"فقه الخطأ والتصويب" .. رسائل هامة من روائع الجيل الأول

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"فقه الخطأ والتصويب" .. رسائل هامة من روائع الجيل الأول


( الاربعاء, 16 مارس 2016)

فقه الخطأ والتصويب.jpg

بقلم الدكتور بجامعة الأزهر : أحمد عبدالقادر

رسائل هامة من روائع الجيل الأول .. فقه الخطأ والتصويب

روى الإمام مسلم بسنده، عَنْ عَبْدِ االرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ السَّبَإِيِّ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ عَبَّاسٍ عَمَّا يُعْصَرُ مِنَ الْعِنَبِ؟، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "إِنَّ رَجُلًا أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَاوِيَةَ خَمْرٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَهَا؟، قَالَ: لَا فَسَارَّ إِنْسَانًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: بِمَ سَارَرْتَهُ؟، فَقَالَ: أَمَرْتُهُ بِبَيْعِهَا، فَقَالَ: إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا، قَالَ: فَفَتَحَ الْمَزَادَةَ حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهَا".

- راوية خمر: الراوية على كل دابة يحمل عليها الماء

- فسار إنسانا : ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بم ساررته ؟ ) بأي شيء كلمته سرا ؟

- المزادة: بفتح الميم والزاي ، تثنية مزادة القربة ; لأنه يتزود فيها الماء ( حتى ذهب ما فيهما ) من الخمر .

رسائل:

الخيرية في الجندية لا تعني كثرة الحفظ للنصوص والأوامر بقدر ما تعني جمال التمسك بما تسمع وتمام الانقياد لما تؤمر.

لكل سائل جوابه الذي به يشفى داءه ويقوى عوده ويكمل مسيره ، ويعظم السائل حين يعرف من يقصد ويعظم المسئول حينما يعزو الجواب لمن هو خير منه فيقع المراد ويفهم الجواب ويعظم في نفس سائله.

الصحابة بلغوا أعلى المناصب بجميل الفعال وبطيب الخصال وبالدلالة الحقيقة على الحب المترجم إلى واقع عملي (بين الهدية وقيمتها ، وتركها وكراهيتها) فهم وتطبيق وحب للمتكلم وكلامه.

يعذر المخطئ لجهله ، أو لقلة فقهه ، والكلام دليل على التوضيح الرقيق دون الزجر أو الغلظة المنفرة، يا ليتنا نعي فنتعامل بمنهج الحبيب.

الفرق بين القدوات الحقيقية والمصنوعة هو تقديم حسن الظن بالمخطئ قبل إساءة الظن به أو تقديم الإعذار له قبل الاعتذار منه، لكننا في عصر غلبت فيه الثانية على الأولى فاللهم ردنا إلى قدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم.

الفراسة ولحظ العين من الراعي للرعية والداعي للمدعو دليل على رسوخ عمق نور الله تعالى في القلب ورسالة إلى أن القدوة لا تنتهي مهمته عند البيان ولكنه يظل يتابع بالجوارح جميعها ليجلي الأفهام ويوصل المراد للسائل حتى يشبعه فهما وعلما.

" إن الذي حرّم شربها حرّم بيعها " دليل على أن تحريم رسول صلى الله عليه وسلم إنما هو وحي من الله تعالى فالشرب قد حرم في القرآن والبيع قد حرم بالسنة ، وإسناد الأمر لله دليل على أن جميعه وحي الله فلا نفرق.

سرعة الامتثال من المخطئ والتصويب دليل على نقاء السريرة وتعظيم المنهج وحب الله والرسول يملأ القلوب والأركان وعندهما يهون كل شئ ويصغر.

هذا حال التعامل مع المخطئ في زمن النبوة والعذر بالجهل والحبيب بين أظهرهم والصحابة يومئذ كثير فأولى لنا اليوم أن نحلم ونصبر ونعذر بقوم قل وندر زمانهم بعلماء على منهاج النبوة غفر الله لنا جميعا.

المصدر