كتابات الإمام البنا عن الهجرة (7)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٧:٢٦، ٢١ فبراير ٢٠١٢ بواسطة Admin (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
كتابات الأستاذ حسن البنا عن الهجرة (7)


الإمام حسن البنا

لست أقصد التحدث في هذا المقال عن الهجرة ومقدماتها وكيف كانت دعوة التحرر والإخاء يهتف بها أصدق داع وأكرم رسول، نشيدًا قدسيًا ووحيًا من السماء، فيضيق الكفار ذرعًا بالدعوة والداعية ويبيتون له القتل ويقفون على بابه بالمرصاد.

ولست أنوي التعرض لتصوير هذا الحادث الجليل، وهل كان فرارًا بالعقيدة ومحافظة على الرسالة وطلبًا للأنصار والتماسًا لتربة خصبة يثمر فيها الإيمان وتزدهر العقيدة؟ أم كان عملا إيجابيًا يعتبر بداية للتضحية والبذل والفداء، وانسحابًا عسكريًا يراد به اختيار الوقت المناسب للمعركة وتحديد المكان اللائق للقتال!

ولن أتصدى لمواقف الهجرة ومراحلها، فأصف كيف خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بيته وحيدًا مجردًا من كل سلاح إلا سلاح الإيمان على فتيان مكة والسيوف في أيديهم والعيون تتقد شررًا، والقلوب تغلي حقدًا فنثر التراب على رؤوسهم، وقد عمت منهم الأبصار والبصائر، وتابع سيره في أمن وسلام!

وأن أحاول أن أرسم تلك اللوحة الرائعة لموقف "الغار" حيث وقفت الإنسانية ترجف وهي تشهد صراع الحق والباطل في طغيانه والحق في سلطانه فيأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، كذلك لست أعني الوقوف طويلا أو قليلا أمام حوادث الهجرة وقائعها وأسبابها ونتائجها، لاستخلاص العظة واستخراج العبرة، وكم في الهجرة من عبر وعظات.

ولعل هذا العام من أعظم الأعوام خطرًا وأعمقها أثرًا في حياة هذا الجيل والأجيال المقبلة بعده عامة وفي حياتنا نحن العرب والمسلمين بصفة خاصة فإن ما تكشف عنه العام الماضي من حوادث وكوارث لعل أبرزها حرق المسجد الأقصى المبارك وما ينتظر من تطورات ومفاجآت في هذا العام كل ذلك يهيب بنا أن ننظر إلى المستقبل بعين كلها يقظة وترقب، وينادينا ألا نضيع لحظة واحدة في غير عمل وإعداد، فاذكروا أيها المسلمون في مشرق هذا العام أنكم ورثة القرآن الكريم وهو الهدي الجامع لخير الدنيا والآخرة أنكم حملة رسالة الإسلام وهي النعمة الكبرى والمنة العظمة ورحمة الله للعالمين.

اذكروا هذا أيها المسلمون واذكروا معه أن الدنيا لن تصغي لكم ولن تستمع منكم ولن تجيبكم إلى ما تطلبون إلا إن كنتم أنتم نماذج صالحة للعمل بهذا المنهاج الكريم القويم كتاب الله الذي (لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) وكنتم مع هذا يدًا واحدة وقلبًا واحدًا واتجاهًا واحدًا لأن الإسلام دين الوحدة والتوحيد.

إن الوحدة واجتماع الكلمة وائتلاف القلوب هي لب الإسلام ولا شك والأمة الإسلامية أمة واحدة بحكم أخوة الإسلام، فإذا وفق العرب والمسلمون في مستهل عامهم هذا الجديد إلى أن يؤمنوا بأنفسهم كأمة واحدة مجيدة تحمل رسالة الحق والخير والتوبة، ثم حملوا أنفسهم بإخلاص على اتباع هدي القرآن وسنة نبيهم، صلوات الله وسلامه عليه، واجتمعت كلمتهم عليها فلا شك أنهم واصلون بإذن الله إلى أهدافهم والله يتم نوره ولو كره الكافرون.

لقد شاءت حكمة الله أن يجعل العرب والمسلمين في الميزان وأن يبتليهم بتحالف الصهيونية مع الاستعمار ولم يعد للمسلمين والعرب خيار فيما كتب عليهم من قتال، وهم أمامهم أقسى امتحان لا ينفع فيه غير التوحيد والوحدة والتفرغ فيه غير التوحيد والوحدة والتفرغ لمعركة المصير، فإما حياة مع الشرف والأمجاد، أو موت مع العزة والاستشهاد.

(وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)


المصدر: الدعوة – العدد (347) – مارس سنة 1970هـ / محرم سنة 1389هـ.


للمزيد

للمزيد من كلمات الإمام البنا عن الهجرة:


إقرأ أيضا :