الإخوان المسلمون والمنهجية العقدية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
الإخوان المسلمون والمنهجية العقدية

موقع إخوان ويكي (ويكيبيديا الإخوان المسلمين)

  • بقلم: محمد السيد الصياد


علم العقيدة .. مقدمات منهجية ومداخل معرفية

علم العقيدة

الإمام حسن البنا يصلي بإخوانة صلاة التهجد
العقيدة في اللغة : من العَقْد : وهو الرَّبطُ ، والإبرامُ ، والإحكام والتوثق والشد بالقوة .
وهي مأخوذة من الفعل الثلاثي "عقد" ، ومعناه قوي الشيء وأتقنه .
والعقيدة : الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى معتقده .
والعقيدة في الدين : ما يُقْصَدُ به الاعتقاد دون العمل ؛ كعقيدة وجود الله وبعث الرسل ، والجمع : عقائد . وخلاصته : ما عقد الإنسانُ عليه قلبه جازماً به ؛ فهو عقيدة ، سواءٌ ؛ كان حقاً ، أو باطلاً وفي الإصطلاح : هي الأمور التي يجب أن يُصَدَّقَ بها القلب ، وتطمئن إليها النفس ؛ حتى تكون يقيناً ثابتاً لا يمازجها ريب ، ولا يخالطها شك ... انظر: رسائل حسن البنا 385 ط/العلمية للتراث 2002م .
وسمي عقيدة ؛ لأن الإنسان يعقد عليه قلبه .
ويُقصد بالعقيدة الإسلامية : ما جاءنا به محمد صلي الله عليه وسلم من عند ربه للعمل بأوامره واجتناب نواهيه . وبعبارة أخري هي : الإيمان الجازم بالله تعالى ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، والقدر خيره وشره ، وسائر ما ثَبَتَ من أُمور الغيب ، وأُصول الدين ، وما أجمع عليه السلف الصالح ، والتسليم التام لله تعالى في الأمر ، والحكم ، والطاعة ، والاتباع لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
وللعقيدة الإسلامية أسماء أخرى عند أهل السنة ، ترادفها وتدل عليها ، منها : " التوحيد " ، " السنة " ، " أصول الدين " ، " الفقه الأكبـر " ، " الشريعة " ، " الإيمان " .

تأثير العقيدة علي الإنسان

العقيدة تقوي الإيمان ، والدين والصلة بالله ، في قلب صاحبها .
والعقيدة تتعدد : فهناك عقيدة إسلامية ، وعقيدة إلهية ، وعقيدة بشرية .
العقيدة الإسلامية : هي التي جاء بها كل الرسل والأنبياء ولم تحرف ولم تبدل .
والعقيدة الإلهية : هي التي حرفت أو غيرت أو ضيع منها شيء كالعقيدة اليهودية والنصرانية ، والتي تكون لها كتاب سابق ثم حرف وضيع .
والعقيدة البشرية : هي غير الإلهية ، كالعقيدة الوجودية والماركسية . وهي في الأصل ليست عقائد بل هي نحل ضالة مضلة ، وإطلاق العقائد عليها من باب التجوز .
والعقيدة الإسلامية لا تتعدد ، لأنها عقيدة واحدة ، لكنها تتنوع .
فهي تتنوع لأن هناك عقيدة الإيمان بالله ، وعقيدة الإيمان بالرسل ، وعقيدة الإيمان بالملائكة ، وما أشبه.
والعقيدة الإسلامية لا إكراه فيها لقوله تعالي : (لا إكراه في الدين) ، ولقوله (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) ، وكان لعمر مملوك نصراني فلم يحمله علي الإسلام حتى أسلم طواعية واختيارا .
أما قولنا في حكم العقيدة ، فيجب علي كل مكلف وجوبا عينيا معرفة كل عقيدة بدليل ولو إجماليا وأما معرفتها بالدليل التفصيلي ففرض كفاية ، فيجب علي أهل كل قطر أو ناحية يشق الوصول منها إلي غيرها أن يكون فيهم من يعرفها بالدليل التفصيلي وجوبا عينيا ... انظر: حاشية الإمام البيجوري علي جوهرة التوحيد بعناية وتحقيق شيخنا العلامة الفقيه الأصولي علي جمعة مفتي الديار المصرية حفظه الله ص55 ، ط3/ دار السلام بالقاهرة .

أسس العقيدة الإسلامية

1- الإيمان بالله

الله: هو المعبود بحق وهو موجود وجودا أزليا .
والإله: هو المعبود بحق أو بغيره .
والوجود أنواع: واجب الوجود ، ومستحيل الوجود وجائز أو ممكن الوجود .
فواجب الوجود ، يطلق علي الله وعلي غيره . فالله واجب الوجود لذاته لأنه لم يحتج لموجد . وأما غير الله فواجب الوجود لغيره لأنه يحتاج إلي موجد .
ومستحيل الوجود هو الذي لن يوجد أبدا –التأبيد في عدم الوجود- .
وجائز الوجود هو الذي يمكن وجوده ويمكن عدمه .

2- الإيمان بالملائكة

يؤمن المسلم بملائكة الله تعالي وأنهم خلق من أشرف خلقه ، وعباد مكرمون من عباده ، خلقهم من نور كما خلق الإنسان من صلصال كالفخار ، وخلق الجان من مارج من نار ، وأنه تعالي وكلهم بوظائفَ فهم بها قائمون فمنهم الحفظة علي العباد والكاتبون لأعمالهم ، ومنهم الموكلون بالجنة ونعيمها ، ومنهم الموكلون بالنار وعذابها ومنهم المسبحون الليل والنهار لا يفترون ، وأنه تعالي فاضل بينهم فمنهم الملائكة المقربون كجبريل وميكائيل وإسرافيل ومنهم دون ذلك .
قال تعالي: (لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ) ، ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) .

3- الإيمان بالكتب

يؤمن المسلم بجميع ما أنزل الله من كتب وما آتي بعض رسله من صحف وأنها كلام الله أوحاه إلي رسله ليبلغوا عنه شرعه ودينه وأن أعظم هذه الكتب الأربعة ، القرآن الكريم المنزل علي نبينا محمد صلي الله عليه وسلم والتوراة المنزلة علي موسي عليه السلام والزبور المنزل علي نبي الله داود عليه السلام ، والإنجيل المنزل علي عبد الله ورسوله عيسي عليه السلام ، وأن القرآن الكريم أعظم هذه الكتب والمهيمن عليها والناسخ لجميع شرائعها وأحكامها ، والقرآن الكريم كتب في اللوح المحفوظ أولا ثم نزل آخرا .

