الإخوان المسلمون ومبارك الجزء السابع

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٧:٥٧، ٢٠ مارس ٢٠١٦ بواسطة Admin (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون فى عصر مبارك.. من المهادنة إلى المواجهة
( الجزء السابع)

موقع ويكيبيديا الإخوان المسلمين (إخوان ويكي)

باحث بمركز نهضة ميديا للدراسات والأبحاث- مؤسسة إخوان ويب

المبحث الخامس: البناء التربوى والفكرى لأفراد الجماعة

يمثل الفرد داخل جماعة الإخوان المسلمين الركيزة الأساسية ومحور اهتمام الجماعة، وجماعة الإخوان المسلمين وما تحمله من مشروع تغييري ضخم اعتبرت دور الفرد فيه بمثابة حجر الزاوية نظرا لأهميته، ولأنه هو من سيقوم بتنفيذ المهام والرؤى التغييرية التى تتبناها الجماعة، لذا حدث تطور كبير فى البناء التربوى للجماعة والتركيز على بناء الشخصية الإخوانية المتكاملة ليس فقط عقائدياً ولكن أيضاً تنمويا وإدارياً.

والمؤكد أن حُسن تربية الأفراد داخل جماعة الإخوان يُعد من أهم العوامل التي حفظت هذه الجماعة في تلك المحن والابتلاءات الشديدة التي تعرَّضت لها على مدار التاريخ، لذا أدركت جماعة الإخوان منذ نشأتها على ضرورة إعداد أفرادها إعداد من نوع خاص يتناسب مع حجم الابتلاءات التى سيواجهونها على مدار تاريخهم، لذلك أولت جماعة الإخوان الأفراد عناية خاصة تتناسب مع حجم التحديات والمتطلبات المستهدفة لتحقيق أهداف الجماعة.

في هذا الصدد يقول الإمام البنا رحمه الله: إن الأمة التي تحيط بها ظروف كظروفنا, وتنهض لمهمة كمهمتنا, وتواجه واجبات كتلك التي تواجهنا, لا ينفعها أن تتسلى بالمسكنات أو تتعلل بالآمال والأماني، وإنما عليها أن تعد نفسها لكفاح طويل عنيف وصراع قوي شديد بين الحق والباطل، وبين النافع والضار، وبين صاحب الحق وغاصبه وسالك الطريق وناكبه، وبين المخلصين الغيورين والأدعياء المزيفين، وإن عليها أن تعلم أن الجهاد من الجهد والجهد هو التعب والعناء وليس مع الجهاد راحة حتى يضع النضال أوزاره وعند الصباح يحمد القوم السرى (1).

ولقد حرص الأستاذ البنا على التربية باعتبارها مصنعَ الرجال، وفي هذا يقول: أعدوا أنفسكم وأقبلوا عليها بالتربية الصحيحة والاختبار الدقيق وامتحنوها بالعمل، والعمل القوي البغيض لديها الشاق عليها وافطموها عن شهواتها ومألوفاتها وعاداتها (2).

وأكد الأستاذ البنا رحمه الله ضرورة التجديد في الوسائل والأساليب بما يتفق وتجدُّد فكر الناس وسلوكهم وبما يتمشى مع المستجدات المحيطة وبما يحقق- عمليًّا- الغاية وفي هذا يقول: (إن لكل عصر طريقًا في الكتابة تتناسب مع أسلوب أهله في الفهم وطريقهم في الدراسة، ولا بد من هذا التجديد تبعًا لتجدد عقول الناس وتغير طرق البحث والتفكير والاستنباط).

ويؤكد الإمام البنا ضرورة تعهد النفس والمدعوين بالتربية والمجاهدة حتى يشتدَّ العود ويكملَ الاستعداد فيقول: (إن معركتنا معركة تربويةٌ), إن العمل مع أنفسنا هو أول واجباتنا فجاهدوا أنفسكم.

ولقد اهتمت دعوة الإخوان بالتربية منذ نشأتها, وكتب الإمام البنا حول هذا الموضوع سلسلة من المقالات تحت عنوان في سبيل النهضة, جاء فيها: (يجب أن تكون دعامة النهضة التربية, فتربّى الأمة أولاً, وتفهم حقوقها تماماً, وتتعلم الوسائل التي تنال بها هذه الحقوق, وتربى على الإيمان بها, ويبث في نفوسها هذا الإيمان بقوة, أو بعبارة أخرى تدرس منهاج نهضتها درساً نظرياً وعملياً وروحياً.

وذلك يستدعي وقتاً طويلاً لأنه منهج دراسة يدرّس لأمة فلابد أن تتذرع الأمة بالصبر والأناة والكفاح الطويل, وكل أمة تحاول تخطى حواجز الطبيعة يكون نصيبها الحرمان.

ومن أجل هذا يجب أن تعد البلاد التي تود النهضة مدرسة, طلبتها كل المواطنين وأساتذتها الزعماء وأهل العلم, وعلومها الحقوق والواجبات العامة أو الغاية والوسيلة, ومن أجل ذلك أيضا يجب أن ينظم أمران هامان هما: المنهج والزعامة.

فأما المنهج فيجب أن تكون مواده قليلة, بقدر الإمكان, عملية بحتة ملموسة النتائج مهما قلت, وأما الزعامة فيجب أن تختار وتنتقى حتى إذا وصلت إلى درجة الثقة أطيعت وأوزرت, ويجب أن يكون الزعيم زعيماً تربى ليكون كذلك, لا زعيماً خلقته الضرورة, وزعّمته الأحداث فحسب, أو زعيماً حيث لا زعيم.

وجاء في مقال آخر تحت العنوان نفسه: (لا نهوض لأمة بغير خلق, فإذا استطاعت الأمة أن تتشبع بروح الجهاد والتضحية, وكبح جماح النفس والشهوات, أمكنها أن تنجح, بمعنى أن الأمة إذا استطاعت أن تتحرر من قيود المطالب النفسية أمكنها أن تتحرر من كل شيء, فليكن حجر الزاوية إصلاح أخلاق الأمة)(3).

