واجبات الزوجين نحو غزة
بقلم: أ. جمال ماضي
الزوجان اللذان ينعمان بالمودة والرحمة الربانية , واللذان يعبّران في هذه الحياة عن المشاركة والتفاهم , واللذان يعيشان الوجدان الواحد والألم الواحد والأمل الواحد , ينظران إلى كل زوجين في غزة اليوم , وقد وحدهما هدف واحد , هو : ( الفرار من الموت ) , سواء كان لهما , أو لأسرتهما من الأطفال والشباب , ومن باب الجسد الواحد الذي لا يفهمه غير الزوجين , يأتي دور كل من الزوجين , نحو غزة وأهلنا في غزة , في الواجبات التالية :
أولاً : اليقظة الشعورية :
كيف تنام العين ؟ ويطمئن القلب ؟ وتهدأ النفس ؟ ولا مشاهد في غزة غير مشاهد الوداع ! ليس الوداع إلى سفر ثم إياب , وإنما سفر إلى الموت , في كل لحظة , حيث لا رجوع .
ولذلك فواجب كل زوجين : أن يعيشا المأساة والكارثة , فيتابعان الأخبار أولاً بأول , ويكتبان ويعبّران عن مشاعرهما , في مداخلات الفضائيات , ويشاركان معاً في الاعتصامات والوقفات والمظاهرات , المؤيدة لغزة , والمنددة بالمذبحة والتخاذل الدولي .
ثانياً : الروحية العالية :
الارتقاء بحياتنا الزوحية , لا يتحقق إلا بالروحية العالية , التي تعصم من الخلل , وتواجه المشكلات , بالمشاركة في الصلوات , والدعاء والمناجاة معاً , وبالتوبة الدائمة والاستغفار , والاتفاق معاً على التواصل الروحي مع الله تعالى , فالنصر حليف الإلحاح بالدعاء في تأييد الله لأهلنا في غزة , والإخلاص في طلب النصر من الله لهم .
ثالثاً : الصفحة الجديدة :
وذلك بإنهاء الخلافات , واحتواء المشكلات , وتأجيل القضايا العالقة , والعمل من الآن على فتح صفحة جديدة , فيها الحب والتفاهم والحوار , فغزة أوْلى اليوم بكل طاقاتنا , وبذلك يُوجه الزوجان كل حياتهما نحو قضية واحدة , ربما يتعلمان منها كيف يواجهان معارك الحياة , فإن انتصرا في معركة غزة الحقيقية , كانا أقدر على الانتصار على الخلاف الزوجي , وعواصف الزمن .
رابعاً : ميزانية البيت :
مشكلة المشكلات هي ميزانية البيت , وقد حانت الفرصة في جهاد حقيقي , ليزداد فيها المال وينمو , وتحل فيه البركات من الله , بالتبرع والتصدق لأهلنا في غزة , وعدم التعلل بضيق اليد , فإن البركة تزيد من المال , حينما نوجهه بصدق إلى الله , فالتقليل من النفقة واجب كل زوجين اليوم نحو غزة , وهو تدريب في نفس الوقت على مواجهة الأزمات والطوارئ .
خامساً : الواجب الإعلامي :
أخطر من الإعلام المرئي , الإعلام المتحرك , الذي يتحرك به الإنسان , ولذلك فواجبات الزوجين : في زيارة الأقارب والأصدقاء والجيران و زملاء العمل , وأهل العمارة والحي والشارع والقرية , كل ذلك يأتي في الدور الأول والمهم , لإزالة الشبهات , وتوضيح الحقائق , والدعوة العملية نحو الايجابية : في إرسال إميلات للمسئولين , والتبرع بالدم إن أمكن , أو التبرع المالي والإغاثي , والمساعدة الميدانية بتوصيل المساعدات والمتبرعين إلى لجان الإغاثة المتخصصة .
سادساً : الوعي بالقضية :
فرصة لكل زوجين في التعرف على جذور القضية الفلسطينية , والصراع مع الصهاينة , ونضال الشعب الفلسطيني , ودور حماس والمقاومة , ونقل هذا الوعى إلى الآخرين , بالمشاركة في كل وسائل الإعلام المتاحة , أو أثناء التحرك بالواجب الإعلامي .
سابعاً : تحريك الأسرة :
الزوجان كقدوة لأبنائهم من الأطفال والشباب والفتيات , عليهما واجبات جسام وعظيمة , خاصة نحو أشلاء الأبناء في غزة , والأطفال الذين يعيشون في رعب , أو الذين قد تجمدت دماؤهم من مشاهد المذبحة , أو الأم التي فقدت في لحظة , خمس بنات فانقطع صوتهن إلى الأبد وهن يرددن : ( ماما ) , حتي الصرخة المكتومة لم تخرج من الطفل الصغير , وهو يرى أشلاء أمه وأبيه , حين عاجلته الرصاصة في صدره ! .
ولذا فواجب الزوجين أن يربيا أبناءهما على عدم التخلي عن إخوانهم من الأطفال والشباب , فيجعلوها قضيتهم , ولا ينقطعون عن الحديث فيها , ودعمها , وأن يعودوا إلى الالتزام , فلا يليق بهم أن يعيشوا حياة هزلية , فيها هجر المساجد والقرآن , أو قضاء أوقات في غير ما يرفع همتهم .
وأخيراً :
إن كانت المساجد في غزة قد قصفت , وإن كانت المآذن في غزة قد دمرت , فلن ينقطع التكبير , ولن تتوقف جباه الساجدين , مادام في بيوتنا , هذا الشعار العملي : ( الله حي في ضمائرنا ) .
جاءني من شباب غزة :
يا غزة قلبي مشتعل
- ويفور الدم بشرياني
عهد للنصرة من قلبي
- بوشيجة عهد الإيمان
بعزم يشرق كالشمس
- لمحو ظلام الطغيان
تركوك وحدك يا غزة
- يذبحك أعوان الشيطان
الكل تآمر يا غزة
- لتباعي بأقل الأثمان
ياغزة عذراً بصراخِ
- لم يلمس نخوة شجعان
وإن كان يقول أهلنا اليوم في غزة : ( في السماء اللون الأسود من دخان الدمار والهدم , وفي الأرض اللون الأحمر , من دماء الشهداء ) , فإن النصر قادم , ويومها يلوّن كل زوجين الحياة بكل ألوان الزينات , وتفرح بيوتنا بنصر الله , مادمنا ننصره في قلوبنا وأعمالنا , ونؤدي واجباتنا نحو غزة .