أصحاب الحق لايموتون إلا إذا مات الحق فيهم

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أصحاب الحق لايموتون إلا إذا مات الحق فيهم

بقلم : د/ إبراهيم كامل محمد

(10/03/2014)

الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على خاتم المرسلين , وسيد المجاهدين , وعلى آله وصحبه وعلى التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين , وبعد :

الإسلام دين الحق , هو الحق وغيره الباطل " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " آل عمران 85 .

الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله لعباده " إن الدين عند الله الإسلام " آل عمران من الآية 19 .

والرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – حقٌّ , ودخول الجنة مرهون بطاعته طاعة كاملة " كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ؟ قيل يا رسول الله من يأبى ؟ قال : من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني دخل النار " البخاري .فأتباع محمد صلى الله عليه وسلم هم الذين يدخلون الجنة دون غيرهم ، ويقول صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة : يهودي ولا نصراني ،ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار " مسلم , وروى بنحوه أحمد في مسنده بسند صحيح . ليس هذا فحسب , بل لابد من النزول لحُكمه - لأنه يحكم بحكم الله تعالى " فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " النساء 65 . وأهل الكتاب مُلزَمون بالدخول تحت لوائه – صلى الله عليه وسلم " ياأهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين . يهدي به اللهُ من اتبع رضوانه سُبُلَ السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم " المائدة 15 –16وأردت من هذه المقدمة أن أصل إلى هذه الحقائق المؤَكدة :

الحقيقة الأولى : أن أصحاب الحق لايموتون أبدا

ربما تراهم أمامك قد قُتِلوا بأبشع أسلحة الباطل وجحافله , حيث تَمثَّل الحق في شباب عُزَّل اعتصموا في ميدان واسع , صاموا نهارهم , وقاموا ليلهم , ناهيك عن قلة الزاد . لم تحدثهم أنفسهم – مجرد حديث – أن يردُّوا الإيذاء بمثله , ولوهاجت هذه الملايين الشابة التي تفور حيوية وتتوقد غيرة على دينها , وغيرة على رئيسها الشرعي المنتخب , لأكلوا الأخضر واليابس , ولكن النفس عندهم معصومة , والدماء عندهم غالية , وفضّلوا النفس التقية الورعة " إنما يتقبل الله من المتقين . لئن بسطت إلىَّ يدَك لتقتلني ماأنا بباسط يدى إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين . إني أريد أن تبوء بإثمى وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين " المائدة 27 – 29 , فهل مات هؤلاء حقا ؟ وهل ماتت بسمتهم ؟ وهل نُسِيت ذكراهم ؟

هؤلاء أحياهم الله تبارك وتعالى " ولاتحسبن الذين قُتِلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يُرزقون " آل عمران 169 . لأنهم أصحاب حق , وأصحاب الحق لايموتون أبدا , والدليل على ذلك : آثارهم الطيبة والتي تُكتب لهم بعد موتهم " إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ماقدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين " يس 12 . فهل نُسيت أسماء الصحابة وتابعيهم ؟ وهل نُسي الإمام البنا أوماتت فكرته ودعوته المباركة ؟ مات عبدالناصر وزبانيته , وقُبِرتْ معهم الشيوعية والقومية والعِرقية , وبقِي أصحاب الحق – أصحاب الدعوة – وانتشرت دعوتهم فضربت بجذورها الأرض , أصلها ثابت وفرعها في السماء , وأثْمرت في أنحاء المعمورةأفقيا , ويصعب أن تضع أصبعك على أي مكان من خريطة العالم إلا وتجد أن دعوة الإخوان قد وصلتها .

