"ستراتفور" يحلل واقعة اغتيال النائب العام من خلال 4 دروس استخباراتية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"ستراتفور" يحلل واقعة اغتيال النائب العام من خلال 4 دروس استخباراتية


رصد - خاص - القاهرة

واقعة اغتيال النائب العام.jpg

(الثلاثاء 07 يوليو 2015)

مقدمة

نشر مركز ستراتيجيك فوركاستينج (ستراتفور) تحليلا لـ سكوت ستيوارت يقدَّم أربعة دروس استخباراتية من اغتيال النائب العام المصري، هشام بركات. استهل التحليل بالإشارة إلى أن "القنبلة انفجرت عن بعد، وليس عن طريق انتحاري يجلس داخل سيارة"، وأن تصاعد التهديد الإرهابي، الذي أصبح يشمل العاصمة، حتَّم اتخاذ بعض الإجراءات الوقائية لحماية النائب العام، مثل توفير سيارة ليموزين مصفحة لنقله، "لكن التدابير الأمنية لم تستطع حمايته من الهجوم المخطط والمنفذ جيدًا، فأودى حياته".

وأشار إلي أن الأيام الماضية شهدت عددًا من الهجمات الإرهابية، التي شملت الكويت وتونس، ومن المهم إدراك أنها كانت هجمات بسيطة- من الناحية التكتيكية- وموجهة ضد أهداف سهلة، ولم تتطلب الكثير من التخطيط والتنفيذ،وعلى النقيض تماما، جاء اغتيال بركات ليمثل هجوما دقيقًا، استهدف هدفًا صعبًا، ومن هنا تنبع أهميته.

وحلل "ستيوارت " واقعة اغتيال النائب العام من خلال 4 دروس:

الأول: معوقات المكان

تنفيذ العمليات في منطقة سكنية وتجارية مزدحمة مثل مصر الجديدة، يمثل تحديات أمنية عديدة؛ ذلك أن الشوارع ضيقة وغالبا مسدودة بالازدحام المروري والسيارات المتوقفة، كما يشكل الباعة الجائلون والدراجات النارية والهوائية والمشاة تهديدات محتملة للمواكب المتوقفة في زحام المرور، الشوارع ذات الاتجاه الواحد تحدّ أيضًا من القدرة على الاختيار

كما في حالة التقاطعات التي تسمح فقط بالاتجاه إلى اليمين أو اليسار، كل هذه العوامل يمكن أن تتضافر سويًا لخلق نقاط أو مناطق اختناق يجب على الشخص أو الموكب المرور منها للانتقال من النقطة أ إلى النقطة ب، هذه المحدودية في الخيارات تمثل صعوبة أمنية حين يتعلق الأمر بتوقف الموكب لمرة واحدة أو أكثر، ويرقى الأمر لدرجة الخطورة إذا كان هذا التوقف جزءًا من روتين يومي في أماكن محددة.

ويكمن الحل في تغيير الشوارع والأوقات، لكن بصراحة، ربما يستحيل تطبيق ذلك في أرض الواقع، فيما يستحيل تجول السيارات المدرعة الكبيرة في بعض الشوارع الضيقة، ويبدو أن هذا هو الموقف الذي واجه فريق الحماية الأمنية للنائب العام المصري، حيث كان يمر يوميًا بنقطة اختناقٍ.

صحيحٌ أن هناك طرق أخرى كان بإمكان الموكب أن يسلكها، لكن الإجراءات الأمنية كانت تسير وفق نمطٍ يسهل توقعه، كما أن الشخصيات البارزة ترفض في كثير من الأحيان تغيير جدول أعمالها، ما يضطر فريق الحماية- الذي لا يستطيع معارضة شخصيات بهذه الحيثية- أحيانا لاتخاذ أقصر السبل لبلوغ الوجهة.

الثاني: المركبات المدرعة لاتمنع الهجمات

"لا يمكن أن يحدث لي".. الإرهاق بعد سنوات من حالة التأهب دون وقوع حوادث أو هجمات.. الشعور بالثقة المفرطة في التدابير الأمنية.. السيارة المدرعة كافية للحماية من طراز الهجمات الذي شهدته البلاد مؤخرًا.. هذه بعض الدوافع التي قد تدفع إلى الشعور بالرضا، وعدم اتخاذ ما يكفي من الاحتياطات الأمنية.

الدافع المخادع الأخير؛ وُضِع في الاعتبار عند التخطيط للهجوم على "بركات"، فبدلا من نشر مسلح عند تقاطع، أو استخدام قنبلة صغيرة، استخدم المنفذون سيارة مفخخة كبيرة بإمكانها اختراق السيارة المصفحة، والمركبات المصفحة أثبتت أنها ليست منيعة ضد الهجمات، بل يمكن أن تصبح في بعض الأحيان ضارة أمنيا إذا خلقت شعورا زائفًا بالاطمئنان.