4- الإيمان بالرسل

يؤمن المسلم بأن الله تعالي قد اصطفي من الناس رسلا وأوحي إليهم بشرعه وعهد إليهم بإبلاغه لقطع حجة الناس عليه يوم القيامة وأرسلهم بالبينات وأيدهم بالمعجزات ابتدأهم بنبيه نوح وختمهم بمحمد صلي الله عليه وسلم . وأنهم وإن كانوا بشرا يجري عليهم الكثير من الأعراض البشرية فيأكلون ويشربون ويمرضون ويصحون وينسون ويذكرون ويموتون ويحيون فهم أكمل خلق الله تعالي علي الإطلاق وأفضلهم بلا استثناء وأنه لا يتم إيمان عبد إلا بالإيمان بهم جميعا جملة وتفصيلا .
قال تعالي: (الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس) .
لما سأل أبو ذر النبي صلي الله عليه وسلم عن عدد الأنبياء والمرسلين قال النبي صلي الله عليه وسلم :"مئة وعشرون ألفا والمرسلون منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر" ، هذا بعض حديث أخرجه ابن حبان في صحيحه .
والنبي لغة : من نبا بمعني علا وارتفع . والعلو إما علو مكاني وإما علو مكانة .
والنبي اصطلاحا : إنسان ذكر حر من بني آدم أوحي الله إليه بشرع ليعمل به .
والرسول لغة : من أُرسل بمعني أخبر من غيره بخبر أو من رَسل بمعني تتابع .
واصطلاحا : إنسان ذكر أوحي الله إليه بشرع وأمره بتبليغه .
والرسول له اختصاصات أكثر من النبي فكل رسول نبي وليس كل نبي رسول .

5- الإيمان باليوم الآخر

يؤمن المسلم بأن لهذه الحياة الدنيا ساعة أخيرة تنتهي فيها ، ويوما آخرا ليس بعده من يوم ثم تأتي الحياة الثانية واليوم الآخر للدار الآخرة فيبعث الله سبحانه وتعالي الخلائق بعثا ويحشرهم إليه جميعا ليحاسبهم فيجزي الأبرار بالنعيم المقيم في الجنة ويجزي الفجار بالعذاب المهين في النار ، وأنه يسبق هذا أشراط الساعة وأماراتها كخروج المسيح الدجال ويأجوج ومأجوج ونزول عيسي عليه السلام وخروج الدابة وطلوع الشمس من مغربها وغير ذلك من الآيات ، ثم ينفخ في الصور نفخة الفناء والصعق ثم نفخة البعث والنشور والقيام لرب العالمين ثم تعطي الكتب فمن آخذ كتابه بيمينه ومن آخذ كتابه بشماله ويوضع الميزان ويجري الحساب وينصب الصراط وينتهي الموقف باستقرار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار .

6- الإيمان بالقدر

لحديث : (ما الإيمان ؟ قال : أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله واليوم الآخر) ، وفي رواية "وتؤمن بالقدر خيره وشره" .
والقضاء: هو علم الله الأزلي بكل ما يكون وهو كائن إلي يوم القيامة .
والقدر: حدوث ما علمه الله أزلا في وقت وقوعه علي المخلوق .
قال النووي في سرح مسلم : قال الخطابي : وقد يحسب كثير من الناس أن معني القضاء والقدر إجبار الله سبحانه وتعالي العبدَ وقهره علي ما قدره وقضاه وليس الأمر كما يتوهمونه وإنما معناه : الإخبار عن تقدم علم الله سبحانه وتعالي بما يكون من اكتساب العبد وصدورها عن تقرير منه وخلق لها خيرها وشرها .


عقيدة الإخوان

"الإخوان المسلمون" ، جماعةٌ من جماعات المسلمين ولا تزعم أنها جماعة الإسلام ، ومن ثم فاجتهاداتها وثوابتها تنبثق من حظيرة الإسلام الكبرى ، فعقيدة الجماعة لا تنفك بحال عن عقيدة الإسلام كدين سماوي رباني ، ولا تغاير المدارس العقدية الكبرى التي تبناها سلف الأمة وتلقاها بالقبول كالمدرسة الأشعرية والماتريدية ، وكذلك الفروع الفقهية والثانوية التي تتبناها الجماعة ليست بدعا في استنباطها وليست محل اجتهاد من قبل الجماعة بل إن الجماعة لا تقوم إلا بالاختيار الفقهي من بين الخيارات الفقهية العديدة التي أصّلتها المدارس الفقهية التي تلقتها الأمة بالقبول .

لقد اختار الإمام البنا عقيدة الإسلام الذي ارتضاه الله للمسلمين دينا ليقيم عليها دعوته ، والفكر الإخواني الذي أسسه البنا فكر إسلامي مستنير يرتكز علي الإسلام ، ومنه يستمد عقيدته وله يجاهد الإخوان وفي سبيل إعلاء كلمته يعملون .

فإن عقيدة الإسلام هي منطلق دعوة الإخوان ونادي الإمام البنا المسلمين للعودة إلي المصدرين الأساسيين وهما القرآن والسنة المطهرة ، والتأكيد علي شمولية الإسلام بمعناه الواسع . والإخوان المسلمون دعوة سلفية وطريقة سنية وحقيقة صوفية وشركة اقتصادية وهيئة سياسية وجماعة رياضية ورابطة علمية ثقافية وفكرة اجتماعية .

وإسلام الإخوان ليس معناه أن لهم إسلاما غير الذي نزل به نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ولكننا فهمنا الإسلام بمعناه الصحيح الشامل المتكامل ..(1)


الممارسة العقدية في الفكر الإخواني

والإخوان حين يتعلمون العقيدة الإسلامية ويعلمونها ، لا يؤثرون الجانب السفسطى العقلي ، والتنظير المجرد ، علي التطبيق العملي والثمرة المرجوة والغاية المنشودة من دراسة وتعلم تلك العقيدة .

فالعقيدة في فكرهم هي صناعة الحضارة وبناء النهضة وترشيد القيم والسلوك وسوق الجماهير إلي باريها. أو إذا شئت فقل بأن هذه ثمرة العقيدة ، وبأن العقيدة التي لا ثمرة تُرجى من وراء تعلمها فهي عقيدة فاسدة .

لا يريد الإخوان من تقديم العقيدة وشرحها أن تكون كلمات تحفظ وتردد ، ولا مجادلات مع الآخرين ، دون أن يكون لها أثر في حياة صاحبها ، بحيث يقتنع بها عقله ، ويطمئن بها قلبه ، وينفعل بها وجدانه ، وتتحرك بها إرادته .

إن القرآن حين عرض لنا إيمان المؤمنين جسده في أخلاق وأعمال باطنة وظاهرة كما قال تعالي (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلي ربهم يتوكلون) .

إن العقيدة في فكر الإخوان وفي دعوتهم هي رأس الأمر ، وأس البناء ، وروح الإسلام .

فالإسلام عقيدة تقوم علي أساسها شريعة ، تتفرع عنها أخلاق وأعمال ، وينبثق منها مجتمع ، تحكمه دولة ، والإخوان مؤمنون كل الإيمان بعقيدة الإسلام ، ولكنهم غير متعصبين ضد مخالفيهم ، إلا إذا اعتبر الاعتزاز بالعقيدة ، والحماس لها والثقة بتفوقها ، واليقين بنصر الله إياها تعصبا ، فهم حينئذ أول المتعصبين ..(2)


الإخوان والمنهج الأشعري

الإخوان جزء من نسيج الأمة الإسلامية لا تشذ الجماعة عن معتقدات الأمة وثوابتها ، وقد عَرفت الأمة فرقا شتى ومذاهب كثيرة ، فقهية وعقدية وكلامية وفلسفية وما أشبه . وقد ميز الله أمة محمد صلي الله عليه وسلم بأنها لا تجتمع علي ضلالة ولذلك ففي الحديث "عليكم بالسواد الأعظم ومن شذ شذ إلي النار" ، وقامت هذه الأمة بغربلة هذه المذاهب وبتنقيحها وباختيار الأصوب منها وطرح ما سواها ، فبقي المقدس الذي تلقته الأمة بالقبول ، وكان من المذاهب العقدية التي تلقتها الأمة بالقبول المذهب الأشعري الذي سار عليه سلف الأمة من العلماء والمحدثين ، والفقهاء والمفسرين ، وتلقته الأمة جيلا بعد جيل بالتلقين والتعلم ، والتأمل فيه وإمعان النظر ، حتى نكاد أن نقول بأن الأمة قاطبة اعتنقت ذلك المذهب العقدي وسارت عليه إلا من شذ من الفرق المارقة أو من علماء الحديث الحنابلة المجتهدين الذين خالفوا الأشاعرة في بعض المسائل ، وهي خلافات ثانوية ولذلك فالبغدادي في الفرق بين الفرق جعل الأشاعرة والماتريدية والحنابلة المكون الرئيسي لأهل السنة .

