الأصولية المسيحية وعلاقتها بصفقة القرن ونقل السفارة إلى القدس

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الأصولية المسيحية وعلاقتها بصفقة القرن ونقل السفارة إلى القدس


الأصولية المسيحية وعلاقتها بصفقة القرن.jpg

كتبه:حازم الأشموني

(24 فبراير 2018)

مقدمة

بينما يلتزم حكام العرب المستبدون الصمت حيال الحديث عن صفقة القرن المشبوهة، التي كان الجنرال عبد الفتاح السيسي أول من تحدث عنها خلال زيارته لواشنطن، أبريل الماضي 2017م، يعرف تيار المسيحية الصهيونية (اليمين المتطرف الذي تمثله إدارة دونالد ترامب) ما يريده جيدا، وفق خطوات مدروسة وإجراءات صادمة، لا تكترث كثيرا أو قليلا لردود الأفعال العربية والإسلامية.

وأعلنت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكى هايلى، أمس الجمعة 23 فبراير2018م، عن أن إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب اقتربت من الانتهاء من صياغة خطة السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والمعروفة إعلاميا بـ"صفقة القرن"، وسوف تكشف عنها قريبا. وأضافت هايلى- خلال جلسة فى معهد السياسة بجامعة شيكاغو الأمريكية- "أعتقد أنهم يضعون اللمسات النهائية عليها، وأن مبعوثى السلام جاريد كوشنر وجيسون جرينبلات، ما زالا يقومان بجولات مكوكية"، لكنها لم تعط توقيتا محددا.

وتابعت:

"سيقدمون خطة لن يحبها الطرفان ولن يكرهها الطرفان أيضا"، بحسب ما نقلته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

وردا على سؤال من مدير المعهد، ديفيد إكسيلرود، المستشار السابق للرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، عن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستقترح فى الخطة دولة فلسطينية مستقلة طبقا لما درجت عليه الإدارة الأمريكية قبل انتخاب ترامب. قالت هايلى: "الأمر بيدهم ليقرروا"، فى إشارة إلى الصهاينة والفلسطينيين، مضيفة أنه "من الصعب بالنسبة لى أن أرى كيف يريدون دولة واحدة"، مشيرة إلى أنها تعتقد أنهم يسعون "لحل الدولتين".

وذكرت "واشنطن بوست" أن تصريحات هايلى تشير إلى أن الإدارة الأمريكية ما زالت تعتزم المضى قدما فى طرح خطة جُمدت وأحاطت بها الشكوك منذ إعلان ترامب بشأن القدس المحتلة. وفى وقت يرى القادة الفلسطينيون أن الولايات المتحدة لا تصلح بعد الآن أن تكون وسيطا للسلام.

"14" مايو نقل السفارة للقدس

من جانبه، كشف مسئول أمريكي عن أن عملية نقل سفارة بلاده لدى (إسرائيل) من تل أبيب إلى القدس ستتم في مايو، بالتزامن مع الذكرى السبعين لقيام دولة إسرائيل. ونددت الرئاسة الفلسطينية بهذا الأمر واعتبرته لا ينسجم وقرارات الشرعية الدولية.

وقال مسئول أمريكي لرويترز، أمس الجمعة (23 فبراير 2018)، إنه من المتوقع أن تفتح الولايات المتحدة سفارتها لدى إسرائيل في القدس في مايو المقبل. ويمثل نقل السفارة من تل أبيب تحولا في سياسة الولايات المتحدة القائمة منذ عقود.

وأعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في 6 ديسمبر الماضي، اعتبار القدس، بشقيها الشرقي والغربي، عاصمة للصهاينة، والبدء بنقل سفارة بلاده إليها، ما أشعل غضبًا في الأراضي الفلسطينية، وتنديدًا عربيًا وإسلاميًا ودوليًا، وخيب آمال الفلسطينيين الذين يريدون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم.

ويشكل فتح السفارة في مايو على ما يبدو إطارا زمنيا أقرب مما كان متوقعا. كان مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي، قد قال أمام الكنيست الإسرائيلي الشهر الماضي: إن الخطوة ستتم بحلول نهاية العام 2019. كما نقلت وسائل إعلام عدة عن مصادر إسرائيلية، أن الموعد الذي تم اختياره هو 14 مايو؛ كونه يصادف الذكرى السبعين لقيام الكيان الصهيوني.

المسيحية الصهيونية تقف وراء الصفقة

ويقف اليمين المتطرف في الإدارة الأمريكية وراء "صفقة القرن" من أجل تكريس هيمنة الصهاينة على المنطقة كلها، موظفين النصوص التوراتية الإنجيلية من أجل تحقيق "نبوءات الكتاب المقدس حول نهاية العالم والعودة الثانية للسيد المسيح".