وقد أولت الجماعة التربية الأهمية الأولى بين سائر الاهتمامات, فكانت منذ نشأة الدعوة أساسها المكين وركيزتها الكبرى, فلا يقيس الإخوان قوة دعوتهم وجماعتهم بكثرة عدد المنتسبين إليها, ولا مدى ذيوع شهرتها, ولا مجرد انتشارها في أنحاء العالم, إنما تقوم على:

• نوعية الفرد في الجماعة, من حيث صحة فهمه لدينه, وسلامة عقيدته, وقوة إيمانه بفكرته وارتباطه بجماعته, وتمسكه بمبادئ الإسلام وأصوله ومقاصده, وآدابه وأخلاقه في كل أمور دينه ودنياه, بين إخوانه في الله وسائر الناس, في سره وعلانيته, في عافيته وشهرته, يُعرف الرجال بالحق ولا يُعرف الحق بالرجال.

ويحرص الفرد في الجماعة على استكمال تربية نفسه ومن معه تربية إسلامية صحيحة متكاملة حتى يكون الفرد في الجماعة رجل عقيدة ودعوة مقتدياً في ذلك سيرة رسول الله , وما كان عليه السلف الصالح في صدر الإسلام وعهوده الزاهية.

• ومدى التزام الجماعة نفسها بهذه المبادئ والأصول الإسلامية في كل أمرها, وفيما بينها, وفيما بينها وبين الآخرين.

الأصول التربوية في فكر الإخوان المسلمين

يمكن إجمالها فيما يلي:

1- تكوين العقيدة الصحيحة في كل فرد على أساس من الكتاب والسنة، فهي حجر الأساس في تربية الفرد والمجتمع، وهي أساس العمل، عمل القلب وعمل الجوارح.

2- إقامة العبادات والمحافظة على أدائها وهي وليدة العقيدة وكلاهما عامل أساسي في بناء الأمة الإسلامية، من صلاة وزكاة، وصيام، وحج، وهي أفضل ما يصل القلب بالله ويربي الوجدان الحي والضمير اليقظ. 3- المعاملات الإسلامية وإحسانها أساس الدين لقول رسول الله : (الدين المعاملة)، ويلحق بها التربية على الآداب الإسلامية الواردة في كتاب الله وسنة رسوله وسيرة السلف الصالح، وغرس مفهوم الأخوة الإسلامية.

1- بناء النفوس المؤمنة والعقول الفاهمة، والأجساد القوية(4).

أولاً: خصائص العملية التربوية

من أهم خصائص التربية التي تميزت بها جماعة الإخوان المسلمين وكان لها عظيم الأثر في تنشئة أجيال متعاقبة ذات صفات مشتركة وسمات متميزة نذكر منها أنها:

1- ربانية: فمن خصائص تربيتنا أنها ترتكز على عملية إيقاظ الإيمان، وتتميز عملية إيقاظ الإيمان عندنا بأنها مستمدة من الكتاب والسنة وموافقة للفطرة الإنسانية، وأنها عملية مستمرة لا تنتهي، وإنما تعمل على اكتساب مستمر للخبرات الإيمانية التي تؤثر في الوجدان والسلوك، وعماد التربية الربانية هو القلب الحي الموصول بالله تبارك وتعالى، الموقن بلقائه وحسابه، الراجي رحمتَه، الخائف من عقابه؛ من أجل هذا عملت التربية الإخوانية على إحياء القلوب وعمارتها.

2-شاملة متكاملة متوازنة : فالتربية الشاملة المتكاملة المتوازنة نابعةٌ من تكامل منهج الإسلام في إمداد الإنسان المسلم بكل الجوانب اللازمة لصلاح حياته، وكذلك نابعةٌ من إيماننا بشمول المنهج الإسلامي وتكامله وتوازنه، فنحن لا نرضى بالإسلام إلا شاملاً كاملاً، وكذلك تناسق التكوين واتزانه معرفةً وتصورًا عقليًّا وروحًا ووجدانًا قلبيًّا وتصرفًا وسلوكًا حركيًّا.

3-متدرجة: وهذا ينبع من إيماننا بأن التدرج سنةٌ من سنن الله في الكون فإن "المنبت لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى".

4- تجميعية تنظيمية: فتربيتنا تربية تجميعية، كما أن هذا التجميع يلزمه تنظيم حتى تؤتي هذه التربية الثمرةَ المرجوَّةَ منها، وهذا الأمر له أصلٌ في سنة الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم- ففي بيعة العقبة الثانية يقال إن أهل العقبة كانوا اثنين وسبعين رجلاً وامرأتين أو ثلاثةً وسبعين رجلاً وامرأتين، فماذا قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قال لهم: "أخرجوا منكم اثني عشر نقيبًا" وقال لهم صلى الله عليه وسلم: "أنتم كفلاء على قومكم" إنه النظام في العملية التربوية "ما من ثلاثةٍ في قريةٍ ولا بدوٍ لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة؛ فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية" (حديث حسن).

5- حركية: التمكين لفكرتنا والوصول بها إلى واقع الحياة مطلبٌ عزيزُ المنال، وقد يتطرق اليأسُ إلى القلوب لولا الخاصية الحركية لتربيتنا، فهي تصمد بنا في مواجهة الواقع الأليم الذي نحياه، فالتربية الحركية تأخذ بالفرد منا فتحركه بإيجابية في المجتمع من حوله، وتعتني بإصلاح عمل الفرد، وهو يتحرك بين الناس، وتدفعه لإصلاحهم.

6- مستمرة: العملية التربوية لا تنتهي إلا بمفارقة الروح الجسد، فهي ملازمة للفرد مدى حياته، فتدفعه دائمًا لتحسين سلوكه واكتساب مهارات ومعارف جيدة، تكون له زادًا للاستمرار في عمله الدعوي.

