" فايزة .. بنت الأكابر "

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
" فايزة .. بنت الأكابر "


الثلاثاء,11 نوفمبر 2014

كفر الشيخ اون لاين | خاص

بسم الله الرحمن الرحيم

" فايزة ... بنت الأكابر "

أصبح واضحا أن السياسيين - أو هكذا يشار إليهم - الذين غطي الجيش انقلابه بأثوابهم إلى أجل قد بلغوه لم يكونوا سوي مجندين خلع عليهم القادة حللا مدنية أنيقة وبعض السجائر الكوبية ثم قيل لهم انطلقوا إلى ظل ذي شعب كثيرة ، والواقع الواضح أن القدرات الفكرية والعلمية لقادة الجيش وبحسابات بدائية بسيطة لا يمكن أن تنتج هذا القدر من الدقة والتناغم في صفوف عنصرها البشري معلوم للكافة أنه نتاج محسوبيات ووساطات لا خبرات ولا درجات ، ما يعني بالضرورة أن الجميع بما فيه الجيش نفسه يدور في فضاء مرسوم ومقدور من قوى أعلى تسيطر بأسلوب علمي على مقاليد الحراك الذي انتج انقلاب يونيو والذي انتج من قبل نكسة يونيو ، وليس أدل على أن كل الشخوص التي قادت الثورة المضادة من قبل والتي تمسك بتلابيب السلطة الآن هى دمى بلاستيكية تتلقى اشرات كهربية لتقول بابا وماما ، لا تدري ماذا تكسب غدا ولا تدري بأي أرض تموت إلا من خلال تلك الذبذبات ليس أدل على ذلك من اجابة قائد الإنقلاب في مستهل أيام ترشحه الأولي على سؤال عارض : وماذا كنت تنوى أن تفعل إذا قام الرئيس مرسي باصدار أمر باعتقالكم جميعا ؟ بقوله : مش عارف .

غير أن الأمر لا يؤخذ على اطلاقه ففي داخل ذلك الفضاء المحدود المقدور الذي تتحرك فيه شخوص الإنقلاب مدنيين وعسكريين تتصادم الدمى فيسقط بعض ويترقى بعض وتظهر الحاجة ملحة في أحيان كثيرة إلى تجديد الملعب كله .

كان أمرا محسوما أن تستبدل الشخوص التي قادت الإنقلاب وارتكبت جرائم القتل والتعذيب في شهوره الأولي ورأي البرادعى في وقت معاصر لفض رابعة أنه قد يكون " محمد بوضياف " الجديد فولى مدبرا ولم يعقب ولم " يتوت " ولم " يفسبك "، كما أن قائد الإنقلاب في معرض تسمية مرشحي الرئاسة استشعر أنه سيكون " خالد نزار " جديد فاختفى لأكثر من ستة أسابيع فلم تعرف حياته من وفاته بينما كانت أمريكا تلح عليه أن يمتنع عن الترشح للرئاسة مغرية إياه بأنه يشتبه في فكره وثقافته بجورج واشنطن ولم تدرك أمريكا ساعتئذ أن الرجل لا يعرف عن واشنطن " الله يرحمه " سوى أنه أصبح عاصمة أمريكا ، وعلى مايبدو أن السيسي قاوم بشده فكرة استبعاد ترشحه للرئاسة وأن نحو ستة اسابيع في عمر الإنقلاب هى فترة اختفائه لم تزل غامضة غموض ترك أمريكا له فرصة الترشح للإنتخابات .

وباستثناء هاتين الحالتين التي تحرك فيها شخصا البرادعى وقائد الإنقلاب في حرية محيطها لا يتجاوز أبدا الخطة الأصلية والتي أعتقد أن أمريكا قد وضعتها في أعقاب أحداث سبتمبر 2011 لتحريك الشرق الأوسط قبل أن ينفجر في وجهها لا تكاد تجد من يتقدم أو يتأخر ولو في حدود حريته الشخصية وعاداته اليومية إلا من خلال موجات " الريموت " ومع تقدم التكنولوجيا فلا محل لتكرار ما حدث في فيلم الأزمنة الحديثة للفنان شارل شابلن .

فنجد مثلا حمدين صباحي المطالب بعرش الرئاسة وثالث ثلاثة في جولتها الأولي عام 2012 والرجل الذي ظل يجيب على كل الأسئلة اجابة واحدة طوال عام كامل من تاريخ اعلان نتيجة انتخابات الرئاسة بأنه يطالب بانتخابات رئاسية مبكرة ... نجد الرجل تحركه اشارات البث الخارجي فيهرع للترشح للرئاسة " المبكرة " فلا يستطيع اكمال توكيلاتها فيكمل له خصمه اياها في مشهد لا تنقصه الكوميديا ثم تحركه ذبذبات مهينة فيعقد مؤتمرا هنا ومؤتمرا هناك متمثلا مرشحي انتخابات البرلمان في القري عندما يوقعون " ايصالات أمانة " ضمانا لجدية ترشحهم ضد النواب من أبناء نفس القري .. ثم تعلن نتيجة الإنتخابات " المبكرة " فلا حمدين ولا شاكرين ينبس ببنت شفته حول ما تعرض له من تقبيح واذلال ومهانة .

