أتعبتنا ياشيخ الأجيال الأشَم

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أتعبتنا ياشيخ الأجيال الأشَم


إبراهيم كامل.jpg

د. إبراهيم كامل

( الثلاثاء, 26 سبتمبر 2017)


الحمد لله رب العالمين الذي خلق الموت الحياة " ليبلوكم أيكم أحسن عملا " و " ليعلم الله الذين صدقوا وليعلم الكاذبين " والصلاة والسلام على الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم وبعد :

قال تعالى "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا "

رحم الله شيخ الأجيال وبطل الدعوة ومرشدها السابق فضيلة الشيخ والمربي محمد مهدي عاكف الذي انفجرت على فراقه دموع المخلصين من رجال هذه الأمة فوق كل أرض وتحت كل سماء .. هذه الدموع لم تكن دموع حزن وفراق .. بل دموع الفرحة والكرامات على حسن الخاتمة ونعمة الستر الربانية على عباده وأوليائه الصالحين .. بل ونهنؤه على الشهادة التي فكَّت أسره من قبضة الظالمين المأجورين وتركهم كما قال الله تعالى فيهم " قل موتوا بغيظكم " فمن ضيق الدنيا إلى سعة الله ورحمته صعدت روحه الطاهرة إلى ربها لتشكو له ماعاشته ومانالته من هؤلاء المستعمرين المستعربين .

إنها الشهادة بإذن الله تعالى ياشيخ الأجيال

قال تعالى " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون . فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون . يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين " وقال تعالى " ولاتقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لاتشعرون "

فقد قبضه الله تعالى في يوم الجمعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر" رواه الترمذي وقال الألباني يرتقي إلى الحسن والصحيح بمجموع طرقه و قال الحكيم الترمذي " ومن مات يوم الجمعة فقد انكشف له الغطاء عما له عند الله، لأن يوم الجمعة لا تسجر فيه جهنم وتغلق أبوابها ولا يعمل سلطان النار فيه ما يعمل في سائر الأيام، فإذا قبض الله عبدا من عبيده فوافق قبضه يوم الجمعة كان ذلك دليلا لسعادته وحسن مآبه، وإنه لا يقبض في هذا اليوم إلا من كتب له السعادة عنده فلذلك يقيه فتنة القبر لأن سببها إنما هو تمييز المنافق من المؤمن " ويقول صاحب التحفة الأحوذية " ومن تتمة ذلك أن من مات يوم الجمعة له أجر شهيد فكان على قاعدة الشهداء في عدم السؤال " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:ما من مسلم أو مسلمة يموت في يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقي عذاب القبر وفتنة القبر ولقي الله ولا حساب عليه، وجاء يوم القيامة ومعه شهود يشهدون له أو طابع" تحفة الأحوذي . وعلى العاقل أن يتذكر ويتفكر فيمن سبقه من المرشدين السابقين كان كذلك في يوم الجمعة ولعل هذه النعمة لصدقهم وإخلاصهم لله تعالى.

إنها الشهادة حيث قال صلى الله عليه وسلم " الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله " و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله المطعون شهيد، والغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحرق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجُمع شهيد " أي في بطنها الولد .

كم كنت بطلا وأسدا في شبابك ... جبلا أشما في شيخوختك

كلما أقرأ قوله تعالى ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) وقوله تعالى (الم . أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ )

كلما أتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا سمعتم بجبل زال عن مكانه , فصدقوا , وإذا سمعتم برجل تغير عن خلقه فلا تصدقوا به , وإنه يصير إلى ما جُبل عليه " صححه صاحب النوافح العطرة وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح إلا أن الزهري لم يدرك أباالدرداء . كلما أتذكر صلى الله عليه وسلم "" سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله " قال الحاكم :صحيح الإسناد وصححه السيوطي والألباني

كلما أتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنَّ عِظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإنَّ الله عز وجل إذا أحب قوماً ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط " صحيح الترمذي

كلما أتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ " مسلم .

