الإخوان المسلمون بين عالم الجاسوسية والتخابر (الحلقة الرابعة)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٨:٤١، ٢٢ يوليو ٢٠١٨ بواسطة Man89 (نقاش | مساهمات) (حمى "الإخوان المسلمون بين عالم الجاسوسية والتخابر (الحلقة الرابعة)" ([تعديل=السماح للإداريين فقط] (غير محدد) [النقل=السماح للإداريين فقط] (...)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون بين عالم الجاسوسية والتخابر (الحلقة الرابعة)


إخوان ويكي

نشاط جهاز المخابرات

بعد أحداث 3 تموز - يوليو 2013م والتي أطاحت بالرئيس المنتخب المدني محمد مرسي، تفجرت قضايا كثيرة عن مخابرات الإخوان، وكتبت مقالات كثيرة، ودشنت كتب عديدة، وتعددت الراويات خاصة التي جسدت هذا الجهاز بالإخطبوط الذي كان يسيطر أو حاول يسيطر على كل مفاصل الأمة، وقرأنا قصص لبعض الصحفيين وصلت لحد الأسطورة والخيال، مع الأخطاء الجسيمة لأحداث التاريخ

فتتبعنا سلسة تاريخ هذا الجهاز ونشأته وأعماله من جميع المصادر والكتب التي تحدثت عنه خاصة في فترات سابقة وقريبة عهد بأعمال النظام الخاص، وحاولت جاهدا أن أتتبع تسلسل هذا الجهاز في وقتنا الحاضر، خاصة مع تفجر قضية أبناء الشاطر والتي اتهم فيها بتكوين خلية لجمع المعلومات أثناء فترة الرئيس مرسي .. لكن اتضحت الصورة بشكل ما أن هذا الجهاز بمعناه الذي بناه حسن البنا لم يعد موجودا بعد أحداث المنشية عام 1954م

لكنه موجود بطريقة غير نظامية داخل الجماعة، لطبيعة الجماعة التنظيمية والتي تعتمد على التنظيم المحكم وتداول المعلومات بين الأفراد والحديث به بينهم في أسرهم التربوية وأعمالهم الإدارية، بالإضافة لبعض الانفتاح الذي حققه شباب الإخوان بالاحتكاك بالأحزاب والجماعات مما جعل المعلومات أمام الجميع سهلة ومتداولة، غير أنه من الملاحظ مدى حرص الإخوان على إخراج معلومة أو تأكيدها خارج نطاق الإخوان طالما لم يسمح بتداولها.

ومن هذه الأعمال التي تمت في عهد البنا:

جمع المعلومات عن اليهود المصريين الموالين للصهاينة

تواجد عدد من اليهود بمصر من فترات طويلة، ونالوا مكانة عالية في السياسة المصرية حتى كان منهم بعض الوزراء مثل يوسف أصلان قطاوى باشا وزير مالية مصر ثم وزير المواصلات و عضو مجلس النواب حتى وفاته، لكن حينما بدأت الحركة الصهيونية تعمل في بسط نفوذها على فلسطين، انضم عدد كبير من يهود مصر لهذه الحركة،فكتب عمر التلمساني يستوضح أمرهم وعلاقتهم بالصهيونية

فقال:

طالما حذَّر الإخوان المسلمون الطائفة اليهودية بمصر من الانغماس في سوءات الصهيونية الشائنة التي تريد إنجلترا أن تفرضها فرضًا على أهل فلسطين، وطالما نبهوهم إلى أن يعرفوا أنهم مصريون قبل كل شيء، وأن غالبية الشعب المصري الساحقة تربطها وأهل فلسطين صلات من الدم والدين واللغة
وأن أي عمل يقوم به يهود مصر مؤازرة لمن يريدون اغتصاب فلسطين من أهلها يعتبر موجهًا إلى المصرين أنفسهم، وما أعتقد أن أقلية ضئيلة وجدت من كرم الوفاء وطيب الإقامة مع أغلبية ساحقة ترضى لنفسها أن تتنكر لهذا الكرم وتجحد هذا الجود، وهذا الفيض من الأموال الذي حصلوا عليه بفضل سماحة خلق المسلمين في مصر. (1)

