الإخوان المسلمون من النشأة إلى الحل...الحلقة الخامسة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون من النشأة إلى الحل : الحلقة الخامسة

بقلم / الشيخ محمد الأمين بن الشيخ بن مزيد


مقدمة

لإمام حسن البنا في أحد المظاهرات

ما دور الإخوان المسلمين في النضال السياسي ضد الأنظمة الفاسدة ؟ وما دورهم في النضال الوطني ضد الاحتلال البريطاني ؟ وكيف شعر سفراء الدول الكبرى بخطورة هذه الهيئة على خططهم الاستعمارية ؟ وكيف أصدروا أوامرهم بحل هذه الهيئة ؟ و ما المبررات التي تذرعت بها حكومة النقراشي باشا لحل هيئة الإخوان المسلمين ؟ وكيف فنَّد البنا هذه المبررات ؟

الإجابة على هذه الأسئلة تقرؤها بإذن الله تعالى في هذه الحلقة

لخص الشيخ حسن البنا نشاط الإخوان المسلمين فيما قبل الحرب العالمية الثانية فقال :

وقد كان نشاط الدعوة في هذه الفترة ينتظم هذه الأنواع الآتية:
1- المحاضرات والدروس في الدور والمساجد وتأسيس درس الثلاثاء.
2- إصدار رسالة المرشد العام عددين فقط ثم مجلة الإخوان المسلمين الأسبوعية أولا وثانيا ، وفي أثناء ذلك مجلة النذير لسنتين من أول عهدها .
3- إصدار عدد من الرسائل والنشرات.
4- إنشاء الشعب في القاهرة ، وزيادة شعب الأقاليم ، ونشر الشعب في الخارج .
5- تنظيم التشكيلات الكشفية والرياضية.
6- تركيز الدعوة في الجامعة و المدارس وإنشاء قسم الطلاب ، والانتفاع بجهود الأزهر الشريف : علمائه وطلابه .
7- إقامة عدة مؤتمرات دورية للإخوان في القاهرة والأقاليم .
8- المساهمة في إحياء الأحفال الإسلامية والذكريات المجيدة في القاهرة والأقاليم كذلك.
9- المساهمة في نصرة القضايا الإسلامية الوطنية وبخاصة قضية فلسطين .
10- تناول الناحية الإصلاحية السياسية والاجتماعية بالبيان والإيضاح والتوجيه ، وكتابة المذكرات والمقالات والرسائل بهذا الخصوص .
11- المساهمة في الحركات الإسلامية كحركة مقاومة التبشير ، وحركة تشجيع التعليم الديني .
12- مهاجمة الحكومات المقصرة إسلاميا ، ومهاجمة الحزبية ، والدعوة في وضوح إلى المنهاج الإسلامي ، وتأليف اللجان لدراسات فنية في هذه النواحي .

وقد قرر الإخوان المسلمون في مؤتمرهم العاشر المنعقد في 28/8/1946 القرارات التالية:

الإمام حسن البنا يخطب في جموع الإخوان
1) يعلن المجتمعون أن الإخوان المسلمين ليسوا حزبا غايته الوصول إلى الحكم ، ولكنهم هيئة تعمل لتحقيق رسالة إصلاحية شاملة ، ترتكز على تعاليم الإسلام الحنيف ، وتتناول كل نواحي الإصلاح الديني والسياسي والاجتماعي ، وتسلك إلى كل ناحية الطريق القانوني شكلا وموضوعا .
2) يقر المجتمعون أن الوضع الاجتماعي في مصر أمام التطورات العالمية والضرورات الاقتصادية وضْعٌ فاسدٌ لا يُحتمَل ُولا يُطَاق ، وأن على المركز العام أن يعلن برنامجه المفصل لإصلاح هذا الوضع .
3) إعلان فشل المفاوضات.
4) إعلان بطلان معاهدة 1936.
5) مطالبة الحكومة البريطانية بسحب قواتها وجندها من أرض وادي النيل ، ومائه وهوائه في مدة أقصاها : عام واحد من تاريخ الطلب .
6) رفض أية محاولة أو معاهدة قبل أن يتم الجلاء.
7) يقرر المجتمعون أن الحكومة المصرية إذا لم تخط هذه الخطوات خلال الشهر القادم على الأكثر ، فإن الأمة تعتبرها متضامنة مع الغاصبين ، في الاعتداء على استقلال الوطن وحريته ، وتجاهدها معهم سواء بسواء .

