نصرة المظلوم والدفاع عن حقوق الإنسان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٣:٣٣، ١١ يونيو ٢٠١٠ بواسطة Rod (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب'نصرة المظلوم والدفاع عن حقوق الإنسان )إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن …')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

نصرة المظلوم والدفاع عن حقوق الإنسان )إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)(النحل/90(. بهذه المبادئ جاء القرآن . . إنّه يأمر بالعدل والإحسان ، وينهى عن العدوان على كرامة الإنسان ونفسه وماله وعرضه . . وجعل مهمة تحقيق العدل وحفظ الأمن مسؤولية الدولة في الإسلام ، كما هي مسؤولية كل إنسان في المجتمع . . والرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) الداعية إلى هذه المبادئ نراه يعمل على الدفاع عن الحق ونصرة المظلوم ، كفرد في مجتمع ، وكنبي مبلغ للرسالة ، وكحاكم منفّذ للشريعة والقانون . ويحدثنا التأريخ عن موقف انساني فذ فريد للنبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل بعثته ، أعطاه القيمة الكبرى بعد البعثة . . وهو موقفه في حلف الفضول . . إن حلف الفضول كان تجمعاً وميثاقاً إنسانياً تنادت فيه المشاعر الإنسانية ، وإضاءة العقول ، لنصرة الإنسان المظلوم ، والدفاع عن الحق المضيع ، لم تحدثه سلطات ، ولا قوى دولية ، بل أنشأته قوى اجتماعية بدوافع إنسانية ، واحساس وجداني عميق بضرورة نصرة المستضعفين والمظلومين . . لنستمع للتأريخ ، وهو يروي لنا قصة هذا الحدث الحضاري الكبير في عالم الإنسان : روى اليعقوبي في تأريخه ما نصه : «حضر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حلف الفضول ، وقد جاوز العشرين ، وقال بعد ما بعثه الله : حضرت في دار عبدالله بن جُدعان حلفاً ما يسرني به ؟ النعم ، ولو دعيت إليه اليوم لأجبت»(1) . ويحدث اليعقوبي عن سبب عقد حلف الفضول فيقول: «وكان سبب حلف الفضول أن قريشاً تحالفت أحلافاً كثيرة على الحمية والمنعة ، فتحالف المطيبون وهم بنو عبد مناف وبنو أسد وبنو زهرة وبنو تيم وبنو الحارث بن فهر على أن لا يسلموا الكعبة ما أقام حراء وثبير وما بَلَّ بحرٌ صُوفة . وصنعت عاتكة بنت عبدالمطلب طيباً فغمسوا أيديهم فيه . وقيل إن الطيب كان لأم حكيم البيضاء بنت عبدالمطلب ، وهي توأم عبدالله أبي رسول الله ، وتحالفت اللعقة وهم بنو عبدالدار وبنو مخزوم وبنو جمح وبنو سهم وبنو عدي على أن يمنع بعضهم بعضاً ، ويعقل بعضهم عن بعض ، وذبحوا بقرة فغمسوا أيديهم في دمها ، فكانت قريش تظلم في الحرم الغريب ، ومن لا عشيرة له حتى أتى رجل من بني أسد بن خزيمة بتجارة فاشتراها رجل من بني سهم ، فأخذها السهمي ، وأبى أن يعطيه الثمن ، فكلم قريشاً واستجار بها ، وسألها إعانته على أخذ حقّه ، فلم يأخذ له أحد بحقه ، فصعد الأسدي أبا قبيس فنادى بأعلى صوته : يا أهل فهر لمظلوم بضاعته ببطن مكّة نائي الأهل والنفر إنّ الحرام لمن تمت حرامته ولا حرام لثوبي لابس الغدر وقد قيل : لم يكن رجلاً من بني أسد ، ولكنّه قيس بن شيبة السلمي باع متاعاً من أبي خلف الجمحي وذهب بحقه فقال هذا الشعر ، وقيل بل قال : يا لقصي كيف هذا في الحرم وحرمة البيت وأخلاق الكرم أظُلم لا يمُنع منِّي مَن ظلم فتذممت قريش فقاموا فتحالفوا ألا يظلم غريب ولا غيره ، وأن يؤخذ للمظلوم من الظالم ، واجتمعوا في دار عبدالله بن جدعان التيمي . وكانت الأحلاف هاشماً وأسداً وزهرة وتيماً والحارث بن فهر ، فقالت قريش : هذا فضول من الحلف ، فسمي حلف الفضول . وقال بعضهم : حضره ثلاثة نفر يقال لهم الفضل بن قضاعة ، والفضل بن حشاعة ، والفضل بن بضاعة ، فسمي بهذا حلف الفضول . وقد قيل إن هؤلاء النفر حضروا حلفاً لجرهُم فسمي حلف الفضول بهم ، وشبه بالحلف في تلك السنة» . إن هذه الوثيقة التأريخية تكشف لنا عن أبرز مبادئ الإسلام الإنسانية على المستوى الدولي ، وهي نصرة المظلوم ، والدفاع عن الحق ، بغض النظر عن دين المظلوم ومذهبه وعشيرته وقوميته ووطنه . . ويعطينا هذا الحلف والميثاق أصلاً قانونياً ، ودليلاً على تنظيم الإسلام للعلاقات الإنسانية على المستوى الدولي ، والحث على الاشتراك في المنظمات الدولية الإنسانية التي تعمل على إغاثة المظلومين ونصرتهم ، والدفاع عن حقوقهم ، ومقاومة الظلم والطغيان في أي بقعة من بقاع العالم . . إن هذه القيم الإنسانية في حقلها الأخلاقي والسياسي لهي من أعظم القيم التي تحتاجها