الحقيقة الثانية : مهما انتفخ الباطل فلابد أن يصعقه الحق ويدمغه ولوبعد حين

حيث خرج الفتية الذين آمنوا بربهم " وزدناهم هدى وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والأرض لن ندعوَ من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا " الكهف 13 – 14 .وحماهم الله بمشيئته من شهوات الدنيا وبطش الظالمين , وفي الحديث النبوي " قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليحمى عبده المؤمن من الدنيا وهو يحبه كما تحمون مريضكم الطعام والشراب تخافون عليه" رواه أحمد والحاكم وصححه الشيخ الألباني . وفي رواية عن قتادة بن النعمان رضي الله عنه: "إذا أحب الله عبدا حماه الدنيا كما يظل أحدكم يحمي سقيمه الماء" رواه الترمذي، وفي رواية الحاكم" كما يظل أحدكم يحمي مريضه الماء"، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وصححه الألباني .

وحفظهم الله في كهف بداخل جبل " وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ..... لواطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا " الكهف 18 .

ثم أيقظهم الله بعد ثلاثة قرون " ولبثوا في كهفهم ثلاث مائةٍ سنين وازدادوا تسعا " الكهف 15 , بعد موت أجيال , وإحياء آخرين , وانتشر الصلاح وانتصر الحق على الباطل , والعجيب أن الله أيقظهم بعد هذه القرون شبابا وفتيانا كما كانوا , وصدق الشيخ الصواف – رحمه الله – عندما قال :

عمري بروحي لابعد سنيني

ولأسخرنَّ غدا من التسعين

عمري إلى التسعين يركض مُسرعا

والروح ثابتة على العشرينِ

والسؤال هل مات أصحاب الحق ؟ الجواب : كلا وألف كلا .

وحبيبنا –صلى الله عليه وسلم – خرج من مكة لأنه يبلغ كلام الله للناس جميعا , وكان جواب المشركين هو نفس جواب الكافرين الجاحدين من قبلهم " قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا " من الآية 78 يونس , والأعجب من ذلك أن الله رده إلى مكة في بضع سنين " إن الذي فرض عليك القرآن لرادُّك إلى معاد " القصص 85 , وقد جاء في تفسير ابن كثير – رحمه الله –" كما قال البخاري عن ابن عباس " لرادك إلى مَعَاد " القصص 85 , قال : إلى مكة , وهكذا رواه العوفي عن ابن عباس " لرادك إلى معاد " : أي مولدك بمكة , وعن الضحاك قال : " لما خرج النبي – صلى الله عليه وسلم – من مكة , فبلغ الجحفة , اشتاق إلى مكة , فأنزل الله عليه " إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد " إلى مكة . والسؤال أين صناديد الكفر والإلحاد الذين كانوا يكثرون من التهديد والوعد والوعيد ؟ " أرأيت الذي ينهى . عبدا إذا صلى . أرأيت إن كان على الهدى . أوأمر بالتقوى . أرأيت إن كذب وتولى . ألم يعلم بأن الله يرى ... كلا لاتطعه واسجد واقترب " العلق , وأين الذين قالوا : " لئن رجعنا إلى المدينة ليُخْرِجن الأعزُّ منها الأذلَّ "؟ (سورة المنافقون)

الحقيقة الثالثة : أصحاب الحق لايموتون إلا إذا مات الحق فيهم

1- عندما تراهم يكتمون الحق وهم يعلمون , ويميتونه في قلوبهم , فهل بقيت في قلوبهم حياة ؟ وإذا مات القلب فهل من محل آخر يسكن فيه الحق ؟

يقول تعالى " ياأهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ماجاءنا من بشير ولانذير – مات الحق في قلوبهم , وفضحهم القرآن وكذبهم " فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير " المائدة 19 .

هؤلاء لاترجوا فيهم خيرا أبدا " بل لعنهم الله بكفرهم " البقرة من الآية 88 , ووصفهم الله بما يستحقون لأنهم أعرضوا عن دعوة الرسول الكريم " إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لايعقلون . ولوعلم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولوأسمعهم لتولوا وهم معرضون " الأنفال 22 – 23 . لذا كان من السهل عليهم أن يتبجحوا ويتمردوا على الله بعد أن أنزل عليهم المن والسلوى " إذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون " المائدة من الآية 24 .