وجاءت جماعة الإخوان المسلمين بعلمائها وفقهائها ، ومحدثيها وفحولها ، ومحنكيها ، ليعتنقوا المذهب الأشعري كمنهج عقدي ، وكمرجعية كبرى للتعامل مع النص ، والتوفيق بين المقدس وغيره ، وبين القطعي والظني ، وبين العقل والنقل .

وأشعريةُ الإخوان لا مراء فيها ولا خلاف بين أهل العلم في مرجعيتهم تلك .

يقول الشيخ سعيد حوي : إن للمسلمين خلال العصور أئمتهم في الاعتقاد وأئمتهم في الفقه وأئمتهم في التصوف والسلوك إلي الله عز وجل ، فأئمتهم في الاعتقاد كأبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي اه . ويقول : وسلّمت الأمةُ في قضايا العقائدِ لاثنين : أبي الحسن الأشعري ، وأبي منصور الماتريدي ..(3)

ويقول الشيخ عمر التلمساني مرشد الإخوان المسلمين ، في تفسير قول الله (والسماوات مطويات بيمينه) : وأن هذه اليمين التي تشير إليها الآية الكريمة هي التمكن من طي السماوات والأرض أي القدرة التي تفعل ما تشاء كيفما تشاء عندما تشاء ..(4)

وهذا هو مذهب الأشاعرة كما هو معلوم ، وكما سيأتي بعد قليل .

وأنقل لك قولا آخر للأستاذ يوسف ندا وهو من كوادر جماعة الإخوان المسلمين ، في حوار له مع جريدة المصري اليوم :

  • س: ما رأيك في أسلوبِ تعيينِ مكتب الإرشاد الجديد والحديث عن المحافظين والإصلاحيين ؟
نحن الأشاعرة .. الإمامة عندنا تثبت بالاختيار والاتفاق دون النص و التعيين ، إذ لو كان ثمة نص لما خفي ، والدواعي تتوافر علي نقله ، وقد اتفقوا في سقيفة بني ساعدة علي "أبو بكر" رضي الله عنه ، ثم اتفقوا علي عمر رضي الله عنه ..(5)


حسن البنا والمنهجية الأشعرية

كان حسن البنا رحمه الله أشعريا كبقية علماء الأمة الكبار ، كان أشعريا في عقيدته وأشعريا في منهجه وثقافته وفهمه للواقع ، ونظرته للنص .

فالأشعرية ليست مجرد مذهبٍ عقدي تنظيري فحسب ، الأشعرية منهج في التفكير والاستنباط ، وإعمال العقل . ويظن البعض أن الأشعرية مدرسة كلامية فلسفية فحسب تُنظّر للعقيدة الإسلامية وترد علي شبهات القوم ليس إلا ، وهذه نظرة قاصرة ، فالمدرسة الأشعرية مدرسة سلفية قحة ، كانت ولا زالت تتضمن أجنحة في كل العلوم الشرعية ، فتجد المفسر الأشعري والمحدث الأشعري والفقيه الأشعري وكذلك الأصولي والمتكلم والفيلسوف علي نحو ما تجده في كتب التراجم عند ابن خلكان والزركلي والذهبي وابن كثير وغيرهم .

فالأشعرية عقيدة كبرى للأمة الإسلامية .. الأشعرية مرجعية الأمة الفكرية والثقافية والمنهجية والعقدية .

ولذلك لم يخرج حسن البنا عن النص ولا عن إجماع الأمة من قبله ومن بعده في الانتماء لما ارتضته الأمة ولما تلقته بالقبول ، فجاء كلامه في العقائد موافقا كل الموافقة لما قرره نحارير أهل العلم من الأشاعرة والماتريدية ، وكذلك لم يخرج في اختياراته الفقهية عن مذاهب الأمة المعتمدة ، وأبي أن يحمل أتباعه ومريديه علي مذهب بذاته ، ما دام الأمر في إطار ما تبنته الأمة من مذاهب وتلقته بالقبول ، ورضيت به جيلا بعد جيل .

يقول حسن البنا في آيات الصفات : انقسم الناس في هذه المسألة علي أربعة فرق :

1- فرقة أخذت بظواهرها كما هي ، فنسبت إلي الله وجها كوجوه الخلق ، ويدا أو أيديا كأيديهم ، وضحكا كضحكهم ، وهكذا فرضوا الإله شيخا ، وبعضهم فرضه شابا ، وهؤلاء هم المجسمة والمشبهة ، وليسوا من الإسلام في شيء ، وليس لقولهم نصيب من الصحة ، ويكفي في الرد عليهم قول الله تعالي (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) .
2- فرقة عطلت معاني هذه الألفاظ علي أي وجه ، يقصدون بذلك مدلولاتها مطلقا عن الله تبارك وتعالي فالله عندهم لا يتكلم ولا يسمع ولا يبصر ؛ لأن ذلك لا يكون إلا بجارحة ، والجوارح يجب أن تنفي عنه سبحانه ، فبذلك يعطلون صفات الله تبارك وتعالي ويتظاهرون بتقديسه ، وهؤلاء هم المعطلة ، ويطلق عليهم بعض علماء تاريخ العقائد الإسلامية : الجهمية ، ولا أظن أن أحدا عنده مسكة من عقل يستسيغ هذا القول المتهافت ! وها قد ثبت الكلام والسمع والبصر لبعض الخلائق بغير جارحة ، بغير جارحة ، فكيف يتوقف كلام الحق تبارك وتعالي علي الجوارح ؟! تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا . هذان رأيان باطلان لا حظ لهما من النظر ، وبقي أمامنا رأيان هما محل أنظار العلماء في العقائد ، وهما رأي السلف ورأي الخلف ..(6)
3- أما السلف رضوان الله عليهم فقالوا نؤمن بهذه الآيات والأحاديث كما وردت ، ونترك بيان المقصود منها لله تبارك وتعالي ، فهم يُثبتون اليد والعين والأعين والاستواء والضحك والتعجب وكل ذلك بمعان لا ندركها ، ونترك لله تبارك وتعالي الإحاطة بعلمها ..(7)


مذهب الخلف في آيات الصفات وأحاديثها

قدمت لك –والكلام للأستاذ البنا- أن السلف رضوان الله عليهم ، يؤمنون بآيات الصفات وأحاديثها كما وردت ويتركون بيان المقصود منها لله تبارك وتعالي مع اعتقادهم بتنزيه الله تبارك وتعالي عن المشابهة لخلقه .

