الإخوان المسلمون بين عالم الجاسوسية والتخابر الحلقة الخامسة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون بين عالم الجاسوسية والتخابر


الحلقة الخامسة
  • أهم ما قام به جهاز المخابرات

لقد استوقفتني معلومتان هامتان توضح مدى تغلغل هذا الجهاز في العديد من مفاصل الدولة حيث حصلوا على معلومات هامة عادت على الجماعة بالفائدة.

فكيف حصل ذلك؟ وهل مهارة هذا الجهاز كانت مؤهلة للعب هذا الدور الكبير؟

كان أهم معلومة استطاع جهاز مخابرات الإخوان الحصول عليها هو تداعيات قرار حل الجماعة الذي أصدره النقراشي باشا –الحاكم العسكري آنذاك- في 12 كانون الأول/ ديسمبر 1948م، حيث لم يستطيع أحد أن يقدم للمحكمة دليل على تزوير هذه الوثائق بما فيها المندوب السامي البريطاني، وقد قامت صحيفة المصري بنشر تفاصيل هذا الأمر.

فبعدما سقطت السيارة الجيب وأثناء التحقيقات والعرض على المحكمة تقدم المحامي شمس الدين الشناوى –عن المتهمين- بوثيقتين يوضحان انعقاد اجتماع ثلاثي الأطراف بين سفير أمريكا وبريطانيا وفرنسا في فايد في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر 1948م واتفقوا على تكليف النقراشي باشا بحل جماعة الإخوان المسلمين، وجاء في الوثيقتين:

الموضوع: اجتماع سفراء صاحب الجلالة البريطانية وأمريكا وفرنسا فى فايد فى (10نوفمبر 1948)

رقم القيد : ( 1843 / أى /48)

التاريخ: 13/11/1948

إلى رئيس إدارة المخابرات رقم(13)

فيما يختص بالاجتماع الذى فى فايد فى (10) الجارى بحضور سفراء صاحب الجلالة البريطانية وأمريكا وفرنسا، أحظركم أنه ستتخذ الإجراءات اللازمة بواسطة السفارة البريطانية فى القاهرة، لحل جمعية الإخوان المسلمين التى فهم أن حوادث الانفجارات الأخيرة فى القاهرة قام بها أعضاؤها. إمضاء

ج.و . أوبريان ماجور

وفى (20 نوفمبر 1948 ) أرسل رئيس إدارة المخابرات (أ) فى قيادة القوات البرية البريطانية فى الشرق الأوسط الكولونيل أ.م. ماك درموث إلى إدارة المخابرات { ج.س3 فى القيادة العليا للقوات البريطانية فى مصر}

الموضوع: الإخوان المسلمون

رقم القيد: ( 1670/ أ ن ت / 48)

إلى إدارة : ج.س.3

التاريخ: 20 نوفمبر 1948

القيادة العليا للقوات البريطانية فى مصر.

1-إلحاقا بمذكرتكم رقم (734 / أ ن ت / ب/ 48) المؤرخ نوفمبر (1948) رسميا من سفارة صاحبة الجلالة.

2- لقد أخطرت هذه القيادة البريطانية فى القاهرة أن خطوات دبلوماسية ستتخذ لأقناع السلطات المصرية بحل جمعية" الإخوان المسلمين" فى أقرب وقت مستطاع.

فيما يختص بالتقارير التى كانت قد رفعت من الرعايا الأجانب المقيمين فى مصر، فقد أرسلت إلى وزارة الخارجية للعلم.

عن الدعوة عدد 1

رئيس إدارة حرف (أ)

30/1/ 1951

قيادة القوات البرية البريطانية فى الشرق الوسط

إمضاء

كولونيل أ.م. ماك درموت (1).

وقد ذكرت صحيفة المصري أن مستر" تشابمان أندروز" الوزير المفوض بالسفارة البريطانية قابل سعادة عبد الرحمن حقى باشا وكيل وزارة الخارجية منذ يومين وابلغه أن السفارة البريطانية فى القاهرة علمت بأمر الوثيقة، وطلب منه ان يمثل أمام المحكمة للطعن بالتزوير، فأجابه أن وزارة الخارجية ليست جهة الاختصاص والأمر بوزارة العدل، وعلى أثر ذلك توجه مستر جراهام المستشار القانونى للسفارة البريطانية إلى وزارة العدل حيث قدم مذكرة للسفارة أشار فيها إلى رغبتها فى تسوية هذه المسألة بطريقة ودية، وأعلنت الوزارة أنها تدرس الأمر.

وعندما تحدث المحامي مع هيئة المحكمة كان ردها أنها تعتبر هذه الوثيقة صحيحة حتى يصلها من الجهات الرسمية ما يثبت تزويرها.

وبالفعل تقدم موري جرهام - المستشار القانوني للسفارة- بالطعن على الوثيقة لدى وزارة العدل، وقال: أن هذه الوثيقة إن وجدت تكون مصطنعة، ولقد خاطبت الوزارة النيابة والمحكمة.

غير أن الصحفي محسن محمد استطاع الحصول على نسخة من هذا الوثيقة بعدما أفرجت بريطانيا عن الوثائق بعد ثلاثين عاما ونشرها في صحيفة المسلمون (2).

ويقول مارك كورتيس: وفي كانون الأول/ ديسمبر 1948م، عقب ادعاء السلطات اكتشاف مخابئ أسلحة سرية لدى الإخوان ومؤامرة للإطاحة بالنظام، تم حل التنظيم، وهو قرار من الواضح أن البريطانيين طالبوا الحكومة المصرية بأن تتخذه للقضاء على نشاطهم المعادي للبريطانيين (3).

