أسوأ من سوريا والعراق

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أسوأ من سوريا والعراق

بقلم : أحمد القاعود

(30/10/2014)

قبل أسابيع انتشرت فجأة " للسخرية و الاستهزاء" عبارة استخدمها نظام 30 يونيو و أنصاره في مصر لتبرير قمع الحريات و تخريب الضمائر غير المسبوق في تاريخ مصر الحديث . هذه العبارة هي " مش أحسن مانبقي زي سوريا و العراق " علي اعتبار أن نظام 30 يونيو بقيادة قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي جنب مصر هذا المصير المأساوي وحمي شعبها من مصير شعبين عريقيين أصبحا يعيشان نكبة انسانية كبري .

خلال الأيام القليلة الماضية قتل في مصر نحو 41 عسكريا بخلاف عدد من قوات الأمن في عدة مناطق ، و وقعت عدة تفجيرات أشهرها أمام جامعة القاهرة ، و قتل عدد من المواطنين علي يد رجال شرطة ، و وضرب و أهين عدد أخر . هذا بالنسبة للمواطنين العاديين ، أما المسيسين منهم و هم الرافضون للانقلاب ، فحدث ولا حرج عن كمية التنكيل و الفظائع التي وقعت بحقهم و كان أبرزها قتل طالب بكلية الهندسة بالاسكندرية برصاصة في الرأس , منعت السلطة فيما بعد اقامة جنازة له ، وهي أخر ما تبقي من علاقة بين الانسان الميت و عالم الأحياء ، ثم قتل طفل لديه من العمر 9 سنوات في تظاهرات الجمعة الحاشدة و المستمرة منذ 15 شهرا ضد الحكم العسكري الارهابي ، و غيرها من الجرائم التي لا يتسع المقال لذكرها أو يمكن لشخص واحد حصرها .

خلال الأيام القليلة الماضية أيضا شنت وسائل الاعلام الداعمة لنظام 30 يونيو و الوحيدة العاملة في مصر حربا ضروسا ضد عدد من صبيان الانقلاب الذين بدأوا يرفضون تصرفات كانوا يؤيدونها بحق المنتمين لما يسمي بالاسلام السياسي ، لكنها بدأت تطال بعضا منهم ، خدم الانقلاب و منظريه أصبحوا عرضة لانتقام ألة القتل و الكراهية المسماة وسائل اعلام في مصر .

خلال الأيام الماضية أيضا شاهد المصريون سيدة حامل تضع مولودتها في الشارع أمام مستشفي كفر الدوار بمحافظة البحيرة بعد أن رفض مديرها استقبالها ، الصورة أعادت للأذهان صورة المعتقلة دهب التي وضعت في المستشفي وهي مقيدة ب" الكلابشات " في سرير المستشفي خوفا من هروبها ، رغم أن دهب لم تكن تاجرة مخدرات أو قاتلة محترفة ، دهب واحدة من الثائرات العظيمات اللاتي رفضن ولا زلن أن يحكم الدولة ارهابيون عتاة في الاجرام .

المشهد لم يخلو أيضا من صورة طفلين مقيدان بالأصفاد تمهيدا لمحاكمتهم ، وهما تحت السن القانوني ، و صورة بارزة جابت الأفاق لعميد مضربي العالم عن الطعام ، وهو المعتقل محمد سلطان نجل الداعية المعتقل صلاح سلطان . صورة الوالد وهو ينظر الي جسد ابنه الهزيل علي سرير أمام قضاة انتزعت من قلوبهم الرحمة كفيلة بشق الحجر . لكن الحجر في مصر لم يحن أوان شقه بعد .

كانت أخر الصور المروعة في غابة 30 يونيو صورة لطفل مصاب بالسرطان فقد شعر رأسه نتيجة العلاج الكيميائي ، دعته حاشية قائد الانقلاب لمقابلة الزعيم لتحسين صورته التي ارتبطت بقتل والدة الطفل صاحب الفيديو الشهر الذي يستجدي والدته الشهيدة للاستيقاظ بعد أن غادرت الدنيا برصاص قوات السيسي في رابعة العدوية .

في النهاية كان مقتل 31 جندي جراء تفجير في سيناء تبعه اجراءات قمعية ضد أهلها وفرض حالة طوارئ وحظر تجوال .

السؤال الوارد في ذهني دائما هو كيف تحول شعب طالما ردد أبناؤه أنهم طيبون و أصحاب رحمة ، و كيف تحولت دولة عرف عن شعبها صفات مثل " الجدعنة أو مؤازرة الأخرين في الشدائد " إلي دولة عديمة الرحمة و فاسدة الضمير ؟!!!

مصر بعد ال 30 من يونيو و ماسبق هذا التاريخ من فعاليات مارس فيها معارضو الاخوان أفعالا اجراميا اعتبروها حقا مشروعا ليست مصر التي نعرفها ولا عرفناها عبر الأيام ، مصر في الاصدار الثاني للحكم العسكري الذي جاء بعد 62 عاما من الاصدار الأول ، باتت أكثر قسوة واجراما بحق أبنائها و أقل رحمة و انسانية تجاههم .

الحكم العسكري الحالي لمصر القابض علي سلطة مهتزة تواجه بثورة عارمة في الشارع ، حول مصر إلي غابة و أرض ترتكب فيها المحرمات و الفظائع ، ويغيب عنها الضمير و المنطق ، لا دستور يحكم و لا قانون و بمناسبة الدستور و القانون ، كان الاجراء الأكثر عنصرية بعزل عدد من رجال القضاء لأن أبائهم ليسوا خريجي جامعات . الحدث لو وقع في دولة غربية تؤمن بالعدل و المساواة قبل ثلاثة قرون من الزمان لقامت الدنيا ولم تقعد علي مثل مرتكب هذا القرار الاجرامي .

مصر الان ليست أحسن حالا من سوريا و العراق ، مصر الأن تشبه الوضع العراقي ، ولم تصل بعد إلي الوضع السوري ، مصر يحكمها نظام عنصري وحشي يكفر معارضيه و يصفهم بالارهاب و يفض تظاهراتهم و اعتصاماتهم لمجرد المطالبة بحقوق ، و تزيد فيها نشاطات الجماعات المسلحة تماما مثلما العراق في عهد رئيس وزرائها السابق الذي حكمها بطائفية كريهة وفساد و ارهاب وحشي حتي استيقظ العراقيون فجأة علي اجتياح تنظيم الدولة نصف أراضيهم . و وجود بقايا جيش و شبه سلطة تحكم عاصمة واقعة تحت تأثير العمليات الانتحارية ويغيب عنها الأمن .

الحل الجذري لانقاذ دولة وشعب بحجم مصر من الوقوع في المستنقع العسكري الفاسد و الاجرامي هو استكمال الثورة . الثورة وفقط .


المصدر