أحداث شرم الشيخ واليد الخفية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
أحداث شرم الشيخ واليد الخفية
توفيق الواعي.jpg

بقلم الدكتور: توفيق الواعي

الذي يظهر من أحوالنا ومن اهتماماتنا العشوائية أننا قد بعدنا كثيرًا عما يجب عمله أو ينبغي الاهتمام به، وشغلنا كثيرًا بأمور الحكم والتوريث والاعتقالات والقهر وتفصيل القوانين السيئة وكبت الحريات وإحكام الانسداد السياسي، وتركنا بلادنا تمرح فيها جواسيس الأعداء لتفعل بنا ما تشاء.

ولا بد لنا أن نعترف بأن هناك فوضى سياسية وأن هناك ارتباكات داخلية وخارجية استغلها أعداؤنا، ووجدوا أن هذه الفوضى مناسبة لتوجيهها إلى صالحهم، تحت أغطية مختلفة، مثل القاعدة والزرقاوي وتنظيم الرافدين وكتائب عزام، وأخيرًا انتقام أهل سيناء، وقاموا بأعمال وتفجيرات مؤلمة لا تنسجم إذا دققنا النظر فيها جيدًا مع أهداف القاعدة أو قدرتها وتقنيتها وأسلوبها.

وعلى هذا فإن خبراء أمنيين من وزن اللواء فؤاد علام شككوا في الأصل في وجود تنظيم يحمل اسم تنظيم قاعدة البلاد في بلاد الشام أو أرض الكنانة أو كتائب الشهيد عبد الله عزام وقال: "حتى الآن لا توجد أي دلالة على وجود مثل هذه التنظيمات التي تخترع، ولا يعرف أي فرد من أفرادها".

ويدعم هذه الفكرة أولاً: تعدد الجهات التي أعلنت مسئوليتها عن تفجيرات شرم الشيخ الذي أُريد له أن يوقع أكبر الخسائر وسط المصريين وبعيدًا عن السياح الأجانب الذين لا يوجدون في مثل هذا الوقت بالذات في أماكن التفجيرات، حيث يكونون بالليل في حفلات السهر حتى مطلع الصباح، ويصعب وجودهم في الأسواق أو في مواقف السيارات في هذا الوقت بالذات.

ثانيًا: الواضح من التفجيرات سواء كانت في طابا أو في شرم الشيخ- أشهر المناطق سياحيًا واقتصاديًا- أن المراد هو الإضرار بالاقتصاد المصري؛ إذن فمن صاحب المصلحة في ذلك، في وقت يعاني فيه الكيان الصهيوني من شبه انهيار اقتصادي وسياحي.

ثالثًا: هذه المناطق تشهد استعدادًا أمنيًا كبيرًا، كما يقولون، حيث تعتبر شرم الشيخ مقر إقامة الرئيس مبارك الدائم، وتهريب المتفجرات إليها يعتبر أمرًا في غاية الصعوبة، إلا إذا كانت الجهة الفاعلة ذات مستوى دولي عال في التخطيط والتنفيذ.

رابعًا: بعض التفجيرات العربية إلى الآن لم يستطع أحد أن يتأكد من مدبريها، مثل تفجير موكب الحريري في لبنان ، وتفجيرات شرم الشيخ في مصر ... إلخ، إذن فأين أجهزة المخابرات المحلية والعالمية التي تعمل ليل نهار على مكافحة الإرهاب وتقليص خطورته! أليست هذه هي الأخرى كذبة كبيرة؟

إذن وفي ظل هذه الأجواء التي لا تتوافر فيها الأدلة والتي تستغل لتلويث سمعة الإسلام والمسلمين، يكون هذا لصالح من؟ ومن الفاعل الحقيقي إذن؟ ولم يستغل البعض الحوادث المؤسفة ليصطاد في الماء العكر ويزيد المسلمين كربًا على كربهم وخسارة على خسارتهم، ويتعامى عن الفاعل الأصلي الذي مازال طليقًا يفكر في غيرها وغيرها، ولا تعود الدائرة إلا علينا وعلى سُمعتنا بما يسمى بالإرهاب الإسلامي زورًا وتجنيًا، وعلى أبنائنا بالمطاردات والحبس والإعدامات وتشتيت الأسر وخراب البيوت.

