“الفريق شريف منير”.. السيسي يعود بالمصريين إلى تعاسة “رد قلبي”!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"الفريق شريف منير".. السيسي يعود بالمصريين إلى تعاسة "رد قلبي"!


الفريق شريف منير.jpg

فريق التحرير

(17 فبراير 2021)

مقدمة

خيبة جديدة لا تقل عن خيبة الشهيد "أحمد فلوكس" الذي أثار عاصفة من السخرية اللاذعة عقب عرض المخابرات الحربية لفيلم "الممر" الذي يحكي ملحمة افتراضية لم تحدث، انتصر فيها ممثلون متهربون في الحقيقة من الخدمة العسكرية، ظهر الممثل "شريف منير" وفي عينيه نظرة تحد عبثية ربما تقمصها من السفاح عبدالفتاح السيسي، وارتدي الممثل بزة عسكرية مؤديا دوراً افتراضياً دام تكراره في السينما والتلفزيون هدفه غسل أدمغة المشاهدين!

وظهرت صورة "منير" من كواليس تصوير فيلم "السرب"، وظهر وهو يرتدي ملابس فريق في القوات الجوية، وعلق قائلا: "قريبا .. الفريق شريف المصري في " السرب " إنتاج "سينرجي" وإخراج أحمد جلال.

ولم يأت تقديس بعض المصريين للعسكر من فراغ، بل إنه نتاج عمليات معقدة من تعديات على العقلية الجمعية للمصريين، فقد كانت العسكرية المصبوغة بالجهاد مقدسة عند المصري، ولم يكن يحتاج سوى لخطبة عن الجهاد إذا أردت أن ترغبه في التطوع العسكري لمواجهة العدو، فتجد منه بسالة وإقداما.

خافوا منه

بعد انقلاب يوليو 1952 لم تكن الصورة قد تحسنت كثيرا، فأراد العسكر أن يتم تحريك هذا الشعور لتهيئة الرأي العام بقبول حكم العسكر، سيما أن مؤرخي الثورة وكاتبي المذكرات في هذه الفترة من مجلس قيادة الثورة القريبين منهم يتفقون على أنه لم يكن من المتفق عليه أن يقوم العسكر بالانفراد بالحكم، إلا ما أخفاه عبد الناصر، وما دار من مناقشات واتفاقات ثنائية بين بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة.

يقول الناشط محمد رمضان:

"هو فيلم "السرب" هيوضح إن حادثة مقتل المصريين بليبيا تم في سرت، فقامت القوات الجوية بقصف درنة؛ لأن مدى المقاتلات المصرية لا يسمح بالوصول لسرت، وقتلت مجموعة من الأطفال والنساء والرجال كبار السن من أجل الشو الإعلامي".

وكان تامر مرسي، رئيس مجلس إدارة شركة "سينرجي" التابعة للمخابرات العامة، أعلن على موقع "فيس بوك" البرومو الرسمي لفيلم "السرب"، وكتب في تعليقه عليه أنه :"عملنا الاختيار وخافوا منه، قمنا عاملين السِّرب وهيخافوا منه، رئيس مصر وعد بالقصاص فأوفى "السرب" قريبًا في دور العرض!

وتابع "مرسي"، أنه :

"هدية المتحدة للشعب المصري، المجد للشهداء.. رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه"، وفيلم "السرب" من أداء وتمثيل شلة من الممثلين الذين باعوا ضمائرهم للانقلاب وعلى رأسهم أحمد السقا، منى زكي، قصي خولي، هند صبري، شريف منير، ومجموعة من ضيوف العار منهم آسر ياسين ومحمود عبد المغني وكريم فهمي وأحمد حاتم، ومن تأليف عمر عبد الحليم، وإخراج أحمد نادر جلال، وإنتاج المخابرات العامة تحت إشراف اللواء عباس كامل.

تحريك نفسي

وكانت البدلة العسكرية قبل انقلاب 23 يوليو 1952 حلم الطبقات الفقيرة للارتقاء الاجتماعي، وكلما سقطت على الكتفين نجمة اشتعلت عيون النساء رغبة بسلطة مشتهاة.

وتأتي مرحلة أخرى من مراحل التحريك النفسي، وهي مرحلة الأدلجة العقلية لدور العسكر، مع استمرار الطريقة الأولى التي أثبتت نجاعتها، فيظهر فيلم (رد قلبي) لإحسان عبد القدوس، وإخراج عز الدين ذو الفقار سنة 1957م، فيظهر ولدا الفلاح الفقير الطيب، والذي يمثل الشعب المصري، فيدخل أحدهما البوليس

ويدخل الآخر الحربية، فيصبح لديه ولدان من العسكر، جيش وشرطة!! فضلا عن تقديم ضابط الجيش، وإظهاره بالمظهر البطولي أكثر من الشرطي، وهو ما أراده العسكر، كما يظهر الضابط الوطني الكبير كمال ياسين في المشهد الشهير بكسر كوب الماء بيده عند إصابة حسين رياض بالشلل، إنها مزاوجة بين العسكرية، لكن لا على أساس المساواة، وإنما التفوق العسكري بعامة، وتفوق الجيش بخاصة.

