الإصلاح الاجتماعي عند البنا (قضايا المرأة والأسرة- الحلقة الأولى)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
الإصلاح الاجتماعي عند البنا (قضايا المرأة والأسرة- الحلقة الأولى)

إعداد: طارق عبدالرحمن


بعد أن انتهينا من الحديث عن محاربة الفساد، نتناول في هذه الحلقة فصلاً جديدًا من فصول الإصلاح الاجتماعي، وهو قضايا المرأة والأسرة.

وظيفة المرأة في الحياة

الإمام حسن البنا

نالت الآنسة نعيمة الأيوبي "ليسانس الحقوق" وتقدمت إلى نقابة المحامين لتحصل منها على تصريح بالاشتغال بالمحاماة فتوقفت النقابة، وخاضت الصحف في هذا الموضوع، وكان لها فيه جولات يرمي أكثرها إلى الاحتجاج على النقابة في عدم إسراعها بالموافقة على مطلب الآنسة، ويزكَّى هذا المطلب محتجًّا له بالمساواة بين المرأة والرجل وصيانة حقوق المرأة، وهكذا من هذه المزاعم.


وتقدمت الآنسة فاطمة فهمي على ما أذكر إلى مدرسة الهندسة الملكية بعد حصولها على البكالوريا فتوقفت المدرسة في قبولها، وقد أنحت عليها بعض الصحف باللائمة الشديدة، وأرادت أن تبرر حملتها على المدرسة وعلى وزارة المعارف بسماح الوزارة للآنسات بالتعليم الثانوي، فإما أن تفتح لهن الباب على مصراعيه في التعليم العالي، وإما أن تغلقه في وجوههن من أول الأمر، وهو منطق كما ترى...


وكتبت الكاتبة "زينب الحكيم" كلمتها الأولى في "الأهرام" 2 ربيع الثاني تحت عنوان: "وظيفة المرأة في الإنسانية على بساط البحث والتمحيص"، وصدرتها بكلمة أفلاطون القائلة: "ليس من عمل ما في نظام الهيئة الاجتماعية تختص به المرأة كامرأة، أو يختص به الرجل كرجل؛ لأن الطبيعة ساوت بين الرجل والمرأة فيما منحتهما من النعم والمواهب؛ ولذلك يحق للمرأة أن تقوم بكل عمل يقوم به الرجل رغم كونها أضعف جسمًا منه".


أيها الكاتبون والكاتبات والناقدون والناقدات والناصرون للرجل أو المطالبون بحقوق المرأة على حد سواء لي معكم جميعًا كلمة في هذا الموضوع، مختصرة كل الاختصار، عادلة كل العدل، بريئة كل البراءة، مخلصة كل الإخلاص، لا تعتمد على خلابة لفظية، ولا بلاغة كتابية، ولا جمل أفلاطونية، ولكنها تعتمد على حجج فطرية بدهية يراها الأعمى ويسمعها من به صمم.


أيها القوم جميعًا: أما تعليم البنت وتثقيفها وتهذيبها وتربيتها فأمر لا نجعله محل نزاع فيما بيننا، وليس هو من شئون بحثنا، وأما سفورها أو حجابها واختلاطها أو اعتكافها فلنا فيه كلام آخر كذلك في غير هذا المقام، ولكن موضوع البحث هو: "وظيفة المرأة في الحياة، وهل من النافع للأمة أن تشارك الرجال فيما يقومون به من الأعمال، أم لكل منهما وظائف عليه أن يؤديها ولا يصح أن يشاركه الصنف الآخر فيها؟!" ذلك هو محل البحث، فتعالوا نتعرف الحقيقة على ضوء الفطرة والبديهة.


أيها القوم جميعًا: ليست الحياة نوعًا واحدًا من الأعمال، ولكنها أقسام مختلفة تندرج تحت قسمين رئيسين أولهما: كسب العيش ووسائله من إدارة المصانع والمتاجر والمزارع وغيرها مما ينحو منحاها، ومنها إدارة المنزل وتهيئة لوازم الأسرة والحمل والوضع والرضاع وتربية الأولاد والحنو عليهم، والرجل وحده لا يستطيع أن يقوم بالمهمتين ولا أن يؤدي الوظيفتين، وكذلك المرأة لا تستطيع أن تقوم بهما معًا، وإذن فلا بد من القسمة ولا بد من التخصيص، ما الذي تريدون أن يختص به الرجل؟ وما الذي تريدون أن تختص به المرأة؟ أظن أن الجواب على هذا فطري بدهي لو سألت عنه فيلسوفًا لأجابك، ولو سألت عامِّيًّا لما أعجزه الجواب أيضًا.


للرجل الكسب والكدّ وتدبير الحياة الخارجية، وللمرأة المملكة المنزلية وتدبير حياة الأسرة، وليس في ذلك انتقاص لأحدهما، وإنما هي القسمة العادلة فيما بينهما.


هذه- أيها المنصفون- القاعدة الأساسية في وظيفة الرجل ووظيفة المرأة، ولهذا خُلِقَ الرجل قويّ الجسم قويّ العضلات قويّ الفكر واسع الحيلة، وخُلقت المرأة ليّنة الجسم ليّنة الشعور عاطفة كلها.


دعونا- أيها القوم- من النظريات والكلاميات، ولا تخرجوا على سنن الكون ونظمه، ودعوا المرأة سيدةً في بيتها، آمنةً في سربها، هانئةً بأولادها، سعيدةً بزوجها، قائمةً بالوظيفة التي أعدت لها، ولا تزعجوها بالأماني والأحلام والظنون والأوهام.


