" اليوم يئسوا من دينكم "

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٨:٢٢، ٦ سبتمبر ٢٠١٥ بواسطة Sherifmounir (نقاش | مساهمات) (حمى "" اليوم يئسوا من دينكم "" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
" اليوم يئسوا من دينكم "


الاثنين 08 يونيو 2015

كفر الشيخ اون لاين | خاص

كثيرون لا يفرقون في مجال سباقات العدو بين سباق المائة متر وبين سباقات " الماراثون " ، وفي بداية متابعتي لأول أولمبياد عرفته في لوس أنجلوس عام 1984 ولشدة حماسي بعد أن استمعت لخطب عبد الأحد جمال الدين وزير الرياضة في ذلك الوقت كنت أتعجب كثيرا لأن العدائين في سباقات المارثون يبدأون الجري بمنتهى التراخي بينما العداء الأمريكي في ذلك الوقت كارل لويس والذي أحرز أربع ميداليات ذهبية كان ينطلق في سباق المائة متر بسرعة صاروخية لو دخل بها في برجي التجارة في نيويورك في ذلك الوقت لهدمه بطريقة اسرع من تلك التي هدم بها بعد ذلك بسبعة عشر عاما .

كثيرون يظنون أن الثورة على نظام يضرب بجذوره في الأرض المصرية لمدة زادت على المائتي عام يمكن ازالته في أيام معدودات ومن خلال فعاليات سلمية تراعي القيم النبيلة في الانطلاق والحركة ، وكثيرون أخر يجزمون بأن الموجة الثورية التي أعقبت ثورة يناير كانت كافية لكسح النظام من جذورة واحلال وتجديد مبدئه ومنتهاه ، وكلا الرأيين يمكن توجيه بعض الملاحظات عليه ، بل وحتى أن الحل الوسط بين الرأيين أيضا يمكن توجيه الملاحظات عليه .

وفي معرض تحليل نقاط القوة والضعف في المجال السياسي الإسلامي علينا أن نري من خلال أعين ما اصطلح على تسميته في اللغة القانونية ب " الرجل المعتاد " ، وهو مصطلح قانوني يشير إلى شخص غير حاد الفطنة ولا شديد الغباء ، رجل متعادل الشحنة وليس بالضرورة نبيل الخلق كريم الأصل ، ذلك " الرجل المعتاد " توجه بتأييده السياسي في مراحل ما قبل نهاية التسعينات إلى الإخوان المسلمين باعتبارهم الكيان السياسي الإسلامي الذي يتوسم فيه الهدي والتقي والعفاف والصلاح ، ومع نهاية التسعينات ظهرت الحركات السلفية التي انتجت في الأخير منتج سياسي أمني صهيوني عميل ، وعندما نقول أن المنتج النهائي السياسي للحركات السلفية كان هو حزب النور فعلينا أن نعترف أن المستوى التشريحي من الأعلي الي الأسفل للمخروط السلفي لابد أنه يحمل قاعدة أكثر عددا من ذروته ومعدل انتشار واسع وممتد وهو أيضا يحمل مظهرا شديد الإسلامية ويعطي خطابا في غير مسائل السياسة يثير دموع كثير من الناس الذين استمال مشايخ السلفية اغلبهم بل وحتى داخل صفوف الإخوان أنفسهم .

اذا اتفقنا على تلك المعطيات ثم تصورنا مشهدا عنيفا في الشارع المصري فور عزل الرئيس مرسي ، ودماء من الجانبين ، واضعين في أذهاننا دائما ذلك التشريح الهرمي من الأعلي للأسفل للحركة السلفية ، هنا أجد الشيخ محمد حسان وأشباهه يخرجون إلى الشوارع وعلى الشاشات يلعنون سافكي الدماء من الإخوان ويستحلون دماءهم وأموالهم وهو ما اتجه اليه الشيخ حسان بالفعل عندما ارتفعت وتيرة العنف في الشارع قبل اشهر فأصدر بيان أسماه " السكينة السكينة حتى لا تغرق السفينة " مضمونة دعوة الشعب إلى الإستسلام للأمر الواقع واطلاق يد السلطة العسكرية دونما أدني معارضة في دماء وأعراض وأموال الناس ، ولابد أن القواعد كان بها آلاف النسخ من الشيخ الشهير في أعلى درجات الجهوزية للفتوى بل والقتال جنبا إلى جنب مع البلطجية إذا دعى الداعى .

هذا التسريب الفكري والعقدي الذي مثلته الحركات السلفية في مجموعها أجهز على نصف القوة السياسية جماعة الإخوان المسلمين كما أدي إلى ابتذال الخطاب السياسي الإسلامي بشكل عام عند قطاع عريض من الجماهير بل وأظهر الأمر على أنه صراع على السلطة حتى بين الحركات الإسلامية نفسها وأكثر من ذلك رأي الناس يونس مخيون زعيم التنظيم السياسي الرئيسي للحركات السلفية يتهم الرئيس مرسي في حضوره بأنه يقوم بأخونة الوظائف وأن بيديه وثائق تثبت سطو الإخوان على عدد من الوظائف يصل الي أحد عشر ألف وظيفة ما وصم الإخوان بوصمة الإرتزاق من الثورة وهى أوصاف متى كانت صادرة من المممثل السياسي لفصيل اسلامي جمع في جعبته سبعة ملايين صوت في أول انتخابات برلمانية فإنها لا تؤثر فقط في التابعين وتابعيهم وانما تصبح حجة للسفاحين والبلطجية عندما يفتقد الناس في الميادين الثائرة من يرجح بين الحج أو يرد فتوي المجرمين المجترئين على الدين يحرفون فيه الكلم عن مواضعه ويمهدون السبيل لسيطرة المحتل من جديد .