وكانت نهايةُ الحرب العالمية الثانية بداية صراع وطني ضد بريطانيا ، وقد دعا الإخوان المسلمون إلى مؤتمر شعبي يعقد بالقاهرة ، وفي سبعة مراكز رئيسية في الأقاليم ، في بداية أكتوبر لمناقشة القضية الوطنية ولتحديد وصياغة المطالب .

وفيما بين بداية مناقشة المسألة الوطنية ورحيل صدقي إلى لندن ، كانت الحركة الوطنية قد انتقلت من مرحلة الإصرار على شروط محدودة للتفاوض ، إلى مرحلة الرفض الكامل لأية مفاوضات قبل إتمام الجلاء أولا ، وقد أرسل الشيخ حسن البنا خطابا إلى الملك ، وإلى صدقي ، مناديا بدعوة الأمة إلى الجهاد ، ومُقاطعةِ انجلترا اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا .


رسالة إلى شعب وادي النيل

ا
الإمام البنا يتحدث للإذاعة بإسم اتحاد وادى النيل

وفي رسالة إلى شعب وادي النيل أعلن محذرا :

إن حكومة صدقي باشا في إصرارها على إجراء المفاوضات لا تمثل إرادة الأمة ، وأيُّ معاهدة أو اتفاق تتوصَّل إليه مع بريطانيا قبل أن يتم إجلاء قواتها هو إجراء باطل ، ولن يلزم الأمة .
وفي اليوم السابق على رحيل صدقي إلى انجلترا أكد الإخوان هذا التحذير بدعوتهم إلى مظاهرات ضخمة في جميع أنحاء البلاد ، وقد حصلت جريدة الإخوان على بعض النصوص الهامة للمعاهدة التي أطلق عليها اسم (معاهدة صدقي بيفن) فقادت حملةً شعواء ضد هذه المعاهدة .
وقد عاد صدقي في 25 اكتوبر ليقدم استقالته إلى فاروق لتنتهي وزارته وتجيء وزارة محمود فهمي النقراشي


شارة الجلاء

قامت لجنة الدفاع عن وادي النيل بالمركز العام للإخوان ، بطبع وعمل عدة ملايين من شارة لها طابع خاص ، لونها أحمر ، وعلى شكل قلب ، مكتوب في وسطها كلمة (الجلاء) .

وقام شباب الإخوان في جميع البلاد من أسوان إلى الإسكندرية ، بتوزيع هذه الشارات على جميع أفراد الشعب على اختلاف طبقاته ... وخرجت الأمة في يوم واحد وهي تحمل هذه الشارة في إجماع رائع مثير . وقد أصدر الإخوان بيانا يطالبون فيه بعدم التعامل مع الإنجليز ، فقامت المؤسسات بشطب اللافتات المكتوبة باللغة الإنجليزية . حرق الكتب الإنجليزية وقد قام الإخوان يوم 25/11/1946 في كل الأقاليم بجمع الكتب والصحف الإنجليزية وحرقها في الميادين الكبيرة.


ممثل الإخوان في الأمم المتحدة

وقد أعلن النقراشي في 25/1/1947) اعتزامه عرض المشكلة المصرية على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وكان الإخوان قد دعوا إلى ذلك من قبل ، وقد قرروا إرسال ممثلهم مصطفي مؤمن مع النقراشي وتجول مصطفى مؤمن في الولايات المتحدة ، وخطب من أجل القضية المصرية ، وأسمع صوته للأمم المتحدة نفسها .

وفي 22/8/1947 ألقى خطبة ملتهبة من شرفة الزوار ،وأشهر وثيقة موقعة بدماء الطلاب تستنكر المفاوضات ، وتطالب بالجلاء التام، وبالتوحيد الكامل لوادي النيل ، وقد قام مصطفى مؤمن بمظاهرة خارج مبنى الأمم المتحدة ، بمساعدة من نقابة عمال البحرية بنيويورك ، التي كان من أعضائها بعض المصريين .