ثانيًا: مكونات العملية التربوية لدى الإخوان

وتتميز العملية التربوية عند جماعة الإخوان المسلمين بأنها مستمَدة من سيرة الحبيب- صلى الله عليه وسلم- والصحابة الكرام، كما تتميز بأنها تأخذ بكل الأساليب العلمية والحديثة في عملية التربية، فهي تجمع بين الأصالة والتجديد، وتحرص على الابتكار والتطوير، وتتكون العملية التربوية من:

1- المربي: فالمربي هو حجر الزاوية في العملية التربوية، يربِّي من معه وفق منهج الله، وهذه في الأصل مهمة الأنبياء ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيْكُمْ رَسُوْلاً مِّنْكُمْ يَتْلُوْ عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيْكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَّا لَمْ تَكُوْنُوا تَعْلَمُوْنَ﴾ (البقرة: من الآية 151).

فسبيل التربية الربانية هو اتخاذ كفلاء على الأفراد يقومون بتربيتهم على ما يحب الله ويرضيه، ويشغل المربي أولى درجات المسئولية، وهو أحد فروعها، وهو المسئول الأول عن نجاح العملية التربوية وتحقيق أهدافها، وعن رعاية مَن معه في الصف، وهو منهم بمنزلة الوالد بعاطفته وعنايته بشئونهم الحياتية، وهو منهم بمنزلة الشيخ الذي يُعنَى بأحوالهم الإيمانية والعبادية والسلوكية، وهو منهم بمنزلة الأستاذ الذي يُعنى بمستواهم العلمي، وهو القائد القدوة كما هو حال عبد الله بن حذافة السهمي عندما وقع في أَسر الروم فيغريه مَلِكُهم بالترغيب بالزواج من ابنته تارةً ويهدده بالقتل بالسهام أو بالماء المغلي تارةً أخرى، فيثبُت وينقذه الله بثباته هذا ومعه ثمانون من أسرى المسلمين.

2- الفرد: هو اللبنة الأولى في المجتمع، وإذا صلحت هذه اللبنة صلح بناء المجتمع كله، والناظر في تاريخ الدعوات يجدها تبدأ دائمًا بفرد، فالرسول أو النبي كان يبدأ بنفسه كفرد ثم بعد ذلك يدعو أفرادًا يربيهم على عينه، فكان يحوِّل الفكرة المجردة إلى رجال يتحركون بها ويعيشون لها، ويجاهدون في سبيلها ويموتون من أجلها.

ومهمة المسلم مهمة تغييرية، وهي مهمة صعبة وشاقة؛ لذلك يجب أن يكون إعداد الفرد المسلم متكافئًا مع ثقل المسئولية التي سيحملها، ولهذا حدَّد الأستاذ حسن البنا- رحمه الله- مواصفاتِ وعلاماتِ هذا الفرد في ركن العمل، وهي إصلاح نفسه حتى يكون قويَّ الجسم، متين الخلق، مثقف الفكر، قادرًا على الكسب، سليم العقيدة، صحيح العبادة، مجاهدًا لنفسه، حريصًا على وقته، منظمًا في شئونه، نافعًا لغيره".

والمتأمل في كلام الإمام الشهيد عند تحديده لمواصفات الفرد المسلم المنشود يجد أنه بدأ بقوله "إصلاح نفسه" وهنا تركيز على جانب الذاتية؛ لأنه يريد إعداد فرد صاحب طاقة تدفعه إلى الحركة الدءوبة والبحث الدائم والترقي في سلَّم المعالي، فهو يُصلح نفسه ذاتيًّا، وليس واقفًا منتظرًا لدفع غيره له حتى يتحركَ ويُصلحَ من شأنه، وهو يعطي من وقته وجهده وماله وراحته لدعوته وفكرته دونما إبطاء أو مَنٍّ، والمتأمِّل في الصفات التي حددها الأستاذ البنا يجد أنها تشمل جوانب الإنسان البدنية والعقلية والروحية،ومن هنا جاء إعداد الفرد وفق هذه الصفات متميزًا بالآتي:

إعداد متكامل: بمعنى أنه يتناول جوانب الإعداد كلها، الفكرية والنفسية والحركية، فليس الإعداد فكريًّا نظريًّا فحسب أو روحيًّا تربويًّا فقط أو حركيًّا سياسيًّا لا غير، ومن هنا تكون الشخصية إسلاميةً متكاملةً قادرةً على الصمود والتحدي والاستمرار، وتحقق الهدف من وجودها.

إعداد متوازن: بمعنى أنه يهتم بإعداد كل جانب من الجوانب بالقدر المطلوب، من غير زيادة أو نقصان، فزيادة الاهتمام بأي جانب يكون حتمًا على حساب الاهتمام بالجوانب الأخرى ويؤدي هذا- لا محالة- إلى تشوُّه في الشخصية واختلال في توازنها.

إعداد ميداني: بمعنى أنه لا يقتصر على النظريات وإنما يعتمد على أسلوب ونهج تطبيقي في عملية التكوين والإعداد وعلى توفير القدوة الحسنة المتحركة، فهو إعدادٌ من خلال الحركة والعمل وليس فقط من خلال الموعظة والدرس.

3-البيئة التربوية: هي الجو المحيط بالأفراد، وتختلف العملية التربوية باختلاف البيئة، ولا بد من تهيئة بيئة مناسبة ووضع تحصينات للفرد في البيئات غير المناسبة والبيئة الإيجابية والمناخ السليم، تتحقق بمعاني الحب والأخوَّة، والثقة والجندية، والانضباط والالتزام، والشورى والنصيحة، أما البيئة السلبية وغير السليمة والتي تعيق نجاح العملية التربوية فهذه بيئةٌ مليئةٌ بالقيل والقال والبطالة الدعوية وقلة العمل وضعف تحقق أركان الأسرة، وتربية الفرد في بيئة غير سليمة تُعدُّ سرابًا خادعًا، والإمام البنا رحمه الله ينبه إلى أهمية مراقبة الصف وتنقية البيئة الإخوانية فيقول: "وإن كان فيكم مريض القلب معلول الغاية مستور المطامع مجروح الماضي فأخرجوه من بينكم؛ فإنه حاجز للرحمة، حائل دون التوفيق".