وهل تستغرب عليهم أفعالهم إذا أمات الله قلوبهم ؟ أتحداك أن تجد أناسا مهما قست قلوبهم , وتحجَّرَت عاطفتهم , أن يرى أحدهم جنينا مولودا منذ سويعات ثم يقتله أويقْنصه برصاص غادر ثم يحرقه . أتحداك أن تجدهم مهما بلغت قسوتهم : أن يقتلوا راكعا أوساجدا .وكانت فرصة لخالد ابن الوليد – قبل إسلامه – أن ينقض على الرسول وصحابته وهم يصلون , لكن لايزال في الإنسان خير مهما اشتد قسوة .

أما هؤلاء الانقلابيون يحرم شرعا أن نصنفهم في دائرة الآدميين , ووالله أخشى أن أصفهم بالحيوانات , فإذا بكل حيوان يقتص مني أمام الله , حيث من رحمة الله في الأرض " ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه " صحيح مسلم . ولووصفتهم بالشياطين : فسوف يعترف إبليس بجرمه ويحقِّر من نفسه , ويقر أمام أتباعه" وقال الشيطان لما قُضِي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وماكان ليَ عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلاتلوموني ولوموا أنفسكم ماأنا بمصرخكم وماأنتم بمصرخيَّ إني كفرت بماأشركتمون منِ من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم " إبراهيم 22 . والخلاصة أن الله قد أمات قلوبهم وأعمى أبصارهم .

2 –أ

نت صاحب حق , لايوقف قطار دعوتك موت حبيب , أوسجن صديق , ولايمنع مسيرتك وشرعيتك قطع طريق , ولولم يبق إلا عرق من عروقك ينبض , فكن عمر المختار في قوته وبلاغته " فلن يكسر باطلكم حقي " .

وأريد أن تتعرف معي على من أماتوا الحق في قلوبهم من خلال هذه الآيات " وإذ قالت أمة منهم لِمَ تعظون قوما الله مهلِكُهم أومعذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون . فلما نسوا ماذُكِّروا به أنجينا الذين كانوا ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بماكانوا يفسقون " الأعراف 164- 165 .

الواضح من الآية أن الفرقة التي حاولت أن تحول بين الداعين إلى الله وبين الظالمين – وهي الفرقة التي تعرف الحق لكنها أماتته في قلوبهم فأماتهم الله وهم أحياء– الواضح جليا أن الله أهلكهم مع الظالمين لكن القرآن أهمل حتى مجرد ذكرهم ( فلاتحزن من همزات الشياطين من حزب الزور والشيخ الأزعر ومفتي البلطجية وغيرهم من النصابين المحتالين والسيسيين العسكريين ) .

الحقيقة الرابعة والأخيرة : هذه شعارات أصحاب الحق فخذها بقوة

1 – الحق لايموت في أصحابه , وأصحاب الحق لايموتون إلا إذا مات الحق فيهم .

2 – لاترتجف أقدامنا إلا إذا ارتجف الحق فينا فأوثق الأقدام برباط الحق وإيانا أن تزل قدم بعد ثبوتها .

3 – لاتثق إلا في الله وحده , وفرجه قريب , ولابد أن نستشعر " إن الله معنا "

4 – إذا كنت تحب الحق : فهل تخشى الحق على نفسك أوتخشى نفسك على الحق ؟

5 – إياك أن تكبر يوما والحق يصغر , وكن أبابكر " أينقص الدين وأنا حي "

6 – إياك أن تَغْنَى والحق يفتقر , وإياك أن تعيش سعيدا والحق يحتضِر .

7 – إذا أراد الله تعالى لعبده المعتز به والمعتمد عليه– فخامة الرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي حفظه الله – فلابد أن يسبقه الحق , ثم يخرج فخامته تابعا الحق , وهو بداية التمكين , مادام أن لغة الخطاب قد تغيرت من " اذكرني عند ربك " إلى لغة " ارجع إلى ربك " ولنا في يوسف عليه السلام وفي رسولنا الكريم –صلى الله عليه وسلم – الأسوة الحسنة , وبالفرج القريب نلتقي , والحمد لله رب العالمين .


إمام ومدير المركز الإسلامي - أمريكا

المصدر