وعاد النقراشي ليستقبله الإخوان استقبالا حافلً.


الإخوان المسلمون في حرب فلسطين

الإمام البنا يستعرض كتائب الإخوان فى حرب فلسطين


وقد شارك الإخوان في حرب فلسطين فقد أصدر الشيخ حسن البنا أوامره في اكتوبر 1947 لشعب الجماعة ببدء الاستعداد للجهاد .


وكان الشيخ حسن البنا يعتقد أن قتال اليهود ينبغي أن يتولاه المتطوعون والفلسطينيون أنفسهم ، وأن الحكومات لا ينبغي أن تشارك إلى أبعد من حدود الدعم الدبلوماسي .


وفي إبريل 1948 أرسلت الكتيبة الأولى من المتطوعين.


المحنة والحل

عبد الرحمن عمار صاحب مذكرة حل الإخوان عام 1948م

في 10/11/1948 اجتمع سفراء انجلترا وأمريكا وفرنسا في فايد ، وقرروا اتخاذ الإجراآت اللازمة بواسطة السفارة البريطانية لحل جمعية الإخوان المسلمين وأرسلت هذه الإفادة إلى رئيس المخابرات في 13/11/1948

وبعد ذلك بأقل من شهر صدر الأمر العسكري رقم (63) لسنة 1948 بتاريخ الأربعاء 7 صفر 1368 الموافق 8/12/1948 بحل جمعية الإخوان المسلمين وجميع شعبها .

وقبل إذاعة هذا القرار كان البوليس قد حاصر جميع شعب الإخوان ، واستولى على جميع ممتلكاتهم في أنحاء بلاد القطر المصري . وفي نفس الوقت تم القبض على الآلاف من الإخوان، حتى تجاوز المقبوض عليهم الخمسين ألفا من ، وقد صدرت الأوامر إلى قوات الإخوان المسلمين في فلسطين بالعودة إلى المعسكرات في ليلة 8 ديسمبر 1948 وفي الصباح التالي وجدوا أنفسهم محاطين بقوات من الجيش المصري ، ثم تم إبلاغهم بقرار حل الجماعة .

وقد كانت المادة الأولى من قرار الحل تقول :

" تحل فورا الجمعية المعروفة باسم جماعة الإخوان المسلمين بشعبها في جميع أنحاء المملكة المصرية ، وتغلق الأمكنة المخصصة لنشاطها ، وتضبط الأوراق والوثائق والسجلات والمطبوعات والمبالغ والأموال ، وعلى العموم كافة الأشياء المملوكة للجمعية .
ويحظر على أعضاء مجلس إدارة الجمعية المذكورة وشعبها ومديريها وأعضائها و المنتمين إليها بأية صفة كانت مواصلةُ نشاط الجمعية ، وبوجه خاص عقدُ اجتماعات لها أو لإحدى شعبها ، أو تنظيم مثل هذه الاجتماعات ، أو الدعوة إليها ، أو جمع الإعانات أو الاشتراكات ، أو الشروع في شيء من ذلك ، ويـُعد من الاجتماعات المحظورة في تطبيق هذا الحكم اجتماعُ خمسة فأكثر من الأشخاص الذين كانوا أعضاء بالجمعية المذكورة .
كما يحظــر على كل شخص طبيعي أو معنوي السماح باستعمال أي مكان تابع له لعقد مثل هذه الاجتماعات ، أو تقديم أية مساعدة مادية أو أدبية أخرى.