.... الوثيقة الثانية هي التي قام بكتابتها زكريا محي الدين أوائل الستينيات للحد من نشاط الإخوان والقضاء عليهم، حيث اجتمع ومن معه فى مبنى المخابرات العامة بكوبرى القبة. وعقدوا عشرة اجتماعات متتالية، وبعد دراسة كل التقارير والبيانات والإحصائيات خرجوا بتوصيات عملية للقضاء على الإخوان وفكرهم.

وقد وصفها الصحفي فاروق الجمل قوله: والمُبهر في تلك الوثيقة، والتي تجعلك تشعر بأنها كُتبت في 2017، وليس في عام 1954م (4).

لكن لا يعرف كيف تسربت هذه الوثيقة، وكيف وصلت للناس، حتى دونها عدد كبير من الكتاب، ومنهم الشيخ محمد الغزالي في كتابه قذائف الحق -والذي كان قد اختلف مع الإخوان وفصل منها عام 1953- حيث هدفت هذه الوثيقة -والتي وقع عليها كبار رجال الدولة أمثال رئيس الوزراء والمخابرات والحربية والداخلية وغيرهم- إلى هدفين:

1- غسل مخ الإخوان من أفكارهم.
2- منع عدوى أفكارهم من الانتقال لغيرهم

وقد اشتملت الوثيقة على توصيات كثيرة لا مجال لمناقشتها هنا (5).

لكن أحمد عادل كمال اختلف مع من نشرها بقوله: نشر الإخوان خارج مصر وثيقة خطيرة ورغم أهميتها البالغة ينقصها أمر جوهري وهو إسنادها. فلا تعلم من الذى أذاع الوثيقة ولا كيف حصل عليها، ولا حتى من الذى نشرها وطبعها ولا المطبعة التى طبعتها ولا تاريخ ذلك. وعلى هذا فمن الجائز – من وجهة نظر التحقيق العلمي لأى مستند – الطعن فيها أو إنكارها غير أن هناك ما يمكن أن يقال فى الرد على ذلك وهو الإرهاب الذى شاع وذاع ضد كل ما يمت إلى الإخوان المسلمين بصلة فى العهد الناصرى بحيث كان يخشى على أي كائن يظهر فى هذا المجال لا داخل مصر وحدها بل وفى خارجها أيضا ما دام النظام القائم فى مصر

ومع ذلك فسواء كانت الوثيقة صحيحة أو مصطنعة فإن ما جاء بها يطابق تمام التطابق ما نفذته سياسة جمال عبد الناصر بالفعل مع الإخوان المسلمين، بحيث يصعب علينا إن ننفيها أو ننكرها (6).

إلا أن المستشار علي جريشة قدم صورة طبق الأصل –كما ذكر- من هذه الوثيقة أمام المحكمة التي تقدم لها طلبا بالتعويض على الضرر المترتب على اعتقاله في عهد عبد الناصر،وقد أصدرت محكمة جنوب القاهرة الدائرة التاسعة المدنية يوم 30 أذار/ مارس 1975م بتعويض علي جريشة جراء ما حدث له (7).

وذكرها الأستاذ عمر التلمساني -مرشد الإخوان السابق- بقوله: وعندما نشرنا وثيقة منذ عامين أو أكثر أو أقل، ترسم الخطة التي تؤدي إلى القضاء على الإخوان المسلمين ثارت ثائرة البعض في الداخل والخارج، ولم نضن على أصحاب الشأن بنشر تكذيبهم لتلك الوثيقة، وتجري الأيام تباعًا حافلة بكل ما يثبت أن ما جاء في الوثيقة تلك، إنما هو جزء من كل، أعد إعداد دقيقًا مدروسًا، للتخلص من الإخوان المسلمين بكافة الطرق، شديدها وهينها، وكل يوم تطالعنا صحف أوروبا ومجلاتها بما يؤيد هذا المعنى تأييدًا لا يدع مجالا للشك فيما تبيته تلك القوى الظالمة المغرضة ضد الإخوان المسلمين (8).

نستكمل في الحلقة القادمة

المراجع

  1. كمال، عادل، مرجع سابق، صـ 245- 247، نقلا عن صحيفة المصري فى عددها الصادر فى 2/2/1951م.
  2. المرجع السابق، ومجلة الدعوة في عددها الأول، بتاريخ 30 يناير 1951م.
  3. كورتيس، مارك: التاريخ السري لتآمر بريطانيا مع الأصوليين، مرجع سابق، صـ 104.
  4. الجمل، محمد:موقع 7 أيام، بتاريخ 20 يناير 2017م، goo.gl/vuESNo
  5. الغزالي، محمد: قذائف الحق، دار القلم، دمشق، : 1418هـ – 1997م، صـ 118، ويوجد نسخة محملة على النت goo.gl/xLASU7
  6. كمال، عادل، مرجع سابق، صـ 472.
  7. جريشة، علي: عندما يحكم الطغاة، دار الاعتصام للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 1975م، وقاعود إبراهيم: الإخوان المسلمون فى دائرة الحقيقة الغائبة، اامختار الإسلامي، اقاهرة، 1985م
  8. الدعوة – العدد (59) – جماد أول 1401هـ / مارس 1981م، مقال بعنوان (الإخوان المسلمون .. وأعداء الإسلام)