الإسلاميون وحرب الخليج الثالثة على العراق

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٧:١٤، ٢٧ أغسطس ٢٠١٦ بواسطة Admin (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإسلاميون وحرب الخليج الثالثة على العراق
04-05-2003

مقدمة

خلال ربع قرن من الزمان تعرضت الحركة الإسلامية لثلاثة مواقف حاسمة بسبب توالي 3 حروب مدمرة في الخليج العربي العراقإيران، العراق وغزو الكويت، ثم العدوان الأمريكي على العراق.

اختبرت خلال الأزمات الثلاث مواقف الحركة الإسلامية، وكانت لهذه الحروب المدمرة آثار بالغة الأهمية في مسيرة الإسلاميين، وفي تطوير خطابهم السياسي، وكذلك في مواقفهم العملية، بل وفي إحداث توترات وانقسامات أو بروز حركات جديدة.

في حرب الخليج الأولى، كان الموقف المعلنللإخوان المسلمين (كبرى الحركات الإسلامية السنيّة) الحياد بين العراق وبينإيران، والمطالبة بإنهاء الحرب فورًا، والسعي لدى الطرفين؛ لوقف إطلاق النار، وتحرير الأسرى، وحل الخلافات الحدودية بالطرق السلمية، ورفض مرشد الإخوان- الراحل عمر التلمساني- زيارة أيّ من البلدين إلا بشرط التباحث حول سبل وقف إطلاق النار.

نبع هذا الموقف من استقلالية قرار الإخوان وتميّزه.

كان للتيارات الأخرى مواقف أخرى نتيجة ارتباطاتها السياسية، فقد تبنى التيار السلفي الهجوم الشديد على إيران، وساهمت حكومات دول الخليج بدعم طباعة كتب عديدة شنّت حملة تكفير على الشيعة، وتحذر من خطر"المجوس" كما سمّتهم، وتدفقت أموال النفط العربي على العراق طوال سنوات عشر؛ لدعم المجهود الحربي العراقي، نشأت بسبب هذه الحرب تيارات جديدة على النقيض، تبنّت الفكر الشيعي الحركي أو المذهبي.

فبينما تسببت الحرب في خروج حزب الدعوة العراقي إلى المنفى في إيران- وهو يمثل الوجه الآخر للإخوان في المذهب الشيعي- بدأ بروز"حزب الله" في لبنان عام 1982م بخروج الشهيد عباس الموسوي ومجموعة من حركة "أمل"، وتبني الخطاب الحركي الإسلامي، وكذلك تأثر الشهيد " فتحي الشقاقي" طالب الطب الفلسطيني الذي كان يدرس آنذاك بجامعة الزقازيق بمصر، وكتب رسالته الصغيرة " الخميني: الحل الإسلامي البديل".

حاول الشقاقي جذب تيار الإخوان إلى الجانب الشيعي خاصة في الوسط الفلسطيني، وتبنَّى روية جديدة لتطوير العمل في فلسطين أثمرت في النهاية تأسيس حركة "الجهاد الإسلامي" التي تطورت؛ لتصبح رقمًا هامًا الآن في الساحة الفلسطينية، وارتبطت ارتباطًا وثيقًا بالثورة الإيرانية، وتبنَّت مواقفها السياسية، حتى أصبحت مرجعيتها في طهران رغم بقائها على المذهب السني فقهيًا وعقائديًا.

جاءت كارثة غزو العراق للكويت كثمرة سياسية للحرب الأولى، وأحد أهم تداعياتها، وكما قال السيد "تسخيري" -عندما زار الإخوان بمصر أثناء الأزمة- إن المثل العربي انطبق على الحالة "من أعان ظالمًا في ظلمه سلطه الله عليه".

تميز موقف الإخوان المسلمين كذلك خلال الحرب الثانية باستقلاليته: أدان الإخوان الغزو العراقي فور وقوعه، وحذروا من تداعياته وآثاره الخطيرة، وعندما تدفقت الحشود العسكرية الأمريكية والغربية على الخليج العربي في السعودية وغيرها، دان الإخوان استعانة العرب بهذه الحشود، وحذروا من بقائها إلى أمد غير معلوم، وأن ذلك عودة للاحتلال العسكري من جديد، وأنها جاءت لتبقى!!؛ مما أغضب الحكومات الخليجية، خاصةً بالمملكة السعودية التي طلبت دعم الإخوان المعنوي والسياسي والشرعي، وعندما تميز موقف الإخوان باستقلاليته، كان الفتور والغضب الذي ظهر في تصريحات وزير الداخلية السعودي مؤخرًا.

