أباة لا بغاة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أباة لا بغاة

بقلم : صادق أمين

(05/05/2014)

( الواقع أن الإسلام مرت به أيام سود حتى قيل قرُب أجله، و بغتةً تنشق الظلمة عن نهضة جديدة تدور بها رحاه أعظم مما كانت )

تلك قراءة و رصد الشيخ محمد الغزالي ـ رحمه الله ـ لحركة هذا الدين عبر التاريخ؛ و لذا نخوض المعركة الحالية ضد الانقلاب واثقين أن الحق لن يبيد، و أن ما حلَّ بدعوة الإخوان المسلمين ليس بدعاً؛ إنما دورة من دورات الحياة؛ يعقبها النصر الذي لابد منه، يوم يتهيأ المسلمون له بالإيمان و الخلق و التقوى و الجهاد.

و سنظل ـ أبدا ـ أباة لا بغاة؛ نكافح في تفاؤل، و نجاهد في كبرياء، لا يهين و لا يتضعضع؛ لأن المسألة عندنا ليست عملية حسابية للمصالح الشخصية كم في كم و يبقى ماذا؟؛ لكنها كما قال الشاعر:

إذا القوم قالوا مَنْ فتىً خلتُ *** أنّي عُنيتُ فلم أكسلْ و لم أتبلدِ

و قد ترجمها فضيلة المرشد ـ في أيامنا هذه ـ عقب سماعه الحكم عليه بالإعدام، بقوله: ( لو أعدموني ألف مرة، والله لا أنكص عن الحق.. إننا لم نكن نهذي حين قلنا: إن الموت في سبيل الله أسمى أمانينا.. اللهم فاقبل.. اللهم فاقبل".

قولُ لا يجرؤ على تسطيره إلا رجل من أصحاب العزم الباهر؛ آمن بالله فجاهد حق الجهاد، و آمن بالإصلاح فوقف له حياته و كل ما يملك؛ فغدت كلماته عنوان قوة الإرادة ونصاعة الموقف و ثبات المبادئ و إرادة القوة، التي تُنفِّذ ما عزمت عليه، مهما كانت الضغوطات و الموانع؛ لبلوغ الأهداف القصية و المرامي البعيدة.

قالها هادئاً وقوراً، لا تبدو عليه أثارة من خوف أو أثارة من إحجام وبعينين تبرقان بالثورة ؛ لينشر روحه ـ هذه ـ على كل الأحرار؛ وينقلب المشهد رأسا على عقب ليصول و يجول بسلاح الكلمات الصادقة التي تقذف بالحقائق؛ فتقع سهاما في قلوب الظالمين و بلسما على قلوب الأحرار المناضلين.

ليرى العدو قبل الصديق كيف أن أشد خصومنا لددا لا يستطيع أن يجرح دعوتنا منهجا أو قادة أو جنودا، و لا أن يغمز أخلاقنا و لا أن يلمح في سيرتنا الماضية أو الحاضرة ما يخزينا به، و أنه مهما توعدنا الظلم بالسجن أو الموت فلن تركع أبدا دعوتنا.

أما النكوص عن الحق و العواطف الفاترة و الأنفاس الباردة فلا تحمي حقاً و لا تصون عرضاً و لا تُغري أحدا بالانتماء إلى الحق؛ ( فلقد كان أبو سفيان حامل راية الحرب ضد محمد ـ صلى الله عليه و سلم ـ زمانا طويلا، فلما علم أنه تزوج ابنته بعد إسلامها و ممات رجلها لم يشعر ـ قط ـ بأثارة من غضاضة، بل أحس أنها صارت إلى الرجل الذي يشرفها كنفه و تشرفه هو مصاهرته، و قال: هو الفحل لا يُقْدَع أنفه ) و قد كانت العرب تقدع أنف الفحل أي تضربه بالرمح إذا كان غير كريم. " الشيخ محمد الغزالي"معركة المصحف

و قد قيل لعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ : إذا جالت الخيل ؛ فأين نطلبك ؟

قال : حيث تركتموني . ( أي : لا أفر ) .

كلمات مفعمة فهماً و اخلاصاً و عملاً و جهاداً و تضحيةً و تجرداً و ثباتاً و ثقةً، تعدم وجودها فيمن كلماتهم تظلم الصحف و الفضائيات بهرطقتهم، التي تغيض منها كل معاني الحق المروءة و الشرف و النخوة أو ممن هان و تضعضع و نام إلى الكارثة راضياً بها مستسلماً و كأنه قد فرح بها لأنها زودته بالعُذر الذي يتيح له النوم و الكسل و تجنب المسؤوليات و الرضا بأن يعوله غيره و لله در القائل:

لولا المشقةُ ساد الناس كلهمُ *** الجودٌ يُفقرُ و الإقدامُ قتَّالُ

لكننا نعيش زمنا سادته فوضى التقديم و التأخير؛ يُكذب فيه الصادق و يُخون فيه الأمين.

فلكِ الله يا مصر.

المصدر