وخوفا من تحركات اليهود شكل جهاز مخابرات الإخوان لجمع المعلومات عنهم. وفقا لما ذكره عادل كمال بقوله:

قام النظام الخاص بعملية حصر وجرد لليهود بمصر إذ لم يكن ولاؤهم للحركة الصهيونية محل شك (2) ... كما أنه ذكر أنه قام بعمل تقرير عن اجتماعات لليهود المناصرين للصهيونية وتقديمه للمرشد العام، وقدر لذلك التقرير أن يسقط فى يد الشرطة والنيابة العامة بعد ذلك فى قضية السيارة الجيب. (3)

التعرف على مكائد الأحزاب للدعوة

لم يكن هناك شك في التنافسية بين الأحزاب بعضها البعض، بل بين الحركات والجماعات بما فيهم الإسلامية، خاصة إذا انشغلوا بالعمل السياسي التنافسي، ولذا منذ أن انخرط الإخوان في العمل السياسي بطريقة علنية، وشاركوا في الانتخابات أصبحت لهم تنافسية حتى مع أكبر حزب شعبوي – وقتها - وهو حزب الوفد...

ولذا لم يسلم أى حزب أو جماعة من العداء مع الطرف الأخر، حتى وصل الحال للقتل فيما بينهم، مثلما قام الوفد بقتل حسن عبد الرازق باشا وإسماعيل زهدي بك من حزب الأحرار الدستوريين بعدما انشق الأحرار عنهم وذلك أثناء خروجهم من النادي السعدي في 17 تشرين الثاني نوفمبر 1922م، حتى أن سعد باشا زغلول قال قولته: لا أستطيع مراقبة أفراد حزبي جميعًا. (4)

وكان هذا حجة للإخوان لتشكيل هذا الجهاز للتعرف على ما يدبر للجماعة ورجالاتها، خاصة بعدما تزايد محاولات اغتيال البنا، فأثناء عرض قضية مصر على مجلس الأمن عام 1947م أذنت الحكومة للإخوان بعمل مظاهرة لتأييد النقراشي فيعرض القضية وهناك حاولت الشرطة قتله وأصيب في ساعده بطلق نادري لكنه نجا. وعندما وقف المرشد العام يتحدث في الشركة العربية للمناجم والمحاجر لتوديع كتيبة من الإخوان قبل سفرها إلى فلسطين وقع انفجار في المكان الذي كان مقررًا أن يتحدث منه قبل وصوله بدقائق وتبين أن قنبلة زمنية وضعت في هذا المكان.

كما خططت الحكومة لاغتياله في رحلة الحج على أن يظهر أن بعض اليمنيين هم من قاموا بقتله لكن الحكومة السعودية أجهضت الأمر، بل قام الأمباشى احمد حسين جاد بعدة محاولات لكنها فشلت قبل أن ينجح بتنفيذها مع آخرين ليلة 12 شباط فبراير 1949م (5). بل في بعض فترات الخلاف بين الإخوان وحزب مصر الفتاة حاول بعض أفراد الحزب بتكليف من أحمد حسنين – رئيس الحزب - من قتل البنا لكن النظام الخاص قبض على المنفذين. (6)

بل إنه لم يسلم من الشيوعيين الذين حاولوا اغتياله لموقفه منهم أكثر من مرة، ومنها ما حدث في طنطا حينما كشف فرج النجار – الجاسوس المزدوج للإخوان لدى الشيوعيين - من كشف مخططهم في طنطا وعمد على إفشاله قبل أن يكشف ضابط البوليس السياسي أمر فرج النجار من كونه أحد رجال الإخوان المسلمين عام 1949م. (7)