واذكروا أيها القوم أن المحاكم قد شَرِقَت بالمترافعين، والبيوت قد أقفرت من المتزوجين، فخير للآنسة نعيمة الأيوبي أن تخدم أمتها بأن تعمر بيتًا على أساس الفضيلة والعلم، وتكوّن أسرةً تبث في نفوس أبنائها وبناتها الخلق الفاضل على ضوء ما تعلمته من الحقائق- وكثير من يوافقها على ذلك إن أرادته- من أن تنافس المحامين الذين يطالبهم أبناؤهم وزوجاتهم بالنفقة التي لا بد منها للبيوت وللأسر.


وقل مثل ذلك للآنسة فاطمة فهمي، ولكل آنسة تحاول أن تتخذ التعليم العالي سلَّمًا للكسب والمعاش، ثم قل لأفلاطون وللكاتبة زينب الحكيم: "حتى لو سلمنا بهذه النظرية؛ نظرية: أن المرأة تستطيع أن تقوم بأعمال الرجل فلن نستطيع في مصر أن نسلم بعكسها، وهي أن الرجل يستطيع أن يقوم بأعمال المرأة ونحن مضطرون لتقسيم وظائف الحياة فيما بينهما، ولا بد أن يختص كل منهما بعمل، ومن هنا يجيء وجوب قيام كل منهما بوظيفة خاصة به"، على أن النظرية منقوضة من وجهات كثيرة فسيولوجية واجتماعية، هذا حوار لا لبس فيه ولا غموض ولا سفسطة ولا تعقيد، وإن لم يكن هذا واضحًا جليًا مسلمًا به من كل إنسان فقل على العقول السلام، وليس لي أن أقول ولكنها الأهواء عمت فأعمت.


هدى الله القوم إلى سواء السبيل، ولا زلنا- ونعتقد أن هذا رأي العقلاء من الأمة- نؤيد نقابة المحامين ونؤيد مدرسة الهندسة في وجوب رفض طلبي الآنستين، ونشكر لوزارة المعارف مواقفها المشرفة في المحافظة على المصلحة العامة".


كيف يشجعون الزواج؟

تحت هذا العنوان نشرت الجرائد اليومية ما يأتي: برلين في 20 يوليو: أعلنت شركة كبيرة من شركات الدخان هنا أن كل فتاة عازبة من مستخدماتها تجد عريسًا قبل انتهاء السنة الحالية تنال مكافأة ستمائة مارك، وهي تأمل من هذا أن تزيد الإقبال على الزواج وتخفض- جهد المستطاع- عدد العاملات في مصالحها؛ لأنه بمقتضى القانون الألماني لا يسوغ لأية امرأة متزوجة أن تحترف عملاً خارج منزلها. وتقول هذه الشركة: إن كل وظيفة تخلو بسبب زواج الفتيات تستخدم فيها رجالاً، وتأمل بهذه الوسيلة أن تخفف وطأة البطالة.


وقد جاءت البرقيات بما أشارت إليه هذه الكلمة من حظر القانون الألماني العمل خارج المنزل على المتزوجات، رغبةً في تخفيف وطأة البطالة، وإلزامًا للمرأة أن تقوم بوظيفتها الطبيعية.


هذه بلاد من أرقى بلاد الدنيا مدنيةً وحضارةً وأدقها نظامًا وبرامج ثارت على سنة الكون حينًا من الدهر فاستخدمت النساء في وظائف الرجال، ثم ها هي بعد أن أدركت ما جره عليها هذا الخروج من مصائب وويلات تتقهقر بنظام فتضع القوانين لإلزام النساء القيام بوظائفهن في حدود منازلهن، وتغري العائلات بترك وظائفهن للرجال والعودة إلى أحضان حياة الأسرة، حيث تكون المرأة كما يريدها نظام الكون زوجًا وأمًّا ومربيةً.


ونحن في بلادنا قد عافانا الله من هذا البلاء الذي يقاسي غيرنا مرارته، ويحاول التخلص من ويلاته بالتشريع تارة، وبالإغراء والمال تارة أخرى، فما بال أقوام يرفعون أصواتهم بخديعة الأمة ويزينون لها هذا الشر المستطير بصورة الخير الكثير، ويغالطون أنفسهم والناس بجمل معسولة وأقوال ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قبله العذاب، فيريدون من الآنسة نعيمة الأيوبي محاميًا بين المحامين، ومن الآنسة فاطمة فهمي مهندسًا بين المهندسين، ثم تكون سنة بعد ذلك، فيهجر(3) الآنسات المنازل والقصور والبيوت والخدور إلى المكاتب والمحاكم والترع والعمائر، وعلى حياة الأسر السلام.


يا قوم، إن كنتم تخضعون لسلطان العقل والمنطق فاعلموا أنكم تسوقون الأمة بدعايتكم هذه إلى خطر عظيم، وإن كنتم تخضعون لسلطان التقليد الغربي فهذه أمة من أمم الغرب ضربت لكم المثل فيما يجب على المرأة وما يجب على الرجل، وإن كانت شهوةً من شهوات النفوس والآراء فالله نسأل أن يبصركم بالحق ويدفع عن الأمة شر هذه الشهوات.


يا قوم، إنكم تلعبون بالنار وتفتحون على الأمة بابًا مغلقًا من أبواب التهلكة والدمار، وتزجونها إلى مزلق من مزالق الفناء الاجتماعي، ومن دعا إلى ضلالة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئًا، فاتقوا الله في أنفسكم وفي أمتكم.


استعباد المرأة في اليابان

إن استعباد المرأة اليابانية واستثمار جهودها مقابل أجور تافهة هو من أهم العوامل التي ساعدت اليابان على مزاحمة جميع الدول المصدرة، وعلى إغراق أسواق العالم بالبضائع الرخيصة.


