“حماس”.. 30 عامًا من المقاومة والسياسة على طريق التحرير

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"حماس".. 30 عامًا من المقاومة والسياسة على طريق التحرير


30 عامًا من المقاومة.jpg

مجدي عزت

(14 ديسمبر 2017)

مقدمة

وسط أجواء مقاومة واستنفار، يحتفل الأحرار اليوم 14 ديسمبر، بالذكرى الثلاثين لتأسيس حركة المقاومة الإسلامية حماس في 1987. وهي حركة فلسطينية، إسلامية سنية، شعبية، وطنية، مقاومة للاحتلال الصهيوني.

وهي أكبر الفصائل الفلسطينية، جذورها إسلامية وتعرف نفسها بأنها "حركة تحرر وطني ذات فكر إسلامي وسطي معتدل، تحصر نضالها وعملها في قضية فلسطين، ولا تتدخل في شئون الآخرين، ويرتبط مؤسسو حركة حماس فكريا بجماعة الإخوان المسلمين .

وطوال الثلاثين عاما الماضية تعمل على توفير الظروف الملائمة لتحقيق تحرر الشعب الفلسطيني وتحرير أرضه من الاحتلال الإسرائيلي، والتصدي للمشروع الصهيوني المدعوم من قبل قوى الاستعمار الحديث، وتحرير الأرض والقدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، وعودة اللاجئين والنازحين.

وإنجاز المشروع الوطني الفلسطيني، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الحقيقية، والعمل على خدمة الشعب الفلسطيني في كافة أماكن وجوده بكل الوسائل وفي جميع المجالات، بما يمكنه من الصمود والثبات، وتحمل تبعات المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي".

وتَعتبِر الحركة أرضَ فلسطين وقفا إسلاميا ووطنا تاريخيا للفلسطينيين بعاصمتها القدس. وتعتمد الحركة النظام المؤسساتي، وتعتمد الشورى في اتخاذ القرار ممثلاً في مجلس شورى الحركة. تحصر الحركة مقاومتها ضد الاحتلال الإسرائيلي فقط، وليس لها أي معركة مع أي طرف في العالم، فهي لا تقاوم إلا من يقاتل الشعب الفلسطيني ويحتل أرضها.

المؤسس الشيخ أحمد ياسين

قبل الإعلان عن الحركة، استُخدِمت أسماء أخرى للتعبير عن مواقف جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، منها "المرابطون على أرض الإسراء" و"حركة الكفاح الإسلامي". وأعلن الشيخ أحمد ياسين عن تأسيس حركة المقاومة الإسلامية حماس بعد حادث الشاحنة الصهيونية، في 6 ديسمبر 1987م.

حيث اجتمع سبعة من كوادر وكبار قادة العمل الدعوي الإسلامي وهم: أحمد ياسين، وإبراهيم اليازوري، ومحمد شمعة (من مدينة غزة)، وعبد الفتاح دخان (ممثل المنطقة الوسطى)، وعبد العزيز الرنتيسي (ممثل خان يونس)، وعيسى النشار (ممثل مدينة رفح)، وصلاح شحادة (ممثل منطقة الشمال).

وكان هذا الاجتماع إيذانًا بانطلاق حركة حماس وبداية الشرارة الأولى للعمل الجماهيري الإسلامي ضد الاحتلال الذي أخذ مراحل متطورة لاحقاً.

ووزعت الحركة بيانها التأسيسي في 15 ديسمبر 1987م، إبان الانتفاضة الأولى التي اندلعت في الفترة من 1987 وحتى 1994، ثم صدر ميثاق الحركة في 1 محرم 1409هـ الموافق 18 أغسطس 1988م.

صراع وجود مع الصهاينة

ولا تؤمن حماس بأي حق لليهود الذين أعلنوا دولتهم (إسرائيل) عام 1948 باحتلالهم فلسطين، ولكن لا تمانع في القبول مؤقتا وعلى سبيل الهدنة بحدود 1967، ولكن دون الاعتراف لليهود الوافدين بأي حق لهم في فلسطين التاريخية.

