الأسير الأردني العجلوني: سجون الاحتلال قبور!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الأسير الأردني العجلوني: سجون الاحتلال قبور!

[24-11-2004]

مقدمة

المجاهد الأسير سلطان العجلوني

- الكليات الصهيونية العسكرية تدرِّس عمليته الفدائية بغور الأردن

- قضية الأسرى قضية الأمة التي دافعوا عن كرامتها بدون مقابل

كان عمره 18 عامًا فقط، عندما خرج من بيته في المفرق بالأردن في الثالث عشر من نوفمبر عام 1990م، متوجهًا إلى معسكر "دامية" الصهيوني الحصين على الحدود الأردنية- الفلسطينية، يحمل معه مسدسًا، أطلق منه النار على الحارس الصهيوني فأرداه قتيلا، ثم واصل سيره إلى داخل الموقع العسكري، إلا أن سلاحه تعطل، فاشتبك بالأيدي مع الجنود الصهاينة، وقبل أن يُعتقل تمكن من إصابة أربعة جنود منهم بجروح، والعجيب أنه لم يخطط لتلك العملية الفدائية التي هزَّت الكيان الصهيوني حتى إنها تدرس الآن في الكليات والمعاهد التابعة للمؤسسة العسكرية الصهيونية.

ومن داخل زنزانته في عزل سجن بئر السبع جنوب فلسطين، الذي قضى فيه أكثر من ثلاثة عشر عامًا خلف القضبان، يتحدث سلطان العجلوني الأسير الأردني الذي تجاوزته كل اتفاقيات التسوية الأردنية -الصهيونية، عن ظروفه في ظل الأسر لدى سلطات الاحتلال الغاصب.


نص الحوار

الاسم: سلطان طه محمد العجلوني، مواليد مدينة المفرق في الأردن 1/1/1974م، وعند اعتقالي كنتُ طالبًا في الصف الثالث الثانوي الفرع العلمي، والآن أنهيتُ دراسة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة تل أبيب العبرية المفتوحة، وأدرس الماجستير في الجامعة نفسها بتخصص علوم سياسية أيضًا.
  • حدثنا عن طفولتك وكيف عشتها في الأردن؟
كانت طفولة طبيعية؛ وذلك لعدم وجود احتلال، والعائلة- الحمد لله -عائلة متعلمة وملتزمة ونحن ستة إخوة وست أخوات وأنا أصغرهم.
  • متى اعتقلت، ولماذا؟
الاعتقال تم في 13/11/1990م، فقد دخلت من خلال منطقة دامية إلى داخل المعسكر، وأطلقت النار على جندي صهيوني فقُتل في اللحظة نفسها، ولكن تعطل السلاح الذي كان معي فاستمررت بالعراك مع الجنود الآخرين بالأيدي حتى تمَّ اعتقالي.
  • هل كنت تتوقع أن تدخل بهذه السهولة إلى الثكنة الصهيونية أو حتى قمت بالتخطيط المسبق للقيام بها؟
قال تعالى:"وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى" (الأنفال: من الآية 17)، فلم يكن هناك أي تخطيط لهذه العملية ولكن باعتقادي أنه لو كنت خططت مسبقًا لها لم تكن لتنجح بهذا المستوى.
وقد التقيتُ مع مسئولٍ كبيرٍ في الشرطة الصهيونية، وكان يخدم في وحدات حرس الحدود الصهيوني فأخبرني بأنَّ العملية التي قمت بها كانت تُدرس لهم وبشكل متميز، وماذا تتوقع من شاب عمره 17 سنة غير متدرب ولأول مرة يمسك السلاح ويستطيع الدخول إلى قلب معسكر ويطلق النار ويقتل ويأخذ السلاح منهم؟! وبالتالي كانت هذه العملية متميزة بالتوفيق من الله وليس أكثر من ذلك.
  • ما تجربتك في السجن بعد 13 عامًا؟
ألخص هذه التجربة بمزيج من الأمل والألم من المعاناة، كان الإيمان بالله موجودًا، وكانت محاولات استغلال اللحظة موجودة ومحاولة تغيير الواقع من محنة إلى منحة، واعتقد أني نجحت في جزء منها كوني أنجزت دراستي الجامعية والتي ما زلت فيها، وأعتقد أنني وصلت إلى جزء من الهدف الذي كنت واضعه لنفسي، وأصبحت أتقن لغات عدة هي الإنجليزية والعربية والعبرية، وأحاول أن أختص في المجال الصهيوني، وقد كتبتُ أبحاث في هذا المجال، وقد انتقدت بعض الصحف الصهيونية، وحققت بعض الإنجاز الشخصي.