وقد ظهر حديثًا باللغة الإنجليزية كتاب عنوانه: (الصين الفتية واليابان الجديدة) للكاتبة الإنجليزية "سيسل شسترتون" ضمنته المؤلفة وصفًا للمرأة اليابانية قالت فيه: إن النساء اليابانيات مستعبدات كأقسى ما يكون الاستعباد، وإنهن لا يشتغلن في المكاتب والمتاجر والمصارف بأجور زهيدة فقط، ولكنهن أيضًا يزاولن أعمالاً لا يزاولها في غالب البلاد المتمدينة غير الرجال الأشداء، فهن يشتغلن في المصانع والحقول، ويحملن الأثقال، ويشتغلن في كثير من الأحيان بنقل الفحم إلى البواخر في الموانئ، فهي بحق من دواب الحمل، وليس هناك أي تشريع لتنظيم تشغيلهن وصيانة حقوقهن والدفاع عنهن.


والرجال في اليابان يعتبرون أنفسهم سادة النساء، ويعتقد الواحد منهم أنه أرقى من المرأة اجتماعيًّا وعقليًّا وأخلاقيًّا وأن المرأة لذلك يجب أن تكون أمته.


وذكرت السيدة شسترتون ضمن كتابها أن ما لا يقل عن أربعين ألف فتاة يابانية قد شحنّ إلى "متشوكيو" للعمل فيها وتعميرها والاقتران بشبابها، لكي يتم صبغ هذه البلاد بالصبغة اليابانية البحتة.

بل ذكرت المؤلفة أكثر من ذلك فقالت: إن الفتيات في اليابان يبتعن ويشترين، وإن الحكومة تتقاضى ضريبة عليهن.


وتسرد مدام شسترتون بين مشاهداتها أنها ركبت مرة عربة الترام فوجدتها غاصة بالرجال، أما النساء وبعضهن أمهات يحملن أطفالهن فإنهن ظللن واقفات ولم يتحرك رجل واحد ليحل(5) محله إحدى النساء.


وتلاحظ المؤلفة فضلاً عن ذلك أن النساء في اليابان بدأن يستبدلن (الكيمونو) القومي بالثياب الأوروبية ليس لأن عيونهن تفتحت للمدنية الغربية، وإنما لأن الثياب على النمط الأوروبي أرخص كثيرًا من الكيمونو الوطني، ولأن أسعد النساء حظًا في اليابان تلك التي تستطيع أن تربح في الأسبوع خمسة شلنات.


وتقول المؤلفة: إن بعض المزارعين يبيعون بناتهم لتجار الرقيق الأبيض تحت تأثير الأزمة الاقتصادية العنيفة. "الجهاد 4 ربيع الثاني".


ننشر هذا الخبر كما روته جريدة "الجهاد" لا لأننا نريد أن تكون المرأة المصرية كذلك، بل نحن نتمنى للمرأة المصرية كل خير وكل رقي وكل تقدم، ولكن لنلفت نظر إخواننا الذين لا يرون سببًا لنهضة الأمة إلا تحرير المرأة، "وهو في عرفهم ثورتها على التقاليد والعادات حتى ولو كانت صالحة" إلى أن استعباد المرأة في اليابان لم يمنعها عن أن تكون أرقى أمم الشرق حضارةً ومدنيةً وتقدمًا وقوةً.


يا قومنا، نحن معكم في أن رقي المرأة يفيد نهضة الأمة كثيرًا، ولكن نحب أن تكونوا معنا في أنه ليس كل شيء في النهضة، وليست أهميته فيها كأهمية إصلاح الأخلاق وتربية النفوس، فليس معناه الإباحة والخلاعة والتهتك، ولكن معناه التهذيب الصحيح، والتربية الفاضلة، والتعليم النافع.


فإذا كنتم معنا في هذه الثلاثة كما نحن معكم في الأولى فقد اتفقنا.


وما أجمل أن تتوجه جهود الكل إلى وجهة واحدة من نواحي الإصلاح المثمر.

</noinclu


وصايا الزواج في اليابان

تقول مجلة "تيت بتس" الإنجليزية الشهيرة: إنه عندما تتزوج الفتاة اليابانية توصيها والدتها إحدى عشرة وصية هي:

1- منذ اللحظة التي تتزوجين فيها تكفين عن أن تكوني ابنتي فيجب عليك أن تطيعي والد زوجك ووالدته كما كنت تطيعين والديك.

2- كوني متواضعة ومؤدبة مع زوجك، واعلمي أن طاعة الزوج هي أحسن فضيلة تملكها الزوجة.

3- كوني دائمة رقيقة لطيفة تجاه والدة زوجك.

4- انبذي الغيرة فإنها تقتل محبة زوجك لك.

5- لا تغضبي ولو أخطأ زوجك، بل دعيه وشأنه إلى أن يسترد حلمه فتكلميه.

6- لا تستشيري الدجالين.

7- لا تتكلمي كثيرًا، ولا تذمي في جيرانك، ولا تكذبي.

8- كوني مقتصدة في شئونك المنزلية وأديريها بحكمة وعناية.

9- لا تشمخي بأنفك لثروة أبيك ولا تتحدثي عن غناه أمام أقارب زوجك.

10- لا تترددي كثيرًا على مجتمعات الشابات وإن كنت شابةً.

11- كوني دائمًا نظيفةً ومتواضعةً في ملبسك ولا ترتدي فساتين زاهية الألوان كثيرًا.