وتعتبر الحركة صراعها مع الاحتلال الإسرائيلي "صراع وجود وليس صراع حدود". وتنظر إلى إسرائيل على أنها جزء من مشروع "استعماري غربي صهيوني" يهدف إلى تمزيق العالم الإسلامي وتهجير الفلسطينيين من ديارهم وتمزيق وحدة العالم العربي.

وتعتقد بأن الجهاد بأنواعه وأشكاله المختلفة هو السبيل لتحرير التراب الفلسطيني، وتردد بأن مفاوضات السلام مع الإسرائيليين هي مضيعة للوقت ووسيلة للتفريط في الحقوق.

وتعتقد "حماس" أن مسيرة التسوية بين العرب وإسرائيل التي انطلقت رسمياً في مؤتمر مدريد عام 1991 أقيمت على أسس خاطئة، وتعتبر الحركة اتفاق إعلان المبادئ بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل والذي وقع عام 1993.

ومن قبله خطابات الاعتراف المتبادل، ثم تغيير ميثاق المنظمة وحذف الجمل والعبارات الداعية إلى القضاء على دولة إسرائيل تفريطا بحق العرب والمسلمين في أرض فلسطين التاريخية.

كما تعتبر أن إسرائيل هي الملزمة أولاً بالاعتراف بحق الفلسطينيين بأرضهم وبحق العودة، وتنشط حماس في التوعية الدينية الإسلامية والسياسية وتقديم الخدمات الصحية والاجتماعية والطلابية والأكاديمية، وتتوزع قياداتها السياسية ما بين فلسطين والخارج.

القدس ومسار المقاومة

أمس، أكدت حماس في بيانها الصحفي، بذكرى الانطلاقة الثلاثين، أن مدينة القدس ستظل فلسطينية عربية إسلامية، وأن كل محاولات القرصنة والتهويد ستبوء بالفشل.

وأكدت الحركة أن جميع القرارات البائسة لإعلان مدينة القدس عاصمة للاحتلال ونقل سفارة الولايات المتحدة إليها، تعتبر قرارات خرقاء لا تلغي حق الشعب الفلسطيني الوطني والقومي والديني فيها.

وشددت الحركة في ذكرى الانطلاقة، أنها اختارت طريق المصالحة والقضاء على كل أشكال الانقسام عن وعيٍ وإصرار، وأنها لن تسمح لأيٍ كان بحرف البوصلة، وسيظل هذا الشعب موحدا خلف بندقية التحرير.

وجددت الحركة الدعوة للفصائل الوطنية، إلى رص الصفوف وتحمل مسئولية الوطن بشراكة وتوافق، على قاعدة حماية الحقوق والثوابت الوطنية، ونبذ كل أشكال التعاون والتنسيق الأمني مع الاحتلال.

وأضافت الحركة:

في بيان الانطلاقة، أن دور السلطة الفلسطينية يجب أن يكون في خدمة الشعب الفلسطيني وحماية أمنه وحقوقه ومشروعه الوطني، مؤكدة أنّ منظمة التحرير الفلسطينية هي إطار وطني للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج يجب المحافظة عليه، مع ضرورة العمل على تطويرها وإعادة بنائها على أسس ديمقراطية.

براعة فكرية وسياسية

وعلى مدار ثلاثة عقود ماضية رسخت فيها حركة "حماس" إلى جانب تطورها اللافت والكبير في المجال العسكري، براعة في ميدان الفكر والأداء السياسي دون الانسلاخ عن تاريخها أو المساس بثوابت الشعب الفلسطيني.

وثبتت حماس على فكرها وبرنامجها السياسي المقاوم، متمتعة في الوقت ذاته بمرونة وحيوية عالية أهّلتها لتقديم نموذج فريد في الانفتاح والتعامل مع الواقع السياسي بتطوراته كافة، والجمع بين الأصالة والمعاصرة.

