"المناصرة": ترشيح زعيم الحركة لرئاسة الجمهورية استمرار لنضالنا بالجزائر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"المناصرة": ترشيح زعيم الحركة لرئاسة الجمهورية استمرار لنضالنا بالجزائر

[08-02-2004]

مقدمة

•مشاركتنا بالائتلاف الرئاسي أنقذت الحركة الإسلامية الجزائرية من تهمة الإرهاب.

•البرلمان سيحل في يوليو القادم مع فوز أي مرشح لمنصب رئيس الجمهورية.

•لسنا مخيرين بين انتخابات حرة ومزورة، وإنما بين ديكتاتورية وهامش ديمقراطي.

•الساحة الجزائرية مازالت مناصرة للمشروع الإسلامي رغم كل الأحداث القاسية.

•رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني بند ثابت في أي اتفاق مع القوى السياسية.

•الصراع بين "بوتفليقة" و"بن فليس" استقطاب أحادي للسلطة والحياة السياسية.

شهدت الجزائر خلال الأشهر القليلة الماضية العديد من التطورات، التي كان آخرها وأبرزها الخلاف الذي نشب بين طرفي الحكم بالجزائر؛ الرئيس "عبدالعزيز بوتفليقة" من جانب وحزب (جبهة التحرير) بزعامة "بن فليس" من جانب آخر، ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية ببلد المليون شهيد، يرد العديد من الأسئلة حولها، خاصةً أنها الانتخابات الأولى التي تأتي بعد وفاة أحد أبرز رموز السياسة بالجزائر؛ وهو الشيخ "محفوظ نحناح"- رئيس حزب (حركة مجتمع السلم)- فضلاً على خروج "عباس مدني" و"علي بلحاج" من السجن؛ وهو ما يجعل الأوضاع في هذا البلد، الذي يمتاز بحبه وتمسكه الشديد بالإسلام، ملتهبة دائمًا.. فبين انتخابات رئاسية يتنافس عليها عشرات المرشحين، وبين بلد خطى خطوات محسوبة نحو الديمقراطية، وهو أيضًا بلد شهد أحداثًا دامية اختلط فيها الحابل بالنابل.

وقد كان هذا الحوار مع "عبدالمجيد المناصرة"- عضو البرلمان الجزائري ونائب رئيس (حركة مجتمع السلم) للشئون السياسية- الذي دار حول حقيقة الخلاف بين "بوتفليقة" و"بن فليس" وموقف الحركة منه، وترشيح الشيخ "أبوجرة سلطاني" لرئاسة الجمهورية، ووضع الحركة الإسلامية بشكل عام وحركة (مجتمع السلم) بشكل خاص في الجزائر، واحتمالات حلِّ البرلمان، وقضايا كثيرة طرحها موقع (إخوان أون لاين نت) على المسئول البارز في حركة (مجتمع السلم) "عبدالمجيد المناصرة".

ترشيح "سلطاني"