الإنسانية في عالمنا المعاصر ، عالم التكتلات العدوانية ، وعالم المنظمات المسخرة لخدمة الطاغوت العالمي ، والقوى المتسلطة . . وفي موقع آخر يجسد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) تلك المبادئ سلوكاً وعملاً ، فيخف لنصرة المظلوم والدفاع عن حقّه ، ولم يكن هذا المظلوم مسلماً ، والرسول يومها نبي يحمل الدعوة إلى الناس وينادي فيهم : «بالعدل قامت السماوات والأرض» . إن لتلك الكلمة الخالدة دلالاتها وعطاءها في كل حركات الإنسان وسكناته . . والدعوة لاقامة العدل هي منهج القرآن ، وأساس في سيرة الرسول العملية ، ومسؤولية الإنسان على امتداد وجوده على هذه الأرض . . وقد قيل قديماً : الكفر يدوم والظلم لا يدوم . . والثورة على الظلم والطغيان والانتصار للمظلوم قضية تشخصها العقول النيِّرة ، والمشاعر الإنسانية النبيلة ، كما تشخصها الشرائع والأديان . . سجل لنا التأريخ مواقف عملية للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في المرحلة الجاهلية لنصرة المظلوم والمضطهد ، قرأناها في موقفه في حلف الفضول ، كما نقرأها في موقفه العملي من أبي جهل في بداية الدعوة . . يوم كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مضطهداً محارباً مستضعفاً فلم يمنعه وضعه السياسي والاجتماعي المحاصر آنذاك من الانتصار للمظلوم ، والمطالبة بحقه من أعتى طواغيت عصره ، وأكثرهم عدواة وخصومة له . . لنقرأ ذلك الموقف ، ولنتخذه درساً ومنهجاً في حياتنا الاجتماعية والسياسية ، فما أكثر الظلم والمظلومين ، وما أقل الواقفين موقف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الدفاع والنصرة ، وما أحوج المجتمع إلى مؤسسات ومنظمات ومراكز للدفاع عن حقوق المظلومين والمضطهدين . . إن ذلك الموقف الصادر عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ومثله الموقف في حلف الفضول يؤكد أنّ الدفاع عن الحق ، ونصرة المظلوم مسؤولية يسأل عنها الإنسان ، والقادر على القيام بها تجاه المظلومين والمضطهدين ، وبغض النظر عن عقيدة المظلوم أو لغته أو طبقته الاجتماعية أو انتمائه السياسي . . لنقرأ موقف الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من مظلوم استغاث به لإنقاذ حقّه ، ولنتأمل في الظروف الصعبة التي كانت تحيط بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يومها . نقل ابن كثير عن سلسلة من الرواة تلك الحادثة فقال : «قدم رجل من أراش بإبل له إلى مكّة ، فابتاعها منه أبو جهل بن هشام ، فمطله بأثمانها ، فأقبل الأراشي حتى وقف على نادي قريش ، ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جالس في ناحية المسجد ، فقال : يا معشر قريش من رجل يعديني على أبي الحكم بن هشام ، فإني غريب ، وابن سبيل ، وقد غلبني على حقي ، فقال أهل المجلس : ترى ذلك ، يهمزون به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما يعلمون ما بينه وبين أبي جهل من العداوة ، إذهب إليه ، فهو يعديك عليه ، فأقبل الأراشي حتى وقف على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فذكر ذلك له ، فقام معه فلما رأوه قام معه ، قالوا لمن معهم : اتبعه فانظر ما يصنع ؟ فخرج إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى جاءه فضرب عليه بابه ، فقال مَن هذا ؟ قال : محمد ، فاخرج ، فخرج إليه ، وما في وجهه قطرة دم ، وقد امتقع لونه ، فقال : إعط هذا الرجل حقّه ، قال : لا يبرح حتى أعطيه الذي له ، قال فدخل ، فخرج إليه بحقه ، فدفعه إليه ، ثمّ انصرف رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) وقال للأراشي إلحق لشأنك . . فأقبل الأراشي حتى وقف على المجلس ، فقال : جزاه الله خيراً ، فقد أخذ الذي لي .. »(2) . إن هذه الحادثة من سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) العملية تكشف عن انسانية الدعوة ووقوفها إلى جنب الإنسان المظلوم ، واستنقاذ الحق ، رغم أنّ الظالم كان من أعتى طواغيت قريش ، ورغم العداوة التي كانت بين الرسول وبين أبي جهل ، فالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يعتذر من الرجل لما يعلم من أبي جهل ، بل صحبه إلى دار أبي جهل ، ووقف بكل جرأة وشجاعة ، بل وتحدّ للظالم ، يطالبه بحق المظلوم . . والموقف كما يكشف عن مواجهة الظلم والطغيان ، فإنّه يكشف عن الاهتمام بالآخرين ، ومشاركتهم بهمومهم والوقوف معهم لاستنقاذ حقوقهم الشخصية . . فالموقف هو دفاع عن حق ، ومواجهة لظاهرة0.