أثمر هذا الموقف التباسًا في روية الإخوان المسلمين بالكويت، ليس بسبب موقف مرشد الإخوان وقيادتهم، التي شكلت وفدًا من قادة الحركات الإسلامية في العالم؛ لزيارة أطراف النزاع تطبيقًا للآية الكريمة ﴿فأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾، وتسبب في منع السلطات المصرية للمرشد أو نائبه من رئاسة الوفد، أن برز نجم من بعض أعضائه ممن رأوا في الحشود الأجنبية خطرًا أكبر من غزو الكويت، وتسببت تصريحاتهم في ارتباك شديد لمهمة الوفد التي كانت محددة وواضحة من البداية في المطالبة الصريحة الواضحة بسحب القوات العراقية فورًا، ودون شروط، من الكويت؛ لقطع الطريق على بقاء القوات الأجنبية واستقرارها في المنطقة، أضاف إلى ذلك الالتباس موقف الشارع الإسلامي في الأردن الذي يرتبط عاطفيًا بالعراق أيًّا كانت قيادته مما أغضب الإخوان بالكويت جدًا.

أثمرت حرب الخليج الثانية بداية وإرهاصات تشكيل فكري جديد لمجموعة المجاهدين العرب في أفغانستان خاصةً هؤلاء الذين وفدوا من الخليج إلى السعودية، وبدأ تأثير مجموعات المصريين -خاصة " الجهاد " بقيادة الدكتور "سيد إمام" ثم " أيمن الظواهري " والجماعة الإسلامية- يظهر في فكر وحركة الشيخ "أسامة بن لادن".... لم يكن لأسامة بن لادن قضية داخلية مع حكومة المملكة السعودية، بينما كان لهؤلاء قضية واضحة تتمثل في الإطاحة وتغيير نظم الحكم في بلادهم ( مصر أو الجزائر..... الخ ) رفع ابن لادن شعار"اطردوا الكفار من جزيرة العرب"، وبدأ تشكيل مجموعات حول هذا الفكر انتهت في منتصف التسعينات بتبلور"تنظيم قاعدة الجهاد" أو "الجبهة العالمية لمقاتلة اليهود والصلبيين".

حدث بسبب ذلك ارتباك شديد داخل التيارات السلفية أمام هذا التطور الجديد، بينما ظلَّ "حزب الله"، "والجهاد الإسلامي" فيفلسطين على مواقفهم، بل طوّروا تنظيماتهم، وظلَّ خطابهم يركز على القضايا اللبنانية والفلسطينية، وجهاد متواصل ضد الاحتلال الصهيوني لجنوب لبنان وفلسطين.

فرض الأمريكيون حصارًا طويلاً مرهقًا على العراق، وأبقَوا على نظام "صدام حسين" وأهدروا الانتفاضة الشعبية في شمال وجنوب العراق، وتركوا الآلاف يقتلون بسلاح الجيش العراقي، ولم يساندوا "الشعب العراقي"؛ لتحقيق حريته وتغيير نظام حكمه بإرادته الحرة عبر انتفاضته الغبية؛ لغرض في نفس يعقوب ظهر بعد عشر سنوات، وهو: أن أمريكا تريد أن تسقط الثمرة ناضجة في يدها هي، لا في يد إيران أوتركيا، أوعلى أحسن الفروض، لا تريد أن تحدث فوضى، ستنتشر بلا شك؛ لتوثر في منطقة الخليج بتقسيم العراق، وبروز قوة المحور الإيراني– السوري– اللبناني الذي سيهدد الكيان الصهيوني الحبيب والحليف الاستراتيجي، والمؤهل لقيادة المنطقة العربية لصالح أمريكا.

تكرس وضع حزب الله وحركة الجهاد الإسلامي في لبنان وفلسطين.

وكانت حماس ظهرت لأسباب موضوعية في فلسطين، كذراع سياسي وعسكري بعد ذلك للإخوان في فلسطين، وكان أهم إفرازات حرب الخليج الثانية على الحركات الإسلامية هو بروز قوة "حماس" حركة المقاومة الإسلامية كقطب نضالي وجهادي كبير في أرض فلسطين رفعت راية التحرر الوطني والجهاد من أجل التحرير والسعي إلى استقلال حقيقي على الأرض في مواجهة الانهيار الكبير الذي أصاب "منظمة التحرير الفلسطينية" التي كانت ولا زالت أبرز الخاسرين في زلزال الخليج الثاني، فدخلت نفق المفاوضات السرّية المظلم وعقدت "أوسلو"، وسارت في نهج الخيار الوحيد، وهي أضعف الحلقات، وفي ظل عدم توازن قوى وحالة ضياع وتشتت عربي كبير.

