إذا كان هذا ما يريده الصهاينة فماذا نحن نريد؟!!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
إذا كان هذا ما يريده الصهاينةفماذا نحن نريد؟!!

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

كان من الواضح أن المحرض الأكبر على الحرب التي دارت رحاها في العراق هم الصهاينة، وما كان لهم أن يحققوا مرادهم لولا العقلية الصهيونية التي تتحكم في مسلكيات "بوش" نفسه، والتحريض الصهيوني على العراق كان يهدف إلى خلق واقع جديد في العالم العربي يكرس حالة الضعف والتشرذم التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية بل ويضاعفها، أملا في استثمار ذلك الضعف لصالح الصهاينة على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بل لا أبالغ إن قلت على حساب الحقوق المشروعة للعديد من دولنا العربية التي يطمع الصهاينة في بسط نفوذهم على أراضيها لتحقيق أحلامهم التوراتية.

وقد يظن الصهاينة أن الفرصة قد أصبحت مواتية لفرض حلولهم التصفوية على الشعب الفلسطيني، معتبرين أن احتلال العراق بالإضافة لما أحدثه - من وجهة نظرهم - من إضعاف للأمة العربية فقد أدى أيضا إلى إضعاف للشعب الفلسطيني بدرجة يمكن أن تؤدي إلى كسر إرادته في مواصلة المقاومة، وتجعله يرضخ للقبول بتنازلات جديدة خطيرة ومؤلمة يريدون للمفاوض الفلسطيني أن يقوم بها، وقد بدا هذا التفكير الصهيوني واضحا فيما يتسرب من تصريحات تعكس نواياهم الخبيثة وطبيعتهم الانتهازية.

فهذا قائد حزب "اسرائيل بيتنا"، "أفيغدور ليبرمان"، يقول (علينا أن نعتمد على أنفسنا وعلى حساباتنا نحن، ونوضح للأميركيين أن موقفنا من "خريطة الطريق" هو موقف مصيري، لا رجعة عنه.

فالآن، بعد الحرب على العراق يجب أن نكون مفهومين أكثر لدى الأميركيين، فقد تغيرت الخريطة السياسية في الشرق الأوسط، وستتغير أكثر للأفضل إذا تم تلقين سوريا وإيران وعرفات درسا مثل درس العراق).

وهذا يعني أن "خريطة الطريق" التي تعتبر كارثة أمنية وسياسية ستحل بالشعب الفلسطيني في حال تطبيقها لم تعد بعد حرب العراق مقبولة على الصهاينة، وهذا واضح في إضافة "ليبرمان" قائلا (شارون رجل تكتيك بارع، لا يوافق على "خريطة الطريق"، ويعمل كل ما في وسعه من اجل إجهاضها، لكنه يفعل ذلك بذكاء حاد)، أي أنهم يريدون للشعب الفلسطيني أن يقبل بما هو أسوأ من خريطة الطريق، مع أن خريطة الطريق لا تعني إلا التصفية التامة للقضية الفلسطينية لصالح الصهاينة الغزاة بعد تصفية المقاومة أولا.

ويؤكد زعيم المفدال، وزير البنى التحتية، "ايفي ايتام" أن "شارون" لن يقبل بقيام دولة فلسطينية وكذلك الأمريكان قائلا: (لو أن شارون يريد فعلا أن يقود مسيرة تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، لما كان قد شكل حكومته اليمينية الحالية)، وأضاف قائلا :

(أنه التقى السفير الأميركي في تل أبيب، "دانيال كريتيزر"، وسمع منه بوضوح أن "خريطة الطريق" ليست برنامج سلام، ولا حلاً، وأنها مجرد أساس لبدء المفاوضات، الطريق للدولة الفلسطينية طويل جدا، وحتى نصل إلى مرحلة كهذه ستمر عدة سنوات).

