مسجد ضرار

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٨:٣١، ١٥ ديسمبر ٢٠١٠ بواسطة Moza (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

استنساخ مسجد الضرار

قال تعالى: (ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون) (التوبة: 56).


أولاً: حالة حيرى

يأتونك بثوب منمق، وفي دثرهم يختبئ مخادعون، يبدون لك بصورة ناصح عنيد حريص على العروبة وعلى إيمانك والإسلام، وخلف الكلمات يتوارى المكر القرظي، يتبختر بين أضلاعهم والرؤوس، ولكنهم يَزّيّنون بمئة لافتة ولافتة، منها ما هو مستنسخ من كيد مسجد الضرار، غير أنه يرفل بحلة عصرية، يحاول من خلال الخداع إدخال جيوش الغزو إلى رؤوس الجمهور، لتغدو الأرض مرصوفة بالجثث الهائمة، حيث لا تدري أن الخراب قد لحق حتى بالقبور، بعد أن هبت علينا ريح صفراء، تدعي التقدم والتحديث، وتزعم أنها قائدة الركب باتجاه الخلاص، في حين أنها تقبع متدثرة بأردية ابن سبأ وحراكه الطائر بأجنحة الغربان، وقد سكنت عقولها وحناجرها تأتآت الببغاوات، التي تدعي أنها أمهات الفكر، وعمالقة الزمان، ومخلصو العصر والأوان.


ها هم في عروقنا يجرون، وعلى المنابر يستولون، يمهدون السبل أمام جيوش الغزو، براية مرفوعة من قبلها عبق مثقل بالأماني الخضراء، ومن خلفها سراب المشبوهين، فهي بلا خصب ولا وعد حنون، تغدو وكأنها منكم، وتروح بعيون غدر ذليلة، طأطأت الأبصار، وخذلت البصيرة، لتقول لكم - وأنتم الأعقل والأفهم من تلك القامات والأدرى منهم بشعاب ثقافتكم وبما يفيدكم في المسيرة -: أيها الناس: (الحجاب من العادات وليس من العبادات) وهو قول واحد منهم يتربع فوق ركام فكرهم..! من المغرب وحتى أقصى المشرق. أما إحدى نظرات هاتيك الثقافة الببغاوية، المتعالية بجهلها وضحضاحها النظري والعملي، فقد جاء من إندونيسيا على لسان رئيسة (أخوات في الإسلام) إذ تقول: (لقد تم إدخال جرائم جديدة في الإسلام، وذلك من خلال مراقبة الأخلاق العامة للتشديد عليها، من مثل تناول الطعام أمام العامة في رمضان، واحتساء الخمور في الأماكن العامة، وارتداء النساء ملابس الرجال، أو ارتداء الرجال ملابس النساء، والمثلية والسحاق، والتصرفات البذيئة كلها أصبحت جرائم تعاقب عليها الشريعة الإسلامية) وهي تقول ذلك على ضوء دعوتها لإصلاح الدين وإعادة إنتاجه من جديد، ليكون متصلاً بالعصر الغربي، الداعي إلى ثقافة المثلية، والمساكنة والزنا الحر، والشذوذ والفجور بشتى أنواعه .. إنها الببغاوية الغبية .. لا، أبداً: إنها قامات إما أن يكون قد فلت عقالها، فارتبكت عقولها وسلوكياتها، وغاب عن نتاج مكرها التأمل والتدبر، فراحت عقولها تغوص بما ليست هي أهل له، ولا هي أتت على قدره. وإما أنها قامات قبضت ثمن القول والفعل المتهافتين المخربين، إتاحات منبرية، أو مناصب فكرية هزلية، أو مالاً حراماً تكمن في طياته الهزيمة والعار، وهنا لا بد أن نوضح لهؤلاء موقفهم الحقيقي، وذلك بما رسمه ربنا جل في علاه إذ وصفهم في كتابه العزيز بقوله: (ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون) .. فانتماؤهم ظاهر، وانحيازهم إلى التقدم زائف، إنهم خائفون على وضعهم ومكانهم، فتراهم حائرين بين وجودهم في ظهرانينا، وبين تأدية الدور الذي يحافظ على المكان فينا.


