينشأ حركة إسلامية وسطية شاملة تعمل في كل الميادين الحياتية دون تفريق.


وأهم ما ميز [[حسن البنا]] –كما أجمع الكل- أنه فهم معنى الإسلام بسعته، فطبقه بشموله وترجمه عمليا فقدمه بصورته الصحيحة للجميع فلم يشعر أحد من أبناء المجتمع بالتمييز في المعاملة أو العنصرية، كما لم يعترض أحد على الإسلام الشامل الذي أظهره [[حسن البنا]] بصورته التي جاء بها القرآن الكريم والسنة المطهرة.


'''فقد كتب مكرم عبيد باشا-وهو احد الشخصيات الشهيرة في التاريخ الحديث، ومن المعروف أنه الوحيد الذي حضر عزاء الإمام الشهيد- تحت عنوان (الإمام الشهيد) فقال:'''
وفي هذه السطور وبمناسبة مرور واحد وخمسون عام على استشهاده نتوقف لنتعرف على رأى الأقباط في هذا الرجل وكيف كانت علاقته بهم، وكيف طبق قاعدة "لهم ما لنا وعليهم ما علينا".
 
"تفضلت مجلة "الدعوة" الغراء فطلبت إلىّ أن أكتب كلمة فى ذكرى الراحل الكريم، الذى شاءت له رحمة الله أن يغادر هذه الدنيا الغادرة، إلى جوار ربه الرحمن الرحيم، كما شاءت لنا نحن رحمة الله أن يظل الراحل الذى فقدناه، ماثلا بيننا بذكراه، وبتقواه.


وهل هذا الراحل الماثل، إلا فضيلة المرشد الشيخ [[حسن البنا]]؟
'''فقد كتب [[مكرم عبيد]] باشا-وهو أحد الشخصيات الشهيرة في التاريخ الحديث، ومن المعروف أنه الوحيد الذي حضر عزاء [[الإمام الشهيد]] - تحت عنوان ([[الإمام الشهيد .. مكرم عبيد باشا|الإمام الشهيد]]) فقال:'''


إى نعم، فإذا كنتم أيها الإخوان المسلمون، قد فقدتم الحاكم الأكبر، الخالد الذكر، فحسبكم أن تذكروا أن هذا الرجل الذى أسلم وجهه لله حنيفًا، قد أسلم روحه للوطن عفيفًا، حسبكم أن تذكروه حيًّا فى مجده، كلما ذكرتموه ميتًا فى لحده.
:"تفضلت "[[مجلة الدعوة]]" الغراء فطلبت إلىّ أن أكتب كلمة فى ذكرى الراحل الكريم، الذى شاءت له رحمة الله أن يغادر هذه الدنيا الغادرة، إلى جوار ربه الرحمن الرحيم، كما شاءت لنا نحن رحمة الله أن يظل الراحل الذى فقدناه، ماثلا بيننا بذكراه، وبتقواه.


وإذا كان الموت والحياة يتنازعان السيطرة فى مملكة الإنسان، ويتبادلان النصر والهزيمة فيتساويان، فالغلبة للحياة مع الذكرى، وللموت مع النسيان، ولهذا فالميت حى لديك إذا ذكرته، والحى ميت لديك إذا نسيته.
:'''وهل هذا الراحل الماثل، إلا فضيلة المرشد الشيخ [[حسن البنا]]؟'''


وما من شك أن فضيلة الشيخ [[حسن البنا]] هو حى لدينا جميعًا فى ذكراه، بل كيف لا يحيا ويخلد فى حياته رجل استوحى فى الدين هدى ربه، ففى ذكره حياة له ولكم.
:إى نعم، فإذا كنتم أيها الإخوان المسلمون، قد فقدتم الحاكم الأكبر، الخالد الذكر، فحسبكم أن تذكروا أن هذا الرجل الذى أسلم وجهه لله حنيفًا، قد أسلم روحه للوطن عفيفًا، حسبكم أن تذكروه حيًّا فى مجده، كلما ذكرتموه ميتًا فى لحده.


