الإخوان في صفوف الشرطة والتغيير السلمي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان في صفوف الشرطة والتغيير السلمي


مقدمة

"الله غايتنا ، والرسول زعيمنا ، والقرآن دستورنا ، والجهاد سبيلنا ، والموت فى سبيل الله أسمى أمانينا" شعار رفعه الإخوان المسلمون وجعلوه منهج حياة وعملوا من أجله، فمنذ تأسيس الإخوان المسلمون سنة 1928م وهى تدعو إلى الإسلام بشموليته، والتي لا يفرق بين جوانب الحياة المختلفة.

وقد ظن البعض أن دعوة الإخوان كانت في بدايتها دعوة دينية ثم انتقلت إلى السياسة ،وهذا ينم عن جهل كبير، ولو التفت أحدهم إلى شعار الجماعة المصحف والسيفين وبداية الآية (وأعدوا) لأدرك أن دعوة الإخوان تتمسك بفريضة الجهاد في سبيل الله والتي يحاول الغرب ـ جاهداـ اقصاءها من الأذهان وإماتتها أو تشويهها بمسميات مثل : الإرهاب ، التطرف ، العنف.

لقد كان لنشأة الإخوان في ظل وقوع البلاد تحت نير المستعمر خاصة البريطاني تأثيرا في تطور فكر الإخوان ومنهجهم نحو الغرب – خاصة الدول الاستعمارية – وهو ما جعل كتابات الإمام حسن البنا وأنصاره تتميز بطابع الهجوم على هذه الدول الغربية الاستعمارية.

إن الذي يقرأ رسائل الإمام البنا رحمه الله يجد بوضوح لا لبس فيه أنه يحدد الموقف الإسلامي وهو الحكم الشرعي من الدول الغربية المعتدية على بلاد المسلمين ويذكر الدول الاستعمارية كبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها

وبعد أن يحدثنا - رحمه الله - عن جرائم هذه الدول التي ارتكبتها بحق المسلمين في بلاد المسلمين يقرر أنّ الوطن الإسلامي وحدة لا يتجزأ وأن العدوان على جزء من أجزائه عدوان عليه كله، وأن على المسلمين أن يقاتلوا الدول المعتدية ويحرروا أوطانهم منها

ويوصي شباب الدعوة أن يبينوا للناس اعتداء الدول الكافرة وجرائمها بحق المسلمين وأن يُعلموهم أن الإسلام لا يرضى من أبنائه بأقل من الحرية والاستقلال فضلاً عن السيادة وإعلان الجهاد ولو كلفهم ذلك الدم والمال، فالموت خير من هذه الحياة، حياة العبودية والرق والاستذلال، ويبشرهم بالنصر إن صدقوا الله في جهادهم مستدلاً بقوله تعالى: (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قويٌ عزيز (21)) "المجادلة"

ويضيف:

ولنا حساب بعد ذلك مع إنجلترا في الأقاليم الإسلامية التي تحتلها بغير حق، والتي يفرض الإسلام على أهلها وعلينا معهم أن نعمل لإنقاذها وخلاصها أما فرنسا التي ادعت صداقة الإسلام حينًا من الدهر فلها مع المسلمين حساب طويل، ولا ننسى لها هذا الموقف المخجل مع سوريا الشقيقة، ولا ننسى لها مواقفها في قضية المغرب الأقصى والظهير البربري، ولا ننسى أن كثيرًا من إخواننا الأعزاء شباب المغرب الأقصى الوطني الحر المجاهد في أعماق السجون (1)

لقد اتسم المنهج الفكري للإمام البنا بالتدرج في الخطوات للنهوض بالأمة والتصدي للمستعمر والعمل على تحرير الأوطان، وإقامة تعاون مشترك مع الدول المتقدمة للاستفادة من تقدمها العلمي.

جعل الإمام حسن البنا تحرير الوطن من هذا الاحتلال هدفاً رئيسياً من أهداف المشروع الإسلامي "وهى تحرير الوطن من كل سلطان أجنبي" وأن هذا لابد أن يسبق إقامة الحكم الإسلامي المنشود، والذي استند فيه على تعاليم الإسلام الذي جعل الحرية فريضة من فرائضه لا يجوز التنازل عنها أو التفريط فيها، وان الجهاد لتحرير الوطن فرض عين وواجب حتمي تسعى الأمة كلها إليه

لقد كان الإمام الشهيد يستهدف نزع جذور الاستعمار الأجنبي من العقول والأفكار ومن النفوس والقلوب، ومن تبعية السلوك والتقليد وادعاءات المصالح والارتباطات، كان يريد تحريراً واستقلالاً كاملاً شاملاً لا يقتصر فقط على مجرد رحيل القوات الأجنبية، ولهذا كان يؤسس مشروعه وخطته لمواجهة الاحتلال وفق هذه الرؤية الشاملة والبعيدة المدى

ولهذا يؤكد على ضرورة التصدي للمحتل بكل أشكاله فيقول:

"ومن هنا يعتقد الإخوان المسلمون أن كل دولة اعتدت وتعتدى على أوطان الإسلام دولة ظالمة لابد أن تكف عدوانها، ولابد من أن يعد المسلمون أنفسهم ويعملوا متساندين متحدين على التخلص من نيرها" (2)