ثانياً: حالة مسجد الضرار

يقول تعالى جل في علاه: (والذين اتخدوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون) (التوبة: 107).


كم من سليل هو أدهى وأمر من سلفه، فهو يأتي دَخَلاً بعد العصور، يطأ القيم، ويدوس الشهامات، ويرفض المروءات، ويقذف بالأصول، ويهدم الدعامات، التي متى ما هدمت انفتح البيت على مصاريعه لكل الطامعين، بنى أحلامه فوق ركام من الذل، سالكاً سرب المارقين المدعين للحسنى، يغلظون الأيمان لإثبات أقوالهم، وأيديهم تقبض على أدنان الكذب، وتطلق أطناناً من الاستخذاء، وفي أعينهم التماعات من الأنانية الشاذة، التي عكرتها مياه عادمة من فكر الخنا والخنوع، وكلما لاح لهم سراب من أعطيات بأشكال متنوعة، أعتموا طرقهم، وسدوا السبل على السالكين إلى الله، بادعاء أن هؤلاء السالكين إن هم إلا ظلاميون، لا يريدون دخول تنويرات العصر، الحاملة جينات الشواذ المرهقين بثقلة الطين، وحاجات الجسد، وغرائز الحيوان، المتباهين بشيء من إنتاج مدني لم يخرجه إلا رجال علم محضوا وقتهم كله للمعامل والتجارب ومراكز الاختراع، فلم يدخلوا بما دخل به التافهون المتباهون بإنتاج رجال العلم. وعلى مرّ العصور تلون إنتاج مسجد الضرار، ولم يبق شكلاً وموضوعاً على شاكلة ذلك المسجد الأول، بل إنه استبدل جبهة الذل التي تصدرت سذاجة ذلك المسجد الإرث بجبهة تنطق بلسان الفلسفة والفكر في عصرنا، مدعية أنها بناء فكري حضاري تنويري حداثي متماسك، يخوض في أرجاء حرية هي الفوضى والخداع واللؤم، مرسومة كلها فوق الجباه الغربية اللامعة الخادعة، تنتعل الأحذية المجلوة، وترتدي أفخر الثياب، لكنها تحمل قلوب الذئاب واللصوص والقتلة، ولمن لا يصدق، فليعد إلى كلمات أحد متنفذيهم، التي ألقاها من فوق منبر مجلسهم المعنون شكلاً بالعلمانية وبالحرية، يريد منها (الكلمات) أن تعتدي على دين وقرآن وأمة سبقته وبزته في الحضارة والحرية والقيم .. فأين الحرية والتنوير اللذان يكمنان في قول يريد أن يحظر على الناس المؤمنين أن يلبسوا ألبستهم، التي أمرهم الله بها؛ تعبداً لا عادة، فهو (الحجاب) فريضة ربانية جاءت بأمر رباني وأمر رسالي لا شك فيهما، ولا تردد تجاههما: لا في الثبوت ولا في الدلالة، فالحجاب عبادة فرضها الله على المرأة المسلمة؛ حفظاً لها واحتراماً لكيانها وإبعاداً لأعين الذباب والبعوض أن تحط على الأجساد، فتصيبها بالأمراض والفساد والقاذورات، وجاء فينا (تقليداً وببغاوية بعد ادعاء الفلسفة والفكر والعصرية) من ينادي بمثل ما نادى به أولئك الغافلون في الغرب، الذين يرون كيف تتقلب مجتمعاتهم بجحيم الغرائز والأمراض، التي تتدحرج بهم نحو النهاية بخطوات ثابتة، وإن كانت بطيئة، ولا يهتمون .. لقد قال ربنا جل وعلا: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً) (الأحزاب: 59).


وإذن فالحجاب عبادة وفريضة وليس عادةً، فليرعو المتاجرون بالفكر والفلسفة لتوهين عرى قوة هذه الأمة..!! وليتوقفوا عن استنساخ مساجد الضرار الهادفة للفرقة وتأمين السبل لهجمات الطامعين.