الحركة اتخذت قرارها بناءً على قرار مجلس شورى الحركة، وهو الجهة التي من حقها تحديد هذا الأمر؛ سواء بالترشيح أو بعدمه، وقد اتخذت الحركة قرارها بناءً على مصلحة الحركة وأهدافها، واستمرارًا للخطوات التي رسمها مؤسس الحركة "محفوظ نحناح"، الذي رشح نفسه قبل ذلك للانتخابات الرئاسية، وحصل على المركز الثاني، هذا بالإضافة إلى أنَّ الحركة تعد هي الحصان الرابح في أي معركة انتخابية؛ ولذلك فإننا نريد أن نعرف حجمنا الحقيقي المتناسب مع طبيعة تضحياتنا، كما أننا نريد أن نُساهم في بناء الديمقراطية الحقيقية بتقوية أنفسنا وليس بإضعاف منافسينا، وليفهم الشركاء السياسيون أننا سننازلهم بروح رياضية ونتقبل النتائج.
  • ولكن البعض توقع أنه بعد رحيل الشيخ "محفوظ نحناح" أن تُرجئ الحركة مسألة ترشيح أحد قادتها لرئاسة الجمهورية، خاصةً أنّ الشيخ الراحل كان بمثابة "ترمومتر" العلاقة بين السلطة والحركة!
الشيخ "محفوظ نحناح"
الشيخ "محفوظ نحناح " هو المؤسس والباني للحركة، ولا شك أن وضعه فيها كبير، ولقد صنع بكفاءته وليونته وإحساسه بالمخاطر والمكاسب أجواءً مريحة للحركة وأبنائها ورموزها، وحفظ لها موقعًا متقدمًا في خدمة المشروع الإسلامي، وإن كان غيابه قد حرم الحركة علاقات معينة، إلا أنّ فقدانه ليس بالدرجة التي يتهاوى فيها كل شيء، فالحركة منهج وخطاب وإستراتيجية ينفذها أشخاص، وهؤلاء الأشخاص هم أنفسهم الذين كانوا مع الشيخ "نحناح" في كل تحركاته؛ ولذلك لم يكن مستبعدًا أن تجد الحركة مَن يسدُّ جزءًا من مكانته، هذا بالإضافة إلى أنَّ نضالنا الذي بدأناه لن يتوقف وقد رأى مجلس شورى الحركة أن الترشيح لرئاسة الجمهورية هو جزء من هذا النضال.
  • ما هو البرنامج الذي يخوض به رئيس الحركة الانتخابات الرئاسية؟
برنامجنا هو المشروع الذي قامت عليه الحركة، وهو المشروع الإسلامي الذي بدأه الشيخ "نحناح". فنحن من دعاة الحفاظ على الثوابت والمبادئ، ومن دعاة توسيع دائرة الحريات المسئولة في أطر الأخلاق العامة، كما ندعو إلى مصالحة فكرية تستوعب كل الكفاءات، بالإضافة إلى اهتمامنا بلمِّ شمْل الأمّة، والبعد بها عن سياسة "المراحل الانتقالية"؛ لاعتقادنا أن الدولة بحاجة إلى استقرار، ثمّ إلى إعادة هيكلة متدرجة وهادئة تتكامل فيها جهود الجميع، بالإضافة للأولويات الأخرى التي رفعتها الحركة، وأهمها: أولويات المواطن الجزائري، التي هي المعيشة والعمل والسكن والصحة والأمن والاستقرار؛ إذ لا يمكن أن تختزل الجزائر والساحة السياسية في الانتخابات، وتهمش قضايا الوطن والمواطن الأساسية والحساسة.