ومن ذا الذى يقول بهذا هو مكرم عبيد صديقه المسيحى الذى عرف فى أخيه المسلم الكريم الصدق والصداقة معًا، ولئن ذكرت فكيف لا أذكر كم تزاورنا وتآزرنا إبان حياته، ولئن شهدت فكيف لا أشهد بفضله بعد مماته، وما هى - وأيم الحق - إلا شهادة صدق أُشْهد عليها ربى؛ إذ ينطق بها لسانى من وحى قلبى.
:وإذا كان الموت والحياة يتنازعان السيطرة فى مملكة الإنسان، ويتبادلان النصر والهزيمة فيتساويان، فالغلبة للحياة مع الذكرى، وللموت مع النسيان، ولهذا فالميت حى لديك إذا ذكرته، والحى ميت لديك إذا نسيته.


بل هى شهادة رجل يجمع بينه وبين الفقيد العزيز الإيمان بوحدة ربه، وبوحدة شعبه، والتوحيد فى جميع الأديان المنـزَّلة لا يكفى فيه أن نوحد الله بل يجب أن نتوحد فى الله كما أن وحدة الوطن لا يكفى فيها وحدة أرجائه، بل يجب أن تتوافر لها قبل كل شىء وحدة أبنائه!.
:وما من شك أن فضيلة الشيخ [[حسن البنا]] هو حى لدينا جميعًا فى ذكراه، بل كيف لا يحيا ويخلد فى حياته رجل استوحى فى الدين هدى ربه، ففى ذكره حياة له ولكم.


ولقد كان [[الإخوان المسلمون]] والكتلة الوفدية هما الهيئتين الوحيدتين اللتين تبادلتا الزيارة فى دار [[الإخوان]] ونادى الكتلة، بل كان لى الحظ أن يزورنى - رحمه الله - فى منزلى، وأن نتبادل خلال حديث طويلٍ المشاعرَ الشخصية والوطنية، وكنت أراه فى حديثه أبعد ما يكون عن الشكليات والصغائر، مما جعلنى أعتقد أنه رجل قَلَّ مثيله بيننا فى التعمق تفكيرًا، وفى التنزه ضميرًا.
:ومن ذا الذى يقول بهذا هو مكرم عبيد صديقه المسيحى الذى عرف فى أخيه المسلم الكريم الصدق والصداقة معًا، ولئن ذكرت فكيف لا أذكر كم تزاورنا وتآزرنا إبان حياته، ولئن شهدت فكيف لا أشهد بفضله بعد مماته، وما هى - وأيم الحق - إلا شهادة صدق أُشْهد عليها ربى؛ إذ ينطق بها لسانى من وحى قلبى.


ولقد زرته - رحمه الله - إثر موته فى منزله، فكانت زيارة لن أنسى - ما حييت - أثرها الفاجع والدامع، ولقد هالنى أن أجد قوة من البوليس تحاصر الشارع الذى به منزل الفقيد، ولولا أن ضابط البوليس عرفنى فسمح لى بالمرور لما تيسر لى أن أؤدى واجب العزاء.
:بل هى شهادة رجل يجمع بينه وبين الفقيد العزيز الإيمان بوحدة ربه، وبوحدة شعبه، والتوحيد فى جميع الأديان المنـزَّلة لا يكفى فيه أن نوحد الله بل يجب أن نتوحد فى الله كما أن وحدة الوطن لا يكفى فيها وحدة أرجائه، بل يجب أن تتوافر لها قبل كل شىء وحدة أبنائه!.


ولئن نسيت فلن أنسى كيف كان والده الشيخ البار متأثرًا بهذه الزيارة، حتى إنه قصَّ علينا - والدمع يفيض من عينيه - كيف منعوا الناس من تشييع جنازة الفقيد، ولم يسمح لغير والده بالسير وراء نعشه، كما لم يسمح للمُعَزّين بالعزاء فى منزله، وراح الوالد الكريم يشكرنى، ويدعو لى دعواته المباركات التى ما زلت أتبرك بها، ولو أنى قلت له إن واجب العزاء هو فرض واجب الأداء، فإذا ما قصرت فيه أنا أو أى مصرى كان فى ذلك تنكُّر لتقاليدنا وأوليات الوفاء.
:ولقد كان [[الإخوان المسلمون]] والكتلة الوفدية هما الهيئتان الوحيدتين اللتان تبادلتا الزيارة فى دار [[الإخوان]] ونادى الكتلة، بل كان لى الحظ أن يزورنى - رحمه الله - فى منزلى، وأن نتبادل خلال حديث طويلٍ المشاعرَ الشخصية والوطنية، وكنت أراه فى حديثه أبعد ما يكون عن الشكليات والصغائر، مما جعلنى أعتقد أنه رجل قَلَّ مثيله بيننا فى التعمق تفكيرًا، وفى التنزه ضميرًا.


