ويبقى عارنا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٢١:٥٥، ١٠ ديسمبر ٢٠١٠ بواسطة Moza (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

ويبقى عارنا .... بقلم / د. نهى الزيني

صاح بي الفتى ...

تحجرت في مآقي الدموع كمثل أمه وأخته وجميع نسائهم .. هل قلتُ نساءهم ؟ فماذا أسمي إذاً رجال العرب ؟

خرج من عنبر ضحايا محرقة غزة الذين جاءوا ليقضوا أياماً هنا ، أسرع نحوي يضرب عجلات مقعده المتحرك بيد واحدة هي كل ماتبقى له ليقول لي بلهجة حاسمة .. غاضبة.. مشبعة بكبرياء لايلين : "لاتبكي علينا ولو كان مصيرنا الفناء " .

صاح بي الفتى غاضباً ...

ظن بكائي رثاء لهم فرفضتْ أنفته الرثاء ، كيف له وهو الفتى الصغير أن يعلم كم هو قديم نهر أحزاني ، يشق عبر السنين صخور قلبي ليصب في وطني السليب ، منبعه هناك من قلب طليطلة حيث الحصار الغادر وملوك الطوائف يهرولون يوقعون بدماء الذل معاهدات سلام أو استسلام ، وتصرخ طليطلة ولامن مغيث والضرب في سويداء القلوب ، وشعوب جبانة قد أسلمت قيادها لحثالات التاريخ .. الحصار عار يابني فهل بإمكانك أن تدرك أي عار يخزيني ؟ أنا من حاصرتك يابني ، أنا من مزقت أشلاءك وقتلت أباك وأسلمت أمك لغاصبيها ، لاتعجب يابني أليس باسمي أنا .. بمداد صمتي قد وقعوا معاهدات خيانتهم وهواني ؟

صاح بي بلال ..

أتراه غضب لما سمعني أصرخ : القتلة .. المجرمون ، أتراه شاء بصيحته أن يقول : بل أنتم القتلة وأنتم المجرمون ؟

انحنيت لأصير بمحاذاة مقعد متحرك كُتب عليه أن يُسجن فيه ، تلاقت أعيننا فيالصدق اللقاء ، صوب نحوي عينين كفوهتي بندقية وبيده قبض على الزناد ، وهناك في العمق تلاقينا فكأنما أراد أن يمزق من حولي أسلاكاَ شائكة زرعوها لتفرق بيننا .. لتحول بينه وبين حضن أمه.. وبقلبي عبرت إليه تمنيت لو ضممته لأحميه من مصير محتوم ، أعلم ياولدي أنك مقتول إن لم يك اليوم فغداً ، فلقد بدأت المحرقة ولن تنتهي إلا بالإبادة ولقد احتل الخونة المنابر يبشرون الناس بالمجد والبقاء .. المجد للشيطان والبقاء لكل خسيس جبان ، أما أنتم بابني فلكم الموت !


صاح بي بلال غاضباً ...

خلعت نفسي من جواره لأذهب .. أخذت معي قطعة منه وتركت له فرعاً من نهر أحزاني... قل لي أين المفر ولصيحتك صدى مازال يدوي في أعماقي ، يزلزل كياني ، يسّود أيامي ويضعني أمام نفسي ليلقي عليها سؤالاً لاجواب له : ماذا فعلتم لأجلي ؟ لا شئ ! إنها الإبادة يابلال ، أما نحن فهاهنا قاعدون نترقب دورنا لنساق إلى المذبح كأغنام مخصاة صامتين مطأطئي الرؤوس ، ماكانت طليطلة نهاية المطاف ولن تكون ، وحينها سوف تخرج صحف الصباح مزدانة بأقواس النصر وبصور الفاتحين ، وستنشد الجوقة في حبور : المجد للشيطان والحريق لكل بلال !


المصدر : نافذة مصر