وجاء في المذكرة التفسيرية التي وقعها وكيل الداخلية عبد الرحمن عمار ما يلي :

" تألفت منذ سنوات جمعية اتخذت لنفسها اسم " الإخوان المسلمين " وأَعلنت على الملإ أن لها أهدافا دينية واجتماعية ، دون أن تحدد لها هدفا سياسيا معينا ترمي إليه ، وعلى هذا الأساس نشطت الجمعية وبثت دعايتها ، ولكن ما كادت تجد لها أنصارا ، وتشعر بأنها اكتسبت شيئا من رضا بعض الناس عنها ، حتى أسفر القائمون علي أمرها عن أغراضهم الحقيقية ، وهي أغراض سياسية ترمي إلى وصولهم إلى الحكم ، وقلب النظم المقررة في البلاد .
وقد اتخذت هذه الجماعة – في سبيل الوصول إلى أغراضها طرقا شتى يسودها طابع العنف ، فدرَّبت أفرادا من الشباب أطلقت عليهم اسم الجوالة ، وأنشأت مراكز رياضية تقوم بتدريبات عسكرية مستترة وراء الرياضة .
كما أخذت تجمع الأسلحة والقنابل والمفرقعات وتخزنها لتستعملها في الوقت الذي تتخيره ، وساعدها على ذلك ما كانت تقوم به بعض الهيئات من جمع الأسلحة والعتاد بمناسبة قضية فلسطين ، وأنشأت مجلاتٍ أسبوعيةً ، وجريدة سياسية يومية تنطق باسمها ، سرعان ما انغمست في تيار النضال السياسي ، متغافلة عن الأغراض الدينية والاجتماعية التي أعلنت الجماعةُ أنها قامت لتحقيقها ...

وقد استمر قادةُ الجماعة ورؤساؤها يعالجون الأمور السياسية في خُطبهم وأحاديثهم ونشراتهم جهرةً ، متابعين الأحداث السياسية ، منتهزين كلَّ فرصة تسنح لهم للوصول إلى أغراضهم . وكان بعضُ الموظفين قد استهوتهم الأهدافُ الاجتماعية والدينية التي اتخذتها الجماعة ستارا لأغراضها الحقيقية ، فأصبح موقفهم بالغَ الحرج ، لأن القانون لا يسمح بانتساب الموظفين لأحزاب سياسية!!

كما امتدت دعوة الجماعة إلى أوساط الطلبة ، واجتذبت فريقا منهم ، فأفسدت عليهم أمر تعليمهم ، وجعلت من بينهم من يجاهر بانتسابه إليها ، ويأتمر بأمرها ، فيُحدث الشغبَ ويـُثير الاضطراب في معاهد التعليم ، مما أخل بالنظام فيها إخلالا واضح الأثر .
ولقد تجاوزت الجماعة الأغراض السياسية المشروعة ، إلى أغراض يحرِّمها الدستور وقوانين البلاد ، فهدفت إلى تغيير النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية بالقوة والإرهاب ،ولقد أمعنت في نشاطها فاتخذت الإجرام وسيلة لتنفيذ مراميها -
... لذلك أرى أنه بات من الضروري اتخاذ التدابير الحاسمة لوقف نشاط هذه الجماعة التي تروِّع أمن البلاد ، في وقت هي أحوج ما تكون فيه إلى هدوء كامل ، وأمن شامل ، ضمانا لسلامة أهلها في الداخل ، وجيوشها في الخارج .

وقد أصدر الأستاذ حسن البنا مذكرة ترد على مذكرة وكيل الداخلية وتفند أسباب الحل جاء فيها ما يلي:

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي يقول الحق وهو يهدي السبيل .وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وبعد فقد تقدم سعادة وكيل الداخلية عبد الرحمن بك بمذكرة بتاريخ 8/12/1948 عن تاريخ الإخوان المسلمين وغايتهم ووسيلتهم وطلَبَ في نهايتها "اتخاذ التدابير الحاسمة لوقف نشاط هذه الجماعة التي تروِّع أمن البلاد في وقت هي أحوج ما تكون فيه إلى هدوء كامل وأمن شامل ، ضمانا لسلامة أهلها في الداخل ، وجيوشها في الخارج . "
وقد اتخذ الحاكم العسكري من هذه المذكرة سببا لإصدار الأمر العسكري بحل ما يسميه " جمعية الإخوان المسلمين" ومصادرة أنديتهم وأموالهم وأملاكهم ، ونشاطهم في جميع أنحاء البلاد ، واعتقال رؤسائهم ، وكثير من أعضاء هيئتهم بالجملة في كل مكان ، وإعلان حرب عنيفة لم توجه إلى الصهيونيين الذين شرعت الأحكام العسكرية وأذن بها من أجل اتقاء شرهم .
وإقرارا للحق في نصابه أردت أن أناقش ما جاء في هذه المذكرة ، ليرى الرأيُ العام المصري والعربي والإسلامي تــفاهــةَ هذه الأسباب ، ومدى العدوان الذي وقع على أكبر مؤسسة إسلامية شعبية نافعة في مصر ، أدت للوطن والدين أجلَّ الخدمات طوال عشرين عاما كاملة .