'''إخوانى:'''
:ولقد زرته - رحمه الله - إثر موته فى منزله، فكانت زيارة لن أنسى - ما حييت - أثرها الفاجع والدامع، ولقد هالنى أن أجد قوة من البوليس تحاصر الشارع الذى به منزل الفقيد، ولولا أن ضابط البوليس عرفنى فسمح لى بالمرور لما تيسر لى أن أؤدى واجب العزاء.


إى نعم، فأنتم إخوانى أيها [[الإخوان المسلمون]].
:ولئن نسيت فلن أنسى كيف كان والده الشيخ البار متأثرًا بهذه الزيارة، حتى إنه قصَّ علينا - والدمع يفيض من عينيه - كيف منعوا الناس من تشييع جنازة الفقيد، ولم يسمح لغير والده بالسير وراء نعشه، كما لم يسمح للمُعَزّين بالعزاء فى منزله، وراح الوالد الكريم يشكرنى، ويدعو لى دعواته المباركات التى ما زلت أتبرك بها، ولو أنى قلت له إن واجب العزاء هو فرض واجب الأداء، فإذا ما قصرت فيه أنا أو أى مصرى كان فى ذلك تنكُّر لتقاليدنا وأوليات الوفاء.


أنتم إخوانى وطنًا وجنسًا، بل إخوانى نفسًا وحسًا، بل أنتم لى إخوان ما أقربكم إخوانًا؛ لأنكم فى الوطنية إخوانى إيمانًا، ولما كانت الوطنية من الإيمان فنحن إذن إخوان فى الله الواحد المنان.
'''إخوانى .. إى نعم، فأنتم إخوانى أيها [[الإخوان المسلمون]]:'''
وإذا ما ذكرتم اليوم الفضيلة فى قبرها، فاذكروا أيضًا ما كان يذكره هو على الدوام؛ إذ يذكر الحرية فى سجنها.


فلنطالب إذن بتحرير بلادنا، وتحرير أولادنا المساجين المساكين، فإن الإفراج عنهم عزاء، وجزاء فى وقت معًا.
:أنتم إخوانى وطنًا وجنسًا، بل إخوانى نفسًا وحسًا، بل أنتم لى إخوان ما أقربكم إخوانًا؛ لأنكم فى الوطنية إخوانى إيمانًا، ولما كانت الوطنية من الإيمان فنحن إذن إخوان فى الله الواحد المنان.


:وإذا ما ذكرتم اليوم الفضيلة فى قبرها، فاذكروا أيضًا ما كان يذكره هو على الدوام؛ إذ يذكر الحرية فى سجنها.


'''كما كتب الأستاذ مريت بطرس غالى –وهو من كبار المفكرين والمثقفين وتوفى عام [[1991]]م.- تحت عنوان (فى ذكرى الإمام الشهيد) فيقول:'''
:فلنطالب إذن بتحرير بلادنا، وتحرير أولادنا المساجين المساكين، فإن الإفراج عنهم عزاء، وجزاء فى وقت معًا... '''([[الإمام الشهيد .. مكرم عبيد باشا|إقرأ نص المقال]])'''