لقد اعتبر الإمام البنا ان إخراج المحتل وتحقيق استقلال الوطن وتحريره من كل سلطان أجنبي في شتى المجالات، هدفاً رئيسياً تعمل عليه الجماعة وتحشد له طاقات الأمة، وهو يمثل المحور الأساسي لهذا الأمن القومي ووضع لذلك مسارات وبرامج وخطوات

فيقول:

"إن حقوقكم قد اجتمعت عليها كلمتكم، وارتبطت على المطالبة بها قلوبكم، وهى الجلاء التام عن وادى النيل بلا مراوغة ولا تسويف، ووحدة الوادي بلا تردد ولا إمهال، وحل المشاكل الاقتصادية المعلقة بيننا وبين الإنجليز على وجه السرعة، حتى تتنسم البلاد ريح الحرية، ويطمئن الناس على حياتهم ومستقبلهم"

ويضيف:

"والإخوان المسلمون إذ يضعون هذه الحقوق والأهداف من رسالتهم موضع العقيدة والإيمان أنها ليست مما يصح أن يكون محلا للمساومة على الإطلاق، وكل من حاول ذلك فهو خارج على وطنه متحمل وحده تبعة عمله منبوذ من سائر المواطنين" (3)

لم يرد حسن البنا المسلم المتعبد أو الزاهد المتنسك فحسب بل أراد المسلم المدرك لحقائق دينه والذي يعالج كل مناحي الحياة سواء السياسية أو الاقتصادية او الاجتماعية وغيرها وهو ما كان يخشاه المحتل وعمل على طمسه، أو غرسه في نفوس المسلمين بأن الدين فقط في المساجد أو الكنائس، ولذا كان لابد من تشويه صورة حسن البنا الذي جدد معاني الحياة وصبغها بالصبغة الإسلامية وعلى رأسها مقاومة المحتل.

المنهجية السلمية في التغيير عند الإخوان

لقد كان الإمام حسن البنا واضحاً في التأكيد على النهج السلمى والوسائل السلمية، ولكنه كصاحب دعوة ومشروعاً إسلامياً – يواجه المؤامرات والأعداء والمستجدات – حدد ووضَّح متى يجوز استخدام القوة؟ ، وما هي الشروط الأساسية لذلك؟ ، وكيف يكون ردّ الاعتداء؟.

يقول الإمام البنا:

" إن غاية الإخوان تنحصر في تكوين جيل جديد من المؤمنين بتعاليم الإسلام الصحيح يعمل علي صبغ الأمة بالصبغة الإسلامية الكاملة في كل مظاهر حياتها : "صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً" "البقرة: 138" ، وأن وسيلتهم في ذلك تنحصر في تغيير العرف العام وتربية أنصار الدعوة علي هذه التعاليم حتى يكونوا قدوة لغيرهم في التمسك بها والحرص عليها والنزول علي حكمها" (4)

وحدد الإمام البنا سبعة مراتب للعمل والإصلاح تتلخص في:

تكوين الفرد المسلم ، وبناء البيت المسلم ، وتغيير العرف العام وصبغ المجتمع بالصبغة الإسلامية ، وتحرير الوطن من كل سلطان أجنبى ، وإصلاح الحكومة حتى تكون إسلامية بحق ، واستعادة الكيان الدولى للأمة الإسلامية وإعادة الخلافة المفقودة ، ثم أستاذية العالم بنشر دعوة الحق والسلام فيه .
" أما الإصلاح الذي يريده الإخوان ويهيؤن له أنفسهم .. فهو إصلاح شامل كامل تتعاون عليه قوي الأمة جميعاً وتتجه نحوه الأمة جميعاً ويتناول كل الأوضاع القائمة بالتغيير والتبديل" (5)

كما أكد الإمام البنا على أهمية ثلاثة أمور في عملية الإصلاح ، وهى :

  1. تكوين الشعب، وانحيازه للفكرة الإسلامية .
  2. الوصول للسلطة التنفيذية ، وإصلاح الحكومة .
  3. التحرر والاستقلال الكامل عن كل سلطان أجنبي.

فيقول:

ولهذا كان هدف الإخوان المسلمين يتلخص في كلمتين: (العودة إلى النظام الإسلامي الاجتماعي، والتحرر الكامل من كل سلطان أجنبي)، وبذلك نستطيع أن ننقذ مصر من آثار هذه الويلات.

ولذا حدد البنا الوسائل السلمية التي يستطيع من خلالها تحقيق التغيير فيقول:

أما وسائلنا العامة، فالإقناع نشر الدعوة بكل وسائل النشر، حتى يفقهها الرأى العام ويناصرها عن عقيدة وإيمان، ثم استخلاص العناصر الطيبة لتكون هى الدعائم الثابتة لفكرة الإصلاح.. ثم النضال الدستوري حتى يرتفع صوت هذه الدعوة فى الأندية الرسمية، وتناصرها وتنحاز إليها القوة التنفيذية. (6)

ويضيف آلية التخلص من الاحتلال والفساد فيقول:

أما كيف نتخلص من ذلك فبالجهاد والكفاح، ولا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة، نتخلص من ذلك كله بتحطيم هذا الوضع الفاسد، وأن يستبدل به نظام اجتماعي خير منه، تقوم عليه وتحرسه حكومة حازمة تهب نفسها لوطنها، وتعمل جاهدة لإنقاذ شعبها، يؤيدها شعب متحد الكلمة متوقد العزيمة قوى الإيمان. (7)