فأما الخلف فقد قالوا : إننا نقطع بأن معاني ألفاظ هذه الآيات والأحاديث لا يراد بها ظواهرها ، وعلي ذلك مجازات لا مانع من تأويلها ، فأخذوا يؤولون الوجه بالذات ، واليد بالقدرة وما إلي ذلك هربا من شبهة التشبيه ، وإليك نماذج من أقوالهم في ذلك .

1- قال أبو الفرج بن الجوزى الحنبلي في كتابه "دفع شبهة التشبيه" : قال الله تعالي ﴿ ويبقي وجه ربك ذو الجلال والإكرام ﴾ ، قال المفسرون : يبقي ربك ، وكذلك قالوا في قوله تعالي ﴿ يريدون وجهه ﴾ أي يريدونه . وقال الضحاك وأبو عبيدة ﴿ كل شيء هالك إلا وجهه ﴾ أي إلا هو .

وعقد في أول الكتاب فصلا إضافيا في الرد علي من قالوا إن الأخذ بظاهر هذه الآيات والأحاديث هو مذهب السلف ؛ وخلاصة ما قاله : إن الأخذ بالظاهر هو تجسيم وتشبيه لأن ظاهر اللفظ هو ما وضع له ، فلا معني لليد حقيقة إلا الجارحة وهكذا . وأما مذهب السلف فليس أخذها علي ظاهرها ، ولكن السكوت جملة عن البحث فيها . وأيضا فقد ذهب إلي أن تسميتها آيات صفات وأحاديث صفات تسمية مبتدعة لم ترد في كتاب ولا سنة ، وليست حقيقة فإنها إضافات ليس غير ، واستدل علي كلامه في ذلك بأدلة كثيرة لا مجال لذكرها هنا .

2- وقال فخر الدين الرازي في كتاب أساس التقديس : واعلم أن نصوص القرآن لا يمكن إجراؤها علي ظاهرها لوجوه : الأول أن ظاهر قوله تعالي (ولتصنع علي عيني) ، يقتضي لأن يكون موسي عليه السلام مستقرا علي تلك العين ، ملتصقا بها مستعليا عليها ، وذلك لا يقوله عاقل ، والثاني أن قوله تعالي (واصنع الفلك بأعيننا) ، يقتضي أن يكون آلة تلك الصنعة هي تلك العين ، والثالث أن إثبات الأعين في الوجه الواحد قبيح فثبت أنه لابد من المصير إلي التأويل وذلك هو أن تحمل هذه الألفاظ علي شدة العناية والحراسة .

ثم ساق الأستاذ البنا كلاما للغزالي ثم قال : إلي هنا وضح أمامك طريقا السلف والخلف ، وقد كان هذان الطريقان مثار خلاف شديد بين علماء الكلام من أئمة المسلمين وأخذ كل يدعم مذهبه بالحجج والأدلة ولو بحثت المر لعلمت أن مسافة الخلف بين الطريقين لا تحتمل شيئا من هذا لو ترك أهل كل منهما التطرف والغلو ، وأن البحث في مثل هذا الشأن مهما طال فيه القول لا يؤدي في النهاية إلا إلي نتيجة واحدة ، هي التفويض لله تبارك وتعالي وذلك ما سنفصله لك إن شاء الله تعالي .


بين السلف والخلف

قد علمت أن مذهب السلف في الآيات والأحاديث التي تتعلق بصفات الله تبارك وتعالي أن يمروها علي ما جاءت عليه ، ويسكتوا عن تفسيرها أو تأويلها ، وأن مذهب الخلف أن يؤولوها بما يتفق مع تنزيه الله تبارك وتعالي عن مشابهة الخلق .

وعلمت أن الخلاف شديد بين أهل الرأيين حتى أدي بينهما إلي التنابز بالألقاب العصبية وبيان ذلك من عدة وجوه :

  • أولاً: اتفق الفريقان علي تنزيه الله تبارك وتعالي عن المشابهة لخلقه .
  • ثانياً: كل منهما يقطع بأن المراد بألفاظ هذه النصوص في حق الله تبارك وتعالي غير ظواهرها التي وضعت لها هذه الألفاظ في حق المخلوقات ، وذلك مرتب علي اتفاقهما علي نفي التشبيه ..(8)
  • ثالثاً: كل من الفريقين يعلم أن الألفاظ توضع للتعبير عما يجول في النفوس أو يقع تحت الحواس مما يتعلق بأصحاب اللغة وواضعيها ، وأن اللغات مهما اتسعت لا تحيط بما ليس لأهلها بحقائقه علم ، وحقائق ما يتعلق بذات الله تبارك وتعالي من هذا القبيل فاللغة أقصر من أن تواتينا بالألفاظ التي تدل علي هذه الحقائق فالتحكم في تحديد المعني بهذه الألفاظ تغرير .

وإذا تقرر هذا فقد اتفق السلف والخلف علي أصل التأويل ، وانحصر الخلاف بينهما في أن الخلف زادوا تحديد المعني المراد حيثما ألجأتهم ضرورة التنزيه إلي ذلك حفظا لعقائد العوام من شبه التشبيه وهو خلاف لا يستحق ضجة ولا إعناتا ..(9)

ولك أن تعلم كذلك أن كل أساتذة الإمام البنا كانوا أشاعرة أقحاح كالشيخ محمد زهران وأحمد الشرقاوي الهوريني وطنطاوي جوهري صاحب جواهر القرآن وتفسيره طافح بعقيدته الأشعرية .

فالإمام البنا رضي الله عنه كان أشعريا ، يدل علي ذلك ما نقلناه عنه من رسالة العقائد ناهيك عن مقالاته الأخرى العقدية ، وصرح في مذكراته أنه حفظ جوهرة التوحيد في صغره ، وجوهرة التوحيد هي مبتدأ العقيدة الأشعرية كما يعرف أهل الفن .

ودعوةُ الأستاذ البنا الحركيةُ التربويةُ الجهاديةُ الشموليةُ ، إنما هي تأصيلٌ عملي ، وممارسة حية للفكرة الأشعرية التي تجمع بين تقديس النص واحترام العقل ، والتألق في التنظير الفلسفي لمواطن الداء وسحبها إلي الواقع العملي بالتطبيق والتمرس . ففكرة الإخوان المسلمين فكرة شمولية منهجية تجعل من الإسلام منهج حياة ، وتصنع منه شعلة تجاه التقدم والرقي ، وتكتنف في ذهنها مشروعا نهضويا شاملا لبعث حضارة الأمة الإسلامية ، مع الإفادة من حضارات الأمم الأخرى وفلسفاتها ، وهو عين ما كان يمارسه السادة الأشاعرة في ميدان العلوم ، بل وفي كل ميدان حينما كانوا أمراء ووزراء مثل صلاح الدين الأيوبي وسلفه وخلفه ، الذين ناصروا المنهج الأشعري ، وآووه وجعلوه آداة للحكم ، ومرتكزا للتفكير والانطلاق ، بل ومعيارا للجهاد ودحر العدو .

فالمنهج الأشعري منهج أمة ، وتراث سلف ، تراث ثقافي وحضاري ممزوج بخلايا العقول المفكرة والأدمغة المدبرة التي قامت علي تلقينه ونشره وتدوينه ، وإحكام صياغته ، وتمييز غثه من سمينه ، فخرج مرونقا محكما متينا ، في أبهي حلة وأزهي صورة ، يُظهر جهود علماء الأمة الذين خدموه جيلا بعد جيل (***).