عرفت المغفور له الأستاذ [[حسن البنا]] منذ سنوات عدة، فعرفت فيه الرجولة التامة، ورأيت فيه - على الدوام - رجلا فذًا من الناحيتين الخلقية والإنسانية، وقد كان - رحمه الله - على ثقافة واسعة، يتمتع بشخصية جذابة ويأخذ بأسباب القلوب، ولا شك أن رجلا هذه طباعه وتلك كفايته كان ذخرًا قيمًا لبلاده، فجاء مصرعه خسارة كبيرة، ويزيد الخسارة فداحة أن وقع فريسة اغتيال مدبر، وقد تفشى بيننا داء الاغتيال السياسى البغيض منذ أوائل هذا القرن.
'''كما كتب الأستاذ [[مريت بطرس غالي]] –وهو من كبار المفكرين والمثقفين وتوفى عام [[1991]]م- تحت عنوان ([[فى ذكرى الإمام الشهيد .. الأستاذ مريت بطرس غالي|فى ذكرى الإمام الشهيد]]) فيقول:'''


وهؤلاء الذين يقيمون من أنفسهم مدعين وقضاة ومنفذين وجلادين بدافع من هواهم أو رأيهم الشخصى إنما هم أخطر الناس على النظام والاستقرار والمدنية، ولابد أن يؤخذوا أخذة رابية يعتبر بها الغير، حتى لا يتطلعوا إلى اغتصاب حق الدولة وحدها فى مظاهرة العدالة والاقتصاص من كل من يتهيج عليها.
:عرفت المغفور له الأستاذ [[حسن البنا]] منذ سنوات عدة، فعرفت فيه الرجولة التامة، ورأيت فيه - على الدوام - رجلا فذًا من الناحيتين الخلقية والإنسانية، وقد كان - رحمه الله - على ثقافة واسعة، يتمتع بشخصية جذابة ويأخذ بأسباب القلوب، ولا شك أن رجلا هذه طباعه وتلك كفايته كان ذخرًا قيمًا لبلاده، فجاء مصرعه خسارة كبيرة، ويزيد الخسارة فداحة أن وقع فريسة اغتيال مدبر، وقد تفشى بيننا داء الاغتيال السياسى البغيض منذ أوائل هذا القرن.


:وهؤلاء الذين يقيمون من أنفسهم مدعين وقضاة ومنفذين وجلادين بدافع من هواهم أو رأيهم الشخصى إنما هم أخطر الناس على النظام والاستقرار والمدنية، ولابد أن يؤخذوا أخذة رابية يعتبر بها الغير، حتى لا يتطلعوا إلى اغتصاب حق الدولة وحدها فى مظاهرة العدالة والاقتصاص من كل من يتهيج عليها.. '''([[فى ذكرى الإمام الشهيد .. الأستاذ مريت بطرس غالي|إقرأ نص المقال]])'''


'''المصدر : مجلة الدعوة: جمادى الأولى 1371هـ / فبراير 1952م، جمادى الأولى 1372هـ 1953م.'''


== موضوعات ذات صلة ==
*'''المصدر : [[مجلة الدعوة]]: جمادى الأولى 1371هـ / [[فبراير]] [[1952]]م، جمادى الأولى 1372هـ [[1953]]م.'''


*[[الإمام "البنا" أعجوبة زمننا ورائد الخير والحرية]]
*[[الإمام البنا وأدب الخلاف وفقه الاختلاف]]
*[[الإمام البنا والمشروع الإسلامي]]
*[[الإمام البنا ورحلات الإخوان للحج]]
*[[الإمام البنا يدعو إلى مقاطعة اقتصادية من أجل فلسطين]]
*[[الإمام البنا.. إلى حجاج بيت الله الحرام]]
*[[الإمام البنَّا والأبعاد الاقتصادية في فكر الإخوان المسلمين]]
*[[الإمام حسن البنا في رؤية الشيخ محمد الغزالي]]
*[[الإمام حسن البنا في عيون معاصريه]]


{{روابط البنا في عيون الآخرين}}
{{روابط الإخوان والأقباط}}
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:أحداث صنعت التاريخ]]
[[تصنيف:أحداث صنعت التاريخ]]
[[تصنيف:مقالات مختارة أحداث صنعت التاريخ]]
[[تصنيف:ملفات خاصة]]
[[تصنيف:المقالة الجيدة]]
[[تصنيف:مقالة جيدة أحداث]]

المراجعة الحالية بتاريخ ١٢:٣٥، ١٠ فبراير ٢٠١٤

الإمام البنا بأقلام الأقباط


حسن البنا اسم لم يختلف حوله الكثير من كونه استحوذ على قلوب الأتباع والعباد ليس بخطبه فحسب ولكن بسلوكه وتصرفاته العملية نحو الجميع، فقد أجمع الجميع أنه أحد الإصلاحيين في القرن العشرين والذي استطاع أن يغير الكثير في فترة وجيزة، وينشأ حركة إسلامية وسطية شاملة تعمل في كل الميادين الحياتية دون تفريق.