ولذا وضح الإمام البنا مراتب القوة التي يستخدمها الإخوان لدفع الفساد وتحرير الأوطان ومجابهة الظلم فيقول:

ولكن الإخوان المسلمين أعمق فكرًا، وأبعد نظرًا من أن تستهويهم سطحية الأعمال والفكر، فلا يغوصوا إلى أعماقها، ولا يزنوا نتائجها، وما يقصد منها ويراد بها، فهم يعلمون أن أول درجة من درجات القوة قوة العقيدة والإيمان، ويلى ذلك قوة الوحدة والارتباط، ثم بعدهما قوة الساعد والسلاح، ولا يصح أن توصف جماعة بالقوة حتى تتوفر لها هذه المعاني جميعًا، وأنها إذا استخدمت قوة الساعد والسلاح وهى مفككة الأوصال مضطربة النظام، أو ضعيفة العقيدة خامدة الإيمان، فسيكون مصيرها الفناء والهلاك. (8)

وهو ما جعله يسعي لتكوين جيل يعرف معاني القوة الحقه ويستخدمها في خدمة بلاده والتصدي للمستعمر فكانت فكرة النظام الخاص.

بداية علاقة الإخوان بجهاز البوليس

سعت دعوة الإخوان منذ نشأتها الأولى إلى تهذيب النفوس وتربية القلوب وهو ما لفت وجذب العديد من رجالات السلطة التنفيذية وفي القلب بعض رجال الشرطة الذين وجدوا في سلوكيات الإسلام شيء معين على تهذيب الشعوب ولذا ساعدوا – بل وانضموا - لدعوة الإخوان المسلمين.

فمثلا حينما أرسل واحد من الحاقدين على حسن البنا – وقت أن كان بالإسماعيلية عام 1930م – برسالة لوزارة المعارف يتهم فيها البنا بأنه يتبني الفكر الشيوعي ويسعي لنشره بين الطلاب، كتب أحد رجالات الشرطة تقريره الذي اثنى فيه على حسن البنا وعلى الفكر الإسلامي الذي ينشره، وعلى احترامه لوطنه وملكه.

وكان من الطريف أيضًا أنه جاء في تقرير أحد رجال البوليس بهذه المناسبة أن كثيرًا من الذين لم تنفع معه وسائل التأديب البوليسية ولم تردعهم عن ارتكاب بعض الزلات، قد أفلحت معهم الوسائل الروحية التي تؤثر به جماعة الإخوان على نفوسهم، فصاروا مضرب المثل في الاستقامة والصلاح، وأنه يقترح أن تشجع الحكومة وتعمل على تعميم فروع هذه الجماعة في البلاد حتى يستتب الأمن ويعم الصلاح. (9)

بل أن رجال البوليس لمسوا مدة مصداقية الجماعة ونظامها وحفاظها على الأمن العام أثناء الاحتفال بالمولد النبوي، حتى أن مأمور مركز المنزلة دقهلية كتب: "يسرني جدًا أن أقرر وأثبت بأن فرقة الجمعية قامت بنصيبها الوافر في إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، كما يسرني أن أعلن أنها قامت بواجبها خير قيام". مأمور مركز المنزلة

كما سجل معاون البوليس شكره أيضًا في دفتر الفرقة وكتب تلك العبارة:

"وأما من الوجهة النظامية فكانت على غاية ما يرام ونتمنى للجمعية كل خير". معاون البوليس. (10)

ومن ثم التحق بعض ضباط الشرطة بالعمل في صفوف الإخوان، حيث اقتنعوا بأن مهمة الشرطة هي خدمة الوطن والشعب وليس خدمة المحتل أو نظام حاكم، فدورهم الأول تحقيق الأمن والأمان لأفراد الشعب الذين استأمنوهم على أرواحهم، ومن ثم رأينا نماذج طيبة من الشرطة مثلما حدث يوم 25 يناير 1952م حينما تصدى ضباط وجنود الشرطة للهجوم البريطاني على مقر محافظة الإسماعيلية، وأصبح من يومها عيدا لهم لتذكيرهم برجولتهم وعزتهم، غير أن كثير من الحكام حولوا هذا الجهاز لأداة حماية لنفسه ولديكتاتوريه وظلم الشعب.

النظام الخاص للإخوان

كتب د. أشرف عيد يقول:

لعلنا في حديثنا عن النظام الخاص لن نعتمد كثيرا على كتب الإخوان ، لا تجريحا لهم ، ولا إسقاطا لعدالتهم ،لكن حتى يرى القارئ كتابات المنصفين عنهم وهى عين الحقيقة التي يرويها الإخوان وحتى لا يظن غير الإخوان أنهم يجملون صورتهم ويتحيزون إلى أنفسهم ، وبالطبع فلن يتهم الإنسان نفسه ،لذلك نترك للأخريين التحدث عن الإخوان وعن القضايا التاريخية التي ثار حولها جدل كبير ؛لنراها في ضوء العصر الذي وقعت فيه.
ولعل كل قارئ حصيف أن يدرك طبيعة البلاد أثناء وجود النظام الخاص، فلا يصح للباحث أن يحكم على أحداث جسام من خلال قراءته أو قناعته بشيء دون أن يتخيل نفسه يعيش في هذا الزمن، بكل ظروفه وضغوطه، حتى يستطيع أن يخرج بالتصور الصحيح للأحداث، فمثلا عندما اغتال السادات أمين عثمان ظل الرئيس السادات يفتخر بها طيلة حياته
ولم يجرؤ أحد على نعته بالإرهاب حتى بعد مماته، وغيرها من الحوادث التي شهدتها مصر والتي غيرت مجرى الأحداث التاريخية كمقتل السير لى ستاك وبعض أعضاء حزب الأحرار الدستوريين على أيدي الوفدين أثناء خروجهم من النادي السعدي.
وقعت مصر تحت الاحتلال منذ عام 1882م ومع مرور الأيام وزيادة الوعي بالقضية، سعى البعض لإحياء فريضة الجهاد ضد المستعمر لاستشعاره أنها الوسيلة التي ستجدي معه للخروج من البلاد، خاصة مع عدم جدية المفاوضات، ومن ثم ظهر النظام الخاص لدى الإخوان، وجماعة حسين توفيق، وأولاد عنايت، والضباط الأحرار، والقبضة الحديدة بالوفد، وغيرها من الحركات الفدائية السرية ضد المحتل.
وكان المستعمر له العديد من الأجهزة السرية التي تعمل لكشف الكيانات الفدائية التي كانت تعمل ضده، وهو ما عبر عنه السادات بقوله:
"لقد كان بمصر في ذلك الوقت خمسة أجهزة سرية هى البوليس السياسي والمباحث الجنائية والمخابرات الحربية للجيش والمخابرات الخاصة بالإنجليز وال C.I.A الأمريكية التي دخلت مصر بعد الحرب العالمية الثانية .. هذا بخلاف جهاز آخر خاص بالملك ويتبع السراي مباشرة ." كلها يهدف إلى القضاء على أي تنظيم ضد الإنجليز أو الملك. (11)

ولا شك أن طبيعة السرية التي اتصفت بها مثل هذا الجماعات الفدائية تجعل كل ما يقال عنها من غير أعضائها المؤسسين والمنفذين، لأنهم الأقدر على توصيف ما قاموا به وذكر كثير من الحقائق، في ظل انسياق وسائل الإعلام الحكومية المختلفة، والتي تستخدم على أوسع نطاق في تأييد وجهة النظر الحكومية سواء في ظل المستعمر أو بعد خروجه، حتى أن معظم هذه الوسائل كانت تتهم الفدائيين والمجاهدين بالإرهاب لكونهم يطالبون بخروج المحتل أو التصدي لفساد النظام.

بل ما كتب عن النظام الخاص من قبل بعض أعضاء الجماعة – غير المنضويين في يوم ما للنظام الخاص – كتبوه عن سمع وليس معايشة، بل ما سمعوه في فترة المحنة وتكوين انطباعات سلبية، ولذا فكتاباتهم في كثيرا من الأحيان غير موضوعية لكونها كتبت عن سمع لا معايشة

وفي هذا يقول الأستاذ مشهور:

والحقيقة أن معظم الذين كتبوا عن النظام الخاص من الإخوان لم يكن لهم سابق ارتباط بالنظام، وما كتبوه عنه طريقه السماع، وبسبب ظروف المحن الشديدة التي مرت بالجماعة وبأفرادها، كتب معظم هؤلاء مذكراتهم بعد مرور عشرات السنين على الأحداث التي ذكروها.. ومن ثم تعرضت هذه الكتابات إلى شيء من عدم الدقة لتعرض الذاكرة إلى النسيان بسبب طول المدة.. وقد تختلف الروايات، وكذا وجهات النظر حول بعض القضايا عند أصحاب هذه المذكرات.
لذلك أحب في هذه المناسبة أن أنبه السادة القراء إلى أنه ليس من الإنصاف أخذ كل ما ذكر في هذه الكتب والمذكرات عن الجماعة أو عن النظام الخاص كقضايا مسلمة للأسباب التي ذكرتها سابقًا.. فالأمر يحتاج إلى قدرة من التوفيق والتبين.. وربما تعذر ذلك على القارئ لوفاة الكثرة ممن ساهموا في صنع هذا التاريخ رحمهم الله جميعًا. (12)

لقد أنشأ الإمام البنا النظام الخاص لهدفين:

  • محاربة الإنجليز في مصر.

وقد حرص على سريته حتى لا ينكشف أمره ويصبح عرضة للقضاء عليه، لأن الإنجليز لن يسمحوا بقيام أى تنظيم مدرب للقضاء عليهم.