4- المنهج: هو مجموع الخبرات التربوية التي تهيئها الجماعة للأفراد داخلها، بقصد مساعدتهم على النمو الشامل (عقلي- ثقافي- ديني- اجتماعي- جسمي- نفسي- فني) الذي يؤدي إلى تعديل سلوكهم ويعمل على تحقيق الأهداف التربوية المنشودة، وعناصر هذا المنهج تشمل الأهداف والمحتوى والأساليب والوسائل والتقويم، وبتحقق هذه العناصر تنتج الخبرة.

وفي هذا يقول الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله: "رأيت القائمين بكل نهضة موفقة نجحت وأثمرت كان لهم منهاج محدد عليه يعملون، وهدف محدد إليه يقصدون، وضعه الداعون إلى النهوض، وعملوا على تحقيقه خلفهم من قومهم، غيرهم يعملون على منهاجهم ويبدأون من حيث انتهى أولئك، لا يقطعون ما وصلوا، ولا يهدمون ما بنوا، ولا ينقضون ما أسسوا وشادوا، ولا يخربون ما عمروا، فإما زادوا عمل أسلافهم تحسينًا أو مكَّنوا نتائجه تمكينًا، وإما تبعوهم على آثارهم فزادوا البناء طبقةً وساروا بالأمة شوطًا إلى الغاية" (رسالة هل نحن قوم عمليون).

ولقد أخذت جماعة الإخوان المسلمين بوسائل متعددة لبناء وتكوين الأفراد، والتي كان لها عظيمُ الأثر في إعداد وتربية الأجيال المتعاقبة من حمَلة هذه الدعوة المباركة والعاملين المجاهدين من أجل نصرة هذا الدين الحق، ولقد أثبتت الممارساتُ العملية لهذه الوسائل على مرِّ الزمن أنه لا بديلَ ولا غنى عنها، وأنها ما زالت صالحةً لتحقيق التربية السليمة والمتوازنة لأفرادها، ولقد حدَّدت الجماعة لكل وسيلة دورَها في البناء والتكوين، وخلال عهد مبارك استمرت تلك الوسائل التربوية مع تطويرها من حيث البرامج والأهداف وإن ثبت الشكل المتعارف عليه منذ عهد الإمام البنا، ومن هذه الوسائل :

أولاً: الأسرة

الأسرة عند الإخوان المسلمين هي اللبنة الأولى في بناء الجماعة وتكوينها، كما أنها أساس التكوين للأفراد وأمثل الأساليب لتربية الفرد تربيةً متكاملةً، تتناول كل جوانب شخصيته، وتصوغ هذه الشخصية صياغةًً إسلاميةً وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتُعدُّ الأسرةُ من أهم الركائز التي يقوم عليها بناء الجماعة في تربيها وفق نظام أسري؛ من أجل الاستمرارية وإعداد الفرد إعدادًا إسلاميًّا متكاملاً، وفي ذلك يقول الإمام الشهيد حسن البنا: "يحرص الإسلام على تكوين أسر من أهله، يوجههم إلى المثل العليا، ويقوي روابطهم، ويرفع أخوَّتهم من مستوى الكلام والنظريات إلى مستوى الأفعال والعمليات".

ويقول الأستاذ حسن الهضيبي: "وليس نظام الأسر إلا تحقيق معاني الإسلام تحقيقًا عمليًّا بين الإخوان، فإذا هم حقَّقوا ذلك في أنفسهم صحَّ لهم أن ينتظروا ما وعد الله به المؤمنين من نصر.."، ويُعتبر نظام الأسر هو البناء الدقيق للجماعة لكي تستطيع القيام بمسئولياتها وواجباتها تجاه تحقيق النصرة لهذا الدين، وتحقيق العزة والرفعة لأمتنا الإسلامية.

ثانيًا: الكتائب

والكتيبة- كوسيلة تربوية- تعتني بتربية الروح، وترقيق القلب، وتزكية النفس، وتعويد البدن والجوارح على الاستجابة للعبادة بعامة وللتهجد والذكر والتدبر والفكر بصفة خاصة. ثالثًا: الرحلات

والرحلات- كوسيلة تربوية- تعتني بتقوية البدن، وكذلك الترويح عن النفس، وتوثيق العلاقة بين الأفراد، وتعميق الارتباط بينهم، كما تُعنَى بتدريب الأفراد على الاعتماد على النفس وحسن التصرف وتحمُّل المشاق، والتزام النظام، والحرص على الانضباط، واكتساب الخبرات العملية.

رابعًا: المعسكرات

والمعسكرات- كوسيلة تربوية- تعمل على صبغ حياة الفرد بصبغة إسلامية لفترة تشتمل على عدد من الأيام؛ ليكتسب السلوكيات الإسلامية والآداب القرآنية، ويتدرب على ممارسة الجندية بكل معطياتها، من طاعة ونظام وتحمُّل وانضباط والتزام، كما يتدرب على تحمل المسئوليات العملية والتعرف على أعبائها وواجباتها.

خامسًا: المؤتمرات

والمؤتمرات- كوسيلة تربوية- تتيح للأفراد فرصةً جيدةً للاشتراك في المناقشة والحوار، كما تركِّز بعمق ودقة على تنمية الجانب الفكري والثقافي لدى الأفراد وتنمية الوعي وتعميق المعرفة لديهم تجاه القضايا المطروحة.

سادسًا: الدورات

والدورات- كوسيلة تربوية- تعمل على إكساب وتدريب الأفراد على المهارات الأساسية واللازمة في كافة مجالات وأنشطة الدعوة، كما تعمل على إكساب الخبرات والتجارب العملية بالتواصل الفعَّال مع أهل الاختصاص والخبرة.

سابعًا: الندوات

والندوات- كوسيلة تربوية- تُعنى بدراسة القضايا والمشكلات المطروحة والتعرُّف على جوانبها المختلفة وكيفية التعامل معها، كما تعمل على تعميق وعي الأفراد وتوحيد أفكارهم بما يحقق وحدة التصور والفكر (5).