ومع التصدع الكبير الذي أصاب الفكر الاشتراكي -بانهيار الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية- والشرخ الكبير الذي أصاب الفكر القومي، عقب غزو الكويت وانهيار العراق الصدامي البعثي، وانضمام سوريا إلى معسكر التحالف ضد العراق، بعد أن كانت شكلت محورًا مع إيران في الحرب الأولى، وحدث تقارب قومي– إسلامي بدئ في القاهرة 1989 م، والانهيار الضخم الذي أصاب منظمة التحرير الفلسطينية، وما لحق ذلك؛ نتيجةً للقضية القومية الأولى والمركزية على يد الاتجاه القومي بدءًا من حروب "عبد الناصر" وانكساره في 1967 ثم تصدع البعث وصراع بغداد – دمشق، ثم "أوسلو" وتداعياته، كل ذلك جعل الحركة الإسلامية هي بؤرة النضال الفلسطيني، واستقطبت 35-40 % من الشارع الفلسطيني منافِسة في ذلك منظمة "فتح" أقوى المنظمات القومية الفلسطينية، بل جذبتها إلى مربع الكفاح المسلح من جديد ببروز "شهداء الأقصى" كجناح عسكري لها.

إذن كان نتيجة حرب الخليج الثانية بروز الإسلام كقوة عالمية وإقليمية يهدد النظام العربي الرسمي والوطني بل والدولي كذلك.

ظل الإخوان على منهجهم السلمي المتدرج الإصلاحي وطريقتهم المستقلة المتميزة.

وظل حزب الله، والجهاد في فلسطين ولبنان على ولائهم وانتمائهم الذي يمزج الوطنية بالمحور الإقليمي السوري – الإيراني.

بينما ظلت حماس على استقلالها المتميز، وبرزت "القاعدة" خلال التسعينات؛ لتشكل تهديدًا مباشرًا للوجود الأمريكي في الجزيزة والخليج، ثم تطورت إلى تهديد القلب الأمريكي في حادثة 11/سبتمبر الغامضة، والتي لم يتم كشف أسرارها حتى الآن، وظلت دون تحقيق أو محاكمة، وكانت 11 سبتمبر فاصلاً هامًا في تعامل الحركات الإسلامية مع الشئون الدولية، فقد تم عزل "القاعدة" وخطابها التكفيري والتحريضي، ودعوتها المستمرة لإثارة الشعوب ضد الحكومات العربية، بمنأىً عن بقية الحركات الإسلامية التي أدانت جميعها تقريبًا حادث 11 سبتمبر بدرجات متفاوته كان أقواها ما صدر عن الإخوان يوم الحادث نفسه بعد ساعات دون البحث عن أي تبرير له، محذرة من الانسياق وراء ما يسمى بصدام الحضارات، أو الحروب على أساس التفرقة بسبب الدين، أو القتل على الهوية بصورة عبثية، وفى نفس الوقت أدانت بعد أيام -بكل وضوح وقوة- السياسة الأمريكية التي استهدفت أفغانستان، ثم المنظومة الثقافية والفكرية الإسلامية كلها بعد ذلك.

ولما كان الـ 20 من مارس 2003 وبدأ القصف على العراق، وهو ما أدانه الإخوان قبل وقوعه، وطالبوا بإجراءات عملية لمنعه، ظهر التمايز أيضًا في موقف الحركات الإسلامية.

كان موقف الإخوان الثابت هو إدانة التهديدات الأمريكية ثم إدانة العدوان والمطالبه بوقف الحرب، واتخاذ إجراءات عاجلة من الحكومات العربية والإسلامية وبقية الموسسات الدولية؛ لإنقاذ الشعب العراقي، والتحذير من تداعيات الحرب على المنطقة كلها، وعلى العقيدة والثقافة الإسلامية.

في بيانات ونداءات الإخوان التي بدأت من قبل فبراير وحتى الآن، وهي مسجلة ومنشورة في جريدة "الحياة"، ظهرت رؤية الإخوان الواضحة اللازمة عند أبسط تحليل وقراءة وهي:

1- أي عدوان على شعب مسلم هو مرفوض، وتجب مقاومته، أيًّا كان المعتدي.