محمد محمد الغندور = (الأهرام) 13 جمادى الأولى 1352ه هكذا نشرت "الأهرام" هذه الوصية على أن ما أوصت به زوج عوف بن محلم الشيباني(7) ابنتها حين خطبها عمرو بن حجر(8) أبلغ من ذلك وأشمل قالت:

أي بنية، إنك فارقت بيتك الذي منه خرجت، وعشك الذي فيه درجت إلى رجل لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فكوني له أمة يكن لك عبدًا، واحفظي له خصالاً عشرًا يكن لك ذخرًا: أما الأولى والثانية:

الخشوع له بالقناعة وحسن السمع له والطاعة. وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لموضع عينه وأنفه فلا تقع عينه معك على قبيح ولا يشم منك إلا أطيب ريح. وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت منامه وطعامه فإن تواتر الجوع ملهبة وتنغيص النوم مغضبة. وأما السابعة والثامنة: فالاحتراس بماله والإرعاء على حشمه وعياله، وملاك الأمر في المال حسن التقدير وفي العيال حسن التدبير.


أما التاسعة والعاشرة: فلا تعصين له أمرًا ولا تفشين له سرًّا، فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره، وإن أفشيت سره لم تأمني غدره. ثم إياك والفرح بين يديه إذا كان مغتمًا. والكآبة بين يديه إذا كان فرحًا.

فليت شعري في أي جامعة تلقت هذه الأعرابية درر البلاغة، وغذيت بلبان الحكمة؟ أليس من الحسن أن ننقب في بطون الأسفار عن هذه الآثار؟


النسائيات

قلنا ألف مرة لسادتنا دعاة اختلاط المرأة بالرجل: إن الإسلام أكرم نظام جمع في تشريعه بين حرية المرأة وتقدير كرامتها وتقديس منزلتها، وبين المحافظة عليها وحمايتها من عدوان المعتدين وخداع الخادعين.


وإن الإسلام حين شرع للمرأة ألا تختلط بالرجل وألا تسافر مسافة القصر إلا مع محرم، وأن تقوم بوظيفتها الطبيعية من تنظيم مملكة الأسرة، تلك المملكة الكثيرة الأعباء العظيمة النتائج البعيدة الأثر في حياة الأمم لم نقصد بذلك قدحًا في شرفها، ولا حبسًا لحريتها، وإنما نقصد بذلك إلى صيانتها وحمايتها، فكان إخواننا دعاة الاختلاط من كاتبين وكاتبات يعيبون علينا ذلك، ويرون في بسط الرقابة على الفتاة غلاً ثقيلاً لا يطيقون رؤيته ولا يحتملون التفكير فيه.


فماذا يقول السادة الآن أمام هذه الحوادث المتواترة، وأمام ما نشره "الأهرام" في عددين متتاليين في شهر: "ما قل ودل" للأستاذ الصاوي محمد(10) داعية الاختلاط والسفور، وداعية بسط رقابة الآباء على الفتيات في عددي "الأهرام" المذكورين.


وقد كان ما نشرته "الأهرام" في العدد الأول خاصًّا بطبيب إنجليزي شطب اسمه من عداد الأطباء لانتهاكه شرف أسرة ترددت عليه سيدتها، فنجم عن ذلك صلات غرامية انتهت بانتحار السيدة وبؤس أسرتها، وطلاق زوجة الطبيب وحرمانه من مهنته.


وكان ما نشرته في العدد التالي خاصًّا بطبيب مصري حاول مثل هذه المغامرة وكاد يتم له ما أراد لانخداع الفتاة لولا أن يقظة الوالد حالت دون ذلك.


يا إخواننا، صدقونا إننا لا نريد بالمرأة إلا كل خير، ولا نكن لها إلا كل تقدير وتقديس، وقد نكون في ذلك أشد عليها منكم غيرةً وأعظم احترامًا، فتعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن ندعو إلى الفضيلة، ونحيط حرم العفة المقدس بسياج من الرقابة اليقظة، ونحول بين ذلك الاختلاط الذي يؤدي إلى أشد النكبات وأفظع المآسي.


ومن المصادفات أن تكون هذه النذر في وقت غصت فيه المصايف بالمختلطين، فرحمةً أيها الآباء ببناتكم وفتياتكم، وحياء حياء أيها الشبان فإنما هؤلاء أخواتكم وبني عمومتكم، وليس من فتنة أضر على الرجال(11) من النساء، ولا أضر على النساء من الرجال، والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.


بمناسبة المؤتمر النسائي الدولي بإستانبول

نحب من كل قلوبنا أن تبلغ المرأة الشرقية أقصى حدود الكمال الممكن، وأن ترقى إلى أوسع مدى تطمح إليه، ونعتقد أن النهضة الصحيحة إنما تتدعم على أسس قوية من نفسية المرأة وروحها، وما تبثه في نفوس أبنائها- وهم الجيل الجديد- من مبادئ وأخلاق، ذلك أمر مفروغ منه ليس فيه مجال للجدل ولا للخلاف، فلترق المرأة الشرقية في مدارج الكمال ما شاء لها الرقي، ولتكمل نفسها ما شاء لها التكميل حتى تصل إلى الكمال، ولتعمل في هذا السبيل بكل ما وجدت من وسع، ولكن حذار حذار فإن الموقف دقيق، حذار فإن المرأة التي تصلح الأمة بصلاحها هي المرأة التي تجلب على الأمة الفناء والاضمحلال بفسادها، حذار فإن مزالق الضلال كثيرة ومناحي الفساد متشعبة ومظاهر الخداع غرارة، وإذن فلا بد من تحديد الغاية.