من المهم أيضًا تذكر أن هجوم "بركات" لم يكن الأول من نوعه، حيث شهدت القاهرة عدة هجمات ضد أهداف رفيعة المستوى خلال العامين الماضيين، مثل؛ اغتيال مدير المكتب الفني لوزير الداخلية المصري في يناير 2014، ومحاولة اغتيال الوزير نفسه في سبتمبر من العام ذاته، والتي فشلت إما لأن المهاجمين لم يستخدموا ما يكفي من المتفجرات أو لأنها لم تنفجر في التوقيت المناسب، لكن قتلة بركات لم يرتبكوا ذات الخطأ، بل استخدموا قنبلة كبيرة بما يكفي، وفجروها بدقة في التوقيت المناسب.

الثالث: يجب التصدي لعمليات المراقبة المسبقة التي يقوم بها المهاجون

إذا أتقن المهاجم عملية المراقبة المسبقة قبل تنفيذ الهجوم سيكون قادرا على تقييم التدابير الأمنية، ومراقبة أنماط التحرك، وملاحظة نقاط الاختناق، وتحديد مواقع الهجوم المحتملة، ورصد طرق مهاجمة الهدف، وتوقيته الأنسب؛ إما بسبب الثغرات الأمنية، أو من خلال شن هجوم قوي بما يكفي للإطاحة بالإجراءات الأمنية المتخذة.

هذا ما حدث في عملية اغتيال بركات (وفي حالتي وزير الداخلية ومدير مكتبه الفني) ؛ حيث كان بإمكان المهاجمين التخطيط والتنفيذ دون اكتشافهم أو تعريضهم لضغوط، لذلك ينبغي بوضوح عدم منح الفرصة لمراقبة التدابير الأمنية والتخطيط لشن هجمات، ومثلما تمثل نقاط الاختناق نقطة ضعف أمنية، فإنها تمثل أيضًا فرصة لرصد عمليات المراقبة المحتملة.

وبالإضافة إلى عملية المراقبة المطلوبة للتخطيط للهجوم، كان فريق اغتيال بركات بحاجة أيضا إلى تأمين أماكن وقوف السيارات لوضع المركبة المفخخة في موقع الهجوم. وإذا صدقت التقارير التي تشير إلى أن السيارة فجرت عن بعد، فهذا يعني إمكانية أن يكون هناك شخص يراقب المكان لإبلاغ الشخص الذي بحوزته زر التفجير بأن الهدف قد غادر محل إقامته ويقترب من موقع الهجوم. ويحتاج هذا الأخير أيضًا مسار رؤية واضح للتأكد من تفجير القنبلة في الوقت المناسب، وهي إجراءات تشغيلية كثيرة، تتطلب نشر عددٍ من الأشخاص، الذين يمكن كشفهم قبل تنفيذ الهجوم.

وأفضل طريقة لكشف عمليات المراقبة هي نشر فريق متخصص في مراقبة المراقبين، ورصد عمليات المراقبة المعادية خارج المواقع المعروفة والأحداث العامة ونقاط الاختناق ومواقع الهجمات المحتملة على طول الطرق التي تسلكها المواكب بصورة دورية، وبغض النظر عن فرق مكافحة المراقبة، يمكن أن تُصَعِّب قوات الأمن عمليات المراقبة عن طريق "تسخين" مواقع المراقبة المحتملة باستخدام ضباط الشرطة وحراس الأمن أو الكاميرات المثبتة في أماكن واضحة.

الرابع: الخطر محدق بالقاهرة

يُعتَقَد أن أعضاء أنصار بيت المقدس كانوا وراء اغتيال "سعيد" ومهاجمة "إبراهيم"، وقد أظهر الحادثان أن أعضاء التنظيم لديهم القدرة على تنفيذ هجمات قاتلة، ويعتقد أيضًا أن العديد من كوادر أنصار بيت المقدس في القاهرة قد اعتقلوا أو قتلوا، لكن ذلك قد لا يكون دقيقًا، وربما يكون بعض منفذي الهجمات السابقة لا يزال بإمكانهم العمل في القاهرة ، بل هناك أوجه تشابه تشغيلية بين الهجمات الثلاث تشير إلى أن المنفذ واحد.

لكن نوعية الهجوم الذي استهدف بركات يتناقض مع تكتيكات حرب العصابات التي يستخدمها تنظيم الدولة في شبه جزيرة سيناء ، مثل هجمات الشيخ زويد واسعة النطاق في 1 يوليو ، وتكتيكات أجناد مصر التي تستخدم فيها قنابل صغيرة ضد أهداف شرطية.

وعلى كل حال، يثبت اغتيال بركات أن هناك لاعبًا إرهابيًا فاعلا في القاهرة لا يزال بإمكانه التخطيط وتنفيذ هجمات إرهابية معقدة ضد أهداف صعبة، وبالنظر إلى القنابل المستخدمة في الاغتيال الأخير يتضح أن التنظيم لا تنقصه المتفجرات، وأن هذا الفاعل أكثر خطرًا بكثير على الأهداف المحتملة رفيعة المستوى في القاهرة ، مثل؛ المسئولين الحكوميين والدبلوماسيين ومديري الشركات، من الفاعل الذي يشن حرب عصابات في شبه جزيرة سيناء أو يطلق النار عشوائيًا على رجال الشرطة أو السياح.

المصدر