ومع فترة الثماننيات تطورت الوسائل التربوية للجماعة لتواجه حالة التضييق الأمنى التى يمارسها النظام، فابتكر الإخوان أفكار عديدة للتغلب على المعوقات الأمنية مثل معسكرات السير(6).

والتى أصبحت بديلاً عن المخيمات التربوية بشكلها القديم، وتعريف معسكرات السير هو السير على الأقدام نهاراً فى مجموعات منفصله فى خطوط سير محددة مسبقاً وتجتمع مساءاً للمبيت معاً.

وكان لهذه المعسكرات أهداف اخرى بالاضافة الى الأهداف التربوية الخاصة بالأفراد مثل تعميق التعارف بين الأفراد، المسح الجغرافى ويشمل التعرف على الطرق الفرعية بين البلاد وخارج ومداخل البلاد ، بالاضافة عند المرور على القرى والعزب يتم التعرف على عد السكان والأصوات الانتخابية وقوة الجماعة بها والقوى المضادة للإخوان.

كما يتم تأمين تلك المعسكرات والأفواج عن طريق بعض الوسائل مثل:

حركة الأفراد على الطريق يجب ألا يتم الربط بين المجموعات بعضها ببعض،الأفراد على الطريق إما على شكل الطالب الذى يستذكر دروسه أو مع فى مجموعة سنارة صيد سمك وغيرها من الوسائل الأخرى لتأمين تلك المجموعات(7)

كما يتناول كتاب " التربية بين النظرية والتطبيق، فيصل بن عبدالله الخشرمى" بعض الوسائل التربوية الأخرى المعتمدة من الجماعة، ويتناول أيضاً آليات التوثيق والتضعيف داخل الجماعة واليات الالتحاق بالجماعة ودورات التوثيق المعتمدة من الجماعة.

ولتبيان أهمية التكوين العقائدى والتربوى لأفراد جماعة الإخوان المسلمين خلال عهد مبارك سنقتطف جزء من أحد الخطط التى وضعها قسم التربية بالجماعة ونشرت فى كتاب "نحو مشروع حضارى للنهضة(رؤية إسلامية)" فتحتوى تلك الخطة على عدة أهداف عامة وأخرى مرحلية فتقول تحت عنوان:

البناء التربوي .. أهدافه وتوجهاته

يتمثل الهدف العام للبناء التربوي ضمن منظومة النهضة الشاملة في الارتقاء بالأفراد إيمانيًا وفكريًا وعمليًا وسياسيًا ، وتعميق روح الجهاد بمعناه الشامل ، والاتصال المستمر والفعال بالمجتمع ، مع المحافظة علي كيان الدعوة الإسلامية ووحدتها وترابطها ، ووضوح المنهج والالتزام به ، واستمرار العمل به في جميع الظروف والأجواء .

ويحتاج هذا الهدف العام إلي تفصيل ببيان أهدافه الفرعية أو وسائله ، وسوف نذكر كل واحد منها ونتبعه ببيان مظاهر النجاح الدالة علي تحقيقه:

*1 – أن تتحقق في جميع الدعاة معاني الربانية في جميع مواقفهم الحياتية :

- أن ينفَّذ الفرد الإسلام في مختلف نواحي حياته ، وينضبط في معاملاته بميزان الشرع .

- أن يكون ملتزمًا مستقيمًا يحاسب نفسه علي كل الأعمال ، ويقوَّمها متى وجد فيها اعوجاجًا .

- أن يلتزم بأداء النوافل والسنن والأوراد اليومية .

- أن يقدم لمن حوله القدوة من نفسه في سلوكه وتصرفه .

- أن يتعبد إلي الله بكل قول وعمل .

*2 – أن يتجلي الدعاة بالقدوة العملية في العبادات والمعاملات ، وخاصة المعاملات المالية :

- أن يتمتع الفرد بحسن الخلق والسمعة الطيبة وحسن المعاملة .

- أن يلتزم بأداء السنن والنوافل الراتبة وأداء الصلاة في جماعة .

- أن يفي بالعهد ويكون منضبطًا في مواعيده .

- أن يحرص علي اتقاء الشبهات في المعاملة المالية وغيرها .

- أن يكون الفرد في عمله ومهنته نموذجًا للأداء المهني المتميز ، ومرجعًا في المعاملات والمسائل الفقهية والمهنية .

- أن يكون ملتزمًا بالضوابط الشرعية والقانونية في المعاملات كافة ، وبخاصة العقود والمشروعات المشتركة بين الأفراد .

*3 – أن تتحقق في الدعاة معاني وآداب الأخوة والحب في الله :

- شيوع روح التعارف والتآلف بين الأفراد .

- شيوع خلق التناصح بينهم وفق الآداب الإسلامية .

- التآزر والتناصح الإيجابي مع المقصرين في الأداء وعند حدوث الزلات .

- تحقيق التكافل بين الأفراد ماديًا ومعنويًا .

- تقبل اختلاف وجهات النظر في جوَّ من حسن الظن وسلامة الصدر .

- غياب المشكلات والخلافات .

- قدرة الفرد علي العمل للدعوة في أي موقع دون النظر إلي تقدم أو تأخر .

*4 – أن يلتزم الدعاة بمفاهيم وآداب الدعوة من احترام النظام والشورى :

- الالتزام بآداب الشورى .

- أن تكون القرارات وفق آليات الشورى .

- الالتزام بضوابط الحركة مع الدعاة .

- سرعة التلبية في المنشط والمكره في المعروف .

- التضحية بجزء من المال في سبيل الله .

*5 – أن يتحلي الدعاة بمعاني الجهاد – بمفهومه الشامل – والثبات علي الفكرة :

- الثبات أمام العقبات والقدرة علي اجتيازها .

- استمرار العمل في كل الظروف والأجواء .

- الانفتاح علي العمل العام دون تردد أو انكماش .

- تحويل المضايقات والأزمات إلي مكاسب دعوية .

- انحسار حالات الفتور والقعود والتسرب .

- التضحية بالمال لدعم قضايا العالم الإسلامي .

- ممارسة رياضة مناسبة .

