العزة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٥:٢٣، ١٧ يناير ٢٠١١ بواسطة Helmy (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
العــزة



العزة-للإسلام.png

خلق الله سبحانه وتعالى المؤمن ليكون سيداً في هذا الوجود لذلك هو لا يرضى لنفسه أن يعيش ذليلاً كما أنه لا يقبل الضيم ولا الظلم ولا الصغار ولا المهانة، لأنه يؤمن بالعزيز سبحانه ويستلهم معاني العزة والكرامة منه، وهو سبحانه وصف المؤمنين بالعزة [ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ ].


وقد رسَّخ الإسلام هذه المعاني في نفوس أتباعه لذلك يقول الفاروق عمر رضي الله عنه: " يعجبني من الرجل إذا سيم خطة خسف أن يقول بملء فيه لا " فالإسلام يأبى على أتباعه أن يذلوا لغير الله ويرهبوا سلطاناً غير سلطانه، نعم قد يستضعفون لكن لا يقبلون أن يعيشوا أذلاء كما أن الإسلام لا يرضى لأبنائه أن يقيموا على الذل، فإن عجزوا فينبغي عليهم التحول إلى بلد آخر يعيشوا فيه أعزاء [ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً ] والمسلم يتذكر معاني العزة ويصطبغ بها في اليوم خمس مرات وذلك في الأذان والصلوات فـ " الله أكبر " التي ترتفع من فوق صوت المآذن تعني أنه لا سلطان ولا عظيم ولا قوي إلا هو، كما أنه إذا صلى ردد في كل صلاة " سبحان ربي الأعلى " " سبحان ربي العظيم " ولم يقل: " سبحان ربي الحليم أو الغفور " لماذا هذه الكلمات بالذات ؟ لأن الأعلى والعظيم تُجسد معنىَ واحد وهو أن الكبرياء والعزة له وحده سبحانه لا لأحد سواه. فمن صلى وسبح وكبر ثم ذل لغير الله فما صلى ولا سبح ولا كبر.


فالإسلام صب في نفوس أصحابه هذه المعاني لذلك فهم يثورون لأي شيء يخدش كرامتهم، فهذا خالد بن الوليد رضي الله عنه يرسل إليه هامان قائد الروم رسالة يقول فيها: إنه قد بلغنا أنه ما أخرجكم من بلادكم إلا الجوع فهلموا أن أعطي كل رجل منكم عشرة دنانير وكسوة وطعاماً وترجعون إلى بلادكم فإذا كان العام المقبل بعثنا لكم بمثلها، فقال له خالد بعزة المؤمن: إنه لم يخرجنا من بلادنا ما ذكرت غير أنا قوم نحب شرب الدماء وأنه بلغنا أنه لا دم أطيب من دم الروم فجئنا لذلك.


كما ذكر ابن كثير في " البداية والنهاية" أن قائد الفرس سأل قائد المسلمين فقال له من أنتم ؟ ومن أين جئتم ؟ وما شأنكم ؟ فقال له القائد المسلم: نحن قدر الله سُلط عليكم فو الله لو كنتم في سحابة لصعدنا إليكم أو لنزلتم إلينا. والعزة ثمرة من ثمار التوكل على الله سبحانه ترفع صاحبها مكاناً علياً، وتمنحه ملكاً كبيراً، بغير عرش ولا تاج، لأنها قبس من عزة المُتوكَّل عليه، كما قال سبحانه: [وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ] فالمتوكل هنا عزيز بغير عشيرة، غني بغير مال، ملك بغير جنود ولا أتباع. أجل هو ملك، ولكنه من ملوك الآخرة، لا من ملوك الدنيا. فملوك الدنيا يشعرون بحاجاتهم إلى من حولهم من الأتباع والأنصار، كما يشعرون بالخوف على ملكهم أن يزول من الداخل، أو بالغزو من الخارج أو بالموت الذي لا يفرق بين ملك ومملوك.أما ملوك الآخرة فقلوبهم معلقة بالله تعالى، لا يرجون إلا رحمته ولا يخافون إلا عذابه. فهم كما وصفهم الشاعر:


عبيد ولكن الملوك عبيدهم

وعبدهم أضحى له الكون خادماً


قال أحد الخلفاء لأحد علماء السَّلَف: ارفع إلينا حوائجك نقضها لك، فقال له: إني لم أطلبها من الخالق، فكيف أطلبها من المخلوق ؟ يريد أن الدنيا أهون عنده من أن يسألها من الله، فهو سأل ربه سأله ما هو أعظم الدنيا، وهو الجنة.

إن العزة لا تطلب عند أبوب السلاطين، بل تطلب من باب واحد ذكره القرآن الكريم فقال: [مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً] فالعزة مما استأثر الله بها لذا قدم سبحانه في الآية المسند إليه على المسند " فلله العزة " ولم يقل: " العزة لله " لاحتمال أن تكون لغيره. وقد بين سبحانه أن طلب العزة من عند غيره هو شأن المنافقين المدخولين في إيمانهم: [بَشِِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً].


ومن أقوال ابن عطاء السكندري رحمه الله هنا: " قبيح منك أن تكون في دار ضيافته، وتوجه وجه طمعك لغيره ". " لا تطلب ممن هو عنك بعيد، وتترك الطلب من مولى هو أقرب إليك من حبل الوريد ". وقال شيخه أبو العباس المرسي:" والله ما رأيت العز إلا في رفع الهمة عن الخلق ". " إن اعتزاز المسلم بنفسه ودينه وربه هو كبرياء إيمانه، وكبرياء الإيمان غير كبرياء الطغيان، إنها أنفة المؤمن أن يصغر لسلطان، أو يكون ذنباً لإنسان. هي كبرياء فيها من التمرد بقدر ما فيها من الاستكانة، وفيها من التعالي بقدر ما فيها التطامن، فيها من الترفع على مغريات الأرض ومزاعم الناس وأباطيل الحياة، وفيها الانخفاض إلى خدمة المسلمين والتبسط معهم..".


والإسلام عندما أوصى المسلم أن يكون عزيزاً هداه إلى أسبابها، ويسر له وسائلها، وأفهمه أن الكرامة في التقوى، وأن السمو في العبادة، وأن العزة في طاعة الله سبحانه. والمؤمن الذي يعلم ذلك ويعمل به يجب أن يأخذ نصيبه كاملاً غير منقوص في الحياة الرفيعة المجيدة. فإذا اعتدى عليه أحد أو طمع فيه باغ كان انتصابه للدفاع عن نفسه جهاداً في سبيل الله، وليس ذياداً عن الحق الشخصي فقط بل إقراراً للحقوق العامة والمثل العليا. ومن ثم موت المسلم قال: حقه شهادة: " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي ؟ ققال: تعطه مالك قال: أرأيت إن قاتلني ؟ قال: قاتله قال: أرأيت إن قتلني ؟ قال: فأنت شهيد، قال: أرأيت إن قتلته ؟ قال: هو في النار".


المصدر : شبكة مساجدنا الدعويّة