أسود خاريخانوف: مهمتنا رحيل الاحتلال الروسي عن بلادنا
[13-06-2004]
مقدمه
أجرى الحوار: أحمد إبراهيم
قوات قديروف ارتكبت جرائم ضد الشعب الشيشاني
ليس هناك علاقة بين اغتيال قديروف ويندرباييف في قطر
منذ اغتيال الرئيس الشيشاني الموالي لموسكو أحمد قديروف في التاسع من مايو الماضي والقضية الشيشانية تحظَى باهتمامات المراقبين والمحلِّلين السياسيين، وسط توقعات بحدوث فراغ سياسي في السلطة بالبلاد، وتأزُّم الموقف الروسي في الشيشان بعد خسارته أقوى حليف شيشاني له خلال الحرب التي اندلعت منذ عام 1999م وحتى الآن مع تزايد احتمالات التصعيد في الجمهورية القوقازية من جانب موسكو للردِّ على عمليات المقاومة الناجحة ومحاولات الكرملين لتعيين قديروف آخَر في الشيشان يحقق لـ"بوتين" أهدافه من الحرب ضد الشعب الشيشاني المسلم.
تثار العديد من التساؤلات حول اغتيال قديروف، ومكاسب المقاومة من غيابه عن الساحة الشيشانية، ومستقبل الحرب في المنطقة.. وتساؤلات أخري طرحناها على السيد أسود خاريخانوف- المبعوث الشيشاني في القاهرة- من خلال هذا الحوار:
نص الحوار
- هل كنتم تتوقعون اغتيال قديروف؟!
- منذ تسلم قديروف السلطة الموالية لموسكو ونحن نتوقع له حدوث ذلك، فحادث الاغتيال لم يكن بعيدًا عن أذهان قديروف نفسه، فقد أخطأ كثيرًا في حق شعبه وكان يحاسب الآباء والأمهات الشيشانيين؛ بسبب مشاركة أبنائهم في المقاومة وارتكبت قواته جرائم بشعة في حق الشعب الشيشاني؛ وتسبب في إحداث صراعات داخلية بين الشيشانيين؛ ولذلك فأمر اغتياله كان متوقعًا في أية لحظة.
طريقةالاغتيال
- من ترون أنه يقف وراء عملية الاغتيال؟!
- قديروف كان له أعداء وخصوم من خارج وداخل السلطة، لهم مصلحة في تصفيته، ولكن لا أعتقد أن المجاهدين وراء تنفيذ هذه العملية، فقديروف كان يسير في حراسة شديدة ووضْع قنبلة تحت المنصة التي كان يجلس عليها أمرٌ مثيرٌ للشكوك ويؤكد وجود اختراق لأجهزته الأمنية، وربَّما دبَّر الاغتيالَ أحدُ المحيطين به أو أحد المرشحين للانتخابات الرئاسية ممن منعهم قديروف من الوصول للسلطة، وبالتالي كوَّن عداوات وخصومات داخل الحكومة الموالية لموسكو.. أما بشأن إعلان القائد الميداني شامل باساييف مسئوليته عن العملية فهذا لم يتأكد حتى الآن، فمجرد رسالة نشرها موقع إليكتروني ونسبها إليه ليس دليلاً كافيًا على وقوفه خلف انفجار جروزني، كما أن الرئيس أصلان مسخادوف نفى تورط المجاهدين في الحادث، وبالتالي فلسنا مسئولين عن أية تصريحات تصدر من جهة أخرى.
- هل يعني ذلك أن هناك مراكز قوى داخل صفوف المقاومة؟!
- إلى حدٍّ ما يشكِّل باساييف أحد مراكز القوى، وله قوات تابعة له، وقد توجد اختلافات في وجهات النظر بينه وبين مسخادوف، ولكنه يعلن دومًا أنه تحت إمرة الرئيس، ويأتمر بأمره، ومن ناحية أخرى فنحن في حرب، والمعركة لها ظروفها وتقلباتها، وهناك عمليات فردية يقوم بها أناس بدافع الانتقام، ليسوا تحت إمرة مسخادوف، ومن الصعب السيطرة على كل ما يحدث في الميدان، ومن الظلم محاسبة مسخادوف عن أية عملية تحدث فهو يدير دفة الأمور في ظروف غير طبيعية، والمقاومة متمركزة في الجبال وسط ظروف صعبة، ولكن الروس دأبوا على توجيه أصابع الاتهام لـ"مسخادوف" حتى ولو وقعت عملية أو انفجار في موسكو.