بطلان دعوى الإجرام والإرهاب

المركز العام بالحلمية تحت حصاار الشرطة

يقول وكيل الداخلية في مذكرته :

" ولقد تجاوزت الجماعة الأغراض السياسية إلى أغراض يحرمها الدستور وقوانين البلاد ، فهدفت إلى تغيير النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية بالقوة والإرهاب ، ولقد أمعنت في نشاطها فاتخذت الإجرام وسيلة لتنفيذ مراميها . "

وأخذ سعادته بعد ذلك يستشهد ببعض الحوادث ، ويورد بعض أمثلة قليلة لهذا النشاط الإجرامي ، كما سجلته التحقيقات الرسمية ، وذكر ثلاث عشرة حادثة كلها مردودة ، ولا توصل إلى ما يريده سعادته من إدانة هيئة الإخوان المسلمين ، فإن وسائلهم ظاهرة معروفة ، فهذه المحاضرات والدروس و المعاهد ، والرسائل والصحف ، والمباني والدور ، والمساجد والمنشآت ، ناطقة بأن وسائل هيئة الإخوان المسلمين لم تتعارض مع القانون في يوم من الأيام ، ويكفي للرد على سعادة الوكيل أن القانون حمى هذا النشاط عشرين سنة ، ولم يستطع أحدٌ الاعتداءَ عليه إلا في غيبة القانون ، في ظل الحكم العرفي الاستثنائي الفردي البحت ، والذي ينص الدستور في المادة (155) بأنه إذا عطَّل الحريات فإن ذلك لا يكون إلا تعطيلا مؤقتا ، ينتهي هذا التعطيل بانتهاء الأحكام العرفية ، أما ما عدَّد سعادتـُه من الحوادث فها هي ذي حقيقتها في وضعها الصحيح .

وبعد أن ناقش البنا هذه الحوادث المذكورة حادثة حادثة وبين أنها لا يمكن أن تكون أساسا للإدانة قال :

" ومن هذه المناقشة الهادئة يتضح لكل منصف أن جميع هذه الحوادث العادية الفردية لا يمكن أن تُلَوِّن دعوة الإخوان بهذا اللون - وقد مكثت عشرين عاما صافية نقية - أو تنهض دليلا على أنهم عدلوا عن وسائلهم القانونية ، إلى وسيلة إجرامية ، وبالتالي لا يمكن أن تكون بمفرداتها أو بمجموعها ، وقد حشدتها المذكرة هذا الحشد المقصود ، سببا في هدم بناء إصلاحي ضخم ، جنت منه مصر والبلاد العربية والإسلامية أبركَ الثمرات ، بل إن الدليلَ القاطع الناصع الدامغ ينادي ببراءة الإخوان من هذا الاتهام ، فهذه دورهم وشعبهم ، وأوراقهم وسجلاتهم ، ومنشآتهم قد وضعت كلها تحت يد البوليس في جميع أنحاء المملكة المصرية ، فلم يُـعثـَر فيها على شيء ، فليست هناك ورقةٌ واحدة تصح أن تكون دليلا أو شبه دليل على هذا الانحراف المزعوم ، بل لم تجد الحكومةُ أمامها إلا المدارس تقدمها للمعارف ، والمشافي والمستوصفات تقدمها لوزارة الصحة ، والمصانع والمعامل تقدمها لوزارة التجارة والصناعة ، وكفى بهذا شرفا وإشادة بجهود الإخوان الإصلاحية النافعة لهذا الوطن .

ثم يقول البنا : وبعد فمن تمام الفائدة بعد هذه المناقشة الهادئة أن نتناول بعض هذه النقاط التكميلية بشيء من البيان والتوضيح .