ولقد نشأ هذا النظام بعد أن اتضح تواطؤ الإنجليز والأمريكان مع الصهاينة على تسليمهم فلسطين ،وأن المستعمرين لن يعدلوا عن ذلك إلا مكرهين ، وأيقن مرشد الإخوان حسن البنا أن الإنجليز يسلحون عصابات اليهود ، كما أدرك أيضا أن الحكومة المصرية والحكومات العربية أغلبها متخاذلة - إن لم يكن بعضها متواطئ - مع الإنجليز، لذلك قرر المرشد في إنشاء نظام سرى يواجه به مسئوليات هذا الفهم إزاء التحرك الصهيوني في فلسطين الاحتلال البريطاني لمصر، فكانت بدايته عام 1940م – على أرجح الروايات

حيث كتب محمود عبد الحليم مؤسس النظام الخاص:

"في عام 1940 دعا الأستاذ البنا خمسة منا هم: صالح عشماوي وحسين كمال الدين وحامد شريت وعبد العزيز أحمد ومحمود عبد الحليم ، وعرض علينا الدواعي التي رآها تقتضي الاستعداد وإنشاء نظام خاص تواجه الدعوة به مسئولياتها في المستقبل ... واقتنعنا برأيه فكون منا نحن الخمسة قيادة هذا النظام وعهد إلينا بإنشائه وتنظيمه وتدريبه". (13)

لكن يذهب الأستاذ صلاح شادي في كتابه صفحات من تاريخ الإخوان إلى أنه تم إنشاؤه سنة 1945م، لكن التاريخ الذى ذكره محمود عبد الحليم أدق، لأنه كان أحد الخمسة التي عهد إليهم بإنشاء النظام الخاص، لكن استنتاجنا أن يكون صلاح شادي قصد بهذا التاريخ نشأة قسم الوحدات في النظام الخاص لكونه نعرف على الجماعة عام 1941م.

ولقد تشكل النظام الخاص في البداية من المدانين قبل أن يضم قسم خاص بالعسكريين وأخر من الشرطة تحت مسمي قسم الوحدات

وكان يهدف قسم الوحدات إلى:

  • خلق ضباط يقدمون مصلحة الوطن على مصالح المستعمر والنظام الحاكم
  • تربية الضباط على نشر العدل حتى ولو على انفسهم
  • استشعار قيمة وأهمية هذه المهنة في الحفاظ على أمن ومصالح الناس والسهر على أمنهم.

ولقد تكون قسم الوحدات من رجال الشرطة وعلى رأسهم صلاح شادي ذلك الضابط الذي تعرف على الإخوان عن طريق أ. أحمد السكري وقت أن كان ضابطا بصفط الملوك بالبحيرة حيث استوقفته ثقة وشجاعة شباب الإخوان كثيرًا عندما ذهب لتفتيش دار الإخوان بناءً على تعليمات رؤسائه ووجد منهم ثقة وشجاعة لا توصف حتى أتم مهمته

وذلك قبل أن يدعوه صديقه صالح أبو رقيق لسماع خطاب الأستاذ البنا والذي كان نقطة تحول في حياته حيث شعر بقيمة وظيفته في اقامة العدل بين الناس، فعندما سرق سير إحدى الماكينات من تفتيش الخاصة الملكية أرادوا أن يفرضوا على أهل القرية جمع ثمن هذا السير؛ جزاءَ تجرؤهم على سرقته فما كان منه إلا أن وقف في وجه المسئولين عن الخاصة ورفض أن تجمع هذه الأموال من الفقراء أو تغريمهم، حتى إن الأمر كاد يتطور، إلا أن المسئولين في الخاصة رضخوا لكلامه.
وزاد حب الناس له لمواقفه الحازمة في إقامة العدل فعندما صدم أحد كبار الدولة أحد الفقراء بسيارته فقتله ثم هرب؛ سارع بإبلاغ المديرية بالحادث وأبلغ عن الكبير، غير أن مساعد الحكمدار أتى له ليثنيه عن هذا الأمر ويحذرَه من أن هذا الكبير قريب من رئيس وزراء البلاد، فزاده الأمر تصلُّبًا، وطالب بالقصاص منه، فهدده فلم يستجب له، ثم قدم هذا الكبير فهدده، فما كان منه إلا أن طالبه بتسليم نفسه لينال جزاءه، فرفض وتغطرس الكبير.
وعندما قدم مساعد الحكمدار تقريرًا لمدير المديرية بأنه تطاول على رؤسائه استدعاه المدير وأطلعه على المواقف، والذي كان يفهمها من وجه نظر مساعد الحكمدار، فوضح له المواقف، وأن هذا الكبير قتل أحد الفقراء ولا بد أن ينال جزاءه، ففرح به المدير وحيَّاه حتى ظن الجميع أن صلاح شادي مسنود من الملك فخافوا منه، ولم يجرؤ عليه أحد.

قسم الوحدات والضباط الإخوان

بعد أن أنشأ الإمام البنا النظام الخاص وجد أنه عليه أيضا نشر دعوته وسط جميع فئات المجتمع سواء من الجيش أو الشرطة، ولذا انتدب الضابط صلاح شادي بعدما انتقل إلى القاهرة عهد إليه الإمام البنا مسئولية قسم الوحدات والتي تعمل على تربية أفراد البوليس تربيةً إسلاميةً وعلى حسن التعامل مع المجتمع

والقيام بالمهام المنوطة فيما لا يغضب الله بكل جد، ولقد برزت شخصيات كانت مثلاً للشرطي المسلم، فقد ظهر الضابط والكونستابل والشاويش والعسكري، كل ذلك كان نتاج تربية قسم الوحدات والأقسام الأخرى، بالإضافة لكونه رجلاً عسكريًّا ماهرًا.