كان هذا هو السبب الرئيسي في رأيي الذي ثار في ذهن من قرروا أن تكون الثورة سلمية وأن تبقى الثورة سلمية ، ببساطة فقد كان الجناح الإسلامي مكسورا وقد ضرب نخاعه الفكر الصهيوني على مدي اربعين عاما هى عمر التواصل بين مراكز القرار الصهيونية ونظيرتها المصرية ، فلم يكن بد أبدا من رفع شعار " ولنصبرن على ما آذيتمونا " كون القوة الضاربة للحركة الإسلامية قد تم تحييدها بل واستقطبت القاعدين والشامتين والبلطجية وأصحاب المصالح والمذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، هذه الحقائق وإن كانت صعبة على النفس والقلب والعين والأذن إلا أنها تشكل الحقيقة المؤلمة التى يتهرب الجميع من الإفصاح عنها .

إن السلمية هى التي هزمت النسخة الجديدة من الإسلام الصهيوني والتي اشترك في تحريرها ملايين من الركع السجود ممن أخذ ببعض الكتاب وأعرض عن بعض ، واليوم في معرض تقييم تلك التجربة التي اتخذ القرار فيها على عجل يمكن التساؤل بحياد : هل آتت السلمية أكلها المرجوة ؟ لا يمكن الإجابة الدقيقة على ذلك السؤال غير أن المؤكد أن مصر قبل الإنقلاب ليست مصر الآن وأن الرعاة الرسميين للإنقلاب قد أطعموه أغلى ما لديهم وهو التأصيل لفكرة العلمانية من داخل المعسكر الإسلامي نفسه ومن تلك الزاوية يمكن النظر الي حجم اليأس في معسكر الإنقلاب الذي يجد نفسه مضطرا اليوم إلى تبني أجندة بعيدة تماما عن التوجه الإسلامي وقد كان قبل قليل يقدم لأئمة السلفيين في محافل الصلح وجمع التبرعات وتوجيه الشارع والدفاع عن المجلس العسكري ، اليوم يقف الإنقلابيون سافروا الوجه في مواجهة الإسلام الذي يمثله الإخوان المسلمون ليس فقط في مصر وإنما في العالم كله وأصبح الإخوان المسلمون راغبين في ذلك أم غير راغبين المتحدثين الرسميين باسم ثورة المسلمين ضد الإحتلال الأجنبي الذي يأتي الآن من الشرق و الغرب بالسوية بينهما .

لئن اختلف الناس في مستقبل مسار الثورة سلمي كان أو غير ذلك فإن تقييم المرحلة السابقة واتخاذها المسار السلمي خيارا واضحا لها لا يختلف عليه أحد فقد كان حتما مقضيا وفي هذا المقام لا يمكن الجمع بين التجربة المصرية والتجربة الجزائرية جمعا مانعا في تشابه نقاط القوة والضعف ، فالتجربة المصرية كانت من النضج بمكان لتؤتي أكلها كاملة لولا التسوس الذي نخر في جذورها فأضاع نصف قوتها عبر عقدين من الزمان أما في الجزائر فقد كانت الأمور في مرحلة سابقة بكثير عن النضج الشعبي وكان الخطأ الكبير هو عدم التفرقة بين الحشد الشعبي اللازم لمواجهات ثورية والحشد اللازم للإنتخابات وهما مختلفان تماما من حيث العدد والعتاد والمضمون والمحفزات .

واليوم وبعد عامين من الحراك الشعبي لا أجد في المعسكر الإنقلابي سوى اليأس الكامل ، يأس من الدين في الأساس بعد تحطمت كل الأسلحة الإنقلابية على دروع الصمود الإسلامي المنيع ، فها هو المانع السلفي الكبير الذي استغرق بناؤه عقودا طويلة ينهار أمام جموع الإسلاميين ، ولم تفلح مع الناس الأفكار القديمة كالأفلام الإباحية واستيراد الراقصات على نحو ما حدث في القرن العشرين بعد أن حرق الإنترنت والفضائيات هذا الداء المستعصي على العلاج ، ولم تفلح مع الناس أدواء الإعتقال والقتل والإعدام ولم تفلح مع الناس أدواء الرشوة وضخ الأموال القذرة من أمراء النفط الذين ارتموا في أحضان الصهيونية بلا عقل ولا وعى ، ولم تفلح أدواء السحر الإعلامي الذي تربي في الحاضنة الصهيونية منذ تاريخ معاهدة السلام ، ولم تفلح أدواء الحشود النصرانية بعد أن اكتشف النصاري كذب وافك آبائهم وقساوستهم ، وفوق هذا كله لا يجد الإنقلابيون سوي الظهور بمظهر المعاداة الكاملة للفكر الإسلامي باعتبار أن الثورة عليهم هى ثورة إسلامية في مضمونها وحركتها وهو أمر يتفق مع الواقع الذي يراه الإنقلابيون في الشارع أذانا بانتهاء تلك الحقبة الحقيرة من تاريخنا وهو أمر أصبح أقرب الينا مما نتصور .

المصدر