من أسرار رابعة .. ( خواطر واستفسارات ربعاوي )
بقلم : حازم سعيد
(17/08/2014)
أن أنتسب إلى رابعة فهو الشرف بعينه ، وأن يضعني الله سبحانه بفضله وكرمه – مع أني لا أستحق – مع المؤمنين المجاهدين برابعة ، ويأخذني سبحانه من منكبي لأعيش بينهم على مدار نيفٍ وأربعين يوماً أآكلهم وأشاربهم وأضاحكهم ، وأتنسم عبيرهم ، وأستنشق الهواء الذي يزفرونه ، أرى بعينهم وأسمع بأذنهم وأفكر بعقلهم ، أن أعيش مخطوفاً ذهنياً معهم ... يا الله ... كم أكرمتني يا رب وكم أنعمت علي بما لا يكافئ حمداً ولا شكراً ولا ذكراً ... سبحانك .. سبحانك .. سبحانك .. ولك الحمد
لماذا نحب رابعة ؟
أزعم أن رابعة بمن فيها من الأولياء والصالحين كانت نموذجاً واقعياً ، وتجسيداً مثالياً للمدينة الفاضلة .
إن سألوك عن العبادة والذكر والتسبيح والتحميد والتهليل والاستغفار فقل : رابعة .
إن سألوك عن التلاوة والبساطة والصلاة والجندية والخلق التي كلها من صفات المؤمنين اللازمة ، واختارها الإخوان لتكون شعاراً لكل أخٍ مسلم فقل : رابعة .
إن سألوك عن الأمانة وغض البصر وحفظ المحارم وصيانة الأعراض وطهارة اليد والقول واللسان والباطن والظاهر ، فقل : رابعة .
إن سألوك عن النظام والنظافة والانضباط وقيم الحق والخير والجمال ، فقل : رابعة .
إن سألوك عن التكافل والتراحم والتعاون والتعاضد ، والأخلاق الإسلامية بالكلية ، فقل : رابعة .
إن سألوك عن الجهاد والمجاهدة ، فقل : رابعة .
وإن سألوك عن الولاء للمؤمنين وحبهم والانحياز لهم ، وإن سألوك عن البراء من الكافرين والمنافقين والانقلابيين الفجرة والغلظة عليهم والشدة لهم وفضحهم وكشف سوءاتهم ، فقل : رابعة .
إن سألوك عن اصطفاء الله للشهداء ، واجتبائه للأولياء ، واتخاذه عباداً مخلصين ، فقل : رابعة .
حقاً .. رابعة لا يبغضها إلا جاهل أو منافق أو كاره لطريق الله رب العالمين ، ولا يحبها إلا المؤمنون ..
نعم يحبها المؤمنون بعبيرها ونسمات الصالحين فيها ، بتراتيلهم ، بأذكارهم وأورداهم ودعائهم وصلواتهم وصيامهم وقيامهم ، بأناشيدهم وأهازيجهم وخطبهم وكلماتهم ، بخطواتهم في المسيرات والتظاهرات وطواف الأحياء المجاورة ، بهتافاتهم وصيحاتهم وتلبياتهم ، بنوبات حراساتهم على الأبواب وطوابير جنديتهم ، بتكليفات النظافة أو الحراسة أو إعداد طعام أو توزيع وجبات أو سقياهم ، برش المياه على أوجه المجاهدين والزائرين حتى لا يصيبهم الحر بالأذى ، بخيامهم وفرشهم ، بتضحياتهم ونوبات إنقاذ ضحاياهم ، بهواء زفيرهم ، وتراب ممشاهم ، بباعتها الجائلون وأمنهم وأمانهم وسط أهل رابعة ...
يا أهل رابعة ، بشهدائكم ، ومعتقليكم ، ومصابيكم ، ومطارديكم ، وأحراركم الثوار الآن بالشوارع .. سلام عليكم
لماذا تمتعنا برابعة ؟
والحب والولاء شئ ، والمتعة شئ آخر .. لقد أحببنا ووالينا .. ثم تمتعنا ..