وإنما يكون كمال المرأة ورقيها إذا استطاعت أن تكون فتاة عفة طاهرة، راجحة العقل، نبيلة العاطفة، سامية الغاية والمطمح، صحيحة الجسم والروح، وزوجًا مخلصةً وفيةً، يجد فيها زوجها ما يملأ فراغ قلبه، ويصل إلى مقر الطمأنينة من نفسه، ويدبر شئون الحياة في بيته، وأمًّا برةً صالحةً تقدم للإنسانية رجالاً فضلاء، ذاك هو كمال المرأة الصحيح الذي إذا وجدت السبيل إليه فقد وفقت إلى كل خير..


فما الوسائل إلى هذه الغاية؟

أمام المرأة الشرقية نموذجان لكل منهما مرجحاته ومزاياه.

أمامها المرأة المسلمة كما يريدها الإسلام أن تكون صحيحة الجسم، سليمة الفكر، نبيلة العاطفة، رقيقة الشعور، ليس بينها وبين العلم حجاب، مراقبتها لربها، وقلبها لزوجها، وعملها في بيتها، ووقتها لبنيها، لا تألو جهدًا في النصح لهؤلاء جميعًا، وذلك ما كانت عليه المرأة العربية يوم كان الإسلام غضًا طريًّا.

وأمامها المرأة الغربية كما تبدو الآن برزة(13) تغشى الأسواق والمجامع، متبرجة تغالي في الزينة وتسرف في التجمل، مدلة بما وصلت إليه من علم ومعرفة، بائسة بين دخان المصانع وجحيم المعامل، كل همها المادة، وكل أثرها لا يعدو حياة المادة. لا ننكر أن لكثير من نساء الغرب فضائلهن ومزاياهن من حيث سعة المدارك، والاضطلاع بأعباء الحياة، وبث كثير من المبادئ الصالحة في نفوس أبنائهن، ولكن هذا لا يبدو للمرأة الشرقية واضحًا من جهة، ولا يصل إلى درجة التغلغل في الأرواح والنفوس، وطبعها بطابع الفضيلة الخالصة التي تؤدي إلى الخير العام للإنسانية المعذبة، لهذا كانت الناحية التي تقصد إليها المرأة الشرقية في الأخذ عن الغربية هي الناحية الواضحة البارزة ناحية التبرج والتزين، والإغراق في الإباحية والاختلاط، حدثوا أن بهيسة بنت أوس بن حارثة الطائي حقنت دماء الأمة العربية، وحملت زوجها الحارث بن عوف المري على أن يتحمل ديات القتلى بين عبس وذبيان في حرب داحس والغبراء(14)، وانتهت بذلك تلك الحرب الضروس التي ظلت ناشبةً بين الحيين دهرًا طويلاً، وقد ورد مثل ذلك كثير عن نساء العرب وكيف استطعن أن يحملن الرجال على نبذ الحروب واجتناب الفتن ونشر راية السلام، بما طبعت عليه نفوسهن من رقة، وعقولهن من رجحان، فهل استطاعت المرأة الغربية أن تصل إلى بعض ذلك في عصر النور والعرفان؟ وهل غرست في بنيها حب السلام الذي يتمناه طلابه وقد أغلقت بأيديهم أبوابه؟


قلب طرفك في كل زاوية من زوايا الدنيا وأخبرني بربك هل ترى إلا قلوبًا ملأها الغل، وران(15) عليها الحقد، ونفوسًا استولى عليها الجشع، وأعماها الطمع، ومشاعر تهتز لإراقة دم الدجاجة وهي تلغ في دماء الشعوب البريئة والأمم المغلوبة؟


وأليس من سخرية المصادفات أن يجتمع الاتحاد النسائي الدولي في إستانبول، وتخف إليه أسراب الأوانس والسيدات يتحملن وعثاء السفر وكآبة المنظر، ويغضين(16) فيه للضرورة عن اختلاط ومقابلات وزيارات ومجاملات، كل ذلك في الوقت الذي يطالب فيه السنيور موسوليني في مؤتمر ستريزا(17) بزيادة تسليح النمسا وتعلن فيه ألمانيا التجنيد بالإجبار.


سيداتي وآنساتي أتقدم بين أيديكن باقتراح أقسم لكنَّ أن العمل به أقرب الوسائل إلى تحقيق ما تصبون إليه من غاية إن كنتن تردن السلام بإخلاص.


عدن إلى بلادكن وقرن في بيوتكن وربين على حب السلام أبناءكن، واغرسن في نفوسهم الرحمة والرأفة والإنصاف والشفقة، ولن تجدن أقرب من هذا إلى السلام.


من أهداف الدعوة الأسرة المسلمة


السفور، تعدد الزوجات، تقييد الطلاق، الاختلاط، الطفولة المشردة... إلخ.


لا شك في أن من أعقد المشاكل التي تعترض المصلحين الاجتماعيين في هذا العصر مشكلة نظام الأسرة وما يتبعه من صلة المرأة بالرجل، وصلة المرأة بالمجتمع، وما يجب أن يكون عليه أسلوب تكوينها وتنشئتها تبعًا لذلك. ومن هنا كانت هذه الألفاظ التي تتصل بالمرأة والأسرة أكثر دورانًا وتداولاً للقلوب والأسماع.. السفور، الاختلاط بين الجنسين، عمل المرأة في البيت وفي خارجه، التبرج والحفلات العامة، تعدد الزوجات، تقييد الطلاق، تشجيع الزواج، تعليم الفتاة الملابس والأزياء... إلخ. كلها من الألفاظ التي تشير إلى موضوعات هامة تشغل أذهان المصلحين وألبابهم وتدفع الكتاب إلى أن يكتبوا، والوعاظ إلى أن ينصحوا، والحاكمين إلى أن يقننوا، والجماعات إلى أن تتحرك وتعمل. لا شك في هذا كله، ولا شك عند المنصفين الفاهمين في أن الإسلام بما وضع لهذه المشاكل من حلول، وبما جاء به من نظم وأوضاع، قد كفى الناس مؤونة هذا العناء لو أخذوا عنه ولجئوا إليه وساروا وفق نهجه القويم وصراطه المستقيم، ولكن هكذا الإنسان يصبح ظمآن وفي البحر فمه(19).