*6 – أن تتحقق في الدعاة معاني الولاء والانتماء للدعوة الإسلامية والثقة في نصر الله :

- القدرة علي جمع القلوب حول الدعوة الإسلامية .

- شيوع روح العطاء والتضحية والتسابق للخيرات .

- الحرص علي سلوك نهج الأصالة في الدعوة والحذر من الانحراف عنها .

- الذاتية في رد الشبهات عن الدعوة .

- أن تتحدد علاقات الأفراد بالهيئات والأحزاب والأفراد ، وفق الرؤية الشرعية والدعوية .

*7 – أن يكتسب الدعاة الإيجابية والقدرة علي المبادرة :

- أن يمارس الفرد مهمومًا بالدعوة ، مشغولاً – بفكره وقلبه – في كيفية انتشارها ونجاحها وانتصارها .

- أن يمارس الأفراد فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

- المبادرة إلي تفعيل وتوظيف طاقات الأمة بما يناسبها من أعمال في كل الظروف .

- فتح مجالات ومسارات جديدة للدعوة .

- أن يحرص الفرد علي توظيف طاقته في خدمة الدعوة الإسلامية .

- أن يقدم كل فرد فكرةً مبتكرة للعمل الإسلامي مرة سنويًا علي الأقل .

- تكوين بنك للأفكار المفيدة للدعوة كلٌ في حيه أو مدينته .

*8 – أن يكتسب الدعاة الصفات التي تمكنهم من الاتصال الفعَّال بالمجتمع وإرشاده ودعوة الآخرين والتعاون معهم :

- معرفة التأصيل الشرعي للاتصال بالمجتمع وإرشاده وتنبيهه .

- زيادة وعي الأفراد بكيفية التعامل مع أصحاب الاتجاهات المختلفة (محايد ، مخالف ... إلخ) .

- تحقيق الذاتية الاجتماعية في الأفراد .

- اكتساب الأفراد مهارات الاتصال الفعال وفنون الدعوة والإرشاد .

- زيادة دوائر الارتباط بالمجتمع .

- تحقيق أهداف العمل الإسلامي مع المجتمع من خلال عمل الفرد علي مسار حياته .

*9 – أن يدرك الدعاة متغيرات الأحداث والقضايا المطروحة وموقف الدعوة منها وكيفية التعامل معها :

- زيادة وعي الأفراد بمتغيرات الأحداث والقضايا المطروحة .

- تنفيذ الرؤية الإسلامية تجاه الأحداث والقضايا المطروحة .

- زيادة قدرة الأفراد علي التعبير عن تلك الرؤية .

*10- أن يدرك الدعاة في استنهاض الأمة واستمرار العمل للإسلام عالميًا :

- وضوح رؤية الأفراد لقضايا المسلمين .

- تحقيق وعي الأفراد من منطلق شرعي وفق الوسائل المعروفة .

- أن تتحقق في الأفراد القدرة علي استنهاض الأمة واختيار دور مناسب لكل مسلم .

*11- أن يعمل جميع الدعاة علي تحقيق مظاهر البيت المسلم :

- أن تقوم العلاقة الزوجية علي المودة والرحمة .

- أن يحسن الآباء تربية الأبناء .

- أن يحسن أفراد البيت تدبير المعيشة .

- أن يحسن أفراد البيت في الدعوة إلي الله .

- أن يشارك جميع أفراد البيت في الدعوة إلي الله .

- التزام البيوت بالمظهر الإسلامي والسلوكيات الإسلامية ، والخلوَّ من مظاهر الترف والتبذير .

- توفير الصحبة الصالحة لجميع الأبناء والزوجات مع توظيفهم دعويًا .

- غياب المشكلات التي يمكن أن تؤدي إلي تفكك الأسرة .

*12- توفير كفاءات تلبي الاحتياجات التربوية للدعاة والدوائر المحيطة بهم :

- توفير أساتذة مربين يجيدون التأثير .

- اكتشاف وتبني المواهب التربوية .

- إعداد المربين والارتقاء بمستواهم .

- قلة المشكلات التربوية وسرعة علاجها .

*13- مضاعفة عدد حفظة القرآن الكريم والقرَّاء الممتازين :

- زيادة عدد الحفَظَة إلي ضعف العدد الموجود .

- التزام الأفراد بورد حفظ ثابت مهما قل .

- مضاعفة عدد الكتاتيب .

- وجود مدرسة تحفيظ لكل حي .

- زيادة عدد القرَّاء الممتازين إلي الضعف .

*14- أن تتحقق معدلات نمو للدعاة إلي الله كمًا وكيفًا تكافئ الزيادة في أعداد المحبين لهم والمحيطين بهم .

*15- أن يستوعب الأفراد فكر ورسائل أئمة وعلماء الأمة المجدَّدين ، مثل الإمام البنا وتلامذته .

توجهـات ضروريـة

وفي نهاية حديثنا عن البناء وضرورته للنهضة ، نقدم بين يدي القارئ هذه التوجهات الضرورية لتحقيق التصور التربوي المتكامل المنشود :

  • 1 – العملية التربوية مسئولية جميع المؤسسات الدعوية علي اختلاف أقدارها وقدراتها .
  • 2 – ضرورة تطوير المناهج التربوية اللازمة لتحقيق غايات التربية ، واستكمال تربية الأفراد في ضوء احتياجات العمل الإسلامي والتوقعات الممكن حدوثها ، والعمل علي وقايتهم من الظواهر السلبية وعلاج ما يطرأ منها .
  • 3 – تأهيل وإعداد كفاءات قادرة علي التربية وتلبية الاحتياجات التربوية .
  • 4 – التركيز علي التربية الإيمانية والمعاني التعبدية لتحقيق ربانية الأفراد والأسوة الحسنة .
  • 5 – تعميق الانتماء والولاء لله تعالي ودعوته ، ووضوح المنهج والمواقف الإسلامية تجاه القضايا المطروحة .
  • 6 – تعميق أواصر الحب والأخوَّة والترابط ، وتحقيق التعارف والتفاهم والتكافل .
  • 7 – تعميق المفهوم الشامل للجهاد في سبيل بضوابطه الشرعية ، مع الإعداد المتوازن للأفراد بما يناسب المرحلة التي يمرون بها .
  • 8 – إعداد الدعاة وتأهيلهم لتحقيق معاني البيت المسلم ، وإعداد البيوت لمواجهة التحديات الراهنة .
  • 9 – إعداد الدعاة للقيام بدورهم في الاتصال الدائم والفعَّال بشرائح المجتمع المختلفة ، والعمل علي توعية الأمة واستنهاضها لمقاومة الهجمة الصهيونية الأمريكية .
  • 10- تعميق وعي الدعاة بالأحداث والقضايا المطروحة وكيفية التعامل معها ، مع وضوح التصور الإصلاحي للمجتمع ودعوته إلي الله بالحكمة والموعظة الحسنة .
  • 11- تأهيل الدعاة وإعدادهم مهنيًا بحيث يكونون قادرين علي الكسب والتميز العلمي والتقني .