كذلك كان علماء الإخوان من الجيل الأول أشاعرة ، كشيخ مشايخنا العلامة المحدث عبد الفتاح أبو غدة المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا ، والشيخ سعيد حوى ، والعلامة الشيخ مصطفي السباعي ، والمفسر الأديب سيد قطب ، والعلامة الموهوب الشيخ الغزالي السقا والقرضاوي (**) وعبد المنعم تعيلب صاحب التفسير المسمي فتح الرحمن في تفسير القرآن وهو مطبوع في دار السلام بالقاهرة ، وهو طافح بنصرة المذهب الأشعري (*) ، وحسن أيوب وله في كتب في العقائد تعضد ما قلناه وغيرهم ، رحم الله الجميع .


المنهج الأشعري الإخواني والسلفية المعاصرة

والإمام البنا حينما وصف دعوته بالسلفية كان يعني سلفية السلف أي فهم النص بتلك الآليات التي فهما السلف بها ، وخدمة الواقع ورعاية المقاصد وترتيب الأولويات تماما كما فعل السلف ، فقد أدوا واجب وقتهم وعلينا كذلك أن نؤدي واجبات وقتنا ، ولم يقصد الإمام البنا أن دعوته دعوة سلفية أي بالمصطلح المعاصر الذي تبنته بعض الجماعات والفئات علي اختلاف مناهجها وتباين مشاربها .

كذلك عندما وصف دعوته بالحقيقة الصوفية كان يقصد التصوف السلوكي القيمي التربوي وليس ذلك التصوف القبورى المتهور .

وشتان ما بين السلفية المعاصرة في تعاملها مع النص –وانتمائها العقدي- وسلفية القرون الأولي ، وقد لمح هذا الجانب الإمام ابن الجوزى الذي لمح أناسا يدعون الانتماء للسلف ليغرروا بالعوام والدهماء .

قال رحمه الله في كتابه "صيد الخاطر" : عجبت من أقوام يدعون العلم ويميلون إلي التشبيه بحملهم الأحاديث علي ظواهرها ، فلو أنهم أمروها كما جاءت سلموا ؛ لأن من أمر ما جاء من غير اعتراض ولا تعرض ، فما قال شيئا لا له ولا عليه ، ولكن أقواما قصرت علومهم ، فرأت أن حمل الكلام علي غير ظاهره نوع تعطيل ، ولو فهموا سعة اللغة لم يظنوا هذا ، وما هم إلا بمثابة قول الحجاج لكاتبه وقد مدحته الخنساء فقالت :

إذا هبط الحجاج أرضا مريضة
تتبع أقصـي دائها فشفاها

فلما أتمت القصيدة قال الحجاج لكاتبه : اقطع لسانها ، فجاء ذلك الكاتب المغفل بالموسي ،فقالت : ويلك ! إنما قال أجزل لها العطاء ، ثم ذهبت إلي الحجاج فقالت كاد والله يقطع مقولي .

فكذلك الظاهرية الذين لم يسلموا بالتسليم فإنه من قرأ الآيات والأحاديث ولم يزد لَمْ ألمْه ، وهذه طريقة السلف . فأما من قال : الحديث يقتضي كذا ، ويحمل علي كذا ، مثل أن يقول : استوي علي العرش بذاته ، وينزل إلي السماء الدنيا بذاته ، فهذه زيادة فهمها قائلها من الحس لا من النقل ، ولقد عجبت لرجل أندلسي يقال له ابن عبد البر صنف كتاب التمهيد فذكر فيه حديث النزول إلي السماء الدنيا فقال : هذا يدل علي أن الله تعالي علي العرش ؛ لأنه لولا ذلك لما كان لقوله "ينزل" معني ، وهذا كلام جاهل بمعرفة الله عز وجل ؛ لأن هذا استسلف من حسه ما يعرفه من نزول الأجسام فقاس صفة الحق عليه .

فأين هؤلاء واتباع الأثر ، ولقد تكلموا بأقبح ما يتكلم به المتأولون ، ثم عابوا المتكلمين .

واعلم أيها الطالب للرشاد ، أنه قد سبق إلينا من العقل والنقل أصلان راسخان ، عليهما مر الأحاديث كلها ، أما النقل فقوله سبحانه وتعالي (ليس كمثله شيء) ، ومن فهم هذا لم يحمل وصفا له علي ما يوجبه الحس . وأما العقل فإنه قد علم مباينة الصانع للمصنوعات ، واستدل علي حدوثها بتغيرها ، ودخول الانفعال عليها ، فثبت له قدم الصانع ، واعجبا كل العجب من راد لم يفهم ! أليس في الحديث الصحيح أن الموت يذبح بين الجنة والنار ؟ أو ليس العقل إذا استفتي في هذا صرف الأمر عن حقيقته لما ثبت عنده من يفهم ماهية الموت ، فقال : الموت عرض يوجب بطلان الحياة ، فكيف يمات الموت ؟ فإذا قيل له فما تصنع بالحديث ؟ قال هذا ضرب مثلا بإقامة صورة ليعلم بتلك الصورة الحسية فوات ذلك المعني . قلنا له : فقد روي في الصحيح (تأتي البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان) فقال : الكلام لا يكون غمامة ، ولا يتشبه بها ، قلنا له : أفتعطل النقل ؟ قال : لا ، ولكن يأتي ثوابهما . قلنا : فما الدليل الصارف لك عن هذه الحقائق ؟ فقال : علمي بأن الكلام لا يتشبه بالأجسام والموت لا يذبح ذبح الأنعام ولقد علمتم سعة لغة العرب . ما ضاقت أعطانكم من سماع مثل هذا ، فقال العلماء : صدقت ، هكذا نقول في تفسير مجيء البقرة ، وفي ذبح الموت ، فقال واعجبا لكم ، صرفتم عن الموت والكلام ما لا يليق بهما ، حفظا لما علمتم من حقائقهما ، فكيف لم تصرفوا عن الإله القديم ما يوجب التشبيه له بخلقه ، بما قد دل الدليل علي تنزيهه عنه ؟ فما زال يجادل الخصوم بهذه الأدلة ، ويقول : لا أقطع حتى أقطع ، فما قَطع حتى قُطع ..(10)

قلت : وهذه الفرقة التي تحدّث عنها ابنُ الجوزى هي التي تمثلها السلفية المعاصرة ، وهي لم تنشأ في ظروف راهنة ، ولأسباب عصرية ، بل تضرب بجذورها في التاريخ الإسلامي ، والعجيب أنها لم تطور أفكارها منذ القرون الأولي وإلي يومنا هذا ، في النسق العام والملامح الكلية والخطوط الرئيسية . وقد وجدت هذه الحركة بمسميات مختلفة فكانوا يسمون الحنابلة تمييزا لهم عن الأشاعرة والماتريدية من أهل السنة ، وبعد مجيء ابن تيمية نسبوا أنفسهم لأهل السنة وقصروا اللفظ عليهم ، وإلا ففي كتب التاريخ والتراجم قبل ابن تيمية دائما ما يُذكر الحنابلة في مقابل الأشاعرة ، لكن بعد ذلك وجدنا من يقول أهل السنة في مقابل الأشاعرة وأخرج الأشاعرة بالكلية من أهل السنة وهذا قمة التزييف وذروة التحريف . وسموا بالوهابية بعد مجيء الشيخ المصلح محمد بن عبد الوهاب ، وفي عصرنا ينعتون أنفسهم بالسلفية ، وهم فرق شتى ومناهج كثيرة .