وبين نموذجي الميوعة والتفريط والجمود الفكري والسياسي اللذين يسودان الساحة الفلسطينية والعربية اختارت "حماس" لنفسها نهجًا آخر في مجال السياسة وإدارة الصراع؛ إذ جمعت بين المقاومة الصلبة وبين الفكر الوسطي المعتدل والعقل السياسي المنفتح في التعامل مع معادلات الإقليم والعالم ومتطلبات الواقع.

وشكل خطاب الحركة وما تقدمه من لغة منطقية ومتفتحة انسجامًا تامًا مع استراتيجيتها، بعيدًا كل البعد عن توجهات أخرى غرقت في متاهات التكتيك على حساب التمسك بالثوابت.

وإلى جانب التطور في الأداء الفكري والسياسي لحركة حماس، نجحت الحركة في إرساء قواعد متينة وصلبة لمشروع المقاومة في فلسطين؛ فشكلت أشبه ما يكون بالجيش النظامي، وبات جناحها العسكري كتائب القسام رأس الحربة في الدفاع عن الشعب الفلسطيني وحقوقه.

وضربت حركة المقاومة الإسلامية نموذجًا عمليًا في المزاوجة بين مسار التحرر الوطني ومتطلبات البناء والدولة، وواجهت الحركة والحكومة تحدياتٍ كبيرة استهدفت أساس وجودها وهددت مشروع المقاومة.

تجربة الحكم

وشكَّلت حركة حماس الحكومة العاشرة وأعلنت مواصلتها نهج المقاومة، فبدأ الحصار وسلسلة المخططات لإفشال الحكومة التي تقودها الحركة، إلا أن حماس واجهت وجابهت وصمدت.

وأثبتت حماس أن وجودها في الحكم لا يمكنه أن يعطل المقاومة، فكان ردها على جريمة قتل عائلة "هدى غالية" على شاطئ بحر غزة بأسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في عملية نوعية قادت لاحقا إلى تحرير من يزيد على ألف أسير وأسيرة من سجون الاحتلال.

كما خاضت حماس معركة الحصار وحروبًا قاسية، استطاعت الخروج منها أصلب عودًا وأكثر قدرة على العطاء، وأثبتت إصرار الحركة وتوفر الإرادة الحقيقية لإحراز التقدم في المسارين.

وتمكنت خلال السنوات الماضية من تأسيس قاعدة صلبة ومتينة للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة باتت تحسب لها دولة الكيان ألف حساب، خاصة بعدما باتت الأراضي الفلسطينية المحتلة كافة في مرمى صواريخها.

وفي ظل حكم حركة حماس، غدت المقاومة أكثر قوة وإيلاما للعدو، وفرضت عليه معادلات جديدة، وضربت المرتكزات الأساسية لنظرياته الأمنية والعسكرية، وهذا لم يكن ليحدث دون وجود حكومة تحمي ظهر المقاومة وتوفر لها الغطاء السياسي.

وبرزت تجليات التكامل بين الأداء السياسي للحكومة والفعل المقاوم في معركة "حجارة السجيل"، التي أبدعت فيها المقاومة ولعبت الحكومة دورًا سياسيًا في استقطاب الفعل الإقليمي الداعم وحمت ظهر المقاومة.

وبينما تحتفي الحركة بانطلاقتها الثلاثين، تمضي حماس في مسيرة المقاومة تصون الثوابت وتحمي المقدرات وتعاظم الجهد وتكاثف العمل؛ سعيًا لتحرير الأرض والإنسان.

ورغم مساعي الاحتلال إلى تشويه صورة الحركة في العالم ودفع المجتمع الدولي لوصمها بـ"الإرهاب"، إلا أن حماس نسجت علاقات مع العديد من الأطراف الإقليمية والدولية، ثار على إثرها غضب الاحتلال واللوبي المؤيد له.

المصدر