وما ذكرته آنفاً كفيل كله بأن نتمتع بوجودنا في رابعة متعة لا تساويها الدنيا كلها بمن فيها وبما فيها ، إلا أني أجزم أن هناك سببين لهذه المتعة التي لا توصف أثناء وجودنا برابعة ، وحق لها أن تدرج تحت قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " إن عندنا نعمة لو عرفها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف " .
السبب الأول أنه مجلس سكينة ونزول رحمة وغشيان الملائكة ، ولا عجب في ذلك فلقد كانت رابعة بكل من فيها حلق ذكر ..
والسبب الثاني : لأننا كنا وسط أناس من أهل الجنة ، نعم ونحسب أن شهداء رابعة من المقبولين ، وندعوا ربنا الكريم أن يكون قد اجتباهم ووضع أرواحهم بأجواف طير خضر تسرح في الجنة وتأوي إلى قناديل معلقة في عرش الرحمن ..
لقد كنا نعايش أناساً من أهل الجنة ونخالطهم ويبشون في وجوهنا ونأمن على أنفسنا وأرواحنا وممتلكاتنا ونحن بينهم ، ما من خيمة جلست فيها ووضعت جنبي لأستريح قليلاً إلا وكان فيها شهيد .. لقد كنا نجاور ونؤاكل ونشارب أناساً – نحسبهم – من أهل الجنة ولا نزكيهم على الله .. لذلك تمتعنا ..
يا أهل رابعة ، بشهدائكم ، ومعتقليكم ، ومصابيكم ، ومطارديكم ، وأحراركم الثوار الآن بالشوارع .. سلام عليكم
كيف تربى القتلة وكيف جرؤوا ؟
مما حيرني وأفزعني هو كم هذه الجرأة في الجريمة ، أي جريمة ..
من الخيانة إلى النكث بالعهود والمواثيق وخلف الوعود ، إلى التآمر والدس بالليل ، إلى سفك الدم الحرام والولوغ فيه ، إلى الكذب والتلون ، إلى الفجر في الخصومة ... لم أكن أتخيل إمكانية وجود هذا الشر المطلق في إنسان ، وكنت أعتبره نوعاً من المبالغة حين كانت تمثله السينما ، الآن رأيته رأي العين في شخص السيسي العر# والذين معه من مجلس عسكري أو قيادة كنسية متطرفة أو العلمانيين أو الشرطة أو القضاء أو الإعلام . ، ولم أجد لحيرتي إجابة ، ربما بسبب تربية الإخوان النفسية لأمثالي ، كنت أظن أني أعرف الجاهلية بما عرفته من أصحاب ما قبل معرفة الإخوان ، الآن أدركت أني لم أكن أعرف شيئاً عن الجاهلية .
ومما حيرني وأفزعني جرأة القناصين من ضباط العسكر والداخلية الذين قنصونا – ولا زالوا – في رابعة وما بعد رابعة بجرأة ووقاحة وفجور وتعمد .
أين تربى هؤلاء ؟ وعلام تربوا ؟ وكيف نزع الانقلابيون المجرمون منهم آدميتهم ؟
إن منهم جيران وأصدقاء وأقارب ، فأي مناخات أو ثقافات أو مناهج تربية تعرض لها هؤلاء فمسخت عقولهم ، وجمدت قلوبهم فأصبحت كالصخر وعميت أعينهم وبصائرهم فلم يعودوا يميزوا بين الإنسانية والحيوانية ؟!!!
ومما حيرني وأفزعني تورط الشرطة بهذا الغباء ، وكم حقدهم وغلهم ضد الإخوان والإسلاميين وأهل رابعة أثناء رابعة وما بعدها ، وتآمرهم ضد ثورة يناير ، وانحيازهم المطلق للعسكر ، رغم أنهم كانوا ولا زالوا في خصومة مهنية تنافسية مع العسكر .