وفي كل عصر نبذهم المجتمع لشذوذهم الفكري ، وانطوائهم العقدي ، وليس في زماننا فحسب .

قال ابن كثير في تاريخه: وكان العزيز صاحب مصر قد عزم في هذه السنة علي إخراج الحنابلة من بلده ويكتب إلي بقية إخوته بإخراجهم من البلاد وشاع ذلك عنه وذاع وسُمع ذلك منه وصرح به ..(11)

قلت: ولو كان الحنابلة يلقون قبول الأمة أو كانوا أكثرية ما أمكن العزيز أن يفكر في ذلك . ولو كانوا أهل السنة وحدهم دون غيرهم فهل يعقل أن يتم طردهم من البلاد ؟ وهل سيرضي العلماء بذلك ؟ بل إن التاريخ يحدثنا أنهم كانوا أصحاب مذاهب شاذة عن علماء الأمة .

يقول ابن كثير: وفي هذه السنة وقعت فتنة بدمشق بسبب الحافظ عبد الغني المقدسي ، وذلك أنه كان يتكلم في مقصورة الحنابلة بالجامع الأموي فذكر يوما شيئا من العقائد . فاجتمع القاضي محي الدين بن الزكي وضياء الدين الدولعي بالسلطان المعظم والأمير برغش ، فعُقد له مجلسا فيما يتعلق بمسألة الاستواء علي العرش والنزول والحرف والصوت ، فوافق النجم الحنبلي بقية الفقهاء واستمر الحافظ علي ما يقوله لم يرجع عنه ، واجتمع بقية الفقهاء وألزموه بإلزامات شنيعة لم يلتزمها .

حتى قال الأمير برغش: كل هؤلاء علي ضلالة وأنت وحدك علي الحق ؟

قال: نعم ، فغضب وأمر بنفيه من البلد ..اه ..(12)

فمن العجب أن الحافظ عبد الغني يحسب نفسه علي الحق وأن الفقهاء قاطبة والمحدثين جميعا وأعيان الأمة وفحول أهل العلم علي باطل ، وهذا داء نفساني أُصيبت به هذه الفئة في كل العصور والأزمان ، الأحرى أن يدرس من قبل علماء النفس والاجتماع .

وهذا دليل لنا أنهم كانوا قلة في كل زمن وأن الأمة بسوادها الأعظم اعتنقت منهج الأشعري رحمه الله. فليس من المستساغ إذن أن يُتهم الإخوان بأنهم أشاعرة أو يُتهم حسن البنا بأنه أشعري قُح ، فليست بسبة بل هو شرف كبير وأي شرف .


بيان موافقة المنهج الإخواني العقدي لمنهج سلف الأمة

والإخوان المسلمون موافقون بمذهبهم الفقهي ومنهجهم الفكري وانتمائهم العقدي ، لمنهج سلف الأمة وصدرها الأول .

وكي لا يكون كلامنا كلاما تنظيريا مجردا نؤثر أن ندلل عليه ببراهين وشواهد .

روي الإمام مسلم بسنده إلي معاوية بن الحكم السلمي قال : كانت لي جارية ترعي غنما لي قبل أحد فاطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها وأنا رجل من بني آدم فصككتها صكة فأتيت رسول الله صلي الله عليه وسلم فعظم ذلك عليّ فقلت أفلا أعتقها ؟ قال "ائتني بها" ، فأتيته بها فقال لها : أين الله ؟ قالت في السماء ، قال : من أنا ؟ قالت : أنت رسول الله ، قال : اعتقها فإنها مؤمنة .

قال النووي في شرح مسلم : هذا الحديث من أحاديث الصفات وفيها مذهبان:

  • أحدهما: الإيمان به من غير خوض في معناه مع اعتقاد أن الله تعالي ليس كمثله شيء وتنزيهه عن سمات المخلوقات.
  • والثاني : تأويله بما يليق . فمنْ قال بهذا قال : كأنّ المراد امتحان الجارية ، هل هي موحدة تقر بأن الخالق المدبر الفعال هو الله وحده ؟ وهو الذي إذا دعاه الداعي استقبل السماء ؟ كما إذا صلي المسلم استقبل الكعبة ، ليس ذلك لأنه منحصر في السماء كما أنه ليس منحصرا في جهة الكعبة ، بل ذلك لأن السماء قبلة الداعين كما أن الكعبة قبلة المصلين .

أو هي من عبدة الأوثان التي بين أيديهم ؟ فلما قالت : في السماء علم أنها موحدة وليست عبادة للأوثان ، انتهي ..(13)

ويقول الإمام العلامة أبو عبد الله الآبي : أراد معرفة ما يدل علي إيمانها لأن معبودات الكفار من صنم ونار بالأرض ، وكل منهم يسأل حاجته من معبوده .

والسماء قبلة دعاء الموحدين فأراد كشف معتقدها وخاطبها بما تفهمه فأشارت إلي الجهة التي يقصدها الموحدون ، ولا يدل ذلك علي جهته ولا انحصاره في السماء كما لا يدل التوجه إلي القبلة علي انحصاره في الكعبة وقيل إنما سألها بأين عما تعتقده من عظمة الله تعالي ، وإشارتها إلي السماء إخبار عن جلاله تعالي في نفسها ..(14)

وفي شرح مسلم للنووي ، قال النووي : وقال الماوردى وأصل الكرسي العلم ..(15)

وروي البخاري ومسلم بسندهما عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (لما قضي الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي غلبت غضبي) .

قال الإمام العراقي في طرح التثريب: وقوله فهو عنده فوق العرش لابد من تأويل ظاهر لفظه عنده لأن معناه حضرة الشيء والله تعالي منزه عن الاستقرار ، والتحيز ، والجهة ، فالعندية ليست من حضرة المكان بل من حضرة الشرف أي وضع ذلك الكتاب في محل معظم عنده .

قال المازري : غضب الله ، ورضاه يرجعان إلي إرادته لإثابة المطيع ، ومنفعة العبد ، وعقاب العاصي ، وضرر العبد فالأول منهما يسمي رحمة ، والثاني يسمي غضبا ، وإرادة الله سبحانه قديمة أزلية بها يريد سائر المرادات فيستحيل فيها الغلبة والسبق وإنما المراد هنا متعلق الإرادة من النفع والضر فكان رفقه بالخلق ونعمه عندهم أغلب من نقمه وسابقة لها وإلي هذا يرجع معني الحديث ..(16)

وهكذا تجد كبار القوم من المفسرين والمحدثين والفقهاء ينقلون كلام الأشاعرة ويقرونه ويعتمدونه ويبنون عليه أقوالهم ، وقد نقلنا لك وشل من بحر وقليل من كثير .

وتجد الحافظ ابن كثير ينقل عن الشيخ أبي الحسن الأشعري وينسبه لأهل السنة ولم ينقل غيره في تفسيره لسورة يوسف آية 109 ، وكذلك في تفسير سورة الإسراء آية 15 . وينقل النووي عن الأشاعرة في لب مسائل العقيدة ولم ينقل عن غيرهم في شرح مسلم 17/71 ، 1/94 ، 14/175 ، وينقل الشوكاني كلامهم في العقيدة ويعتمده ولا يعتمد سواه بل ولا ينقل سواه في نيل الأوطار 1/318 ، 1/319 ، 8/583 كتاب الأقضية والأحكام ، ط/ دار الحديث بالقاهرة .