ضوابط وقواعد

وهذه التوجهات السابقة لابد لها من ضوابط وقواعد حاكمة ينبغي مراعاتها والالتزام بها ، وهي :

  • 1 – تأكيد المردود التربوي لجميع الأعمال .
  • 2– تحقيق الصفات التربوية المستهدفة لكافة الشرائح ، حسب أعمارهم ، ووفقاً لما قرره المتخصصون التربويون ، ووفق قواعد الجرح والتعديل .
  • 3 – عدم انشغال كبار الدعاة بمهامهم الوظيفية عن دورهم التربوي الأساسي في علاج أي قصور أو خلل لدي الدعاة الآخرين .
  • 4 – تنويع الأنشطة والوسائل التربوية وتفعيلها بما يناسب طبيعة المرحلة .
  • 5 – تأكيد دراسة العلوم الشرعية وزيادة بالقرآن الكريم .
  • 6 – تأكيد دراسة وفهم فكر ورسائل العلماء والمجددين ، مثل الأستاذ البنا وتلاميذه .
  • 7 – تأكيد أهمية المعايشة بين المربين والأفراد من خلال الأنشطة المختلفة .
  • 8 – تأكيد أهمية البيت المسلم وتعاون جميع المؤسسات للعناية به .
  • 9 – تأكيد التزام جميع المؤسسات الدعوية بالضوابط المقررة (8).

وخلال عهد مبارك اعتمدت الجماعة وسائل تنظيمية جديدة مثل الأوراق والنشرات الداخلية لتوعية الصف سواء كانت نشرات تربوية أو سياسية، لمواجهة بعض الحملات الاعلامية والأمنية التى استهدفت الجماعة وكوادرها، ومن هذه النشرات التى كانت ترد على استهداف قيادة الجماعة والتشكيك فيها نشرة أو كتيب" الدين النصيحة" والتى صدرت عام 1995 .

ومما جاء فى النشرة " أخى الحبيب: إن القيادة بشر من بشر، تصيب وتخطئ وإلا فما معنى النصيحة؟ فهلا سددت وقاربت، وحملت الأمانة، وأنكرت ذاتك وقدمت نموذجاً عملياً فى موقعك يدفع الآخرين بالقدوة، ويقيم الحجة على القاعدين، وتكون برهانا على صدق ادعائك، ومسئولياتك التى حملك الله إياها، قد يقع المسلم فى خطأ غير مقصود حين يرسم فى مخيلته صورة لقيادته – أى مستوى قيادى- صورة مثالية غير واقعية، قبل أن يدخل بيت الدعوة ويشاهد الواقع المعاش.. فإذا دخل وتعرف على حقيقة وطبيعة وواقعية القيادة، اهتزت ثقته لنقص فى بشريتها وخطأ فى تقديره، أو شدة فى معاملة،لأنه لم ير فى الخيال الذى رسمه فى مخيلته واقعاً أمامه.

وتضيف الورقة فى نفس الموضوع"فى السلوك والفردى للقيادة حين تتعامل كبشر وكفرد من الأفراد ابتلاها الله بالقيادة ،ففعلت المأمور، وتركت المحظور، وصبرت على المقدور، وتناولت المباح، وتسامت عن الصغائر، وتحلت بالأخلاق الكريمة، والمبادئ القومية، واجتهدت ان تقتدى بالرسول صلى الله عليه وسلم وهذا هو المقياس الذى بدونه لاتٌقدر ولا تعتبر، لأن رسالتنا رسالة أخلاق وقيم قبل أن تكون رسالة تنظيم وتشريع وتخطيط وسياسية(9).

كما توجه الرسالة بعض الوصايا التنظيمية تحت عنوان" استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان" : أخى الحبيب: إن أى مستوى من مستويات الإدارة فى شركة من الشركات له خصوصياته وله معلوماته التى لاتتعداه إلى مستوى آخر؛ حفاظاً على نجاح الإدارة وتحقيقاً للأهداف، فلايعلم بمايدور فى مستوى إلا من فيه، ولا ينتقل إلى مستوى آخر إلا لمصلحة، فما بالك بجماعة تريد خلافة إسلامية ضاعت، وهوية إسلامية انمحت، هل تتصور أن كل أمر وكل تكليف على أعلى مستوى لابد أن يعرفه الجميع؟ حقيقته ومرماه، والغرض منه، ولم كان الحكم على هذا الشكل؟ إنه من الطبيعى أن يحجب عنك بعض الأمور التى ليست فى مستواك، لا لعدم الثقة فيك، ولكن كل كلام لاينبنى عليه عمل فالخوض فيه من التكلف الذى نهينا عنه، أو طالما أنك لاتفيد الجماعة فيه كان لابد من حجبه، لكى لايطلع عليه عدوك، فيحبط خطتك حين تنتشر بين الأفراد"استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان"(10).

وتضيف الورقة، أخى الحبيب: هل تظن أننا نستطيع أن نواجه أعداءنا بهياكل تنظيمية أو أحزاب سياسية، وأوامر تكليفية، وتخطيط بغير إخلاص فى القلوب وسلامة فى الصدر وحب للأخوة؟.