خامسًا: ليست هذه هي المرة الأولى ولا الأخيرة التي يقوم فيها الكيان الصهيوني بعمليات إرهابية ويلصقها بالعرب:

1- ففي سنة 1954 كانت العلاقات بين مصر وأمريكا قد تحسَّنت، وحصلت مصر لتوها على إعانة أمريكية مقدارها خمسون مليون دولار، كما كانت أمريكا تدرس إمكانية مساعدة مصر في ترميم سد أسوان، ولم تكن هذه الأوضاع تروق لليهود، فقرروا الشروعَ في القيام بحملة إرهابية داخل مصر ، وإلقاء اللوم على المصريين، رجاء أن تثمر عن إفساد العلاقات الثنائية بين مصر وأمريكا، ويتمكنوا بذلك من تحقيق طموحاتهم العسكرية والاستيلاء على سيناء بتأييد من أمريكا، ولكن أنى لهم ذلك وأمريكا راضية عن مصر!

فقام الكيان الصهيوني بإرسال بعض عملاء الموساد إلى عددٍ من المنشآت المدنية الأمريكية في مصر ، محملين بكتب من نوع خاص، وكانت أغلفة تلك الكتب تحتوي على كيسين: الكيس الداخلي يحمل مادة متفجرة، والكيس الخارجي يحوي حامضًا، فإذا وضعت تلك الكتب في المكتبات الأمريكية أخذ الحامض يأكل في الكيس الداخلي حتى يصل إلى المتفجرات، ثم يفجرها وبالفعل تم تنفيذ الخطة ونجحوا في تفجير عدد من المنشآت الأمريكية، وبدأت العلاقة تسوء بين مصر وأمريكا.

ولكن طمع الكيان الصهيوني في المزيد، واستمرت عمليات التفجير، رجاء أن تدفع أمريكا إلى قطع العلاقات تمامًا مع مصر حتى تصل إلى العداء، وكان هذا خطأ فادحًا، حيث أدى ذلك إلى كشف مخططهم وفضحهم، إذ تم القبض على شابين من اليهود المصريين يحاولان التسلل إلى بعض المنشآت الأمريكية داخل مصر ، وهما يحملان كتابين من نفس النوع الذي تم استخدامه في عمليات التفجير السابقة، وبعد التحقيق مع هذين الشابين اعترفا وتمَّ القبض على ستة عملاء يهود آخرين كانوا قد شاركوا في الحملة الإرهابية نفسها، وقد أدى ذلك استقالة وزير الدفاع اليهودي (بنهاس لافين)، وكانت فضيحة كشفت الكثير من الغدر والخداع اليهودي.

2- ومن تلك العمليات أيضًا الاعتداء على السفينة الأمريكية (ليبرتي)، التي كانت مهمتها التنصت على جميع الاتصالات في اللاسلكية المنطقة، ورأى اليهود بضربها أنهم (يصطادون عصفورين بحجر واحد):

الأول: أن يلقى اللوم على مصر والعرب، واتهامهم بالقيام بعمليات إرهابية.

الثاني: منع أمريكا من التنصت على عملية الاعتداء على الجولان السورية والسيطرة عليها.

3- ومن تلك العمليات عملية (تروجان) ب ليبيا ، لإفساد علاقة أمريكا بها، وقد تمَّت بنجاح وفسدت العلاقات وتطورت إلى ضرب ليبيا ومقاطعتها، ويقول أوستروفسكي: "عملية تروجان كانت من أنجح عمليات الموساد على الإطلاق".

ونحن نعلم بعد العمليات الصهيونية التي لا تُحصى لتلويث سمعة العرب والمسلمين أننا سنغضب ونحزن ونذرف الدموع على سرب الشهداء الجدد وعلى ما ينتظرنا، ولكنا لن نيأس ولن نسمح لأنفسنا بالاكتئاب، لأننا لابد أن ننتصر في النهاية ونعرف الحقيقة، رغم الظلام والأيدي الخفية والماء العكر الذي يسيطر على بلادنا.

المصدر

قالب:روابط توفيق الواعى