معاملته للشعب
- البعض يتساءل هل كان قديروف يستحق الاغتيال؟
- نعم، فقد كان يقتل أبرياء؛ بتهمة أنهم متطرفون على حد زعمه، وربما جاء اغتياله لخيانته للشعب الشيشاني، وتواطُئِه مع الروس، كما أن قواته التي يقودها نجله "رمضان قديروف" متورطة في أعمال سرقة ونهب؛ مما جعل الشعب حانقًا على قديروف الذي لم يحظَ بالحب أو الولاء؛ ولذلك كان نبأ اغتيال قديروف مبعث سرور الشيشان، ولم يشارك في تشييع جنازته سوى قواته الخاصة وأقاربه، فالشعب الشيشاني حسَم موقفه منذ سنوات، فهو يتبنَّى خيار المواجهة مع العدو الروسي وعملائه حتى يرحل آخر روسي من بلادنا أو يموت آخر شيشاني.
- ولكن عملية الاغتيال الأخيرة أدانتها دول كثيرة واعتبرتها تسيئ للمجاهدين!!
- أولاً المقاومة لم تتبنَّ تنفيذ العملية، ولم تعلن مسئوليتها عن الانفجار، وهي مستمرة، سواء اغتيل قديروف أم لا.. وثانيًا الإدانات التي صدرت من بعض الدول للحادث لم نسمعها عندما أدين الرئيس الشيشاني الأسبق سليم خان يندر بابيف في قطر، ولم يوجِّه أحدٌ انتقادات لموسكو رغم تورطها في الحادث، وثالثًا نحن في حرب، وقديروف كان عدوًّا للمقاومة وللشعب الشيشاني.
- هل يعني ذلك أن اغتيال قديروف جاء ردًّ على اغتيال يندربابيف؟
- لا أعتقد أن هناك رابطًا بين اغتيال قديروف ويندربايبيف، ولكن التوقيت ربما يوحي للبعض بذلك، ولكن قديروف كان هدفًا للاغتيال منذ سنوات، وتكررت محاولات اغتياله، ولا شك أن اغتيال يندربابيف شكَّل مفاجأةً لنا، ولم يكن متوقعًا أن ترفع روسيا سقف المواجهة، وتستهدف زعيمًا شيشانيًّا كان لاجئًا سياسيًّا في دولة قطر؛ ولذلك ننتظر كلمة الحق والعدل من القضاء القطري في قتلة يندرباييف.
رد فعل الروس
- ألا تخشَون من رد فعل روسي قويٍّ على اغتيال قديروف؟!
- ليكن ما يكون؛ فقد تمرَّسنا على الحرب التي أوشكت أن تدخل عامها السادس على التوالي، والمقاومة قادرة على الاستمرار وتكبيد الروس خسائر فادحة، فإما أن يجلسوا على مائدة المفاوضات، وإما أن تستمر الحرب؛ ولذلك لا نخشى مما ستفعله روسيا ردًّا على اغتيال قديروف، وربما يحاولون اغتيال شخصيات شيشانية؛ ردًّا على ذلك، كما حدث مع يندرباييف، فنحن لا نستبعد حدوث ذلك، ولكن ربما ما حدث في قطر من اكتشاف عملائهم ومحاكمتهم يحول دون تنفيذ هذا المخطط.
- هل جنَت المقاومة مكاسب سياسية وعسكرية بغياب قديروف؟
- لا شك أن ذلك يعدُّ انتصارًا كبيرًا لها يرفع روحها المعنوية، ويوجِّه لطمةً قويةً لموسكو؛ فاغتيال قديروف خسارةٌ فادحةٌ لـ"بوتين" والكرملين، ولكن القضية كما نراها ليست في غياب قديروف؛ فالروس سيأتون بقديروف آخر، ولكن ما يهمنا هو رحيل الاحتلال عن أراضينا، ونيل الاستقلال، وحصول شعبنا على حق تقرير المصير، وهو حق مشروع تقره القوانين والمواثيق الدولية، كما أن نجاح المقاومة ليس مرتبطًا باغتيال قديروف من عدمه، فهي تدافع عن قضية شعب وأرض وعرض، وتملك عوامل الاستمرار لتحقيق أهدافها، واستمرارها لخمسة أعوام على التوالي خير دليل على ذلك، ولن يستطيع أحد أن يكسر شوكتها، وستستمر ولو لمئات السنين، والتاريخ يؤكد أننا نحارب القياصرة الروس منذ 400 سنة؛ فالروح لم تمت، والعزيمة لم تخمد، ورغم أن عددنا قليل فبأسنا شديد ولا نخشى الموت في سبيل الله.