2- إن الدفاع عن العراق لا يعني الدفاع عن النظام القائم فيه الآن، والذي مارس في حق شعبه، وفي حق جيرانه سياسات أدخلته في أزمتين متتاليتن، وهي خطاياه.

3- وحدة الشعب العراقي ووحدة أراضيه أمران لا يجوز المساس بهما.

4- الشعب العراقي وحده هو صاحب الحق في تغيير نظامه واختيار طريقة الحكم.

5- نصرة الشعب العراقي فرض واجب، مع ضرورة التشاور مع أبناء العراق أنفسهم.

6- مع التأكيد على دور الشعوب إلا أننا نطالب بتفعيل دور الأنظمة العربية، خصوصًا المحيطة بالعراق، كما لا يجب إغفال دور المؤسسات الإقليمية والدولية.

7- التعاون مع قوى العالم التي تقف ضد الحرب وتناهض العولمة أمر مطلوب، القواسم المشتركة بين الأمة الإسلامية وبين هذه القوى متعددة.

8- لا بد من مقاومة الاحتلال بصورة مستمرة في إطار تعاون بين أهل العراق جميعًا أيًّا كانت أفكارهم أو مذاهبهم أو طوائفهم.

9- يجب درء أية فتنة تقع بسبب الفوضى التي تصاحب أو تلاحق العدوان، وحماية أهل العراق من النهب والسلب، والعمل على ضبط النظام العام بالتعاون بين كل الأطراف.

كانت أهداف الحملة الأمريكية واضحة في أذهان الإخوان، فهي لا تقتصر على العراق، بل تتعداه إلى المنطقة وثرواتها، بل عقيدتها وثقافتها، بل الهيمنة على العالم كله، والانفراد بقيادته وتعويق نمو القوى المنافسة.

وفى مواجهة ذلك كانت أهداف الإخوان ومنطلقاتهم واضحة:

2- بثّ روح المقاومة والتضحية والثبات والإعداد لجهاد طويل ضد الاحتلال.

3- طرح المشروع الإسلامي والرؤية الإسلامية ضد المشروع الأمريكي.

وحكمت موقف الإخوان ضوابط واضحة...

  • تبني خطاب حكيم يفتح للناس جميعًا إمكانية التعاون ضد العدوان والهيمنة.
  • تجنب الصراعات الجانبية، وطرح المشاحنة مع الآخر؛ لمواجهة خطر يهدد المصير ويهدد الجميع.
  • التحرك على المستوى الدولي؛ لإزالة التشويهات التي لحقت بالإسلام بعد أحداث سبتمبر.

ونتيجة لذلك كان خطاب الإخوان ورسالتهم إلى العالم كله محددة:

"نحن ندافع عن الشعب العراقي وعن العراق ووحدة أراضيه وعن ثرواته وكل مقدراته، وليس عن النظام العراقي ضد الإدارة الأمريكية صاحبة مشروع الهيمنة، ولسنا ضد الشعب الأمريكي خاصةً الرافضين منه لمنطق الهيمنة والتفرد بقيادة العالم".

لعلّ في هذا المقال إزالة لأي التباس ينشأ حول موقف الإخوان المسلمين، ولا يتسع المقال لتوضيح مواقف بقية الأطراف الأخرى، لكن أذكّر فقط


  • بإعلان حركة الجهاد الإسلامي(فلسطين ) استعدادها لإرسال متطوعين استشهادين إلى العراق للدفاع عنه، ولم ينشر بعد ذلك أى أخبار، ولا أدري هل هم بين مئات المتطوعين الذين يقاتلون الآن على أرض العراق أم لا؟
  • تصريحات السيد حسن نصر الله التي طرح فيها رؤيةً قبل العدوان تضمنت دعوة النظام العراقي لإجراء مصالحة وطنية شاملة، حتى يقطع الطريق على العدوان، الذي وقع بعد ذلك فانقطع التفكير.

كتب الصديق وحيد عبد المجيد، وكذلك الصديق منتصر الزيات في الحياه 8/4 حول انكشاف أزمة الفكر المصري، وبروز ظاهرة عدم التمايز -باستثناء الحزب الحاكم وبعض الإسلاميين- حيث يقول وحيد:

"لم يخرج عن هذا السياق، في مصر إلا فريقان يقفان على طرفي نقيض، أو يفصل بينهما بحر واسع من الخلافات هما الحزب الحاكم وبعض نشطاء "الإخوان المسليمن".... تميز قليل من كتاب الإخوان المسلمين، بأنهم ظلوا منتبهين إلى الفرق بين الوقوف مع العراق الوطن والشعب، وبين تبرئة نظام صدام حسين من أفعاله".

