أحمد طلب يكتب .. الحلول العبقرية للحكومة المصرية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أحمد طلب يكتب .. الحلول العبقرية للحكومة المصرية


(16 مارس 2016)

لا يختلف اثنان في مصر على أن البلاد تعاني أزمة اقتصادية حادة تحتاج لكل جهد وفكر، ويعلم الجميع أن مصر تحتاج الآن لحلول مبتكرة أكثر من أي وقت مضى، ومن المفترض أن تكون الحكومة هي الرائدة في هذا المجال وتقود البلاد لبر الآمان في هذه المرحلة الحرجة، ولكن خرج علينا خلال أول أسبوعين من شهر مارس الجاري بعض المسؤولين في مصر بعدد من الحلول الجديدة والمبتكرة وكذلك العجيبة.

فمع اشتعال أزمة الدولار خرج محافظ السويس بحل عبقري وهو تصدير الكلاب وذلك لتوفير العملة الصعبة، ولم يمر أيام على طرح هذا الحل حتى خرجت عدة وزارات بقيادة وزارة الاستثمار بحل اقتصادي جديد وهو خطة تطوير "أكشاك السجائر" المملوكة لصغار المستثمرين من الشباب، بل إن أشرف سالمان، وزير الاستثمار، أجرى جولة بين عدد من الأكشاك التي تم تطويرها بصورة حضارية.

وزير التموين أوصل سلسلة الحلول المبتكرة ووعد بتصدير الصلصة للصومال، حيث جاء ذلك خلال لقاء الدكتور خالد حنفي وزير التموين والتجارة الداخلية مع الدكتور سعيد حسين وزير الثروة الحيوانية والمراعي والغابات الصومالي، لبحث تصدير سلع مصرية للصومال، وهذه في الحقيقة نظرة ثاقبة لفتح أسواق إفريقيا عن طريق الصلصة الحارة.

زعزوع، وزير السياحة المصري، من جانبه أدلى بدلوه في قائمة الحلول العبقرية الذي جاء في أكبر ملتقى لكبرى شركات ووكلاء السياحة في العالم وهذا الحل في الحقيقة أخجلني كثيرًا، ألا وهو واقعة استعانة الوفد السياحي المصري خلال مشاركته في بورصة برلين السياحية العالمية بعدد من الراقصات لجذب انتباه رواد البورصة، وذلك من خلال تأدية وصلات من الرقصات المصرية الشعبية.

وعامر، محافظ البنك المركزي، لم يشأ أن يأتي منتصف مارس حتى يقدم أكثر الحلول الاقتصادية عبقرية في تاريخ مصر، حيث قرر القضاء على السوق السوداء في مصر من خلال ضرب العملة المصرية في مقتل، حيث وجهه ضربة عنيفة للجنيه المصري من خلال خفضه مقابل الدولار بنحو 15%، وهذا هو أكبر خفض للجنيه في تاريخ مصر على الإطلاق، ولو كان هذا الخفض في دولة غير مصر لكان كفيلاً بالإطاحة بالمجموعة الاقتصادية بالكامل.

في الحقيقة قرار عامر كان صادمًا بل أصابني بالذهول رغم إدراكي التام أن الجنيه لم يصل بعد لقيمته الحقيقية ولكن خفضه بنحو 112 قرشًا دفعة واحدة هو بمثابة انتحار وليس تصحيح مسار، ثم إن القرار بهذه الطريقة لا يراعي المواطن البسيط الذي سيدفع فاتورة هذا الخفض مضاعفة من خلال ارتفاع الأسعار وتهاوي القيمة الشرائية للجنيه.

عمومًا هذه نماذج من حلول الحكومة المصرية العبقرية التي توقفت أمامها كثيرًا وصمت عن التعليق على بعضها وتجاوبت مع أخرى لكن على أي حال، مصر ليست في حاجه إلى هذه النوعية من العبقرية في الوقت الحالي بأي شكل من الأشكال.

فالعبقرية البلهاء التي ليس لها محل من الإعراب كتصدير الكلاب والصلصة قد تمر، ولن أتوقف عندها كثيرًا، وكذلك ترك كل شيء وعمل عدة وزارات على تطوير أكشاك السجائر أمر عجيب لا أجد له تعليقًا مناسبًا، ولكن عندما يصل الأمر إلى عبقرية تصور المصريين أصحاب الـ7 آلاف سنة حضارة وتختزل هذه الحضارة في وصلة رقص في برلين فهذه عبقرية مُخْزِية، ستجلب العار للسياحة المصرية ولن تجلب لمصر وفود من السائحين فالرقص لا يبهر العالم فما أكثر الراقصين.

لا تدل هذه الحلول إلا على الافتقار في الإبداع والتخبط في التخطيط وعدم الوعي لتبعات القرارات، كما أن هذه الحلول تؤكد أنه لا أحد يشعر بالمواطن الذي بات غير قادر على تلقي صدمات جديدة في ظل صراع يومي مع الغلاء والبطالة والتضخم وغيرها من المشاكل التي تؤرق المصريين.هذه الحلول إهانة لما تمتلكه مصر من مقومات سياحية وقامات اقتصادية وعقليات شبابية لديها القدرة على ابتكار حلول حقيقية تسهم في خروج مصر من هذه الورطة.

أعذروني لم تكن هذه حلولاً مبتكرة بل كانت نماذج فشل في إدارة أزمات الدولار والسياحة والصادرات والاستثمار والاقتصاد المصري بوجه عام، فشلت الحكومة في حل أزمة تراجع الصادرات فكان الاقتراح بتصدير الصلصة والكلاب، وفشل زعزوع في ملف جذب السياحة فلجأ لفقرة الرقص في معرض بورصة برلين، وفشل سالمان في جذب الاستثمارات وتشغيل الشباب فلجأ إلى تطوير أكشاك السجائر، وفشل عامر في إدارة الملف الأكثر حساسية في مصر وهو قيمة الجنيه أمام الدولار فلجأ إلى التعويم بهذه الصورة المتهورة.

لكن يبقى السؤال إلى أين سيقودنا هذا الفشل وإلى متى سيستمر؟! الله أعلم .. ولكن ما أعلمه تمامًا هو أن الاقتصاد المصري لن يستطيع تحمل مثل هذا النماذج من الفشل مرة أخرى.

المصدر