وأهم ما ميز حسن البنا –كما أجمع الكل- أنه فهم معنى الإسلام بسعته، فطبقه بشموله وترجمه عمليا فقدمه بصورته الصحيحة للجميع فلم يشعر أحد من أبناء المجتمع بالتمييز في المعاملة أو العنصرية، كما لم يعترض أحد على الإسلام الشامل الذي أظهره حسن البنا بصورته التي جاء بها القرآن الكريم والسنة المطهرة.

وفي هذه السطور وبمناسبة مرور واحد وخمسون عام على استشهاده نتوقف لنتعرف على رأى الأقباط في هذا الرجل وكيف كانت علاقته بهم، وكيف طبق قاعدة "لهم ما لنا وعليهم ما علينا".

فقد كتب مكرم عبيد باشا-وهو أحد الشخصيات الشهيرة في التاريخ الحديث، ومن المعروف أنه الوحيد الذي حضر عزاء الإمام الشهيد - تحت عنوان (الإمام الشهيد) فقال:

"تفضلت "مجلة الدعوة" الغراء فطلبت إلىّ أن أكتب كلمة فى ذكرى الراحل الكريم، الذى شاءت له رحمة الله أن يغادر هذه الدنيا الغادرة، إلى جوار ربه الرحمن الرحيم، كما شاءت لنا نحن رحمة الله أن يظل الراحل الذى فقدناه، ماثلا بيننا بذكراه، وبتقواه.
وهل هذا الراحل الماثل، إلا فضيلة المرشد الشيخ حسن البنا؟
إى نعم، فإذا كنتم أيها الإخوان المسلمون، قد فقدتم الحاكم الأكبر، الخالد الذكر، فحسبكم أن تذكروا أن هذا الرجل الذى أسلم وجهه لله حنيفًا، قد أسلم روحه للوطن عفيفًا، حسبكم أن تذكروه حيًّا فى مجده، كلما ذكرتموه ميتًا فى لحده.
وإذا كان الموت والحياة يتنازعان السيطرة فى مملكة الإنسان، ويتبادلان النصر والهزيمة فيتساويان، فالغلبة للحياة مع الذكرى، وللموت مع النسيان، ولهذا فالميت حى لديك إذا ذكرته، والحى ميت لديك إذا نسيته.
وما من شك أن فضيلة الشيخ حسن البنا هو حى لدينا جميعًا فى ذكراه، بل كيف لا يحيا ويخلد فى حياته رجل استوحى فى الدين هدى ربه، ففى ذكره حياة له ولكم.
ومن ذا الذى يقول بهذا هو مكرم عبيد صديقه المسيحى الذى عرف فى أخيه المسلم الكريم الصدق والصداقة معًا، ولئن ذكرت فكيف لا أذكر كم تزاورنا وتآزرنا إبان حياته، ولئن شهدت فكيف لا أشهد بفضله بعد مماته، وما هى - وأيم الحق - إلا شهادة صدق أُشْهد عليها ربى؛ إذ ينطق بها لسانى من وحى قلبى.
بل هى شهادة رجل يجمع بينه وبين الفقيد العزيز الإيمان بوحدة ربه، وبوحدة شعبه، والتوحيد فى جميع الأديان المنـزَّلة لا يكفى فيه أن نوحد الله بل يجب أن نتوحد فى الله كما أن وحدة الوطن لا يكفى فيها وحدة أرجائه، بل يجب أن تتوافر لها قبل كل شىء وحدة أبنائه!.
ولقد كان الإخوان المسلمون والكتلة الوفدية هما الهيئتان الوحيدتين اللتان تبادلتا الزيارة فى دار الإخوان ونادى الكتلة، بل كان لى الحظ أن يزورنى - رحمه الله - فى منزلى، وأن نتبادل خلال حديث طويلٍ المشاعرَ الشخصية والوطنية، وكنت أراه فى حديثه أبعد ما يكون عن الشكليات والصغائر، مما جعلنى أعتقد أنه رجل قَلَّ مثيله بيننا فى التعمق تفكيرًا، وفى التنزه ضميرًا.
ولقد زرته - رحمه الله - إثر موته فى منزله، فكانت زيارة لن أنسى - ما حييت - أثرها الفاجع والدامع، ولقد هالنى أن أجد قوة من البوليس تحاصر الشارع الذى به منزل الفقيد، ولولا أن ضابط البوليس عرفنى فسمح لى بالمرور لما تيسر لى أن أؤدى واجب العزاء.
ولئن نسيت فلن أنسى كيف كان والده الشيخ البار متأثرًا بهذه الزيارة، حتى إنه قصَّ علينا - والدمع يفيض من عينيه - كيف منعوا الناس من تشييع جنازة الفقيد، ولم يسمح لغير والده بالسير وراء نعشه، كما لم يسمح للمُعَزّين بالعزاء فى منزله، وراح الوالد الكريم يشكرنى، ويدعو لى دعواته المباركات التى ما زلت أتبرك بها، ولو أنى قلت له إن واجب العزاء هو فرض واجب الأداء، فإذا ما قصرت فيه أنا أو أى مصرى كان فى ذلك تنكُّر لتقاليدنا وأوليات الوفاء.