وبناء علي ذلك فكان حسن البنا في رسالته العقدية التي صنفها ، وتلك التي أراد أن يتشربها أصحابه ، كان موافقا لأهل السنة من الأشاعرة في أقوالهم ومنهجيتهم (17) ، ولم يبتدع عقيدة محدثة ، كما دللنا لك بأقوال علماء الأمة ونحاريرها ، وبهذا فدعوة الإخوان ومرجعيتهم العقدية مرجعية سلفية محضة خالصة لا تشوبها شائبة ، ولا يفوتنا أن نقول بأنَّ عدمَ الإِذعان للمظلة الأشعرية هو بمثابة تضليل لعلماء الأمة وسلفها وخلفها من طنجا إلي جاكرتا ومن غانا إلي فرغانا علي مر العصور وتعاقب الأزمان واختلاف الأجيال ، فإذا كان النووي وابن الصلاح وابن حجر والسبكي والبلقيني والعراقي والعز بن عبد السلام والكمال بن الهمام والسيوطي وأساتذتهم وتلامذتهم وغيرهم قديما وحديثا ، إذا كان هؤلاء أشاعرة فهم جمهرة الأمة وسوادها الأعظم بداهة ، ومن شذ عن معتقدهم كان مجانبا للصواب .

وقد سألت شيخنا العلامة المحدث أسامة السيد الأزهري عن العلماء الأشاعرة ، فقال لي كل علماء الأمة أشاعرة والسؤال يكون مَنْ من العلماء ليس بأشعرى ، وكذلك سُئِل عن مصنف يضم طبقات الأشاعرة وتراجمهم فقال : إذن نترجم للأمة قاطبة .


معالجة الإمام البنا للخلافات العقدية

وقد عالج الإمام البنا الخلافات العقدية التي كانت سببا في تفريق الأمة وتشتيت جهودها ، بطريقة حكيمة ، وبرؤية بصير وتجربة محنك خبير .

يقول رحمه الله: إلي هنا وضح أمامك طريقا السلف والخلف ؛ وقد كان هذان الطريقان مثار خلاف شديد بين علماء الكلام من أئمة المسلمين ، وأخذ كل يدعم مذهبه بالحجج والأدلة ، ولو بحثت الأمر لعلمت أن مسافة الخلف بين الطريقين لا تحتمل شيئا من هذا لو ترك كل منهما التطرف والغلو ، وأن البحث في مثل هذا الشأن ، مهما طال فيه القول ، لا يؤدي في النهاية إلا إلي نتيجة واحدة ، هي التفويض لله تبارك وتعالي ..(18)

ويقول رحمه الله: وهو خلاف لا يستحق ضجة ولا إعناتا ..(19)

ويقول رحمه الله في التقريب بين الأقوال المختلفة: وخلاصة هذا المبحث أن السلف والخلف قد اتفقا علي أن المراد غير الظاهر المتعارف بين الخلق ، وهو تأويل في الجملة ، واتفقوا كذلك علي أن كل تأويل يصطدم بالأصول الشرعية غير جائز ، فانحصر الخلاف في تأويل الألفاظ بما يجوز في الشرع ، وهو هين كما تري ، وأمرٌ لجأ إليه بعض السلف أنفسهم ، وأهم ما يجب أن تتوجه إليه هموم المسلمين الآن توحيد الصفوف ، وجمع الكلمة ما استطعنا إلي ذلك سبيلا ، والله حسبنا ونعم الوكيل ..(20)

وموقف الإمام البنا هنا في جمع الكلمة وتوحيد الصف يُذكرك بموقف حجة الإسلام "أبو حامد الغزالي" الذي صنف كتابه "إلجام العوام عن علم الكلام" ، وطلب أن تظل هذه الخلافات بين العلماء من أهل الفن وألا تكون محلّ بحث من العوام والدهماء .

وهكذا كان علماء الإخوان وتلامذة الإمام ومريدوه ، علي نفس النهج ، وذات الفهم .

يقول الشيخ العلامة الفقيه الموهوب محمد الغزالي تلميذ الإمام الشهيد حسن البنا: ولا أحسب أمة تحتاج إلي وحدة الأفكار والمشاعر مثل هذه الأمة الإسلامية .

فإذا نشب خلاف علي شيء ما فإن تحويل هذا الخلاف من الأدمغة المفكرة إلي صفوف الأمة ، يُعدّ جريمة في حق الله ورسوله وجماعة المسلمين .

يقول الأستاذ الجليل المشير "أحمد عزت باشا" معلقا علي الخلافات الناشبة في علم الكلام: ( كانت هذه الخلافات في الأصل مما لا ينبغي أن يتجاوز حدود المناظرة المنطقية والعلمية والفنية ، ولكنا أقحمنا الله عز وجل في مناقشاتنا التي لا معني لها . فحاول كل فريق منا إسناد الكفر والإلحاد إلي الفريق الآخر ، فقلبنا الخلاف البدائي خصومة دينية لا تهدأ .

فاختلاف الجهمية والمعتزلة نشأ –في أصله- عن التعبير بأن العبد خالق لفعله ، بدل التعبير بأنه فاعل لفعله ، وعن تصور الاستقلال التام في الإرادة البشرية .

وهذه العقيدة –خطأ كانت أو صوابا- صالحة لتكون موضع مناقشة علمية يستطيع فيها الطرفان مناقضة بعضهما بعضا ونقده ، بل استجهاله واستحماقه ! ولكن المسألة لم تقف عند هذا الحد .

فقالت القدرية: إن عدم القول بعقيدتنا يعني إسناد الظلم إلي الله في عذاب الآخرة .

وقال معارضوهم: إنكم تنكرون عموم القدرة والإرادة الإلهية ، وهذا كفر ..

نشأ أولا هذا الخلاف ، ثم توسع علي مرور الزمن ، حتى تولدت منه مبادئ غريبة غير معقولة ..). والولع بالخلاف سرى حتى ضم إلي العقائد أمورا مضحكة .

فهناك خلاف بين المعتزلة وأهل السنة علي حقيقة السحر ، وعلي تكون السحب ، فأي خلط هذا ؟!

وبين المسلمين اليوم نزاع يفصم وحدتهم حول ما دار بين علي بن أبي طالب وغيره من الصحابة في مسائل الخلافة .

فهل علي وجه الأرض أمة تجتر ماضيها السحيق لتلوك منه خلافات قاسية كهذه الأمة ؟

ولماذا نقحم هذه الأمور إقحاما في شئون العقيدة ؟

ولماذا لا تبقي في نطاق الذكريات التاريخية التي تدرس كأي تاريخ لتؤخذ منه العبرة فحسب ؟

وما صلة الإيمان بالله واليوم الآخر بحكمنا : إن هذا أصاب ، وهذا أخطأ ، والله يقول (تلك أمة خلت قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون) .

وأني لأقرأ في صحفنا الدينية اليوم نزاعا بين أتباع السلف والخلف –كما أسموا أنفسهم- وأسمع ألفاظ الكفر تتبادل بينهم كما تتبادل الكرة أرجل اللاعبين فأهز رأسي عجبا !