جاءني بعض الشباب ثائرًا ثورةً عنيفةً على ما تريد الحكومة المصرية أن تتقدم به من قوانين تحد بها من تعدد الزوجات وتقيد حق الرجل في الطلاق، وقالوا إنها لإحدى الكبر؛ أن تحرم ما أحل الله وأن تحمل الناس على نهج يزيد الأمر فسادًا على فساد كما يتداوى شارب الخمر بالخمر، وسألوني رأيي في هذه القضية، وتطرق الأمر من حديث خاص حول هاتين النقطتين إلى حديث عام حول المرأة والأسرة وما يجب أن يكون عليه الحال بالنسبة لهما.. ولقد خلصت من هذا الحديث بهذه النتائج، ولا أدري أأرضاهم هذا الاستنباط أم غضبوا له، ولكنها على كل حال آراء أعتقد أنها توضح لهم نهج الإسلام القويم في هذه المشاكل المعقدة، وأتمنى أن يفتح الله لها آذان الحاكمين والمحكومين على السواء، وأن يلهمنا الله الرشد بالرجوع إلى ديننا والتأدب بآداب شريعتنا، فإنها الحق كل الحق. وماذا بعد الحق إلا الضلال؟


لا أظن اثنين يختلفان في أن الإسلام الحنيف يحرم تحريمًا قاطعًا هذه الفوضى الخلقية والإباحية السائدة التي تتجلى في مجتمعاتنا وأحفالنا والصور التي تنشرها جرائدنا ومجلاتنا، ومهما قيل عن أن كشف الوجه والكفين يجيزه الإسلام، فليس في الدنيا كلها مسلم واحد يقول إن الإسلام يبيح هذا الكشف الفاضح عن مواضع الزينة، ويسيغ هذه الأزياء المتهالكة التي تشف وتصف معا، والتي تدع صواحباتها كاسيات عاريات، ولا ينكر أحد هذا التغيير والتبديل لخلق الله، إلا إن كان مسلمًا بحكم مولده فقط، ولا يعلم من أحكام هذا الدين وآدابه شيئًا. وليس في الدنيا كلها مسلم واحد يقول بجواز خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية عنه من غير أن يكون معهما "محرم". هذا الوضع لا يقره الإسلام بحال ولا يقر ما يؤدي إليه، فكل عمل أو تصرف يكون من شأنه اختلاط المرأة بالأجانب عنها يحرمه الإسلام ولا يرضاه.


هذا كلام أظن أنه مفروغ منه بين الذين يعرفون أحكام هذا الدين. ودعك من الجدل الفقهي حول عورة المرأة وخوف الفتنة وما إلى ذلك من المماحكات، وحسبك أن تصرخ بكل قواك بأن الإسلام يحرم تحريمًا قاطعًا هذا الاختلاط، وهذه الأزياء، وهذه الصور، وهذه الأحفال، وهذا التبرج، وهذا التمرد على الأزواج والأولاد والبيوت والخدور، وهذا الانطلاق الشائن إلى ساحات الأعمال التي لم تخلق لها المرأة ولا يمكن أن تمت إليها بسبب من الأسباب، فيردد صدى صرختك كل قلب مؤمن، ولا تجد من ينكرها إلا رجل لم يعرف شيئًا من الإسلام، أو آخر يجاهر بأنه سيعمل ما يشاء- وإن رغم أنف الإسلام- ولا يرغم الله إلا هذه المعاطس(20).


ولا شك أن الأسرة في مصر قد وصلت من التحلل والاضطراب إلى درجة تصم السميع وتعمي البصير ويسأل من مثلها العافية، والأسباب لذلك معروفة غير مجهولة، والداء مشخص واضح غير خفي، ولكن الشأن في العلاج.


إن العلاج تربية الفتيان والفتيات تربيةً إسلاميةً عفيفةً طاهرةً، ومصادرة هذا الداء الوبيل من الصحف والمجلات والروايات والكتابات والمسارح والسينمات والإذاعات الهازلة الضئيلة المثيرة التي تستغل في الناس أخس مشاعرهم وأحط غرائزهم. ومقاومة هذا التيار من التبرج والاختلاط ومفارقة البيوت والخدور للتسكع في الحدائق والمصايف والمتنزهات وعلى الشواطئ وفي البلاجات. وتحريم هذه الوسائل الخسيسة التي تيسر على الشباب مقاصدهم بغير تبعة ولا رقابة ولا حساب. ثم تشجيع الزواج وتيسير سبيله على راغبيه وإقناعهم بالغاية الصحيحة منه، وإفهامهم أنه شركة على احتمال أعباء الحياة لا جنة يجب أن تكون محفوفةً بالروح والريحان ومغمورةً بالمشاعر الملتهبة والعواطف الثائرة الحائرة، وتعريف كل من الزوجين حقه وواجبه في حدود قول الله تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ (البقرة: من الآية 228). فلا يكون بعد ذلك إلا إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.