صِدام السلطة

  • فجأةًً ظهر على السطح الخلاف بين طرفي الحكم في الجزائر؛ بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، بين السلطة الحاكمة وأغلبية البرلمان؛ فما هي طبيعة هذا الخلاف وتطوراته؟
الخلاف للمتابعين للأوضاع بالجزائر لم يكن مفاجئًا كما يرى البعض؛ حيث برز هذا الخلاف خلال المؤتمر الثامن لحزب (جبهة التحرير) الوطني، الذي عقد في مارس 2003م، وقبل هذا التاريخ كان هناك تحالفًا واضحًا بين الرئيس والجبهة، فقبل عام 1997م كان حزب (جبهة التحرير) في المرتبة الثالثة بعد التجمع الوطني الديمقراطي وحركة (مجتمع السلم)، وفجأة قفز حزب الجبهة ليحتل المرتبة الأولى وشارك في الحكومة، وكانت له الأغلبية في البرلمان، ثم تأكد هذا التحالف خلال انتخابات البرلمان التي أجريت عام 2002م، ومن بعدها الانتخابات المحلية التي أجريت في نفس العام؛ وهو تحالف اعتبره المراقبون والمتابعون عودة لعصر الأحادية تحت غطاء الديمقراطية، إلا أنه عندما اختلف الرجلان، وتعارضت طموحاتهما وضح الخلاف في المؤتمر الثامن للحزب كما ذكرت، وهو المؤتمر الذي كان بمثابة إعلان الحرب أو التمرد على رئيس الجمهورية.
  • لماذا؟!
لأن المقربين في الحزب من رئيس الجمهورية شعروا أنه تم إقصاؤهم وإبعادهم في انتخابات المؤتمر الثامن، وقاموا برفع دعوى قضائية، ونظموا ما اعتبروه حركة تصحيحية في الجبهة، وقد قاد هذه الحركة فيما بعد وزير الخارجية الجزائري الحالي "عبدالعزيز بلخادم"، وفي النهاية أصبح هناك طرفان يتحديان بعضهما في الجبهة؛ الطرف الأول: القيادة التي انبثقت عن انتخابات المؤتمر الثامن للجبهة، والطرف الثاني: ما يُسمى بالحركة التصحيحية، وفي النهاية صدر حكم القضاء بتجميد كل هياكل المؤتمر الثامن وما انبثق عنه؛ ولذلك فهو صراع شوه الديمقراطية في الجزائر بشكل أو بآخر؛ لأنه صراع سجل سوابق خطيرة في تاريخ التعددية، من أهمهما اللجوء للقضاء لتجميد حزب بتهمة عدم ممارسة الديمقراطية داخل هياكله.
من السوابق الخطيرة التي نتجت عن هذا الصراع أيضًا هو أنه صراع داخل أركان السلطة، فرئيس الجمهورية وأنصاره يملكون نفوذ السلطة، وحزب (جبهة التحرير) يملك البرلمان والمجالس المحلية؛ وهو ما انتهى في النهاية لاستعمال أدوات السلطة في الصراع، مما أضر بأولويات المواطن والوطن لحساب صراع كرسي الرئاسة، هذا بالإضافة إلى أنَّ هذا الصراع ليس له محتوى فكري أو سياسي وإنما هو صراع من أجل الهيمنة على (جبهة التحرير) ومن يفوز برئاسة الدولة.


مبادرة (حمس)

  • أين حركة (حمس) من هذا كله؟!

الحركة اعتبرت في البداية أن ما يحدث في حزب الجبهة هو صراع داخلي، وأن أي تدخل منا فيه حتى لو بإبداء الرأي يُعد تدخلاً في شأنٍ داخلي؛ وهو ما صرحنا به مرارًا بجانب التأكيد التمسك بالديمقراطية والحرية وتعدد الأحزاب والانتخابات النزيهة، إلا أنه عندما بدأ الصراع يتخطى إطار الحزب، ويطغى على الساحة الإعلامية، ويستخدم مؤسسات الدولة في الصراع، اعتبرنا أنفسنا معنيين بشكل أو بآخر، خاصة أنه صراع جاء قبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية، ويضغط الواقع السياسي؛ وهو ما دفعنا إلى إصدار مبادرة في سبتمبر 2003م، تناولت كل جوانب الصراع، ووجهنا الدعوة لقيادات (جبهة التحرير) لتنظيم حوار مفتوح مع كل تشكيلات حزب (جبهة التحرير)، وتنظيم ندوة وطنية دون إقصاء طرف عن طرف آخر، باعتبار أننا نريد لهذا الحزب أن يستمر شريكًا له وجود في الساحة السياسية، وهذا الرأي لم يلقَ قبولاً لدى بعض الأطراف في الجبهة، وخاصة الطرف الذي انبثق عن المؤتمر الثامن، والذي يعتبر نفسه القيادة الشرعية للجبهة.

  • على أي أساس طرحتم مبادرتكم؟!
أساس هام جدًّا؛ وهو شعورنا بأنّ تطورات الخلاف ستأتي بمزيد من التوتر، وأنّ الصراع بدأ يخرج عن كونه داخل حزب؛ ليؤثر على الحياة السياسية الجزائرية كلها؛ وهو ما نبهنا عليه باعتبارنا أصحاب مبادرة، هذا بالإضافة إلى أن المبادرة كانت قائمة المحاورة، ومع كل الأطراف السياسية، وبين كل الأحزاب وكل مؤسسات الدولة أيضًا من رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس الحكومة ورؤساء الأحزاب السياسية الممثلة بالبرلمان، وفي النهاية يبقى موقفنا حريصًا على تنقية الأجواء والصراعات السياسية، واستخدام الحوار أسلوبًا أمثل لحل كلّ الخلافات، والحرص على عدم ضغط الساحة السياسية في اتجاه استقطاب نعتبره أحادي؛ لأنه لا يطرح بدائل، وإنما يطرح شخصًا مقابل شخص.