وهذا يعيدنا لمقولة "شامير" عندما قال أنه كان ينوي التفاوض مع الفلسطينيين عشر سنوات دون أن يتزحزح عن موقفه، وهنا نستطيع أن نستنبط بوضوح أن الموقف الأمريكي دائما لا يعدو كونه صناعة صهيونية، ولا غرابة في أقوال السفير الأمريكي فنحن على ثقة أن أمريكا لن تسمح بقيام دولة فلسطينية مستقلة، ويكفي هنا أن نذكر بأن "هيلاري كلينتون" اضطرت للاعتذار مرات عدة عن قولها ذات مرة أن من حق الشعب الفلسطيني أن تكون له دولة مستقلة.

وأما "زئيف حفير" أحد كبار قادة المستوطنين اليهود فيرى (أن أقوال شارون وممارساته في موضوع "خريطة الطريق" هي مجرد تكتيك مخادع ينتهجه شارون، كما في التكتيكات الحربية، هدفه منها أن يتخلص من مصيدة "خريطة الطريق".

فهو يعرف أن هناك بنودا لن يستطيع الفلسطينيون تنفيذها كما يجب، وهو يحاول إقناع الأميركيين بإضافة بنود أخرى من هذه النوعية، مثل:

اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة لليهود، وتنازل الفلسطينيين عن حق اللاجئين في العودة، وإعطاء اسرائيل حق مطاردة فلسطينيين داخل مدنهم في حالة الاشتباه الأمني فيهم وغير ذلك من المطالب الإسرائيلية التي لا يمكن للفلسطينيين قبولها).

وهذا يبين بوضوح أن أهداف شارون هي الحصول على تنازلات خطيرة من الجانب الفلسطيني في قضايا هامة، كانت سببا في عرقلة المفاوضات في المرحلة السابقة، ويعتقد الصهاينة أن الوقت قد حان اليوم بعد احتلال العراق أن يتراجع الجانب الفلسطيني عن التمسك بها لأن الصهاينة يعتبرونها خطوطا حمراء مما زعزع القناعة لدى الذين يبحثون عن حل أي حل بالتمسك بتلك القضايا الهامة التي على رأسها حق العودة، وكذلك القدس، بل والمسجد الأقصى المبارك، والمستوطنات، والسيادة وغيرها.

وأخطر من كل ذلك أن الجانب الصهيوني لن يقبل بأقل من حرب أهلية في الشارع الفلسطيني، وعلى ما يبدو أن هذا الأمر هو الذي يسعى إلى تحقيقه في هذه المرحلة، وذلك اعتقادا منه أنه إذا تمكن من خلق هذا التوتر بين السلطة الفلسطينية والمعارضة خاصة حركة "حماس" فإنه عندئذ سيتمكن من تحقيق كل ما يريد دون عناء يذكر، فإن الصهاينة يؤمنون أن مواجهة السلطة للمعارضة سيؤدي إلى إضعاف المعارضة من جانب، وإضعاف السلطة من جانب آخر، لأن المعارضة تملك الورقة الوحيدة التي تحول دون تنفيذ المخططات التصفوية الصهيو أمريكية، والتي تجعل العدو يفكر في التراجع عن مواقفه، لأن تكاليف المقاومة أصبحت منهكة للصهاينة ومستنزفة لهم بشريا، واقتصاديا، ومعنويا، ونفسيا، وعلى كل الصعد، كما أن المقاومة هي التي تثير الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية، وإذا خسرت السلطة هذه الورقة فستجد نفسها على طاولة المفاوضات مجردة من أي قوة مما يسهل معه فرض الإرادة الصهيونية، ولم يخف شارون تطلعاته تلك فقد بين (أن الإدارة الأميركية توافقه على أن الخطوة الأولى يجب أن تكون وقف العنف الفلسطيني، ولا شيء سيتحرك من دون ذلك).

إذا كان هذا ما يريده الصهاينة، فماذا نحن نريد؟!!!

المصدر