إن الأمر في الحقيقة أوضح من أن يحتاج إلى مزيد شرح، ولكنه يحتاج إلى قوة جهاد ودوام كفاح وعمل متواصل، ويحتاج كذلك إلى قدوة صالحة وأسوة حسنة تظهر للناس عاملة مجدة. وأرجو أن يكتب الله هذا الفضل للإخوان المسلمين وأن يجعلهم في ذلك من السابقين الأولين بإذن الله.


أما تقييد حرية الطلاق وتعدد الزوجات فليس محل خلاف بين الناس. إن الإسلام سلم بهذه الحقوق للأزواج وعلمهم طريق استخدامها، كما أنه ليس محل خلاف أن معظم الناس قد أساء استخدام هذه الحقوق ولم يتصرف فيها على وجهها السليم ولم يضعها موضعها النافع، وليس محل خلاف كذلك أن الحكومة باعتبارها المسئولةَ عن شئون الناس العامة من حقها أن تتدخل لوضع حد لهذه الفوضى التي أوجدها سوء استعمال الجماهير لهذه الحقوق، وهي بذلك- إن وفقت- تعمل- ولا شك- على حماية الأوضاع الإسلامية نفسها وعلى رعاية الكيفيات التي رسمها الإسلام لاستخدام هذه الحقوق واستعمالها، ففي تعدد الزوجات مثلا قال القرآن الكريم: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾ (النساء: من الآية 3). فإذا تدخلت الحكومة لحماية شرط العدل كانت عاملةً على تحقيق فكرة الإسلام لا واقفة في طريقها. وفي الطلاق قال القرآن: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾ (النساء: من الآية 35). فإذا تدخلت الحكومة لتجعل القاضي وسيطًا في الصلح ينتدب حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها قبل الطلاق كانت بذلك عاملة على تحقيق فكرة الإسلام كذلك... وهكذا.


وقد يقال إن هذا الحق إنما يقرر للحكومة التي تثبت أنها حكومة تسير وفق النظام في كل صغير وكبير من شأنها، أما ومعظم الحكومات لا يأخذ بهذا التوجيه ولا يتقيد به، فإن ما يُخشَى من سوء استخدام الحكومة لحق التدخل الممنوح لها أعظم مما يُخشَى من استعمال الأفراد لحقهم الأصلي، وهذا محل نظر من وجهين: الوجه الأول: أن هذا الوصف غير مسلم في جملته. والوجه الثاني: أن هذه الحكومات كلها ستكل هذا التطبيق للجهة الشرعية التي تتقيد بالفكرة الإسلامية في كل تصرفاتها وأحكامها، ومهمة الحاكم العام بعد ذلك ملاحظة التنفيذ لا أكثر.


وإذا تقرر هذا، فإن الذي يجب أن نتوجه إليه بالعناية بمناسبة هذه التشريعات أن نسأل الحكومة هل عجزت عن كل علاج إلا هذا؟ وهل هي قوية العزم مع استخدام هذا العلاج أن تعتبره علاجًا وقتيًّا وتعمل جاهدةً على إزالة الأسباب الرئيسية الأساسية للداء؟ وهل لاحظت في مشروعاتها مطالب الفكرة الإسلامية وكيفت أوضاعها بحيث لا تصطدم بالقواعد الشرعية فلا يترتب عليها إحلال حرام أو تحريم حلال؟ وهل كان الدافع لهذا بحق هو المصلحة العامة لا شهوة بعض الأفراد ورغبة بعض الأشخاص؟ فإذا وثقنا من أن الإجابة على هذه الأسئلة مرضية كان من الواجب أن تتعاون الهيئات كلها على أن يأتي العلاج بثمرته، وذلك ما نتحققه بدراسة أوفى ومعرفة أوسع لنصوص هذه المشروعات والمذكرات الملحقة بها، وهو ما ستقوم به اللجنة الشرعية بالمركز العام للإخوان المسلمين، ثم تكتب فيه بيانًا أدق وأوفى بإذن الله. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

ونستكمل في الحلقة القادمة بمشيئته تعالى.


المراجع

(1) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية، العدد (8)، السنة الأولى، 11 ربيع الثاني 1352ه/ 3 أغسطس 1933م، ص (19-20).

(2) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية، العدد (9)، السنة الأولى، 18 ربيع الثاني 1352ه/ 10 أغسطس 1933م، ص (21).

(3) كذا، والصواب: "تهجر".

(4) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية، العدد (10)، السنة الأولى، 25 ربيع الثاني 1352ه/ 17 أغسطس 1933م، ص (23-24).

(5) كذا بالأصل، والصواب: تحل.

(6) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية، العدد (14)، السنة الأولى، 24 جمادى الأولى 1352ه/ 14 سبتمبر 1933م، ص (22).

(7) هي أمامة بنت الحارث الشيبانية: فصيحة نبيلة جاهلية. [الأعلام، (2/11)]. وعوف بن محلم بن ذهل بن شيبان [000- نحو 45 ق ه= 000 - نحو 580 م]: من أشراف العرب في الجاهلية.

ان مطاعًا في قومه، قويًّا في عصبيته. طلب منه الملك عمرو بن هند رجلاً كان قد أجاره، فمنعه، فقال الملك: "لا حر بوادي عوف"، أي: لا سيد فيه يناوئه، فسارت مثلاً. وفيه المثل: "أوفى من عوف بن محلم" لقصة له أوردها الميداني. وكانت تضرب له قبة في عكاظ. [السابق، (5/96)].

(8) الذي خطبها هو الحارث بن عمرو بن حجر الكندي. [السابق، (2/11)، مجمع الأمثال، (1/312)].

(9) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية، العدد (11)، السنة الثانية، 7 ربيع الثاني 1353ه/ 20 يوليو 1934م، ص (18).