وهكذا يمكن أن تتمثل كل شخوص الإنقلاب .. لا شخصية .. لا فكر .. لا رأي وإنما كل يؤدي دوره مهما كان الدور مذلا ومهينا بل ومرهقا لمن كان منهم مسنا أو مريضا .

غير أن الأسبوع الأخير قد شهد استدعاء بعض شخوص تاريخ الدولة القديمة ولا أدري إن كانت أجهزة الإستقبال لديهم ما زالت تعمل خاصة وأنها من صناعة شركة " بريموس " لإنتاج وابور الجاز ومن موديلات الأربعينات ، كان منطقيا أن المشير طنطاوي يستدعى الجنزوري ، فالرجل كان مختلط الكلام مغيب تقريبا عن الواقع ، أما استدعاء فايزة من مسرحيات شكسبير لتقوم بدور " فشى التاتة الأول " فله في رأيي معنى واحد وهو أن أمريكا لا تريد أن تستهلك مخزونها الإستراتيجي من الشباب والذين تحتفظ بهم لمرحلة ما بعد سقوط الإنقلاب الذي أصبح في ظنها محققا وقد جاء أشراطه . إن فكرة " أكابر المجرمين " التي تحرك نحوهم محيط العنف - الأصلي منه والتقليد - في الجزائر تظهر في مصر بشكل أوضح ومبعث الوضوح هنا هو فكرة المقاومة السلمية التي اختارتها جماعة الإخوان المسلمين سبيلا لإسقاط الإنقلاب وعودة الديمقراطية ، فلم تجد تلك الشخوص ما يمنع ظهورها من خوف ولا خجل فزاد ذلك من عددهم بل وكان أدعى إلى المنافسة بينهم أيهم أقرب .

غير أن الواضح أن أمريكا قد خسرت معركة الموارد البشرية في مصر وبالإضافة إلى موضوع الفرز الذي يركن إليه الكثيرين عوضا عن اسقاط الإنقلاب وكأن الفرز كان هدفا في ذاته - فإن الغرب في مصر لم يعد لديه تلك الفكوك المفترسة في عالم الفكر والإقناع فلا بديل لفتحي سرور يمكنه أن يجلس على منصة ما ، ونسخ الأقباط الجديدة لا ترقى إلى خبث بطرس غالي بل أغلبهم ينطبق عليه وصف " عيال صغيرة " لا يمكنها القيام بأكثر من الشتائم في الإسلام والمسلمين على الشاشات ، ونسخة صفوت الشريف لم تظهر بعد ... بل وحتى نسخة محمد حسني مبارك الذي شاركت أمريكا في عزله ليس لها وجود في الجيش ولا في المدنيين ، وباختصار فإن أمريكا الآن تعتمد على جمع من " اكابر المجرمين " بعضهم قد انتهت صلاحيته والبعض الآخر لما ينضج بعد والبعض الثالث يستحيل انضاجه لضعف قدراته الذهنية وقائد الإنقلاب من الفئة الأخيرة ، لقد اضطرت أمريكا في سبيل اضعاف دعوة الإخوان المسلمين إلى هدم السد الذي مثله حزب النور والحركة السلفية بشكل عام والذي احتجز خلفه ملايين الشباب المتدين والذي انخدع في اكبر عملية عقائدية نوعية قامت بها المخابرات الأمريكية في الشرق الأوسط .

أيها الأكابر في دنيا المال والأعمال الملوثين بدماء الشهداء في رابعة والنهضة وفي كل محافظة وقرية مصرية ، لن أحدثكم هنا عن الآخرة والنار وقد دعونا الله أن يطبع على قلوبكم ويطمس على أموالكم فلا تتوبوا حتى تروا العذاب الأليم ، ولكني أحدثكم عن مصير محتوم لا محالة أنتم ملاقوه عما قريب وبيد أمريكا نفسها التي لن تتورع أن تقدمكم قرابين للشعب عندما تصل بها الأمور إلى نقطة حرجة وستذكرون يومئذ خياركم إذ تدعون إلى السلم والتصالح فتأبي قلوبكم الآثمة إلا النهب والفساد وتوطئة سبيليهما مهما كانت الخسائر في جانب الشعب قتلى وجرحي ومأسورين ، إن مكركم الذي ظننتم أن الله لا يعلمه لن يحيق إلا بكم وقد اقتربت الساعة التي تنادون فيها من مكان قريب يوم تسمعون صيحة الشعب بالحق ولن ينفعكم يومئذ أنكم في العذاب مشتركون .

المصدر