الائتلاف الرئاسي

الرئيس "بوتفليقة"
هو كان أشبه بالائتلاف الرئاسي بين أربعة أحزاب؛ هي حزب (جبهة التحرير) الوطني، وحزب التجمع الوطني الديمقراطي، وحزب (حركة مجتمع السلم) وحزب حركة النهضة، وكان الائتلاف من خلال وثيقة تشمل عشرة بنود، وهي التشبث بالثوابت الوطنية ومرجعية أول نوفمبر 1997م، وبما تضمنته أرضية الوفاق الوطني، وتكريس الديمقراطية الحقيقة واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة الفردية والجماعية ورفع الظلم، والتداول السلمي على السلطة واحترام خيار الشعب من خلال انتخابات حرة ونزيهة، و"تمدين" النظام السياسي الديمقراطي الجمهوري، وتمكين التعددية الحزبية من دورها في الدولة والمجتمع، وإعطاء الأولوية للاستقرار والعمل على تحقيق المصالحة الوطنية كقيمة أساسية في المجتمع وذلك في إطار الدستور وقوانين الجمهورية، ومعالجة ظاهرة العنف وانعكاساتها على الدولة والمجتمع، والفصل الحقيقي والعملي بين السلطات وتكريس استقلالية القضاء، وتحرير المبادرات الاقتصادية والحفاظ على مصلحة الفئات الضعيفة وشريحة الشباب، والتشاور الدائم في القضايا المصيرية والكبرى للدولة والمجتمع، واسترجاع هيبة الدولة وعزتها في الداخل والخارج وتقوية سيادتها، وقد كانت هذه البنود العشرة بمثابة أرضية لتدعيم ترشيح "بوتفليقة" لرئاسة الجمهورية.
  • ألا تعد المشكلة الأخيرة بين "بوتفليقة" وحزب (جبهة التحرير) نقضًا لهذه الاتفاقية، خاصة أنها مشكلة بين طرفين بارزين بها؟!
أعتقد ذلك!
  • إذنْ لماذا ما زلتم ملتزمون بها؟ وأعلنتم في بداية ترشيحات الرئاسة تأييدكم لـ"بوتفليقة"؟!
لقد رشحت الحركة رئيسها "أبو جرة سلطاني" لرئاسة الجمهورية؟
  • أقصد قبل ترشيح "أبو جرة سلطاني" لرئاسة الجمهورية كان موقفكم في اتجاه "بوتفليقة"؟!
أولاً: إن أخلاقنا لا تسمح بأن نخالف العهود، إضافة إلى أن الرئيس "بوتفليقة" لم يكن طرفًا مباشرًا في توقيع الاتفاقية، ولكنه كان طرفًا مدعومًا من أربعة أحزاب في ضوء أرضية محددة في بنود معلومة، وكما أشرت سابقًا فإنّ الصراع بين "بوتفليقة" وبين حزب الجبهة لم تكن الحركة طرفًا فيه، وهنا أريد أن أشير لأمر هام؛ وهو أن موقف "حمس" في الانتخابات الرئاسية هو موقف لصالحها هي فقط، وليس لصالح طرفًا دون آخر؛ سواء كان الرئيس الجزائري أو رئيس الحكومة، والحركة عندما تتحرك لتأييد مرشح أو آخر لا تتعامل كجماعة من " الدراويش" تؤيد هذا أو ذاك دون مكاسب؛ لأنّ الحسابات هنا سياسية صريحة، هذا بالإضافة إلى أن قرار ترشيحنا لرئيس الحركة نفسه مرتبط بما ستكسبه الحركة من هذا الترشيح، وهنا أؤكد مرة أخرى أن تعاملنا مع هذا الموضوع قائم على المكاسب التي يراها مجلس الشورى الحركة؛ سواء من خلال الترشيح للانتخابات أو من خلال تأييد وليس دعم مرشح دون آخر، أيًّا كان هذا المرشح.. المهم أن يعطينا هذا المرشح مكاسب جديدة للحركة الإسلامية بشكل عام و(حمس) بشكل خاص.