يقول صلاح شادي:

"وفي سنة 1944م، وبعد أن أسند إلى المرشد العمل بقسم الوحدات جمعني والصاغ محمود لبيب والسندي وحسين كمال الدين لتنسيق العمل كلٌ في اختصاصه، وأدركت حينذاك استقلال الصاغ محمود لبيب في العمل بقسم الضباط، وكان هذا اللقاء أول مجالات الصلة بيني وبينه، وأدركت منه مجال نشاطه
فحدثني عن المنشورات التي تكتب لإيقاظ الضباط وتعريفهم بواجبهم حيال مصر والإنجليز، وكيف أنها لاقت رواجًا في صفوف الجيش على وجه العموم، وكانت هذه المنشورات تطبع بمعرفة الإخوان، ويوزع بعضها قسم الوحدات ويوقع بعضها باسم الضباط الأحرار، وبعضها باسم الجنود الأحرار، وكان قسم الوحدات يشارك في توزيعها" (14)

ويضيف:

ولم يكن فى قسم الوحدات عند قيامي بالعمل فيه أحد من ضباط الشرطة كما لم يكن فيه أحد من قوات الأمن (الجنود والصف ضباط) ، وقبل تخرج دفعة سنة 1946 من كلية الشرطة التى كان فيها الضابط رشاد المنيسي. الذى كان مسئولا عن نشاط الدعوة داخل كلية البوليس، فلما تخرج منها نهض بعبئها فى محيط الضباط بعد ذلك، حيث ضم إليه بعد تخرجه نخبة من الضباط والجنود و "الكونستبلات " والصولات
نذكر منهم على سبيل المثال الأخوة: سيد خشبة، ومدحت حافظ، وكمال عبد الرازق، وعباس أبو كرم، وعز الدين شرف، ومصطفي أبو دومة، ومنير المصري، وسعيد الفرماوي وأحمد فؤاد رحمه الله وجمال إسماعيل وآخرين من الرتب الأخرى من والصولات والجنود الكونستبلات أذكر منهم المرحوم متولي رمضان وغيره من الصف والجنود.
وكان التدريب في فرع "البوليس " فى الوحدات يتناول تعريف الضابط والصف ضابط والجندي بعمله، وكيف يرفعه إلى الله وتأمين حياة الناس وحرياتهم وأعراضهم ، والامتناع عن التجسس الذي ربما تفرضه عليه طبيعة العمل الذى يزاوله، وعدم السماح لأحد بانتهاك محارم الناس رئيسا كان أو مرءوسا.
وكان لهذه المواضيع دراسات ثقافية وتربوية داخل أسر الضباط والصف والجنود ، تكشف عن مواقع العطب الشرعي فى العمل البوليسي وكيف يتلافاها الجندي والضابط، وكان هناك لون آخر من النشاط يتناول التقريب بين العاملين فى حقل الجيش والبوليس من ضباط وجنود، حيث كان التباغض والتنافس بين ضباط الجيش والبوليس هو سمة هذا العصر
فكان كلاهما كفرسي رهان إذ كل منهما يدعى التفوق على أخيه، ولعل هذا من آثار الاستعمار فينا، ولذا نشأت أسر الضباط فى الجيش والبوليس يعملون معا فى مجال الأسرة وقد لزمت الفكر والسلوك فى كلا المجالين، فى الوحدات العسكرية للجيش، وفى المرافق المختلفة والإدارات المتعددة للبوليس، فى الجوازات ملأ وفى أقسام البوليس وبلوكات النظام وفي ذلك من مختلف الإدارات. (15)

ويضيف:

كان لقسم الوحدات غرفة خاصة فى دار المركز العام بتجمع فيها الدعاة وأصحاب اللباس العسكري بملابسهم الرسمية فى أكثر الأحيان بل كنا نحتفل فى دار الإخوان بتخريج أفواج الضباط ،ويدعى إليها بعض الوزراء وكبار الضباط وأساتذة الجامعات .

وكان الفهم السياسي الذى يراه الإخوان ستة 1945 هو ضرورة الإعداد لإخراج الإنجليز، ليس فقط لاحتلالهم أرض الوطن، ولكن لمعاونتهم المعلنة لسعى اليهود نحو إنشاء دولة لصهاينة على أرض فلسطين بطرد المسلمين منها.

وجاءت جرائم الصهيونية تكوى قلوبنا، وتؤجج حماسة الشباب فينا، حتى وصل الأمر بالإخوان فى سلاح الصيانة وفى القاهرة أن طلبوا أداء دورهم فى الرد على هذا العدوان. وفى هذا الجو المشحون بكراهية الإنجليز والصهاينة، واستنكار الحكومة والشعب لجهود الإنجليز فى تأمين وتثبيت الكيان الصهيوني فى فلسطين بدأت العمل فى قسم الوحدات. (16)

ولقد قام قسم الوحدات بالعديد من الأعمال ضد الانجليز أو الصهاينة في مصر حيث يقول أحمد عادل كمال:

