ابراهيم عبدالمنعم متولى يكتب : بعد سنة من الحكم هل فشل الإخوان والدكتور مرسي ؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ابراهيم عبدالمنعم متولى يكتب : بعد سنة من الحكم هل فشل الإخوان والدكتور مرسي ؟


السبت,27 ديسمبر 2014

ابراهيم عبدالمنعم

كفر الشيخ اون لاين | خاص

في البداية نقول لكي تحكم علي تجربة بالنجاح أو الفشل يجب أن يكون هناك مقياس أو ميزان تزن به .

ونقول إن تجربة الدكتور محمد مرسي لم يمكن قياسها لعدة أسباب :

ان الدكتور محمد مرسي لم ينتخب في انتخابات طبيعية ، بعد منافسة طبيعية بين خصمين أو حزبين : حزب يحكم وحزب يعارض ، أو شخص يحكم وشخص معارض له ، ثم فاز المعارض علي الحاكم ، ويمكن أن تقارن بين الاثنين ، عندما تعطي كلا منهما نفس الفرصة .

ان الدكتور محمد مرسي جاء عقب ثورة شعبية أطاحت بنظام استبدادي له جذور من الفساد في كل نواحي الدولة ، وليس من السهل اقتلاع تلك الجذور التي تمددت خلال ثلاثين سنة علي الأقل .

جاء وفق نظام جديد ، والنظام القديم متشبث بالسلطة ، ويحارب النظام الجديد ، ولن يسلم السلطة أو يستسلم بسهولة .

مؤسسات الدولة لاتعمل طبقا للقانون ، وانما تعمل لحساب أشخاص ونظام محدد ، أي تعمل بنظام الولاء القائم علي أساس المصالح الشخصية المرتبط بالنظام القائم ، وهي تخشي من سقوط النظام فتسقط معه ، وهي أيضاً تحارب النظام الجديد الذي تكن له العداء والكراهية ، ولن تسلم له بسهولة .

قبل الثورةلم يكن يوجد تداول حقيقي للسلطة ، يستطيع المتنافسون فيه الوصول للسلطة والحكم بالارادة الشعبية الحقيقية ، عبر صناديق الاقتراع ، وأنه لم يكن هناك وجود لما يسمي بالمعارضة ، أو الشراكة السياسية بين القوي المختلفة قبل الثورة ، وبالتالي فان دهاليز السياسة لم تكن متاحة سوي لعدد قليل من النخبة الحاكمة انفسهم ، مع استبعاد كل الكفاءات الاخري من المشهد ، فما بالك بالمعارضين ، مما يعني أن النظام الجديد لم يكن جزءا من دولاب الدولة وفاعلاً في مؤسساتها ، وليس لديه خبرة في الادارة ولو جزئياً ..

لم يكن يوجد قبل الثورة خطط واضحة ومحددة لادارة الدولة ، يستطيع القادم الجديد أن يسير عليها دون عناء أو اعادة دراسة .

لم تكن توجد قاعدة بيانات حقيقية للموارد البشرية والمالية والمواد الخام والاحتياجات الشعبية والاستراتيجية للدولة يمكن البناء والاعتماد عليها ، فضلا عن غياب الشفافية وحق الحصول علي المعلومات في النظام القديم ، ما يعني أن النظام الجديد عليه أن يبدأ من الصفر .

انه جاء عقب ثورة سلمية ، تختلف عن الثورات المسلحة ، التي تتمكن الثورة فيها من الهيمنة المباشرة علي كل مؤسسات الدولة ، من الداخلية والجيش والاعلام وخلافه ، وبالتالي تسطيع الثورة أن تحكم قبضتها علي مقاليد الامور في وقت وجيز .. وبالتالي فإن الثورة السلمية أعاقت ومنعت المحاكمات الثورية والاجراءات الثورية لحد كبير.

غياب الجو الديمقراطي في المجتمع ككل ، وبالتالي لم يتعود المواطنون ولا الاحزاب السياسية علي الممارسة الديمقراطية الصحيحة ، مع غياب الثقافة الديمقراطية نفسها من عموم المجتمع والأفراد ، مما سهل إشاعة الكراهية ، والاستقطاب السياسي ، واتخاذ الخصوم السياسيين أعداء ، كما سهل الانقسام وعمق عدم فهم متطلبات المرحلة .

10ـ ان المدة المتاحة للتجربة لم تكتمل ، حيث تم الانقلاب علي النظام الديمقراطي بعد سنة واحدة ، قد يكون النظام الجديد لازال يرفع الواقع الحقيقي ، ويبني قاعدة معلومات حقيقية ، ليبني عليها خططه الإصلاحية الواقعية ، وبالتالي لايمكن المقارنة بين هذا النظام وأي نظام آخر .