(10) أحمد الصاوي محمد: ولد في مدينة أسوان وتعلم في باريس، رأس تحرير "الأهرام" من ‏1949- ‏1957م. وقد كان الصاوي أحد نجوم الصحافة الموهوبين، تزوج من "درية شفيق"، ولكن حدث الطلاق قبل الزفاف. [موقع صيد الفوائد].

(11) يشير للحديث الذي أخرجه البخاري في "النكاح"، باب: "ما يتقى من شؤم المرأة"، ح (4706)، ومسلم في "الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار"، باب: "أكثر أهل الجنة الفقراء، وأكثر أهل النار النساء"، ح (4923).

(12) جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية، العدد (2)، السنة الثالثة، 20 محرم 1354ه/ 23 أبريل 1935م، ص(23-24).

(13) صيغة مبالغة من البروز.

(14) القصة أن الحارث بن عوف كان سيدًا من سادات العرب تقدم ليخطب إحدى بنات أوس بن حارثة الطائي فسأل بناته عن الزواج من الحارث فرفضت الأولى والثانية ووافقت الثالثة (بهيسة)، فأمر أمها أن تهيئها وتصلح من شأنها، ثم أمر ببيت فضرب للحارث، وأنزله إياه. فلما هيئت بعث بها إليه. فلما أدخلت إليه لبث هنيهةً ثم خرج إلى صاحبه- الذي كان معه في تلك الرحلة، وراوي تلك القصة- فقال له: أفرغت من شأنك؟ قال: لا والله. قال: وكيف ذاك؟ قال: لما مددت يدي إليها قالت: مه! أعند أبي وإخوتي!! هذا والله ما لا يكون. فأمر بالرحلة فارتحلنا ورحلنا بها معنا، فسرنا ما شاء الله. ثم قال لي: تقدم فتقدمت، وعدل بها عن الطريق، فلما لبث أن لحق بي. فقلت: أفرغت؟ قال: لا والله. قلت: ولم؟ قال: قالت لي: أكما يفعل بالأمة الجليبة أو السبية الأخيذة! لا والله حتى تنحر الجزر، وتذبح الغنم، وتدعو العرب، وتعمل ما يعمل لمثلي. قلت: والله إني لأرى همةً وعقلاً، وأرجو أن تكون المرأة منجبةً إن شاء الله. فرحلنا حتى جئنا بلادنا، فأحضر الإبل والغنم، ثم دخل عليها وخرج إلي. فقلت: أفرغت؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: دخلت عليها أريدها، وقلت لها قد أحضرنا من المال ما قد ترين، فقالت: والله لقد ذكرت لي من الشرف ما لا أراه فيك. قلت: وكيف؟ قالت: أتفرغ لنكاح النساء والعرب تقتل بعضها! "وذلك في أيام حرب عبس وذبيان". قلت: فيكون ماذا؟ قالت: اخرج إلى هؤلاء القوم فأصلح بينهم، ثم ارجع إلى أهلك فلن يفوتك. فقلت: والله إني لأرى همةً وعقلاً، ولقد قالت قولاً. قال: فاخرج بنا. فخرجنا حتى أتينا القوم فمشينا فيما بينهم بالصلح، فاصطلحوا على أن يحتسبوا القتلى؛ فيؤخذ الفضل ممن هو عليه، فحملنا عنهم الديات، فكانت ثلاثة آلاف بعير في ثلاث سنين، فانصرفنا بأجمل الذكر. قال محمد بن عبد العزيز: فمدحوا بذلك، وقال فيه زهير بن أبي سلمي قصيدته:

أمن أم أوفى دمنةٌ لم تكلم

وذكر قيامهم في ذلك فقال: "صحا القلب وقد كاد لا يسلو"

وهي قصيدة يقول فيها:

وهذه لهم شرفٌ إلى الآن، ورجع فدخل بها، فولدت له بنين وبنات. [أبو الفرج الأصبهاني: الأغاني].

(15) الرَيْنُ: الطَبَعُ والدنس. يقال: رانَ على قلبه ذَنْبُهُ يَرينُ رَيْنًا ورُيونًا، أي: غَلَب. قال أبو عبيدة في قوله تعالى: (كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ). أي غَلَب. وقال الحسن: هو الذَنْب على الذنب حتّى يسوادَّ القلب. وقال أبو عبيد: كلُّ ما غلبك فقد رانَ بك، ورانَكَ، ورانَ عليك. [الصحاح، مادة (رين)].

(16) غَضُّ الطرفِ: احتمالُ المكروه. [السابق، مادة (غضض)].

(17) ستريزا مدينة إيطالية تقع عند سفح جبل Mottarone «موتاروني» مقابل خليج بوروميو Borromeo، وتطل على بحيرة ماجوري التي تضم جزرًا تعرف بـIles Borromees. [موقع الشرق الأوسط].

(18) مجلة الإخوان المسلمين، العدد (35)، السنة الثانية، 27 جماد أول 1363/ 20 مايو 1944، ص (3، 4-18).

(19) هذه العبارة مقتبسة من بيت شعر لرؤبة بن العجاج من بحر الرجز يقول فيه:


(20) المعاطس: الأنوف. [لسان العرب، (6/142)]


للمزيد عن دور الإخوان في الإصلاح

كتب متعلقة

من رسائل الإمام حسن البنا

ملفات وأبحاث متعلقة

مقالات متعلقة

الإصلاح السياسي:

الإصلاح الإجتماعي ومحاربة الفساد:

تابع مقالات متعلقة

رؤية الإمام البنا لنهضة الأمة

قضايا المرأة والأسرة:

الإخوان وإصلاح التعليم:

موقف الإخوان من الوطنية:

متفرقات:

أحداث في صور

.