- كيف ترون المأزق الروسي بعد الفراغ الذي أحدثه اغتيال قديروف؟!
- موسكو تنوي إجراء انتخابات في 29 أغسطس القادم، وهناك أكثر من مرشح، والرئيس الحالي بالوكالة إبراموف روسي، لا يجوز أن يترشَّح لرئاسة الشيشان ورمضان قديروف عمره 28، والدستور يشترط بلوغه الثلاثين حتى يمكن ترشيحه؛ ولذلك فموسكو والكرملين بالفعل في مأزق، وليس هناك من يستطيع ملءَ الفراغ الذي أحدثه غياب قديروف، ولا شكَّ أن موسكو ستختار من يَدين لها بالولاء والطاعة، وينفِّذ سياستها في الشيشان، وبالتالي لا نتوقع أيَّ توجُّه جديد في السياسات من قِبَل خليفة قديروف.
- كما أننا نرفض أي شخصية تُفرض على الشعب الشيشاني من قِبل الاحتلال ولا نعترف به، وهناك رئيس شرعي منتخَب للبلاد هو أصلان مسخادوف، وأعتقد أن الرئيس القادم والموالي لموسكو سيكون أيضًا ضدَّ المقاومة، ولكن ربما يحاول إرضاء الشيشان، لكن ليس مستبعدًا أن يتم اغتياله هو الآخر.
- ما حقيقة الحديث الروسي عن جهود إعمار الشيشان؟!
- هذا كذبٌ وافتراءٌ محضٌ؛ فالهدم مستمرٌّ، وتدهور حال البنية التحتية للشيشان حقيقة على أرض الواقع، ومشاهد الدمار في جروزني وكافة المدن والقُرى الشيشانية شاهدةٌ على ذلك؛ فالأموال التي قالت موسكو إنها خصصتها لإعادة إعمار الشيشان تمَّت سرقتها من قِبَل قديروف وحاشيته ومن الروس أنفسهم، كما أن الحديث الروسي بشأن ذلك ما هو إلا محاولة للتعتيم على جرائمهم في الشيشان.
- فالسلطات الموالية لموسكو تحاول إعادة اللاجئين الشيشانيين لديارهم؛ رغم تهدمها وعدم وجود موردِ رزقٍ لهم، ولكن الروس يريدون خداع العالم وإقناعه أن الشيشان عادوا لبلادهم راضين باحتلالهم لها في الوقت الذي تستمر سياسية التفتيش والمداهمة لمنازلهم، واعتقال شبابهم، والتضييق على المعونات الإنسانية التي تصل لمحتاجيهم.
خيار السلام
- ألا يمكن أن تطرحوا خيار السلام لوقف الحرب ونزيف دماء شعبكم؟!
- نحن طرحنا بالفعل خطةَ سلام شيشانية، وطلبنا الجلوس على مائدة المفاوضات دون شروط مسبقة، ومسخادوف أعلن ذلك مرارًا ودعا لحفظ دماء الآبرياء ووقف العمليات من كِلا الجانبَين، ولكنَّ موسكو تصرُّ على الرفض، وعرضُنا هذا لا يمثِّل ضعفًا من جانب الشيشانيين، والحقائق على أرض الواقع تؤكِّد أن دفَّة المعركة ليست لصالح الروس بل تكبَّدوا خسائر فادحةً، لكن هناك أطرافًا داخل روسيا لها مصلحة في استمرار الحرب، كجنرالات الجيش، وبوتين الذي دخل الكرملين على دقات طبول الحرب ضد الشيشان.
- وهناك مكاسب من تجارة السلاح والنفط الشيشاني تروجها أطراف يهمها استمرار الحرب، بينما تطالب منظمات حقوق الإنسان داخل روسيا والمجتمع الدولي أيضًا بوقف الحرب، ووقف نزيف الدماء الروسية؛ فموسكو بلا شكٍّ تخسر باستمرار الحرب فهي فشلت في القضاء على المقاومة، ولا مفرَّ أمام الكرملين من الجلوس على مائدة المفاوضات، وإلا فيستمر إرسال نعوش جنودهم إليهم، ولا يستطيع أحد أن يتكهَّن بموعد نهاية الحرب، فبوتين باقٍ في السلطة حتى عام 2008م.
المصدر
- حوار: أسود خاريخانوف: مهمتنا رحيل الاحتلال الروسي عن بلادنا موقع اخوان اون لاين