أغتيال الشهيد إسماعيل أبو شنب

  • لم يحرمك الاعتقال من متابعة تحصيلك العملي، واليوم تحمل شهادة عملية مميزه، إلا أن هذه الحالة غريبة نوعًا ما؟
لم أكن حالة فريدة وحتى لا نظلم للناس حقوقهم هناك الكثير من الإخوة استطاعوا أن يحققوا إنجازات على مستواهم الشخصي، واستطاعوا أن يحولوا المحنة إلى منحة وهذه كلها توفيق من رب العالمين، وبعد ذلك يعود الفضل للإخوة الذين التقينا بهم في بداية السجن الذين قاموا بتوجيهنا، وأخص بالذكر الشهيد إسماعيل أبو شنب، وهي أكثر شخصية أثرت فيَّ بعد والدي، وذلك عند التقائي به في السجن كنت شابًا صغيرًا في السن، وعشتُ معه سنوات، وكان يقوم بتوجيهي والاهتمام بي واعتبره مربيًّا حقيقيًّا.
  • كيف كانت مشاعرك عندما سمعت نبأ اغتياله؟
لقد فقدت فيه مربيًّا وفقدت فيه أستاذًا وقائدًا وقدوة، وحتى الآن لم أستطع الحديث مع بيته ولا أعرف ما الحديث الذي يمكن أن أتحدث فيه.
  • أنت منذ 13 عامًا في السجن فهل التقيت مع والدتك؟
نعم هم زاروني مراتٍ عدة، وكانت آخر زيارة منذ ثلاث سنوات، وأول مرة زاروني فيها كانت بعد سنتين من الاعتقال.
  • هل يمكن أن تصف لنا مشاهد الزيارة الأولى؟
كان عندي علم مسبق بهذه الزيارة، وعندما خرجتُ للزيارة وعادةً عند الخروج إلى الزيارة يكون هناك صوت وضجيج عجيب، فيكون نحو ثلاثين سجين ونحو 150 من الزائرين في غرفة واحدة لا تستطيع أن تتصور كيف تكون الضجة، ولكن عند دخولي كان هناك حالة صمت مطبق لدى الجميع، والكل ينظر نحوي حتى يلاحظوا الموقف وعند دخولي كان الوالد والوالدة، وكانت الوالدة تبكي، فقلت السلام عليكم:
إذا لم تكفي عن البكاء سأرجع إلى الداخل، فأجابت: لا، سأتوقف، وبعدها بدأ اللقاء والحمد لله معنوياتهم كانت قوية، أذكر موقف في تلك الزيارة عند اختلافي مع والدتي حول عدد الجنود الذين قتلوا في العملية التي قمتُ بها أنا أقول جندي، وهي تقول أربعة ويمكن أنهم خبأوا عليك الحقيقية.
  • هل مرت عليك لحظات شعرت فيها بالإحباط الشديد؟
لا بفضل الله لم أعش لحظة إحباط داخل السجن، ولكن هناك لحظات أثرت في نفسي ومنها اللحظات التي كانت تعني بالإفراجات عن الأسرى ابتدأوها من أوسلو إلى اليوم، خاصةً أن هناك أشخاصًا كثيرين غادروا ونحن داخل السجن، ولكن في كل هذه الاتفاقيات لم نكن نبني أي أمل باستثناء مرة واحدة هي محاولة اغتيال خالد مشعل، ولكن هذا الأمل أيضًا خاب، وذلك لأنه كان هناك اتفاق واضح بين الحكومة الأردنية والصهاينة بإطلاق سراح جميع الأسرى الأردنيين، ولكن حصل ما حصل والجميع يعرف إلى ما انتهى إليه هذا الاتفاق المخزي، خاصةً أن الملك أعلن بشكل رسمي أنه لن يبقى أسير أردني واحد داخل السجون الصهيونية خلال الـ48 ساعة القادمة، فكان هناك من خيبة الأمل، ومن تلك اللحظة أصبح لدينا الكثير لم نثق به ما لم يتحول إلى واقع.