كلما أتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " أشد الناس بلاء الأنبياء, ثم الأمثل فالأمثل, يُبتلى الرجل على حسب دينه, فإن كان دينه صلباً أشتد بلاؤه, وإن كان في دينه رقه, ابتلي على حسب دينه " صحيح وقال: "أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون" وقال "إن عظم الجزاء من عظم البلاء" وقال " فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة "

كلما أتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز لا تهتز حتى تستحصد" رواه مسلم

كلما أتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقارض " الترمذي

كلما وقفت مع هذه الآيات والأحاديث أعترف لك بعلمك وفقهك وصبرك على آلام طريق الدعوة كي تنال غايتك الكبرى ألا وهي إرضاء الله تعالى والفوز بالفردوس الأعلى فلم يؤثر عامل الزمن في قوتك وحيويتك وثباتك وبيعتك وصدق القائل سنّي بروحي لا بعد سنين فلأسخرن غداً من التسعين عمري إلى السبعين يركض مسرعا والروح ثابتة على العشرين نعم إنها ضريبة البيعة التي لم تجعل في جسدك موضع شبر إلا وقد نال الحاقدون منها لقد كنت معلما حقا في فقه الثبات الذي نحن بحاجة إلى إعادة فهمه وتدقيقه فقدمت نفسك فداء لدينك ولدعوتك بل وأستشعر عنفوانك أيها الأسد عندما تتحدى أعداء الله بقولك تا لله ما الطغيان يهزم دعوةً يوماً وفي التاريخ برُّ يميني ضع في يدي ّ القيد ألهب أضلعي بالسوط ضع عنقي على السكّين لن تستطيع حصار فكري ساعةً أو نزع إيماني ونور يقيني فالنور في قلبي وقلبي في يديْ ربّي .. وربّي ناصري ومعيني سأعيش معتصماً بحبل عقيدتي وأموت مبتسماً ليحيا ديني نعم إنه الثبات الذي أنبت في قلبك شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء نعم إنه الثبات الذي قال فيه الإمام البنا " وأريد بالثبات أن يظل الأخ عاملا , مجاهدا في سبيل غايته مهما بعدت المدة وتطاولت السنوات والأعوام , حتى يلقى الله على ذلك وقد فاز بإحدى الحسنيين , فإما الغاية وإما الشهادة في النهاية ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا ) نعم إنها رسالة التعاليم التي قال في مقدمتها الإمام حسن البنا "

فهذه رسالتي إلى الإخوان المجاهدين من الإخوان المسلمين الذين آمنوا بسمو دعوتهم ، وقدسية فكرتهم ، وعزموا صادقين على أن يعيشوا بها ، أو يموتوا في سبيلها ، إلى هؤلاء الإخوان فقط أوجه هذه الكلمات ، وهي ليست دروساً تحفظ ، ولكنها تعليمات تنفذ , فإلى العمل أيها الإخوان الصادقون نعم لقد كنت في زنزانتك تتذكر فيها حياة السلف الصالح عندما أرادوا أن ينالوا من شيوخ الدعوة على مر العصور فكانت إجابتك لهم واحدة " ما يصنع أعدائي بي أنا جنتي وبستاني في صدري ، أنّى رحت فهي معي لا تفارقني ، إنّ حبسي خلوة ، وقتلي شهادة ، وإخراجي من بلدي سياحة " بل واستشعرت رغم آلامك وإصاباتك وتعذيبك وكنت تعض على شفتك حتى لاتتأوه وكأني أسمعك في سجودك وفي محبسك المظلم الرديء الكريه الرائحة " اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " بل وأستشعرك وأنت تبتسم وتقول للأجيال القادمة " المحبوس من حبس قلبه عن ربه تعالى ، والمأسور من أسره هواه " لقد أتعبتنا جميعا أيها الشيخ الكبير قضايا ملفقة ... لم يرحموا شيخوختك ... لم يذكروا جهادك ضد الاستعمار ... لم يرحموا آهات بناتك وشغف أبنائك من أجل زيارة ... ماذا لوكنت مجاملا لهم معترفا بجرمهم ؟ طلبوها منك مرارا وتكرارا أن تكتب طلب عفو بيدك وقلمك لزعيمهم الذي هو كالخنفساء " لايكل ولايمل كي ينال من قاذورات وفتات ودراهم أسياده وكلما ركلوه رجع إليهم " فأبيت ... طلبوا أن تتكلم بلسانك وأنت تترافع بأنك " شيخ كبير وأطلب العفو " فأبيت ... طلبوا أن تقرَّ بشرعيتهم وتنال البراءة فأبيت .... طلبوا وطلبوا وطلبوا فأبيت لأنك الجبل الأشم لأنك رافع الرأس شامخ كريم ... ذليل النفس للمؤمنين ... عزيز على المتجبرين الانقلابيين .