أخى الحبيب: إذا استغرقنا فى هياكلنا التنظيمية، وأعمالنا الإدارية – وهى ضروية- دون إخلاص فى القلوب، تعكر الصفو، داخل الصف، وإذا اختل الصف انتصر العدو، وهذا دليل قلة الإخلاص أو انعدامه، فوحدة القلوب سابقة على وحدة الصفوف، ووحدة المشاعر سابقة على وحدة الشرائع، لتتحقق قوة الرباط الإيمانى بالإخلاص( 11).

كما نجد بعض التوجيهات التربوية فى كتيب آخر تحت عنوان"من زاد السائرين إلى رب العالمين" الجزء الثانى ويتناول قضية الثبات والمعينات عليها فى ظل استمرار المواجهة مع النظام فتحت عنوان مظاهر تحقق صفة الثبات

أ‌-مظاهر يجب التحلى بها:

1- ألا تبالى بالشبهات المثارة ولابمن يثيرها وتمضى بثبات فى طريق دعوتك.

2- أن تتصدى لمثيرى الشبهة بالحجة والبرهان.

3- أن يكون لك جهد فى دفع أصحاب الفتور والأعذار الكثيرة للعمل والتضحية.

4- أن يزيد عطاؤك لدعوتك كلما طال بها عهدك.

5- أن تأخذ نفسك بالعزيمة إذا ماتعرضت لمحنة ولاتفشى سراً لدعوتك.

6- أن توظف المحن توظيفاً جيداً.

7- أن يزيد عطاؤك عند تغيب قادتك.

8- أن تحترم آراء غيرك وأن تكون على استعداد للتنازل عن آرائك.

9- أن تراجع نيتك قبل كل رأى تبديه أو عمل تؤديه وبعدهما كذلك.

10- أن تبادر بالاعتذار لغيرك وخاصة لقيادتك إذا مابدر منك خطأ فى حقهم.

ب‌-مظاهر يجب التخلى عنها:

1- أن تصاب بالإحباط عند إثارة الشبهات وأن تحدث غيرك بالشبهة المثارة.

2- أن تفتر همتك عند مواجهة المشكلات الدعوية والمعوقات.

3- أن تتوارى عن الأعين أو يقل نشاطك عند المحنة.

4- أن تتهم جماعتك باستدعاء البلاء لا دفعه.

5- أن ترى فى رأيك الصواب مطلقاً.

6- أن تيأس من شيوع المنكر وكثرته.

7- أن تطيع أهلك فيما يهوون- إن كان على حساب دعوتك.

8- أن تنتظر الثناء على مجهود وإلا قل عزمك.

9- أن تكثر أعذارك عند إقبال الدنيا عليك.

10- أن تضعف همتك عندما تكثر أعباؤك.

11- أن تنشط فى حال القيادة وتفتر فى حال الجندية.

12- أن ترغب فى مجالسة من يثنى على آرائك وأدائك، ولاترغب فى مجالسة من يخالفك.

كما توجه الجماعة خلال نفس الإصدار توجيهات تربوية إلى كوادرها وخاصة المربين وهم مسئولى الأسر واللقاءات التربوية فتقول تحت عنوان "وصايا إلى المربى":

1- تعهد الأفراد بالتربية الإيمانية العالية والروحانية الفياضة.

2- احرص على توظيف كافة الأفراد فى عمل يناسب طاقاتهم، فشعور الفرد بعدم الإنتاج يشعره بعدم قيمته وأهميته فى هذه الدعوة فيدفعه هذا إلى الإختفاء والسقوط فى لجة المجتمع ومتاهاته.

3- اهتم بنفوس الأفراد وظروفهم الخاصة، فهم كسائر الناس يتعرضون لأزمات ومشكلات مختلفة، ومعاونتهم على تجاوزها، يفرغ أذهانهم وطاقاتهم لمواصلة السير على طريق الدعوة.

4- كن متفائلاً، فأثرك على الص بليغ وعميق ، فإن تخاذلت أو يئست – لاقدر الله- عرضت الصف كله للتخاذل واليأس.

5- احسم الأمور وحاصر المشكلات فى بدايتها قبل أن تتفاقم فيستعصى حلها.

6- ذكر إخوانك بأن ارتباطهم بالدعوة يجب أن يكون قائماً على أساس الارتباط بالله وبالاسلام، الدعوة وسيلة لتحقيق أمر الله، وليست غاية(12).

المصادر

1- رسالة هل نحن قوم عمليون- حسن البنا, ص- (68-69) مجموعة الرسائل.

2_ رسالة المؤتمر الخامس- حسن البنا.

3_ مذكرات الدعوة والداعية- حسن البنا, ص-(156-159)

4_ الإمام حسن البنا مؤسس حركة الإخوان المسلمين 19061949م،مصطفى محمد الطحان، ص111، 114

5_ د. محيي حامد ، عضو مكتب الإرشاد،http://goo.gl/LG24G

6_ معسكرات السير هى معسكرات تربوية لمدة ثلاثة أيام يتخللها خط سير يومى بحدود 25 كيلو متر يوميا بالاضافة الى برنامج المدراسة وغالبا مايكون قضية أو مشكلة تربوية يعانى منها الصف الداخلى للجماعة

7_ التربية بين النظرية والتطبيق، فيصل بن عبدالله الخشرمى، دار الكتاب العربى للنشر والتوزيع 1991، ص86

8_ نحو مشروع حضارى للنهضه "رؤيه اسلاميه"، د حمدى شاهين ، دار التوزيع والنشر الاسلامية عام 2005، ص18-26

9_ الدين النصيحة، أبو عبدالله محمد صالح، ص10

10_ الدين النصيحة، أبو عبدالله محمد صالح، ص13

11_ الدين النصيحة، أبو عبدالله محمد صالح، ص26

12_ عبدالرحمن الجندي، من زاد السائرين إلى رب العالمين،ص34 الى ص37، كتيب داخلى خاص بالصف، طبع عام 1998

للمزيد عن الإخوان ومبارك