ويخلص وحيد – كعادته مؤخرًا – إلى ضرورة أن يظهر الإخوان قدرًا من الاستقلال عن اتجاهات سياسية أخرى(طبعًا هي الاتجاه القومي) بعد أن بدا أنه في حالة تداخل معها في السنوات الأخيرة.وهذا التداخل – من وجهة نظر الصديق وحيد – لا يفيد التيار الإسلامى بل يلحق به الضرر، خصوصًا إذا كان راغبًا في طرح مشروع حقيقي للمستقبل محذرًا في النهاية أن إدراك الإخوان لمخاطر هذا المسار ضعيفة وهامشية، بينما كتب الأستاذ منتصر الزيات راصدًا أحد أهم إفرازات الأزمة وهي – من وجهة نظره – " في إطار سعي الإدارة الأمريكية لزعزعة استقرار بعض الأنظمة العربية ستسعى إلى تخفيف الاحتقان في علاقتها مع الشعوب، ربما من خلال دعم بعض الحركات الإسلامية التي توصف بالمعتدلة وإقامة علاقات وثيقة معها" ضاربًا المثال بالتجربة التركية، كنتيجة للقراءة العاجلة لهذا التوجه:

" ويبدو لهذا السبب أن الحكومه المصرية كانت أسرع، فوثَّقت في الآونة الأخيرة صلتها بالإخوان المسلمين...... وسمحت للإخوان بتنظيم المسيرات الرافضة للحرب على العراق في وقت حجبت فيه آخرين عن تنظيم تلك المسيرات".

لازالت الأحداث دائرة، ولا يبدو أننا في عجلة لقراءة ما أفرزته الحرب التي لا تنتهي قريبًا، لكني أود أن أقول كلمة للصديقين، اللَّذَين أعرف مقدار ما يكنَّاه من تقدير واحترام وودّ للإخوان المسلمين:

نحن أمام خطر داهم يقتضي تفاعل كل القوى لدرء هذا الخطر، وعندما تكون الأوطان والعقائد والثقافات أمام تهديد جدي فإن نسيان الخلافات الجانبية يصبح واجبًا وفرضًا، ويصبح البحث عن القواسم المشتركة ضرورة، وتفعيل التعاون مع الحوار المستمر لتهذيب الخلافات وتطويقها لازمًا.

والإخوان المسلمون كانوا ومازالوا دعاة تصالح وطني، لا يستثني أحدًا، ودعاة إصلاح شامل، يشترك فيه الجميع لإقامة ديمقراطية حقيقية بأيدينا. نحن نحترم الإدارة الشعبية، ولا نلغي حق أحد في الوجود أوالتعبير.

والمسيرات التي شارك فيها الإخوان كانت باسم "تحالف القوى الوطنية" وتم دعوة كل القوى الوطنية للمساهمة فيها، وخطب في استاد القاهرة في 27/2 ضد الحرب- في حضور 150 ألفًا بالداخل وحوالى 50 ألفًا بالخارج- كل رموز القوى السياسية والنقابية والاجتماعية باستثناء الحزب الحاكم، الذي حاول -ولا يزال- اللحاق بالمسيرة، لكنه يريد الاستئثار لنفسه بكل شيء.

تبقى كلمة عن إفرازات الحرب على الحركة الإسلامية خاصة الإخوان، وهي تساؤلات مشروعة:

  • وما هي مكوناتها؟ وما هي القوى التي ستدعمها؟ وما هو مستقبلها؟
  • هل سنشهد ولادة "حماس" جديدة في العراق؟ أم سيحمل "مجلس الثورة الإسلامية" بقيادة السيد محمد باقر الحكيم لواء المقاومة مثلما فعل حزب الله فيلبنان؟
  • هل ستنجح خطط الإخوان في تبني خطاب جديد ضد الهيمنة والاستعمار الأمريكي الجديد يستوعب كل المعارضة للاحتلال من اتجاهات وطنية شتى في مظلة إسلامية واسعة؟
  • هل ستنجح الحرب في فرض مشروع إسلامي جديد عالمي على عكس مشروع "أسامة بن لادن"، يدعو إلى التعاون مع كل الرافضين للعولمة والهيمنة والعسكرة في العالم؟

أسئلة حائرة تحتاج إلى أجوبة، لعل المستقبل يحمل الجواب عليها.


  • الأمين المساعد لنقابة الأطباء

المصدر