"جميلة بو حريد" تظهر في المطرية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"جميلة بو حريد" تظهر في المطرية

الاثنين 24 فبراير 2014

نعم إنها حقيقة.. (جميلة بو حريد) المصرية تعيش بيننا، يعرفها أهل المطرية جيدا، يعرفون أنها (ست) بألف رجل، هي الثائرة دوما، شعلة حماس لا تهدأ، من فضلك أكمل معي قراءة هذه السطور حتى نهايتها، لتعرف لماذا استحقت تلك السيدة أن تنال هذا اللقب.

هل تصدق وأنت تقرأ هذه الكلمات أنه يكون قد مر على الحاجة (حسيبة) أكثر من 230 يوم متواصلة من التظاهر والمسيرات والوقفات الاحتجاجية بدون انقطاع؟

هل تظن أنه من السهولة أن تنزل سيدة إلى الشارع بشكل مستمر كل يوم؟

ليست مجرد نزهة أو احتفالية كرنفالية للتظاهر، وإنما هي تعرف جيدا أنها تواجه الرصاص الحي، قد لا تعود إلى منزلها، فالتهم جاهزة لتلقي بها في السجن خمس سنوات على الأقل، فضلا عن احتمالية أن تصاب برصاصة تؤدي إلى رحيلها عن الدنيا، وفي أحسن الأحوال قد تتسبب في إصابة مدمرة أو عاهة مستديمة، وفي النهاية هي تعلم بعدم وجود (دية) لها عند الحكومة.

لم تشعر الحاجة (حسيبة) بأي ملل، ولم يتسرب إلى نفسها أي يأس أو إحباط على الإطلاق، بل وتعتبر نفسها تعيش حياة عادية، بالرغم من أن ما تفعله يوجب أن يحفر اسمها في سجلات الخالدين، صحيح أنها تجاوزت عامها الثالث والخمسين، ولكنها دائما تشعر أن هناك الكثير مما يمكن تقديمه في هذه الحياة، هي سيدة مصرية بامتياز.

لا تنتمي لأي فصيل سياسي، متوسطة الحال، تعمل بجوار زوجها لتستمر الحياة، وهي مناضلة اجتماعية بكل معاني الكلمة، رزقها الله تعالى بخمسة من الأبناء، ولكن أراد الله أيضا أن يختبر قوة عزيمتها في اثنين من أولادها، الأول يعاني من إعاقة أفقدته البصر منذ صغره، لتصبح رعايته وتوصيله للمدرسة واجب يومي استمر لسنوات طويلة حتى تخرج الشاب من الجامعة، أما الثاني فقد ابتلاه الله تعالى بمرض في الأعصاب كان سببا في أن يظل قعيدا مدى الحياة، ولكنها ظلت ترعاه في كل متطلبات حياته، وتتابع دراسته بكل اهتمام حتى حصل على شهادتين في التجارة، الأولى في المحاسبة والثانية في إدارة الأعمال، إبنها الثالث مهندس برمجيات حاصل على ماجستير الهندسة، ويستعد لينال درجة الدكتوراة ، ولها ابنتان حصلتا على شهادة الماجستير.

تشعر (حسيبة) بسعادة بالغة أنها أحسنت تربية أبنائها وصنعت منهم شبابا في غاية التميز سواء في حياتهم العملية أو الاجتماعية، ولكنها لا تعتبر أن ذلك كافيا، فقد ظل حلمها الأكبر دائما أن ترى وطنها في مصاف الدول المحترمة، أن يحصل كل مواطن على حقه في لقمة عيش لائقة وحرية حقيقية، ولذلك كانت مع طليعة شباب الثورة منذ يومها الأول في 25 يناير 2011، وبقيت في ميدان التحرير طيلة أيام الثورة، ثم عادت مرة أخرى إلى الميدان ولكن هذه المرة في رابعة العدوية، لم تفارق المكان يوماً واحداً هي وأبنائها، تخدم الجميع وتهتف في الصفوف الأولى، ثم تعود إلى البيت لتخدم ابنها القعيد وتجهز احتياجات منزلها، تنطلق بين أهل منطقتها بالتوعية، ثم تعود للميدان فتشارك في كل فعالياته، وحتى بعد أن انفض الاعتصام في رابعة نذرت (حسيبة) نفسها لله، وأقسمت ألا تتخلف عن مظاهرة أو وقفة أو مسيرة مهما كان عددها أو مكانها أو ظروفها، الجميع يذكر ذلك اليوم العصيب منذ شهر حينما كانت تشارك في المظاهرة التي استمرت لساعات طويلة، ومع دخول الليل اتضح أن هناك مجموعة من البلطجية ورجال الأمن في طريقهم لتفريق المسيرة بالقوة والقبض على المتظاهرين، حينها طلب منظموا المظاهرة من كل السيدات الانصراف حتى لا تصاب إحداهن بأذى، وحتى يتفرغ الرجال للمواجهة المرتقبة مع البلطجية، وبالفعل.. إنصرفت كل السيدات، إلا الحاجة (حسيبة)، عبثا حاول الرجال إقناعها بالعودة إلى المنزل، ولكنها أقسمت بأغلظ الأيمان أنها مستمرة ولن تترك المكان حتى لو كان ذلك آخر يوم في حياتها، وبالفعل تقدمت حسيبة وسط الصفوف ووقفت تملأ الشباب حماسا حتى انقضى اليوم على خير.

الحاجة حسيبة تمثل بحق نموذجا في حب الوطن، صحيح أنها لا تنتمي إلى أي فصيل ديني أو سياسي، ولكنها تتحرك بين الناس تحثهم على الخير وتدافع عن الثورة بقوة وثبات طوال الوقت، هي مثال للمرأة المصرية المتفاعلة مع قضايا بلدها، وعلى الرغم من بساطتها وضغوط الحياة عليها، إلا أن حب الله الذي امتلك قلبها وملأ حياتها يجعلها تدافع عن الحق طول الوقت ومهما كانت التكاليف، ولا أخفيكم سرا أن الحديث يدور الآن بين أهل المنطقة أنهم ينتظرون ذلك اليوم الذي يأتيهم فيه خبر استشهاد (حسيبة)، فهم يعتبرون أن تلك المرأة يجب أن تنتهي قصة حياتها بالشهادة.

صدقوني.. هناك من يكتب الآن ملحمة تاريخية جديدة في الصمود والثبات، قد لا نعرف أسماءهم أو أشكالهم، ولكنهم يظهرون في الشوارع والميادين، قرروا رفض الظلم والاستبداد، تمتلئ صفوفهم بنماذج ضربت المثل في التفاني والبذل والعطاء غير المنقطع، يستحقون منا أن نكتب عنهم ونعرفهم، نساندهم ونقف معهم، حتى يتحقق لنا جميعا الحلم الذي نسعى إليه، ويسترد الوطن بسمته مرة أخرى.

المصدر