"الغزالي" أديب الدعوة.. ورحلته بين الجماعة والمعتقل

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"الغزالي" أديب الدعوة.. ورحلته بين الجماعة والمعتقل


الغزالي أديب الدعوة.jpg

(22/09/2016)

كتب: أسامة حمدان

مقدمة

"كنت أتدرب على إجادة الحفظ بالتلاوة في غدوِّي ورواحي، وأختم القرآن في تتابع صلواتي، وقبل نومي وفي وحدتي، وأذكر أنني ختمته أثناء اعتقالي، فقد كان القرآن مؤنسا في تلك الوحدة الموحشة"، هكذا قال أديب الدعوة الإمام محمد الغزالي، الذي أتم حفظ كتاب الله وهو في العاشرة من عمره.

في رؤية صادقة، جاء الإمام حامد الغزالي إلى والد "محمد الغزالي" يبشره بولد، وينصحه أن يسمي مولوده محمد الغزالي، فقام الرجل من نومه لينفذ الطلب، ويربي أديب الدعوة الذي قدم تراثا من العلم والمعرفة لخدمة الأجيال. ولد في قرية نكلا العنب بإيتاي البارود بمحافظة البحيرة بمصر في (5 من ذي الحجة 1335هـ/ 22 سبتمبر 1917م).

التحق الغزالي بالمعهد الديني السكندري، ثم حصل على الشهادة الثانوية الأزهرية، لينتقل بعدها إلى القاهرة ويلتحق بكلية أصول الدين بالأزهر، ومن هنا تبدأ علاقة الغزالي بالإخوان المسلمين، حيث كتب في السنة الثالثة بالكلية في مجلة "الإخوان المسلمين" ليتعرف بعدها على مؤسس الجماعة "حسن البنا". وقد ظل البنا يشجع الغزالي على الكتابة، ومنها انضم الغزالي لجماعة الإخوان المسلمين ليصبح عضوًا هامًا فيها إلى أن اعتقل في سجن الطور.

وفي عام 1952، نشب خلاف بينه وبين حسن الهضيبي، مرشد جماعة الإخوان المسلمين حينها، ومن ثم ترك جماعة الإخوان المسلمين. وعنه يقول الغزالي نفسه: "من حق الرجل أن أقول عنه إنه لم يسع إلى قيادة الإخوان المسلمين، ولكن الإخوان هم الذين سعوا إليه، ومن حقه أن يعرف الناس عنه أنه تحمل بصلابة وبأس كل ما نزل به، فلم يجزع ولم يتراجع، وبقي في شيخوخته المثقلة عميق الإيمان واسع الأمل حتى خرج من السجن".

الاعتقالات

ألَّف كتابه الأول "الإسلام والأوضاع الاقتصادية"، وقد كتب فيه "من العسير جدا أن تملأ قلب إنسان بالهدى إذا كانت معدته خالية، أو أن تكسوه بلباس التقوى إذا كان بدنه عاريا"، وقد هاجم فيه الإقطاع وما يتعرض له الفلاحون والعمال من ظلم واضطهاد شديد. فى هذه الأثناء حُلّت جماعة الإخوان المسلمين". وحينها اعتقل الغزالي عام 49، وقضى في معتقل الطّور عاما واحدا، ومن ثم تكرر اعتقاله عام 1965 ليسجن هذه المرة في سجن طره.

كتب الغزالي من محبسه فى معتقل الطور كتابه "الإسلام والاستبداد السياسى"، وكتب عن حاله وحال من كبلت آراؤهم "إنه من فضل الله علينا أن رفضنا السير فى موكب العبيد، وأننا شننّا حربا ضارية على الفساد الملكى، وحواشيه وذيوله وظاهره وباطنه، وجرّأنا العامة على النيل منه، والتهجم عليه. ولئن كانت ثورة الجيش قد أفلحت فى اكتساح هذه المساخر فإن ذلك بتوفيق الله، ثم بما نشرنا فى طول البلاد وعرضها من أفكار حرة ضد الاستبداد والفوضى".

وفى عهد السادات، عارضه الغزالي وانتقد بعض القوانين المقترحة للمناقشة فى وقتها من فوق منبره بجامع عمرو بن العاص، ومن ثم تم منعه من الخطابة، كما تم اتهامه فى قضية "الكلية الفنية العسكرية" الشهيرة، ما دعا الشيخ- بعد ثبوت براءته- إلى مغادرة مصر إلى كلية الشريعة بالسعودية.

مناصب

وفي سنة 1391هـ 1971م، أعير للمملكة العربية السعودية، وعمل أستاذًا في جامعة أم القرى بمكة المكرمة، ودرّس في كلية الشريعة بقطر. وله مؤلفات كثيرة تتجاوز الخمسين كتابًا، منها عقيدة المسلم، وكيف تفهم الإسلام؟ وهموم داعية، كما حصل على عدة جوائز، أهمها جائزة الملك فيصل العالمية للعلوم الإسلامية عام 1989.

في يوم 9 مارس 1996، وأثناء إلقائه محاضرة خلال مؤتمر حول الإسلام وتحديات العصر، ضمن فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالمملكة العربية السعودية، توفي الإمام محمد الغزالي، وقد وجدوا في جيبه وصيته المكتوب فيها: "إن مت فادفنوني في البقيع"، وبالفعل دفن العالم الراحل بجوار قبر الإمام مالك، في أطهر بقاع الأرض كما قاله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

المصدر