إخوانى .. إى نعم، فأنتم إخوانى أيها الإخوان المسلمون:

أنتم إخوانى وطنًا وجنسًا، بل إخوانى نفسًا وحسًا، بل أنتم لى إخوان ما أقربكم إخوانًا؛ لأنكم فى الوطنية إخوانى إيمانًا، ولما كانت الوطنية من الإيمان فنحن إذن إخوان فى الله الواحد المنان.
وإذا ما ذكرتم اليوم الفضيلة فى قبرها، فاذكروا أيضًا ما كان يذكره هو على الدوام؛ إذ يذكر الحرية فى سجنها.
فلنطالب إذن بتحرير بلادنا، وتحرير أولادنا المساجين المساكين، فإن الإفراج عنهم عزاء، وجزاء فى وقت معًا... (إقرأ نص المقال)

كما كتب الأستاذ مريت بطرس غالي –وهو من كبار المفكرين والمثقفين وتوفى عام 1991م- تحت عنوان (فى ذكرى الإمام الشهيد) فيقول:

عرفت المغفور له الأستاذ حسن البنا منذ سنوات عدة، فعرفت فيه الرجولة التامة، ورأيت فيه - على الدوام - رجلا فذًا من الناحيتين الخلقية والإنسانية، وقد كان - رحمه الله - على ثقافة واسعة، يتمتع بشخصية جذابة ويأخذ بأسباب القلوب، ولا شك أن رجلا هذه طباعه وتلك كفايته كان ذخرًا قيمًا لبلاده، فجاء مصرعه خسارة كبيرة، ويزيد الخسارة فداحة أن وقع فريسة اغتيال مدبر، وقد تفشى بيننا داء الاغتيال السياسى البغيض منذ أوائل هذا القرن.
وهؤلاء الذين يقيمون من أنفسهم مدعين وقضاة ومنفذين وجلادين بدافع من هواهم أو رأيهم الشخصى إنما هم أخطر الناس على النظام والاستقرار والمدنية، ولابد أن يؤخذوا أخذة رابية يعتبر بها الغير، حتى لا يتطلعوا إلى اغتصاب حق الدولة وحدها فى مظاهرة العدالة والاقتصاص من كل من يتهيج عليها.. (إقرأ نص المقال)



إقرا أيضاً

الإمام البنا في عيون السياسيين

الإمام حسن البنا في عيون الصحفيين

الإمام حسن البنا في عيون الصحفيين

الإمام حسن البنا في عيون الغرب

Banna banner.jpg

للمزيد عن الإخوان والأقباط

كتب متعلقة

مقالات وأبحاث متعلقة

أحداث في صور

أخبار متعلقة

وصلات خارجية

مقالات متعلقة

تابع مقالات خارجية

وصلات فيديو

.