الأسري الأردنيين

  • ما وضع الأسرى الأردنيين داخل السجون وهل هناك اتصال بينكم؟
نعم.. التقينا بهم ويتم التعامل معنا كأي سجين وشأننا شأن أي سجين فلسطيني هنا، ومن الخصوصيات التي نختلف فيها مثل الحرمان من الزيارات، وصدر قانون صهيوني في الكنيست بتحديد المؤبدات إلا أن هذا القانون استثنى الأردنيين.
  • بعد 13 عامًا من السجن.. هل أنت راضٍ عن نفسك؟
أنا دائمًا بفضل الله أحكي لإخواني أنني من المحظوظين، ولو عدت سابقًا ما كنت لاختار لنفسي أفضل من اختيار رب العالمين.
  • ما المراحل الصعبة التي مررت بها وأنت في داخل السجن كنت تتمنى أن تكون خارجه؟
من يوم اعتقالي أتمنى أن أكون خارج السجن، وأكثر هذه اللحظات عندما تشعر أنك تستطيع أن تقدم شيئًا لا تستطيع أن تقدمه وأنت داخل السجن، لذا أتمثل قول بيت الشعر:وأنت من تكون له نفس الملوك وحالات المساكين، وتشعر أحيانًا أنك تستطيع أن تقدم في مجال معين، ولكن الظرف الذي تعيش فيه يمنعك من تقديم شيء معين وهذا له اثر في نفسيتي.
  • العدد في السجن هي أكثر كلمة تسمعونها، ماذا تعني لك هذه الكلمة؟
أداة التذكير بالأسر.


ظروف الأعتقال

  • صِف لنا ظروف الاعتقال التي تعيشونها اليوم في السجن؟
ظروف الاعتقال لم يسبق لها مثيل، وهذه العبارة سمعتها ممن قضوا 20 و25 عامًا في السجون؛ حيث الوضع الدولي بشكل عام والحكومة المتشددة والانتفاضة والمسئولون عن الواقع في السجون ووزير الأمن الداخلي ومدير إدارات السجون كلهم معروفون بتشددهم الواضح، كل هذه الأمور أسهمت في جعل الحياة داخل السجون صعبة جدًا، بالإضافة إلى دخول الأعداد الكبيرة الذين لم يمروا في مراحل التربية المطلوبة في جميع التنظيمات فأسهمت في إضعاف الأداء لدى الحركة الأسيرة، وأيضًا الأمل الزائد عن حده في قضية التبادل جعل هناك تراخيًا وتعاطيًا سلبيًا مع بعض الأحداث عند قيادة الحركة الأسيرة وتمرير المواقف التي ما كان يجب تمريرها.
  • هل لديك أمل في الإفراج في الصفقة المنوي تنفيذها بين الصهاينة و"حزب الله
الأمل بالله دائمًا قائم وعندي أمل كبير ولكن في نفس الوقت حذر.
  • هل تعتقد أن قضية الأسرى العرب أصبحت محسومة في صفقة التبادل مع حزب الله؟
لا يوجد شيء محسوم في السياسة، ويمكن أن تعطل بأي لحظة وأي حجة وأي سبب، ولكن المعروف لنا وقد أبلغنا به من قبل "حزب الله" أن الكيان الصهيوني موافق على إطلاق جميع الأسرى العرب، وهذه اللغة التي يفهمها هذا الكيان، ولنجعل باب الأمل مفتوحًا أمامنا ولا نعرف متى سنتحرر.
  • أنت مواطن أردني.. ينجح "حزب الله" بما فشلت به حكومتكم لثلاثة عشر عامًا.. فما شعورك؟
لم نعول يومًا على دور الحكومة الأردنية لاعتبارات واضحة للجميع، ولكن هذا الشيء إن دلَّ فإنما يدل على قيمة اتفاقية السلام التي وقعوها، والتي كانت ثلاث جثث لها قيمة أكثر منها، هذا الشيء البارز في كل العملية والحكمة التي نخرج منها في هذه المقارنة أنه كيف أن ثلاث جثث أثمن عند اليهود من اتفاقية السلام التاريخية المزعومة مع الأردن.
  • كيف سيكون شعورك إذا خرجت من السجن وتركت خلفك زملاء وأصدقاء وإخوة عشت معهم سنوات طويلة وهم يقضون مؤبدات؟
من فترة سمعت عن المتسلق الأمريكي التي علقت رجله بين صخرتين فقطعها ليستمر وأعتقد أن وضعي متشابه سأخرج وأنا أترك جزءًا من جسدي هنا.
  • ما أول عمل ستقوم به في حال تمَّ الإفراج عنك ووصولك إلى مسقط رأسك؟
سأصلي ركعتين في منزل الحي إن شاء الله ثم أقوم بزيارة إلى منزل إحد الإخوة الأردنيين المفقودين، وذلك قبل زيارة بيتي إن شاء الله.
إن قضية الأسرى هي قضية الأمة ولم يوجد هنا أي أسير معتقل لسبب شخصي وكل الموجودين دفاعًا عن كرامة الأمة ومقدسات الأمة، والمفروض من الأمة بالمقابل أن تقابلهم بما يستحقون وهي مقصرة جدًّا في هذا المجال.
  • بماذا تصف السجن الصهيوني الذي عشت فيه ثلاثة عشر عامًا؟
إنه قبر، قبر!.

المصدر