"كان هناك جهاز آخر ساهم فى هذا النوع من التعليمات وهو قسم الوحدات الذى كان يرأسه ضابط البوليس صلاح شادي كانت المهمة الأساسية لقسم الوحدات نشر الدعوة بين عساكر وضباط البوليس وصف ضباط الجيش. أما ضباط الجيش من الإخوان فكانوا شعبة من النظام الخاص .
وفى 20/6 / 1948 فجر قسم الوحدات عربة يد محملة بالمتفجرات فى حارة اليهود بالقاهرة وأحدثت بها تلفيات كبيرة. وبعد أن ذهبت الظنون أن تلك الحارة قد اتخذت نصيبها ولن تنفجر مرة أخرة عاد فى 22/ 9/ 1948 ففجر عربة أخرى بها، وذلك ردا على ما يقوم به يهود مصر من جمع تبرعات وإرسالها للصهاينة في فلسطين" (17)

وليس ذلك فحسب بل قام قسم الوحدات بنسف القطار الانجليزي وهو ما وصفه محمود الصباغ بقوله:

قام بهذا الحادث أيضا إخوان من النظام الخاص وقسم الوحدات يرأسه الأخ صلاح شادي، وقد نفذه الأخوة علي بدران، وحسن عبيد من الطيران، والأخ إبراهيم بركات من الصيانة بأن حملوا سلال السميط والبيض والجبن شأن الباعة الجائلين الذين يشاهدون في القطارات، وذلك لتغطية ما بداخلها من قنابل، وترصدوا موعد وصول قطار القوات الإنجليزية الذي يمر عبر القاهرة في منطقة الشرابية، حيث كان القطار الذي يحمل هذه القوات يضطر للتهدئة في مسيرته في هذا المكان بسبب أعمال الحفر التي كانت قائمة.
ثم بدءوا يقذفون القنابل داخل القطار من شباكه في أثناء سيره المتمهل في هذا المكان، وكانت المسافة التي يسيرها القطار بعد قذف القنابل تكفي للتباعد بين الإخوان وبين الانفجارات التي تحدثها القنابل بعد ثوان من إلقائها، وقد أشرف على هذه العملية كل من الأخوين صلاح شادي وعبد الرحمن السندي.
كما قام قسم الوحدات بإشراف صلاح شادي وتنفيذ رفعت النجار بعمل انفجار في فندق الملك جورج ضد اليهود المتعاونين مع الصهاينة بفلسطين. (18)

وظل القسم يعمل على التصدي للإنجليز حتى كانت أحداث عام 1948م وقرار حل الجماعة واعتقال قيادتها وهو ما دفع أحد ضباط البوليس من قسم الوحدات – في ظل غياب المرشد والقيادة – بالتخطيط للتخلص من النقراشي باشا والذي اصدر قرارا بحلا الجماعة حيث قام الضابط أحمد شرف الدين بالإشراف على هذه العملية وقد تم قتله من قبل الشرطة.

غير أن القسم عاد مرة أخرى بعد عودة الجماعة، وعاد صلاح شادي للإشراف عليه غير أنه سرعان ما حدث الصدام بين عبد الناصر والإخوان انتهى بزج الإخوان في السجون، وإعدام قادتهم عام 1954م.

حروب بالوكالة

غير أن عبد الناصر كان دائما ما يستشعر الخطر فكون لجنة من كبار مسئولي الأجهزة كالمخابرات العامة والحربية والشرطة والجيش لوضع خطة للقضاء على الفكر الإخواني، فكان من ضمن هذه الخطة "يحرم بتاتا قبول ذوى الإخوان وأقربائهم حتى الدرجة الثالثة من القرابة من الانخراط فى السلك العسكري أو البوليسي أو السياسي مع سرعة عزل الموجودين من هؤلاء الأقرباء من هذه الأماكن أو نقلهم إلى أماكن أخرى في حالة ثبوت ولائهم" (19)

كان هذا قرار اللجنة التي شكلها عبد الناصر في الستينيات والتي يجب استعمالها في قسمي مكافحة الإخوان بالمخابرات والمباحث العامة لبلوغ هدفين:

  1. غسل مخ الإخوان من أفكارهم.
  2. منع عدوى أفكارهم من الانتقال لغيرهم.

والتي ظل يطبقها جميع الرؤساء العسكر الذين حكموا مصر حتى هذا اليوم، بل والتي جعلتهم لا يتعاونون مع أول رئيس مدني منتخب لكونه من التيار الإسلامي، بل سعوا لفصل جميع الطلاب الذين التحقوا بالشرطة في وقت رئاسة محمد مرسي للبلاد خوفا أن يكونوا من أبناء التيار الإسلامي ..

بل يقومون بالتحري على كل طالب يتقدم للالتحاق بكلية الشرطة خوفا من أن يلتحق بها أحد لا يوافق سياستهم وهو ما جعلها تقتصر على أبناء الواسطة وحرمان جموع أبناء الشعب منها للسيطرة على عصب هذا الجهاز...فهل استطاع التيار الإسلامي الالتحاق بهذا الجهاز أو ضم بعض أفراده لها في فترة من الزمان.

لقد سعى النظام العسكري منذ 1952م أن يجعل هذه الأجهزة في خدمة الحاكم حتى ولو على حساب الشعب، ولذا أصبح هذا الجهاز أداة تنكيل ضد جموع أفراد الشعب لحساب النظام الحاكم في كل زمان، إلا النظام الاسلامي الذي قاده مرسي خلال عام، حيث امتنع الجهاز عن خدمة الشعب لمجرد الحاكم إسلامي ويرفض اذلال الشعب وهو ما رفضه جهاز الشرطة.