أربع سنوات وأكثر تضاف إلى سنواتك السابقة .... لقد كنت مرعبا حقا فقد أخَفْت الجبناء جميعا فتكالبوا عليك بعددهم وعدتهم بدءا من الطاغوت عبدالناصر وصاحبه السادات وتلميذهم اللامبارك وآخرهم الذي لم ولن يرى النوم أبدا ألا وهو المجرم الانقلابي ابن اليهودية القزم المسمى بالسيسي ووالله إني أشبه لحظاته الآن بعد شهادتك بشيطان بني ثقيف الحجاج بن يوسف الثقفي مع الفارق بين الاثنين حيث لم يفلح الأول في الدراسة وأما الآخر فكان فصيحا بليغا أديبا لكنه كان من الطغاة أيضا ... عندما قتل الحجاجُ سيد التابعين الإمامَ سعيد بن جبير الذي كان يختم القرآن كله في ركعة لم يلبث الحجاج بعده سوى أربعين يوماً وكانت تعتريه الكوابيس والأحلام المفزعة ولم ينعم بنومة وكان إذا نام يرى سعيداً في المنام وهو يأخذ بمجامع ثوبه ويقول له 'يا عدو الله فيم قتلتني ؟ فيستيقظ الحجاج فزعاً وهو يقول 'مالي ولسعيد بن جبير , مالي ولسعيد بن جبير' وعندما علم الحسن البصري بالخبر قال 'اللهم يا قاصم الجبابرة اقصم الحجاج' فما بقي بعدها الحجاج سوى ثلاثة أيام . ونسأل الله تبارك وتعالى أن يستجيب دعاء الصالحين في عدو الله وخادم الصهاينة وكلبهم " السيسي " وأن يجعل كل أوقاته كوابيسا وأحلاما مفزعة وأن يعجل الله بموتهم جميعا . رحمك الله ياشيخ الأجيال فلم يتركوا فرصة ليحملك أحباؤك ويصلون عليك ويدفنونك ... لأنهم يعلمون جيدا أن الجموع الغفيرة والآلاف من رجال الدعوة سيخرجون كالأسود الجارحة ... لأنهم خافوا أن يتعاطف معهم من غُرِّر بهم ... لأنهم خافوا على أنفسهم حقا .

يالها من قضايا لن يحكم فيها إلا الله تعالى ... لقد صعدت روحك إلى ربها وكل القضايا سيحكم فيها الملك العدل " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " وويل لقضاة الأرض من قاضي السماء .

وأخيرا إلى كل أبناء الدعوة وأبناء الشرعية عيشوا كراما كما عاش شيخ الأجيال أوموتوا كراما وقد أعذرتم إلى الله تعالى ولاتتنازلوا عن كل مااتفقتم عليه لعودة الشرعية ودَعُوا المثبطين وقليلي الهمم وسيأتي الوقت الذي يفرح المؤمنون فيه بنصر الله .

والله نسأل أن نموت على طاعة وصدق وعزة على الكافرين وأن يمكن لدينه وعباده المتقين . ونسأل الله تعالى أن يكون شيخنا هو آخر من يُقتل في سجون الظلمة الفجرة وأن يفك الله أسْرهم واعتقالهم وأن يفك الله تعالى أسْر مصرنا من المعتقل الكبير الذي لانهاية له وأن يرد فخامة الرئيس مرسي إلى المخلصين من أمته وماذلك على الله ببعيد وماذلك على الله بعزيز .

اللهم لاترفع للباطل راية ولاتجعل لهم غاية وخذهم أخذ عزيز مقتدر والله أكبر ولله الحمد .

المصدر