تزوير

  • ولكن الانتخابات البرلمانية التي أجريت عام 2002م، وبعدها بأشهر انتخابات المحليات، شهدت تزويرًا واضحًا لصالح حزب في الائتلاف دون باقي الأحزاب المشاركة فيه.. ألا يعد هذا أيضا نقضًا لهذا الائتلاف؟!
أليس ائتلافًا يعطيك ديمقراطية أفضل من تناحر يعطيك ديكتاتورية؟ ورغم قناعتنا أن هناك تزويرًا شَابَ الانتخابات الماضية؛ سواء البرلمانية أو المحلية، إلا أنه كان تزويرًا نسبيًّا نوعًا ما، وأنّه ما زال هناك هامش من الحرية والديمقراطية يدعمه هذا التحالف، ويكفينا كذلك أن نقارن معًا بين نظام فيه جزء من التزوير، ونظام قائم على الوحشية والتبجح، وعدم الاستماع لأي رأي أو صوت، وهذا لا يعني أننا لسنا مقتنعون بأن التزوير خطر يجب مواجهته، ولكننا أيضا مقتنعون أنّه لا يمكن أن نصل لديمقراطية نزيهة وسليمة وكاملة بسهولة، وأنّ مشاركتنا في أي تحالف إنما هو من أجل ديمقراطية أفضل وحريات أكثر.
  • هل يمكن أن نعتبر هذا الائتلاف يقع تحت القاعدة الشرعية "ما لا يدرك كله لا يترك جله"؟!
هذا التوصيف أؤيدك فيه؛ لأنّ قناعتنا أن الديمقراطية تفتت جزءًا جزءًا، خاصة أننا خرجنا من ديكتاتورية الحزب الواحد، وكما قلت فإن انتخابات فيها شيء من التزوير أفضل من الديكتاتورية، ولأننا لسنا مخيرين بين انتخابات حرة وانتخابات مزيفة ومزورة؛ وإنما مخيرون بين ديكتاتورية وتسلط، وحكم شمولي، وحكم يسمح بهامش من الحرية والتعددية، وهذا لا يعني أيضًا أننا مكتفون بذلك، بل سنستمر في طريقنا النضالي، وإن جزءًا من هذا النضال هو خوض الانتخابات والضغط لتقليص هوامش التزوير؛ حتى نصل إلى وضع يحترم كلمة الشارع السياسي، وحتى نصل لذلك فإننا نرضى بالممكن والواقع ونتعاون معه، ونعمل على تغييره بالوسائل السلمية المتاحة.
  • ما الذي استفادته الحركة من هذا الائتلاف؟!
لقد استفادت الحركة كثيرًا من هذا الائتلاف، فمثلاً: دعمت مكاسب الحرية والتعددية، ووجودنا في هذا الائتلاف الرئاسي حافظ على ذلك هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لقد رسخ الائتلاف شرعية الحركة الإسلامية بالجزائر، خاصة أن أحداث 11 من سبتمبر لو جاءت والحركة الإسلامية الجزائرية كلها في المعارضة وفي صدام، لكانت نتائج ذلك وخيمة بالنسبة للحركة كلها، وأستطيع أن أقول: إن وجودنا في الائتلاف نجا الحركة الإسلامية في الجزائر من أن توضع في خانة الإرهاب، أو وضعها في خانة العناصر، التي يجب التخلص منها؛ وهو ما جعل استئصال الحركة الإسلامية أمرًا في غاية الصعوبة، هذا بالإضافة إلى استفادتنا من قربنا من مواقع التأثير، ودعم عناصر من شباب الحركة الإسلامية الملتزم في الوصول إلى مواقع هامة في الدولة، وشغلهم لوظائف كانوا ممنوعين عنها في الماضي، كما أن مشاركتنا في هذا الائتلاف دعَّم الوئام المدني والمصالحة الوطنية.