ويقول ميتشيل:

كما أن مخابرات الجماعة أمدت الحكومة بمعلومات مفيدة خلال حملات التفتيش المستمرة عن الشيوعيين المعروفين والمشتبه فيهم، وبوجه خاص في الدوائر العمالية والجامعية. (8)

ولقد استوجب النظام بعض الصفات المهمة التي يجب أن تتوفر في فرد المخابرات، وهي كما ذكر عبد العظيم رمضان:

الصحة الجيدة والمهارة والتنظيم الذاتي والذكاء والقدرة على "التذؤب مع الذئاب" كما تناولت طرق إعدادهم إعدادا رياضيا وفنيا وتدريبهم على الكهرباء واللاسلكي والتصوير والاختزال والتمثيل وعمل المكياج وتغيير الزي وقيادة وسائل المواصلات وكان الإعداد يشمل أعمال الفدائيين وحرب العصابات والتدريب على قنابل مولوتوف وتخريب المواصلات والسكك الحديدية واستخدام المفرقعات والألغام والأسلحة النارية وغيرها وهم برنامج طموح كما هو واضح.
وكان الهدف أن يتمكن هذا الجهاز السري من الحصول على بيانات مفصلة عن منشآت الحكومية من وزارات ومحافظات ومديريات وأقسام ومراكز ونقط البوليس والسجون ومكاتب التلغراف والتليفون والبريد وغيرها وعن المواصلات من سكك حديدية وترام وطرق زراعية وخطوط الأوتوبيس. (9)

ويضيف زكريا سليمان:

وكانوا يتلقون تدريبا عسكريا عنيفا على استخدام البنادق والمسدسات والقنابل وبث الألغام ويشترط في العضو كذلك أن يكون ممن فهموا الإسلام فهما شموليا صحيحا وأن يكون عاقلا قد تجاوز العشرين من عمره. (10)

كما استخدم الإخوان بطبيعة الحال جهاز المخابرات في حرب 1948 و1952م، فحينما سأل الصاغ محمود لبيب - قائد منظمة شباب فلسطين - في شهادته أمام النيابة:

  • س: وهل كانوا يتدربون على المخابرات أيضًا؟
ج: نعم على كل شيء يفيد الجيش المهاجم، فمثلاً لازم يعرف ما هو عدد رجال العدو ومن يناصرونه في داخل البلاد. (11)

نستكمل في الحلقة القادمة

المراجع

  1. النذير، العدد (24)، السنة الثانية، 14 جمادى الثانية 1358هـ، ص(15).
  2. أحمد عادل كمال: مرجع سابق، صـ 152.
  3. قضايا الإخوان المسلمين قضية السيارة الجيب (الحيثيات والحكم)، دار الفكر العربي، 1951م، 1370هـ (إخوان ويكي)، ملف تحقيقات النيابة قضية السيارة الجيب، صـ 1937 – جـ 6.
  4. Donald M.Reid : Political Assassination In Egypt 1910 -1954,p627.
  5. محمد، محسن: من قتل حسن البنا، دار الشرق، القاهرة، 1987م
  6. أحمد عادل كمال : مرجع سابق، صـ 166.
  7. فرج النجار.. المطارد الحر : موقع ويكيبيديا الإخوان المسلمين (إخوان ويكي)
  8. ميتشيل، ريتشارد: الإخوان المسلمون، ترجمة عبد السلام رضوان، مراجعة فاروق عفيفي عبد الحي، تقديم صلاح عيسى، مكتبه مدبولي، القاهرة، 1977م، صـ198.
  9. عبد العظيم رمضان: التنظيم السري ، مرجع سابق.
  10. زكريا سليمان بيومي: مرجع سابق، صـ 100.
  11. هيام عبد الشافي عبد المطلب: مصر وحرب فلسطين 1948م، دار العالم العربي، القاهرة، 2010م- 1431هـ.