إن أعراض المرض لا تزال تعرو الأمة المنهوكة ، وما تزال بحاجة إلي عناية الراشدين المخلصين من الأطباء الماهرين . وقد استقرت رواسب هذا الخلاف الطائش في أذهان العامة ثم سيطرت علي سلوكهم بعدما أخذوا أسوأ ما فيها ، ورفضوا أفضل ما فيها ..(21)

وهكذا كانت فلسفة الأستاذ البنا وهكذا كانت فلسفة مدرسة الإخوان المسلمين في تجاوز الخلافات ، وتوحيد الجهود ، ورأب الصدع ، وكيف لا ، وقد استطاعت أوربا بعد قتال عنيف وسفك للدماء وانتهاك للأعراض ، وحروب مفتوحة بين البروتستانت والكاثوليك ، استطاعت أن تتوحد تحت لواء موحد سياسي واقتصادي ، ونحن أبناء دين واحد ولغة واحدة ، أفنترك الخلافات تنخر في جسد الأمة المنهك ؟ وتعبث في قلبها المريض ؟!

فما أحوجنا لتضافر الجهود ، وتنقية القلوب ، وما أحوجنا كذلك لفهم فلسفة الأئمة الأعلام ، في قبول الآخر ، وفهمه ، وتحليل منهجه ، وإدارة الخلافات الناشئة فقهية كانت أو عقدية .


المراجع

(0) شرح النووي علي مسلم 1/153 ط/ الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية .

(1) انظر : ماذا يعني انتمائي للدعوة – الأستاذ محمد عبده .

(2) انظر المرجع السابق .

(3) انظر : جولات في الفقهين الأكبر والكبير لسعيد حوي ص22 ، 66 .

(4) انظر : بعض ما علمني الإخوان للتلمساني ص17 .

(5) انظر حوار الأستاذ يوسف ندا مفوض العلاقات الدولية بجماعة الإخوان المسلمين بموقع جريدة المصري اليوم الاثنين 15 نوفمبر 2010م .

(6) قلت : والقولان للأشعرية ، وقد استحسنهما علماء الإسلام شرقا وغربا قديما وحديثا ، إلا أن نبتة شاذة قد ضللت هذين الرأيين وأتوا بثالث لا سلف له ولا خلف ، كما سيأتي بالتفصيل بعد قليل .

(7) والأستاذ البنا رحمه الله يُقر هذا الرأي وينسبه للسلف وهو التفويض والإمرار ، وهو مذهب صناديد أهل العلم ونحارير الأمة كما سيأتي .

(8) أي أن الخلاف بينهما خلاف لفظي ، لا يوجد عند الاستقراء التام ، ونعني بالخلاف اللفظي بين الرأيين الذي يقول أحدهما بالتفويض الكلي أي الإمرار ، وبين من يؤول في سياق اللغة والضوابط ، أما هؤلاء الذين يثبتون هذه الألفاظ في جنب الله وإن قالوا بمعني يليق به فليس لهم سلف ولا خلف ، كما سيتقرر بعد قليل .

(9) رسائل الإمام البنا 422 وما بعدها ، ط/ العلمية للتراث 2002م .

(10) صيد الخاطر لأبي الفرج ابن الجوزى ص61 وما بعدها ، تحقيق وعناية الشيخ العلامة محمد الغزالي ، ط2/ نهضة مصر 2008م .

(11) البداية والنهاية لابن كثير 13/17 ، ط/ دار الحديث بالقاهرة .

(12) البداية والنهاية لابن كثير 13 / 19 .

(13) انظر : الجانب الإلهي في فكر الإمام الغزالي ، دكتور طه حبيشي ، 106 ، ط/ مكتبة رشوان .

(14) شرح مسلم للأبي 2/241 ، نقلا عن الجانب الإلهي في فكر الإمام الغزالي 106 .

(15) شرح مسلم للنووي 1/94 .

(16) طرح التثريب في شرح التقريب للإمام العراقي 8/75 وما بعدها ، ط1/ دار الكتب العلمية بيروت 2000م .

(17) المنهج : هو مجموعة من القواعد العامة المصوغة من أجل الوصول إلي الحقيقة في العلم ، والمنهجية هي تطبيق هذه القواعد في العمل القائم .

انظر : المنطق ومناهج البحث للدكتور حسن الشافعي والدكتور السيد رزق حجر ، 117 وما بعدها ، ط/دار الهانى للطباعة والنشر 2010م .

(18) انظر : رسائل الإمام البنا 424 .

(19) المرجع السابق 425 .

(20) المرجع السابق 426 .

(21) عقيدة المسلم ، ص8 ، محمد الغزالي ، ط/ دار الكتب الإسلامية .

(*) هو عبد المنعم أحمد إبراهيم تعيلب ، صاحب التفسير المسمي فتح الرحمن في تفسير القرآن المطبوع بدار السلام في القاهرة ، وهو تفسير لا يخلو من فائدة صنفه في عشر سنوات ، ولد الشيخ تعيلب في مارس 1921م وتخرج من كلية أصول الدين وحصل منها علي درجة العالمية في التفسير ، والشيخ معروف بانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين منذ صغره ولذلك شيع جنازته آلاف من الخلق .

انظر : تاريخ البلاد وتراجم العباد لمحمد السيد الصياد ، وفيات سنة 2010م .

(**) والشيخ القرضاوي أشعري لا غبار في ذلك ، ففي محاضرة له بمسجد رابعة العدوية بالقاهرة سُئل عن العقيدة الأشعرية فقال ما ملخصه بأنها عقيدة الأمة قديما وحديثا ، وبأن الأزهر والقيروان والزيتونة وغيرها من معاهد العلم في شرق العالم الإسلامي وغربه أشعرية ، وما سواها من عقيدة إنما هي محصورة في أجزاء من أرض الحجاز ، بل إن جامعات ومعاهد علمية في المملكة تتبني المذهب الأشعري ، فسواد الأمة الأعظم يعتمد المنهج الأشعري .

وقدّم القرضاوي كتاب "القول التمام في إثبات التفويض مذهبا للسلف الكرام" للسيد سيف علي العصري ط/ دار البشائر ، وهو ينصر المذهب الأشعري بحجج دامغة .

ولا يفوتنا أن القرضاوي تتلمذ علي علماء كبار في أروقة المذهب الأزهري الأشعري ، فقد كان المشرف علي رسالته للدكتوراه الدكتور عبد الوهاب البحيري وهو من مشايخ عبد الفتاح أبو غدة ، وتلقي القرضاوي أيضا علي الشيخ محمد علي أحمدين ، كما حدثني شيخنا العلامة المحدث أسامة السيد الأزهري . قلت : والبحيرى وأحمدين من السادة الأشاعرة كما هو معلوم .

(***) انظر : تاريخ الفلسفة في الإسلام 87 ، 279 ، دي بور ، ترجمة محمد عبد الهادي أبو ريدة ، ط/ الهيئة المصرية العامة للكتاب 2010م ، تاريخ فلاسفة الإسلام 67 ، د/ محمد لطفي جمعة ، ط2/ الهيئة المصرية العامة للكتاب 2008م .


للمزيد عن الإخوان والعقيدة

كتب متعلقة

ملفات ورسائل متعلقة

مقالات متعلقة

مقالات متعلقة

وصلات فيديو