ولم تعدم محطات أخرى من ظهور مشرف للضابط المصري، حتى وإن لم يكن موظفا توظيفا على الخط الدرامي كبطل، لكنه مؤثر وملفت في نفس الوقت، فبعد القبض على أحمد "عبد الحليم" بعد تناوله للخمور من غير أن يكون معه ثمنها يقتاده رجال الكباريه إلى القسم

فيقابل ضابط الشرطة "الطيب" زين العشماوي، الذي يقوم بإعطاء أحمد درس الحياة، أن بلدنا لم تعد تنظر للأنساب أو الأصول، بلدنا اتغيرت يا أحمد!! ويمثل له بنفسه، ويعطيه من ماله الخاص من أول راتب، ليبدأ حياة جديدة كمهندس، ويتسبب ضابط الشرطة "الطيب" في إفاقة أحمد، ورجوعه إلى صوابه.

لم تكن تلك المحطات إلا نماذج لوضع صورة مقدسة للعسكرية المصرية جيشا وشرطة، حتى وإن كانت مخالفة للواقع، بل مناقضة له، فلا أحد من أهل مصر ينكر أو يناقش في فساد جهاز الشرطة، لكن الجيش دائما حاول أن يبتعد عن مواطن خدش تلك القدسية، وما زال يحاول.

تحولات العصابة

عرفت البدلة تحولات كبيرة على مدى تاريخ حكم العسكر، كان فيلم "الله معنا" 1953 بداية الأفلام التي تعلي من قيمة الجيش، وقد سطعت نجوميته وتوهجت بدلته، وكانت بدلة شكري سرحان في فيلم "رد قلبي" 1957 إعلاناً عن عهد جديد، ذابت فيه الفوارق الاجتماعية، مما سمح بنهاية حب سعيدة جمعت بين الفلاح والـ "برنسيسة"!

في المرحلة الأولى من الانقلاب، كانت مقولة الجيش والشعب إيد واحدة سارية المفعول، حيث توالت الأفلام التي صوّرت الضابط كبطل ومنقذ للشعب، ولم ينج نجم مصري من إغراء البدلة، والقائمة طويلة تعاقب عليها أكثر من جيل، بدءاً من أنور وجدي وعماد حمدي ومحمود ذو الفقار وكمال الشناوي وعمر الشريف وأحمد مظهر وصولاً إلى فريد الأطرش.

ثم اهتزت صورة البدلة بعد هزيمة 67، وكانت مرحلة ما بعد 67 بداية طريق طويل من أفلام المحاسبة والمساءلة، بغض النظر عن أهواء صانعيها وصدق نواياهم، وبمعزل عن قيمتها الفنية ومصداقيتها، إلا أنه يبقى منها أفلام علامات كفيلم "العصفور" 1972 ليوسف شاهين، حين تسخر العجوز من الضابط العائد من هزيمته: "الرصاصة طاشت والعصفور طار".

و فيلم "القضية 68" 1968 لصلاح أبو سيف:

"هدّها يا عم منجد وابنيها من جديد، وفيلم "شيء من الخوف" 1969 لحسين كمال، حين يخرج الفلاحون بمشاعل غضبهم ويصرخون بصوت واحد: "جوازعتريس من فؤادة باطل"!

ثم ظهرت سينما الرّدة، وكشّرت عن أنيابها صراحة، في معركة تصفية حسابات مع ما كان يسمى مراكز القوى بعد رحيل عبد الناصر سنة 1970م. كانت الحصيلة من 1977-1981: أفلام مثل "طائر الليل الحزين" ليحيى العلمي، "وراء الشمس" لمحمد راضي، " احنا بتوع الأوتوبيس" لحسين كمال، "العرافة" لعاطف سالم، "الكرنك" لعلي بدرخان.

كشفت تلك الأفلام الصورة الوحشية الشهوانية لقيادات الجيش، وذابت القشرة وظهر القيح والقبح ممثلا في العبثية والعربدة، وشيطنت السينما صورة الضباط بشوات الانقلاب الذين أضاعوا الأرض والعرض، في أفلام بألوان فاقعة، تستفز الجمهور وتفضح فساد العسكر، فيفرح الجمهور بهزيمة الجيش على الشاشة، وكأن الجيش هو جيش عبد الناصر وليس جيش الوطن!

في المرحلة الساداتية كانت قمة محاكمة البدلة في فيلم "زوجة رجل مهم" لمحمد خان سنة 87، حين تخيل الضابط الفاشي أحمد زكي أنه سلطة إلهية بيدها مصير البشر، وكذلك الحال مع مرحلة المخلوع مبارك، التي اختصرها الضابط الفاسد في فيلم "هي فوضى" ليوسف شاهين حيث ينتهي الفيلم بانتحاره.

المصدر