طوق نجاة

الأمر متعلق بشكل خاص بحركة (مجتمع السلم)، إلا أن كافة الحركات الإسلامية الأخرى استفادت منه، مثل: حركة (النهضة) الموجودة الآن في التحالف، كما استفادت منه حركة (الإصلاح)، التي ابتعدت شيئًا فشيئًا عن خطابها المتشدد، وحتى الحركات الإسلامية خارج الجزائر استفادت من ذلك، وأعتقد أنه عندما يأتي وفد جماعة (الإخوان المسلمين) بمصر لتقديم واجب العزاء في وفاة الشيخ "محفوظ نحناح"، ويتم استقبالهم على مستوى رئيس الجمهورية في الوقت الذي لا تعترف بهم الدولة المصرية، فإن ذلك دليل نجاحنا، وأن هذا لم يكن ليحدث إلا في ظل الأجواء السليمة التي صنعتها حركة (مجتمع السلم) بين الحركة الإسلامية بشكل عام والنظام الجزائري.
  • ألم يكن من الأفضل استغلال إجراء الانتخابات الرئاسية التي تجري خلال الفترة القادمة في إعادة صياغة بنود هذا الائتلاف الموقع عام 1999م من جديد؟!
هناك بالفعل تأكيد عدة أمور تعتبر بشكل أو بآخر إضافة للائتلاف الرئاسي الموقع عام 1999م، وأهمها: دعم أكثر للحريات، وتعميق أكثر للإصلاح السياسي، وأن يكون هناك احترام لهوية المجتمع الجزائري الإسلامية، ودعم العلاقات الجزائرية الإسلامية والعربية، والابتعاد الكلي عن التطبيع مع العدو الصهيوني، أو حتى مجرد الاقتراب منه، وأن يكون ما سبق دعما للمكاسب الديمقراطية القائمة، وتصحيحًا للأوضاع الموجودة في ظل المجالس المنتخبة، ونحن عندما نتحالف مع أي جهة إنما نتحالف مع مبادئ، مع قناعتنا أيضًا أن المبادئ لا تنفذ وحدها؛ وإنما تحتاج إلى رجال، وأعتقد أن رجالنا هم الأقدر من غيرهم لتطبيق هذه المبادئ والتوجهات، كما أننا حتما لابد أن نستفيد من التجارب السابقة؛ سواء في الائتلاف الحكومي الذي تمّ عام 1997م، أو الائتلاف الرئاسي الذي تمّ في 1999م، وكما أكدت سابقًا أننا نتعامل مع هذا الأمر بمنظور سياسي يدعم دعوتنا، فإننا لسنا مجموعة من (الدراويش)، أو جماعة دينية تدعم هذا أو ذاك دون فائدة.


حل البرلمان

  • هناك مؤشرات تؤكد حل البرلمان الجزائري بعد الانتخابات الرئاسية القادمة؛ فما صحة ذلك؟!
هذا المجلس متوقع له ألا يعمر كثيرًا من البداية؛ لأنه جاء بالتزوير، ومنح الأغلبية المطلقة لحزب دون باقي الأحزاب، عكس البرلمان السابق الذي لم تعط فيه الأغلبية لحزب معين، رغم أنها أجريت أيضًا بالتزوير، كما أن هناك ولايتين كبيرتين لم تجرِ فيهما الانتخابات حتى الآن ويمثلون تقريبًا 40 مقعدًا من إجمالي 389 مقعدًا هي إجمالي مقاعد البرلمان الجزائري، وهاتان الولايتان جزء مهم من القطر الجزائري؛ ولذلك فإن هناك قناعة أن هذا المجلس لن يعمر كثيرًا، وقد تكون الأحداث الأخيرة بين الرئيس و(جبهة التحرير) صاحبة الأغلبية في البرلمان سببًا قويًا لذلك؛ وهو ما يدعم ما ذكرته من أنّ الانتخابات الرئاسية ستكون بداية للانتخابات البرلمانية، وأعتقد أنّ البرلمان الحالي سيحل في يوليو القادم مع نجاح أي مرشح دون استثناء.
  • ما هو تمثيلكم في البرلمان الحالي؟!
في الغرفة الأولى (مجلس الشعب) لدينا 38 نائبًا من 389، وفي الغرفة الثانية- وهي مجلس الأمة وثلثاه بالانتخاب من المجالس المحلية، والثلث الآخر يعينه رئيس الجمهورية- لنا فيها 22 من 111 نائبًا، ولو أجريت الانتخابات القادمة بشكل نزيه، فإن هذا العدد سيصل لمعدلات أكثر بكثير.