وبحسب الكاتب والمحلل السياسي محمد المنشاوي، في مقاله "صفقة القرن والمسيحية الصهيونية" المنشور في 8 فبراير الجاري على صحيفة الشروق، فإن حركة المسيحية الصهيونية تتميز بسيطرة الاتجاه الأصولى عليها (من أهم سياسييها حاليا نائب الرئيس مايك بينس الذى زار أخيرا القاهرة وعمان والقدس المحتلة)، وتؤمن "بضرورة عودة الشعب اليهودى إلى أرضه الموعودة فى فلسطين، كل فلسطين، وإقامة كيان يهودى فيها يمهد للعودة الثانية للمسيح وتأسيسه لمملكة الألف عام".

وتأثرت المسيحية الصهيونية بـ3 توجهات يجمع بينها خلفية التفسير الدينى المعتمد على النصوص التوراتية، وعلى الرغم من تباين هذه التوجهات وتناقض بعضها مع بعض أحيانا، فإن التفسير الحرفى للتوراة والإيمان بضرورة مساعدة إسرائيل جمع بينها، والحركات الثلاث هي: حركة تهتم بقضية نهاية العالم ومؤشراته، وحركة تهتم بقضية التقرب من اليهود من أجل المسيح، وحركة تركز على الدفاع عن إسرائيل وعلى مباركتها ودعمها بكل ما هو ممكن ومتاح.

وبحسب المنشاوي، يرفض هذا التيار وجود دولة فلسطينية على حدود ما قبل 5 يونيو، ويرفض عودة اللاجئين، ويرفض أى حوار حول مستقبل القدس. ويكرر أنصار هذا التيار مقولات على شاكلة أنه من الجنون الاستمرار فى التعويل على حل دبلوماسى للصراع الإسرائيلى الفلسطينى. ويسخرون مما يُشار إليه بعملية سلام بالشرق الأوسط

حيث يتم "تكرار أحاديث الماضى واتّباع نفس المسارات وتوقع نتائج مختلفة" وذلك فى إشارة إلى عملية سلام بالشرق الأوسط المستمرة منذ أكثر من أربعة عقود دون تحقيق تقدم. ويعتقد أنصار هذا التيار أن "المبادئ البالية القديمة مثل الأرض مقابل السلام، أو حل الدولتين ــ دولة فلسطينية بجوار دولة إسرائيلية ــ أو أن القدس عاصمة لفلسطين أصبحت أوهاما يجب معها التمتع بالشجاعة لعدم الحديث عنها بعد الآن".

ويدعو تيار المسيحية الصهيونية إلى التفكير الجديد لحل الصراع بعيدا عن أوهام الماضى، وضرورة إدخال مستجدات الواقع فى هذه الأفكار كى يتم حسم هذا النزاع بعد الفشل فى التعامل معه لأكثر من مائة عام، منذ وعد بلفور تحديدا. وبشدة يؤكد أنصار هذا التيار ضرورة الاعتراف بفشل عملية سلام الشرق الأوسط، كى يمكن التفاعل بمنطلقات جديدة وحسم وحل الصراع.

الحسم الكامل والسلام المزعوم

ويرى هذا التيار الأصولي المتطرف أن

"منطق حسم الصراع ينطلق من رؤية تاريخية لصراعات القرن العشرين، وهى الصراعات التى تم حسمها بانتصارات واضحة وصريحة، وباعتراف كل أطرافها ونجاحها فى خلق سلام بعد ذلك. ويستشهدون هنا بحالة الهزيمة الكاملة لألمانيا واليابان فى الحرب العالمية الثانية، والتى نعمت فيها الدولتان بالسلام الكامل بعد ذلك، بعدما اعترفت أولا بالهزيمة الكاملة واستسلمت للمنتصرين.

ويستشهد هؤلاء كذلك بحالة الحرب الأمريكية فى فيتنام، حيث تمت هزيمة أمريكا وحلفائها الجنوبيين وتحقيق انتصار ساحق لفيتنام الشمالية وتوحيدها لفيتنام، وهزيمتها للخطط الأمريكية، وهو ما سمح بعد ذلك بوجود سلام وعلاقات ممتازة بين واشنطن وفيتنام. وبنفس المنطق يرى مفكرو المسيحية الصهيونية أن عدم حسم إسرائيل لانتصاراتها العسكرية وعدم دفعها الفلسطينيين والعرب للاعتراف الكامل وغير المشروط بالهزيمة، هو ما يجعل الصراع مستمرا بلا نهاية!.

المصدر