11ـ أن الحاكم الفعلي للبلاد قبل الثورة هم العسكر ، ويرتبط مصيرهم بمصير النظام القائم ، وهو ما شكل عقبة بعد الثورة في الانتقال السلمي للسلطة والتحول الديمقراطي الحقيقي ، باعتبار أن القوات المسلحة لديها القوة المسلحة وجهاز المخابرات ، واستطاعتها السيطرة الفعلية علي القضاء والداخلية والاعلام والمؤسسات الدينية ، مما سهل لقادتها عرقلة هذا التحول الديمقراطي من وراء ستار ، وبكل الوسائل الغير مشروعة في افتعال الازمات والمشاكل وتصديرها وتسويقها للشعب علي أنها من تداعيات النظام الجديد ، وهدم المؤسسات المنتخبة بمعرفة القضاء ، مستغلين مالدي الشعب من رصيد احترام للمؤسسة ، وتمويلات قيادات النظام القديم ، وشيطنة الإخوان من عهد مبارك .

12ـ غياب القيادة لثورة 25 يناير أثناءها وكذلك بعد سقوط النظام ، أدي إلي انقسام القوي الثورية ، في شكل خارطة المستقبل ومداها الزمني ومكونات النظام الجديد وآلية التعاطي معه .

قد يقول البعض ان جماعة الإخوان المسلمين جماعة بها كل الامكانات البشرية ، وانه من المفترض أن يكون لديها خطط جاهزة للتطبيق علي الواقع عقب توليها الحكم مباشرة ، وحيث أن ذلك لم يحدث فان معناه فشل ذريع.

نعم .. إن الجماعة لديها خطط وامكانات .. هذا صحيح ، ولكن هذه الخطط غالباً ما تكون نظرية ، ينقصها الواقعية ليمكن تطبيقها في أرض الواقع حتي تؤتي ثمارها .

وهذه الواقعية تعتمد علي قاعدة البيانات الجاهزة والمطابقة للواقع ، والدولة لم يكن لديها هذه البيانات ، حتي وإن كانت موجودة ، فإنها لم تكن متاحة قبل زوال النظام ، وأنه مهما كانت دقة قاعدة بيانات الاخوان ، فانها تقل كثيراً عن الواقع الذي توفره الدولة.

وكان هناك ثلاث خيارات :

  • الأول : وهو تطبيق تلك الخطط النظرية مع غياب الدقة في رصد الواقع ، بمعني تطبيق هذه الخطط علي سبيل التجربة .. ونقول انه كان من العسير أن يطبق الإخوان المسلمون خططهم النظرية ، قبل مطابقتها علي الواقع ، وإلا كان الفشل ، لأنه لامجال للتجربة.
  • الثاني : وهو الانتظار قليلاً لحين رصد الواقع الحقيقي بدقة واختيار ما يصلح له من الخطط الموضوعة ، ثم التطبيق ، وهو ما قد يستغرق بعض الوقت ، والذي لايصبر عليه الشعب .
  • الثالث : الاستفادة من عناصر النظام القديم ، في إدارة الدولة لحين رصد الواقع الحقيقي بدقة ، واختيار ما يصلح له من الخطط الموضوعة ، ثم التطبيق.

ويبدو أن الرئيس مرسي قد سار في الخيار الثالث مؤقتاً مع محاولة تطعيم مؤسسات الدولة بعناصر صالحة للقيام بالإحلال محل العناصر الفاسدة .. وهو ما أغضب مؤسسات الدولة العميقة ، وبعض الحركات ، بحجة التكويش تارة والأخونة تارة أخري ، وقد ابتلع الطعم العديد من الحركات الثورية ، مما دفعهم للمعارضة دون داع .

كل ماسبق يوضح أنه لايمكن الحكم علي نظام الدكتور محمد مرسي والاخوان المسلمين بالنجاح أو الفشل ، لكون التجربة لم تكتمل ولم تعطَ الفرصة بعض الوقت ، ولكون السلطة لم تنتقل اليهم انتقالا حقيقيا ، وفي ظروف طبيعية .

بل انه يمكن القول أن الدكتور محمد مرسي قد حقق نجاحاً ملحوظاً علي المستوي السياسي علي الأقل ـ محل هذه الدراسة ـ، لكونه استمر رئيساً لدولة متهالكة متناقضة مدة عام كامل ، رغم دوران كل مؤسسات الدولة عكس الاتجاه ، ورغبة أغلب المؤسسات مثل القضاء والداخلية والاعلام والعسكر في عدم التحول الديمقراطي .

نسأل الله سبحانه وتعالي أن يرفع الغمّة عن وطننا وأن يجمع شمل المصريين ويوفقهم لرفع راية الاسلام علي ربوع الأرض ... اللهم آمين . وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين .

المصدر