الحركة الإسلامية

الشيخ "عباس مدني"
الساحة الجزائرية مازالت ساحة مناصرة للتيار الإسلامي والصوت الإسلامي بشكل عام، فالاختيار الأساسي للمواطن والشاب الجزائري هو التيار الإسلامي، ورغم أن عام 2003م شهد رحيل الشيخ "محفوظ نحناح"، وكذلك الشيخ "أحمد سحنون"- عضو هيئة جمعية العلماء المسلمين بالجزائر- وهو شخصية لها وجودها، وتم فيها أيضًا إطلاق سراح "عباس مدني" و"علي بلحاج"، فإن ذلك كله يعطي دلالة واضحة؛ هي أن الحركة الإسلامية ليست مرتبطة بأشخاص، وأن خطابها في الشارع الجزائري أصبح واضحًا، وأن هذا الخطاب يحتل جزءًا كبيرًا في الساحة الجزائرية، ولم يتأثر بغياب شخص أو بوجود آخر، هذا مع الجزم أنّ الحركة الإسلامية في الجزائر بشكل عام أخذت درسًا من التجربة السابقة، والجميع الآن أصبح يؤمن بأن العنف طريق غير سليم، وأنه مدمر للبلاد والشعب الجزائري، بل للمشروع الإسلامي بالجزائر أيضًا، وفي الماضي كانت حركة (حمس) وحدها هي صاحبة هذا الطريق وهذا الخطاب، وكثيرًا ما اتهمنا البعض بأن موقفنا وخطابنا يصب في صالح النظام وليس في صالح البلاد، إلا أن هذا الخطاب والحمد لله أصبح هو السائد، وانتصرت سياستنا وانتصر منهجنا ورؤيتنا؛ وهو ما يهمنا أكثر من انتصار الأشخاص، فانتصار الأفكار- حتى لو خسرنا كحزب- أفضل بكثير من أن يبقى الأشخاص وتنتهي الأفكار.
وما أريد أن أقوله في هذا الإطار هو أن الفصائل الأخرى في الحركة الإسلامية بالجزائر استفادت كثيرًا من التجربة السابقة، رغم أنها كانت أليمة، وكانت درسًا قاسيًا بثمن باهظ أيضًا أدى إلى تأخر البلاد وعشرات القتلى، وزرع أحقاد بين العائلات والقبائل والعشائر لتشويه الإسلام والحركة الإسلامية، وكان ممكنا أن نأخذ الدرس بأقل الخسائر وبأقل عدد من القتلى.
لو نظرنا لها من حيث الانتخابات الأخيرة، فإن الحركة تحتل المرتبة الثانية بعد حركة الإصلاح، ولكن من حيث الوجود والحركة في الشارع الجزائري والتواجد الميداني فهي الحركة الأولى؛ حيث تفوق (حمس) باقي الحركات الأخرى في التنظيم والتماسك، فحركة الإصلاح كانت بمثابة لجنة انتخابية أكثر من كونها حزب يملك مشروعًا سياسيًّا؛ ولذلك فهو غير متواجد في الميدان وخارج المجالس المنتخبة، أما من حيث الوجود كقوى سياسية لها تأثير وسرعة تعبئة، فإن (حمس) هي الأولى.

المصدر