كيف حمل هؤلاء كل هذا الغل والحقد ضدنا ، رغم أنهم كانوا جلساؤنا وزوارنا أثناء سنتي الثورة ، وكيف اختار كل هؤلاء هذا الانحياز السافر المطلق لمنظومة العسكر الفاسدة الظالمة المجرمة ؟ كيف رضوا لأنفسهم أن يكون بلطجية في ثوب نظامي ؟ وأين ذهبت عقولهم وآدميتهم ؟!!!
هذه وتلك أسئلة لم أجد لها عندي جواباً ، ومهما حاولت تحليلها وتفسيرها بعناوين أو كلمات ، فلن تفك حيرتي ولا عجبي مما فعلوه في أهل رابعة الأطهار الأخيار ..
فيا أهل رابعة ، بشهدائكم ، ومعتقليكم ، ومصابيكم ، ومطارديكم ، وأحراركم الثوار الآن بالشوارع .. سلام عليكم
كيف امتلك سلفيو النور جرأة التأويل والتعطيل والتكييف والتمثيل والتفويض ؟
على نفس المنوال عجبت واحترت من سلفيي حزب النور ، ولقد عشت سنيناً من عمري بينهم ، لطالما أشربوني أدبيات وأحكام الولاء والبراء ، ولطالما سمعت منهم عن تنازل الإخوان وميوعتهم وانحيازهم لمنظومة مبارك الفاسدة ، وكيف أن المرشد الفلاني قال أنه يبايع مبارك وكيف .. وكيف
ثم إذا بهم لما جد الجد يقفون هذا الموقف العجيب الغريب المريب المذهل من الإنقلاب ، وضد الشرعية ، وضد رابعة ، حتى خرج سفيههم ليفتي بأن الاحتفال بذكرى رابعة هو من المحرمات !
وأنا في عنوان الفقرة أستعير ما كنا نتعلمه في باب الإيمان بأسماء الله عز وجل وصفاته العلى على يد السلفيين ، أننا نؤمن بأسمائه سبحانه وصفاته العلى بغير تأويل ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل وأننا نؤمن بالصفة ونفوض كيفيتها ..
هنا أستعير التسمية فقط ولا أشبه المسميات ، فأقول : كيف امتلك سلفيو حزب النور جرأة تأويل الحق ، وتعطيل قاعدة الولاء والبراء ، وتكييف المواقف لتتماشى مع أهوائهم وأمزجتهم ، وكيف مثلوا السيسي الخسيس وحزبه بمرسي الرئيس ومن معه ، وكيف فوضوا السيسي ليقتل المؤمنين وينتهك أعراضهم وحرماتهم ؟!!!
لم أكن أتخيل أن منافسة الأقران التي قرأت عنها في كتب السلف الصالح يمكن أن تتلاعب ببعض أوعية النصوص – ولا أقول علماء – من أمثال ياسر برهامي أو رفاقه مثل هذا التلاعب .
ولم أكن أتخيل أن اختراق أمن الدولة والمخابرات لبعض التيارات الإسلامية يمكن أن يصل لهذا الحد .
ولم أكن أتخيل أن ابتزاز الأنظمة الأمنية الظالمة لبعض الناس يمكن أن يحولهم لمثل هذا المسخ .
ذلك كله مما حرت فيه ولم أجد له جواباً ، أن يوالي سلفيو حزب النور السيسي العر# السفاح وحزبه ، ويعادون أهل رابعة الأطهار الأخيار ..
فيا أهل رابعة ، بشهدائكم ، ومعتقليكم ، ومصابيكم ، ومطارديكم ، وأحراركم الثوار الآن بالشوارع .. سلام عليكم
المصدر
- مقال:من أسرار رابعة .. ( خواطر واستفسارات ربعاوي ) موقع:نافذة مصر