أسرار حركة الضباط الأحرار والإخوان المسلمون

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

مقدمة

حينما جاءني كتاب اللجنة العامة لتاريخ ثورة 23 يوليو 1952 والمتضمن اثنين وعشرين سؤالاً حول أحداث الثورة.

رأيت أن الواجب الوطني يحتم على أن أرسل لهذه اللجنة الموقرة المعلومات التي أعرفها رداً على الأسئلة التي وردت في كتاب اللجنة المشار إليه.

ولما كانت الأسئلة التي وجهتها لجنة كتابة التاريخ لي لا تتضمن جميع الوقائع التي عاصرتها ومعظمها يعتبر جزءاً من تاريخ مصر السري ولا يعرف الرأي العام في مصر والعالم العربي عنه شيئاً.

لذلك رأيت بعد أن أقترب العمر من نهايته أن أنشر هذه الوقائع قبل أن يطويها الأجل المحتوم.

لقد كنت واحداً من الضباط الذين اشتركوا في التخطيط لثورة 23 يوليو 1952 قبل سنوات من قيامها كما كان لي شرف الاشتراك في تنفيذها ليلة 22- 23 يوليو 1952.

ولقد مضى على ثورة 23 يوليو أكثر من 32 عاماً وكانت آمال الشعب المصري متعلقة بهذه الثورة لكي تقضي نهائياً وإلى الأبد على مشاكل مصر المزمنة ألا وهي مشاكل الفقر والجهل والمرض.

وللأسف لم يتجه جمال عبد الناصر (وكانت له في مصر سلطة مطلقة) إلى الإصلاح الجدي لمشاكل مصر وأضاع جهوده في حروب ومنازعات وصراعات داخلية وخارجيةانتهت بخراب مصر اقتصادياً واحتلال إسرائيل لشبه جزيرة سيناء.

وإن ما يعاني منه شعب مصر في هذه الأيام له أسباب يرجع معظمها إلى فساد نظام حكم عبدالناصر.

وتحول شعب مصر في ظل النظام الذي فرضه عبد الناصر على مصر بحد السيف إلى مجتمع من المستهلكين بعد أن كان مجتمعاً من المنتجين. وتغلغل الفساد في كل مرافق البلاد وشمل كل مظاهر الحياة.

لقد كان الجهاز الإداري للدولة المصرية عند قيامثورة23 يوليو 1952 جهازاً فاسداً ولم يتخذ جمال عبد الناصر طيلة فترة حكمه البالغة ثمانية عشر عاماً أي إجراء جدى لإصلاح الأداة الحكومية ومات عبد الناصر سنة 1970 وترك جهازاً إدارياً أفسدته المطامع الشخصية وضعف الأخلاق والمركزية القاتلة والإجراءات المعقدة والهروب من تحمل المسئوليات.

وضعف سلطان القانون على النفوس بعد أن منحته الثورة إجازة واستبدلت شريعة الغاب به وأصبحت القوة الغاشمةفوق الحق وانتهت من مصر تماماً سيادة القانون.

وانتهى أمر الأخلاق وعصف بها البطش والطغيان والاستبداد فانتشرت الرذائل وفشا المنكر في المجتمع وانتشر الحقد حتى أصبح مناخاً عاماً وساد النفاق حتى أصبح ملة جديدة وشاعت الجاسوسية وحكم الإرهاب وتكميم الأفواه. وإصلاح الحال في مصر يبدأ بالقضاء على الفساد وتغيير النفوس فعلى المصريين أن يغيروا ما بأنفسهم حتى يغير الله ما بهم.

ولعل في نشر هذه الاعترافات والمذكرات الشخصية ما ينير الطريق أمام الأجيال القادمة حتى لا يقعوا فيما وقع فيه جيلنا من أخطاء.

والله ولي التوفيق.

القاهرة في 1/ 11/ 1984

حسين محمد أحمد حمودة