حتى انه وبعد وقوع انقلاب 3 يوليو 2013م قام النظام العسكري بفصل كل الطلاب الذين طن أنهم ينتسبون لأسر إخوانية، خوفا من تحول عقيدة رجال الشرطة عما تربوا عليه من تقديس الحاكم. لقد هدف الإخوان إلى إصلاح هذا الجهاز والذي يتعامل مع جميع فئات الشعب مباشرة ويقوم على حمايتهم وحماية مصالحهم، خاصة في ظل تردي وضعه وانتهاكه لحقوق الناس.

فقد استطاع أن يحقق الإخوان بالانخراط فيه في الأربعينيات الهدف الذي من اجل التحقوا بالعمل في البوليس وهو إيجاد الضابط الشريف، كما كانوا حربا على المستعمر البريطاني

يقول الكاتب صلاح عيسى:

والشواهد التاريخية تؤكد أن معظم عمليات العنف التي قام بها الجهاز الخاص أو التي قام بها قسم الوحدات، ظلت في إطار الهدف الذي أنشيء من أجله الجهازان – خاصة أن أعضاء من فرق سياسية أخرى قامت بنفس ما قام به الجهازان- إذ توجهت بالأساس تجاه جنود ومؤسسات جيش الاحتلال
ثم بعد ذلك – حين تعقدت القضية الفلسطينية – توجهت ضد الممتلكات اليهودية، ومع أن تحفظا قد يرد على عمليات من نوع نسف حارة اليهود أو محلات مثل شيكوريل وأوركو فإن الفظائع التي كان يرتكبها الصهاينة ضد الفلسطينيين تجعل وقوعها أمرا واردا، فضلا عن ذلك فقد تطوع عدد كبير من القسمين في حرب فلسطين قبل دخول الجيوش العربية رسميا في 15 مايو 1948م.
ومن الإنصاف أن نقول إن عمليات العنف التي قام بها الجهاز الخاص ضد مصريين في حياة البنا لا تتجاوز ثلاثا، هي القاضي الخازندار بسبب أحكام قاسية أصدرها بحق بعض الذين قاموا بأعمال عنف ضد قوات الاحتلال، واغتيال رئيس الحكومة محمود فهمي النقراشي ردا على قراره بحل جماعة الإخوان ومصادرة ممتلكاتها واعتقال قادتها، وأخيرا محاولة نسف محكمة الاستئناف لإحراق الأوراق السرية للجهاز الخاص، والتي كانت قد ضبطت في سيارة جيب.
ولم يكن البنا طرفا ف هذه العمليات الثلاث فقد نفذت أولاها بدون علمه وغضب غضبا شديدا لوقوعها، ونفذت الثانية والثالثة بعد حل الجماعة وتفكيك روابطها التنظيمية بسبب اعتقال قادتها ومطاردة الأخرين ووضع البنا تحت الرقابة البوليسية الصارمة. (20).

المراجع

  1. رسالة المؤتمر الخامس: مجموعة رسائل الإمام البنا، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2006م، صـ 413.
  2. رسالة المؤتمر الخامس: مرجع سابق، صـ410.
  3. جريدة الإخوان المسلمين: العدد (89)، السنة الرابعة، 7 ربيع أول 1365 - 9 فبراير 1946، صـ3- 5.
  4. رسالة المؤتمر الخامس: مرجع سابق.
  5. رسالة المؤتمر السادس: مجموعة رسائل الإمام البنا، صـ482.
  6. رسالة المؤتمر السادس: المرجع السابق، صـ490.
  7. رسالة المؤتمر السادس: المرجع السابق، صـ389.
  8. رسالة المؤتمر الخامس: مرجع سابق.
  9. جمعة أمين عبدالعزيز: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين، الجزء الثاني، دار التوزيع والنشر الإسلامية، صـ40.
  10. جريدة الإخوان المسلمين: السنة الخامسة، العدد 3 – 25 ربيع الأول 1356هـ - 4 يونيو 1937م.
  11. محمد أنور السادات: البحث عن الذات، المكتب المصري الحديث، القاهرة، صـ114.
  12. مصطفى مشهور: مقدمة كتاب حقيقة التنظيم الخاص لمحمود الصباغ، الزهراء للإعلام العربي، 1986م.
  13. محمود عبد الحليم: الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ، الجزء الأول، دار الدعوة، 1998م.
  14. صلاح شادي: صفحات من التاريخ (حصاد العمر)، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2006م.
  15. صلاح شادي: مرجع سابق
  16. صلاح شادي: مرجع سابق.
  17. أحمد عادل كمال: النقط فوق الحروف، الزهراء للإعلام العربي، 1989م
  18. محمود الصباغ: حقيقة النظام الخاص، الزهراء للإعلام العربي، 1987م.
  19. رضوان أحمد شمسان الشيبانى: الحركات الأصولية الإسلامية فى العالم العربى - دراسة تحليلية، مكتبة مدبولي، القاهرة، 2006م، صـ393، وانظر محمد الغزالي، قذائف الحق، صـ85.
  20. صلاح عيسى: شخصيات لها العجب: ذكريات، تراجم، دراسات، ووثائق، المجموعة الأولى، نهضة مصر، 2017م، صـ84